logo
أخطاء "كانّ" فادحة: لماذا يتغاضى عربٌ عنها؟

أخطاء "كانّ" فادحة: لماذا يتغاضى عربٌ عنها؟

العربي الجديدمنذ 5 أيام

عاملون وعاملات عرب في النقد والصحافة السينمائيّين يُفضّلون التغاضي عن أخطاء، بعضها مُكرّر، ترتكبها إدارة مهرجان "كانّ" السينمائي (
تييري فريمو
مندوبه العام) في دورات سابقة (يُقال إنّ الارتكابات، كي لا تُستخدم مفردة "أخطاء"، حاصلة منذ تفشّي كورونا مطلع عام 2020)، والمهرجان نفسه يصفه هؤلاء غالباً بكل ما في خانة "أفعل التفضيل" من أوصافٍ إيجابية وتبجيلية. يرون في التغاضي "راحة بال"، أو يظنّونه دافعاً لإدارة المهرجان إلى اهتمامٍ أكبر بهم/بهنّ، علماً أنّ أقصى ما يحصلون عليه منها "بطاقةَ اعتماد"، تُخوّلهم مشاهدة أفلامٍ، والمشاركة في مؤتمرات صحافية، وطلب إجراء مقابلات، لن يكونوا فيها لوحدهم، فكلّ جلسة (مدّتها: 15 ـ 20 دقيقة) تضمّ خمسة/سبعة مُحاورين/محاورات، ذوي جنسيات مختلفة.
بطاقة الاعتماد تلك تُمنح بألوان متنوّعة، لكلّ لون مرتبة معيّنة في أولويات المُشاهدة، فيبدو المشهد غير منصفٍ وغير عادل، كما يشعر زملاء وزميلات عرب، يُتابعون الدورات السنوية للمهرجان رغم كلّ شيء. فالأبيض (قلّة من النقاد تحصل عليه، ويتردّد أنّه "مُختفٍ" في أعوامٍ قليلة ماضية، علماً أنّ الناقدين السينمائيين المصريين الراحلين سمير فريد ويوسف شريف رزق الله حاصِلان عليه دون سائر العرب) يعني الدخول أولاً قبل الجميع، يليه الوردي مع نقطة صفراء، ثم الوردي من دون نقطة، فالأزرق والبرتقالي والأصفر والأحمر. هذا يعني أنّ حامل الألوان الأخيرة (بدءاً من الأزرق) ربما لن يعثر على مقعدٍ له في صالات العروض الصحافية.
هذا غير موجود في
"مهرجان برلين"
. بينما "مهرجان فينيسيا" يعتمد هذا التقليد، مع أنْ لا أفضلية للون على آخر في حجز بطاقات المشاهدة. أمّا "السوق"، المعنية بالتوزيع والإنتاج (أي "بيزنيس")، فلها بطاقات خاصة، يندر حصول ناقد أو صحافي/صحافية سينمائي عليها.
رغم هذا، يتجاهل عربٌ عديدون ما يُشبه الفوضى في مسائل إدارية وتنظيمية، تعمّ دورات سابقة عدّة. يتجاهلون كذباً وعدم مساواة في تعامل إدارة "كانّ" مع مسائل دولية، في السياسة والحروب، فتُتيح لسياسي (فولوديمير زيلينسكي) مساحة لكلمة في حفلة افتتاح، لخوضه حرب بقاء ضد دولة جارة (ما علاقته بالسينما أصلاً، رغم أنّه ممثل تلفزيوني سابق، غير مشهور كثيراً خارج بلده؟)، لكنّها تنفضّ عن جريمة ترتكبها دولة (حرب الإبادة الإسرائيلية الأخيرة)، أقلّه بتحاشيها ذكرها وذكر جرائمها، خاصة مع اختيارها فيلماً "فلسطينياً"، تُقتل شخصيته النسائية الأساسية بغارة إسرائيلية يتردّد أنّها متعمّدة (
فاطمة حسونة، وفيلم "ضع روحك على كفّك وامشِ" للإيرانية زبيدة فارسي
). مع هذا، يندر العثور على "رأي" لناقد أو صحافي/صحافية سينمائي عربيّ إزاء المسألة هذه، عشية الدورة الـ78 (13 ـ 24 مايو/أيار 2025).
سينما ودراما
التحديثات الحية
أكذوبة مهرجان كانّ في السياسة والحريات
يستخدم هؤلاء العرب مفردات تبجيلية في وصف المهرجان، مع أنّها غير لائقة بمهنةٍ، وغير متوافقة مع نقدٍ. هناك بينهم/بينهنّ من "يشتم" زملاء وزميلات، قلائل للغاية، لهم/لهنّ كتابات نقدية تطرح تساؤلات مشروعة. يقولون، مواربة أو علناً (ويفخرون بذلك)، إنّ المهمّة الأولى كامنةٌ في مشاهدة
أفلام
والكتابة عنها فقط، والبعض يهرع إلى غرف المؤتمرات الصحافية، وإنْ يُكلّفه هذا خسارة فيلم، "ربما" يشاهده لاحقاً في يوم آخر، أو ينساه كلّياً. فالحوارات نفسها، رغم ضيق الوقت، فرصةٌ بالنسبة إليهم/إليهنّ لاقتناص صورة والحصول على إجابات، يُقال إنّ عرباً (يندر مشاركتهم/مشاركتهنّ في حوارات كهذه أصلاً) غير متردّدين عن "سرقة" أسئلة زملاء وزميلات أجانب، لنشرها مع الإجابات في ما يسمّونه "حواراً خاصاً" بهذه المطبوعة، أو بذاك الموقع.
لا نقاش حول ضيق الوقت، فهذا مفهوم، لأنّ من يوافق على حوارات كهذه (الغالبية الساحقة لممثلين/ممثلات ومخرجين/مخرجات) يأتي إلى مهرجان "كانّ" لأيامٍ قليلة، والحوار، الذي يُنظَّم قبل عرض الفيلم أحياناً، وهذه مشكلةٌ نقدية وصحافية كبيرة (للحوار الإعلامي مدّة أطول بقليل، فالجهات الإنتاجية تُفضّله لرواجه الشعبيّ)، جزءٌ من ترويجٍ مطلوب.
قول هذا كلّه يُشير إلى أنّ المهرجان غير مانح إياهم/إياهنّ ميزات، "تفرض" تغاضياً عن قراءات نقدية سوية لأخطاء وارتباكات وخديعة وكذب وادّعاء، ترتكبها إدارة المهرجان وتتصرّف وفقاً لها.
مهرجان
كهذا غير مكترثٍ أصلاً بكتابات نقدية عربية، رغم إصراره على إرسال المكتوب عن كلّ دورة إلى مكتبه الصحافي، لـ"الاطمئنان" على أنّ من يُمنَح "بطاقة اعتماد" يُتابع يوميات دوراته، ويكتب عن أفلامها ونشاطاتها. لكنْ، أهناك من يقرأ فعلياً؟ ألن يكون عربيّ/عربيّة مسؤولاً عن القسم العربي في المكتب الصحافي، مع ما يعنيه هذا من تلبية مصالح شخصية، أحياناً؟ لذا، ما الداعي إلى تجنّب الكتابة النقدية السوية عن أخطاء مرتكبة منذ أعوام قليلة، في مسائل إدارية وتنظيمية: الخوف من أنْ يُرفض طلب الحصول على "بطاقة اعتماد" في دورة لاحقة؟ ألن تكون الكتابة هذه جزءاً من المهمة النقدية والصحافية على الأقلّ، فللإعلام المرئي/المسموع مهمات غير نقدية إطلاقاً؟ أيظنّ هؤلاء أنّ تجنّب التعليق النقدي السوي عن أخطاء سيمنحهم ميزات إضافية، لن يحصلوا عليها لأنهم/لأنهنّ غير حاصلين على شيءٍ أساساً، باستثناء "بطاقة الاعتماد" تلك، التي يُروى أنّ علاقات عامة تفرض تبديلاً بألوانها وفقاً لمصالح شخصية متبادلة؟
تساؤلات كهذه ربما تدفع عربٌ إلى مزيدٍ من الشتم والتقريع، بدلاً من إثارة نقاشٍ صحّي وعلني وواضح. لكنّها (التساؤلات) أحد أسس المهنة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

غزة في "كانّ" وتارانتينو أيضاً
غزة في "كانّ" وتارانتينو أيضاً

العربي الجديد

timeمنذ 2 أيام

  • العربي الجديد

غزة في "كانّ" وتارانتينو أيضاً

مَن أعلن افتتاح مهرجان كان السينمائي هذا العام كان كونتين تارانتينو وهو ليس غريباً عن المهرجان الذي منحه السعفة الذهبية عام 1994 عن تحفته "بالب فيكشن". ورغم ذلك فإن حضور تارانتينو هذه المرة كان غريباً على نحو ما، فالرجل القادم إلى "كانّ" من تل أبيب على الأغلب، حيث يعيش مع زوجته المغنية الإسرائيلية دانييلا باك، وجد نفسه في بيئة غير صديقة إذا صح الوصف، فثمة من يتحدث عن قطاع غزة هنا، وثمة من يوقّع رسالة تعتبر الصمت على استمرار حرب الإبادة عليها عاراً. وبينما يزداد عدد الموقّعين وليس من بينهم تارانتينو على الإطلاق، تحضر إحدى ضحايا المقتلة أمام عينيه لو رغب بأن يرى، وهي الصحافية الفلسطينية الشابة فاطمة حسّونة (25 عاماً) التي قُتلت بصاروخ إسرائيلي أتى على كل أسرتها باستثناء والدتها (عشرة شهداء بينهم شقيقتها الحامل). قُتلت حسّونة بعد يوم واحد فقط من إعلامها بأن فيلم "ضع روحك على كفك وامشِ" للإيرانية سبيده فارسي، ويتناول حياتها (حسّونة) خلال المجزرة المفتوحة على صمت العالم كله، قد اختير للعرض ضمن فعاليات المهرجان. وقُتلت بصاروح وليس جراء وقوعها في حفرة ممتلئة بالورود خلال تنزهها في الجوار، وليس في حادث سير أو حتى بسبب مرض مفاجئ وخطأ طبي في التشخيص. لقد قُتلت بصاروخ يُوجّه عن بُعد وبدقة بحيث يعرف هدفه تماماً ويمضي إليه، لإبادة الأعداء، وحسّونة منهم رغم أنها مصوّرة فوتوغرافية، وشقيقتها منهم أيضاً رغم أنها رسّامة ولا تعمل في منشأة لتخصيب اليورانيوم أو تصنيع القنابل. هل يعرف تارانتينو هذا؟ الأمر لا يعنيه، فقد اختار معسكره، وخلال الأيام الأولى من العدوان الإسرائيلي الوحشي، غير المسبوق، على قطاع غزة، هرع المخرج (الأميركي) من شقته في تل أبيب إلى منطقة غلاف غزة، لا ليعرف الأمور عن كثب ويرى الوجه الآخر من الصورة، بل ليكون مع الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يستعدون لقتل أطفال غزة، ونساء غزة، وعجائز غزة ونعناع بيوتهم المدمّرة، ولم يكتفِ تارانتينو بذلك، بل التقط صوراً مع جنود أمام مروحية قتالية كانت جاهزة لقصف أهالي غزة وبيوتها. هذا الرجل لا سواه لا يجد حرجاً في أن يكون تحت سماء واحدة مع جولييت بينوش وسوزان ساراندون وريتشارد غير (لم يحضر المهرجان على الأغلب) وعشرات غيرهم ممن وقّعوا رسالتهم التضامنية مع غزة، والمندّدة بالصمت على مجزرتها. لم تكن فاطمة حسّونة الصحافية الوحيدة التي قتلها أبشع احتلال على وجه الأرض، بل ثمة آخرون: 217 صحافياً قتلوا وبعضهم قضى حرقاً وتفحمت جثته، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى يوم الخميس الماضي (15 مايو/أيار الجاري) بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، كثير منهم آباء تركوا خلفهم أطفالاً لا يعرف تارانتينو أسماءهم ولا يريد أن يعرف أيضاً، فقد اختار معسكره وانتهى الأمر. كل واحد منهم قصة مختلفة، مشحونة بالدراما العالية، بالمآسي الصغيرة، بالآمال التي كان سقفها سماء الله، فانخفضت على أمل مجرد البقاء على قيد الحياة على هذه الأرض التي خلقها ربنا جميعاً، رب تارانتينو وفاطمة حسّونة. كلهم قُتلوا. كلهم قتلتهم إسرائيل التي يقيم فيها تارانتينو دون أن يتجشم عناء المعرفة، مجرد معرفة ما إذا كان قتلهم جريمةً أم لا. موقف التحديثات الحية متى سنعبُر "شارع طلال"؟ دعك من هوليوود، من شركات الإنتاج، من الشهرة والجوائز، من منظر البحر من نافذة شقة في الطوابق العلوية في تل أبيب، دعك من كل شيء، ألست إنساناً في نهاية المطاف؟ أليس ثمة فضول لديك أو بقايا شعور أخلاقي؟ في الأمثال العربية أن "الضرب في الميت حرام"، وهذا لا علاقة له بالسينما والدراما ومهرجان كانّ، بل بالخبرة الإنسانية الممتدة من قابيل إلى نتنياهو، إذ إرث القتل والدم يجد من يتغاضى عنه إما إعجاباً وعبادةً للقوة كما قد تكون حالة تارانتينو، أو خوفاً وخشية من البطش، وما بينهما ثمة من لا يخشى بل يصغي إلى أصوات الضحايا من هابيل إلى فاطمة حسّونة، وينحاز إلى قوافل القتلى ويسرد سيرتهم، في الرواية والسينما وبقية الفنون. تارانتينو اختار ألّا يكون من بين هؤلاء، فلقد اختار معسكره وانتهى الأمر.

هدوء مقابل 45% زيادة بالإيجار: اقتصاد الصمت يزدهر في اليابان
هدوء مقابل 45% زيادة بالإيجار: اقتصاد الصمت يزدهر في اليابان

العربي الجديد

timeمنذ 4 أيام

  • العربي الجديد

هدوء مقابل 45% زيادة بالإيجار: اقتصاد الصمت يزدهر في اليابان

بدأت تنتشر في طوكيو أنواع جديدة من المساحات التي تلبي حاجة متزايدة للهدوء، وسط صخب الحياة اليومية وتزايد الضوضاء. وتشمل هذه المساحات شققًا عازلة للصوت، وأقمشة تقلل الضوضاء، وحتى صالونات تصفيف شعر "خالية من الكلام"، حيث يُمنع الحديث ما لم يبدأه الزبون. ويجتذب مفهوم الصمت، مستأجرين من أعمار ومهن مختلفة، فقد يعيش لاعب ألعاب إلى جانب تاجر أسهم، أو طبيب يعمل في نوبات ليلية، من دون أن يسمع أحدهم صوت الآخر. وذكرت وكالة "بلومبيرغ" أن المغني وكاتب الأغاني والمستشار في الموارد البشرية، يو كوسودا، يعيش في شقة بمساحة 26 مترًا مربعًا (283 قدمًا مربعًا) في طوكيو، تسوّقها شركة "ليفلان" العقارية على أنها شقة عازلة للصوت. وأكد كوسودا أنه لو لم يلتقِ جيرانه، لما علم بوجودهم. فعلى مدى خمس سنوات، استضاف ندوات عبر الإنترنت، وشغّل الأفلام بأعلى صوت، وعزف على الغيتار الكهربائي دون أن يتلقى أي شكوى، ولم يسمع بدوره أي ضجيج صادر من الجيران. وتدير "ليفلان" نحو 900 وحدة سكنية موزعة على 37 مبنى في طوكيو والمناطق المجاورة، منذ إطلاقها أول شقة عازلة للصوت عام 2000. وشهدت الشركة طلبًا متزايدًا منذ عام 2020 بعد جائحة كورونا ، حيث ارتفع عدد المنتظرين على لائحة الانتظار من نحو 200 شخص إلى أكثر من 6000، وفقًا لما صرّح به دايسومي ياماشيتا، مدير المبيعات في الشركة. ويبلغ إيجار شقة "ليفلان" بمساحة 280 قدمًا مربعًا في منطقة ناكانوبو بحي شيناجاوا حوالى 128,500 ين شهريًا (ما يعادل 854 دولارًا أميركيًا)، أي أكثر بنسبة 45% من متوسط الإيجار في المنطقة، والبالغ 88,400 ين. ويقول ياماشيتا: "دفعت الجائحة المزيد من الناس إلى التفكير في البيئة الصوتية داخل منازلهم. فالغناء، والعزف، والتمثيل الصوتي، والسرد، وحتى الألعاب الإلكترونية، كلها أنشطة أصبحت مرتبطة بالصوت، ويؤديها الناس من داخل منازلهم". وفي مكان آخر يبعد نحو 20 كيلومترًا شمال كوسودا، يعيش موسوراميسو، وهو لاعب ألعاب فيديو بدوام كامل ومهندس أنظمة سابق، في شقة عازلة للصوت، حيث يتناول طعامه وينام ويؤدي بثوثًا مباشرة للعبة "جينشين إمباكت". وقال إنه منذ انتقاله إلى هناك عام 2023، لم يعد ينزعج من صفارات سيارات الإسعاف أو مكبرات الصوت في الخارج، ويتمكن من الصراخ في أثناء اللعب بحرية دون القلق من إزعاج أحد. اقتصاد دولي التحديثات الحية ترامب يضغط لخفض العجز التجاري مع اليابان.. وطوكيو تعد باستثمارات وكانت شركة "ليفلان" قد بدأت دراسة إمكانية إنشاء شقق عازلة للصوت منذ عام 1987، عندما لاحظ رئيسها التنفيذي آنذاك، يوجي سوزوكي، أن زوجته لا تستطيع العزف على الكمان دون إزعاج الجيران. فبنت الشركة أول استوديو عازل للصوت في قبو أحد مبانيها. وتعتمد فلسفتها في العزل على بناء "غرفة داخل غرفة"، بحيث تُفصل الغرفة الداخلية المصنوعة من ألواح الجبس عن هيكل المبنى ببضعة سنتيمترات، ما يحد من انتقال الصوت بين الطوابق والأسقف. وتُعد ضوضاء الجيران مشكلة شائعة في اليابان، إذ أظهر مسح حكومي أنها تمثل 43% من الشكاوى السكنية في الشقق. كذلك بدأت كوريا الجنوبية بدورها اتخاذ تدابير مشددة تجاه المباني التي لا تستوفي معايير العزل الصوتي بين الطوابق. وتوضح الدراسات أن "أصوات الاصطدام" – مثل خطوات الأقدام أو سقوط الأشياء – أكثر إزعاجًا من الضوضاء المتواصلة مثل الموسيقى، ويمكن أن تؤدي إلى اضطرابات في النوم وحتى مشاكل في القلب والأوعية الدموية. وقد يكون الحجر المنزلي لفترات طويلة خلال الجائحة قد فاقم من الإحساس بالإزعاج نتيجة الضوضاء. ويقول الأستاذ الفخري في معهد هاشينوهي للتكنولوجيا، نوريهيسا هاشيموتو، إن العلاقة الضعيفة بين الجيران ترفع مستوى التوتر تجاه الضجيج، مضيفًا: "كلما ضعفت علاقتنا بجيراننا، أصبحنا أقل تسامحًا مع ضجيجهم". وقد أظهرت دراسة استقصائية حكومية نُشرت في يناير/كانون الثاني أن نحو 70% من سكان طوكيو لا يتفاعلون مع جيرانهم، مقارنة بـ51% فقط قبل نحو عقد. من جهته، يقول كريس بيرديك، مؤلف كتاب "الصخب: كيف سيطر الضجيج على العالم وكيف يمكننا استعادته"، إن هناك "زيادة هائلة في رغبة الناس بالهدوء"، مشيرًا إلى انتشار المطارات الصامتة ورحلات السفر الهادئة. وأضاف: "مع ازدياد الضجيج والمشتتات الرقمية، تهدر أدمغتنا طاقتها في تصفية الإشارات السمعية بحثًا عما هو مهم". وتُعزز هذه الظاهرة تطور تقنيات إلغاء الضوضاء، حيث من المتوقع أن تصل قيمة السوق العالمية لسماعات الرأس المزودة بهذه التقنية إلى 41 مليار دولار بحلول عام 2031، مقارنة بـ15.9 مليار دولار في عام 2023، بحسب شركة KBV RESEARCH. اقتصاد دولي التحديثات الحية اليابان تكثف صادراتها قبل رسوم ترامب ويقول براكاش خاندوري، مهندس الصوت في شركة "أمبيك للإلكترونيات"، إن تقنية إلغاء الضوضاء تطورت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، متوقعًا أن تُصبح في غضون عامين قادرة على عزل الضجيج في الحفلات والسماح للمستخدم بسماع الأصوات المهمة فقط، مثل الإنذارات أو بكاء الأطفال، كذلك يُتوقع استخدام هذه التقنية في المنازل الذكية والرعاية الصحية ووسائل النقل. وفي حيّ هاراجوكو العصري بطوكيو، افتتح هيرويكي إيتو عام 2022 صالون "ميوت"، وهو صالون تصفيف شعر "صامت"، لا يبدأ الموظفون فيه الحديث إلا إذا بادر الزبون بذلك. ويقول إيتو: "أعتقد أن خدمات الصمت ستنتشر يومًا ما لتشمل الفنادق والمطاعم وقطاعات أخرى". ووفقًا لاستطلاع أُجري عبر موقع "هوت بيبر بيوتي"، أكبر موقع لحجوزات صالونات التجميل في اليابان، فإن أكثر من نصف المشاركين البالغ عددهم 2000 شخص يفضلون الصمت في أثناء تصفيف الشعر، كذلك افتتحت صالونات مشابهة في كل من المملكة المتحدة وفنلندا. (بلومبيرغ، العربي الجديد)

أخطاء "كانّ" فادحة: لماذا يتغاضى عربٌ عنها؟
أخطاء "كانّ" فادحة: لماذا يتغاضى عربٌ عنها؟

العربي الجديد

timeمنذ 5 أيام

  • العربي الجديد

أخطاء "كانّ" فادحة: لماذا يتغاضى عربٌ عنها؟

عاملون وعاملات عرب في النقد والصحافة السينمائيّين يُفضّلون التغاضي عن أخطاء، بعضها مُكرّر، ترتكبها إدارة مهرجان "كانّ" السينمائي ( تييري فريمو مندوبه العام) في دورات سابقة (يُقال إنّ الارتكابات، كي لا تُستخدم مفردة "أخطاء"، حاصلة منذ تفشّي كورونا مطلع عام 2020)، والمهرجان نفسه يصفه هؤلاء غالباً بكل ما في خانة "أفعل التفضيل" من أوصافٍ إيجابية وتبجيلية. يرون في التغاضي "راحة بال"، أو يظنّونه دافعاً لإدارة المهرجان إلى اهتمامٍ أكبر بهم/بهنّ، علماً أنّ أقصى ما يحصلون عليه منها "بطاقةَ اعتماد"، تُخوّلهم مشاهدة أفلامٍ، والمشاركة في مؤتمرات صحافية، وطلب إجراء مقابلات، لن يكونوا فيها لوحدهم، فكلّ جلسة (مدّتها: 15 ـ 20 دقيقة) تضمّ خمسة/سبعة مُحاورين/محاورات، ذوي جنسيات مختلفة. بطاقة الاعتماد تلك تُمنح بألوان متنوّعة، لكلّ لون مرتبة معيّنة في أولويات المُشاهدة، فيبدو المشهد غير منصفٍ وغير عادل، كما يشعر زملاء وزميلات عرب، يُتابعون الدورات السنوية للمهرجان رغم كلّ شيء. فالأبيض (قلّة من النقاد تحصل عليه، ويتردّد أنّه "مُختفٍ" في أعوامٍ قليلة ماضية، علماً أنّ الناقدين السينمائيين المصريين الراحلين سمير فريد ويوسف شريف رزق الله حاصِلان عليه دون سائر العرب) يعني الدخول أولاً قبل الجميع، يليه الوردي مع نقطة صفراء، ثم الوردي من دون نقطة، فالأزرق والبرتقالي والأصفر والأحمر. هذا يعني أنّ حامل الألوان الأخيرة (بدءاً من الأزرق) ربما لن يعثر على مقعدٍ له في صالات العروض الصحافية. هذا غير موجود في "مهرجان برلين" . بينما "مهرجان فينيسيا" يعتمد هذا التقليد، مع أنْ لا أفضلية للون على آخر في حجز بطاقات المشاهدة. أمّا "السوق"، المعنية بالتوزيع والإنتاج (أي "بيزنيس")، فلها بطاقات خاصة، يندر حصول ناقد أو صحافي/صحافية سينمائي عليها. رغم هذا، يتجاهل عربٌ عديدون ما يُشبه الفوضى في مسائل إدارية وتنظيمية، تعمّ دورات سابقة عدّة. يتجاهلون كذباً وعدم مساواة في تعامل إدارة "كانّ" مع مسائل دولية، في السياسة والحروب، فتُتيح لسياسي (فولوديمير زيلينسكي) مساحة لكلمة في حفلة افتتاح، لخوضه حرب بقاء ضد دولة جارة (ما علاقته بالسينما أصلاً، رغم أنّه ممثل تلفزيوني سابق، غير مشهور كثيراً خارج بلده؟)، لكنّها تنفضّ عن جريمة ترتكبها دولة (حرب الإبادة الإسرائيلية الأخيرة)، أقلّه بتحاشيها ذكرها وذكر جرائمها، خاصة مع اختيارها فيلماً "فلسطينياً"، تُقتل شخصيته النسائية الأساسية بغارة إسرائيلية يتردّد أنّها متعمّدة ( فاطمة حسونة، وفيلم "ضع روحك على كفّك وامشِ" للإيرانية زبيدة فارسي ). مع هذا، يندر العثور على "رأي" لناقد أو صحافي/صحافية سينمائي عربيّ إزاء المسألة هذه، عشية الدورة الـ78 (13 ـ 24 مايو/أيار 2025). سينما ودراما التحديثات الحية أكذوبة مهرجان كانّ في السياسة والحريات يستخدم هؤلاء العرب مفردات تبجيلية في وصف المهرجان، مع أنّها غير لائقة بمهنةٍ، وغير متوافقة مع نقدٍ. هناك بينهم/بينهنّ من "يشتم" زملاء وزميلات، قلائل للغاية، لهم/لهنّ كتابات نقدية تطرح تساؤلات مشروعة. يقولون، مواربة أو علناً (ويفخرون بذلك)، إنّ المهمّة الأولى كامنةٌ في مشاهدة أفلام والكتابة عنها فقط، والبعض يهرع إلى غرف المؤتمرات الصحافية، وإنْ يُكلّفه هذا خسارة فيلم، "ربما" يشاهده لاحقاً في يوم آخر، أو ينساه كلّياً. فالحوارات نفسها، رغم ضيق الوقت، فرصةٌ بالنسبة إليهم/إليهنّ لاقتناص صورة والحصول على إجابات، يُقال إنّ عرباً (يندر مشاركتهم/مشاركتهنّ في حوارات كهذه أصلاً) غير متردّدين عن "سرقة" أسئلة زملاء وزميلات أجانب، لنشرها مع الإجابات في ما يسمّونه "حواراً خاصاً" بهذه المطبوعة، أو بذاك الموقع. لا نقاش حول ضيق الوقت، فهذا مفهوم، لأنّ من يوافق على حوارات كهذه (الغالبية الساحقة لممثلين/ممثلات ومخرجين/مخرجات) يأتي إلى مهرجان "كانّ" لأيامٍ قليلة، والحوار، الذي يُنظَّم قبل عرض الفيلم أحياناً، وهذه مشكلةٌ نقدية وصحافية كبيرة (للحوار الإعلامي مدّة أطول بقليل، فالجهات الإنتاجية تُفضّله لرواجه الشعبيّ)، جزءٌ من ترويجٍ مطلوب. قول هذا كلّه يُشير إلى أنّ المهرجان غير مانح إياهم/إياهنّ ميزات، "تفرض" تغاضياً عن قراءات نقدية سوية لأخطاء وارتباكات وخديعة وكذب وادّعاء، ترتكبها إدارة المهرجان وتتصرّف وفقاً لها. مهرجان كهذا غير مكترثٍ أصلاً بكتابات نقدية عربية، رغم إصراره على إرسال المكتوب عن كلّ دورة إلى مكتبه الصحافي، لـ"الاطمئنان" على أنّ من يُمنَح "بطاقة اعتماد" يُتابع يوميات دوراته، ويكتب عن أفلامها ونشاطاتها. لكنْ، أهناك من يقرأ فعلياً؟ ألن يكون عربيّ/عربيّة مسؤولاً عن القسم العربي في المكتب الصحافي، مع ما يعنيه هذا من تلبية مصالح شخصية، أحياناً؟ لذا، ما الداعي إلى تجنّب الكتابة النقدية السوية عن أخطاء مرتكبة منذ أعوام قليلة، في مسائل إدارية وتنظيمية: الخوف من أنْ يُرفض طلب الحصول على "بطاقة اعتماد" في دورة لاحقة؟ ألن تكون الكتابة هذه جزءاً من المهمة النقدية والصحافية على الأقلّ، فللإعلام المرئي/المسموع مهمات غير نقدية إطلاقاً؟ أيظنّ هؤلاء أنّ تجنّب التعليق النقدي السوي عن أخطاء سيمنحهم ميزات إضافية، لن يحصلوا عليها لأنهم/لأنهنّ غير حاصلين على شيءٍ أساساً، باستثناء "بطاقة الاعتماد" تلك، التي يُروى أنّ علاقات عامة تفرض تبديلاً بألوانها وفقاً لمصالح شخصية متبادلة؟ تساؤلات كهذه ربما تدفع عربٌ إلى مزيدٍ من الشتم والتقريع، بدلاً من إثارة نقاشٍ صحّي وعلني وواضح. لكنّها (التساؤلات) أحد أسس المهنة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store