
خبير فرنسي: إنزال المساعدات بالمظلات لن يوقف المجاعة في غزة
وتحدث فيليو، وهو أستاذ جامعي بارز وخبير في قضايا الشرق الأوسط، في البداية عن عملية الإنزال الجوي التي تمت في قطاع غزة المحاصر في مارس/آذار 2024، مبرزا أن إسرائيل إنما تستخدم المساعدات كوسيلة للضغط على سكان غزة.
وذكر -في عموده بصحيفة لوموند- بأن الإنزال بالمظلات في مناطق النزاع هو "أقل الطرق فعالية لتوزيع" المساعدات الإنسانية، كما استنتج الجيش الأميركي من حملة الإنزال الجوي الضخمة التي نفذتها طائرات ثقيلة شمال العراق في ربيع عام 1991، لصالح الأكراد.
وقد تسببت عمليات الإنزال الجوي تلك في خسائر فادحة بين صفوف اللاجئين، حيث سحقت أعدادا كبيرة منهم تحت المظلات، ونشب خلاف دموي حول المساعدات، وفقدت طرود المساعدات في المناطق الملغومة، ولم يكن ذلك سوى حل مؤقت قبل أن يضمن تدفق الشاحنات أخيرا عملا إنسانيا جديرا بهذا الاسم.
مجزرة الدقيق
ورغم فشل عمليات الإنزال في شمال العراق، فقد جعل تصميم إسرائيل على استخدام المساعدات كوسيلة للضغط على سكان غزة، الإنزال الجوي خيارا، وبعد أن بلغ سعر كيس الدقيق الذي يزن 25 كيلوغراما ألف دولار، كانت مأساة "مجزرة الدقيق" يوم 29 فبراير/شباط 2024، عندما قتل 118 شخصا، إما برصاص الجيش الإسرائيلي أو بسحق الدبابات لهم، أو بموتهم دهسا في ذعر توزيع المساعدات الذي تحول إلى كابوس، حسب فيليو.
وتعهد رئيس الولايات المتحدة آنذاك جو بايدن بـ"زيادة هائلة في المساعدات الإنسانية"، إلا أنه عجز عن إجبار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، الذي يخضع لمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بسبب جرائم حرب في غزة، على التراجع، فأطلق الجيش الأميركي حملة إنزال جوي، أُلقى خلالها ألف طن من المساعدات بالمظلات على مدى بضعة أسابيع.
ومع أن هذه الكمية خلال شهر لا تعادل سوى حوالي 40 شاحنة مساعدات، فقد انضمت المملكة المتحدة وفرنسا والأردن وإسبانيا إليها، ولكن تأثيرها يبدو إعلاميا أكثر مما هو عملي، وقد أسقطت طائرة إماراتية صندوقا من المساعدات تحطم بسبب عطل في المظلة، مرديا 5 فلسطينيين.
ألعاب الجوع
ولعدم فعالية الإنزال الجوي الظاهر لجأت الولايات المتحدة إلى حل آخر، بتوزيع المساعدات عن طريق البحر، عبر رصيف أُنشئ بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي، فكان الفشل هناك أيضا ذريعا ومدويا، إذ لم يصل بعد شهر ما يكفي من الضروريات الأساسية ليوم واحد، وقد أعلنت الأمم المتحدة يوم 12 يونيو/حزيران أن 32، بينهم 28 طفلا دون سن الخامسة، قد ماتوا جوعا في قطاع غزة.
وبالفعل، أدى الهجوم الإسرائيلي على رفح إلى إغلاق آخر معبر مع مصر، كما تعرضت بضع عشرات من الشاحنات، التي كانت تدخل يوميا قطاع غزة، للنهب بشكل منتظم على يد عصابات إجرامية مدعومة من إسرائيل، ولم يستأنف التدفق الطبيعي لشاحنات المساعدات إلا خلال الهدنة القصيرة بين 19 يناير/كانون الثاني والثاني من مارس/آذار 2025، كما يقول فيليو.
واليوم تستبعد الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من توزيع المساعدات من قِبل "مؤسسة" تمولها الولايات المتحدة ويحميها الجيش الإسرائيلي، وتتحول عمليات التوزيع هذه بانتظام إلى مذابح، سماها الفلسطينيون "ألعاب الجوع"، إلى أن أجبرت صور صادمة وشهادات دامغة عن المجاعة في غزة مؤخرا إسرائيل على تخفيف قبضتها بعض الشيء.
ومع ذلك، لا يزال عدد الشاحنات المسموح بدخولها أقل بكثير من الحد الأدنى لمستوى المعيشة للسكان، وقد بدأت عمليات إنزال جوي نفذتها الأردن والإمارات وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، إلا أنها تبقى أقرب إلى الدعاية الإعلامية، خاصة أن إجمالي المساعدات التي ألقتها إسبانيا مؤخرا بالمظلات لا تعادل سوى نصف حمولة شاحنة إنسانية واحدة، على حد تعبير فيليو.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 13 دقائق
- الجزيرة
صحف عالمية: وعود ويتكوف الكبرى تبددت والإنزال لن ينهي المجاعة في غزة
قالت صحف عالمية إن إنزال المساعدات إلى الفلسطينيين في قطاع غزة لن تنهي المجاعة، وإن ذلك يستهدف تهدئة الرأي العام وليس تخفيف المعاناة، في حين أشارت أخرى إلى تلاشي "الوعود الكبرى" التي أطلقها المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف قبل 6 أشهر. فقد نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية مقال رأي حذر من أن إنزال المساعدات الغذائية جوا "لن ينهي المجاعة التي تسببها إسرائيل في غزة"، مشيرا إلى أن هذه الطريقة -التي سبق اللجوء إليها العام الماضي- تسعى إلى تهدئة الرأي العام أكثر من سعيها لتخفيف معاناة الفلسطينيين. ولفت المقال أيضا إلى وجود إقرار دولي بأن الإنزال الجوي "هو أفشل طريقة لمساعدة المحتاجين". وفي صحيفة واشنطن بوست شدد الموظف السابق في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية جيم كاندر على أن إنزال المساعدات جوا "لن ينهي أزمة الجوع في غزة"، وقال إن التجارب في العديد من مناطق الحرب "أثبتت أن الإمدادات التي يجري إنزالها جوا تنتهي بين أيدي الشباب والأقوياء والمسلحين". وأكد كاندر أن توزيع المساعدات بعدالة على الأطفال وكبار السن والمستشفيات والمدارس يحتاج "جهات مؤهلة". وفي صحيفة يديعوت أحرونوت اعتبر يوآف زيتون أن حملة عربات جدعون التي بدأها الجيش الإسرائيلي في غزة قبل أشهر على أمل حسم الحرب تتجه نحو نهايتها من دون تحقيق أهدافها. وأضاف زيتون أن "الحملة البرية ورغم نجاحاتها المحدودة تواجه خلافات بشأن الإستراتيجية العسكرية والمساعدات الإنسانية، وسط غموض بشأن الرهائن (الأسرى) والنصر الحاسم". تبدد وعود ويتكوف كما نشرت صحيفة هآرتس تحليلا يشير إلى تبدد ما سماها "الوعود الكبرى" التي أطلقها ستيف ويتكوف غداة تسلمه مهامه قبل 6 أشهر. وقال التحليل إن ويتكوف "وقع في فخ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية". وترى الصحيفة أنه "لم يعد بإمكان أحد إجبار إسرائيل على إبرام صفقة إلا الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد أن وضع نتنياهو شروطا يعلم أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سترفضها، ليحافظ على الوضع الراهن في غزة. وفي صحيفة غارديان البريطانية وصفت الكاتبة سارة مالك المظاهرات التي شهدتها مدينة سيدني الأسترالية دعما لغزة أمس الأحد بأنها "علامة على تحوّل في مزاج الرأي العام لصالح غزة لا شيء سيوقفه". وقالت الكاتبة -التي شاركت في المظاهرات- إن الأمر "كان مختلفا هذه المرة، لأن كل سكان المدينة قد حضروا"، مضيفة أن الأمر "بدا كموجة جماعية من الطاقة والأمل والعزيمة ضد التعنت المؤسسي والحكومي والإنكار والتعتيم". أما صحيفة نيويورك تايمز فقالت إن اتفاقية "سايكس بيكو" تلقي بظلالها على قرار فرنسا وبريطانيا الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وأشارت الصحيفة إلى ما تسببه إسرائيل في غزة من قتل وجوع وحصار "كان له حتما أثر كبير في تحرك باريس ولندن"، لكنها قالت إن قرارهما "سلط الضوء على أدوار البلدين الغامضة في الشرق الأوسط بداية القرن الماضي".


الجزيرة
منذ 44 دقائق
- الجزيرة
إدارة ترامب تربط دفع تمويل للولايات والمدن بموقفها من إسرائيل
قالت الوكالة الاتحادية الأميركية لإدارة الطوارئ في بيان نقلا عن إدارة الرئيس دونالد ترامب إن الولايات والمدن الأميركية لن تتلقى تمويلا للاستعداد للكوارث الطبيعية إذا اختارت مقاطعة الشركات الإسرائيلية. وبموجب شروط الوكالة للمستفيدين من المنح، يتعين أن تقر الولايات بأنها لن تقطع "علاقاتها التجارية مع الشركات الإسرائيلية تحديدا" كي تتلقى الأموال من الوكالة. وجاء في 11 إشعارا من الوكالة بشأن المنح قالت رويترز إنها اطلعت عليها أن هذا الشرط ينطبق على 1.9 مليار دولار على الأقل تعتمد عليها الولايات في تغطية تكاليف معدات البحث والإنقاذ ورواتب مديري الطوارئ وأنظمة الطاقة الاحتياطية ونفقات أخرى. وهذا أحدث مثال على استخدام إدارة ترامب التمويل الاتحادي المنتظم في تعزيز رسالتها السياسية على مستوى الولايات. وقالت الوكالة في يوليو/تموز الماضي إنها ستطلب من الولايات إنفاق جزء من أموال مكافحة الإرهاب الاتحادية في مساعدة الحكومة على القبض على المهاجرين، وهي أولوية للإدارة الأميركية. محاصرة حركة مقاطعة إسرائيل ويستهدف هذا الشرط حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها، وهي حملة هدفها ممارسة ضغوط اقتصادية على إسرائيل لإنهاء احتلالها الأراضي الفلسطينية. وعلت أصوات مؤيدي الحملة في عام 2023 بعدما بدأت إسرائيل حربها المدمرة على قطاع غزة ، والتي راح ضحيتها عشرات آلاف الأبرياء، وتسببت بكارثة إنسانية غير مسبوقة وصلت حد المجاعة القاتلة التي راح ضحيتها المئات جراء الجوع أو بإطلاق نار من قبل الجيش الإسرائيلي أمام مراكز المساعدات. وقال متحدث باسم وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم في بيان "ستطبق الوزارة كل قوانين وسياسات مكافحة التمييز، ومن بينها ما يتعلق بحركة مقاطعة إسرائيل، والتي ترتكز صراحة على معاداة السامية"، وفق زعمه. وهذا الشرط رمزي إلى حد كبير، وقالت الدورية القانونية لجامعة بنسلفانيا إن لدى 34 ولاية على الأقل (من أصل 50) بالفعل قوانين أو سياسات مناهضة لحركة المقاطعة. وجاء في إشعار يتعلق بالمنح نُشر يوم الجمعة الماضي أن الوكالة ستطلب من المدن الكبرى الموافقة على السياسة الخاصة بإسرائيل للحصول على 553.5 مليون دولار مخصصة لمكافحة الإرهاب في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. وكشف الإشعار أن من المقرر أن تتلقى مدينة نيويورك 92.2 مليون دولار من البرنامج، وهو أكبر مبلغ من بين كل المستفيدين، وتستند المخصصات على تحليل الوكالة "للخطر النسبي للإرهاب".


الجزيرة
منذ 44 دقائق
- الجزيرة
حملة إسرائيلية لتبرئة وتلميع قاتل الناشط عودة الهذالين
بريء يدافع عن نفسه، وضحية لهجوم وحشي، وبطل يستحق الدعم، وفريسة معاداة السامية.. بهذه العبارات تحول مستوطن إسرائيلي، قتل ناشطا فلسطينيا بارزا أمام الكاميرات، من مدان أمام الجميع إلى "بطل قومي" يستحق التكريم. حملة التلميع الإسرائيلية -التي انطلقت خلال ساعات من وقوع الجريمة- لدعم القاتل أمام العالم، قادتها شخصيات سياسية، وإعلامية، تحت غطاء قانوني وإفراج سريع من المحكمة، إذ تمنح للمستوطن حق القتل، وتجرّم الفلسطيني إذا دافع عن أرضه بالحجر أو حتى بالصوت. ورغم شهادات الشهود، وتسجيلات الفيديو، وتقارير المنظمات الإسرائيلية والدولية، التي أكدت أن الحقوقي الفلسطيني، عودة الهذالين، قتل بدم بارد، اختارت سلطات الاحتلال رواية مغايرة تعيد إنتاج الجريمة على أنها "بطولة". فهل كان الإفراج عن القاتل قرارا قضائيا مستقلا، أم نتاجا لحملة ضغط سياسية وإعلامية؟ وهل تشكل القضية استثناء، أم أنها نموذج صارخ لطريقة تعامل الاحتلال مع عنف المستوطنين؟ ولماذا تصمت المنظومة الدولية أمام وقائع موثقة لقتل الفلسطينيين بغطاء الدفاع عن النفس؟ في هذا التقرير، ترصد وكالة سند للرصد والتحقق الإخباري في شبكة الجزيرة كيف تحولت جريمة موثقة إلى حملة تلميع منظمة، وتتبع مسار الإفراج عن ينون ليفي، وتكشف من خلال شهادات ووثائق سجلا طويلا من الانتهاكات التي ارتكبها دون محاسبة، وتكشف عن دوره الخفي في عمليات الهدم الجارية في غزة، وحلم "التطهير العرقي". تنكيل وإعدام أمام الكاميرات في يوم الاثنين 28 يوليو/تموز الماضي، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي برفقة جرافة عسكرية أراضي قرية "أم الخير" في مسافر يطا جنوب الخليل، لتوسيع مستوطنة "كرمل" المقامة على الأراضي المصادرة فيها، وبينما خرج الأهالي للتصدي لاقتحام المستوطنين، أطلق الإسرائيلي ينون ليفي النار مباشرة على جسد الهذالين الذي كان بعيدا عن مواجهة المستوطن. ورغم توثيق الكاميرات للحدث، برأت المحكمة الإسرائيلية المستوطن وقررت الإفراج عنه، بدعوى القتل من أجل "الدفاع عن النفس"، وأحالته للإقامة الجبرية، فيما أظهرت مقاطع فيديو منشورة على المنصات الرقمية تنكيل قوات الاحتلال بالأهالي الذين واجهوا المستوطن وحاولوا الدفاع عن أنفسهم أمام صرخاته وتلويحه بالسلاح غاضبا. تلميع قاتل مدان وبالتزامن مع الإفراج عن المستوطن المدان، تعالت الأصوات الإسرائيلية الداعمة لينون ليفي، وحاولت قلب الحقائق، زاعمين أن الناشط "هو من بدأ بالاعتداء وإلقاء الحجارة"، وأن تصرفه مجرد "ردة فعل طبيعية". ووصف عضو الكنيست الإسرائيلي، تسيفي سوكوت، المستوطن بـ"البطل"، وقال بعد الإفراج عنه "ينون ليفي بطل تعرض لهجوم وحشي وعنيف، دافع عن حياته وأصبح ضحية لافتراء دم من قبل منظمات معادية للسامية، العدالة ظهرت إلى النور، وينون أُطلق سراحه الآن من قبل المحكمة، وحان الوقت لكل من أدانه أن يعتذر". أما النائبة عن حزب "عوتسما يهوديت"، ليمور سون هار ميلخ، فحرّضت في رسالة مصورة على قتل الفلسطينيين، قائلة "ينون رجل شجاع، تعرض لهجوم وحشي من قبل مخربين عرب، وكان على وشك أن يُنفذ فيه إعدام ميداني"، وتساءلت في فيديو على حسابها بمنصة "إكس": "لماذا لدينا أسلحة إن لم تكن لحماية أنفسنا؟". كما هاجم المحامي، أفيخاي حاجبي -من منظمة "حوننو اليمينية" المعنية بمتابعة قضايا المستوطنين- الدعوات المطالبة بتمديد اعتقال المستوطن، وبرر جريمته بالقول "واضح أن هناك صعوبة في الأدلة، خصوصا وأن الشرطة تعترف بأن المتهم كان في خطر حقيقي على حياته، ولا يوجد دليل مباشر على أن إطلاقه للنار هو ما تسبب في مقتل الضحية". شاهد من أهلها ولم تمنع حملة التلميع التي شنتها حسابات إسرائيلية للدفاع عن المستوطن، منظمات وشهودا إسرائيليين على الحدث حاولوا تسليط الضوء على حقيقة ما جرى، ومواجهة الأكاذيب بالحقائق، ووضع الأمور في مسارها الصحيح، وذكر التفاصيل التي حدثت بما يكشف "كذب الحملة الإسرائيلية المنظمة". وفي مقابلة مع القناة 13 الإسرائيلية، قال الصحفي الإسرائيلي يوفال أبراهام "تم توثيق الحادثة من جميع الزوايا، وشاهدت 20 مقطع فيديو؛ في الساعة 5:25 بالتوقيت المحلي بدأ الأمر، عندما جاءت جرافة يرافقها بينون تقتحم أرضا تابعة لأهالي القرية، تقتلع أشجار زيتون، وتضرب أحد السكان بذراعها المعدنية وقد تم توثيق ذلك، حيث يظهر الشخص وهو يفقد وعيه، وبعض السكان حاولوا الدفاع عن أنفسهم". وأضاف "يجب أن نتذكر: ليس لديهم شرطة ولا جيش، هم تحت الاحتلال"، متابعًا: "ركض ينون نحو السكان، وضرب شخصا كان يصوره بمؤخرة مسدسه الذي كان يحمله في يده، وأطلق رصاصتين نحو منازل عائلات القرية، ورأيت في المقاطع على الأقل أربعة أطفال واقفين في المكان الذي أطلق نحوه النار، وهو يمسك المسدس بيد واحدة، ويصيب عودة الهذالين، الذي كان في ملعب كرة السلة، على بعد 35 مترا منه، ويصيبه في رئتيه ويقتله". وختم منتقدا القضاء الإسرائيلي: "وحقيقةُ أن ضحايا هذا الهجوم الآن في السجن، والمعتدي يجلس في بيته بينما نحن نتحدث، تدل على النظام التمييزي القائم في المناطق، ولماذا يقول الناس إنه نظام أبارتهايد". ورصدت "سند" مقابلات منشورة على "إنستغرام" توثق شهادة علاء الهذالين، ابن عم الشهيد الهذالين، قبل اعتقاله من قبل قوات الاحتلال، وتَبين أنها تتوافق مع تصريحات الصحفي يوفال أبراهام. View this post on Instagram A post shared by הארץ (@haaretz) كما نشرت منظمة "صوت حاخامات من أجل حقوق الإنسان" في محاولة لإثبات الجريمة: "المقاطع المصورة من المكان لا تترك مجالا للشك: عودة أُطلق عليه النار بوحشية حتى الموت، فقط لأنه أصر على حقه في العيش بكرامة على أرضه. يا له من مصاب فادح، انقلاب أخلاقي مروع للواقع: مستوطن مسلح، يعيش على أرض ليست أرضه، مصنف حتى من قبل المجتمع الدولي كمعتد هو من سلب حياة عودة". كما عبرت منظمة "ييش دين الإسرائيلية" هي الأخرى عن دعمها للهذالين، وقالت "عودة كان معلما وناشطا، وشارك في الفيلم الوثائقي "لا أرض أخرى"، الذي وثق الدمار المنهجي لمجتمعه، إلا أن الفيلم "تحول إلى مأساة لا رجعة فيها". إعلان وأشارت إلى أن مطلق النار ينون ليفي، من البؤرة الاستيطانية غير القانونية "حفات ميتاريم"، فُرضت عليه في السنوات الأخيرة عقوبات دولية بسبب سلسلة من الاعتداءات العنيفة على فلسطينيين، والتي تجاهلتها سلطات إنفاذ القانون في إسرائيل، مضيفة: "كان من الممكن منع هذه الكارثة، لكن عودة قتل لأن إسرائيل تشرّع العنف ضد الفلسطينيين، وتروج لأهداف حكومتها عبر ترحيل الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم". وعبّر عضو الكنيست، عوفر كسيف، عن دعمه وتضامنه مع الضحية وقال "أنا في زيارة تعزية بمسافر يطا في الضفة الغربية المحتلة، حيث المستوطن القاتل ينون ليفي، قتل بدم بارد الناشط السلمي، الإنسان الرائع، عودة الهذالين. وكما هو متوقع، القاتل أُطلق سراحه، وبأوامره قامت قوات الاحتلال باعتقال نشطاء فلسطينيين"، وفق تعبيره. سجل حافل بالجرائم وتتبعت "سند" السجل الحافل بالاعتداءات للمستوطن ينون ليفي، لتفنيد حملة تلميع صورته أمام المجتمع الدولي، وتبرئته من دم الناشط، حيث توصلت إلى توثيقات عديدة سابقة تظهر تورطه في جرائم ضد الفلسطينيين وتشمل الجرائم حوادث عنف، واعتداء على ممتلكات الفلسطينيين، والدفع بالسكان الأصليين للرحيل قسرا عن أراضيهم تحت التهديد، والمضايقات اليومية، وإقامة بؤر استيطانية بالضفة. وتواصلت وكالة سند مع مدير البحث الميداني في منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية كريم جبران، الذي أوضح أن ينون ليفي هو أحد قادة المستوطنين في منطقة جنوب الخليل، مضيفًا: "شغله الشاغل هو محاولة تهجير الفلسطينيين وتنفيذ سياسات التطهير العرقي داخل مناطق جنوب الضفة الغربية". وأضاف أنه كان يقيم سابقا في مستوطنة سوسيا، وتسبب في أذى كبير للفلسطينيين فيها، ثم أنشأ بعد ذلك بؤرة استيطانية بالقرب من زنوتا. ونتيجة وجود هذه البؤرة وعنف ليفي وجماعته، اضطر عدد كبير من سكان زنوتا للرحيل وتفريغ هذا التجمع، وفقا لجبران. ليفي وحلم "تطهير غزة" وتابع "ليفي مالك لشركة تقوم بعمليات هدم داخل قطاع غزة، ولا يسعى لذلك فقط من أجل "بيزنس" بل لتحقيق حلم تطهير غزة عرقيا، والمساهمة في الإبادة الجماعية داخل القطاع والتي تمتد اليوم إلى الضفة الغربية". وحذر مدير البحث الميداني في "بتسليم" من تصاعد سياسة تشجع عنف المستوطنين في المناطق الفلسطينية، مشيرا إلى أن أكثر من 28 فلسطينيا قتلوا، و38 تجمعا سكانيا جرى ترحيله منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسط صمت مؤسسات الدولة، وأضاف أن ما يحدث في الضفة اليوم هو "امتداد لما يجري في غزة، وقد يكون مقدمة لأحداث أخطر قادمة". وحول العقوبات التي فُرضت على المستوطن ليفي من قبل، قال جبران في تصريحات خاصة، إنه تم فرض مجموعة من العقوبات من قبل دول الاتحاد الأوروبي والإدارة الأميركية السابقة على ليفي كلونه "أبرز رموز العنف والتطرف من المستوطنين"، وفقا لتوثيقات أكدت تورطه في أعمال عنف ضد الفلسطينيين، ولكن بعد عودة ترامب للحكم تم رفع هذه العقوبات فيما يواصل الاتحاد الأوروبي وضع هذه العقوبات. تواطؤ القضاء الإسرائيلي وتابعت وكالة سند للرصد والتحقق الإخباري مجريات القضية من ناحية القضاء الإسرائيلي، والخطوات التي انتهت بالإفراج عن المستوطن بعد ساعات من جريمته، دون الاكتراث بما وثقته الكاميرات وشاهده العالم. ورفضت محكمة الصلح في القدس، يوم الجمعة الماضية، طلب الشرطة تمديد الإقامة الجبرية لينون ليفي، المشتبه في أنه أطلق النار وقتل عودة الهذالين، الفلسطيني من سكان "أم الخير" جنوب الضفة الغربية. وصرحت القاضية حوي توكر خلال الجلسة أن الشبهات ضد ليفي "ضعيفة" وأن الأدلة التي جُمعت من الجانب الفلسطيني تدعم ادعاء محاميه بأن "لا توجد علاقة سببية مباشرة بين إطلاق النار الذي قام به وبين مقتل الهذالين، وأنه تصرف بدافع الدفاع عن النفس"، وأضافت القاضية أن ليفي "منع حادثة كان يشارك فيها عشرات الأشخاص الذين رشقوه بالحجارة". وبحسب جبران: "لم يكن هناك أي خطر على ينون ليفي أو على سائق الجرافة كما تم الادعاء، وأن عودة قُتل أثناء عملية التوثيق خلال وجوده داخل المركز المجتمعي في أم الخير بعيدا عن مواجهة مباشرة مع المستوطن"، وفي تعقيبه على قرار الإفراج عن المستوطن، صرّح كريم جبران "في عام 2016 قمنا بمقاطعة المنظومة القضائية في المحاكم الإسرائيلية لأنها متواطئة باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الأبارتهايد، ولا تقوم بإنصاف الضحايا بل تشرّع الجرائم التي تُرتكب ضد الفلسطينيين". وتواصلت "سند" مع المحامي حسن مليحات، المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، للوقوف على الجريمة عن قرب، إذ قال إن قضية مقتل الهذالين "واحدة من أشد النماذج فظاعة على استهداف النشطاء والمدنيين الفلسطينيين بغطاء قانوني وسياسي داخل المناطق المحتلة"، والفيديو يظهر أن الهذالين "لم يكن يحمل أي سلاح، بل كان يطالب بوقف الاعتداء على أرضه، وكان أعزل تماما عندما أطلق عليه ليفي النار مباشرة من مسافة قصيرة". نظام قانوني مزدوج وحول قرار المحكمة الإفراج عن المستوطن، أوضح مليحات أن هذ الأمر يشير إلى "خلل جوهري في نظام العدالة الإسرائيلي عند التعامل مع قضايا تمس الفلسطينيين". ورغم أن القانون الإسرائيلي لا ينص بشكل مباشر على حصانة قانونية للمستوطنين، إلا أن التطبيق العملي يكشف عن واقع مختلف، حيث يُعامل المستوطن بمعايير قضائية مخففة، ويحظى بتساهل في الإجراءات الجنائية، وهذه المفارقة في التعامل ليست ناتجة عن نصوص مكتوبة تمنحهم امتيازا قانونيا، بل من نهج قضائي وأمني يرسخ حماية غير مباشرة للمستوطنين، وخاصة في مناطق التماس التي تشهد نزاعا على الأرض كما هو الحال في الأراضي المصنفة "سي" (C). فيما أشار، إلى أنه لا يوجد في القانون الإسرائيلي نص صريح يتحدث عن تمييز في التعامل مع المستوطنين والفلسطينيين، ولكن النظام القانوني المزدوج هو ما يخلق ذلك، مضيفا "المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية يُخضعون للقانون المدني الإسرائيلي، بينما الفلسطينيون يخضعون لقوانين الطوارئ والقانون العسكري الإسرائيلي، الذي يمنح سلطات واسعة للاعتقال دون محاكمة، والهدم الإداري، والحكم دون ضمانات قانونية كاملة"، على حد تعبيره. جرائم تُرتكب ومحاكم تبرئ وسرد محامي منظمة البيدر، عدة أمثلة لقضايا مشابهة: ففي عام 2016، أطلق الجندي الإسرائيلي إلؤور عزريا النار على الشاب عبد الفتاح الشريف بينما كان ملقى على الأرض مصابا في مدينة الخليل، ورغم وضوح الجريمة، حُكم عليه بالسجن 18 شهرا فقط، وأُفرج عنه بعد 9 أشهر. وفي جريمة مقتل عائلة دوابشة حرقا على يد مستوطنين في قرية دوما جنوبي نابلس شمال الضفة الغربية في 31 يوليو/تموز عام 2015، أدين مستوطن واحد فقط، رغم أن أكثر من شخص شارك في التخطيط والتنفيذ وقال رئيس مجلس قرية التوانة بمسافر يطا، محمد الربعي، في تصريحات لوكالة "سند" إن الشهيد عودة تعرض للضرب والتهديد عدة مرات، كان داعما لأبناء قريته وحمايتهم، مما جعله هدفا واضحا لهم، مضيفا: "وهناك شهود يؤكدون تهديده المباشر للشهيد الهذالين". إعلان وختم الربعي حديثه بالقول "إن كل القتلة والمتسببين بالإرهاب تم الإفراج عنهم سواء كانوا جنودا أم مستوطنين بعد ساعات أو أيام من المحاسبة، ونهج الإفلات من العقاب يشجعهم على عمل المزيد، منددا: "نحن أمام منظومة إجرامية متكاملة، مستوطنون مسلحون وجنود يقدمون الحماية ومحاكم تبرئهم". مطالبات بفتح تحقيق دولي مستقل وقالت منظمة العفو الدولية إن قتل عودة الهذالين، وهو مدافع مخلص عن حقوق الإنسان ووالد لثلاثة أطفال صغار، بدم بارد يمثل "مأساة مروعة وتذكيرا وحشيا بالعنف المتواصل الذي تتعرض له المجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة". وأشارت المنظمة إلى أن عودة "أنذر مؤخرا نوابا في البرلمان البريطاني بتلقيه تهديدات بالقتل"، وجاء مقتله كنتيجة قاسية لسياسة إسرائيل المستمرة المتمثلة بالتهجير القسري للمجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة. وخلص تحقيق أولي أجرته العفو الدولية إلى أن ليفي، المدرج على قوائم عقوبات الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، شوهد وهو يهدد السكان بمسدسه. وعلقت كبيرة مديري البحوث وأنشطة كسب التأييد والسياسات في المنظمة إريكا غيفارا روساس بالقول "تتقاعس السلطات الإسرائيلية عمدا عن إجراء تحقيقات حقيقية ومحايدة بشأن اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين، وهو ما يقتضي فتح تحقيقات دولية مستقلة وفورية في جريمة القتل هذه وسائر الهجمات ضد الفلسطينيين". واشتهر عودة الهذالين بأنه صوت قرية "أم الخير" والمدافع الأول عن سكانها، وأصبح المتحدث غير الرسمي باسمها، خاصة في الأوساط الحقوقية والإعلامية، وقدّم الهذالين باللغتين العربية والإنجليزية شهادات حية ومؤثرة نقلت معاناة قريته إلى العالم، مستخدما لغة بسيطة لكنها قادرة على النفاذ إلى الضمير الإنساني. وُلد الهذالين عام 1994 في محافظة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، وعاش بموقفه الثابت في الدفاع عن قريته ومناهضة التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في منطقة مسافر يطا، وقد أسهم عام 2019 في إنتاج الفيلم الوثائقي "لا أرض أخرى" الذي حاز جائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي طويل عام 2025، ووثق معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال.