
نحن... وخلافات واشنطن «الشخصية»
هذا التساؤل يستحق منا قراءة جادة، إذا كان لنا الابتعاد عن أوهام باهظة الكلفة.
لا شك أنَّ خلاف ترمب - ماسك ذو مؤشرات خطرة، بغضّ النظر عمّن هو المخطئ ومن هو المصيب، ومصدر الخطورة كونه يعكس وجود «مشكلتين» يرفض الاعتذاريون العرب الاعتراف بوجودهما:
المشكلة الأولى أنَّ ترمب «رجل صفقات» لا يقيم وزناً للمؤسّسات، ولا يكترث لأصول التعامل مع الحليف والخصم، ولا يجد غضاضة في الحكم بـ«أوامر تنفيذية»، ولو على حساب التفاهمات العريضة والمسؤولية الجماعية التي يفترض على المسؤول تغليبها على الولاء الحزبي الضيق... فكيف إذا كان الولاء لشلّة أصدقاء ومحاسيب وجامعي تبرّعات ومسهّلي مصالح؟
وهكذا، مجرّد «التحالف التكتيكي» لرئيس مع رجل أعمال متفلّت يستخف بالساسة وبالحكومة، بل بالشعب، من أجل «تنفيذ كلام» وتحقيق نصر سريع بالضربة القاضية، انكشف ثمنه السياسي خلال فترة قصيرة.
حتى تلاقي الرجلين على تعريف «الهدر الحكومي» والوسيلة الفضلى للتصدّي له، «تبخّر» فور انكشاف الكلفة الاجتماعية والاقتصادية العالية... بعدما سترها مؤقتاً ولع جماعة «ماغا» الترمبية بالشعارات الديماغوجية المتناقضة. وهنا، للتذكير، ماسك لم يشغل منصبه المؤقت عبر الانتخاب، بل جاء تعيينه بقرار من قرارات ترمب، الذي يتحمّل - بالتالي - المسؤولية عن الخلل الحالي والتداعيات الواردة مستقبلاً.
أمَّا المشكلة الثانية فهي أن ما حدث مع ماسك يمكن أن يحدث مع عدد من تعيينات ترمب منذ انتخابه للمرة الثانية، إذ تحوم الشائعات، راهناً، حول أوضاع كثرة من وزراء ترمب ومستشاريه ومعاونيه. ولئن كان أحدهم، مايك والتز، قد أزيح بالفعل عن منصب مستشار الأمن القومي، فإن عدداً من الذين ضمّهم الرئيس إلى فريقه من «شِلل» الأصدقاء و«خرّيجي» منبر «فوكس نيوز» ورفاق ملاعب الغولف و«لوبيات» المصالح والمتبرّعين... ما عادوا في وضع مستقر. والسبب الأهم، باعتقادي، أن معظم هؤلاء «وسطاء سياسة» لا رجال دولة... يفهمون المصالح الاستراتيجية الأميركية.
نقطة الضعف هذه أخذت تظهر بوضوح في «ارتجالية» مقاربات الإدارة مع أوروبا الغربية، وأيضاً مع روسيا والصين. أما في الشرق الأوسط، فترتبك الصورة عربياً وإسرائيلياً وإيرانياً، كما لم ترتبك من قبل منذ «اتفاقيات كامب ديفيد».
ولئن كان محسوماً التماهي شِبه الكامل بين واشنطن وتل أبيب إبان بعض العهود الرئاسية - جمهوريةً كانت أم ديمقراطية - فإن علامات الاستفهام كبيرة جداً خلال الحقبة الأخيرة. وأهم العلامات هذه تتعلق بما إذا كانت واشنطن ما زالت صاحبة «الكلمة الفصل» في خيارات إسرائيل الإقليمية، أم أن اليمين الليكودي صار يخطط وينفذ على هواه... بينما يكتفي الجانب الأميركي بإرضائه عبر «فيتو» أممي هنا، وصفقة أسلحة لا تقدّم ولا تؤخر هناك!
أيضاً، هل تريد واشنطن حقاً «تصحيح خطأ» اتفاقية «سايكس-بيكو»، وتمنع مزيداً من التمزيق والتقسيم لكيانات الشرق الأوسط، كما زعم أحد دبلوماسييها أخيراً، أم تراها مؤيدة - أو قل مُستسلمة - لمخطط اليمين الإسرائيلي المتطرّف القائم على التقسيم والتفتيت والتهجير؟
أكثر من هذا وذاك، كيف تنظر واشنطن إلى الأقليات العِرقية والدينية والمذهبية في المنطقة، ولا سيما أنها تتعامل مع «فسيفساء» ذات غالبيتين عربية ومسلمة، وسط التجاذب الاستقطابي للقوى الثلاث غير العربية، التي لدى كل منها حساباتها وأساليبها في «تشغيل» المحسوبين عليها واستغلال تورطهم؟
دور إيران في «تصدير الثورة» (الخمينية) علنيّ، ولا يحتاج إلى تخمين. وهي، إلى حين جلاء أولويات كل من واشنطن وتل أبيب الإقليمية، تظل لاعباً مؤثراً في ثلاث دول... بعدما فقدت عملياً السيطرة على سوريا.
أما تركيا، التي لا يُشك في قربها من الحكم الجديد بدمشق والمدّ الشعبي المذهبي الداعم له، فإنها تتحرّك بتؤدة؛ ذلك أنها تدرك أهمية التنبّه للاعتبارات الإسرائيلية والأميركية والروسية. والحال أن غموض «مركزية القرار» بين الإسرائيليين والأميركيين إزاء سوريا، قد يؤخّر حسم إعادة البناء السياسية والاقتصادية بعد 14 سنة من الحرب، و54 سنة من الديكتاتورية...
ونصل إلى إسرائيل، أو «الذيل الذي يحرّك الأسد»!
الضربة الإسرائيلية الأخيرة على بيروت، وطبعاً الإمعان الدامي في تهجير غزة، يؤكدان أنه لا تغيير يُذكر في أولويات تل أبيب. وفي حين «تسلّف» واشنطن اللبنانيين كلاماً معسولاً عن دعمها انطلاقة عهدهم الجديد، ويغازل موفدها السفير توم برّاك - اللبناني الأصل - السوريين بالكلام عن حرص إدارة ترمب على «وحدة سوريا»، تواصل الماكينتان العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية نشاطاتهما في لبنان وسوريا وما تبقّى من فلسطين.
وربما أبلغُ ما ظهر أخيراً، التقرير الذي نشرته صحيفة «ها آرتس» الإسرائيلية، بالأمس، عن تجنيد تل أبيب شراذم «داعشية» من البلطجية يتولون نهب قوافل الإعانات المُرسلة إلى غزة... ثم يدّعي الناطقون الإسرائيليون في الإعلام العالمي أن ناهبي القوافل مقاتلون تابعون لحركة «حماس» نفسها.
حسب الصحيفة، أكّد نتنياهو شخصياً ما سبق لها نشره، قبل أشهر، من أن حكومته سلّحت وموّلت وحَمَت شراذم بلطجية وإجرامية في جنوب قطاع غزة، وذلك بحجة أن «أي أذى يلحق بحكم (حماس) يفيدنا»!
وهكذا، بعد سنوات من تشكيل الميليشيات العميلة عبر الحدود، وزرع «المُستعربين» في الضفة والقطاع لارتكاب جرائم تشعل الفتن الداخلية، ابتُكرت «بلطجية التجويع» عبر نهب الإعانات الإنسانية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 5 دقائق
- رؤيا نيوز
النفط يعود للارتفاع من أدنى مستوياته قبيل اجتماع ترمب وبوتين
ارتفعت أسعار النفط اليوم الخميس بعد موجة البيع التي شهدتها خلال الجلسة السابقة، قبيل الاجتماع المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتا أو 0.43 بالمئة إلى 65.91 دولار للبرميل بحلول الساعة 0057 بتوقيت غرينتش، فيما زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 23 سنتا أو 0.37 بالمئة إلى 62.89 دولار. وسجل كل من العقدين أدنى مستوى له في شهرين أمس الأربعاء بعد مؤشرات تتعلق بالإمدادات صدرت عن الحكومة الأميركية ووكالة الطاقة الدولية. وهدد ترمب أمس الأربعاء 'بعواقب وخيمة' إذا لم يوافق بوتين على التوصل لسلام في أوكرانيا. ولم يحدد ترمب ما هي هذه العواقب لكنه يحذر من عقوبات اقتصادية إذا لم يسفر اجتماع ألاسكا غدا الجمعة عن نتائج. وقالت شركة ريستاد إنرجي في مذكرة للعملاء 'لا تزال حالة عدم اليقين التي تكتنف محادثات السلام بين الولايات المتحدة وروسيا تضيف علاوة مخاطر صعودية نظرا لأن مشتري النفط الروسي قد يواجهون المزيد من الضغوط الاقتصادية'. وتتلقى أسعار النفط دعما آخر من اقتراب توقعات خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) لأسعار الفائدة في سبتمبر/ أيلول من المئة بالمئة بعد ارتفاع التضخم الأميركي بوتيرة متوسطة في يوليو/ تموز. وقد يؤدي انخفاض معدلات الاقتراض إلى زيادة الطلب على النفط. ويحوم الدولار بالقرب من أدنى مستوياته في عدة أسابيع مقابل اليورو والجنيه الإسترليني اليوم الخميس وسط تكثيف المتعاملين للرهانات على استئناف المركزي الأميركي خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل. وجاءت مكاسب النفط محدودة بعد توقعات وكالة الطاقة الدولية بأن المعروض العالمي من النفط لعامي 2025 و2026 سيرتفع بسرعة أكبر من المتوقع، مع زيادة إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها ضمن ما يعرف بتحالف أوبك+، وكذلك زيادة الإنتاج من خارج التحالف.


أخبارنا
منذ 3 ساعات
- أخبارنا
بشار جرار : الحرُّ معروفٌ والأصيل أيضا
أخبارنا : الناس أحرار فيمن وما يحبون. فمن المحبة بداية الأشياء كلها. هي حجر الزاوية التي لا يتم بناء دونه، ونقطة الارتكاز التي تمضي قدما حتى تكتمل دائرةً، وتختصر المسافات، فتجسّر الهوّة، وتبني الجسور باستقامة لا عوج فيها، خطا مستقيما ليس بأقصر الطرق فقط، بل وأسلمها. كاتب هذه السطور، الفقير إلى الله، من عشاق بني معروف الكرام. من محبي كل من أحب الحياة، وهم منهم. عرفتهم جيرانا في عمّان القلب، التي لا تبعد كثيرا عن سويداء سوريانا الغالية، ورفاق غربة وزملاء مهنة في دالية الكرمل في أراضينا المباركة غرب أردننا المفدى. خبرتهم عن قرب على مقاعد التربية والتعليم، في المدرسة والجامعة، ومن بعدُ زملاء في الوطن والمهجر. من دول عدة، من الأردن وسورية ولبنان. من عرب وكورد وشركس وأرمن ودروز. هؤلاء أصل البلاد، أصل مشرقنا العظيم، لا أقليات إثنية، لا عرقية ولا دينية (مذهبية أو طائفية). في الاصطلاح السياسي الغربي، الأنجلوسكسوني، الأمريكي تحديدا، عرفنا في مشرقنا المكلوم بعد كوارث «الفوضى الخلاقة والربيع العربي» عرفنا مصطلح، مكونات «كُنستِتْشِوِنْس». هم في النظام الانتخابي الأمريكي أكثر ما يعني شاغر المنصب السياسي، سواء في الإدارة أو الكونغرس، بصرف النظر عن الحزب السياسي، ديموقراطيا أو جمهوريا. عضو الكونغرس نائبا أو شيخا (سيناتورا) همّه الأول هو رضى ناخبيه الذين يكوّنون قوته السياسية والمالية والإعلامية في أكبر عدد ممكن من المقاطعات. رأينا كيف مقاطعة واحدة في ولاية فرجينيا- من بين 133 مقاطعة ومدينة مستقلة إداريا- حسمت انتخابات الحاكم قبل ثلاث سنوات، حيث انتصرت مقاطعة «لاوْدِنْ» الأعلى في متوسط الدخل بأمريكا كلها في الخمسين ولاية، انتصرت لأب انتفض غضبا لما حل بابنته من مصيبة، من جريمة باسم «التنوع والتسامح مع ما سمي الهوية الجنسية»، عندما تعرضت فلذة كبده لاعتداء جنسي من ذكر غضت المدرسة الطرف عن ادعائه بأنه أنثى من حقه دخول حمامات البنات! صار «غْلِنْ يَنْكِنْ» حاكم الولاية الجمهوري وكاد أن يكون منافسا على منصب نائب الرئيس ترمب في ولايته الثانية، وهو لا ريب من الذين ينتظرهم مستقبل واعد على الصعيد الوطني، وليس الحزبي فقط. حرصت على هذا المثال في سياق حديثي عن المكونات لا الأقليات، لتعدد الرسائل الضمنية فيه أيضا. فتلك المقاطعة صار فيها الحضور الهندي لافتا ومقاطعات مجاورة لها أيضا في ضواحي العاصمة واشنطن بأشبه ما يكون «سليكون فالي» فرجينيا على غرار الأصلي في سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا على الساحل الغربي لبلاد العم سام. المهاجرون بشكل شرعي، وعبر الاستقطاب والتجنيد أو التوظيف للاستقدام بشكل قانوني، تميزوا بالمعرفة والحرفية. الميزة النوعية، كانت سببا في حصولهم على إقامة شرعية دائمة، واكتسابهم الجنسية الأمريكية، لا شيء آخر. التميز في العلوم التقنية خاصة الأمن السيبراني «السايبر» لا «الهايبر» القومي لدولة الهند -أكبر ديموقراطية في العالم من حيث عدد الناخبين والأكثر ثراء في تعددية «المكونات» حيث الأديان والطوائف بالآلاف- «السايبر» والمعرفة النوعية والمهن الاحترافية عموما، لا «الهايبر» بمعنى التباهي القومي أو الديني والأنا المنتفخة المتعالية، هي التي تمنح الفرد أو الطائفة أو الجالية قيمتها في أي مجتمع، بصرف النظر عن الوضع القانوني للفرد، كمواطن أو مقيم، أو حتى كزائر أو سائح. أي عدائية، إقصائية، أي استهداف لأي إنسان، تمييزا ضد الفرد على «الهوية»، ظلم لا يقبله حرّ. «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا». الدستور الأمريكي قام في بنائه الروحي والأخلاقي على ركيزة أن الله سبحانه هو واهب البشر حرياتهم وحقوقهم التي لا يحق لمخلوق المساس بها تحت أي ذريعة. إن كانت العقائد أقدس وأسمى ما عرفت البشرية، فكيف لما هو أدنى أن يتحكم بها؟ من هنا كان الحرص على العلمانية أو فصل الدين عن الدولة إكراما لهما، ولمنتسبي كل منهما، مع تأكيد حقيقة أنه لا يجوز مقارنة أمرين، من جنسين مختلفين كليا. الدين عالم الروحيات والأخلاقيات والمثل العليا. صحيح أن «الدين المعاملة» ويشمل كل ما يخص حياتنا الدنيا والآخرة، لكن للدولة أقانيم ثلاثة من بينها الشعب الذي من البديهي أن يكون حرا في اختيار دينه ومذهبه كيفما شاء، ما لم يتعدى على الحرمات والواجبات والحقوق الخاصة بشركائه في المواطنة، والأهم الوجود كبشر خلقهم رب الأرباب، أحرارا. نجحت محادثات عمّان الخاصة بسورية ولله الحمد الثلاثاء، حيث كانت استضافة أردننا المفدى أردن العترة الطاهرة والهواشم، أردن المعمودية، لمحادثات خير ومحبة وسلام لسوريانا كلها، بجميع أصايلها، ومنهم إخوتنا بنو معروف الكرام، الموحدون الدروز. الحرُّ معروفٌ والأصايل أيضا.. ــ الدستور

الدستور
منذ 9 ساعات
- الدستور
الحرُّ معروفٌ والأصيل أيضا
الناس أحرار فيمن وما يحبون. فمن المحبة بداية الأشياء كلها. هي حجر الزاوية التي لا يتم بناء دونه، ونقطة الارتكاز التي تمضي قدما حتى تكتمل دائرةً، وتختصر المسافات، فتجسّر الهوّة، وتبني الجسور باستقامة لا عوج فيها، خطا مستقيما ليس بأقصر الطرق فقط، بل وأسلمها.كاتب هذه السطور، الفقير إلى الله، من عشاق بني معروف الكرام. من محبي كل من أحب الحياة، وهم منهم. عرفتهم جيرانا في عمّان القلب، التي لا تبعد كثيرا عن سويداء سوريانا الغالية، ورفاق غربة وزملاء مهنة في دالية الكرمل في أراضينا المباركة غرب أردننا المفدى. خبرتهم عن قرب على مقاعد التربية والتعليم، في المدرسة والجامعة، ومن بعدُ زملاء في الوطن والمهجر. من دول عدة، من الأردن وسورية ولبنان. من عرب وكورد وشركس وأرمن ودروز. هؤلاء أصل البلاد، أصل مشرقنا العظيم، لا أقليات إثنية، لا عرقية ولا دينية (مذهبية أو طائفية).في الاصطلاح السياسي الغربي، الأنجلوسكسوني، الأمريكي تحديدا، عرفنا في مشرقنا المكلوم بعد كوارث «الفوضى الخلاقة والربيع العربي» عرفنا مصطلح، مكونات «كُنستِتْشِوِنْس». هم في النظام الانتخابي الأمريكي أكثر ما يعني شاغر المنصب السياسي، سواء في الإدارة أو الكونغرس، بصرف النظر عن الحزب السياسي، ديموقراطيا أو جمهوريا. عضو الكونغرس نائبا أو شيخا (سيناتورا) همّه الأول هو رضى ناخبيه الذين يكوّنون قوته السياسية والمالية والإعلامية في أكبر عدد ممكن من المقاطعات. رأينا كيف مقاطعة واحدة في ولاية فرجينيا- من بين 133 مقاطعة ومدينة مستقلة إداريا- حسمت انتخابات الحاكم قبل ثلاث سنوات، حيث انتصرت مقاطعة «لاوْدِنْ» الأعلى في متوسط الدخل بأمريكا كلها في الخمسين ولاية، انتصرت لأب انتفض غضبا لما حل بابنته من مصيبة، من جريمة باسم «التنوع والتسامح مع ما سمي الهوية الجنسية»، عندما تعرضت فلذة كبده لاعتداء جنسي من ذكر غضت المدرسة الطرف عن ادعائه بأنه أنثى من حقه دخول حمامات البنات! صار «غْلِنْ يَنْكِنْ» حاكم الولاية الجمهوري وكاد أن يكون منافسا على منصب نائب الرئيس ترمب في ولايته الثانية، وهو لا ريب من الذين ينتظرهم مستقبل واعد على الصعيد الوطني، وليس الحزبي فقط.حرصت على هذا المثال في سياق حديثي عن المكونات لا الأقليات، لتعدد الرسائل الضمنية فيه أيضا. فتلك المقاطعة صار فيها الحضور الهندي لافتا ومقاطعات مجاورة لها أيضا في ضواحي العاصمة واشنطن بأشبه ما يكون «سليكون فالي» فرجينيا على غرار الأصلي في سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا على الساحل الغربي لبلاد العم سام. المهاجرون بشكل شرعي، وعبر الاستقطاب والتجنيد أو التوظيف للاستقدام بشكل قانوني، تميزوا بالمعرفة والحرفية. الميزة النوعية، كانت سببا في حصولهم على إقامة شرعية دائمة، واكتسابهم الجنسية الأمريكية، لا شيء آخر. التميز في العلوم التقنية خاصة الأمن السيبراني «السايبر» لا «الهايبر» القومي لدولة الهند -أكبر ديموقراطية في العالم من حيث عدد الناخبين والأكثر ثراء في تعددية «المكونات» حيث الأديان والطوائف بالآلاف- «السايبر» والمعرفة النوعية والمهن الاحترافية عموما، لا «الهايبر» بمعنى التباهي القومي أو الديني والأنا المنتفخة المتعالية، هي التي تمنح الفرد أو الطائفة أو الجالية قيمتها في أي مجتمع، بصرف النظر عن الوضع القانوني للفرد، كمواطن أو مقيم، أو حتى كزائر أو سائح.أي عدائية، إقصائية، أي استهداف لأي إنسان، تمييزا ضد الفرد على «الهوية»، ظلم لا يقبله حرّ. «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا». الدستور الأمريكي قام في بنائه الروحي والأخلاقي على ركيزة أن الله سبحانه هو واهب البشر حرياتهم وحقوقهم التي لا يحق لمخلوق المساس بها تحت أي ذريعة.إن كانت العقائد أقدس وأسمى ما عرفت البشرية، فكيف لما هو أدنى أن يتحكم بها؟ من هنا كان الحرص على العلمانية أو فصل الدين عن الدولة إكراما لهما، ولمنتسبي كل منهما، مع تأكيد حقيقة أنه لا يجوز مقارنة أمرين، من جنسين مختلفين كليا. الدين عالم الروحيات والأخلاقيات والمثل العليا. صحيح أن «الدين المعاملة» ويشمل كل ما يخص حياتنا الدنيا والآخرة، لكن للدولة أقانيم ثلاثة من بينها الشعب الذي من البديهي أن يكون حرا في اختيار دينه ومذهبه كيفما شاء، ما لم يتعدى على الحرمات والواجبات والحقوق الخاصة بشركائه في المواطنة، والأهم الوجود كبشر خلقهم رب الأرباب، أحرارا.نجحت محادثات عمّان الخاصة بسورية ولله الحمد الثلاثاء، حيث كانت استضافة أردننا المفدى أردن العترة الطاهرة والهواشم، أردن المعمودية، لمحادثات خير ومحبة وسلام لسوريانا كلها، بجميع أصايلها، ومنهم إخوتنا بنو معروف الكرام، الموحدون الدروز. الحرُّ معروفٌ والأصايل أيضا..