
أمير جازان ونائبه يتفقدان المشاريع التنموية والسكنية والاستثمارية في جزر فرسان
قام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز، أمير منطقة جازان، اليوم، بجولة ميدانية تفقدية في عدد من المواقع التنموية بمحافظة جزر فرسان، يرافقه صاحب السمو الأمير ناصر بن محمد بن عبدالله بن جلوي، نائب أمير المنطقة، وذلك في إطار متابعة سموهما المستمرة للمشاريع الخدمية والتنموية بالمحافظة.
استهل سموهما الجولة بزيارة مخطط «قماح»، أحد ثلاثة مخططات سكنية تنفذها وزارة الشؤون البلدية والإسكان بالمحافظة، بتكلفة تتجاوز 280 مليون ريال، ويضم المخطط أكثر من 1,700 قطعة سكنية لتلبية احتياج المواطنين في المحافظة.
كما شملت الجولة التفقدية زيارة مشروع «الإسكان التنموي»، حيث استمع سموهما إلى شرح مفصل من أمين منطقة جازان المهندس يحيى الغزواني حول سير العمل، إذ يجري إنشاء 92 وحدة سكنية بتكلفة تصل إلى 40 مليون ريال. وأوضح الغزواني أن إجمالي المشاريع المنجزة في المحافظة بلغ 16 مشروعًا بقيمة 340 مليون ريال، فيما تتواصل أعمال التنفيذ في 11 مشروعًا إضافيًا بتكلفة تُقدَّر بـ130 مليون ريال.
وتضمنت الجولة كذلك الوقوف على مشروع «الفندق الاستثماري» الجاري تنفيذه على مساحة 1,417 مترًا مربعًا، ويُعد من أبرز الفرص الاستثمارية التي طرحتها أمانة منطقة جازان. ويتميز الفندق بتصميمه المعماري المستوحى من الطراز الفرساني الأصيل، ويضم خمسة طوابق تشمل 51 غرفة وجناحًا بمساحة تشغيلية تبلغ 5,668 مترًا مربعًا، فضلًا عن مطعم فاخر يُعد الأول من نوعه في المحافظة، يقدم خدمات نوعية تستهدف الزوار والسياح.
وفي ختام الجولة، شدد سمو أمير منطقة جازان على أهمية مضاعفة الجهود والعمل المستمر لتطوير الخدمات والبنية التحتية، بما يخدم أبناء الجزر وزوارها، ويسهم في جعل أرخبيل فرسان وجهة سياحية واستثمارية رائدة على مستوى المملكة، مشيرًا إلى ما تمتلكه من مقومات طبيعية وأثرية فريدة ومواقع جاذبة تستحق التميز.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
«الاستثمار المصرية» لـ«عكاظ»: عالجنا %90 من مشاكل السعوديين.. ونرحب بهم شركاءً في النمو وبُناةً للمستقبل
كشف رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المصرية حسام هيبة، أن مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين السعوديين، وتوفر تسهيلات واسعة تشمل الأفراد والشركات على حدٍّ سواء. وصرح في حوار خاص لـ«عكاظ» أن الهيئة خصصت وحدة خاصة لخدمة المستثمرين السعوديين وتوجيههم، مشدداً على ضرورة التعامل مع جهات استشارية موثوقة. وأشار إلى أن مصر تقدم فرصاً متميزة في قطاعات متنوعة مثل: الزراعة، التعليم، الصناعة، الطاقة، والخدمات اللوجستية، ما يعكس استعداد الدولة لتكون حاضنة مثالية لرؤوس الأموال السعودية. التسهيلات المقدمة • ما رسالتكم للمستثمرين السعوديين الراغبين في الاستثمار في مصر؟ •• مصر كانت دائماً ولا تزال ترحب بالمستثمرين السعوديين، ونقول لهم: «أهلاً وسهلاً بكم» في مختلف القطاعات مثل الزراعة، الصناعة، الخدمات، التعليم، تكنولوجيا المعلومات، الطاقة، واللوجستيات. لدينا وحدة خاصة داخل هيئة الاستثمار مخصصة لدعمهم، وننصحهم بعدم الاعتماد على استشاريين غير مؤهلين، ونحن على استعداد لتسهيل لقاءاتهم مع شركات موثوقة لضمان نجاح استثماراتهم. • هل التسهيلات المقدمة متاحة فقط للشركات والمؤسسات؟ •• التسهيلات متاحة للجميع، سواء كانوا أفراداً، شركات، أو مؤسسات، ويمكن لأي مستثمر سعودي التوجه إلى هيئة الاستثمار للحصول على المساعدة في التملك أو الاستثمار أو حتى الاستشارة، وسيتلقى الدعم المطلوب بشكل فوري. • كيف تصفون طبيعة العلاقات الاستثمارية بين مصر والسعودية؟ •• العلاقات بين مصر والسعودية تاريخية ومتجذرة، وتتجاوز الجانب الاقتصادي لتشمل روابط إنسانية واجتماعية وثقافية، فهناك عائلات سعودية كبيرة لها جذور في مصر، والاستثمارات السعودية ممتدة منذ عقود في معظم القطاعات الاقتصادية. • كيف تطورت اهتمامات المستثمر السعودي في السوق المصرية أخيراً؟ •• في السابق، كان التركيز على قطاعات محددة واستثمارات خارجية، لكن الآن هناك اهتمام متزايد بالتنوع واستكشاف فرص جديدة داخل مصر، نظراً لما توفره من بيئة استثمارية واعدة وخبرة عريقة وروابط ثقافية قوية. البنية التحتية • ما أبرز إنجازات مصر في البنية التحتية التي ساهمت في جذب المستثمرين السعوديين؟ •• خلال السنوات العشر الأخيرة، أنشأت مصر 22 مدينة ذكية، و13 ألف كيلومتر من الطرق، وأكثر من تسعة آلاف كيلومتر من السكك الحديدية، بالإضافة إلى تطوير ستة موانئ جديدة وتحديث قناة السويس. كل هذه المشروعات تمت بأيادٍ مصرية وساهمت في تعزيز ثقة المستثمرين السعوديين. • ما دور الاتفاقيات الدولية في تعزيز التعاون الاستثماري مع السعودية؟ •• مصر لديها اتفاقيات تجارة حرة مع أكثر من 70 دولة في أوروبا، أفريقيا، الأمريكتين، والخليج، مما يجعلها مركزاً عالمياً للاستثمار. هذا يمنح المستثمر السعودي فرصاً كبيرة، خصوصا في مجالات مثل الطاقة والمعادن وسلاسل الإمداد. • كيف يمكن تعزيز التعاون بين مصر والسعودية في قطاع الأدوية؟ •• مصر تملك قاعدة صناعية قوية في صناعة الأدوية وتغطي 92.5% من احتياجاتها محلياً. عندما تستثمر السعودية في هذا القطاع، فإن ذلك يعزز التكامل بين البلدين ويخدم مصالح الطرفين اقتصادياً وصحياً. التعاون الجديد • ما أبرز ملامح التعاون الجديد بين مصر والسعودية؟ •• السعودية أصبحت شريكاً إستراتيجياً لمصر، ولم تعد فقط وجهة للعمل، بل دخلت في شراكات حقيقية معنا في مشروعات مشتركة في قطاعات مثل الأدوية والبناء والتشييد. • ماذا نوقش خلال الملتقى الاستثماري الأخير بين البلدين؟ •• ناقشنا خلال الملتقى كل التحديات التي تواجه المستثمرين السعوديين بشفافية، ونجحنا في معالجة 90% منها منذ عام 2023 وحتى منتصف 2024 بالتنسيق مع الحكومة المصرية. • ما أبرز التحديات التي واجهت المستثمرين السعوديين في مصر؟ •• بعض التحديات كانت ناتجة عن تطبيق غير سليم للقوانين أو بسبب استشاريين غير مؤهلين، تمكنا من معالجة 90% من هذه المشكلات، أما الـ10% المتبقية فهي بانتظار قرارات قضائية، كما قدمنا حلولاً عملية وتعويضات للمستثمرين المتضررين. دعم الهيئة • كيف دعمت هيئة الاستثمار التعاون بين الشركات السعودية والمصرية؟ •• نظمنا لقاءات جمعت 35 شركة سعودية ومصرية؛ بهدف استكشاف فرص التعاون، سواء من خلال التوسع أو إنشاء مشروعات جديدة، كما نشجع الشركات المصرية على الاستثمار في السعودية لتحقيق شراكة متكاملة. • ما هي «الرخصة الذهبية»، وما الذي يميزها؟ •• «الرخصة الذهبية» هي موافقة شاملة تُمنح للمشروعات الاستثمارية وتشمل كل الجوانب، من البيئة والمناخ وحتى الحماية المدنية، لتسهيل بدء التشغيل، ويتم منحها من هيئة الاستثمار، وهناك توجيهات واضحة بإعطاء الأولوية للمستثمرين السعوديين، وأنشأنا وحدة خاصة لتلبية احتياجاتهم، سواء لإنشاء مشروعات جديدة أو التوسع أو لحل المشكلات القائمة. أخبار ذات صلة


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
السعودية تتصدر دول الخليج في السندات الخضراء والتحول يبدأ من المصارفثمانية مليارات دولار خضراء..طفرة في تمويل المشروعات المستدامة بالمملكة
شهدت المملكة تحولًا ملحوظًا في التمويل الأخضر ضمن قطاعها المصرفي خلال الأعوام القليلة الماضية، في سياق توجه شامل نحو التنمية المستدامة وتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، يأتي هذا التحول مدفوعًا بالتزامات وطنية كتعهّد المملكة بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2060، إلى جانب ارتفاع الوعي بالمخاطر البيئية وأهمية دمج الاعتبارات المناخية في القرارات المالية، وقد ارتفع حجم التمويل المستدام في السوق السعودية بصورة كبيرة، إذ نمت إصدارات السندات والصكوك الخضراء في المملكة من نحو 1 مليار دولار عام 2019 إلى ما يقارب 8 مليارات دولار في 2023؛ ما يعكس تصاعد اهتمام البنوك والشركات السعودية بتمويل مشاريع صديقة للبيئة، وهذا النمو يواكب التوجه الإقليمي أيضًا؛ فقد تضاعفت إصدارات السندات والصكوك الخضراء في منطقة الخليج لتصل إلى 24 مليار دولار خلال 2023، وكان للمملكة النصيب الأكبر منها وشهد سوق التمويل الأخضر السعودي نموًا متسارعًا وضعه في صدارة المنطقة جنبًا إلى جنب مع الإمارات، في عام 2023، تجاوز إجمالي إصدارات السندات والصكوك الخضراء على مستوى الخليج 24 مليار دولار، أي أكثر من ضعف العام السابق، وجاء معظم هذه الإصدارات من السعودية والإمارات، وترافق هذا النمو الإقليمي مع توسع سريع داخل المملكة نفسها؛ فبعد أن كانت إسهامات السعودية محدودة قبل بضع سنوات، باتت الآن تلحق سريعًا بركب الريادة. وتشير التقديرات إلى أن حجم الإصدارات الخضراء في السعودية قفز من حوالي 1 مليار دولار فقط عام 2019 إلى قرابة 8 مليارات دولار في 2023، ما يبرز التحول الجذري في توجه المصارف والشركات السعودية نحو أدوات التمويل المستدام. وقد تنوعت الجهات السعودية المصدرة لتلك الأدوات لتشمل مصارف كبرى وشركات وصناديق سيادية؛ فعلى سبيل المثال، أصدر بنك الراجحي صكوكًا مستدامة بقيمة 1 مليار دولار في مارس 2023 لتمويل مشاريع متوافقة مع المعايير البيئية والاجتماعية، وقد لاقت إقبالاً كبيرًا حيث تجاوزت طلبات الاكتتاب 3.75 مليارات دولار ما سمح بخفض تكلفة الإصدار. كما برز صندوق الاستثمارات العامة كلاعب رئيسي، إذ طرح سلسلة من السندات الخضراء في الأسواق الدولية لأول مرة على مستوى صناديق الثروة السيادية عالميًا، وجمع ما مجموعه 8.5 مليارات دولار من إصدارات 2022 و2023، ووفقًا لأحدث تقارير الصندوق، تم تخصيص حوالي 5.2 مليار دولار من هذه الحصيلة حتى منتصف 2024 لتمويل مشاريع بيئية في قطاعات الطاقة المتجددة والمباني الخضراء وإدارة المياه وغيرها. ومن دلائل تنامي الثقة العالمية في توجه السعودية المستدام، أن المملكة تمكنت في فبراير 2025 من إصدار أول سندات خضراء مقومة باليورو ضمن طرح دولي حجمه 2.25 مليار يورو (نحو 2.36 مليار دولار) جرى الاكتتاب فيه بأكثر من أربعة أضعاف حجم الإصدار – وقد خُصص 1.5 مليار يورو من هذا الطرح لشريحة خضراء لأجل 7 سنوات، في خطوة تؤكد التزام السعودية بتنويع مصادر التمويل ودعم أجندتها الخضراء. دور «ساما» والجهات التنظيمية لم يكن التحول نحو التمويل الأخضر في البنوك السعودية ليتحقق دون دعم وإطار تنظيمي محفّز من الجهات الرسمية، حيث لعب البنك المركزي السعودي (ساما) وهيئة السوق المالية وغيرها من الهيئات التنظيمية أدوارًا مهمة في تأسيس معايير وسياسات بيئية للقطاع المالي، فقد بادر البنك المركزي السعودي منذ عام 2021 إلى إطلاق إطار للتمويل المستدام يوجّه البنوك والمؤسسات المالية نحو دعم المشاريع الخضراء، من خلال وضع مبادئ إرشادية لتصنيف المشاريع المستحقة للتمويل المستدام واشتراطات للشفافية والإفصاح حولها، وضمن هذا الإطار، شجّعت ساما البنوك على ابتكار منتجات مالية خضراء مثل القروض والتسهيلات الائتمانية الخاصة بالطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، مع التأكيد على اتباع معايير دولية مثل مبادئ السندات الخضراء الصادرة عن الجمعية الدولية لأسواق رأس المال (ICMA) لضمان الاتساق مع أفضل الممارسات. كما اتخذت هيئة السوق المالية خطوات موازية لتعزيز الإفصاح البيئي والاجتماعي في السوق، فمنذ عام 2019 أصدرت الهيئة إرشادات للإفصاح عن الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) تلزم الشركات المدرجة – بما فيها البنوك – بالإفصاح عن معلومات تتعلق باستدامة أعمالها وتأثيراتها البيئية، وتُعد السوق المالية السعودية (تداول) من أوائل البورصات في المنطقة التي تبنّت تلك الإرشادات المبكرة، كما أطلقت مؤشرًا للاستدامة (ESG index) لتحفيز الشركات على تحسين أدائها البيئي والاجتماعي وتسليط الضوء على روّاد الاستدامة بين الشركات السعودية. إلى جانب ذلك، أخذت هيئة السوق المالية على عاتقها تهيئة البنية التحتية لإصدارات الأدوات الخضراء في سوق الدين؛ حيث عملت على إعداد الأطر التنظيمية لإدراج السندات والصكوك الخضراء وجذب المستثمرين المحليين والدوليين إليها، وهذا الدور التنظيمي النشط أسهم في ظهور إصدارات بارزة، مثل أول سند سيادي أخضر للمملكة في مطلع 2025، وكذلك إصدارات مستدامة من بنوك كبرى، مستفيدين من الإطار الذي هيأته الهيئة. من جهتها، دعمت وزارة المالية جهود التمويل الأخضر عبر المركز الوطني لإدارة الدين (NDMC)، الذي نشر في مارس 2024 إطار التمويل الأخضر السيادي للمملكة، وهذا الإطار يشكّل مرجعية لتوجيه استخدام عوائد السندات السيادية الخضراء نحو مشاريع محددة (كرفع كفاءة الطاقة، ومشاريع الطاقة المتجددة، والنقل النظيف، وإدارة المياه المستدامة وغيرها)، وذلك بما يتوافق مع إعلان السعودية استهداف الحياد الصفري 2060 وهدفها المرحلي بتخفيض 278 مليون طن من انبعاثات الكربون سنويًا بحلول 2030 ضمن مساهماتها المحددة وطنيًا بموجب اتفاق باريس، وقد تم بناء الإطار ليتماشى مع أفضل المعايير العالمية، بما فيها مبادئ ICMA، مما يكفل للمستثمرين توافق الإصدارات السعودية مع التوقعات العالمية للمصداقية البيئية. بين الفرص ورؤية 2030.. ملامح المستقبل للتمويل الأخضر ورغم التحديات تبدو آفاق الفرص الكامنة في التمويل الأخضر للبنوك السعودية واعدة، خاصة عند النظر إليها في إطار رؤية المملكة 2030 الطموحة، فالرؤية وضعت الاستدامة البيئية في صلب توجهاتها، بدءًا من مبادرات تشجير واسعة ضمن مبادرة السعودية الخضراء، مرورًا بمستهدف رفع إنتاج الطاقة المتجددة إلى 58.7 جيجاواط بحلول 2030 (تشكل حوالي نصف القدرة الحالية لتوليد الكهرباء)، وصولاً إلى تطوير مدن ومشروعات ضخمة مثل نيوم يتم تصميمها وفق مبادئ الاستدامة. وهذه الاستثمارات الضخمة في الاقتصاد الأخضر تحتاج إلى تمويل هائل، ما يفتح أمام البنوك مجالات أعمال جديدة للنمو، فعلى سبيل المثال، حقق مشروع الهيدروجين الأخضر في نيوم إغلاقًا ماليًا بحجم غير مسبوق بلغ 8 مليارات دولار عام 2023، ليكون أضخم مشروع أخضر تم تمويله في تاريخ المنطقة، وقد شاركت فيه تحالفات مصرفية محلية ودولية. ومثّل هذا المشروع مجرد بداية لسلسلة مشاريع الطاقة النظيفة (شمسية، رياح، هيدروجين، شبكات ذكية) والبنية التحتية منخفضة الكربون التي تعتزم المملكة تنفيذها خلال العقد الجاري، ومن شأن هذه المشاريع أن تخلق طلبًا متزايدًا على الخدمات المالية –من قروض الشركات الخضراء إلى سندات البنية التحتية المستدامة وحتى تأمينات المناخ– مما يعني أن المصارف التي تطور خبرتها ومنتجاتها في هذه المجالات ستجني فوائد كبيرة. إضافة إلى ذلك، سيكمل التحول الرقمي المتسارع في القطاع المالي السعودي التحول الأخضر ويعززه، فالبنوك السعودية قطعت أشواطًا في تبني التقنيات المالية (فنتك) والحلول الرقمية لتحسين كفاءة عملياتها وتوسيع نطاق خدماتها، وهذه الرقمنة تحمل آثارًا إيجابية بيئيًا بشكل مباشر وغير مباشر؛ فتطبيقات المصرفية الإلكترونية والمدفوعات الرقمية تقلل الاعتماد على الأوراق والمعاملات التقليدية كثيفة الموارد، مما يخفض البصمة الكربونية التشغيلية للبنوك. والأهم من ذلك، أن التحول الرقمي يتيح للبنوك جمع ومعالجة كميات ضخمة من البيانات عن الاقتصاد والعملاء، وبالتالي يمكن توظيف حلول تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي في تقييم المخاطر البيئية وفرز الفرص الخضراء، وعلى سبيل المثال، يمكن لمنصات إقراض رقمية متقدمة أن تجمع بيانات آنية عن كفاءة الطاقة في منشآت العميل أو ممارساته البيئية عبر إنترنت الأشياء، فتساعد مسئول الائتمان في تقدير أهليته لقرض أخضر بشروط ميسرة، كما ظهرت شركات فينتك خضراء تقدم حلولاً كمنصات لتداول الشهادات الكربونية أو تسهيل المدفوعات الصديقة للبيئة، ويستطيع القطاع المصرفي تبني هذه الابتكارات لتعزيز دوره في الاقتصاد المستدام، وقد شهدنا مؤخرًا شراكات بين بعض البنوك وشركات التقنية المالية لابتكار منتجات مشتركة تراعي الأبعاد البيئية، ما يشير إلى أن التزاوج بين الرقمنة والاستدامة سيكون سمة رئيسية للمرحلة المقبلة. ولا يمكن إغفال الدعم الحكومي المستمر كفرصة سانحة، فبجانب الأطر التنظيمية، رصدت الدولة موارد مالية كبيرة عبر صناديقها التنموية والسيادية لتوجيه الاقتصاد نحو مسار أكثر اخضرارًا، فعلى سبيل المثال، التزمت صناديق التنمية الوطنية بتخصيص نسب من محافظها لتمويل المشاريع الخضراء، كما أطلقت مبادرات مثل برنامج ضمان التمويل الأخضر لتشجيع المصارف على تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة في مجالات التكنولوجيا النظيفة عبر تقديم ضمانات حكومية، أما صندوق الاستثمارات العامة فقد توسع بقوة في الاستثمارات المستدامة داخليًا وخارجيًا، حيث حدد محفظة مشروعات خضراء بقيمة 19.4 مليار دولار تشمل الطاقة المتجددة والبنية التحتية المستدامة، مما يعني فرص تمويل وإنشاء شراكات مع البنوك لتنفيذ هذه المشاريع. نظرة المستثمرين العالميين وباتت نظرة المستثمرون العالميون إلى السوق السعودية أكثر إيجابية مع بروز التزام المملكة بأجندة المناخ، فالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في إطار رؤية 2030، مع مبادرات مثل استراتيجية الرياض للاستدامة وإعلان أهداف وطنية لخفض الانبعاثات، كل ذلك يحسّن تصنيف السعودية في معايير الاستثمار المستدام (ESG) ويجذب الصناديق الدولية الباحثة عن الفرص في الأسواق الناشئة الملتزمة بالاستدامة. وقد شهدنا إدراج السعودية في مؤشرات عالمية للسندات الخضراء إثر إصداراتها السيادية الأخيرة، ما سيشجع مزيدًا من التدفقات الاستثمارية إلى أدوات الدين الخضراء الحكومية والخاصة على حد سواء. كما أن تصدر المملكة إقليميًا في حجم الإصدارات المستدامة يضعها تحت الأضواء كمركز مالي صاعد في مجال الاستدامة، وخاصة مع سعي بعض الشركات السعودية لإدراج أسهمها في مؤشرات استدامة دولية وجذب مستثمري الاستدامة. وبالنظر إلى انعكاسات التمويل الأخضر على القطاع المالي المحلي، يمكن القول إنها انعكاسات بنيوية إيجابية على المدى الطويل، إذ يدفع التركيز على التمويل المستدام البنوك إلى تحسين إدارة المخاطر وتوسيع منظورها ليشمل المخاطر المناخية والفرص البيئية، مما يعزّز متانتها المستقبلية، كما أن تطوير خبرات في مجال الاستدامة سيمكن البنوك السعودية من تنويع محافظها بعيدًا عن التركيز التقليدي على قطاعات النفط والعقارات، وبالتالي توزيع المخاطر بشكل أفضل. ومن جهة أخرى، يخلق التمويل الأخضر منتجات مالية مبتكرة (كسندات خضراء وصكوك مستدامة وتمويل الكفاءة والطاقة المتجددة للأفراد) ما يمنح البنوك مصادر دخل جديدة ورسوم ترتيب وإدارة لتلك الإصدارات، إضافة إلى ذلك ستبني البنوك أجندة خضراء يعزز صورتها وسمعتها محليًا ودوليًا، وهو ما بدأنا نرى بوادره بفوز بعض البنوك السعودية بجوائز إقليمية ودولية في مجال ESG تقديرًا لاستراتيجياتها المستدامة. ويبدو التمويل الأخضر في البنوك السعودية مهيأً للانتقال من مرحلة المبادرات الفردية إلى عنصر أساسي في نشاط القطاع المالي، وبينما تواصل الجهات التنظيمية صقل الأطر والمعايير لضمان مصداقية هذا التوجه، ستستمر البنوك بالتكيف وابتكار نماذج أعمال مرنة توازن بين الربحية والمسؤولية البيئية. وبدعم رؤية 2030، يتوقع أن يتحول التمويل الأخضر من مجال متخصص إلى ركيزة نمو جديدة للقطاع المصرفي، تساهم في تنمية اقتصادية مستدامة وتحافظ على استقرار مالي طويل الأمد في وجه التحديات البيئية المستقبلية، وكما أشارت دراسة حديثة، فإن الاستثمارات الخضراء المطلوبة لمواجهة تحديات المناخ في المنطقة هائلة وتتطلب مشاركة فعالة من القطاع الخاص والبنوك، وفي هذا السياق، لدى البنوك السعودية فرصة تاريخية لتثبت موقعها الريادي إقليميًا وتكون جزءًا من الحل العالمي للتغير المناخي، عبر تمويل اقتصاد سعودي أخضر ومتنوع يقل اعتماده على الكربون ويزخر بالابتكار والمسؤولية.


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
عقاراتنا وثقافة «افرق السوم»
لو عدنا للأصل لوجدنا أن العقار منتج عيني يرتبط بالحاجة لا بالعرض الافتراضي، ومن ثم فإن حقيقة المشكلة اليوم تكمن في غياب التوازن بين عرض حقيقي مقنع وطلب جاد ينتظر الفرصة. هناك كثير من العقارات المعروضة، لكن القليل منها يتصف بالجدية، سواء من حيث السعر، أو الموقع، أو اكتمال الخدمات، أو سلامة الصك، أو الاستعداد للتفاوض تبدو المشكلة للوهلة الأولى كما لو كانت بسبب "ضعف الطلب" أو "شح السيولة" أو "ارتفاع الفوائد البنكية" أو غير ذلك؛ لكن كل تلك أسباب ثانوية تُخفي خلفها المعضلة الحقيقية. الواقع العقاري يحدثنا أنه قد لا يعاني من قلة المشترين بل من ندرة الصفقات الجادة، بين بائع متردد ومشترٍ ضائع حائر بين الخيارات غير الواقعية. من يراقب السوق العقاري في الرياض يلاحظ بوضوح أن كثيرًا من العروض العقارية المطروحة كأنها ليست عروضًا حقيقية للشراء، بل أشبه ما تكون بـ"استعراض تسعيري" أو "مضاربة صامتة"، حيث يضع بعض البائعين أسعارًا تفوق منطق السوق بكثير، ثم لا يُبدي أدنى مرونة في التفاوض، بل وقد لا يستجيب للاستفسارات الجادة أصلًا، ما يجعل تلك العروض جزءًا من ازدحام رقمي أكثر من كونها فرصًا حقيقية. يظن بعض البائعين أن تمسكهم بأسعارهم المرتفعة سيجعلهم يربحون أضعافًا، متناسين أن الركود أطول عمرًا من الطمع، وأن تكرار الإعلانات دون بيع لا يضيف لقيمة العقار شيئًا، بل قد يقلل من جاذبيته بمرور الوقت. هذا "الجشع السعري" هو ما يُضعف السوق ويبرز انطباعًا بأن الأسعار متضخمة حتى وإن لم تكن هناك صفقات حقيقية تدعم تلك الأرقام. على الطرف الآخر، يقف المشتري حائرًا. هو لا يرفض الشراء، بل يبحث عن عقار مناسب بسعر عادل، لكن كلما اقترب من قرار الشراء، قد يجد نفسه أمام أراضٍ عليها متطلبات، أو عقارات لم تكتمل خدماتها عبر عروض مبالغ في قيمتها، أو بائعين غير جادين لذا، لا يتراجع عن الشراء من باب العجز، بل من باب "عدم الثقة في المعروض"، وهو أمر منطقي في ظل غياب الشفافية في كثير من المنصات العقارية. هنا لا يعود القرار بيد المشتري فقط، بل يصبح السوق بيئة طاردة للصفقات، تُحبط الداخلين، وتدفع الجادين إلى الانتظار أكثر، أو إلى البحث في مدن أخرى أقل تضخمًا. لو عدنا للأصل لوجدنا أن العقار منتج عيني يرتبط بالحاجة لا بالعرض الافتراضي، ومن ثم فإن حقيقة المشكلة اليوم تكمن في غياب التوازن بين عرض حقيقي مقنع وطلب جاد ينتظر الفرصة. هناك كثير من العقارات المعروضة، لكن القليل منها يتصف بالجدية، سواء من حيث السعر، أو الموقع، أو اكتمال الخدمات، أو سلامة الصك، أو الاستعداد للتفاوض. وبالتالي، فإن السوق لا يعاني نقصًا في المشترين، بل يعاني من غياب "المعروض الناضج" الذي يمكن التعامل معه بمرونة وتفاهم، وهو ما يتطلب تحولًا في ثقافة البيع والشراء وتغيراً في وعي أطراف العقار. مع إدراكنا أن المنطق الاجتماعي المتداول يرى أن ملك كل شخص هو "حلاله" وبكيفه يبيع، أو يرفض، يزيد السعر، أو يشترط بمزاجه ولا أحد يجبره وهذا عرف مجتمعي وهذا بسبب تعزيز ذاتية الجشع والانتهاز وإخضاع النوايا بالبيع إلى أطماع وخشية من الخسارة أو فقدان المزيد من الربح مستقبلاً وهذا توجه يكرس تجاهل التوجيه النبوي "رحم الله رجلاً سمحـًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى". لذلك تترسخ مسألة مهمة أن هناك إشكالية في نفسية البائع وشعوره بالبرود أحياناً عند عرضه لعقاره لذلك نشاهد الإعلانات المتكررة، أو غير الجادة، أو الانسحاب والتردد عند جدية المشتري، أو تعقيد البيع بثقافة "افرق السوم" توقعاً منه أن هناك رقماً سيخسره لو حدد سعراً نهائياً مناسباً فهو يريد المزيد لو لم يستحق عقاره مع أن هذا الفرد عندما يكون مشترياً سيكون منتقداً ومتذمراً وكذلك هناك حالة عجيبة تعليق البيع بشروط غريبة كربطها بتوزيع السعي ومحاولة اقتناص حصة منه. كذلك تجد حالة من الاستغراق النفسي عند بعض مكاتب الوساطة العقارية بسبب تقديم حرصهم على كامل السعي حتى لو لم يبع العقار لذلك يحبسه ذلك عن منفعة البائع لذلك يعيش في جو من البلادة العقارية إذا شعر بأن نصيبه من السعي سيتضاءل ويتقسم بين فريق من المشاركين كذلك للأسف أنه لا توجد آلية نظامية تسهم في إجراء تسعير منطقي عبر مقارنات حقيقية بالسوق. لذلك من المهم أن تُقيمّ العقارات بناءً على الموقع، والمساحة، والعمر، والخدمات، مما يساعد على كشف التضخم السعري غير المنطقي. والمأمول أن هيئة العقار تدرس إطلاق منصة موثوقة للعقارات الجاهزة للشراء فقط: وتُدار من جهة موثوقة، يتم فيها التأكد من جاهزية الصك والتسعير الواقعي قبل النشر، وتُعرض فيها العقارات التي يقبل أصحابها مبدأ التفاوض المنطقي. ولاشك على الجهات ذات العلاقة بالعقار ومراكز التواصل المرتبطة بها يكون لديها برامج عن التوعية المجتمعية بواقعية التسعير عبر الحملات الإعلامية التي توضح للناس الفارق بين السعر العادل والتضخم الوهمي، وتبرز آثار الجشع العقاري على السوق والاقتصاد المجتمعي الأسري. إن أزمة العقار في الرياض ليست أزمة طلب ولا أزمة تمويل فحسب، بل هي أولًا وأخيرًا أزمة تفاهم بين من يبيع ولا يريد أن يبيع، ومن يشتري ولا يجد ما يستحق الشراء. ما لم تتغير هذه المعادلة. ويبقى القول: السوق سيبقى مرآة لجشع بعض الأطراف، وتردد البعض الآخر، وسط ضياع فرص حقيقية للنمو والاستقرار السكاني. السوق بحاجة لتوازن، ولعروض واقعية محددة بالنوايا السمحة بعيدة عن ثرثرة "افرق السوم" و"على الشور" تتحدث بلغة الأرض لا لغة الأمنيات، حينها فقط سيكون العقار في الرياض فرصة حقيقية لا سراباً..