
الموروث والتراث بالسرد الأردني.. قراءة في "سفر برلك ودروب القفر"
عزيزة علي
اضافة اعلان
عمان – يسلط كتاب "توظيف الموروث في رواية (سفر برلك ودروب القفر) لسليمان القوابعة"، للباحثة شهناز عيسى محمد مقابلة، الضوء على الكيفية التي جرى بها استحضار الموروث الثقافي والاجتماعي والديني في الرواية الأردنية المعاصرة، من خلال دراسة تحليلية تطبيقية لرواية "سفر برلك ودروب القفر" للروائي الأردني سليمان القوابعة.يتناول الكاتب الصادر عن دار أزمنة للنشر والتوزيع، مفهوم الموروث بوصفه مكونا أساسيا من مكونات الهوية، وتسعى إلى تتبع حضوره في العمل الروائي، لا بوصفه عنصرا زمنيا ماضويا فقط، بل بوصفه أداة فنية ودلالية في بناء النص.وتكمن أهمية هذا الكتاب في كشفه عن الأساليب السردية والفنية التي استعان بها القوابعة لتطويع الموروث داخل البنية الروائية، بما يخدم الرؤية الفنية والموضوعية للرواية.واعتمدت الباحثة منهج نقد السرديات الذي يجمع بين التحليل الفني والدراسة الموضوعية، متناولة الجوانب النظرية والتطبيقية عبر فصلين رئيسيين، تناولا المضمون التراثي من جهة، والأسلوب الفني لتوظيفه من جهة أخرى. كما توضح الدراسة الأبعاد الرمزية والتاريخية والاجتماعية التي شكلها التراث في الرواية، وتسعى إلى إبراز دور الرواية الأردنية في حفظ الموروث، وإعادة إنتاجه سرديا، بما يتوافق مع قضايا المجتمع وتاريخه.ويأتي هذا الكتاب في سياق الاهتمام المتزايد بالأدب الأردني، والرغبة في تقديم قراءة نقدية جادة لأعمال روائية تركت أثرا واضحا في تشكيل الوعي الجمعي، وفي توثيق مراحل تاريخية مفصلية، كفترة الحكم العثماني وسياسة "السفر برلك" التي شكلت جزءا من المعاناة الجماعية في الوجدان العربي.في مقدمتها للكتاب، تبين المؤلفة أن من ينظر في تاريخ آداب الأمم إنما يتأمل في عقول أبنائها، وما أبدعته قرائحهم من أدب وعلم وثقافة. وتعد الرواية أحد الأجناس الأدبية الأكثر تأثيرا، لما تحمله في طياتها من عناصر التشويق والإثارة، ولما تحتويه من خيال خصب. فهي من أكثر الأجناس الأدبية انتشارا، وهي الناطقة باسم الشعوب وقضاياهم.وتعد الرواية الأردنية جزءا لا يتجزأ من هذا الجنس الأدبي، فعلى الرغم من تأخر ظهورها مقارنة بالدول المجاورة كفلسطين وسورية، فقد استطاعت أن تترك بصمتها على الساحة الأدبية. وقد تناولت الرواية الأردنية العديد من القضايا المحلية والإقليمية، وكان التراث الأردني أحد الموضوعات التي تناولتها هذه الروايات.ومن هذا المنطلق، جاءت رغبة الباحثة في دراسة توظيف الموروث في رواية "سفر برلك ودروب القفر"، للأديب سليمان القوابعة، محاولة الوقوف على حضور التراث في الرواية الأردنية المعاصرة، من خلال التعرف إلى المادة التراثية التي وظفها الكاتب، وقدرته على توظيفها، والاهتمام بالطرائق الفنية والأسلوبية التي استعان بها في إدخال الموروث ضمن البناء الروائي، إلى جانب بيان الدلالات التي اكتسبتها الرواية نتيجة هذا التوظيف.وتحدثت مقابلة عن أهمية هذه الدراسة، قائلة إنها تكمن في إبراز دور الموروث في الرواية الحديثة، وقدرة الكاتب على توظيفه في بناء العمل الروائي، على توظيف الموروث وصولا لبناء روايته، إضافة إلى الاهتمام بالأدب الأردني الذي كتب عن تاريخ الأردن وموروثه الثقافي.وسعت الدراسة إلى تحقيق أهداف عدة، أبرزها، "التعرف إلى الموروث ووظيفته في العمل الأدبي. دراسة رواية (سفر برلك ودروب القفر)، وإبراز الموروث الأردني المرتبط بأواخر العصر العثماني. إظهار أهمية الرواية الأردنية واهتمامها بالموروث المتصل بتاريخ المنطقة. إبراز صورة المجتمعات البدوية والريفية وثقافتها في إطار الجغرافيا العثمانية الواسعة التي انتمت إليها الرواية. تحليل الطرائق الفنية والأساليب المرتبطة بتوظيف الموروث وتطويعه ضمن الشكل الروائي الحديث. بيان قدرة الكاتب على توظيف الموروث بما ينسجم مع رؤيته الفنية ويخدم تشكيل النص الأدبي". أما عن المنهج الذي اتبعته في هذه الدراسة، فتشير المؤلفة إلى أنها اعتمدت منهج نقد السرديات، كونه الأنسب لمثل هذا النوع من الدراسات، من خلال إبراز دور الموروث في الرواية الحديثة، وكيفية الإفادة منه في بناء العمل الروائي، وكذلك للكشف عن رؤية الكاتب وعالمه النفسي وما يدور في ذهنه من أفكار. وقد ارتكزت الدراسة على جانبين، وصفي في الجانب النظري، وتحليلي في الجانب التطبيقي.تقول مقابلة إن هذه الدراسة جاءت في تمهيد، ومقدمة، وفصلين، وخاتمة، مرفقة بقائمة المصادر والمراجع، وقد جاءت على النحو الآتي:المقدمة: تحدثت عن الأجناس الأدبية عموما، والرواية بشكل خاص، كما عرضت موضوع الدراسة وأهميتها وأهدافها، واستعرضت الدراسات السابقة ذات الصلة.التمهيد: خصص للحديث عن الأديب سليمان القوابعة، وسيرته وحياته العلمية، إضافة إلى تناول مفهوم الموروث والرواية وتعريفها لغة واصطلاحا، لدى القدماء والمحدثين.الفصل الأول، تناول المضمون التراثي في رواية "سفر برلك ودروب القفر"، حيث جرى تصنيف هذه المضامين وتحليلها بحسب ورودها في بيئة الرواية. أما الفصل الثاني، فيتحدث عن دراسة فنية لتوظيف الموروث، من خلال تحليل الشخصيات، والأسلوب، واللغة، والحوار.وفي خاتمة الكتاب، تؤكد المؤلفة أنها اعتمدت منهج نقد السرديات في تحليل رواية "سفر برلك ودروب القفر" للروائي الأردني سليمان القوابعة، من خلال تطبيق أدوات هذا النوع من النقد، بهدف إبراز توظيف الموروث، والتعرف إلى المادة التراثية التي استخدمها الكاتب في روايته. فالموروث الثقافي، والديني، والفكري، والأدبي، والفني، يعد مضمونا مشتركا بين الشعوب العربية، وهو تركة فكرية وروحية، تصوغ هوية الأمة وتخلد تراثها.وتشير الباحثة إلى أن هذه الدراسة قدمت صورة واضحة للمجتمعات البدوية والريفية وثقافتها في الجغرافيا العثمانية الواسعة التي تدور فيها أحداث الرواية، وأنها توصلت من خلال تحليلها إلى نتائج يمكن أن تكون مدخلا مهما للاحتفاء بالموروث وتوثيقه، ليكون مرجعا ثقافيا نستمد منه بطولات الأجداد وإرثهم الحضاري.ومن بين النتائج المهمة التي توصلت إليها الدراسة، أن الكاتب جعل الراوي في الرواية شابا، ليبرز أن سياسة السفر برلك كانت تستهدف فئة الشباب، وهو ما أدى إلى إضعاف الدولة العربية نتيجة فقدانها الفئة العمرية الأقدر على النهوض بها. إن عودة الراوي إلى التاريخ وربطه بالواقع الحالي، تؤكد أن التاريخ ليس مجرد سرد للأحداث، بل هو ذاكرة وعبرة. إن ما عاشه المواطن العربي من ظلم وتهميش في الجغرافيا العثمانية، كان نتيجة لسطوة الدول الكبرى واستبدادها.إن الصحراء الأردنية كانت حاضرة بقوة في الرواية، من خلال عمقها التاريخي، ونسيجها الاجتماعي المتماسك، ومجتمعها المتحاب المنفتح على فلسطين والشام والحجاز، عبر علاقات النسب والدم. إن الرواية كشفت عن حجم التضحية والفداء التي قدمها الأجداد في سبيل نيل الحرية، رغم شح الإمكانيات. والكشف عن أنواع الموروث في الجغرافيا العثمانية: المادي، والمعنوي، والديني، والتاريخي، وكلها تكون لوحة فنية ثمينة. إبراز الأثر الفني للغة والحوار والأسلوب والوصف في توظيف الموروث ورسم ملامح التراث في الرواية.وتخلص مقابلة إلى أن رواية "سفر برلك ودروب القفر"، ما تزال بحاجة إلى مزيد من الدراسات والأبحاث العلمية، كونها لم تحظَ بالعناية الكافية من النقاد والباحثين، مقارنة بروايات أخرى لسليمان القوابعة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 44 دقائق
- رؤيا نيوز
الشرع يزور درعا للمرة الأولى منذ الإطاحة بالأسد
زار الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع الجمعة مدينة درعا الجنوبية، مهد الانتفاضة في البلاد، وذلك للمرة الأولى منذ إطاحة الرئيس بشار الأسد قبل نحو ستة أشهر. ونشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا لقطات تظهر حشودا تحيي الشرع الذي شوهد وهو يحيي الناس ويصافحهم خلال الزيارة التي جاءت في عطلة عيد الأضحى. وزار الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب الجامع العمري في درعا، وفق بيان الرئاسة التي نشرت صورا للزيارة تُظهر الرئيس الانتقالي وسط الحشود. وأفادت سانا بأنه التقى مسؤولين محليين مدنيين وعسكريين، إضافة إلى وفد من الأقلية المسيحية. وقال محافظ درعا أنور الزعبي في بيان «تُثمن محافظة درعا، الزيارة الكريمة التي قام بها السيد الرئيس أحمد الشرع إلى محافظة درعا، مهد الثورة السورية، والتي شكّلت محطة هامة في مسار التعافي الوطني، ورسالة واضحة بأن درعا كانت وستبقى في قلب الوطن وموضع اهتمام القيادة». في العام 2011 اعتقل فتية في درعا بسبب رسم غرافيتي ضد الأسد، ما أثار احتجاجات في مختلف أنحاء البلاد. بعد اندلاع الحرب إثر قمع وحشي للاحتجاجات، سيطرت فصائل مسلّحة معارضة على درعا حتى العام 2018 حين استعادت قوات الأسد المدينة باتفاق أبرم بوساطة روسية أتاح للمقاتلين الاحتفاظ بأسلحتهم الخفيفة. في السادس من كانون الأول/ديسمبر حين كانت هيئة تحرير الشام بقيادة الشرع تشن هجوما خاطفا على دمشق من شمال غرب البلاد، تم تشكيل تحالف من الجماعات المسلحة في محافظة درعا للمؤازرة في إطاحة الأسد. وسقط الأسد بعد يومين من ذلك. وشهدت المحافظة اضطرابات في السنوات الأخيرة. إطلاق صواريخ واعتداءات إسرائيلية وكانت درعا قد شهدت قبل ثلاثة أيام اعتداءات إسرائيلية على خلفية إطلاق صواريخ منها على الجولان المحتل لأول مرة منذ سقوط نظام الأسد. وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أنه تم إطلاق صاروخين من درعا جنوبي سوريا، لكنهما سقطا في منطقة مفتوحة، من دون أنباء عن وقوع إصابات أو أضرار. وأشارت القناة 12 الإسرائيلية إلى سماع دوي انفجارات في سماء الجولان.


الغد
منذ ساعة واحدة
- الغد
تقرير عبري: خطوة أميركية غير مسبوقة في سوريا
تحدثت مصادر إعلامية عن إقامة قاعدة عسكرية أمريكية في سوريا وأن وفدا أمريكيا سيزور سوريا خلال أيام للتوقيع على اتفاق القاعدة، التي من المرجح أن تقام في التنف جنوب شرقي سوريا. وأوضح الصحفي من الجولان عطا فرحات أن "الحديث يدور عن وفد أمريكي سيزور سوريا خلال أيام، وسيوقع بشكل رسمي مع الحكومة السورية، على إقامة قاعدة عسكرية ثابتة على الأراضي السورية"، مشيرا إلى أن "هذا يحدث لأول مرة في تاريخ سوريا وجود قاعدة رسمية بموافقة الحكومة السورية". وأضاف: "تحدثت تسريبات أن تكون القاعدة في التنف، لأن التنف قاعدة أساسية بالفعل على الحدود السورية العراقية، في الصحراء السورية"، مبينا أن "هذه القاعدة ستبقى ثابتة هناك، وستكون قاعدة كبيرة، ومن المتوقع أن يكون طلب آخر وهو أن يكون قاعدة للولايات المتحدة قاعدة على الساحل السوري، وستكون أصغر". اضافة اعلان وذكر أن "هذه القواعد ستكون بمثابة تثبيت للجيش الأمريكي الذي تقلص عدده من ألفي مقاتل، إلى 500 مقاتل في سوريا"، مشيرا إلى أن "استثناء الرئيس ترامب سوريا من قائمة حظر الدخول للولايات المتحدة والتي كان يشملها الحظر دائما"، بحسب ما نقله موقع روسيا اليوم.


الغد
منذ 3 ساعات
- الغد
مراكز الإصلاح تفتح أبوابها لزيارات النزلاء خلال عيد الأضحى
فتحت مديرية الأمن العام أبواب الزيارة في مراكز الإصلاح والتأهيل أمام ذوي النزلاء خلال أيام عيد الأضحى المبارك، ضمن جهودها الإنسانية الرامية إلى تعزيز قيم التماسك والتكافل الاجتماعي، وتمكين النزلاء من التواصل مع أسرهم في هذه المناسبة المباركة. اضافة اعلان وقالت المديرية، إن مراكز الإصلاح والتأهيل تشهد توسعاً في الزيارات الاعتيادية والخاصة خلال أيام العيد، انسجاماً مع النهج الإصلاحي الذي تتبناه، والهادف إلى تعزيز الروابط الأسرية وترسيخ القيم الإيجابية لدى النزلاء. وأشارت إلى أنها وفرت التسهيلات كافة لضمان سير الزيارات بسلاسة، بما في ذلك زيادة عدد الزيارات الخاصة، وتوفير الاتصالات الهاتفية لجميع النزلاء الذين تعذر على ذويهم زيارتهم، تأكيداً على حرصها في دعم الجانب الإنساني والاجتماعي داخل مراكز الإصلاح.-(بترا)