logo
الاستعداد لتقديم الثمر في عظة الأحد للقس صموئيل ميلاد

الاستعداد لتقديم الثمر في عظة الأحد للقس صموئيل ميلاد

صدى البلدمنذ 2 أيام
أذيعت، أمس، كلمة للأب القس صموئيل ميلاد كاهن كنيسة السيدة العذراء والقديس يوسف البار بمنطقة سموحة في الإسكندرية، عبر قناة ON إحدى قنوات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وذلك في إطار برنامج عظة الأحد الأسبوعية.
وتناول الأب القس من خلال قراءات قداس اليوم، وهو الأحد الأول من شهر مسرى، وموضوع إنجيله وهو "مَثَل الكرامين الأردياء" في إنجيل معلمنا لوقا والأصحاح العشرين، وأشار إلى رسالة الله لنا من المَثَل، وهي مراجعة النفس في نهاية السنة القبطية، والاستعداد لتقديم الثمر والربح في الوزنات التي أعطاها الله لنا، وأن نكون عاملين بالكلمة، "وَأَيْضًا: «أَنَا أَكُونُ مُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ». وَأَيْضًا: «هَا أَنَا وَالأَوْلاَدُ الَّذِينَ أَعْطَانِيهِمِ اللهُ»" (عب ٢: ١٣).
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ماذا بعد زيارة الأربعين؟
ماذا بعد زيارة الأربعين؟

شبكة النبأ

timeمنذ 4 ساعات

  • شبكة النبأ

ماذا بعد زيارة الأربعين؟

لنجعل زيارة الأربعين نقطة انطلاق نحو حياة جديدة تشرق فيها أنوار الإيمان والعمل الصَّالح، حياة نُجسِّد فيها رسالة أبي عبدالله الحسين بكلِّ تفاصيلها، ونحيي بها الثَّورة على الظلم والطغيان، متمسكين بعهد الوفاء والثَّبات مهما تعاظمت العقبات في طريقنا؛ فالإيمان الحقيقي هو ذلك الالتزام المستمر الذي يدفعنا لأن نمضي قدمًا... زيارة الأربعين رحلة تقود الإنسان إلى كربلاء المقدَّسة، تتلاقى فيها خطوات الأقدام مع نبضات القلوب، فتتحوَّل كلُّ خطوة على الطَّريق إلى نداء يوقظ الوعي بأنَّ العمر فرصة ثمينة، واللحظة التي نعيشها قد لا تتكرر أبدًا. في درب الأربعين الحسيني، هناك نداء خفي يرافق كلَّ زائر؛ نداء أمير المؤمنين (عليه السلام): "أيُّها الناسُ ألآنَ، ألآنَ! مِن قَبلِ النَّدَمِ، ومِن قَبلِ (أنْ تَقولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللَّهِ وإنْ كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ* أو تَقولَ لَو أنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِن المُتَّقِينَ* أو تَقولَ حِينَ تَرَى العَذابَ لَو أنَّ لي كَرَّةً فَأكُونَ مِن المُحْسِنِينَ)(1)"(2). وكأنَّ الطَّريق يهمس في أذنك: الآن هو وقتك، الآن هو أوانك، قبل أن يتحوَّل الشَّوق إلى حسرة، وقبل أن تقول يومًا: "يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللَّهِ"؛ فالأربعين عهدٌ يعقده الزَّائر مع ربِّه (تبارك وتعالى) ومع إمامه (عليه السلام) ومع نفسه، بأن يكون باقي أيَّامه امتدادًا لخطواته في هذا الدَّرب. وعلى امتداد هذا المسير المبارك، تتجلَّى حقيقة أخرى أطلقها الإمام علي (عليه السلام): "اِنتَهِزُوا فُرَصَ الخَيرِ؛ فإنّها تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ"(3)؛ فإنّك في الأربعين أمام غيمة رحمة، وسحابة إلهيَّة تمطر على القلوب، فإن فتحت قلبك لها ارتويت إيمانًا ووفاءً، وإن أغلقت قلبك عنها مرَّت سريعًا، كما تمر السُّحب في سماء لا تنتظر أحدًا. هنا يدرك الزَّائر أنَّ ما يعيشه موسم ربَّاني لو عرف قيمته لبذل فيه كلَّ ما يستطيع من طاعة وإصلاح. وفي كلِّ لحظة على الطَّريق، يذكِّرك الإمام الحسن (عليه السلام) بحقيقة العمر بقوله: "يابنَ آدمَ، إنَّكَ لم تَزَلْ في هَدمِ عُمرِكَ مُنذُ سَقَطتَ مِن بَطنِ اُمِّكَ، فَخُذْ مِمَّا في يَدَيكَ لِما بَينَ يَدَيكَ؛ فإنَّ المؤمنَ يَتَزوَّدُ، والكافِرَ يَتَمتَّعُ"(4)؛ فالأيَّام تتساقط من حياتك كما تتساقط حبَّات الرَّمل من بين أصابعك، ولن يبقى لك إلَّا ما تزودت به في محطَّات النُّور؛ لأنَّ المؤمن يتزوَّد، والكافر يتمتع، وفي الأربعين الحسيني أنت تختار: أتكون ممَّن جمع الزَّاد، أم ممَّن أضاع العمر في اللهو والفراغ؟ لكن المسألة لا تقف عند نهاية الطَّريق. فما إن ينتهي المسير وتعود الأقدام إلى الدِّيار، حتَّى يبقى السُّؤال حاضرًا في قلب كلِّ مؤمن ومؤمنة: كيف أُبقي ذلك النُّور الذي أضاء قلبي في الأربعين؟ وكيف أحوّل المشاعر التي غمرت كياني في الأربعين إلى وقود دائم لمسيرتي؟ هنا يكمن الجواب العميق: أن تجعل الأربعين موعدًا دائمًا يسكن قلبك لا ورقةً في تقويمك، وأن تحوِّل أيَّامك كلَّها إلى مسيرة تمضي فيها مع الإمام الحسين (عليه السلام). وأن تحمل نوره في تفاصيل حياتك؛ في كلماتك وأعمالك، في قراراتك واختياراتك، حتَّى يصبح الإمام الحسين (صلوات الله عليه) رفيق أنفاسك، وشعاره نبض عمرك، فلا يحدُّه زمن ولا تحجبه المسافات. ولكي نستثمر بركات زيارة الأربعين بعد انقضائها، لا بدَّ أن نجسِّدها في حياتنا عبر جملة من المحاور: المحور الأوَّل: الحفاظ على آثار الزيارة. من المعلوم أنَّ زيارة الأربعين ليست حدثًا عابرًا، وإنَّما نفحة إلهية تُودع في القلب نورًا لا يبهت، وشعورًا بالسَّكينة والطَّمأنينة يتجاوز حدود الزَّمان والمكان، فهي جسر يصل بين لحظات الاستقامة التي عاشها الزَّائر في كربلاء، وبين تفاصيل حياته اليوميَّة التي تحتاج إلى دوام الاتصال بنهر الإيمان والعمل الصَّالح. لكن هذا الأثر العظيم يبقى ناقصًا إن لم نحرص على رعايته وتغذيته بعد العودة من الزِّيارة. وأوَّل ما يحفظ هذا النُّور أن يبقى ذكر الله (تعالى) حيًّا في وجدانك، حاضرًا في عملك، يرافقك في كلِّ حركة وسكون؛ فإنَّ ذكر الله (تعالى) سكينة للقلوب، ومرفأ أمان تلجأ إليه في كلِّ لحظة، ثمَّ يجيء ذكر الإمام الحسين (عليه السلام)، ليكون إشعالًا متجدِّدًا لمصباح الهداية في قلبك؛ وكلَّما استحضرت سيِّد الشهداء (عليه السلام)، عادت إليك تلك العزيمة التي غمرت قلبك وأنت تمضي في درب الأربعين، ويبقى هذا الذكر المستمر هو الملاذ والجسر الذي يصلك به مهما باعدت بينكما المسافات. وفي هذا المعنى، يضيء لنا الإمام الرضا (عليه السلام) طريق الاستمرار، حين قال: "إنَّ يَومَ الحُسَينِ عليه السلام أقرَحَ جُفونَنا، وأسبَلَ دُموعَنا، وأذَلَّ عَزيزَنا، بِأَرضِ كَربٍ وبَلاءٍ أورَثَتنَا الكَربَ وَالبَلاءَ، إلى‏ يَومِ الانقِضاءِ، فَعَلى‏ مِثلِ الحُسَينِ عليه السلام فَليَبكِ الباكونَ، فَإِنَ‏ البُكاءَ يَحُطُّ الذُّنوبَ العِظامَ"(5). ومن يتأمَّل في هذه الرِّواية الشَّريفة سيجد دعوة صريحة لأن يبقى الإمام الحسين (عليه السلام) حاضرًا في قلوبنا ودموعنا طوال العمر، في كلِّ يومٍ من أيَّام حياتنا، لا في مواسم محدودة مثل عاشوراء أو الأربعين. ولا ينبغي أن نغفل عن قراءة الأدعية والأذكار التي رافقتنا في الطَّريق، فإنَّها أنفاس تحمل المعاني السَّامية التي أبقت القلب متوهجًا أيَّام الزيارة. وكل تلاوة منها تجدد العهد وتفتح أبواب الرَّحمة، ليبقى القلب متصل بحضور الإمام الحسين (عليه السلام) حتَّى من وراء المسافات. إنَّ المحافظة على هذه العبادات، وعلى تجديد العهد مع أبي عبدالله الحسين (عليه السلام)، تجعل من زيارة الأربعين نقطة انطلاق لحياة جديدة، ثابتة على المبادئ، قريبة من الله (تعالى)، ومشرقة بأنوار الإمام الحسين (عليه السلام). وعندها يتحوَّل الأثر من ذكرى جميلة إلى قوَّة دافعة نحو الخير والتَّضحيَّة، في كلِّ لحظة من لحظات العمر. المحور الثَّاني: تطوير النفس. وبعد أن عاش الزَّائر تلك اللحظات الإيمانيَّة، تبدأ المرحلة التَّالية، وهي أن تبقى تلك المشاعر حاضرة ومتجددة في سلوكياته وأعماله اليومية؛ لأنَّ زيارة الأربعين هي انطلاقة تعيد ترتيب بوصلة الحياة، وتفتح أبواب النُّور لمن أراد أن يجعل من كربلاء منبعًا لطريق راسخ وإيمان متجدِّد. أولى خطوات هذا التَّطوير تتمثَّل في مراقبة النَّفس بصدق ووضوح، وأن نواجه بجرأة ما يبعدنا عن درب الحقِّ والعدل، وأن نحاربه بإرادة صلبة. وأن يتجسَّد هذا الارتباط العميق في أفعالنا واختياراتنا التي تشكِّل هويتنا الحقيقيَّة؛ وبعد ذلك ننتقل إلى مرحلة محاسبة النَّفس؛ التي هي بمثابة مرآة صادقة نطلُّ منها على أخطائنا، ونقيِّم من خلالها خطواتنا نحو الأفضل، ونراجع فيها ما كنَّا عليه، ونحدِّد أين يمكن أن نتحسن، وكم اقتربنا من القيم العظيمة التي نستمدها من ذكرى الإمام الحسين (عليه السلام). وعن طريق هذه المحاسبة المنتظمة، نبني الجسور المتينة بين إرادتنا وحياتنا، فتتحوَّل كلُّ خطوة إلى مسار مدروس نحو الكمال الإنساني؛ ولذلك نجد الإمام عليًّا (عليه السلام) يحثنا على محاسبة أنفسنا باستمرار، فيقول: "ما أحَقَّ الإنْسانَ أنْ تَكونَ لَهُ ساعةٌ لا يَشْغَلُهُ شاغِلٌ، يُحاسِبُ فيها نَفْسَهُ، فيَنْظُرُ فيما اكْتَسَبَ لَها وعلَيها في لَيلِها ونَهارِها"(6)؛ فهذا الوقت المخصص للمراجعة الذَّاتية يشكِّل نقطة انطلاق نحو الثَّبات في طريق الاستقامة. ويؤكد الرسول الأعظم محمَّد (صلَّى الله عليه) وآله على أهميَّة المراقبة الدقيقة للنفس، حين يقول: "لا يَكونُ الرّجُلُ مِن المُتَّقينَ حتّى يُحاسِبَ نَفسَهُ أشدَّ مِن مُحاسَبَةِ الشَّريكِ شَريكَهُ، فَيعْلَمَ مِنْ أينَ مَطْعَمُهُ؟ ومِن أينَ مَشْرَبُهُ؟ ومِنْ أينَ مَلْبَسُهُ؟ أمِن حِلٍّ أمْ مِن حَرام ؟"(7). وهذا التَّأكيد يجسِّد ضرورة أن تبقى وسائل الحياة نقيَّة، بما يعزِّز صفاء الإيمان وعمقه وصدق الانتماء إلى طريق الحقِّ. وبجانب ذلك، يبرز الالتزام بتغيير العادات القديمة التي تعيق تقدمنا؛ فالكثير من هذه العادات تكون متجذرة منذ زمن بعيد؛ لكن زيارة الأربعين تمنحنا دفعة قويَّة لنفتح صفحة جديدة مع أنفسنا؛ فنعمل على إعادة ترتيب حياتنا، للتخلص من كلِّ ما يثقل كاهل النَّفس، والتَّمسك بكلِّ ما يقرِّبنا إلى الله (عزَّ وجلَّ) وإلى قيم الحقِّ والعدل. وبهذا المعنى، تتحوَّل زيارة الأربعين إلى نقطة انطلاق حقيقيَّة نحو تحسين الذَّات، والارتقاء بالسلوك، وعيش حياة متزنة ينبع نورها من قوَّة الإرادة. المحور الثَّالث: الاستمرارية في التعلم. من ينظر إلى زيارة الأربعين بعين الباحث عن الحقيقة سيقف عند معنى كبير وقاعدة مهمَّة، وهي: إنَّها بداية لرحلة طويلة تتسع يومًا بعد يوم في فكر الإنسان. ومع كلِّ خطوة نحو كربلاء ينبض القلب بحبِّ الإمام الحسين (عليه السلام)، وتزداد في النَّفس الرَّغبة المتجددة لاستكشاف عمق رسالته. وهذه المشاعر تتجدد ولا تنطفئ، وتنتقل مع الزَّائر إلى تفاصيل حياته اليوميَّة، فيحتاج القلب إلى غذاء دائم من العلم والتَّدبر للحفاظ على وهجها متقدًا. لذا يصبح الاستمرار في التَّعلم أمرًا لا بدَّ منه، ويكون الاستماع إلى المحاضرات وقراءة الكتب التي تحكي قصَّة الطَّف وسيرة الإمام الحسين (عليه السلام) جسرًا يربط بين القلب والفهم العميق؛ حيث تفتح كلُّ كلمة نافذة على عالم جديد من المعاني النَّبيلة. وهذا الفهم المتجدد يعين على تحويل قيم الإمام الحسين (عليه السلام) من أفكار إلى ممارسات نعيشها يوميًا، فتتجلَّى في سلوكنا وتؤثِّر في مجتمعنا. وإذا رجعنا إلى القرآن الكريم سنجد تأكيدًا على أهميَّة هذه الرِّحلة المستمرة لتزكية النَّفس وتهذيبها؛ إذ يقول (تعالى): (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا)(8)، وهذا يوجهنا نحو إدراك أنَّ النَّجاح لا يتحقق في لحظة واحدة، وإنَّما عبر استمراريَّة العمل على تطوير النَّفس. ومع تعمق هذا الفهم في القلب، يمتد أثره إلى المجتمع كلِّه، فتتولد مسؤوليَّة بناء مجتمع متماسك قائم على الرَّحمة والتَّعاون والتَّضامن. وبهذا التَّكامل بين التَّعلم والمشاركة، تتحوَّل زيارة الأربعين من ذكرى إلى نور يقودنا نحو مجتمع ينعم بالعدل والمحبَّة، مجسدًا رسالة الإمام الحسين (عليه السلام) في كلِّ فعل وكلمة في حياتنا. المحور الرَّابع: تقوية الروابط الاجتماعية. من القضايا التي لا نختلف فيها أنَّ زيارة الأربعين تزرع في القلب قيم الوحدة والمحبَّة التي تتجاوز كلَّ اختلاف في الأصول والمشارب؛ ففي درب كربلاء، يتعلَّم الإنسان كيف يفتح قلبه للجميع من دون استثناء، وكيف تتحوَّل المحبَّة من شعور إلى فعل ينبض في كلِّ خطوة، ينبع من رحم التَّراحم والتَّكافل الإنساني الصَّادق، ليصبح نبضًا حقيقيًا يربطنا بعضنا ببعض. والشَّاهد على ذلك هذه الروح التي نشهدها في مواكب الأربعين، والوفاء الذي ظهر في الأيادي المتشابكة لخدمة الزَّائرين،؛ فمحبَّة النَّاس، ومواصلة نشر الخير، ومدّ يد العون إلى المحتاج؛ إنَّها انعكاس لجزء من روح الفداء التي جسَّدها الإمام الحسين (عليه السلام) بكلِّ ما تحمله العظمة من معنى. وفي هذا السياق، يذكِّرنا الإمام الصَّادق (عليه السلام) بقيمة الأخوة الحقيقيَّة التي أضاءتها زيارة الأربعين، حين قال: "اَلْمُؤْمِنُ أَخُو اَلْمُؤْمِنِ عَيْنُهُ وَدَلِيلُهُ لاَ يَخُونُهُ وَلاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَغُشُّهُ وَلاَ يَعِدُهُ عِدَةً فَيُخْلِفَهُ"(9)؛ وهذه الحقوق هي أسس يجب أن نفعِّلها في حياتنا. ولقد أدركنا قيمتها في أيَّام الأربعين، ولنا القدرة على مواصلة تنميتها وتقويتها في كلِّ يومٍ من أيَّام العام، ولو استطعنا أن نحيا محبَّة الأربعين في تفاصيل حياتنا، سنصبح جسدًا واحدًا ينبض بالرَّحمة والتَّكافل. ولتقوية هذه الروابط، ينبغي التَّركيز على مجموعة من الأعمال المحوريَّة: 1. تقديم الوقت والاهتمام والتَّعاطف الحقيقي مع الفقراء والمحتاجين؛ فكل خطوة نخطوها لتخفيف ألم قلب مكروب، أو لرفع معاناة إنسان محتاج هي امتداد لرسالة الأربعين، وقيمة تعيش في أعماق قلوبنا وتتحرَّك بأفعالنا. 2. المشاركة المستمرة في المجالس الحسينيَّة والفعَّاليات الدِّينيَّة التي تفتح أمامنا أبوابًا لتجديد العهد مع قيم الإمام الحسين (عليه السلام)؛ ففي هذه المساحات، يجتمع القلب مع القلب، فتولد روح الأخوة والإخلاص، ويُغذى الإيمان ويُبنى المجتمع على دعائم الرَّحمة والتَّواصل المثمر. 3. المشاركة الفاعلة في الأعمال الجماعيَّة، التي تشكِّل وسيلة حقيقيَّة لنقل بعض دروس الأربعين وتجسيدها في واقع حياتنا اليوميَّة، بحيث تصبح أثرها ملموسًا ومستدامًا؛ فالتطوع في المؤسسات الخيريَّة والدينيَّة، على سبيل المثال، هو أجمل تعبير عن هذه الروح النبيلة، وخاصَّة حين نكرِّس بعض وقتنا وجهدنا بنيَّة صادقة لبناء مجتمع أكثر رحمة وعطاءً. 4. التَّعاون في تنظيم الزيارات والفعَّاليات الحسينيَّة؛ فإنَّ ذلك يُرسِّخ أواصر الجماعة ويربطنا بتراثنا العظيم، ويجعلنا جزءًا فاعلًا ومستمرًا في مسيرة تتجاوز حدود المكان والزَّمان. فمشاركتنا في هذه الفعَّاليات هي تجسيد للوحدة والتلاحم، وتجعلنا نشعر بأننا حملة لواء قصة ملهمة نعيشها ونُحييها في كلِّ مناسبة. 5. التواصل المستمر مع الزَّائرين، فهم رفقاء دربنا في رحلة الإيمان والتضحيَّة؛ لأنَّ تبادل الدَّعم المعنوي معهم يقوي عزيمتنا ويثبّت أقدامنا، ويؤكِّد لنا أننا لسنا وحدنا في هذه المسيرة، وأنَّ هناك من يشاركنا الأهداف والقيم والرؤية التي توحدنا على طريق الإمام الحسين (عليه السلام). وبهذه المشاركة الحقيقيَّة والفاعلة، تتحوَّل زيارة الأربعين من ذكرى عابرة إلى تجربة فكريَّة واجتماعيَّة تنبض في مجتمعنا، وتدفعنا للعمل معًا بروح واحدة لبناء عالم أفضل، نستمد فيه قوَّتنا وإلهامنا من نور الإمام الحسين (عليه السلام)، ومن الأخوة الصَّادقة التي جمعتنا على دربه المبارك. إنَّ الحفاظ على شعلة الأربعين متقدة في قلوبنا وأفعالنا مسؤوليَّة عظيمة وأجمل ما يمكن أن نحمله في حياتنا؛ إذ تمثِّل هذه الشعلة نورًا يهدي دروبنا ويغذي نفوسنا بنور المحبَّة والتَّضحيَّة؛ وباحتضاننا لهذه المعاني الشَّامخة، نصبح قادرين على العيش بقيم العطاء والرَّحمة، لنكون عوامل حقيقيَّة في نشر الخير والعدل، ونحدث تغييرًا ملموسًا في واقع مجتمعاتنا، متمسكين بالرِّسالة التي استلهمناها من نهج الإمام الحسين (عليه السلام)، والذي علَّمنا الصَّبر والثَّبات في وجه الظلم، والإيثار في سبيل الحقِّ والإنسانيَّة. لذلك، لنجعل زيارة الأربعين نقطة انطلاق نحو حياة جديدة تشرق فيها أنوار الإيمان والعمل الصَّالح، حياة نُجسِّد فيها رسالة أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) بكلِّ تفاصيلها، ونحيي بها الثَّورة على الظلم والطغيان، متمسكين بعهد الوفاء والثَّبات مهما تعاظمت العقبات في طريقنا؛ فالإيمان الحقيقي هو ذلك الالتزام المستمر الذي يدفعنا لأن نمضي قدمًا بلا تراجع، نواجه الصعاب بروح متجددة، ونحمل نور الإمام الحسين (عليه السلام) عاليًا في قلوبنا وأفعالنا. ولتكن الأيَّام التي تعقب زيارة الأربعين حاملة لمعاني الوفاء والإخلاص، ينبض فيها أثر تلك الرحلة المقدَّسة التي غيَّرت قلوبنا وأفكارنا، وفتحت أمامنا آفاق الأمل واليقين، ولتكن أنفاسها ضياءً يبدِّد العتمة، وخطى واثقة تمهِّد لنا دروب المستقبل نحو غدٍ مشرق يزهر فيه الإيمان والعمل الصَّالح. ........................................ الهوامش: 1. سورة الزمر/ الآيات: 56-58. 2. تنبيه الخواطر ونزهة النواظر (مجموعة ورام): ج ٢، ص 408. 3. غرر الحكم ودرر الكلم: ص١٥٢. 4. بحار الأنوار: ج ٧٥، ص ١١٢. 5. أمالي الشيخ الصدوق: ص ١٩٠. 6. مستدرك الوسائل: ج ١٢، ص ١٥٤. 7. مكارم الأخلاق: ص ٤٦٨. 8. سورة الشمس/ الآيتان: 9-10. 9. الكافي: ج ٢، ص ١٦٧.

زيارة الأربعين.. تبديد الجهالة وكشف التضليل
زيارة الأربعين.. تبديد الجهالة وكشف التضليل

شبكة النبأ

timeمنذ 5 ساعات

  • شبكة النبأ

زيارة الأربعين.. تبديد الجهالة وكشف التضليل

العالَم اليوم مع كل تقدمه يتجه نحو التدمير الذاتي، لانه يضع الإنسان في قالب الجسد فحسب ويكبله في ذلك الوضع الغرائزي البحت، فيخرجه من حالة المعنى، ويلغي قدرته على التفكير، مستلبا منه حالة الوجود الإنساني، بحيث يصبح مستغرقا في حالة الجهالة، خصوصا مع انحطاط قدرته على إدراك قيمته... ان زيارة الأربعين والسير بخطى ثابتة نحو الامام الحسين (عليه السلام)، هي عملية بناء للإنسان، واستنقاذه من عبودية الدنيا، وإيصاله إلى مرفأ العبودية الإلهية الحقة، والاستقامة على ولاية الله سبحانه وتعالى، والتمسك بولاية أهل البيت عليهم السلام، وتعرفه بالدين الحقيقي الذي يحرره ويستنقذه من مشكلاته، من خلال بناء المناهج المعرفية السليمة، وارشاده الى طرق العلم والتعلم الرشيدة. إن أهم مشكلة يواجهها الإنسان هي الجهل وخصوصا الاستغراق في الجهل، حيث يصبح الجهل حالة عامة ثابتة لا تتغير، ويسمى في العصر الحالي بالتخلف. التخلف يعني بأن المجتمع يعيش جهلا شاملا وعاما، مما يؤدي إلى توالد مجموعة كبيرة من الأزمات والمشكلات، تصنع منع خانعا للمستبد وعبدا للطاغوت، وذليلا للدنيا يفقد قيمته الوجودية، ويضيع ذاته الإنسانية. لذلك كانت رسالة الإمام الحسين وأهل البيت (عليهم السلام) تحرير الإنسان (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)الأعراف 157. من الطاغوت، من أجل تحقيق المبدأ الأساسي (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)البقرة 256، رفع الإكراه حتى يمارس الانسان التكليف والمسؤولية والاختيار والحرية والإرادة، وبالتالي القدرة على حمل الامانة. والى ذلك تشير الآيات القرآنية تقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا، إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)الأحزاب70/72. هذه الآيات القرآنية تشير الى معنى جوهري في وجود الانسان وهو الأمانة، التي تعني الالتزام بالولاية الإلهية والطاعة لله سبحانه وتعالى والعمل بالتكليف الشرعي، فالأمانة هي التجسيد العملي لمفهوم حرية الاختيار، لذلك فإن (وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا) تعبر عن عظمة المسؤولية في تحمل أمانة الإرادة وحرية التفكير والقدرة على التفكير وعلى اتخاذ القرار وعلى الاختيار بين الخير والشر، والحق والباطل، وهي مسؤولية حملها الإنسان فقط، ولابد ان يوصلها بقراراته وافعاله الى الله سبحانه، ويفي بوعوده التي قطعها على نفسه الى سبحانه وتعالى. وفي مقابل الأمانة الخيانة، فالخائن هو الذي لا يقوم بواجبه في حمل مسؤولية حرية الاختيار، وهذا معنى الأمانة بالمعنى العام، أما في المعنى الخاص فالأمانة هي ولاية أهل البيت (عليهم السلام)، والتسليم المطلق لهم، لأن الإنسان إذا أراد أن يصل إلى حرية الاختيار والعمل الحق، والوصول إلى الخير والسير في الصراط المستقيم، لابد أن يتبع مناهج أهل البيت عليهم السلام، فهم الطريق المستقيم الذي يوصل به إلى الغايات الصحيحة. وقد سُئل الامام الرضا (عليه السلام) عن تفسير آية عرض الأمانة، فقال: (الأمانة الولاية، من ادعاها بغير حق كفر)(1). واذا تخلى الإنسان عن الأمانة ومسؤولية حملها فإنه ينطبق عليه (ظَلُومًا جَهُولًا)، لانه ترك بجهله وظلمه لنفسه اهم النعم التي تحقق له قيمته الكبرى وكرامته العظمى، وبقي قابعا في ظلمات الجهل، وقتامة الظلم. عالم العدم المظلم كلمة جهولا هي كلمة شبيهة بكلمة الجهالة تقريبا، ولكن الجهالة على وزن فعالة اسم مصدر، وجهولا اسم فاعل تعني المبالغة والاستمرار في الجهل إلى أن يصل الإنسان إلى مرحلة الجهالة، فيظلم الإنسان نفسه بنفسه، ويتخلى عن الأمانة والحرية بأن يكون بتلك الجهالة عبدا للدنيا، (الناس عبيد الدنيا)، حيث يتخلى عن طاعة الله سبحانه وتعالى وطاعة رسوله وأهل البيت (عليهم السلام)، فانه يستمر بجهوليته ليدخل في عالم العدم المظلم الذي يجعله مستغرقا في عالم الجهالة. وعلى سبيل المثال هناك بعض القبائل البدائية التي تعيش في مجاهيل الغابات لم يصل إليها أحد، هؤلاء لا يعرفون شيئا عن الحياة، حيث يعيشون جهلا مطلقا، ولكن الجهول هو اسوء من هذه القبائل البدائية لأنه كان مختارا وهو الذي ظلم نفسه ووضعها في عالم الجهالة. وعن الامام علي (عليه السلام): (وَلَا تَكُونُوا كَجُفَاةِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا فِي الدِّينِ يَتَفَقَّهُونَ وَلَا عَنِ اللَّهِ يَعْقِلُونَ)(2)، بينما الله سبحانه وتعالى انعم على الإنسان بالقدرة على التفكير وحرية الإرادة وحسن الاختيار. ويمكن معرفة الجهالة من خلال تطبيقات يمكن الاطلاع عليها في الآيات القرآنية والروايات الشريفة، وكذلك ما نستكشفه في حياتنا العملية. ومن هذه التطبيقات: أولا: الخضوع لأوهام التضليل الضلالة هي حالة عامة، وممارسة عملية التضليل تؤدي الى الوصول إلى حالة الضلالة، بحيث تصبح الضلالة حقيقة وليست انحرافا، فيصبح الحق باطلا والخير شرا، فهي عملية تحويل أو تلبيس الحق بالباطل باستخدام المغالطات إلى أن يصل هذا الإنسان إلى مرحلة التصديق بأنها حقيقة وهي وهم. ومن هنا يبدأ طريق الهيمنة على الناس واستعبادهم، من قبل اصحاب الشيطان والشر والباطل، من خلال خداعهم. (وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا، يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا) النساء119/120. فالذي يخضع لوعود الشيطان وآمانيه يعيش حالة من الأوهام الكثيرة، فهو يظنها حقيقة ولكنها سراب، هذه مشكلة نعيشها اليوم، حيث الأوهام تسيطر على الناس بسبب انغماسهم الشديد في جهالة المادية، لذلك نحن حتى نعرف الحقيقة من الوهم نحتاج الى زيارات اهل البيت (عليهم السلام)، وخصوصا زيارات الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث تستخرجنا من الضياع وتنتشلنا من دوامة الظلام، فحين يقع الانسان في عالم التضليل والجهالة تنحجب عنه المعرفة، بل ويتمرد عليها، ويقاومها، لأن المعرفة تخرجه من عالم الأوهام فتصدمه على ارض الواقع. ذلك ان كثير من الناس لا يحبون كما يقول علماء النفس أن يعيشوا في اطار المعرفة، بل يفضلون البقاء في دائرة الجهل، ولو كان ذلك يتضمن العيش تحت حكم ظالم أو مستبد مثل طغاة الأمويين والعباسيين، او الخوف من التغيير الذي يقوده تحديات جديدة وصعوبات تتطلب جهودا وآلاما تخرجه من جموده الرتيب الذي يتعلق به بشدة، لذلك يفضل الاستظلال بالجهالة والابتعاد عن المعرفة. وعن الإمام علي عليه السلام: (الجاهل يستوحش مما يأنس به الحكيم)(3)، فالجاهل يستوحش من المعرفة، لأن المعرفة حقيقة تضعه امام الامر الواقع الذي يرتعب من الخوض فيه، والحكمة هي نتيجة الفهم الذي يحصل عبر الإدراك والوعي والفهم، والحكمة تعني الممارسة العملية للمعرفة من خلال استمكان الإنسان على كبح غرائزه والسيطرة عليها من خلال تحكم العقل وتحكيمه، فالحكمة هو الفهم الحاصل من السيطرة على الغرائز المنتجة للأوهام اذا جمحت. لذلك فإن الجاهل هو الشخص الذي يستمع دائما إلى دندنة غرائزه التي تقوده بعيدا عن إرشادات عقله، ويبتعد عن ممارسة رياضة النفس لبناء حصن التقوى والورع عن محارم الله، وبالتالي كبح جماح الغرائز والخضوع لمنطق العقل، والحكمة في اللغة ما يحكم لجام الحصان من الجموح، وفي الانسان لجم حصان غرائزه والتحكم والسيطرة عليها من الانفلات. إغواء الوعي الباطن وغالبا فإن كثير من الناس هم يتبعون الذين غرائزهم فتنحجب حكمتهم ليكونوا ضحايا لها، فالتضليل يركز على جانب الغرائز وليس العقل، كما نرى ذلك في إعلانات الشركات التجارية التي تريد بيع سلعها بأي وسيلة كانت، عبر عمليات إغواء الوعي الباطن عند الإنسان. فالإغواء يتجه نحو الغرائز لإثارتها كما يفعل الشيطان ليصبح طوع رسالة الإعلان، لا يتوجه إلى عقله برسائل منطقية، لأن الانسان عندما يخضع الى العقل فإنه يفهم ويدرك حقيقة الشيء، ولاينخدع بالرسائل المزيفة. أما الشخص السطحي فإنه يشتري السلع والأشياء التي تتناغم مع غرائزه التي يثيرها خطاب الإعلان والرسائل الخفية التي يوجهها، فيشتري السلع من دون حكمة ولا فهم ولا حاجة له فيها، فتصبح حياته هكذا تسير على هذا النمط الاستهلاكي الأعمى. وكذلك الحكام والظلمة يمارسون عملية استثارة الغرائز عبر توجيه رسائل معينة بالتضليل، حتى يخدعون المحكوم، خصوصا عندما لا يفكر فيصبح عبدا، وهذا هو معنى أن الجاهل يستوحش، ويستوحش، لأن التفكير يجعله حرا، وكونه حرا يعني مسؤولية حمل الأمانة، وحركة وعمل وتحرك اجتهادي، والتزام بالحياة الحقيقية وليس بالحياة الفوضوية. إن الحياة الفوضوية المتمحورة حول الفردية الغرائزية التي نعيشها في عالم اليوم تجعل الإنسان يرتكب المعاصي والذنوب كما يشاء، ويفعل ما يشاء، لكن الإنسان عندما يحكّم عقله، فإن هذا التحكيم يجعله مسيطرا على غرائزه فينكشف له التضليل. من هم طبقة الهمج الرعاع؟ ولهذا العالَم اليوم مع كل تقدمه يتجه نحو التدمير الذاتي، لانه يضع الإنسان في قالب الجسد فحسب ويكبله في ذلك الوضع الغرائزي البحت، فيخرجه من حالة المعنى، ويلغي قدرته على التفكير، مستلبا منه حالة الوجود الإنساني، بحيث يصبح مستغرقا في حالة الجهالة، خصوصا مع انحطاط قدرته على إدراك قيمته في الحياة، بحيث يصبح من طبقة الهمج الرعاع الذين يميلون مع كل ناعق)، فعن الإمام علي (عليه السلام): (إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ أَوْعِيَةٌ فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا... النَّاسُ ثَلَاثَةٌ فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ وَهَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ)(4). ان الكلمتين (ظلوما جهولا)، تدل على ان الإنسان هو المسؤول عن نفسه في الوقوع في الظلم والجهل، أو يستنقذ نفسه أولا، ثم يستنقذ الآخرين، حيث الجميع مسؤولون عن عملية الإنقاذ، ولكن ذلك يستتبع إيجاد مقدمات من المعرفة والتعلم والتفكر حتى يستنقذ نفسه من حالة (همج رعاع)، بحيث لاينساق وراء كل كلمة يسمعها من هنا وهناك، فلا يميل مع كل ريح، ولا ينعق مع ناعق، بل تكون عقلية نقدية خارج الظلام التضليلي التي تنشره القيادة البائسة. الشعبوية ودهاليز الظلام ومن المصاديق الحاضرة في عالم اليوم "الشعبوية"، وهو مرض فكري ينتشر في العالم بشكل واسع، حيث يمارسها مجموعة من القادة والحكام الذي يستغلون أزمات الناس المستعصية ويستثيرون بها الغرائز الغاضبة بخطاب تضليلي يبتعد عن العقلانية، حيث تتحد الانفعالات الجامحة مع المصالح الخاصة، فتنحرف أسباب المشكلات عن الحقائق، وينحجب العقل بظلام التجهيل والانسياق الهمجي وراء النعيق الشعبوي. فيبقى الغارقون في التضليل يعيشون في دهاليز الظلام، لا يستضيئون بنور العلم. ولكن ليس كل علم هو علم، فقط العلم الذي يعطي للإنسان المعرفة، فهناك من الناس من يمتلك العلوم الكثيرة، ولكن ليست عنده وعي وادراك ومعرفة حقيقية حاله حال الجاهل، يعيش في الظلام والعدم ولا يفهم واقع الأمور وبواطنها، ومصداقه الواضح انفعالاته المتسرعة وعواطفه العمياء تجاه الأحداث والافعال، وخصوصا الأحداث المفتعلة التي تستهدف استثارة الناس والتلاعب بهم وايقاعهم في الفتن. وهذا التلاعب يمثل حالة شعبوية يستخدمها الحكام لاستفزاز عواطف الحشود ومن ثم التحكم بهم، ولكي لا يكون الانسان من هذه الفئة لابد أن يمتلك نورا يستضيء به يوصله للعلم وهذا النور هم أهل البيت (عليهم السلام)، وهم الركن الوثيق الذي يلتجأ اليه، ولهذا على الانسان أن يعرف من أين يأخذ علومه، ولا يكون مستوردا للثقافة، فيصبح مكبلا بالتبعية الحضارية، فالمجتمعات الاسلامية أصبحت مجرد مستهلك لثقافات وأفكار ومناهج وعلوم الآخرين، فأصبحت تحت سيطرتهم. أهل البيت منبع المناهج الأصيلة ومن هنا لكي نحقق الاستقلال الحضاري لابد أن نستضيء بنور العلم الذي يبدد الجهالة والضلال، والاستضاءة بأن نلجأ إلى حضارة أهل البيت (عليهم السلام)، فلا يكفي ان نطلب منهم قضاء حوائجنا، بل لابد ان نتعلم ونعلم علومهم، فعن الامام الرضا (عليه السلام): (رحم الله عبدا أحيا أمرنا فقلت له: وكيف يحيى أمركم؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا)(5). أهل البيت (عليهم السلام) هم الركن الوثيق لأنهم منبع المناهج الأصيلة، التي تعطي لمجتمعنا أصالة حضارية، فلماذا نلجأ إلى علوم الآخرين؟ فقد أصبح الاستيراد الثقافي مزعجا ومضرّا الى حد بعيد، يجعلنا نعيش الظلام مؤديا الى استحكام الجهل المدقع، وغلبة الجهالة وازدياد البعد عن الطريق كلما تسارعنا نحو المستقبل، ونحن نعتقد بأننا يجب أن نضع الماضي خلفنا، بأن نعيش لحاضرنا ولمستقبلنا من خلال الانهمام على العلوم الحديثة وأفكار الحداثة، بزعم انها هي التي تحل مشكلاتنا، ولكن (الحداثة، وما بعد الحداثة) لم تستطع حل مشكلات أصحابها، حتى تكون قادرة على حل مشكلاتنا، فالحداثة قد تكون متجلببة بجلباب العلم إلا أنها في داخلها جهل وتخلف، بل هي في واقعها الحداثة المتخلفة. ما بعد الحداثة واستلاب الامانة والحداثة هو مفهوم يعني تحديث وتجديد ما هو قديم، وهو مصطلح يبرز في المجال الثقافي والفكري التاريخي ليدل على مرحلة التطور التي طبعت أوروبا بشكل خاص في مرحلة العصور الحديثة، وتبناه بعض الفلاسفة مثل (عمانويل كانط)، ويهدف الى التحرر من الدين الذي تطرحه الكنيسة وقراءة العالم من خلال العقل. وعندما لم يستطع مفهوم الحداثة ان يحل المشكلات المتأزمة والمترسخة عميقا، تبنى جيل آخر من الفلاسفة والمفكرين مفهوم آخر وهو (ما بعد الحداثة) ودعوا فيه الى التحرر من الدين والعقل والأخلاق وتفكيك كل القيم والمعتقدات ونسف كل الجسور مع الماضي، والاقتصار على تلبية لذات الجسد في الحاضر، حيث لا عواقب على أفعال الحاضر، ولا ندم لما سيجري في المستقبل، لأنه مجرد عدم مظلم حيث لا ضوء في آخر النفق المظلم، وهذه هي العدمية التامة حيث ليس لدينا وجود غير هذا الوجود، ولكن هذا المعنى العدمي معناه تدمير للإنسان وغاياته وفلسفة وجوده واستلاب الأمانة التي يحملها. فهل يعقل للإنسان أن يعيش بلا دين، حتى أولئك الذين ضد الدين فإنه يقولون لا يمكن للإنسان أن يعيش بلا دين، لذلك فإن فلسفات وأفكار (ما بعد الحداثة) هي استحداث لـ دين جديد، فهي معتقدات هلامية وضبابية مستحدثة لكنها مظلمة وقاتمة، تؤدي الى تدمير فطرة الإنسان وتحطيم وجوده المعنوي، حيث تنتفي كل قيم الصدق والأمانة والعدل، بل ينتفي الإنسان، وما يبقى منه مجرد جسد مفتوح على كل الخيارات والملذات الجسدية الحيوانية، وهذا هو هدف الشيطان، ألم يقسم (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)ص/82، حيث الشيطان يريد أن يسيطر على الناس بالإغواء والإغراء من خلال تفجير غرائزهم. الهشاشة الثقافية والهيمنة الشيطانية وعن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في جوابه عن سؤال بعض عن اختلاف الشيعة -: (إنما خاطب الله العاقل، والناس في علي طبقات: المستبصر على سبيل نجاة، متمسك بالحق، متعلق بفرع الأصل، غير شاك ولا مرتاب، لا يجد عني ملجأ. وطبقة لم تأخذ الحق من أهله، فهم كراكب البحر يموج عند موجه ويسكن عند سكونه. وطبقة استحوذ عليهم الشيطان، شأنهم الرد على أهل الحق ودفع الحق بالباطل، حسدا من عند أنفسهم. فدع من ذهب يمينا وشمالا، فإن الراعي إذا أراد أن يجمع غنمه جمعها بأهون سعي، وإياك والإذاعة وطلب الرئاسة، فإنهما يدعوان إلى الهلكة)(6). وهذه الرواية في تقسيماتها قريبة من رواية الامام علي (عليه السلام): (القلوب اوعية...)، والمقصود هو أن يكون الإنسان مستبصرا ولا يكون من (الذين لم يأخذوا الحق من أهله)، وتكون هذه الطبقة الثانية لها القابلية ان تستولي عليها الطبقة الثالثة، فإنهم شياطين يستحوذون على كل من يكون هشا في معتقداته. مثل هؤلاء الذين يعيشون الهشاشة الثقافية ويستوردون الثقافة من عوالم أخرى، يعيشون التضليل وصناعة الأوهام، وبعضهم يقوم بتأويل القرآن الكريم بتأويلات غريبة منحرفة، وكذلك معظم المراهقين في العصر الرقمي الذين يعيشون أمراضا نفسية، بسبب الأوهام المنحرفة التي تصنعها شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال دوامات الخوارزميات التي تصنع سلسلة من التموجات الثقافية حيث تغزو العقول وتتسلل الى بواطن النفس كطفيليات تتلاعب بالسلوكيات، بحيث اصبح كثير من الناس وخصوصا الشباب والمراهقين والأطفال مرضى نفسيين ومتوحدين يعيشون العزلة عن مجتمعاتهم الواقعية. الاستيراد الثقافي الأعمى وعن الإمام علي عليه السلام: (وَآخَرُ قَدْ تَسَمَّى عَالِماً وَلَيْسَ بِهِ فَاقْتَبَسَ جَهَائِلَ مِنْ جُهَّالٍ وَأَضَالِيلَ مِنْ ضُلَّالٍ وَنَصَبَ لِلنَّاسِ أَشْرَاكاً مِنْ حَبَائِلِ غُرُورٍ- وَقَوْلِ زُورٍ قَدْ حَمَلَ الْكِتَابَ عَلَى آرَائِهِ وَعَطَفَ الْحَقَّ عَلَى أَهْوَائِهِ يُؤْمِنُ النَّاسَ مِنَ الْعَظَائِمِ وَيُهَوِّنُ كَبِيرَ الْجَرَائِمِ يَقُولُ أَقِفُ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ وَفِيهَا وَقَعَ وَيَقُولُ أَعْتَزِلُ الْبِدَعَ وَبَيْنَهَا اضْطَجَعَ -فَالصُّورَةُ صُورَةُ إِنْسَانٍ وَالْقَلْبُ قَلْبُ حَيَوَانٍ لَا يَعْرِفُ بَابَ الْهُدَى فَيَتَّبِعَهُ وَلَا بَابَ الْعَمَى فَيَصُدَّ عَنْهُ وَذَلِكَ مَيِّتُ الْأَحْيَاءِ)(7). هذا العالم الذي يعيش الاستيراد الثقافي والتبعية الحضارية هو عالم ميت، لأنه عالم تسيطر عليه الجهالة، فجهائل في عبارة (فاقتبس جهائل) جمع جهالة، وهذه مصطلحات خاصة بأهل البيت (عليهم السلام)، وهي متسقة مع سياق القرآن الكريم، لذلك فإن الذي يفهم ما يقوله أهل البيت (عليهم السلام) يستطيع أن يفهم القرآن الكريم، والذي لا يفهمهم لا يفهمه، وهذا الحديث يوضح لنا ما نحتاجه في حياتنا، فكلمة الاقتباس تعني ان الإنسان يأخذ الشيء كما هو ويضعه في نفسه ويقبله ويجعل منه علما له، من دون أن يمحصه ويفهمه بشكل جيد،، فتكون النتيجة له سيئة، ويصبح ذلك الظلوم الجهول عندما أقتبس ما يسمى علما من جاهل. إن الفلسفات المعاصرة بدل من حل مشكلات الإنسان، قادته إلى مصير مجهول، لأنها جاذبة في مظهرها لكنها خاوية في ذاتها، فماذا نطلق على من يقتبس علما من جاهل؟ لقد بنت هذه الفلسفات الجاهلة عالما أعوج، قائما على تفكير منحرف، أدت الى تعاظم في الاعوجاج، كالبناية العوجاء التي أصبحت كذلك لأن أساسها أعوج، واستمرت في العلو والارتفاع بالاعوجاج، هذه الفلسفات استخدمت مصطلحات جميلة تغر وتخدع من يقرأها، خصوصا من عنده أزمة نفسية أو مشكلة اقتصادية، فيتصور أن مشكلته هي بسبب الماضي، ولا يتصور أنها بسبب الفلسفات والمناهج السيئة. يمكن أن نضرب مثالا نستطيع أن نستفيد منه، بعض الناس عندما تقول له إن مشكلتك سببها يكمن في غذائك، وما تعاني منه هو بسبب نوع الطعام الذي تأكله، ولهذا يقال إن (المعدة بيت الداء)، لذلك فإن تناولك هذا الطعام هو أساس المرض الذي تبتلي به، لكنه يرفض هذا الكلام، لأنه لا يتماشى مع غرائزه، ولا مع حريته الجسدية ولذاته وشهواته. كذلك بالنسبة لهذه الفلسفات، فإنها تخاطب الغرائز، فتبرر له أن يرتكب المعاصي من باب التجربة، وتخدعه بأن الإنسان لا يتعلم إلا من خلال الأخطاء والتجارب، وهنا يمكن ملاحظة مستوى الخداع والتضليل. ففي الأفلام الغربية، دائما يظهرون لك السارق بأنه إنسان شهم، صاحب غيرة، وهو قوي يتحدى السلطة، ويتحدى المجتمع، فيجعلون من هذا النموذج البائس قدوة، حتى يحطمون النموذج الحقيقي، ويستدرجونه نحو الخيانة والسرقة، ويهدمون صورة الإنسان الحقيقي في نفسه. يحطمون صورة الإنسان كإنسان يحمل الامانة، ويرفعون من قيمة اللص، ومن شخصية الزاني، ومن السارق، ومن الخائن للأسف الشديد، والناس يتبعون هذه الشخصيات، حتى في أفلام الكارتون، لكن هذه نماذج سيئة للتربية، فالأب يترك أطفاله يشاهدون أفلام الكارتون، وهو لا يعرف أنها عبارة عن ترويج لقيم بائسة فاسدة تترسخ في نفوس أولاده، لذلك فإن اقتباس العلم من جهال، هي جهالة مطلقة، بل جهائل تعتاشها الكثير من المجتمعات. التعلم لأجل النجاة فليس كل من يسمى عالما هو عالم، لذلك على الإنسان أن يكون ذكيا بأن يتعلم ويستمر بالتعلم حتى يصل إلى درجة العالم الرباني، لأن الإنسان بحد ذاته رباني في أساسه، لكن عندما يتعلم على سبيل النجاة ويحارب غرائزه، فربما يصل إلى مرتبة معينة، فهناك مراتب في متعلم على النجاة، ومراتب في العالم الرباني. فالأمر درجات يرتقي بها الشخص تدريجيا، فطالب العالم قد يكون هدفه من التعلم هو النجاة، وحينئذ فهو لا يكون طالبا للعلم وإنما هو طالب حتى ينجو فقط. فالعلم والتعلم وسيلة للنجاة في الحياة، كما يعتبر البعض العلم والتعلم وسيلة للرزق، يأمل أن يصبح طبيبا أو مهندسا، أو يكون محترفا في مهنة معينة فيتعلمها، ولكن العلم الحقيقي الذي هو نور العلم، المقصود منه هو النجاة، وهذا هو معنى عملية الاقتباس في العلم، بأن يكون متعلما غايته النجاة في الدنيا من كل المشكلات والأزمات، والنجاة من الشيطان وشرور الشهوات ومغريات الغرائز، والنجاة من الإغراءات والرشوة والفساد. ولكن هناك من يتعلم ويستمر بالتعلم حتى يصل إلى مرتبة عالية، في أحد التخصصات، من اجل غاية مادية، فيخرج عن إطار غاية مهنته الحقيقية وعن العدالة والإنصاف ويقع في الفساد والرشوة والحرام، وهذا هو التعلم الشيطاني، فهو متعلم شيطاني يصبح حاله حال الهمج الرعاع، أما من الطبقة الثانية التي ذكرناها في حديث الامام العسكري (عليه السلام)، وهم من يعيشون حياتهم في العبودية للدنيا، والانغماس في تلبية الغرائز والشهوات، وقد ينهارون فيغرقون في وحل الباطل ويصبحون اتباع الشيطان وشياطين الجهالة. الانبهار بالخطاب التضليلي هذا إنسان عالِم ولكن ليس بعالم، لأنه بعيد عن الدين وبعيد عن الله سبحانه وتعالى، عالم لأجل الدنيا والمادة، ومن أجل اشباع لذات نفسه. وهذه صفة أعم، فهناك أناس طيبون، ولكن يعتقد بأنه عالم ولكنه جاهل مركب، ليس عنده علم لكنه يعتقد بأنه عنده علم أو أنه عالم، لذلك يقع في الازمات والمشكلات باستمرار ويبتعد باستمرار عن الحلول. لذلك لابد لنا أن يكون لدينا إدراك ووعي وفهم وتفكير سليم يوصلنا الى العلم الواقعي، بحيث لا تغرنا الخطابات الشعبوية والعاطفية، ولابد أن نرجع إلى عقولنا ونفكر بها بعمق، ونرجع إلى مصادرنا الأصلية حتى يوجد في ذاته بنية عقائدية معرفية سليمة. وهو امر يحتاجه الإنسان منذ صغره. ولكي لايقع في الجهالة العاطفية عليه ان يعرف بأنه لدينا جانبان في الأمور العقائدية، لابد أن يتعلم فيكون عنده عقائد دينية يسلم بها تسليما كاملا ويتعبد بها اولا، بالإضافة إلى عقائد معرفية يعرف بها مبادئها وغاياتها، بحيث اذا واجه خطابا تضليليا أو شعبويا، يستطيع ان يعرف هل هذا هو علم حقيقي أم أنه علم قائم على الجهالة. فهناك بعض ما يسمى بالعلماء، يظهرون في وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي ويمارسون عمليات التضليل التجهيلي ونشر الانحرافات الخطيرة، وبعض الناس يصدقون بهم، لأنهم أناس طيبون ومتدينون ولكنهم قليلو المعرفة فينبهرون بهذا الخطاب التضليلي. فيؤدي به الى الوقوع في انحرافات عقائدية (والعياذ بالله)، والسبب في ذلك ان أساسه هش فلا يستطيع ان يفهم الصالح من الطالح او الحق من الباطل، وربما يكون عنده تسليم وتعبد ولكنه يفتقر إلى ثقافة عقائدية تجعله متماسكا امام الخطابات التجهيلية، وهو في هذه الحالة لابد أن يتعلم أكثر، وينكب على الاستزادة المعرفية. ولكن في اول الامر لابد أن يعرف من أين يأخذ العلم. وللبحث تتمة... * حوارات بثت على قناة المرجعية في مناسبة زيارة الأربعين 1446 ........................................... (1) عيون أخبار الرضا (ع)، ج ١، الشيخ الصدوق، ص ٢٧٤. (2) نهج البلاغة، الخطب، رقم: 166. (3) تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم، عبد الواحد الآمدى التميمي، ص ٧٤. (4) نهج البلاغة، الحكم، رقم: 177. (5) عيون أخبار الرضا (ع)، ج ١، الشيخ الصدوق، ص ٢٧٥. (6) موسوعة الكلمة، ج ٢٠، السيد حسن الحسيني الشيرازي، ص ١٧٩. (7) نهج البلاغة، الخطب، رقم: 87. Page 2

حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق.. الإفتاء: لا تمت لـ الإسلام بصلة
حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق.. الإفتاء: لا تمت لـ الإسلام بصلة

صدى البلد

timeمنذ 6 ساعات

  • صدى البلد

حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق.. الإفتاء: لا تمت لـ الإسلام بصلة

قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، إن ما يتداوله البعض مؤخرًا حول أن الحروف الأولى لأسماء الأشخاص قد تحدد مصيرهم في الرزق أو تعرضهم لضيق مادي هو أمر لا أصل له في الشريعة الإسلامية، مؤكدًا أنه لا يصدقه عقل سليم ولا يقره دين. وأوضح أمين الفتوى في دار الإفتاء، خلال تصريحات تلفزيوينة، اليوم الثلاثاء، أن هذه الادعاءات التي تزعم أن من يبدأ اسمه بحرف معين سينال وفرة في المال، أو أن آخرين سيواجهون مشكلات وأزمات مادية، لا تمت إلى الإسلام بصلة، مشيرًا إلى أن الشرع الحنيف دعا إلى السعي والعمل الجاد مع التوكل على الله. واستشهد أمين الفتوى في دار الإفتاء بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "اعقلها وتوكل"، وحديثه: "لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا"، موضحًا أن الطير تسعى في طلب رزقها ولا تظل في أوكارها تنتظر. أمين الفتوى في دار الإفتاء: يجب الالتزام بالتعاليم الصحيحة التي تحث على الجد والاجتهاد وأكد أمين الفتوى في دار الإفتاء أن هذه المقولات تُعد من أشكال التواكل الذي نهى عنه الإسلام، وتصرف الناس عن الأخذ بالأسباب الصحيحة لطلب الأرزاق، فضلًا عن كونها نوعًا من الاستخفاف بعقول الناس. ودعا أمين الفتوى في دار الإفتاء الجميع إلى الحذر من الانسياق وراء هذه الخرافات أو تداولها، والحرص على الالتزام بالتعاليم الصحيحة للدين التي تحث على الجد والاجتهاد والسعي المشروع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store