
المنظماتِ الأهليةِ الفلسطينيةِ ترصدُ أزمةً نفسيةً غيرَ مسبوقةٍ يعيشُها سكانُ قطاعِ غزة وتُحذِّرُ من تداعياتِها
وقد اسفرت هذه الكارثة الانسانية غير المسبوقة على يد الاحتلال الاسرائيلي عن استشهاد اكثر من ستون الف فلسطيني واصابة ما يزيد عن مئة وخمسون الفا آخرين، من بينهم اكثر من مئة ضحية قضوا جوعا، وبحسب بيان قطاع التأهيل في الشبكة الصادر مؤخرا، فقد خلفت هذه الحرب ما يزيد عن 32 الف حالة اعاقة جديدة، 70% منهم من الاطفال والنساء ما يرفع عدد الاشخاص ذوي الاعاقة في قطاع غزة بنسبة 55% الى ما يزيد اجمالا عن 90 الف شخص، اضافة لـ 107 الف او ما يعادل 12% من سكان قطاع غزة من كبار السن. وهناك الكثير من الاحصاءات المتعلقة بالكارثة الانسانية التي لا يتسع المجال لذكرها في هذا البيان.
وفي ظل هذا الواقع المأساوي، رصدت شبكة المنظمات الاهلية الفلسطينية الاوضاع النفسية الكارثية للسكان في قطاع غزة نتيجة معايشتهم اليومية لاهوال هذه الكارثة والابادة الجماعية المستمرة وذلك من خلال تحليل وقراءة معمقة لمجموعة من الابحاث العلمية والتقارير الاممية والمناشدات الانسانية والتقارير الفنية التي صدرت مؤخرا عن المنظمات المحلية والدولية العاملة في مجال الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي والتي اظهرت بشكل واضح لا لبس فيه وجود ازمة نفسية غير مسبوقة على كل الاصعدة والمستويات تعاني منها كل فئات المجتمع من اطفال ونساء ورجال وذوي اعاقة وكبار سن وغيرهم وهو ما سيترك آثارا بعيدة المدى، اذ تؤكد الشبكة في ضوء تحديثات الامم المتحدة وتقييمات الامن الغذائي الاخيرة على الحاجة الملحة ليس فقط للدعم الطبي والنفسي والاجتماعي، بل والاهم من ذلك، لوضع حد للعنف المستمر الذي لا يزال يدمر حياة الناس.
تشير الاحصاءات الرسمية الى ان هناك قرابة مليون طفل يعيشون حاليا في قطاع غزة تحت الابادة الجماعية. وفي حين ان الحقائق التي نشرتها منظمة اليونيسيف، تظهر ان جميع اطفال غزة يحتاجون الى خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي بعدما كان نصفهم فقط يحتاجها قبل الحرب، يشير برنامج غزة للصحة النفسية من خلال تقاريره الى ان الاطفال الفلسطينيون في قطاع غزة يعانون من صدمات نفسية مستمرة ومعقدة، عبارة عن تعرض مطول ومتكرر لاحداث او تجارب صادمة متعددة مستمرة ومتراكمة سوف تثقل قدرة الفرد على التأقلم والتكيف. بينما اوضحت دراسة اعدها مركز التدريب المجتمعي وادارة الازمات الفلسطيني ان 96% من الاطفال في قطاع غزة يشعرون بان الموت وشيك، وان 87% من الاطفال يظهرون خوفا شديدا، بينما يعاني 79% منهم من الكوابيس.
في سياق متصل، اكدت تقارير منظمة الصحة العالمية ان حوالي 485,000 من السكان يعانون اضطرابات نفسية ومن ضمنهم 20,000 من هم بحاجة الى تدخلات صحة نفسية متخصصة. وفي محاولتنا لتقييم مدى انتشار اضطرابات الصحة النفسية، نتيجة بيئة الخوف المستمر وحالة القلق التي اصبحت مزمنة والتعرض المتكرر لاحداث صادمة مثل النزوح وفقدان الاحباء وتدمير المنازل، تشير دراسة بحثية نشرت في يوليو 2025 الى ارتفاع مقلق وغير مسبوق في معدلات الاعراض النفسية، حيث اظهرت نتائج الدراسة ان 72.7% من المشاركين لديهم اكتئاب متوسط الى شديد، و65% لديهم قلق متوسط الى شديد، بينما استوفى 83.5% منهم عتبة اضطراب ما بعد الصدمة.
بينما اظهرت نتائج تحليل البيانات الاكلينيكية للربع الاول من العام 2025 في برنامج غزة للصحة النفسية ارتفاع معدلات الاضطرابات النفسية بين الحالات الجديدة من الاطفال والبالغين مقارنة مع معدلات العام المنصرم والتي تم تشخيصها في المراكز المجتمعية الثلاثة التابعة له، حيث ان 31% من الحالات شخصت باضطرابات اكتئاب حادة، و27% باضطرابات قلق من ضمنها اضطراب ما بعد الصدمة، بينما شخصت باقي الحالات بمجموعة مختلفة من الاضطرابات النفسية منها على سبيل المثال لا الحصر اضطرابات الاعراض الجسمية-نفسية المنشأ، والوسواس القهري وغيرها.
ومن خلال التحليل الذي تم لمعظم التقارير الصادرة خلال الاشهر الماضية، نجد ان الخبراء في مجال الصحة النفسية قد اجمعوا على ان استمرار هذا الوضع النفسي المأساوي واستمرار التعرض للصدمات النفسية المتكررة سيكون لها ما بعدها من آثار عميقة وطويلة الاجل على المستوى الفردي والجمعي وستمتد عبر الاجيال القادمة. فعلى المستوى الفردي وخاصة بين الاطفال سيؤثر ذلك على نموهم العقلي والجسدي، وقدرتهم على التعلم والتفاعل العاطفي ومهاراتهم الاجتماعية. اما عند البالغين فسيؤدي هذا الوضع الى زيادة التوتر العصبي وارتفاع مستوى الامراض المزمنة وضعف المناعة وظهور اعراض جسدية، اضافة الى تصاعد السلوكيات العنيفة وفي بعض الحالات فقدان القدرة على التعاطف مع الاطفال، مما سيديم المعاناة عبر الاجيال. اما على المستوى الجمعي، فان هذا الامر سيساهم في انعدام الثقة والعزلة الاجتماعية وانهيار الروابط الاجتماعية بسبب النزوح المتكرر وحالات الفقد، كما ان حالة عدم اليقين والاستقرار المطول سيخلق شعورا جماعيا باليأس واللامبالاة والتشاؤم بشأن المستقبل، كما ان الازمات النفسية المستمرة ستحد من قدرة الافراد على التعافي، والتخطيط، والاستثمار في التنمية الشخصية او المجتمعية.
اننا في شبكة المنظمات الاهلية الفلسطينية، ووسط هذه المؤشرات الخطيرة حول واقع الصحة النفسية للسكان في قطاع غزة والحاجة المتزايدة لخدمات الدعم النفسي والاجتماعي بكل اشكالها ومستوياتها، نؤكد على الدور البارز للمنظمات الفلسطينية المحلية والمؤسسات الاممية والدولية والتي تعمل ضمن شبكات وتحالفات مختلفة، والتي لا تزال تقدم خدماتها النفسية والاجتماعية للسكان المتضررين والنازحين في كل المناطق في ظل تحديات هائلة ومعيقات كثيرة تتعلق بسلامة الطواقم وقيود الحركة ونقص المواد والمستلزمات ودمار المقار الرئيسية لمعظم هذه المؤسسات، حيث سعت هذه المنظمات الى مواصلة العمل بكل تفان واستطاعت الوصول الى مئات الالاف من المتضررين خلال الاثنين والعشرين شهرا الماضية تحت القصف الشديد واحداث الابادة المستمرة، والتي قدمت خدماتها المختلفة في مستويات اولية وقائية مثل التوعية النفسية والاسعاف النفسي الاولي والارشاد النفسي، وايضا في مستويات تخصصية شملت العلاج النفسي المتخصص والادوية.
ولا نستطيع ان نغفل جانب مهم من التحديات النفسية التي يواجهها العاملون والعاملات في مجال الدعم النفسي-الاجتماعي والصحة النفسية، والذين يتعرضون ايضا كغيرهم من السكان للاستشهاد والاصابة والنزوح والجوع والصدمات النفسية المتكررة نتيجة فقدان احبائهم وممتلكاتهم وغيرها من حالات الفقدان والاحداث الصادمة، حيث نؤكد على اهمية توجيه برامج رعاية واشراف مهني متخصصة لهم تساعدهم على استمرار تقديم خدماتهم المهمة من خلال منظماتهم المختلفة.
وبناء على ما سبق، تناشد شبكة المنظمات الاهلية الفلسطينية كافة الدول وجميع المنظمات الدولية والانسانية بالوقوف عند التزاماتها القانونية والانسانية، واتخاذ اجراءات فورية وفعالة للعمل على وقف العدوان الاسرائيلي ورفع الحصار وادخال البضائع والمساعدات ووقف سياسات التجويع الممنهجة وضمان حماية السكان وتمكينهم من الوصول الامن للغذاء والدواء والرعاية الصحية.
كما تطالب الشبكة مواصلة دعم قطاع الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي لتلبية الاحتياجات المجتمعية المتفاقمة في هذا المجال الحيوي والمهم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين أون لاين
منذ ساعة واحدة
- فلسطين أون لاين
الأورومتوسطي: أكثر من 30 فلسطينيًا يوميًا يُصابون بالإعاقة في غزة
متابعة/ فلسطين أون لاين أفاد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن أكثر من 30 فلسطينيًا يوميًا يصابون بإعاقات دائمة أو مؤقتة في قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، في إطار ما وصفه بجريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية. وارتفعت نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع بنحو 35% خلال 22 شهرًا، فيما وثق المرصد إصابة أكثر من 21,000 فلسطيني بإعاقات مختلفة من بين 156 ألف مصاب منذ بداية الهجمات، مقارنة بما كان موجودًا قبل أكتوبر 2023 والبالغ 58 ألف شخص، لترتفع نسبة ذوي الإعاقة إلى نحو 3.4% من السكان. وأشار المرصد إلى أن نحو 8700 حالة إعاقة دائمة تم توثيقها، تشمل 4800 بتر، 1200 شلل، 1200 فقد بصر، و1500 إعاقات أخرى، نتيجة القصف والهجمات المباشرة والحرمان من الرعاية الطبية، إضافة إلى انهيار المنظومة الصحية واستهداف المرافق الخاصة بذوي الإعاقة، حيث تضررت نحو 80% من المراكز والجمعيات المتخصصة. كما سجّل المرصد أن عدد الضحايا ذوي الإعاقة من بين 62 ألف شهيد فلسطيني قد يتجاوز 400 شخص، بينما توفي نحو 9 آلاف آخرين بسبب عدم تلقي العلاج الضروري، في مؤشر على التسبب المتعمد بالموت والإعاقة. وأكد المرصد أن غياب الدواء والعلاج وإعادة التأهيل، إلى جانب استهداف المرافق الصحية والمراكز التعليمية والتأهيلية، أدى إلى زيادة حالات البتر والإعاقات المستمرة، محولًا الإعاقة إلى عبء مضاعف على الأفراد وعائلاتهم، مع آثار نفسية واجتماعية عميقة. وحمّل التقرير نوعية الأسلحة المستخدمة واستهداف المنشآت الطبية مسؤولية تفاقم الإصابات وتحولها إلى إعاقات، إلى جانب تعذر إخلاء المصابين وتقديم العلاج العاجل لهم بسبب انهيار المنظومة الصحية. كما لفت إلى أن حالات البتر تزايدت بشكل ملحوظ نتيجة اضطرار الفرق الطبية إلى اتخاذ قرارات صعبة بين الأولويات العلاجية، ما أدى إلى تأخر الاستجابة أو غيابها في كثير من الأحيان. وخلص المرصد إلى أن هذا التصاعد في أعداد ذوي الإعاقة يعكس ما وصفه بـ"نمط ممنهج لإلحاق الأذى الجسدي الجسيم"، وهو ما يندرج ضمن معايير جريمة الإبادة الجماعية وفق القانون الدولي. ودعا المرصد المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف ما وصفه بجريمة الإبادة الجماعية، وتقديم دعم عاجل للفلسطينيين ذوي الإعاقة يشمل العلاج، والأطراف الصناعية، والخدمات النفسية والتأهيلية، وإعادة بناء المرافق المتضررة، وضمان إدخال الأجهزة الطبية والمستلزمات الجراحية، بالإضافة إلى محاسبة المسؤولين الإسرائيليين وفرض عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية على إسرائيل، ورفع الحصار غير القانوني عن قطاع غزة لضمان حقوق المدنيين وحق الفلسطينيين في العيش بكرامة وتقرير المصير.


فلسطين أون لاين
منذ ساعة واحدة
- فلسطين أون لاين
البرش: غزَّة تواجه كارثةً صحِّيَّةً مع نفاد الأدوية في ظلِّ خطَّة الاحتلال
متابعة/ فلسطين أون لاين حذر الدكتور منير البرش، المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة، من تدهور الأوضاع الصحية بشكل حاد، مشيراً إلى أن أكثر من نصف الأدوية في المستشفيات باتت غير متوفرة. وأكد البرش، في مقابلة مع قناة الجزيرة، أن الموارد الطبية محدودة للغاية، مع نقص حاد في أدوية الأمراض المزمنة وأكياس الدم وأدوات نقل الدم، فيما تعاني المختبرات المركزية من نفاد 60% من مواد الفحص المختبرية. وأشار البرش إلى أن الخطة الإسرائيلية لاحتلال قطاع غزة تدريجياً، والتي أقرها المجلس الوزاري الإسرائيلي في 8 أغسطس/آب، تهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية، لا سيما في مدينة غزة، بعدما اعتاد الاحتلال على ارتكاب مجازر خلال اجتياحه لمناطق أخرى في القطاع، بما في ذلك تدمير المنازل وقتل العائلات. وأوضح البرش أن وزارة الصحة تواجه عبئاً هائلاً في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي والقصف المتواصل، مؤكدًا أن الاحتلال الإسرائيلي لا يستهدف السكان جسديًا فقط، بل يمارس إبادة نفسية واسعة، حيث يعاني أكثر من مليون طفل من صدمات نفسية، ويظهر نصفهم أعراضًا واضحة، إلى جانب وجود 44 ألف يتيم و60 ألف امرأة حامل تحت تهديد مباشر من الحرب النفسية المستمرة. وختم البرش تحذيره بالتأكيد أن الهدف الإسرائيلي هو تخويف السكان ودفعهم للانهيار، ما يجعل الوضع في غزة يواجه تحدياً إنسانياً وصحياً غير مسبوق. والأحد، ذكرت الإذاعة العبرية، أن زامير سيعقد اجتماعا الأحد مع قيادة المنطقة الجنوبية التابعة للجيش، للمصادقة على الخطط الخاصة باحتلال مدينة غزة. وأوضحت الإذاعة أن الخطة "لا تقتصر على إخلاء سكان المدينة، كما ورد في تقارير سابقة، بل تشمل أيضًا استكمال تطويقها وتحقيق سيطرة عملياتية داخلها". وأضافت: "سيبدأ خلال الأسابيع المقبلة إخلاء السكان (تهجير الفلسطينيين) من المدينة، ومن المستحيل استيعاب مئات آلاف النازحين في المناطق الإنسانية الحالية في مدينة غزة". وفي 11 من الشهر ذاته، وفي إطار تنفيذ الخطة، بدأ الجيش الإسرائيلي هجوما واسعا على حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة، تخلله نسف منازل باستخدام روبوتات مفخخة، وقصف مدفعي، وإطلاق نار عشوائي، وتهجير قسري، وفق شهود عيان للأناضول. وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و944 شهيدًا و155 ألفا و886 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 251 شخصا، بينهم 108 أطفال.


فلسطين اليوم
منذ 2 ساعات
- فلسطين اليوم
أطباء بلا حدود : ارتفاع يومي حاد في الإصابات بغزة
كشفت منظمة "أطباء بلا حدود" عن تصاعد مقلق في أعداد المصابين داخل قطاع غزة، مشيرة إلى أن المعدل اليومي للإصابات ارتفع إلى ثلاثة أضعاف منذ بدء العمل في مراكز توزيع ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي جهة مدعومة من الاحتلال والولايات المتحدة. وأوضحت المنظمة أن هذا الارتفاع الحاد يتزامن مع نشاط المؤسسة المذكورة، ما يثير تساؤلات حول طبيعة عملها وتداعياته على الوضع الإنساني المتدهور في القطاع المحاصر. ويأتي هذا التصريح في ظل استمرار العدوان على غزة، وتفاقم الأوضاع الصحية نتيجة الاستهداف المباشر للبنية التحتية الطبية، ونقص الإمدادات الحيوية، ما يجعل أي تدخل خارجي محل تدقيق ومساءلة.