
عواقب موقف ترامب في أوكرانيا
فاطمة ياسين
كاتبة سورية، صحفية ومعدة ومنتجة برامج سياسية وثقافية
كان إيقاف الحرب بين روسيا وأوكرانيا من ضمن تعهدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أعلن أكثر من مرّة أنه من خططه الأساسية بعد انتخابه، وأغدق مجاملاتٍ على الرئيس بوتين في سبيل التقرّب من الجانب الروسي قليلاً، ووجّه لوماً لأوروبا ولسلفه جو بايدن الذي كان يتصدّر الموقف في دعم أوكرانيا. ظنّ ترامب أن وصوله إلى البيت الأبيض سيحرّك بوتين لتوطيد العلاقة به وإيقاف الحرب تلبيةً لطلبه، ولكن ما حصل بعد وصول ترامب إلى كرسي الرئاسة مُحبط في هذا السياق، وغير مطمئن، ولا يصبّ في أي حال في صالح وقف المعارك. وكان الرئيس الأوكراني زيلينسكي قد دعا إلى وقف غير مشروط لإطلاق النار، ولم يلتفت بوتين إلى ذلك، بل استمرّ بزخمه العسكري، ما دفع ترامب إلى أن يكتب على 'السوشال تروث': 'فلاديمير، توقف'. وبالأمس فقط هاتف ترامب بوتين، ودار حديثهما بالطبع عن وقف الحرب. ولكن ما إن أغلق الهاتف، حتى انهمرت الطائرات المسيّرة والصواريخ على أوكرانيا، ما أظهر أن بوتين غير راغبٍ في أي حالة سلام، ويستغل الضغط الأميركي على زيلينسكي ليزيد من مكاسبه على الأرض فقط.
يستخدم بوتين موقف ترامب إلى أقصى حد، ويتغوّل في قصف الأوكرانيين، غير عابئ بالفاتورة البشرية التي تسقط على الجانب الأوكراني، ولا حتى بخسائر روسيا المتفاقمة مع حملاته الغزيرة التي سرّعت أخيراً من تقدّمه، وإنْ على حساب الخسائر البشرية والمادية الكبيرة… تساعد مواقف ترامب المتذبذبة في تشدّد بوتين العسكري، والمشهد الذي رآه العالم في البيت الأبيض لترامب ونائبه يتناوبان في التهجّم على زيلينسكي ومحاولة إسكاته شاهده بوتين، ووظّفه لصالحه في أرض المعركة. عاد ترامب بعدها إلى تليين موقفه، فتكلم مع زيلينسكي، وعقد معه اتفاقاً مهماً حول المعادن الثمينة، فتقدّم بوتين في أراضٍ أوكرانية تحتوي على بعض من تلك المعادن من دون الالتفات إلى موقف ترامب الذي أوقف، في الأسبوع الماضي، شحنة أسلحة مهمة كانت في طريقها إلى أوكرانيا، بينما بوتين في خضم حملة قصف جوي شديدة طاولت مساحات كبيرة، وأهداف بعضها مدني، في أوكرانيا… لا يساعد موقف ترامب المتراقص أي سلام ممكن، ولا يؤدّي إلى تحقيق ما ردّده بأنه قادر على أن يوقف الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة.
يبدو ترامب بمواقفه المتأرجحة حائراً في كيفية معالجة الأمر، فهو يرغب في التمسّك بتعهده القاضي بإنهاء المسألة، وضغط على زيلينسكي لتحقيق ذلك، وقد بدا زيلينسكي كأنه الحلقة الأضعف في هذه المعادلة، وظهر في لحظة ما خائر القوى، ومستعدّاً للتجاوب، ولكن بوتين حافظ على موقفه المتصلب الجاد في المضي بالحرب، ومن دون أن يبني ترامب استراتيجية واضحة لوقفها تبدو الفرص قليلةً مع شخصٍ مثل بوتين الذي يشكل الموقف الأميركي المتذبذب حافزاً إضافياً له ليبقي ضغطه متواصلاً على أوكرانيا. ولا يبدو الموقف الأوروبي مؤثراً كثيراً، رغم أن دولاً أوروبية تقدّمت بخطوة تحدٍّ نحو بوتين بتقديم مزيد من المساعدات إلى أوكرانيا. في إعلان مساندة راسخة في أوج هجوم بوتين الجنوني، تقول أوروبا إنها لا تنوي التخلي عن أوكرانيا، وهو موقف إيجابي، ولكنه غير كافٍ.
قد لا يستطيع ترامب إنهاء الحرب بالتعادل، ولكنه يستطيع أن يوقف الهمجية الروسية لبوتين الذي يوغل في دماء الأوكرانيين، وفي وسعه تكثيف العقوبات وإعادة تزويد أوكرانيا بالأسلحة القادرة على توقيف المسيّرات والصواريخ. وبالتعاون الأوروبي الأميركي، يمكن تحويل القاعدة الحالية للحرب التي يتقدّم بوتين فيها على الأراضي الأوكرانية، إلى وضع معاكس. ورغم أن بوتين ما زال قادراً على تمويل حربه، إلا أن تلك الحرب تكبل يديه في الداخل وتحرجه أمام أنصاره، وقد يضطرّ إلى تغيير بعض من مواقفه، وتصبح الأمور أكثر سهولة في تحقيق السلام، ولكن ذلك يبقى رهناً بقدرة ترامب على حسم ما يجب حسمه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


إيطاليا تلغراف
منذ 7 ساعات
- إيطاليا تلغراف
ترامب يستقبل قادة من غرب إفريقيا في واشنطن: بحث قضايا إقليمية وتعزيز العلاقات مع إسرائيل
إيطاليا تلغراف عبد الله مشنون كاتب صحفي مقيم بايطاليا استقبل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في مقر إقامته بالعاصمة الأميركية واشنطن، رؤساء كل من الغابون، غينيا بيساو، ليبيريا، موريتانيا، والسنغال، في لقاء رفيع المستوى شهد مناقشات موسعة حول تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ودول غرب إفريقيا، إضافة إلى بحث سبل دعم الاستقرار الإقليمي، والتنمية، وتوسيع علاقات تلك الدول مع دولة إسرائيل. الاجتماع الذي عُقد في البيت الأبيض، يأتي في سياق جهود متجددة لتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين الولايات المتحدة والقارة الإفريقية، خصوصًا في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، ووسط تنافس القوى العالمية على تعزيز نفوذها في إفريقيا. قضايا محورية على طاولة النقاش تناولت المحادثات عددًا من القضايا المهمة من أبرزها: تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي بين الولايات المتحدة ودول غرب إفريقيا. مواجهة التحديات الإقليمية مثل الإرهاب، والهجرة غير النظامية، وانعدام الاستقرار السياسي في بعض مناطق الساحل. فرص الاستثمار والتنمية في البنية التحتية والطاقة والتعليم. توسيع العلاقات مع إسرائيل، حيث تم التطرق إلى فرص التعاون الثلاثي بين الولايات المتحدة، إسرائيل، ودول غرب إفريقيا، في إطار مساعي بعض الدول الأفريقية لتعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع تل أبيب. دلالات اللقاء وتوقيته ويرى مراقبون أن هذا اللقاء يعكس اهتمام إدارة ترامب السابق – والذي لا يزال يحتفظ بنفوذ سياسي قوي – بالانفتاح على إفريقيا كشريك أساسي في القضايا الدولية، خاصة مع تنامي الدور الصيني والروسي في القارة. كما يعكس اللقاء رغبة بعض الدول الإفريقية في تنويع تحالفاتها الدولية، والدخول في شراكات جديدة تضمن مصالحها التنموية والاستراتيجية. التقارب مع إسرائيل في الواجهة أثار محور إقامة علاقات أو توسيعها مع إسرائيل اهتمامًا خاصًا خلال اللقاء، في ظل الدينامية التي أطلقها اتفاق إبراهيم خلال فترة رئاسة ترامب، والذي شهد انضمام دول عربية وإسلامية إلى مسار التطبيع مع إسرائيل. ويبدو أن بعض قادة غرب إفريقيا مهتمون بمواكبة هذه التحولات، خصوصًا لما يمكن أن تحققه من فرص اقتصادية واستثمارية، بالإضافة إلى دعم سياسي من الولايات المتحدة. ردود الفعل اللقاء قوبل باهتمام واسع في الدوائر الإعلامية والسياسية داخل إفريقيا، حيث اعتبره البعض فرصة لتعزيز الحضور الأفريقي في الساحة الدولية، في حين حذر آخرون من ربط العلاقات الخارجية بمسارات تطبيعية قد تكون مثار جدل داخلي في بعض الدول. خاتمة يعكس هذا الاجتماع رفيع المستوى مرحلة جديدة من الانفتاح بين الولايات المتحدة ودول غرب إفريقيا، في وقت يبحث فيه الجميع عن شركاء مستقرين وفاعلين لمواجهة تحديات معقدة ومتعددة. كما يفتح الباب أمام نقاش أوسع حول موقع إسرائيل في العلاقات الدولية للقارة الإفريقية، ومستقبل العلاقات الثلاثية التي قد تنشأ نتيجة لذلك. إيطاليا تلغراف


خبر للأنباء
منذ 8 ساعات
- خبر للأنباء
نتنياهو لـ فوكس نيوز : إيران لن تعود إلى برنامجها النووي إنها خائفة
المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري: نعمل على استعادة كفاءة مبنى #سنترال_رمسيس هيئة التجارة البحرية البريطانية: عمليات البحث والإنقاذ عن بقية طاقم السفينة "اترنيتي" مستمرة "أكسيوس": اجتماع سري لمسؤولين أمريكيين وإسرائيليين وقطريين حول وقف إطلاق النار في غزة نتنياهو لـ فوكس نيوز : إيران لن تعود إلى برنامجها النووي إنها خائفة بوتين يعفي مبعوثه الخاص للشرق الأوسط وأفريقيا "بوغدانوف" من مهامه السفارة الأمريكية بـ #اليمن تطالب الحوثيين بإطلاق سراح طاقم السفينة اترنيتي الفوري وغير المشروط المبعوث الأميركي إلى سوريا : الفيدرالية "لا تعمل" في سوريا المبعوث الأميركي: نصيحتي لقسد أن يسرعوا فطريق المفاوضات يؤدي إلى دمشق رئيس وزراء مصر: حريق سنترال رمسيس فرصة لإعادة هيكلة بعض الشبكات والخدمات.. ونقوم حاليًا بعملية التحديث رويترز: #ترامب يقول إن #الولايات_المتحدة ستفرض رسوما جمركية بنسبة 30٪ على #ليبيا و #العراق و #الجزائر اعتبارًا من أول أغسطس المقبل إعلام إسرائيلي: #ترامب أكد لـ #نتنياهو ضرورة حل الوضع المأساوي في غزة مصادر مصرفية: الريال اليمني يسجل في آخر تداولات الصرف في #صنعاء 534 ريالاً لشراء الدولار و 139.80 ريالاً لشراء الريال السعودي #وكالة_خبر إعلام إسرائيلي: مقتل سائق جرافة يعمل لدى وزارة الدفاع وإصابة جنديين آخرين بعد استهداف آلية هندسية في قطاع #غزة


خبر للأنباء
منذ 8 ساعات
- خبر للأنباء
ترامب: فرصة كبيرة لوقف إطلاق النار في غزة هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل
وأوضح ترامب أنه ناقش هذا الملف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يزور واشنطن للمرة الثانية خلال أقل من 24 ساعة. وأضاف الرئيس الأمريكي في تصريحات للصحفيين: "ليس هناك ما هو مؤكد في الحروب سواء في غزة أو في أماكن أخرى نتعامل معها، لكنني أعتقد أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع، وإذا لم يحدث ذلك، فربما في الأسبوع المقبل". وكشفت مصادر أمريكية وإسرائيلية أن الرئيس ترامب مارس "ضغطا شديدا" على نتنياهو خلال لقائهما الثاني في البيت الأبيض الثلاثاء، للقبول بوقف إطلاق النار في غزة. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن نتنياهو غادر الاجتماع دون الإدلاء بأي تصريحات، في مؤشر على تعقّد المباحثات. وبحسب تصريحات ترامب، فقد ركز الاجتماع، الذي عقد في المكتب البيضاوي مساء الثلاثاء، بشكل شبه كامل على الحرب في غزة، وقال: "غزة مأساة. علينا إيجاد حل لها. أنا أريد ذلك، ونتنياهو يريد، وأعتقد أن الطرف الآخر يريد أيضا". وتدور المحادثات حول اتفاق مؤقت يتضمن هدنة لمدة 60 يومًا، تتخللها مرحلتان لإطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء، وتسليم رفات 18 آخرين، إلى جانب إطلاق أسرى فلسطينيين وزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، على أن تتولى إدارة ترامب ضمان تنفيذ الاتفاق. لكن مصادر إسرائيلية حذرت من أن المفاوضات قد تتعثر بسبب إصرار نتنياهو على إبقاء السيطرة العسكرية الإسرائيلية على محور موراج "محور فيلادلفيا 2" – خلافا لتوصيات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. وكشفت "أكسيوس" أن المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف عقد اجتماعا ثلاثيا مع مسؤول قطري ومستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي رون ديرمر، قبيل لقاء ترامب ونتنياهو، لبحث العقبة الأخيرة في مفاوضات وقف إطلاق النار، والمتمثلة بإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي خلال هدنة تمتد لـ60 يوما. وبحسب المصادر، رفض الجانب القطري الخارطة الإسرائيلية باعتبارها محدودة وغير مقبولة، فيما أشار ويتكوف إلى أنها تشبه خطة وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش، التي تتضمن بقاء قوات إسرائيلية في أجزاء واسعة من غزة، وهو ما ترفضه واشنطن. وفي ظل ضغوط داخلية يتعرض لها نتنياهو، قدمت إسرائيل لاحقا مقترحا جديدا تضمن انسحابا أوسع، مما أدى إلى تقدم في المفاوضات.