logo
المَملكة ترفُض المَساس بأمن ووحدة سُورية

المَملكة ترفُض المَساس بأمن ووحدة سُورية

الرياضمنذ 4 أيام
إن المحافظة على وحدة الأراضي السورية، والدعوة لوحدة الصف والكلمة بين جميع أبناء الشعب السوري، ومساندة النظام السياسي لتعزيز الأمن والسلم والاستقرار في الدولة السورية، والرفض المُطلق لجميع أشكال التدخل في شؤون الدولة السورية، سياسة ثابتة للمملكة العربية السعودية..
عندما حدث التحول الإيجابي في الدولة السورية بإقامة نظام سياسي جديد وفقاً لما ارتضاه واختاره أبناء الشعب السوري في 8 ديسمبر 2024م، جاءت المملكة العربية السعودية على رأس الدول الرئيسة في المجتمع الدولي التي أيدت ودعمت وساندت ذلك التحول الإيجابي والبنَّاء والهادف، وذلك في بيان رسمي بثته (واس) في 8 ديسمبر 2024م، ومما جاء فيه، الآتي: "تابعت المملكة العربية السعودية التطورات المتسارعة في سورية الشقيقة، وتعرب عن ارتياحها للخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لتأمين سلامة الشعب السوري الشقيق وحقن الدماء والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومقدراتها، وإذ تؤكد المملكة وقوفها إلى جانب الشعب السوري الشقيق وخياراته في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سورية لتدعو إلى تضافر الجهود للحفاظ على وحدة سورية وتلاحم شعبها، بما يحميها -بحول الله- من الانزلاق نحو الفوضى والانقسام، وتؤكد المملكة دعمها لكل ما من شأنه تحقيق أمن سورية الشقيقة واستقرارها بما يصون سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها، كما تدعو المملكة المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق والتعاون معه في كل ما يخدم سورية ويحقق تطلعات شعبها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".
وعندما وجدت القيادة الرشيدة للمملكة العربية السعودية أن الدولة السورية الجديدة في حاجة ماسة لبناء اقتصادها بما يمكنها من خدمة شعبها وتطوير وتنمية مجتمعها، بادرت بشكل مباشر لمطالبة المجتمع الدولي بأهمية رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها، ونادت بأهمية إعادة اندماج الدولة السورية بالمجتمع الدولي لتتمكن من الاستفادة الكاملة من الفرص الاقتصادية والصناعية والتجارية والاستثمارية والخدمية التي تسهم في إعادة بناء المجتمع والدولة السورية في كل المجالات وعلى جميع المستويات. وقد كان لهذه الوقفات السياسية الحكيمة والتوجهات البنَّاءة أثر مباشر ونتائج عظيمة أشار لها البيان الذي بثته (واس) في 14 مايو 2025م، ومما جاء فيه، الآتي: "بدعوة كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، تم عقد لقاء في (الرياض) بين سموه الكريم وفخامة رئيس الولايات المتحدة الأميركية السيد / دونالد جي ترمب، وفخامة رئيس الجمهورية التركية السيد / رجب طيب أردوغان (مشاركًا عبر اتصال هاتفي) وفخامة رئيس الجمهورية العربية السورية السيد / أحمد الشرع، وتم تناول مستقبل الأوضاع في سورية، وتأكيد أهمية استقرارها وسيادتها ووحدة أراضيها، وتحقيق الأمن والرخاء للشعب السوري، وكذلك بحث الأوضاع الإقليمية وأهمية العمل على إيجاد الحلول المناسبة لها، وأعرب فخامة الرئيس أحمد الشرع عن شكره وتقديره لقرار فخامة الرئيس دونالد ترمب إزالة العقوبات عن سورية، وأن هذا القرار سيفتح صفحة جديدة لتمكين إعادة بناء سورية وإحياء اقتصادها والإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار فيها، كما أعرب فخامته عن شكره وتقديره لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ولفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية على جهودهما في دعم سورية وطلب رفع العقوبات عنها."
وإذا كانت المملكة العربية السعودية، بحكمة قيادتها الرشيدة، أسهمت إسهاما مباشرا وعظيما في خدمة الشعب السوري، وإعادة اندماج الدولة السورية في المجتمع الدولي، فإن هذه السياسات والتوجهات البنَّاءة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية تجاه الشعب والدولة السورية مستمرة ومتصلة في جميع الظروف والأحوال إيماناً بحق الشعب السوري في إقامة نظامه السياسي الذي يراه مناسباً، وإيماناً بحق الدولة السورية بحفظ أمنها وسلمها واستقرارها ووحدة مجتمعها، ودفاعاً عن الحقوق العربية، وسعياً لتعزيز الأمن القومي العربي. وانطلاقاً من هذه الأسس البنَّاءة التي تقوم عليها توجهات وسياسات المملكة العربية السعودية، والتي عُرفت بها وعنها في المجتمع الدولي، تؤكد دائماً وقوفها ومساندتها وتأييدها للشعب السوري وحكومته الشرعية في جميع الظروف والأحوال للاستمرار في بناء المجتمع والدولة، ولمواجهة التحديات والصعوبات التي تواجهها، وهذا الذي أكد عليه الخبر الذي بثته (واس) في 17 يوليو 2025م، وجاء فيه، الآتي: "تلقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، اتصالًا هاتفيًا، من فخامة الرئيس أحمد الشرع رئيس الجمهورية العربية السورية. وفي بداية الاتصال رحب سمو ولي العهد -حفظه الله- بما أعلن عنه فخامته من ترتيبات وإجراءات لاحتواء الأحداث الأخيرة في سورية، معربًا عن ثقة المملكة بقدرة الحكومة السورية بقيادة فخامته على تحقيق الأمن والاستقرار لسورية الشقيقة. ونوه سموه -حفظه الله- بالجهود التي يبذلها فخامته لاستمرار سورية في مسارها الصحيح الذي يكفل المحافظة على وحدة سورية وسلامة أراضيها وتعزيز وحدتها الوطنية وتكاتف جميع أطياف الشعب السوري الشقيق وتلاحمه وعدم السماح لأي بوادر فتنة تهدف إلى زعزعة أمنه واستقراره، كما شدد سموه على أهمية مواصلة ما بدأته سورية على كافة المستويات لتحقيق التقدم والازدهار الذي يتطلع إليه الشعب السوري الشقيق، مجددًا التأكيد على موقف المملكة الثابت في مساندة سورية والوقوف إلى جانبها ورفض أي عمل يمس السلم الأهلي والاجتماعي جملة وتفصيلًا. وجدد سموه موقف المملكة المُعلن في إدانة الاعتداءات الإسرائيلية السافرة على الأراضي السورية والتدخل في شؤونها الداخلية، وأكد -حفظه الله- ضرورة دعم المجتمع الدولي للحكومة السورية في مواجهة هذه التحديات ومنع أي تدخلات خارجية في الشأن الداخلي السوري تحت أي مبرر، من جهته أعرب فخامة الرئيس عن شكره للمملكة لمواقفها الداعمة لمساندة سورية، وتقديره للدور الذي يقوم به سمو ولي العهد من جهود ومساعٍ لدعم الأمن والاستقرار في سورية والمنطقة".
ووفاءً لهذا المنهج البنَّاء والحكيم الذي تقوم عليه سياسات المملكة العربية السعودية القائم على تعزيز الأمن والسلم والاستقرار على جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وحرصاً على وحدة الشعب السوري واستقرار الدولة السورية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، بذلت السياسة السعودية جهوداً عظيمة في سبيل جمع الكلمة وتوحيد الصَّفوف العربية والإسلامية لتأييد وحدة الصف والكلمة والمجتمع في سورية، ولإدانة التدخلات الخارجية الهادفة لتقويض أمن وسلامة واستقرار المجتمع والدولة السورية، وقد أثمرت هذه الجهود السياسية العظيمة صدور بيان مشترك بثته (واس) في 17 يوليو 2025م، جاء فيه، الآتي: "أجرى وزراء خارجية المملكة العربية السعودية، والمملكة الأردنية الهاشمية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، والجمهورية التركية، وجمهورية العراق، وسلطنة عُمان، ودولة قطر، ودولة الكويت، والجمهورية اللبنانية، وجمهورية مصر العربية على مدى اليومين الماضيين محادثات مكثفة حول تطورات الأوضاع في سورية وفي سياق الموقف الواحد، والجهود المشتركة لدعم الحكومة السورية في جهود إعادة بناء سورية الشقيقة على الأسس التي تضمن أمنها واستقرارها ووحدتها وسيادتها وحقوق كل مواطنيها، وأكد الوزراء في بيان مشترك (على الآتي): (1) دعم أمن سورية ووحدتها واستقرارها وسيادتها ورفض كل التدخلات الخارجية في شؤونها. (2) الترحيب بالاتفاق الذي أنجز لإنهاء الأزمة في محافظة السويداء، والتأكيد لضرورة تنفيذه حماية لسورية ووحدتها ولمواطنيها، وبما يحقن الدم السوري ويضمن حماية المدنيين، وسيادة الدولة والقانون. (3) الترحيب بالتزام فخامة الرئيس السوري أحمد الشرع بمحاسبة كل المسؤولين عن التجاوزات بحق المواطنين السوريين في محافظة السويداء، ودعم كل جهود بسط الأمن وسيادة الدولة والقانون في محافظة السويداء وفي جميع الأرض السورية ونبذ العنف والطائفية ومحاولات بث الفتنة والتحريض والكراهية. (4) إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الجمهورية العربية السورية ورفضها بصفتها خرقًا فاضحًا للقانون الدولي واعتداءً سافرًا على سيادة سورية يزعزعان أمنها واستقرارها ووحدة وسلامة أراضيها ومواطنيها، ويقوض جهود الحكومة السورية لبناء سورية الجديدة بما يحقق تطلعات وخيارات شعبها الشقيق. (5) إن أمن سورية واستقرارها ركيزة للأمن والاستقرار الإقليميين وأولوية مشتركة. (6) دعوة المجتمع الدولي إلى دعم الحكومة السورية في عملية إعادة البناء، ودعوة مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية لضمان انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي السورية المحتلة، ووقف جميع الأعمال العدائية الإسرائيلية على سورية والتدخل في شؤونها، وتطبيق القرار 2766، واتفاقية فض الاشتباك لعام 1974".
وفي الختام من الأهمية القول إن المحافظة على وحدة الأراضي السورية، والدعوة لوحدة الصف والكلمة بين جميع أبناء الشعب السوري، ومساندة النظام السياسي لتعزيز الأمن والسلم والاستقرار في الدولة السورية، والرفض المُطلق لجميع أشكال التدخل في شؤون الدولة السورية، سياسة ثابتة للمملكة العربية السعودية. نعم، إن سياسة المملكة العربية السعودية تتفق تماماً مع قواعد القانون الدولي التي تؤكد على تعزيز الأمن والسلم والاستقرار على جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وترفض رفضاً قاطعاً المَساس بوحدة المُجتمعات والتدخل في شؤونها الداخلية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اختيار المملكة نموذجاً عالمياً لاستدامة المياه
اختيار المملكة نموذجاً عالمياً لاستدامة المياه

الرياض

timeمنذ 22 دقائق

  • الرياض

اختيار المملكة نموذجاً عالمياً لاستدامة المياه

اختارت لجنة الأمم المتحدة للمياه المملكة العربية السعودية نموذجًا لأفضل الممارسات لتسريع تحقيق المستهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة والخاص بالمياه، وذلك خلال المنتدى السياسي رفيع المستوى الخاص بالتنمية المستدامة الذي أقيم في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. واستعرضت المملكة ممثلة في وزارة البيئة والمياه والزراعة أمام اللجنة الدروس الرئيسة المستفادة من تجربتها في تعزيز أمن المياه واستدامتها في منطقة تعاني من ندرة شديدة في الموارد المائية الطبيعية، وهي: إرادة والتزام سياسي رفيعا المستوى، وتصميم إستراتيجيات ذات أدوار واضحة وأهداف قابلة للقياس، وإشراك القطاع الخاص في تقديم الخدمات والبنية التحتية، والاستفادة من الابتكار والبيانات لتعزيز حوكمة المياه، وبناء الشراكات والتعاون الدولي. بدوره، أشار وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة للمياه الدكتور عبدالعزيز الشيباني إلى أن هذا النهج أدى إلى تحسين الكفاءة والتنسيق وجودة الخدمة ما بين عامي 2017 و2023، إذ ارتفع مؤشر الإدارة المتكاملة للموارد المائية لدى المملكة من (57%) إلى (83%)، وهو أحد أسرع معدلات الارتفاع العالمية في مؤشر أهداف التنمية المستدامة (6.5.1). وتأتي هذه الخطوة تتويجًا لجهود المملكة في تعزيز استدامة الموارد المائية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، إذ أسهمت مبادرات وزارة البيئة والمياه والزراعة في تطوير إستراتيجيات متكاملة في قطاعاتها الثلاثة، وتحسين كفاءة إدارة المياه، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والجهات الدولية، بما يرسخ مكانة المملكة نموذجًا عالميًّا في مواجهة تحديات ندرة المياه وتحقيق الأمن المائي وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

القنبلة الإعلامية النووية
القنبلة الإعلامية النووية

عكاظ

timeمنذ ساعة واحدة

  • عكاظ

القنبلة الإعلامية النووية

لم تعد الحروب تُخاض على السهول المكشوفة، ولا تُقاس الانتصارات بخرائط الدمار أو جثث المقاتلين، برز سلاحٌ لا يُرى، لا تُشمّ رائحته، ولا يُسمع له دويُّ انفجار، لكنه يهزّ عروشاً بل ويسقطها، ويُغيّر عقولاً، ويُعيد تشكيل العالم في صمت. إنه سلاحٌ فتّاك تفوّق على أزيز الرصاص و«رجد» المدافع، إنه «القنبلة الإعلامية النووية»، سلاح العصر الذي يحارب بالكلمة والصورة، ويُدمّر بالرواية والقصّة. لم يعد الإعلام مجرّد مرآة تعكس الواقع، بل صار مصنعاً يصوغ «حقائق» و«أكاذيب» جديدة حسب اقتضاء الحاجة، لقد تحوّل من ناقلٍ للأخبار إلى مهندسٍ للوعي الجمعي، من كاشفٍ للحقائق والأكاذيب إلى مُنتجٍ لها. إن مَنْ يمسك بزمام الصورة يتحكّم في المشاعر، ومَنْ يملك الميكروفون يفرض السردية، ومَنْ يتقن فنّ «التركيب» والتقطيع والإيحاء، يستطيع أن يوجّه الجماهير: متى يغضبون، وكيف يحبّون، وما يجب أن يعتقدون. إنها عملية جراحية دقيقة تُجرى للعقل الجمعي، لا تترك ندوباً ظاهرة، لكنها تشوّه البُنى التحتية للهوية والانتماء. تلك القنابل لا تُخزّن في صوامع تحت الأرض، بل تُصنع في استوديوهات زاهية الإضاءة، تُطلَق من شاشاتٍ صغيرة في أيدينا، وتنفجر في صمّام أذهاننا. تراها في ابتسامة مذيعةٍ «جميلة» تبث السم بابتسامة، أو في تقريرٍ «محايد» شكلاً ويحمل في طياته الغام التضليل. إنها حرب لا تعرف الجبهات التقليدية، تُشنّ من دولةٍ على أخرى، أو من فردٍ على مجتمعه، بل ومن شابٍّ على ذاته وهو يغوص في دوّامة المحتوى. نحن لسنا تحت القصف، بل تحت «سردية خفية»، تحاول أن تجعل منّا مُستَعمَرين بالقصص المُغلفة بأصوات ناعمة، وموسيقى خلفية رومانسية جذابة، وترجمات ذكية تخترق دفاعاتنا غير القابلة للتشكيك لمواطنين أحبوا بلدهم وتفانوا بالدفاع عنه بالسيف وبالقلم؛ فالسعوديون لا يدافعون بالوكالة وليسوا موظفين بوظيفة (مدافع) إنما إخلاصهم وولاؤهم وانتماؤهم جعلهم هدفاً للأعداء ومن يسير على نهجهم بإلصاق تهمة (وطنجي) بهم، لنرى للأسف بعض المواطنين يرددونها دونما وعي منهم أنها معول تصنيف لشق صف الوحدة الوطنية. حروب الهوية تُشعل الروايات المتنافِرة لنيران الفرقة داخل المجتمع الواحد، فتتحول الخلافات إلى هاويات سحيقة. السؤال الذي يلحّ كوجع الضمير: كم من وطنٍ سقطت حصونه الداخلية بلا طلقة رصاص؟! كم من شعبٍ رأى قناعاته تتآكل وهو منبهرٌ ببريق الشاشة؟! كم من شابٍ ظنّ نفسه حُرّاً في تفكيره، وهو في حقيقة الأمر مجرّد رهين لخوارزميةٍ مدفوعة الثمن، أو لروايةٍ مُعدّة سلفاً في غرف عمليات إعلامية نووية؟! في مواجهة هذا الطوفان، لم يعد الصدق وحده درعاً كافياً، فالخطر لا يكمن فقط في الكذب الصريح، بل في «نصف الحقيقة»، وفي «التضليل بالانتقاء»، وفي التلاعب بالعواطف عبر قصصٍ كاذبة منطقياً، لم يعد رفض الكذب ضمانة، بل يجب فكّ شيفرة الرسالة، وتفكيك آليات التأثير الخفيّة: السؤال الدائم: مَنْ وراء هذا المحتوى؟! وما هدفه الحقيقي؟! ومَنْ المستفيد؟! صمت المواطن أمام القصف الإعلامي الخبيث ليس حياداً نبيلًا، بل هو انتحار بطيء للعقل الجمعي. إنها معركة الوجود الفكري التي تُخاض الآن، هنا في هذه اللحظة بالذات، عند فتحنا هاتفنا، أو مشاهدتنا نشرة أخبار، أو مشاركتنا منشوراً. إن ساحتها الحقيقية ليست في الميادين العامة، بل في عزلتنا الرقمية، في حواراتنا الداخلية على منصات التواصل، وفي اختياراتنا الواعية لما نستهلكه من أفكار. في عصر القنبلة الإعلامية النووية، حيث تحوّلت الكلمات إلى أسلحة فتاكة، والصور إلى قذائف موجهة، والخوارزميات إلى قادة معارك غير مرئية، فإن امتلاك المناعة النقدية والبوصلة الأخلاقية لم يعد كافياً فكرياً، بل إما أن نكون صُنّاع وعي بالأسلحة الحديثة، أو سنكون ضحايا لتشكيل وعي الآخرين. انتهى زمن أن نضيء شمعة اليقظة في ظلام التضليل، أو نستسلم للانفجار الصامت الذي يمحو هوياتنا ويذرونا رماداً على ركام ذواتنا الضائعة. إنه زمن الحرب النووية الإعلامية، والاكتفاء بالأسلحة الإعلامية الكلاسيكية أصبح جزءاً من التاريخ في عصر «الإعلام النووي». أخبار ذات صلة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store