
بين صرحين أكاديميين.. فـاس ووجـدة
هناك مدن عرفناها على الخارطة الصماء حتى إذا زرناها سكنت خارطة القلب وخصصنا لها قاموساً كتبناه بتجاربنا ومشاهداتنا وأحرفنا الخاصة، واكتسبنا منها قصصاً تروى ووجوه لا تشيخ في الذاكرة ومنها وجدة التي زرتها أول مرة عند كتابة هذا المقال؛ حيث دعتنا جامعة محمد الأول فيها ممثلة برئيسها القدير معالي د. ياسين زغلول الذي تتجلى الجامعة بجهوده وتميزه، وقد دعينا لأمسية شعرية شارك بها شعراء من المملكة العربية السعودية والمغرب، استقبلتنا فرقة وجدة الفلكلورية التي قدمت عروضاً رائعة شاركها الشعراء السعوديون بعض رقصاتها، وتعرفنا على أصوات شعرية مهمة قامتها عالية وومنجزها الشعري عظيم كشاعرة وجدة سميرة فراجي، التي أتحفت الحضور بقصائدها على منبر جامعة محمد الأول في وجدة ومنبر جامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس في قصائد عن الرثاء والحب والغياب والوطن، والتي غنى قصائدها الشاعر الكبير لطفي بوشناق والفنان السعودي خالد عبدالرحمن، ولم نكن نعرف أن صاحبة الكلمات هي المحامية الشاعرة ابنة وجدة سميرة فراجي.
«تواشج من الخليج إلى المحيط» عنوان لقاء الجامعة بفاس، وهو تواشج جمع الشعراء على منصة أكاديمية مهمة في العاصمة الثقافية للمغرب فاس العريقة التي فيها أقدم الجامعات العالمية جامعة القرويين والتي زرنا فيها مكتبة القرويين وأطلعنا فيها الدكتور الباحث أبو بكر على مخطوطات عمرها مئات السنين تمت معالجتها بطريقة محترفة احتفظت بها بروح وهيئة المخطوطة الأصلي، وبعضها يوجد في خزانة المكتبة التي تفتح بمفاتيح وأرقام كخزانات البنوك الموصدة بإحكام وموقعها المدينة القديمة التي كان معظم محالها مغلقاً يوم الجمعة يوم زيارتنا، لأن المغاربة احتفظوا بطقوسهم الدينية والروحية والاجتماعية وقت الصلاة، ومن عاداتهم في هذا اليوم إعداد الأطباق التراثية للمنطقة.
استعدت بزيارتي للمغرب ذكريات قوافل مؤسسة الفكر العربي مع أمير الفكر والثقافة خالد الفيصل التي كان يجتمع فيها قرابة 400 شخص من العالم، وكذلك ملتقيات كثيرة شاركت فيها مع الشاعر عبدالعزيز البابطين -رحمه الله- الذي كانت مؤسسته بنشاطاتها جسراً بين شرقنا العربي والمغرب العربي بملتقيات احتفت بشعراء من المنطقتين.
زيارتنا لم تكن عابرة تقتصر على قراءات منبرية فقط بل كانت أياماً نبدأ من الصباح الباكر في جولة في المدينة القديمة في فاس، ثم وجدة المبهرة الواسعة الطرق التي تشتهر بنظافتها وعمرانها الحديث في نسق سريع لتطور المدينة التي تقع في شرقي المملكة على حدود الجزائر، ثم مشاركات الشعراء في الأمسيات الجامعية، وتنتهي بمأدبة عشاء من أطباق مغربية كالبسطيلة بالحوت والطاجن والدجاج المقلي مع البرقوق واللحم بالبصل والزيتون والسلطات المغربية والخبز الذي تبدع فيه السيدات كل ليلة مع ليالٍ أندلسية وأخرى من غرناطة وأخيرة فرقة وجدة بزيها الفريد والبنادق التي يرقص معها أعضاء الفرقة.
عرفت لاحقاً أن رئة وجدة هي البحر في السعيدية التي تبعد عنها ساعة بالسيارة والتي بها منتجعات فاخرة، وعرفت أن لوجدة مطاراً دولياً به رحلات لمدينتي مارسيليا وطولون بفرنسا، فقد كان من الأفضل لي أن أستقل رحلة من وجدة بدلاً من رحلة العودة من وجدة إلى الدار البيضاء جواً ثم إلى وجهتي جنوبي فرنسا.
مدن المغرب كثيرة يعرفها العالم وهي وجهة سياحية عالمية كمراكش وطنجة وأغادير، ومازال هناك وجهات جديدة للاكتشاف كوجدة عاصمة المساجد.. المدينة الألفية والسعيدية.
لن أغفل عن ذكر المنتجات المغربية التي لم أنسها كزيت أركان المشهور والصابون المصنوع منه، كذلك عسل أملو وعسل الليمون والزعتر والقفطان المغربي، وغيرها.
الثقافة كلمة ولحن وموسيقى وروح وأناقة وصناعات ومأكولات وضيافة، الثقافة خارطة حياة وبوصلة ووجهة وقد عبر الشعراء السعوديون عن وطنهم وتغنوا به في قصائدهم وأحاديثهم وتجلى فخرهم بمملكة الحب التي بادلهم المغاربة حبها وذكر مواقفها التي يقدرونها حيال الصحراء المغربية وثقل المملكة في قلب عالمنا العربي والإسلامي وحضورها العالمي.
المقال ذو كلمات محدودة لكن ختامه تحية لكل من قابلناه وأكرمنا بلقائنا والأيام محملة بالكثير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
مصر لتحويل المدن الجديدة إلى متاحف مفتوحة
في إطار مشروع لتعزيز الهوية الثقافية والبصرية، تسعى مصر لتنفيذ خطة تستهدف تحويل المدن الجديدة إلى متاحف مفتوحة، من خلال بروتوكول تعاون بين وزارتي الإسكان والثقافة المصريتين. وتم توقيع البروتوكول بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بوزارة الإسكان، وقطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة، بما يمثل نقلة نوعية في دعم الصورة البصرية والفنية للمدن الجديدة، وفق بيان لوزارة الإسكان، الجمعة. ويتضمن البروتوكول إقامة سيمبوزيوم دولي للنحت، وتنظيم متحف جوال، وتخصيص منافذ لتسويق الصناعات الثقافية، وتوفير مساحات للإعلان عن الفعاليات الفنية. ويأتي هذا البروتوكول في إطار توجه الوزارة نحو خلق مدن جديدة نابضة بالحياة، لا تكتفي بتوفير السكن والخدمات فقط، بل تقدم بيئة إنسانية متكاملة تدعم الإبداع وتحترم الذوق العام. وفق تصريحات لوزير الإسكان المصري، شريف الشربيني، مضيفاً: «نحن نؤمن أن الجمال جزء من جودة الحياة، والفن عنصر أساسي في تشكيل وعي المواطن»، مؤكداً «العمل على بناء هوية عمرانية معاصرة تليق بمستقبل الجمهورية الجديدة». وتسعى مصر لتأسيس جيل جديد من المدن الذكية والثقافية تعكس مزيجاً من الحداثة والجمال والهوية من خلال هذا البروتوكول. وأكد نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، أمين غنيم، أن توقيع هذا البروتوكول يمثل خطوة محورية في خطة الهيئة لدمج البعد الثقافي في سياسات التنمية العمرانية، مشيراً إلى أن المدن الجديدة أصبحت منصات تنموية شاملة يجب أن تعكس روح مصر الحديثة، وتوفر للمواطن بيئة محفزة للإبداع والارتقاء بالذوق العام. بينما أعرب الدكتور وليد قانوش، رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة، عن فخره بالشراكة مع الهيئة، مؤكداً أن القطاع سيضع جميع خبراته الفنية والمؤسسية لدعم هذا التعاون، وتحويل المدن الجديدة إلى نماذج ملهمة تحتضن الفن وتُبرز القوة الناعمة لمصر أمام العالم. وقال قانوش لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا البروتوكول نعمل على تنفيذه منذ عام، وهدفه العمل مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في عدد من الأنشطة، وتوصلنا إلى 9 مجالات للتعاون، أهمها إقامة سمبوزيوم مدن مصر الجديدة، بحيث يقام كل عام أو كل ستة أشهر، لإنتاج أعمال نحتية من خامات نبيلة مثل الجرانيت والرخام وخلافه، لاستخدامها في الميادين والمواقع المختلفة بالمدن الجديدة». ويهدف البروتوكول إلى تطوير الجانب الثقافي والجمالي في المدن الجديدة، وجعلها منصات حضارية تحتضن الفن والإبداع وتعبر عن التاريخ المصري وتطلعاته المستقبلية، بما يساهم في تعزيز القيمة التسويقية والاستثمارية لهذه المدن وجذب المواطنين والمستثمرين إليها. ويضيف قانوش: «تم الاستقرار على أن يبدأ هذا السمبوزيوم في مدينة العلمين الجديدة، لإنتاج أعمال للممشى السياحي بالمدينة»، موضحاً أن قطاع الفنون التشكيلية يتحمل الأمور الفنية والتنظيمية بالكامل، بينما تتولى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التمويل من خلال المطورين العقاريين والمستثمرين الذين يتعاملون مع الهيئة لتنفيذ الأنشطة كافة، سواء السمبوزيوم أو إقامة أنشطة حية أو المعاونة في تعزيز الهوية البصرية بهذه المدن. ويساهم البروتوكول - وفق بيان وزارة الإسكان - في ترويج المدن الجديدة كمنصات عالمية للفن المعاصر من خلال استقطاب فنانين مصريين ودوليين، وإقامة عروض تفاعلية مفتوحة للجمهور، واستغلال المساحات المفتوحة في المشروعات العمرانية الجديدة لتكون ساحات للفنون المجتمعية والمجسمات التعبيرية؛ مما يعزز الهوية البصرية ويخلق ذاكرة مكانية مميزة ترتبط بها الأجيال.

مجلة سيدتي
منذ 2 ساعات
- مجلة سيدتي
فيصل السعداوي :مزاد كرفانسراي يتضمن مقتنيات قيمة ومن أبرزها سيف الملك عبدالعزيز
في أجواء استثنائية تعكس روح العطاء والثقافة أقيم مزاد خيري في مقر جمعية النهضة، تحت عنوان "كرفانسراي" والذي ضم مجموعة متميزة من التحف الأثرية النادرة والمقتنيات ذات القيمة التاريخية، التي تعود لعقود مضت. "سيدتي" قامت بجولة بهذا المزاد والتقت بمدير عام متحف القلعة والمسؤول عن المزاد فيصل السعداوي، الذي أغرم بجمع القطع النادرة وقدم عددًا من المزادات بالرياض وجدة وتركيا وفرنسا من قبل. إعداد: زكية البلوشي تحدث السعداوي عن المزاد لسيدتي قائلًا: "بدأنا بالمزادات منذ عام 2002 ولكن في ذلك الوقت لم يكن هناك اهتمام بمثل هذه المزادات، أما الآن فقد أصبح الاهتمام بالثقافة والتحف الأثرية من أولويات المجتمع السعودي، لذا قررت أن أقيم هذا المزاد بمجموعات مختلفة تجذب أذواق الناس، ومن باب السعي لتشجيع السياحة أيضاً". وتابع السعداوي قائلًا: "المزاد جمع قطعًا تليق بالذوق الرفيع للفئة التي تفضل الفن الكلاسيكي، وكذلك راعينا أذواق من يحب الفنون الحديثة وبالتالي المزاد فيه مزيجاً بين الماضي والحاضر". وفي سياق رده على سؤالنا حول عدد المقتنيات الموجودة في المزاد، أوضح: " يوجد 240 قطعة، ومستقبلًا بإذن الله ستكون هنالك مزادات أخرى، فنحن سننظم سنوياً 4 مزادات وسيحتوي كل مزاد على 130 أو 120 قطعة نادرة، وتعود لسنوات عديدة مضت؛ كي يتسنى للناس رؤيتها بشكل ووقت كافٍ، و "حرصت في هذا المزاد على اختيار قطع تخص المملكة العربية السعودية ولوحات لفنانين من السعودية". وتابع :" لاحظت من تجارب لمزادات سابقة أن هنالك إقبالًا على المقتنيات السعودية والعربية، ولذا ركزنا عليها خلال هذا المزاد لتشجيع فناني المنطقة وإلى جانب هذا تم اختيار مقتنيات من أوروبا أيضًا". @alnahda_society — مجلة سيدتي (@sayidatynet) May 21, 2025 مجموعات عن السعودية وكشف فيصل السعداوي أن المزاد يتضمن مجموعات وقطع نادرة تخص المملكة العربية السعودية، مضيفاً: "لدينا بالسعودية ثراء ثقافي وفني قديم وغير معروف، لذا وضعنا القطع السعودية؛ ليتعرف الناس عليها خاصة وأنه لدينا لدينا قطع نادرة وجميلة لم تعرض من قبل، ولا يعرف الناس أشكالها". يذكر أن المزاد تضمن عددأً كبيراً من اللوحات والمقتنيات المنوعة، ومن أبرزها سيف الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وخطابات تاريخية متبادلة بينه وبين الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود "رحمهما الله" خلال فترة فتح الحجاز، بالإضافة إلى عدد من القطع والتحف ذات القيمة الفنية والتاريخية. وفي هذا السياق أوضح السعداوي " الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله هو من أهم الشخصيات بتاريخ المملكة العربية السعودية، ولدينا في هذا المزاد صورة نادرة له، وأيضًا البندقية، والسيف الخاص به، وقد عرضناها من قبل بأحد المزادات، وحقيقة نحن نعتز أننا أدخلنا قطعًا بهذه الأهمية في هذا المزاد". وتابع :"وقد خاطبنا بخصوصها الجهات الرسمية والمتاحف و وزارة الثفاقة و دارة الملك عبد العزيز ، لكي نشرح لهم أن هذه القطع موجودة في متاحفنا لكي يستفيد منها الأجيال القادمة، وإن شاء الله هنالك اهتمام بذلك وهنالك ردود، وإن شاء الله تكون في متاحفنا مستقبلًا". وعن القطع الموجودة بالمزاد قال السعداوي: "القطع الموجودة تعود الى فترة تمتد من القرن التاسع عشر إلى القرن السابع عشر." مضيفاً:"سأقوم بإذن الله بعمل مزاد آخر في شهر أكتوبر 2025 المقبل ووسيتضمن قطع تعود إلى آلاف السنين باذن الله." في أجواء استثنائية تعكس روح العطاء والثقافة.. إقامة مزاد خيري في جمعية النهضة، والذي ضم مجموعة متميزة من التحف الأثرية النادرة والمقتنيات ذات القيمة التاريخية، التي تعود لعقود مضت. @alnahda_society — مجلة سيدتي (@sayidatynet) May 21, 2025 وعن طريقة المحافظة على القطع لو تم شراؤها قال السعداوي:" أغلب من يحرص على شراء القطع بالمزادات يكون على دراية بطريقة المحافظة عليها، أما أهم التعليمات للمحافظة على أي قطعة هو ألا تتعرض للرطوبة أو الحرارة." واختتم فيصل السعداوي قائلًا: "سألني الكثير عن توقعاتي للمزاد، وقد أجبت بأنني لا أعلم فأنا لم أقم بعمل مزاد منذ 22 عامًا ولكنني لمست اهتمام وقد تلقيت اتصالات من السعودية وخارجها مثل دولة الإمارات ومصر وهنالك اهتمام من قبل المقبلين على التحف في مثل هذه المزادات".


الرياض
منذ 3 ساعات
- الرياض
«أهلاً بالعالم .. لكن بثقافتنا وعلى طريقتنا»
سمعت مرة أن مدينة "سيهات" كان اسمها قديما "سيحات" وأن المسمى تبدّل نتيجة لعوامل التعرية اللغوية مع مرور الزمن ، قد تكون هذه المعلومة صحيحة ، وقد لا تكون .. لكن ما لفت نظري ليس صحة الاسم ولكن فكرة الاستبدال. عندها طرق ذهني هذا السؤال .. هل أي شيء قابل للتغير ؟ مسميات .. عادات .. هويات .. وحتى الثقافات ؟ تخيلت الأمر بعد ثلاثين أو خمسين سنة ، مسميات جديدة ، لهجات حديثة ، وتصرفات لا تنتمي إلى بيئتنا .. لكن سرعان ما عدت إلى الواقع وانتبهت أن المستقبل لا يُصنع بالتخيلات بل نبنيه بالوعي والعمل في الحاضر . حاضرنا اليوم مختلف ! نحن نعيش في العهد الذي يصاغ برؤية ولي العهد .. الذي لم ينتظر المستقبل بل استدعاه وفرض حضوره . حضرت الاستثمارات الأجنبية التي لم تعد مجرد توقيع عقود بل أصبحت شرايين تضخ الحياة في تنوع إقتصادنا . حضرت السياحة والسياح من كل بقاع الأرض في "روح السعودية" حتى ازدحمت شوارع الرياض بزوار من ثقافات متعددة وقلنا بفخر واعتزاز : أهلاً بالعالم .. ! أهلاً بالعالم في بلاد لم تستعمر ولم تَذُب هويتها في هويات أخرى .. ! ثقافتنا راقية .. نرحب ونهلّي بالضيف ، نعين ونعاون ونحب الفزعة ، ونعطي الطريق حقه ! لكن في زحمة هذه العالمية .. تتسلل مشاهد لا تشبهنا ولاتنتمي لنا : سائق يتجاوز في دوار بلا نظام ! رجل يرفض إفساح الطريق ! أو تصرفات لا تبرر ببنية تحتية بل ترجع إلى ثقافة دخيلة ! التقصير ليس فيهم وحدهم بل فينا أيضًا إذا لم نبادر في تعزيز ثقافتنا والتمسك بها وأن يحميها القانون بأنظمته .. ثقافة .. تغرس في المدرسة .. وتمارس في الشارع .. وتعزز في المؤسسات .. وتكرس في الإعلام ! وهنا تذكرت الرياض ! " ما أرق الرياض "مدينتي المحبوبة الهادئة المتحضرة هي ليست مجرد ناطحات سحاب بل روح وطن وواجهة حضارية تمثلنا أمام العالم . تذكرت اليابان في الحرب العالمية والتي انتصرت بقوة ناعمة ثقافيًا لا بقوة صلبة عسكريًا ، رسخت العمل وتبنت الجودة وعلمو أطفالهم احترام الوقت .. بل تقديسه ، ونشرو ثقافتهم حتى أصبحت صورتهم في العالم نابعة من سلوك وثقافة محلية راسخة . نحن كذلك لدينا مقومات لاتقل عنهم ، شركات عززت ثقافات مدن بأكملها مثل سابك وأرامكو . انظر إلى أرامكو ! ليست مجرد شركة نفط بل مدرسة قيم ومصفاة للثقافة ، منها تعلمت الدمام والخبر معنى الانضباط ومضت في مسار ثقافي متميز . عندما تدرك المنظمات والهيئات الحكومية والتعليمية وكبرى الشركات أنها لا تدير مشاريع فقط بل تبني نمط حياة عندها يتغير كل شيء ! قيد مخالفة مرور لرمي النفايات ليس إجراءاً إداريًا فقط بل بيان ثقافي يوضح أننا نحترم كل شبر من أرضنا الغالية ! تعليم الوافدين ثقافتنا ليست مسؤوليتهم وحدهم بل قوة تأثير الشركات عليهم ! غرس القيم لدى الأطفال وتنشئتهم عليها ليس دور المنزل وحده بل محتوى تعليمي في مدارسهم . ثقافتنا هي ماضينا وحاضرنا ورؤية مستقبلنا . وهي مهمة لا يتحملها طرف واحد بل منظومة كاملة ابتداءاً بالتعليم والجهات التشريعية و الشركات الكبرى ورسائل بتوقيع إعلامنا كل جهة تزرع بذرتها في وعي المواطن والسائح الزائر، والوافد العامل ! نرحب بالعالم بلا شك . لكن على طريقتنا ! لا نذوب بل نُثقّف ! لا نجامل ونترك ثقافة ، بل نباهي ونقدمها بأفضل صورة ! ثقافتنا ليست ما نراه ونعيشه اليوم فقط .. بل ما سينقله ويرويه ضيوف إكسبو 2030 وجماهير كأس العالم 2034 .. ثقافتنا ما سينقله ويرويه ضيوف المشاعر المقدسة في الحج والعمرة وضيوف العاصمة في موسم الرياض وضيوف العُلا في شتاء طنطورة وضيوف الصيف في عسير وضيوف حائل والدرعية ونيوم والقدية والبحر الأحمر .. لينقلوا عنا : وجدنا شعباً كريمًا ونظامًا رفيعًا وثقافة راقية ! أهلاً بالعالم في بلادنا وثقافتنا !