logo
انعكاسالحج وأدب الرحلات

انعكاسالحج وأدب الرحلات

الرياضمنذ 19 ساعات

يُعدّ أدب الرحلات من أقدم أنواع الكتابة التي سجّلت تجارب الإنسان مع الأسفار والمشاهدات، وهو مرآة تعكس تفاعل المسافر مع المكان والناس والثقافة، ومن بين الرحلات التي تركت بصمة واضحة في هذا الأدب، تبرز رحلة الحج إلى مكة المكرمة التي لم تكن مجرد انتقال جغرافي أو التزام ديني، بل تجربة روحية وثقافية وإنسانية عميقة، ألهمت العديد من الكتّاب ليوثقوها في مؤلفات خلدها التاريخ.
فالحج باعتباره أحد أركان الإسلام الخمسة، يجذب سنويًا ملايين المسلمين من مختلف أنحاء العالم، متحدّين المسافات والتحديات، من أجل أداء شعيرة تجمع بين الطقوس الدينية والتجربة الجماعية الكبرى، وقد شكّل هذا الحدث دائما محورًا مهمًا في أدب الرحلات، حيث نقل الرحّالة المسلمون أوصافهم الدقيقة لمناسك الحج، والمشاعر التي انتابتهم أثناء الطواف والسعي، وزياراتهم للمشاعر المقدسة كمنى وعرفات ومزدلفة، ولم تقتصر كتاباتهم على الجوانب الشعائرية فحسب، بل امتدت لتشمل وصف البيئات الجغرافية، والعادات الاجتماعية، واللقاءات مع الحجاج من مختلف الجنسيات والثقافات، ومن أبرز الأمثلة في هذا النوع، ما كتبه الرحّالة ابن جبير في القرن السادس الهجري، الذي سجّل رحلته إلى الحجاز واليمن ومصر، مشيدًا بنظام إدارة الحرم وخدمات الحجاج حينها، واصفًا تفاصيل المدن التي مرّ بها، كما كتب ابن بطوطة في القرن الثامن الهجري عن رحلته الطويلة التي شملت أداء مناسك الحج أكثر من مرة، وكانت هذه الرحلة من أعظم ما أُنتج في أدب الرحلات الإسلامي، حيث وصف ابن بطوطة تنوع الحجيج، وما اكتسبه من تجارب روحية وثقافية من خلال الاحتكاك بأناس من مختلف الأقطار، أما في العصور الحديثة، فقد تميزت كتابات الحجاج بتداخل الأبعاد الروحية مع التوثيق الاجتماعي والسياسي، فمثلًا، كتب أمين الريحاني ومحمد حسين هيكل عن رحلاتهم إلى الحج بأسلوب أدبي راقٍ، حيث عكسوا روح العصر الذي عاشوا فيه، من خلال نقدهم للأوضاع الاجتماعية ومقارنتهم بين الماضي والحاضر، بل إن بعض الرحلات تضمنت بعدًا فلسفيًا وتأمليًا، كما في كتابات مالك بن نبي وليوبولد فايس (محمد أسد)، الذي كتب عن تحوّله إلى الإسلام وتأثير الحج في تغيير نظرته إلى العالم.
ويمتاز أثر الحج في أدب الرحلات بأنه يمنح النصوص طابعًا صادقًا وحسّاسًا، حيث يتجرد الكاتب من الأنا ليصبح جزءًا من جماعة أكبر، تتساوى فيها الأجناس واللغات والأعراق، كما يُبرز قدرة الإنسان على تجاوز الحدود الجغرافية والثقافية، ليتحد في مشهد إنساني واحد، تتجلى فيه القيم الكبرى كالسلام، والإخاء، والتسامح.
وآخر الأمر، يمكن القول إن الحج شكّل محفزًا جوهريًا لإثراء أدب الرحلات، حيث أتاح للكتّاب فرصة التأمل العميق في الذات والعالم، وأسهم في تشكيل وعي ثقافي وروحي متجدد، فالحج لم يكن مجرد رحلة جسدية، بل كان ولا يزال رحلة إلى أعماق الروح والإنسانية، تتمثّلها الكتابات وتستلهمها التجارب.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد شائعات وفاتها.. منى واصف تُطمئن جمهورها عبر «عكاظ»
بعد شائعات وفاتها.. منى واصف تُطمئن جمهورها عبر «عكاظ»

عكاظ

timeمنذ 33 دقائق

  • عكاظ

بعد شائعات وفاتها.. منى واصف تُطمئن جمهورها عبر «عكاظ»

/*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} أعربت الفنانة السورية القديرة منى واصف، عن استيائها من الشائعات التي ترددت خلال الساعات الماضية حول وفاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، الأمر الذي أثار قلق جمهورها ومحبيها. وعبر صحيفة «عكاظ»، أكدت منى واصف أنها تتمتع بحالة صحية جيدة، مشيراً إلى أنها تمر بوعكة صحية بسيطة لم تستدع دخولها إلى المستشفى كما يتداول. وأوضحت واصف أنها تستاء من خروج تلك الشائعات حول وفاتها خصوصًا أن بعض أفراد عائلتها ومنهم نجلها يعيشون خارج سورية، وقد يتأثرون نفسيًا بمثل هذه الأخبار الكاذبة. أخبار ذات صلة وعلى النطاق الفني، خاصت منى واصف السباق الرمضاني الماضي 2025 في عملين دراميين، مسلسل «تحت سابع أرض» يجمعها مع تيم حسن، كاريس بشار، أنس طيارة، تيسير إدريس، جوان خضر مجد فضة، محمد حداقي، سامر إسماعيل، العمل من تأليف عمر أبوسعدة وإخراج سامر البرقاوي، وإنتاج شركة الصباح للإنتاج الفني. وشاركت منى واصف أيضاً بالموسم الرمضاني الماضي في مسلسل «ليالي روكسي » إلى جانب دريد لحام، أيمن زيدان، سلاف فواخرجي، جيني أسبر وغيرهم من النجوم، والمسلسل من إخراج محمد عبد العزيز، وتأليف كل من محمد عبد العزيز، شادي كيوان، معن سقباني، وبشرى عباس.

وزير الاتصالات يكرم الفائزين بجائزة روضة سدير للتميز والإبداع
وزير الاتصالات يكرم الفائزين بجائزة روضة سدير للتميز والإبداع

الرياض

timeمنذ 37 دقائق

  • الرياض

وزير الاتصالات يكرم الفائزين بجائزة روضة سدير للتميز والإبداع

نظمت أمانة جائزة روضة سدير للتميز والإبداع مساء امس احتفالها السنوي لتكريم المتميزين والمبدعين في نسختها الخامس والعشرين وذلك بحضور معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات م. عبدالله بن عامر السواحه، وسعادة رئيس مركز روضة سدير الاستاذ خالد الماضي وسعادة د. عامر السواحه وعدد من رجال الأعمال والأكاديميين وأولياء الأمور. وقد أقيم حفل خطابي في قاعة الشيخ عبدالعزيز الشويعر بروضة سدير من تقديم الطالب المبدع بدر الجبيري بدأ بالسلام الملكي فالقرآن الكريم، فمسيرة المتفوقين، ثم كلمة لرئيس مجلس ادارة جمعية روضة سدير لرعاية الشباب د. ماجد الشمروخ الذي رحب فيها بمعالي الوزير وبالحضور الكرام وبارك جهود الجمعية والداعمين للجائزة، فعرض مرئي ثم أوبريت يحكي قصة الجائزة. والقى الوزير كلمته اشاد بالجائزة والقائمين عليها وهنأ الطلاب والطالبات المتفوقين والمتميزين من المعلمين والمعلمات وامندحا بما يلقاه التعليم من توجيهات ومتابعة من القيادة الرشيدة. وفي الختام تم تكريم الرعاة كما قدم درع الجمعية هدية تذكاري لمعالي الوزير ثم التقطت الصور التذكارية مع المتفوقين. بعدها توجه الضيوف للقرية التراثية بروضة سدير قصر الماضي التاريخي وتناول الجميع الضيافه المعده لهذه المناسبة كما تجول معاليه والضيوف في عدد من الديوانيات و البيوت التراثية والتي تعد واجهه سياحية تراثية جاذبه لزوار اقليم سدير.

«أهلاً بالعالم .. لكن بثقافتنا وعلى طريقتنا»
«أهلاً بالعالم .. لكن بثقافتنا وعلى طريقتنا»

الرياض

timeمنذ 37 دقائق

  • الرياض

«أهلاً بالعالم .. لكن بثقافتنا وعلى طريقتنا»

سمعت مرة أن مدينة "سيهات" كان اسمها قديما "سيحات" وأن المسمى تبدّل نتيجة لعوامل التعرية اللغوية مع مرور الزمن ، قد تكون هذه المعلومة صحيحة ، وقد لا تكون .. لكن ما لفت نظري ليس صحة الاسم ولكن فكرة الاستبدال. عندها طرق ذهني هذا السؤال .. هل أي شيء قابل للتغير ؟ مسميات .. عادات .. هويات .. وحتى الثقافات ؟ تخيلت الأمر بعد ثلاثين أو خمسين سنة ، مسميات جديدة ، لهجات حديثة ، وتصرفات لا تنتمي إلى بيئتنا .. لكن سرعان ما عدت إلى الواقع وانتبهت أن المستقبل لا يُصنع بالتخيلات بل نبنيه بالوعي والعمل في الحاضر . حاضرنا اليوم مختلف ! نحن نعيش في العهد الذي يصاغ برؤية ولي العهد .. الذي لم ينتظر المستقبل بل استدعاه وفرض حضوره . حضرت الاستثمارات الأجنبية التي لم تعد مجرد توقيع عقود بل أصبحت شرايين تضخ الحياة في تنوع إقتصادنا . حضرت السياحة والسياح من كل بقاع الأرض في "روح السعودية" حتى ازدحمت شوارع الرياض بزوار من ثقافات متعددة وقلنا بفخر واعتزاز : أهلاً بالعالم .. ! أهلاً بالعالم في بلاد لم تستعمر ولم تَذُب هويتها في هويات أخرى .. ! ثقافتنا راقية .. نرحب ونهلّي بالضيف ، نعين ونعاون ونحب الفزعة ، ونعطي الطريق حقه ! لكن في زحمة هذه العالمية .. تتسلل مشاهد لا تشبهنا ولاتنتمي لنا : سائق يتجاوز في دوار بلا نظام ! رجل يرفض إفساح الطريق ! أو تصرفات لا تبرر ببنية تحتية بل ترجع إلى ثقافة دخيلة ! التقصير ليس فيهم وحدهم بل فينا أيضًا إذا لم نبادر في تعزيز ثقافتنا والتمسك بها وأن يحميها القانون بأنظمته .. ثقافة .. تغرس في المدرسة .. وتمارس في الشارع .. وتعزز في المؤسسات .. وتكرس في الإعلام ! وهنا تذكرت الرياض ! " ما أرق الرياض "مدينتي المحبوبة الهادئة المتحضرة هي ليست مجرد ناطحات سحاب بل روح وطن وواجهة حضارية تمثلنا أمام العالم . تذكرت اليابان في الحرب العالمية والتي انتصرت بقوة ناعمة ثقافيًا لا بقوة صلبة عسكريًا ، رسخت العمل وتبنت الجودة وعلمو أطفالهم احترام الوقت .. بل تقديسه ، ونشرو ثقافتهم حتى أصبحت صورتهم في العالم نابعة من سلوك وثقافة محلية راسخة . نحن كذلك لدينا مقومات لاتقل عنهم ، شركات عززت ثقافات مدن بأكملها مثل سابك وأرامكو . انظر إلى أرامكو ! ليست مجرد شركة نفط بل مدرسة قيم ومصفاة للثقافة ، منها تعلمت الدمام والخبر معنى الانضباط ومضت في مسار ثقافي متميز . عندما تدرك المنظمات والهيئات الحكومية والتعليمية وكبرى الشركات أنها لا تدير مشاريع فقط بل تبني نمط حياة عندها يتغير كل شيء ! قيد مخالفة مرور لرمي النفايات ليس إجراءاً إداريًا فقط بل بيان ثقافي يوضح أننا نحترم كل شبر من أرضنا الغالية ! تعليم الوافدين ثقافتنا ليست مسؤوليتهم وحدهم بل قوة تأثير الشركات عليهم ! غرس القيم لدى الأطفال وتنشئتهم عليها ليس دور المنزل وحده بل محتوى تعليمي في مدارسهم . ثقافتنا هي ماضينا وحاضرنا ورؤية مستقبلنا . وهي مهمة لا يتحملها طرف واحد بل منظومة كاملة ابتداءاً بالتعليم والجهات التشريعية و الشركات الكبرى ورسائل بتوقيع إعلامنا كل جهة تزرع بذرتها في وعي المواطن والسائح الزائر، والوافد العامل ! نرحب بالعالم بلا شك . لكن على طريقتنا ! لا نذوب بل نُثقّف ! لا نجامل ونترك ثقافة ، بل نباهي ونقدمها بأفضل صورة ! ثقافتنا ليست ما نراه ونعيشه اليوم فقط .. بل ما سينقله ويرويه ضيوف إكسبو 2030 وجماهير كأس العالم 2034 .. ثقافتنا ما سينقله ويرويه ضيوف المشاعر المقدسة في الحج والعمرة وضيوف العاصمة في موسم الرياض وضيوف العُلا في شتاء طنطورة وضيوف الصيف في عسير وضيوف حائل والدرعية ونيوم والقدية والبحر الأحمر .. لينقلوا عنا : وجدنا شعباً كريمًا ونظامًا رفيعًا وثقافة راقية ! أهلاً بالعالم في بلادنا وثقافتنا !

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store