logo
أرمينيا وتركيا تكسران الجليد في زيارة تاريخية نادرة

أرمينيا وتركيا تكسران الجليد في زيارة تاريخية نادرة

المدنمنذ 5 ساعات

في زيارة وُصفت بـ"التاريخية" و"النادرة"، وصل رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان إلى إسطنبول، بدعوة رسمية من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تطور دبلوماسي لافت يأتي في سياق متغيرات إقليمية حادة في جنوب القوقاز، وتصاعد التوتر على الحدود الإيرانية مع كل من أرمينيا وتركيا.
واستقبل أردوغان ضيفه الأرميني في قصر دولمه بهتشه، حيث عقد الطرفان لقاءً مغلقاً استمر لأكثر من ساعة، بحضور وزيري الخارجية في البلدين، ناقشا خلاله ملفات مفصلية أبرزها مفاوضات السلام بين أرمينيا وأذربيجان، وآفاق تطبيع العلاقات بين يريفان وأنقرة، إضافة إلى انعكاسات التصعيد الإقليمي المتسارع بين إسرائيل وإيران.
وأكدت الرئاسة التركية في بيان، أن أردوغان شدد خلال اللقاء على "أهمية التفاهمات التي تم التوصل إليها في مفاوضات السلام بين أذربيجان وأرمينيا"، مشيراً إلى أن تركيا "ستواصل دعمها الكامل لأي جهود ترمي إلى تحقيق نهضة إقليمية على أساس مبدأ الربح للجميع".
من جانبه، قال باشينيان في منشور على منصة "إكس" إنه أجرى مع الرئيس التركي "حواراً معمقاً تناول التطورات الإقليمية وعملية التطبيع بين أرمينيا وتركيا"، مؤكداً التزام بلاده بـ"بناء السلام والاستقرار في منطقتنا".
من عزل دبلوماسي إلى تقارب حذر
وتُعد زيارة باشينيان إلى تركيا الثانية له منذ توليه رئاسة الوزراء في 2018، والأولى على هذا المستوى السياسي، في ظل قطيعة دبلوماسية رسمية بين البلدين منذ التسعينات، وحدود مغلقة منذ 1993 عقب الحرب الأولى في ناغورني قره باغ.
وترتبط العلاقات التركية الأرمينية بتاريخ معقد، تُظلله المجازر التي ارتكبت بحق الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، والتي تعتبرها يريفان "إبادة جماعية" راح ضحيتها نحو 1.5 مليون شخص، وهو توصيف تعترف به أكثر من 30 دولة، فيما ترفض أنقرة بشدة هذا الوصف، معتبرة أن الضحايا تراوح عددهم بين 300 إلى 500 ألف، وسقطوا ضمن ظروف حرب أهلية ووباء ومجاعة.
في هذا السياق، اتخذ باشينيان في وقت سابق من العام خطوة مثيرة للجدل داخلياً حين أعلن تعليق الحملة الأرمينية للاعتراف الدولي بـ"الإبادة"، في ما اعتبره مراقبون "تنازلاً كبيراً" لتمهيد الطريق نحو التقارب مع تركيا.
أذربيجان حاضرة في كل سطر
وتشكل أذربيجان، الحليف الوثيق لأنقرة، حجر الزاوية في علاقات تركيا بأرمينيا، فدعم أنقرة الحازم لباكو، خاصة خلال حرب ناغورني قره باغ الثانية في 2020، ومن ثم إعادة بسط باكو سيطرتها على الإقليم في 2023، يجعل من أي تقارب تركي–أرميني مرتهناً عملياً لموافقة أذربيجانية ضمنية أو صريحة.
وتزامنت زيارة باشينيان مع زيارة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف إلى تركيا، حيث التقى بأردوغان وأشاد بـ"التحالف التركي الأذربيجاني" بوصفه "عاملاً إقليمياً ودولياً فاعلاً"، في ما بدا وكأنه تنسيق ثلاثي غير مباشر قبيل زيارة رئيس الوزراء الأرميني.
وبحسب الخارجية الأرمينية، فإن اللقاء بين أردوغان وباشينيان ناقش "الخطوات المتبقية للتوصل إلى معاهدة سلام شاملة بين أرمينيا وأذربيجان"، في ظل استمرار التباينات حول قضايا مثل ترسيم الحدود ومطلب باكو بتعديل الدستور الأرميني.
دلالات التوقيت الإقليمي
وتأتي زيارة باشينيان في توقيت بالغ الحساسية، مع تصاعد التوتر على الجبهة الإيرانية الإسرائيلية، ومحاولة دول جنوب القوقاز النأي بنفسها عن تداعيات هذه الحرب، والتي قد تهدد التوازنات الدقيقة في المنطقة.
واعتبر الباحث في مركز كارنيغي أوروبا توماس دي فال، أن باشينيان "يحاول إخراج أرمينيا من عزلتها الجيوسياسية عبر اتفاق سلام مع أذربيجان، وتطبيع مع تركيا"، مشيراً إلى أن "تركيا تواجه معضلة استراتيجية: بين ولائها لأذربيجان، ورغبتها في لعب دور أكبر في جنوب القوقاز عبر فتح الحدود الأرمينية".
ويرى مراقبون أن فتح الحدود المغلقة منذ عقود قد يشكل دافعاً اقتصادياً مهماً لشرق تركيا، ويُقلص من نفوذ روسيا في أرمينيا، وهو ما يتقاطع مع مصالح غربية أوسع.
هل تثمر القطيعة عن مصالحة؟
وتحمل هذه الزيارة طموحات عالية لكنها قد تصطدم بجدران تاريخية وجيوسياسية سميكة، فالنسيج المتشابك للنزاع الأرمني الأذربيجاني، والدور التركي المحوري فيه، والتوترات التاريخية بين أنقرة ويريفان، كلها عوامل تجعل مسار التطبيع طويلاً ومعقداً، رغم الزخم الدبلوماسي الأخير.
ومع ذلك، فإن مجرد حصول الزيارة بهذا المستوى السياسي، ووسط هذا السياق الإقليمي المتقلب، يكشف عن تحوّل تدريجي في مقاربة الجانبين للنزاع، قد يُمهّد الطريق لاتفاقات مستقبلية تخرج أرمينيا من عزلتها، وتعزز دور تركيا كوسيط إقليمي صاعد.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سلام: للترفع عن المزايدات في هذه الظروف الدقيقة
سلام: للترفع عن المزايدات في هذه الظروف الدقيقة

التحري

timeمنذ 44 دقائق

  • التحري

سلام: للترفع عن المزايدات في هذه الظروف الدقيقة

استغرب رئيس الحكومة نواف سلام، 'الكلام المنسوب إلى أحد الوزراء بأنه رفض ان تُصدر الحكومة موقفا ضد توريط لبنان في الحرب الدائرة'. وقالت رئاسة مجلس الوزراء عبر منصة 'إكس'، 'بينما كان الرئيس سلام قد شدد اكثر من مرة ان الموقف اللبناني ثابت في رفض زج لبنان او إقحامه بأي طريقة من الطرق في الحرب الإقليمية الدائرة، مذكرا ان مواقفه تعبّر عن سياسة الحكومة وهو المخول دستوريا النطق باسمها'. ‏وختمت، 'طالب سلام الجميع بالترفع عن المزايدات في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد'

23 صاروخاً إيرانياً نحو إسرائيل.. وخامنئي يتوعد بعواقب وخيمة
23 صاروخاً إيرانياً نحو إسرائيل.. وخامنئي يتوعد بعواقب وخيمة

صوت لبنان

timeمنذ ساعة واحدة

  • صوت لبنان

23 صاروخاً إيرانياً نحو إسرائيل.. وخامنئي يتوعد بعواقب وخيمة

العربية بعد إطلاق إيران سلسلة من الصواريخ صباح اليوم الجمعة، أعلن الجيش الإسرائيلي رصد موجة أخرى من الصواريخ. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه رصد صواريخ أُطلقت من إيران نحو الأراضي الإسرائيلية، مضيفاً أنه "يعمل على اعتراض التهديد". كما أشار إلى تفعيل الإنذارات في مناطق عدة بإسرائيل. فيما أوضحت مراسلة العربية/الحدث أن الدفاعات الإسرائيلية حاولت اعتراض صواريخ في حيفا وتل أبيب والجنوب الإسرائيلي بالإضافة إلى الشمال. كما أشارت إلى سماع دوي انذارات في القدس و إيلات، مضيفة أن صاروخا سقط قرب ميناء حيفا. ولفتت إلى أن ما يقارب 23 صاروخاً أطلقت نحو مناطق إسرائيلية مختلفة جنوباً وشمالاً. بدورها، أكدت مصادر إسرائيلية وقوع أضرار في تل أبيب والنقب وحيفا وبئر السبع جراء الغارات الإيرانية، مع إصابة عدة أشخاص. في حين أفادت مصادر إيرانية بضرب هدف استراتيجي في حيفا، مشيرة إلى مكتب حكومي، وفق ما نقلت وسائل إعلام إيرانية. من جهته، أكد المرشد الإيراني علي خامنئي في منشور على إكس أن "النظام الصهيوني ارتكب خطأً فادحاً، ستكون عواقبه بائسة". أتى ذلك، بعدما ضرب صاروخ بوقت سابق منطق بئر السبع، ما أدى إلى إصابة 6 اشخاص، وإلحاق أضرار كبيرة. فيما أعلن المرشد الإيراني حينها أيضاً أن "إسرائيل تدفع الثمن الآن" رداً على الهجمات التي نفذتها على إيران.

باكستان تقترح ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام
باكستان تقترح ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام

IM Lebanon

timeمنذ 2 ساعات

  • IM Lebanon

باكستان تقترح ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام

أعلنت الحكومة الباكستانية أن إسلام أباد قدمت اقتراحا بترشيح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لجائزة نوبل للسلام لعام 2026. وأشار بيان نشرته الحكومة عبر حسابها الرسمي على منصة 'إكس' إلى أن المبادرة تأتي تقديرا لـ'التدخل الدبلوماسي الحازم' الذي أظهره ترامب أثناء النزاع الأخير بين الهند وباكستان. وتعتقد إسلام آباد أن إجراءاته ساعدت على احتواء التصعيد وكانت عاملا حاسما في استقرار الأوضاع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store