
أخبار العالم : لماذا يُعتبر قرار ستارمر الاعتراف بدولة فلسطينية، تغيّراً في السياسة البريطانية؟
نافذة على العالم - صدر الصورة، EPA
Article Information Author, جيريمي بوين Role, محرر الشؤون الدولية - بي بي سي
قبل 26 دقيقة
يُعدّ إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن اعتزام بلاده الاعتراف بدولة فلسطينية، تغيراً كبيراً في السياسة الخارجية للمملكة المتحدة.
على الرغم من أن ستارمر عرض تأجيل هذا الاعتراف في حال اتخذتْ إسرائيل "خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروّع في غزة، ووافقت على وقف إطلاق النار، والتزمت بسلام مُستدام وطويل الأجل، على نحو يُحيي حَلّ الدولتين".
ويعني الرفضُ الإسرائيلي الفوريّ لبيان رئيس الوزراء البريطاني، أنّ بإمكان مَن يكتبون خطابات ستارمر أن يبدأوا في العمل من الآن على ما سيقولُه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول.
إنّ قرار اعتراف المملكة المتحدة بدولة فلسطينية يبدو "لا رجعة فيه"، وفقاً لمسؤول بريطاني رفيع المستوى.
وليس في توقعات ستارمر أن يُثمر هذا التغيير في السياسة البريطانية عن دولة فلسطينية مستقلة في أي وقت قريب، أمّا من وجهة نظر كثير من الإسرائيليين، فإن توقيت قيام مثل هذه الدولة الفلسطينية المستقلة يبدو مستحيلاً.
لكن النوايا البريطانية، بحسب مصادر دبلوماسية، تتمثل في تمكين المعتدلين من الجانبين - الإسرائيلي والفلسطيني؛ حيث يأمل البريطانيون في دفع الجميع إلى الاعتقاد بأن السلام يمكن أن يتحقق.
على أن ذلك لن يكون سهلاً، ليس فقط لأن حماس قتلت حوالي 1,200 شخص، بينهم مئات المدنيين الإسرائيليين، واحتجزت رهائن في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لتنطلق إسرائيل في حملة انتقامية أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين وتركت غزة أنقاضاً.
ولكنْ أيضاً لأن كلّ المحاولات لكي يحلّ السلام باءت بالفشل - سنوات من محادثات السلام في حقبة التسعينيات انتهت بإراقة الدماء، كما انهارت كل محاولات إحياء هذه المحادثات بعد ذلك.
وجاء رفض إسرائيل لبيان ستارمر بعد دقائق من الإعلان عنه من مقرّ الحكومة البريطانية في داوننغ ستريت، ففي وقت لاحق من مساء اليوم ذاته، جاء رفْض رئيس الوزراء الإسرائيلي شديد اللهجة.
وكتب نتنياهو على وسائل التواصل الاجتماعي يقول إن "ستارمر يكافئ الإرهاب الوحشي لحماس ويعاقب ضحايا هذا الإرهاب. إن دولة جهادية على حدود إسرائيل اليوم ستهدد بريطانيا غداً".
وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن محاولات "ترضية الإرهابيين الجهاديين دائماً تبوء بالفشل. وستفشل معكم أيضاً. لن تحدث".
ويُنكر نتنياهو وقوف إسرائيل وراء الجوع والوضع الكارثي في غزة. ولو أنّه قبِل بشروط بريطانيا الخاصة بالتأجيل، لانهار ائتلافه الحاكم.
ويعتمد نتنياهو على دعم متشددين يرغبون في ضمّ الأراضي الفلسطينية المحتلة وإخراج الفلسطينيين منها بالقوة، وعدم مَنْحهم أيّ شكل من أشكال الاستقلال.
على أنّ هؤلاء ليسوا مَن يمنعون نتنياهو؛ وهو الذي بنى إرثه السياسي على أساس رفْض حَلّ الدولتين، وفكرة أن السلام يمكن أن يَحلّ بقيام دولة فلسطينية مستقلة جنباً إلى جنب مع إسرائيل.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال نتنياهو إن دولة فلسطينية تعني "منصّة تنطلق منها" هجمات كثيرة، على غرار هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لتدمير إسرائيل.
ويعقِد نتنياهو آمالاً على دعم الولايات المتحدة، التي ترى أن الاعتراف بدولة فلسطينية الآن يُعتبر مكافأة لإرهاب حماس.
وفي أثناء عودته إلى بلاده، قادماً من اسكتلندا، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للصحفيين إنه لا يدعم الخطوة البريطانية.
ويمكن لقضية السيادة الفلسطينية أن تصبح بمثابة نقطة خلافية جديدة على صعيد العلاقات بين بريطانيا والولايات المتحدة.
وحتى أسابيع قليلة ماضية، لم يكن رئيس الوزراء البريطاني ستارمر مقتنعاً أن الوقت المناسب قد حان للاعتراف بدولة فلسطينية، لكنّ صور الأطفال الفلسطينيين في غزة وهم يقضون جوعاً كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، بعد كل تلك الدماء وذلك الدمار.
هذا التوجّه لم يَشِع في مقرّ رئاسة الحكومة ومكتب الخارجية البريطانية وفقط، وإنما امتدّ إلى حزب العمال، ليجد طريقه إلى دوائر أوسع في عموم المملكة المتحدة.
ويأتي قرار بريطانيا الانضمام إلى فرنسا في الاعتراف بفلسطين بمثابة علامة أخرى على زيادة عُزلة إسرائيل دبلوماسياً.
وتُعدّ فرنسا وبريطانيا، حليفتين غربيتين كُبرَيين لإسرائيل، كما أنهما تمتلكان عضوية دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقد رفضت الدولتان محاولة إسرائيل عرقلة اعترافهما بفلسطين في أُثناء انعقاد الجمعية العامة بنيويورك في سبتمبر/أيلول.
وفي نيويورك أيضاً، بعد بيان ستارمر، حظي وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بموجة من التصفيق الحاد فور إعلان قرار بلاده في مؤتمر الأمم المتحدة بخصوص حلّ الدولتين والاعتراف بدولة فلسطينية.
ورفض لامي الاتهام بأن الاستقلال الفلسطيني ستكون له تبعات مدمّرة على إسرائيل، وقال وزير الخارجية البريطاني إن "العكس هو الصحيح؛ فلا تَعارُض بين دعم أمن إسرائيل ودعم قيام دولة فلسطينية".
وأضاف لامي: "دعوني أكون واضحاً، إن حكومة نتنياهو مخطئة في رفضها حلّ الدولتين – خطأً أخلاقياً واستراتيجياً".
وقال مسؤول بريطاني إن الأجواء كانت مشحونة بالحماس عندما أخبر وزير الخارجية الوفود بأن إعلان بلاده اتُّخذ "ويدُ التاريخ على أكتافنا"، على حدّ تعبيره.
ومضى لامي متحدثاً عن الماضي الاستعماري لبريطانيا في فلسطين، هذا الماضي المتشابك بقوة مع جذور الصراع بين اليهود والعرب للسيطرة على الأرض التي كانت تحت التاج البريطاني ذات يوم.
واستولتْ بريطانيا على القدس من رُقعة الإمبراطورية العثمانية في عام 1917 وظلتْ تسيطر على فلسطين حتى عام 1948، قبل أن تُسلّم مسؤولية هذه الأرض للأمم المتحدة وتغادرها ساحةً لصراع شامل آنذاك بين العرب واليهود.
وعلى الفور، أعلن ديفيد بن غوريون، أوّل رئيس وزراء لإسرائيل، استقلال الأخيرة التي تمكنت لاحقاً من صدّ هجوم شنّتْه الجيوش العربية وإنزال الهزيمة بتلك الجيوش.
وفي رواق الأمم المتحدة، استدعى ديفيد لامي من التاريخ وَعْد بلفور، وزير الخارجية البريطانية في عام 1917، الذي أمهر بتوقيعه خطاباً مكتوباً على الآلة الكاتبة انطوى على وعْد "بإقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين".
على أنّ وعْد بلفور، نَصّ أيضاً على "عدم الإضرار بالحقوق المدنية والدينية للمجتمعات غير اليهودية في فلسطين"، دون استخدام لفظة "عرب"، لكنّ هذا هو ما كان مَعنياً.
وقال لامي إنّ لبريطانيا أنْ تفتخر بالطريقة التي أسهمتْ بها في تأسيس إسرائيل، لكنّ الوعد للفلسطينيين لم يُحفَظ، وهذا "ظُلمٌ تاريخيٌّ لا يزال قائماً".
وقد غذّت الوعود المتضاربة من جانب بريطانيا هذا الصراع على الأرض وشَكّلتْ قوامه، ولو أنّ مسافراً عبر الزمن استطاع الذهاب إلى فلسطين في حقبة العشرينيات من القرن الماضي لتسنّى له أنْ يلمس أجواء العُنف والتوتر بشكل مثير للإحباط.
ومن أجل علاج هذا الظُلم التاريخي، وصف لامي حلّ الدولتين؛ حيث تأمل المملكة المتحدة في إنهاء الوضع البائس في غزة، وفي إحلال السلام في الشرق الأوسط.
وكانت فرنسا والسعودية تترأسان مؤتمر نيويورك الذي شهد حديث وزير الخارجية البريطاني. وأثمر المؤتمر عن بيان من سبع صفحات يستهدف تمهيد الطريق لإحياء حلّ الدولتين.
وانطوى هذا البيان على إدانة من جانب دول عربية لحركة حماس وهجومها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 4 دقائق
- نافذة على العالم
أخبار العالم : ترامب يؤكد تحقيق "تقدم كبير" في المحادثات الأمريكية الروسية، ويفرض رسوماً على الهند بسبب شرائها النفط الروسي
الخميس 7 أغسطس 2025 03:00 صباحاً نافذة على العالم - صدر الصورة، Sputnik/Gavriil Grigorov/Pool via REUTERS Article Information Author, لورا غوزي Role, بي بي سي نيوز قبل 23 دقيقة قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن "تقدماً كبيراً" قد أُحرز بشأن أوكرانيا خلال المحادثات التي جرت بين مبعوثه، ستيف ويتكوف، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ووصف ترامب في منشور على منصته "تروث سوشيال"، الاجتماع بأنه "مثمر للغاية". وكان الكرملين قد أصدر في وقت سابق بياناً غامضاً بشأن المحادثات، إذ قال مساعد السياسة الخارجية الروسي، يوري أوشاكوف، إن الجانبين تبادلا "إشارات" في إطار محادثات "بنّاءة" في موسكو. وأضاف أن روسيا والولايات المتحدة ناقشتا إمكانية التعاون الاستراتيجي، لكنه رفض الإدلاء بمزيد من التفاصيل حتى يقدّم ويتكوف تقريره للرئيس الأمريكي. وجاء الاجتماع قبل أيام من الموعد النهائي الذي حدده ترامب للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا. وأضاف ترامب أن "الجميع متفق على أن هذه الحرب يجب أن تنتهي، وسنعمل على تحقيق ذلك في الأيام والأسابيع المقبلة". وفي وقت لاحق، أكد البيت الأبيض لـبي بي سي، أن الروس أعربوا عن رغبتهم في لقاء الرئيس الأمريكي، وأن ترامب "منفتح على لقاء كل من الرئيس بوتين والرئيس زيلينسكي". وقالت المتحدثة باسم ترامب، كارولاين ليفيت، إن "الرئيس ترامب يريد إنهاء هذه الحرب الوحشية". من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه تحدث مع ترامب بشأن زيارة ويتكوف، وكان عدد من القادة الأوروبيين أيضاً ضمن المكالمة. وأضاف: "يجب أن تنتهي هذه الحرب". وكان زيلينسكي قد حذّر من أن روسيا لن تتجه بجدية نحو السلام إلا إذا بدأت تنفد أموالها. وبدا أن المحادثات التي جرت الأربعاء بين بوتين وويتكوف كانت ودّية، على الرغم من تزايد انزعاج ترامب من بطء التقدّم في المفاوضات بين موسكو وكييف. وأظهرت صور نشرتها وسائل إعلام روسية بوتين وويتكوف، اللذين التقيا عدة مرات من قبل، وهما يتبادلان الابتسامات ويصافحان بعضهما في قاعة فخمة داخل الكرملين. وكان ترامب قد قال إن روسيا قد تواجه عقوبات كبيرة، أو عقوبات ثانوية على كل من يتعامل معها تجارياً، إذا لم تتخذ خطوات لإنهاء الحرب. وبُعيد مغادرة ويتكوف موسكو، أعلن البيت الأبيض أن ترامب وقّع أمراً تنفيذياً بفرض تعرفة جمركية إضافية بنسبة 25 في المئة على الهند بسبب شرائها النفط من روسيا، على أن تدخل حيز التنفيذ في 27 أغسطس/ آب الجاري. واتّهم الرئيس الأمريكي الهند بعدم الاكتراث بـ"عدد الأشخاص الذين تقتلهم آلة الحرب الروسية في أوكرانيا". ورغم تهديدات ترامب بالعقوبات، لا تزال التوقعات متواضعة بخصوص التوصل إلى اتفاق بحلول يوم الجمعة، كما أن روسيا تواصل هجماتها الجوية الواسعة على أوكرانيا. وكان ترامب قد وعد قبل توليه المنصب في يناير/ كانون الثاني أنه سيكون قادراً على إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا في يوم واحد، لكنه فشل، وأصبح خطابه تجاه روسيا أكثر حدة منذ ذلك الحين. وقال الشهر الماضي: "كنا نظن أننا توصلنا إلى حل للحرب عدة مرات، ثم يخرج الرئيس بوتين ويبدأ في إطلاق الصواريخ على مدينة مثل كييف ويقتل الكثير من الناس في دار رعاية أو شيء من هذا القبيل". وقد فشلت ثلاث جولات من المحادثات بين أوكرانيا وروسيا في إسطنبول في تقريب الحرب من نهايتها، بعد مرور ثلاث سنوات ونصف على بدء الغزو الروسي الشامل. ولا تزال الشروط العسكرية والسياسية التي تطرحها موسكو للسلام غير مقبولة بالنسبة لكييف وشركائها الغربيين. كما أن الكرملين رفض مراراً طلبات كييف لعقد اجتماع بين زيلينسكي وبوتين. وفي غضون ذلك، وافقت الإدارة الأمريكية يوم الثلاثاء على صفقة مبيعات عسكرية إضافية لأوكرانيا بقيمة 200 مليون دولار (150 مليون جنيه إسترليني)، بعد مكالمة هاتفية بين زيلينسكي وترامب، ناقش خلالها الزعيمان التعاون الدفاعي وإنتاج الطائرات المسيّرة. وقد استخدمت أوكرانيا الطائرات المسيّرة لضرب مصافي النفط والمنشآت الحيوية في روسيا، بينما ركزت موسكو هجماتها الجوية على المدن الأوكرانية. وقالت الإدارة العسكرية لمدينة كييف إن حصيلة الهجوم الذي استهدف المدينة الأسبوع الماضي ارتفعت إلى 32 قتيلاً بعد وفاة أحد الجرحى. وكان هذا الهجوم من بين أكثر الهجمات دموية على كييف منذ بداية الغزو. وفي يوم الأربعاء، أفادت السلطات الأوكرانية بأن هجوماً روسياً استهدف مخيماً صيفياً في منطقة زاباروجيا وسط البلاد، مما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين.


نافذة على العالم
منذ 16 دقائق
- نافذة على العالم
أخبار العالم : خلافات "غير مسبوقة" في قيادة الجيش الإسرائيلي بشأن تكثيف الغارات على غزة
الأربعاء 6 أغسطس 2025 06:10 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images Article Information Author, محمود عدامة Role, بي بي سي نيوز عربي قبل 49 دقيقة يشهد الجيش الإسرائيلي خلافاً داخلياً متصاعداً بين قائد سلاح الجو وقائد المنطقة الجنوبية، على خلفية رفض توسيع الغارات الجوية على قطاع غزة. في تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، كُشف عن خلافات حادة بين قائد سلاح الجو، اللواء تومر بار، وقائد المنطقة الجنوبية، اللواء يانيف عاسور، بشأن مطالب الأخير بتكثيف الضربات الجوية على القطاع. وأشارت الصحيفة إلى أن اللواء بار، رفض تلبية مطالب قيادة الجنوب، متذرعاً بارتفاع نسبة استهداف المدنيين، بحسب التقرير، وبأن بعض العمليات "تفتقر إلى الأسس المهنية والعسكرية السليمة". الخلاف بلغ ذروته خلال اجتماع عُقد الأسبوع الماضي في مقر هيئة الأركان في مدينة تل أبيب، بحضور أكثر من 20 ضابطاً رفيعاً. وخلال الاجتماع، اتهم عاسور قائد سلاح الجو بعرقلة تنفيذ عمليات هجومية سبق أن وافقت عليها قيادة الجنوب، مطالباً بوقف تدخله المباشر في خطط الهجمات الجوية. الرد جاء حاداً من اللواء بار، الذي برّر رفضه بعض العمليات بـ"سوء الأداء المهني"، وهو ما أثار غضب عاسور الذي قال: "أنتم في تل أبيب منفصلون تماماً عن الميدان". هذا التوتر استدعى تدخل رئيس الأركان، إيال زامير، الذي وجّه انتقاداً صريحاً لقائد المنطقة الجنوبية ، معتبراً لهجته "غير مقبولة" في سياق النقاش العسكري. ويأتي هذا الخلاف في ظل إحباط واسع داخل الجيش الإسرائيلي من نتائج العملية البرية المستمرة في غزة، والمعروفة باسم "عربات جدعون"، والتي أُطلقت بهدف الضغط على حركة حماس لإبرام صفقة تبادل. إلا أن هذه العملية لم تحقق نتائجها، بل زادت من حدة الانتقادات الدولية نتيجة ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين الفلسطينيين. مسؤول أمني وصف لصحيفة يديعوت أحرونوت بعض الغارات الأخيرة بأنها "استهدافات لعناصر منخفضة المستوى في حماس، دون قيمة عسكرية حقيقية، مقابل أضرار جانبية جسيمة"، معتبراً أن "الأذى فاق الفائدة". أزمة قيادة وتصعيد داخلي المصادر العسكرية أشارت إلى أن عاسور، الذي يتولى قيادة الجنوب، دخل في مواجهات متكررة مع قادة آخرين في هيئة الأركان خلال الأشهر الماضية. وبدأ بعض كبار الضباط بتقليص تعاملهم معه، ما يعكس أزمة قيادة حقيقية داخل المؤسسة العسكرية. ويواجه الجيش انتقادات متزايدة من داخل المؤسسة العسكرية نفسها بشأن استمرار العملية البرية رغم ما يُوصف بـ"انعدام الجدوى". كما تم تقليص التغطية الإعلامية من داخل غزة بناءً على توجيهات سياسية عُليا، ما زاد من تعقيد المشهد، في وقت تتعثر فيه محادثات صفقة تبادل، ويُتوقع أن يقدم كل من عاسور وبار خطة عملياتية جديدة خلال الأيام المقبلة. صدر الصورة، Getty Images "سلاح الجو لا يهاجم دون تأكيد عسكري للهدف" وقال الجنرال الإسرائيلي السابق، غيرشون هاكوهين، لبي بي سي إن سلاح الجو الإسرائيلي "لا ينفذ أي هجوم دون الحصول على تأكيد بأن الهدف هو هدف عسكري، أو أنه هدف يمكن تبريره وفقاً للقانون الدولي". وفي تعليقه على الخلاف العلني بين سلاح الجو وقيادة المنطقة الجنوبية بشأن توسيع الغارات على غزة، أوضح هاكوهين أن "الجهات المعنية تجلس معاً، وهناك ضباط وطاقم مشترك يدير العملية، وهناك دليل واضح ومفصل لكيفية تنفيذ الهجمات". ورأى أن "مثل هذا الخلاف لا يعكس بالضرورة أزمة أعمق في إدارة الحرب"، لكنه أقر بأن "هناك حالات تستدعي توضيح المواقف والخلافات واتخاذ قرارات مشتركة". وعما إذا كان هذا الخلاف هو الأول من نوعه داخل الجيش الإسرائيلي، شدد هاكوهين على أن "هذا ليس جديداً على الإطلاق، لكنه يلقى الآن صدى أكبر لأن الأوضاع حساسة للغاية". وبرر رفض سلاح الجو تنفيذ بعض الضربات بأن "الطيارين لا يملكون المعلومات الكاملة عما يجري على الأرض"، مضيفاً: "سلاح الجو يشبه شخصاً يُطلب منه نقل طرد من مكان إلى آخر دون أن يعرف من هو المتلقي، وبالتالي فهو يعتمد على المعطيات التي يوفرها القادة الميدانيون، ويجب أن يعمل الطرفان معاً من خلال بناء مسؤولية مشتركة". ورأى هاكوهين أن "رفض سلاح الجو تنفيذ بعض العمليات قد يُعتبر في بعض الحالات "غير مهني"، وقد يؤدي إلى نتائج غير مرغوبة". صدر الصورة، Getty Images وأوضح أن قيادة المنطقة الجنوبية لا تمتلك سلاح الجو وإنما تعتمد عليه، مشيراً إلى أن الأمر يختلف عن عملية عاصفة الصحراء عام 1991، حيث كان الجنرال الأمريكي، نورمان شوارزكوف، يملك السيطرة الكاملة على القوات الجوية. وأضاف أن البنية العميقة للجيش الإسرائيلي تترك صلاحية اتخاذ القرار لرئيس الأركان، مما يجعل التنسيق بين الأذرع العسكرية أمراً ضرورياً. وبيّن أن الأمر يشبه النظر عبر مجهر، حيث تكون التفاصيل الدقيقة والتناغم بين القوات ذات أهمية كبيرة. فيما كشف الطيار الإسرائيلي السابق في سلاح الجو، جاي بوران، لبي بي سي عن خلاف حاد وغير مسبوق في تاريخ الجيش الإسرائيلي بين قائد سلاح الجو وقائد لواء الجنوب، حول نوع الأهداف وطريقة تنفيذ الهجمات في قطاع غزة. وأوضح بوران أن ما كان يُعتبر سابقاً مجرد شائعات أصبح الآن أمراً واضحاً وعلنياً، خاصة بعد الاجتماع الذي عُقد الأسبوع الماضي مع قائد سلاح الجو والذي شارك فيه. وبحسب بوران، فقد دخل قائد سلاح الجو في جدال كبير مع قائد لواء الجنوب بشأن مشاركة القوات الجوية في هذه العمليات، وهو جدال يحمل أبعاداً عسكرية وسياسية بالغة الأهمية. وأضاف أنه بصدد تنظيم تظاهرة ضخمة يوم الإثنين، المقبل بمشاركة مئات الطيارين أمام مقر الجيش، لدعم موقف رئيس الأركان الذي يعارض خطة الحكومة لاستكمال السيطرة الكاملة على قطاع غزة، وكذلك دعماً لقائد سلاح الجو في اعتراضه على استهداف المدنيين. "من الغرف المغلقة إلى العلن" ويشير جاي بوران، لبي بي سي، إلى أن هذا الخلاف يحمل طابعاً جديدا من حيث ظهوره العلني، حيث كان الخلاف في السابق يُناقش داخل غرف مغلقة بالمقرات العسكرية، أما الآن فقد أصبح موضوعاً يُطرح بشكل واضح أمام الجميع، مما يسبب ارتباكاً وقلقاً بين الطيارين المشاركين في العمليات. ويشرح بوران كيف أن الطيارين، الذين يخضعون لقيادة سلاح الجو مباشرة، يجدون أنفسهم في وضع مربك للغاية، إذ يعلمون بوجود صراع داخلي بين قيادتهم وقائد لواء الجنوب، لكن في الوقت نفسه يُطلب منهم تنفيذ مهام قتالية، مما يثير فيهم حالة من الحيرة والغضب. صدر الصورة، Getty Images وفيما يخص مسألة رفض سلاح الجو تنفيذ بعض الضربات، يوضح بوران أن الأمر لا يُعتبر تصرفاً غير مهني، بل يأتي ضمن إطار عملية معقدة تبدأ بطلبات من قوات الأرض، مروراً بقيادة الجنوب، وصولاً إلى سلاح الجو الذي كان حتى وقت قريب يوافق تلقائياً على معظم الأهداف المطلوبة. لكنه يوضح أن هذا الوضع تغير منذ أبريل/نيسان 2025، حيث أصبح كل هدف يحتاج إلى تفويض مباشر من قائد سلاح الجو، ما أدى إلى تصاعد الخلاف بينه وبين قيادة الجنوب.


بوابة الأهرام
منذ 34 دقائق
- بوابة الأهرام
سلوفينيا تحظر استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية
أ ف ب حظرت سلوفينيا، الأربعاء، استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الضفّة الغربية المحتلّة، في خطوة وضعتها في إطار الردّ على "سياسة الحكومة الإسرائيلية التي تقوّض فرص السلام الدائم". موضوعات مقترحة وقالت الحكومة السلوفينية إنّ إسرائيل ترتكب في الضفة الغربية المحتلّة "انتهاكات خطرة ومتكرّرة للقانون الإنساني الدولي". وأضافت في بيان أنّه يتعيّن تاليا على سلوفينيا "أن لا تكون جزءا من سلسلة تغضّ الطرف" عن "أعمال البناء غير القانونية ومصادرات الأراضي وعمليات الطرد". وبناء عليه، قرّرت الحكومة السلوفينية حظر استيراد منتجات المستوطنات في "ردّ فعل واضح على سياسة الحكومة الإسرائيلية التي تقوّض فرص السلام الدائم". ولفتت الحكومة في بيانها إلى أنّها تدرس كذلك فرض "حظر على تصدير بضائع مرسلة إلى مستوطنات غير شرعية"، مشيرة إلى أنّها "ستتّخذ إجراءات جديدة في وقت لاحق". من جهتها، نقلت وكالة الأنباء السلوفينية عن بيانات حكومية صادرة في يناير أنّه خلال العامين 2022 و2024 لم تستورد سلوفينيا أيّ منتج من المستوطنات الإسرائيلية التي يعتبرها القانون الدولي غير شرعية. أما في العام 2023 فبلغت قيمة كلّ ما استوردته سلوفينيا من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية ألفي يورو فقط. وبالنسبة إلى الصادرات السلوفينية المرسلة إلى مستوطنات الضفة فهي تشمل معدّات طبيّة وأدوية. وسبق لليوبليانا أن فرضت في يوليو حظرا على تجارة الأسلحة مع إسرائيل بسبب الحرب الدائرة بين الدولة العبرية وحركة حماس في قطاع غزة. وقرّرت سلوفينيا القيام بتلك الخطوة الأحادية بعدما خلصت إلى أنّ الاتّحاد الأوروبي "غير قادر على اتّخاذ" هكذا إجراء. كذلك فإنّ هذه الدولة العضو في كلّ من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي منعت وزيرين إسرائيليين من اليمين المتطرّف من دخول أراضيها، متّهمة إياهما بإطلاق "تصريحات تدعو لتنفيذ إبادة جماعية" بحقّ الفلسطينيين. وفي يوليو 2024 اعترفت ليوبليانا بدولة فلسطين.