أمير الشرقية يطّلع على سير المشاريع التنموية بحفر الباطن
وأشاد سموه بما تضمنته كلمة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله – خلال منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي، التي حملت مضامين استراتيجية تعكس طموح القيادة في بناء مستقبل مزدهر، حيث أعلن سموه عن انطلاق مرحلة جديدة من المشاريع العملاقة في مختلف المجالات الواعدة، وفي مقدمتها مجالات التقنية والذكاء الاصطناعي، لما تمثله من مسارات واعدة في توليد فرص عمل نوعية، وتأسيس اقتصاد معرفي متين يعزز تنافسية المملكة عالميًا.
وأكد سمو أمير المنطقة الشرقية أن ما تضمنته كلمة سمو ولي العهد بشأن انخفاض نسبة البطالة إلى مستويات غير مسبوقة، يجسد نجاح الرؤية الوطنية في تحفيز الاقتصاد وتمكين الشباب السعودي في شتى المناطق، مؤكدًا أن أهالي المنطقة الشرقية سيكون لهم نصيب وافر من هذه المشاريع الوطنية الطموحة، سواء عبر الفرص الوظيفية التي ستُتاح أو من خلال المشاريع التنموية التي ستُنفذ في المدن والمحافظات، ما يعزز التنمية المتوازنة ويحقق تطلعات المواطن في كل مكان.
جاء ذلك خلال زيارة سمو أمير المنطقة الشرقية لمحافظة حفر الباطن اليوم الأربعاء، ورحب صاحب السمو الأمير عبدالرحمن بن عبدالله بن فيصل، محافظِ حفر الباطن بزيارة سمو أمير المنطقة الشرقية ، مؤكدًا بذل الجهود للتطوير والتنمية بتوجيهات سموه الكريم، وفي ظل الدعم الذي تقدمه القيادة الرشيدة.
وشاهد سمو أمير المنطقة الشرقية عرضًا مرئيًا عن المشاريع التنموية الحالية والمستقبلية، من بينها مشروع تصريف السيول، واستعرض أمين محافظة حفر الباطن المهندس خلف العتيبي جهود الأمانة في تحسين جودة الحياة وتطوير الخدمات البلدية.
وألقى الأستاذ خالد الخليوي كلمة الأهالي، عبّر فيها عن شكرهم وتقديرهم لسمو أمير المنطقة الشرقية وسمو نائبه على متابعتهما المستمرة وحرصهما على تلبية احتياجات المواطنين، مثمنًا اهتمام القيادة بتوفير أفضل الخدمات وتعزيز جودة الحياة.
وأقام سمو أمير المنطقة الشرقية مأدبة عشاء لأهالي المحافظة، بحضور عدد من قيادات القطاعات الحكومية من مدنيين وعسكريين، والأهالي، وذلك في مبنى المحافظة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الحدث
منذ ساعة واحدة
- الحدث
"فتاة الأحساء و حِرف السعودية"….يوقّعان اتفاقية لدعم الابتكار في المنتجات الحرفية
الأحساء- طاهر الجعيدان وقّعت جمعية فتاة الأحساء التنموية الخيرية اتفاقية تعاون مشترك مع شركة حِرف السعودية، اليوم الثلاثاء وذلك بمقر الجمعية، بهدف تعزيز سبل التعاون في دعم وترويج المنتجات الحرفية ضمن المشاريع والمبادرات ذات العلاقة. وتهدف هذه الشراكة إلى تمكين الحرفيات في المنطقة من خلال تطوير مخرجات الدورات التدريبية إلى منتجات مبتكرة قابلة للتسويق، بما يسهم في تحقيق الاستدامة الاقتصادية للحرفيين، ويعزز من حضور المنتجات الحرفية السعودية في الأسواق المحلية والدولية، ورفع الوعي الوظيفي لدى الحرفيات بتأهيلهم لسوق العمل المحلي، بما يتناسب مع قدراتهم وكفاءاتهم المهنية،و تأهيلهن على العمل من خلال دورات تدريبية،ومنحهم شهادات تدريبية في تخصصات مهنية تلبي احتياجات سوق العمل المحلي.والمساهمة في الحدّ من ظاهرة البطالة، وذلك حسب خطط وبرامج التي تقدمها الجمعية لدعم المجتمع وأبناءه. وتأتي هذه الاتفاقية تماشيًا مع التوجه الوطني نحو دعم قطاع الحرف اليدوية، خاصة مع إعلان عام 2025 عامًا للحرف اليدوية في المملكة، ما يعكس الاهتمام المتزايد بهذا القطاع الحيوي، ودوره في حفظ التراث وتنمية الاقتصاد المحلي. من جانبها، أكدت الرئيسة التنفيذية لجمعية فتاة الأحساء عائشة الدوسري، أن هذه الشراكة تمثل خطوة استراتيجية نحو تمكين الحرفيات السعوديات، عبر دعم مهاراتهن وتطوير منتجاتهن بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030، ويسهم في تعزيز دور المرأة في الاقتصاد الوطني. كما أوضحت أن تنفيذ البرامج التدريبية سيكون من خلال معهد فتاتي للتدريب التابع للجمعية، بإشراف الأستاذه فاطمة العتيبي، حيث سيُركز المعهد على تأهيل الكوادر الوطنية في مجالات الحرف اليدوية، وتقديم بيئة تدريبية متكاملة تلبي احتياجات السوق، وتسهم في تحسين جودة المنتجات. وأكدت الأطراف الثلاثة أن هذه الاتفاقية تُعد خطوة فاعلة نحو إيجاد مسارات مستدامة لتسويق منتجات الحرفيات، وتوفير الدعم المهني والفني لتطوير مهاراتهن وتمكينهن من المنافسة محليًا ودوليًا متمنين من الله الن تأتي بثمارها والتوفيق للجميع.


الوئام
منذ 2 ساعات
- الوئام
'لا حج بلا تصريح'.. أنموذج وطني في الاتصال المؤسسي الاحترافي
أ. ريم المطيري الحج حدث عالمي تظهر من خلاله قدرة المملكة العربية السعودية على إدارة الحشود و تصنع أنموذجًا إنسانيًا ووطنيًا في التكاتف، والالتزام، ففي كل عام، تثبت المملكة العربية السعودية قدرتها الفائقة على إدارة أكبر تجمع بشري في العالم، بمهنية عالية واحتراف مؤسسي متجذر. ومع قرب موسم الحج، تأتي حملة 'لا حج بلا تصريح' كمثال حيّ على نضج الاتصال المؤسسي، حيث تتقاطع الرسائل الأمنية والتنظيمية مع القيم الوطنية والوعي المجتمعي في نموذج فريد من الشراكة بين الدولة بكافة قطاعاتها والمواطن. فتتجاوز الحملة كونها شعارًا توعويًا، لتصبح سياسة اتصالية متكاملة، تهدف إلى بناء ثقافة احترام الأنظمة، وتعزيز الوعي بمسؤولية كل فرد في إنجاح موسم الحج. فالحصول على تصريح الحج ليس إجراءً إداريًا فحسب، بل التزام وطني، ومشاركة في صناعة موسم آمن وسلس لكل من كتب الله له أداء الفريضة. وما يلفت النظر في هذه الحملة هو وضوح رسائلها، وقوة انتشارها، واتساقها عبر مختلف القنوات: من الإعلانات الرقمية إلى لوحات الطرق ، ومن الحملات التوعوية إلى البيانات الرسمية. هذه الاتساقية في الرسالة تعكس تخطيطًا اتصاليًا دقيقًا، قاده مختصون في الاتصال المؤسسي مدركون لحساسية الحدث، وتنوع الجمهور، وتعدد اللغات والثقافات. شراكة وطنية.. و تكاتف ومسؤولية تبرز حملة 'لا حج بلا تصريح'، بوصفها أنموذجًا رائدًا في الاتصال المؤسسي المسؤول، الذي لا يعتمد على الأوامر والتعليمات فقط، بل يبني قناعة مجتمعية، ويخلق شعورًا وطنيًا مشتركًا بأن سلامة الحجاج مسؤوليتنا جميعًا. حيث تركز على المسؤولية المجتمعية، لا الردع فقط. فالرسائل التوعوية تخاطب الوعي الجمعي، وتؤكد على أن منع غير النظاميين ليس حرمانًا، بل حماية؛ للحاج أولًا، ولأمن الحج ثانيًا. فالتزام الأفراد بعدم أداء الحج دون تصريح، أو الإبلاغ عن المخالفين، لا يقل أهمية عن الجهود الأمنية والتنظيمية التي تبذلها الدولة. درس في الاتصال الاحترافي من زاوية الاتصال المؤسسي، تشكل الحملة أنموذجًا متكاملًا لإدارة الرسائل، فقد راعت طبيعة الجمهور المستهدف، واختلاف وسائط التلقي، وتوقيت بث الرسائل، وأهمية التكرار الذكي للرسائل فانتقلت من مجرد ' منع ' إلى ' إقناع ' ومن ' تحذير' إلى تحمل مسؤولية 'مع الحفاظ على وحدة المضمون وروح النظام. وهو ما يُعدّ من أرقى ممارسات الاتصال في المؤسسات الحديثة. ولم يكن ذلك ليحدث لولا وجود منظومة اتصال مؤسسي فعالة، جعلت من المواطن شريكًا حقيقيًا، ومن الرسالة أداة بناء، لا مجرد تحذير.


ميادين
منذ 2 ساعات
- ميادين
محمد لحبيب ولد معزوز يكتب: "التحديات التي تواجه الأمن القومي الموريتاني"
التحدي والتهديد: فرق كبير بين التحدي والتهديد، كلاهما مبعث قلق وتخوف، كلاهما خطر على الدولة وعلى المجتمع في تماسكه وبقائه. التحدي هو الخطر المؤجل، والتهديد هو الخطر الوشيك. بلدنا تحف به المخاطر من كل جانب كأي بلد مفتوح بمساحة شاسعة وقلة في السكان، فكيف إذا كانت تعووزه الوسائل رغم سباحته على بحر من الثروات ينظر إليها الطامعون بنية مضمرة على التوثب والتعدي. الأخطار من الداخل قد لا تكون أقل ضررا على الدولة من تلك التي نرصدها من الخارج خاصة إذا كانت مدفوعة من قوى خارجية هدفها بطبعها إشعال الفتن وإضرام الثورات. سأتناول هذا العنون إن شاء الله في عدة حلقات وفي كل حلقة موضوع واحد وإن زاد فبواحد. 1- الهوية. 2- الفتنة الإنقلابية. 3- موقع العاصمة. 4- قراءة في المتغيرات الجيوسياسية. 5- المنظومة الإدارية في الميزان. 6- المنظومة التعليمية في الميزان. 7- مشكلة الهجرة بين الإحلال والاستبدال. 8- العزوف المزمن عن العمل بنظام الخدمة الوطنية. 9- الاختلال الديمغرافي ونقص السكان. 10- الفقر والتفاوت الطبقي. 11- الصحراء الغربية بين الحياد السلبي والإيجابي. 12- التصحر. 13- عناصر قوة الدولة. 1ـ الهوية: أول التحديات التي تواجه البلد في صميمه وعقر داره هو قضية انعدام الإنسجام الاجتماعي وعدم وجود نخبة تحوز على ثقة غالبية السكان التي اعتبرها المؤرخ البريطاني الكبير أرلوند اتوندي 1889ـ1975م وصاحب كتاب "موسوعة الحضارة" أنها من أسباب زوال الحضارات. إنها التحدي الأول والأخطر من بين كل التحديات التي تواجه بلدنا والتي تعود في الأساس إلى غياب إرادة سياسية وسياسة إعلامية وتربوية وإدارية فاعلة، شكلت ثغرة دخل منها الغريب والتغريب منذ قيام الدولة الوطنية. وجد الإعلام لتبليغ الناس رسالة إيجابية تنهض بهممهم من وضع إلى وضع أحسن في الوعي بخفايا الأمور، منافعها ومضارها على المجتمع والدولة، وجدت التربية لصقل الشخصية وتخليصها من شوائب الأمور اقتداء بأصلح الناس ووجدت الإدارة لتيسيير الأمور وتقريب الناس من بعضهم وتعميم الثقة في أهل الحل والعقد من خلال العدل والعدالة وبالإرادة السياسية تحسم العقد والمعاضل. الإعلام في بلدنا تعوزه الرؤية الواضحة فيما يجب تناوله من مواضيع تزيد من وعي الناس من خلال وضعهم في الصورة عن تاريخيهم الاجتماعي والديني وما يترصدهم من أخطار ومخاطر. هوية البلد هي المنطلق لكل توجه هادف جامع. هوية البلد يجب أن تكون معلومة لكل من يحمل بطاقة التعريف الوطنية ومجسدة فيه، كما هو الحال في كل بلد يقوم على أسس الشراكة والمواطنة في السنغال المجاورة من لا يتحدث الولفية لغة الأغلبية ويتقنها مشكوك في مواطنته ووطنيته. هويتنا بشقيتها الحضاري والثقافي تعني حضاريا الانتماء للإسلام عقيدة وشرعة ومنهاجا، وثقافيا الانتماء للغة القرآن العظيم تربية وتعليما وإدارة وفكرا. جميع الموريتانيين من حيث الانتماء الحضاري ينسبون للإسلام وجميعهم ينتمون ثقافيا إلى لغة القرآن العظيم بحكم انتمائهم إلى الإسلام، ما لم يكن هناك قصور في الفهم والتفقه والعزوف عن الدعوات العصبية التي نهى الإسلام نهيا قاطعا عنها لقوله صلى الله عليه وسلم "ليس منا من دعا إلى عصبية" ذلك بأنها من دعوى الجاهلية. يقينا، لا أحد يقدم لغة الإستعمار الأجنبي على لغة القرآن العظيم وهو على الإسلام ولا أحد من أهل البلد ينتمي حضاريا لغير الإسلام، فأين المشكل إذن! يبدو أن المشكل في بعض المنتفعين الذين يقتاتون على الخلافات وحتى وإن لم تكن موجودة فهي بالنسبة لهم ضالة ورأس مال واستثمار. أمضت فرنسا الاستعمارية في بلدنا قبل الاستقلال ما أمضت من عقود ولم تستطع تغيير دين فرد واحد من أبناء المرابطين. ما عجزت عنه فرنسا حضاريا حاولت بواسطة مستشرقيها ومخابراتها الحصول عليه ثقافيا. تعرف فرنسا جيدا أن استهداف لغة القرآن العظيم هو استهداف للإسلام دينا وثقافة، لذا، عملت على تغذية روح الاعتزاز لدى الشعوب العربية بلهجاتها على حساب الفصحى كونها عمود العلوم الخادمة للقرآن العظيم. لم تفلح في لبنان ولم تفلح في سوريا ولم تفلح لا في المغرب ولا في الجزائر ولا في تونس. ركزت فرنسا في حربها على لغة القرآن العظيم بعد فشلها الذريع في بلاد العرب على خط الدفاع الأول والأخير "بلاد شنقيط"، فعملت على الاستثمار في تشجيع لغات محلية مزاحمة للغة القرآن العظيم. لم تركز على السنغال مثلا ولا على مالي ولا على غينيا ولا على النيجر حتى لا تزاحم اللغة الفرنسية، ولأن الهدف ليس خدمة هذه اللهجات المحلية بقدر ما أن المستهدف هو دين الإسلام، فمتى استهدفت لغة القرآن فكأنما استهدف الإسلام دينا وثقافة. لم يكن جهاد الشيخ عثمان دان فوديو (1754ـ 1817) في بلاد الهوسا ودلتا النجير بنيجيريا المستميت ضد الإنجليز إلا لأنهم كانوا يستهدفون الإسلام أولا، ولم يكن جهاد الحاج عمر تال (1770ـ 1864م) في فوتا تورو في السنغال وفي غينيا ومالي حيث صال وجال ضد الفرنسيين إلا لأنهم كانوا يستهدفون الإسلام أولا، وهكذا خلدهما التاريخ وكانوا بمثابة النبراس لمن سار على نهجهم ودعا بدعوتهم "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض" الرعد/ الآية 17. فرنسا بأياديها الخفية ومن ورائها مراكز الاشتشراق العالمية والموساد الإسرائيلي هي من تمول وتنظم الحملات على لغة القرآن العظيم وهي من تعرقل الجهود الوطنية لحسم موضوع الهوية، فرغم أن الدستور الوطني يعتبر لغة القرآن العظيم هي اللغة الرسمية إلا أن الفرنسية التي تقع في ذيل الترتيب العالمي بين اللغات اللاتينية تتسيد المشهد التعليمي الوطني على ظهر الهوية ولغة الهوية والنتيجة فشل المنظومة التعليمية الوطنية بدليل التدني الرهيب لمستوى تحصيل التلاميذ والطلاب في بلدنا رغم الذكاء المتقد لدى الأطفال والشباب. والأخطر من ذلك أن لغة الاستعمار لا تزال هي لغة الإدارة الوطنية رغم رحيله بجيوشه لأن هناك من يخدمونه في غيابه، لذا، ظلت الإدارة في واد والشعب في واد. أبناؤنا في المدارس يكرهون هذه اللغة ويمقتونها لا لشيء إلا لأنها تمثل الاستعمار بعينه ولأنها سبب في إخفاقهم المزمن في المواد المهمة التي تدرس بها. إنه الاستعمار بشكله الأبشع، الإستمعمار الثقافي الذي يتعين على أبناء المرابطين التكاتف لإزاحته عن كاهلهم والتخلص من نير العبودية لفرنسا الصليبية. كل اللغات تموت إلا لغة واحدة بإجماع علماء اللسانيات في العالم وفي الغرب قبل الشرق لأنها أصل اللغات ولأنها أم اللغات واللغة الخالدة إنها لغة القرآن العظيم أجمل اللغات، أغنى اللغات، أعذب اللغات، أبرك اللغات، خير اللغات وأفصح اللغات. المتملقون لفرنسا من بين أظهرنا والمتاجرون بأنفسهم وأوطانهم لا يهمهم الانسجام الاجتماعي بين أفراد وجموع الشعب بقدر ما يهمهم ما يدخل جيوبهم من عملات وعمولات تعودوا أن تكون رأس مال أرزاقهم وإن اشتعلت البيوتات والقرى والمدن شجارا وشحناء لأنهم يعرفون أن الانضواء تحت لواء هوية واحدة جامعة هو التجسيد الحي للانسجام الاجتماعي فاختاروا التقاطع والتنافر الاجتماعي رسالة وديدنا. لقد قطع هؤلاء صلتهم بتراث وميراث أجدادهم تزلفا لأعداء الدين. كيف لمن يفضل لغة الأجنبي ولغة الإستعمار مستعبد الشعوب على لغة القرآن العظيم على إسلامه وهي لغته بحكم كونها لغة دينه أن يتوقع أن يعامل معاملة مواطن سوي وقد انسلخ من جلده وانسلخ من دينه. الإعلام في بلدنا يوجد في منطقة رمادية لا يعرف على أي رجل يقف ولا يعرف الوقوف على رجلين بدليل تقصيره في تبليغ الرسالة الحضارية المتعينة عليه. لا يجتمع الإيمان في قلب امرء مسلم وبغض لغة القرآن العظيم. نقضيان لا يجتمعان وضدان لا يلتقيان. التفريق بين أهل الملة الواحدة تعصبا للسراب والمجهول وتحت ذريعة العصبية خروج على الجماعة والإجماع ومروق من الدين. لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها .... ولكن أحلام الرجال تضيق لم نر الإعلام الوطني أو الحر بمختلف أبواقه وقنواته ينظم ندوة يشارك فيها الشيوخ والعلماء والدعاة والوجهاء لتناول هذا الموضوع على أهميته ورغم تعينه اليوم واليوم قبل الغد نصحا للأمة وذودا عن الدين واتقاء للفتنة. للأسف، الإعلام يقدم الفن والفنانين والسمر واللهو على أوجب واجباته والنتيجة قلما تجد اليوم من يشاهد التلفزة الوطنية على راحته. في كل بلاد العرب والمسلمين تجد التعليم مقرونا بالتربية إلا في بلدنا مما يعكس تدني أهمية التربية في المناهج وما تطاول الطلاب على المعلمين وانتفاء الحشمة بين البنات إلا دليل على ذلك. في مساجد انواكشوط الكبرى تنظم مواسم رمضانية نهارية تحت عنوان محاضرات فقهية وتوجيهات طبية وتغيب التربية من العنوان، في حين أن التوجيهات التربوية أولى بالتقديم. سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم مدرسة في التربية والقدوة الحسنة والخلق العظيم. لا شيء يعدل الهوية في أهميتها ولا شيء أخطر على البلد من المس بهويته دون حراك ولا شيء أدعى إلى الوهن من التهاون في حسم مسألة الهوية، لا شيء يعدل ذلك في السوء والإيذاء والمضرة، ذلك بأن أمة بلا هوية أمة بلا حاضر ولا مستقبل وبلا أمل في النهوض والتطور والارتقاء والإبداع والابتكار. أمة بلا هوية أمة مسلوبة الإرادة، مسلوبة الحرية، أمة نكرة، مطموسة الذات، مشطورة القلب والوجدان. حينما يصبح التحدي قابلا للتحول إلى تهديد بين عيشة وضحاها، للمجتمع في تماسكه وانسجامه وللدولة في بقائها فهذا نذير من النذر يحطات منه ويحترز. (يريدون أن يطفؤوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) الآية 32/ التوبة 2 ـ الفتنة الإنقلابية: حينما يكون التنازع على الحكم بين أقلية وأغلبية إلى درجة الصراع والصدام الدموي بعيدا عن الطرق المعهودة لتداول السلطة سلميا يمكن وصف هذه الحالة بالفتنة الانقلابية. في العام 1994 حدثت إبادة جماعية في رواندا وصفت بأنها الأبشع في التاريخ المعاصر في القارة الإفريقية، بسبب التنازع على السلطة بين أقلية تمثل 14% من عدد السكان هي التوتسي المهاجرين أصلا من الحبشة وأغلبية تمثل 85% من عدد السكان هي الهوتو وهم السكان الأصليين، وكان للاستعمار البلجيكي 1916 دور في بذر وإنبات هذه الفتنة ثم اليد الخفية الفرنسية في إذكاء وإشعال الصدام كما يقول المحققون. الهوتو مزارعون معتقداتهم إفريقية وثنية وإن كانت من بينهم أقليتان مسلمة ومسيحية مارسوا فلاحة الأرض كابرا عن كابر. التوتسي يمارسون الرعي وتربية المواشي خاصة الأبقار مسيحيون كاثوليك وبفضل ثرائهم وقربهم من المستعمر بحكم الديانة المشتركة كانت لهم اليد العليا في الوظائف والمنح الدراسية. فرق الإستعمار البلجيكي بين القبيلتين في الحظوة انطلاقا من سياسة فرق تسد، فاعتبر التوتسي عرقا متفوقا على الهوتو فولد ذلك شعورا من الاستياء والضغينة لدى الهوتو حيال من كانت لهم بلجيكا راعية وحامية. وفي العام 1959 كان السخط قد بلغ مبلغه فحدثت فتنة راح ضحيتها من التوتسي 20 ألف قتيل ألقي الكثير منهم في النيل وقاتلوهم يصيحون عودوا إلى أثيوبيا من حيث جئتم. فر الكثير من التوتسي إلى البلدان المجاورة بروندي ويوغندا خاصة. بعد ذلك بسنين تشكلت الجبهة الرواندية بقيادة بول كاغامي وكان هدفهم الإطاحة بالرئيس هابياريما وضم الساخطين من حكمه من الهوتو إلى صفوفهم فاستغل الرئيس هذا الوضع المتوتر الذي تخللته هجمات مميتة على الجيش داخل رواندا لتعبئة الشعب وخاصة الهوتو من خلال خطاب مشحون بمغازي وإيحاءات هي للحرب أقرب، والحرب أولها كلام والنار أولها دخان. اتهم التوتسي في الأثناء داخل البلاد صراحة بأنهم متعاونون مع الجبهة الوطنية المتمردة التوتسية. في العام 1993 وبعد أشهر من المفاوضات وقع اتفاق سلام بين الرئيس والجبهة الوطنية وكان هشا حيث تواصلت أعمال العنف على الحدود وضد قوات الجيش، وما إن أسقطت طائرة الرئيس يوم 6 أبريل 1994 فوق مطار كيغالي حيث لقي الرئيس حتفه حتى كان السيل قد بلغ الزبى وكان السيف قد سبق العذل. في 7 أبريل 1994 بدأت الإبادة الجماعية في رواندا وحتى منتصف شهر يوليو من نفس العام، حيث شن الهوتو الغاضبون أعمال عنف وحشية في حق التوتسي بدأت من العاصمة وانتشرت في كافة أرجاء البلاد لمدة 100 يوم متواصلة راح ضحيتها ثمانمائة ألف روادني من كلا الجانبين وإن كان أكثر الضحايا من التوتسي والبعض يرفع الرقم إلى أكثر من مليون. لقد كان لإسقاط الطائرة الرئاسية بصاروخ أرض جو فوق مطار كيغالي ومقتل الرئيس الهوتي الشرارة التي أشعلت الفتنة الدموية حيث اتهم التوتسي بإسقاطها واتجهت الأصابع إلى زعيم التوتسي بول كاغامي الرئيس الحالي ومعاونوه. خلال الإبادة الجماعية قتل الجيران جيرانهم كما قتل بعض الأزواج زواجتهم من التوتسي بحجة أنهم سوف يقتلون إن لم يفعلوا. التحقيقات في أسباب ما حدث أثبتت أن اليد الخفية الفرنسية كانت ضالعة في تحريض البعض على البعض بل وأكثر من ذلك. الخلاصة: قد تتشابه أحداث التاريخ وإن اختلفت الأماكن والأزمان وتظل الدروس المستفادة منها عبرة لمن يعتبر ودرسا لمن يعي ويتعظ، غير أن التاريخ علمنا أن الإفساد في الأرض شيمة المفسدين ودعاة الحرب والحرابة بعدوا أم قربوا. السؤال المطروح، هل الحل على الطريقة الرواندية الذي انتهى بتسلم أقلية انقلابية للحكم في البلاد هو الحل الأمثل،أم هي النار تحت الرماد. السؤال الأخير، هل السيناريو الرواندي قابل للتكرار في بلدان أفريقية أخرى؟ لسان حال المستعمر يقول لو عاد بنا الزمن لما غادرنا القارة أصلا، أما زمننا هذا فهو زمن تدوير المخلفات والخلافات لمن لا يعلم. وصل الله وسلم على سيدنا محمد الذي وأد الفتن وأرسى القيم ورفع الهمم وأتم الله على يديه الآيات والسنن وجاهد في الله حق جهادة حتى أتاه اليقين. انواكشوط بتاريخ 18 ذو القعدة 1446 هـ الموافق 16 مايو 2025م *ـ عقيد متقاعد من مواليد مدينة أطار الموريتانية المؤهلات العلمية: باكلوريا وطنية ليسانس حضارة وإعلام ـ المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية بكالوريوس علوم عسكرية ـ جامعة مؤتة الأردنية ماجستير علوم عسكرية وإدارية ـ جامعة مؤتة الأردنية ماجستير علوم إستراتيجية ـ أكاديمية ناصر العسكرية العليا ـ مصر 2