logo
المحفزات القانونية لتصدير العلامات التجارية السعودية خارج المملكة  الإقتصاد والبورصة

المحفزات القانونية لتصدير العلامات التجارية السعودية خارج المملكة الإقتصاد والبورصة

النهار نيوز١٧-٠٣-٢٠٢٥

بقلم ياسر بن عبدالعزيز المسعودمؤسس شركة تقاضي العالمية للمحاماة والاستشارات القانونية تُشكل العلامة التجارية عنصرًا جوهريًّا في الملكية التجارية؛ إذ تمنح مالكها حقوقًا قانونية كاملة تشمل الاستعمال والاستغلال والتصرف، باعتبارها أصلًا معنويًّا ذا قيمة اقتصادية استثنائية، تتجاوز قيمتها في بعض الحالات مئات الملايين من الدولارات. ويكفي أن نذكر أن العلامة التجارية لشركة (Apple) تُقدر بحوالي 355.1 مليار دولار، بينما تصل قيمة علامة (Google) التجارية إلى 263.4 مليار دولار تقريبًا، مما يؤكد أهميتها كأحد أثمن الأصول غير الملموسة في عالم الأعمال المعاصر (الظفيري، 2022). ويصاحب الأهمية المتزايدة للعلامات التجارية ارتفاع مضطرد في عدد العلامات المسجلة بالمملكة العربية السعودية، حيث وصلت قيمتها إلى مستويات غير مسبوقة؛ فقد بلغت القيمة الإجمالية لـ 20 علامة تجارية سعودية فقط 139.86 مليار ريال سعودي، مما يعكس القيمة الاقتصادية الاستثنائية لهذه الأصول غير الملموسة. وقد منح هذا التطور أصحاب العلامات التجارية أدوات مالية متعددة، تمكنهم من استغلالها أو التصرف فيها أو رهنها أو تصديرها للتوسع التجاري أو لأي غرض آخر، مما يجعلها أداة ائتمان قوية وذات قيمة استراتيجية في عالم الأعمال المعاصر. (الزهراني، 2022). ونظرًا لأن العلامات التجارية المشهورة أصبحت مصدرًا مهمًّا للثروة، حيث تصل قيمة بعضها إلى ملايين الدولارات، فقد أصبحت عرضة للاعتداء والتربح غير المشروع، وهذه الأفعال تُحدث أضرارًا جسيمةً بمالك العلامة التجارية ومنشأته، بالإضافة إلى أضرارٍ للمستهلكين والمرخص لهم باستغلال العلامة؛ لذلك، وَضعت الاتفاقياتُ الدولية -مثل: اتفاقيتيْ باريس (1883م)، وحماية الملكية الفكرية "التريبس" (1995)- قواعدَ دولية لحماية هذه العلامات، تشمل: مبدأ المعاملة الوطنية، ومبدأ حق الدولة الأَوْلى بالرعاية، ومعايير شهرة العلامة التجارية المرتبطة بجودة المنتج ونوعيته، والمواد القابلة للحماية. كما تحدد هذه الاتفاقيات الحقوق الممنوحة للعلامات المشهورة، وموقف نظام العلامات التجارية السعودي منها، والمسؤولية القانونية الناشئة عن أفعال التعدي، سواءً كانت عقدية أو تقصيرية، بالإضافة إلى الأساس القانوني لكل مسؤولية، ووجوب التعويض عن الأضرار التي تلحق بحقوق صاحب العلامة، وسبل وقف الاعتداء عليها. ويُعزى وجود الحماية الدولية للعلامات التجارية إلى المخاطر التي نتجت عن تطبيقٍ ضيقٍ لمبدأ الإقليمية، مما أدى إلى انتشار تقليد السلع والخدمات؛ فبقاء الحماية محصورةً بالحدود الجغرافية للدول سمح للمقلدين بإعادة إنتاج السلع والخدمات دون مساءلة قانونية، مما استدعى حمايةً دوليةً للعلامات المشهورة. وقد تجسّدت هذه الحماية في التخلي عن مبدأ الإقليمية والاتجاه نحو تدويل حماية العلامات التجارية، كما هو منصوص عليه في اتفاقيتي باريس والتريبس. إضافةً إلى ذلك، يُشكّل مبدأ حظر استخدام العلامة التجارية المشهورة، حتى على فئات منتجاتٍ أو خدماتٍ مغايرة، حجر الزاوية في حماية العلامات التجارية، حيث قررته اتفاقية باريس وطورته الأحكام القضائية لاحقًا؛ فأصبح من المُستقرّ قانونًا حظر استخدام العلامة المشهورة، أو ما يشابهها، أو ما قد يُوقع المستهلكين في خطأ، على منتجات أو خدمات من فئاتٍ مختلفة. ويُعدّ هذا المبدأ حمايةً قويةً ضد سوء النية، ويمنع استغلال جهود أصحاب العلامات المشهورة، ويُقيّد من التعدي عليها بغرض الإثراء غير المشروع. وقد تميّز النظام السعودي بسابقته في حماية العلامات التجارية المشهورة التي أولى النظام الخليجي الموحد أهميةً كبيرة لحمايتها؛ فقد منع نظام العلامات التجارية السعودي تسجيل أي علامة مطابقة أو مشابهة لتلك العلامات المشهورة، مُميزًا بذلك بين حالتين: الحالة الأولى، أن تكون العلامة المشهورة غير مسجلة في المملكة، وفي هذه الحالة لا يجوز تسجيل علامة مطابقة أو مشابهة لها إلا بشرط أن تكون شائعة الشهرة داخل المملكة. أما الحالة الثانية فتكون العلامة التجارية المشهورة مسجلة في المملكة، وفي هذه الحالة لا يُعتد بأي علامة تجارية أخرى ولا يُقبل تسجيلها، حتى وإن كانت غير مطابقة أو مشابهة للعلامة المشهورة المسجلة. وبهذا الشكل، ضمن النظام السعودي حماية فعالة للعلامات التجارية المشهورة، مما يعزز من حقوق أصحابها ويحد من التنافس غير العادل (الظفيري، 2022). ونظرًا لتلك الأهمية الكبيرة للعلامة التجارية كونها من أهم الأصول التجارية التي تميز منتجات وخدمات الشركات، فإنها تحظى في المملكة العربية السعودية بحماية قانونية متينة. وتعكس هذه الحماية التزام المملكة بتنظيم استخدام العلامات التجارية، ومنع استخدامها دون إذن مالكها، من خلال أنظمةٍ تضمّ إجراءاتٍ مثل: التسجيل الرسمي، ومراقبة السوق، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين (عقيل، 2021). ويتم تسجيل العلامات التجارية في المملكة العربية السعودية من خلال المنصة الوطنية (GOV.SA) لدى الهيئة السعودية للملكية الفكرية، مما يمنح أصحابها حقوقًا قانونيةً تمكنهم من مقاضاة منتهكي حقوقهم. ويُعدّ التسجيل دليلًا على الملكية يساعد على تجنب النزاعات، ويمنع استخدام العلامات المقلدة أو المشابهة، مما يحدّ من التزوير والتقليد (المنصة الوطنية، 2024). وبالإضافة إلى التسجيل المحلي، يمكن تعزيز حماية العلامات التجارية في المملكة العربية السعودية من خلال التسجيل الدولي عبر المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)، مما يوفر حمايةً أوسع نطاقًا في العديد من الدول. كذلك حرصت الهيئة السعودية للملكية الفكرية على تحسين الكفاءة التشغيلية وضمان الوصول إلى العدالة؛ فسعت إلى تأسيس الأمانة العامة للجان الفصل في منازعات الملكية الفكرية، وذلك بهدف تحسين جودة الخدمات المتعلقة بالملكية الفكرية. وينص نظام المحاكم التجارية في المملكة العربية السعودية على اختصاصها بنظر الدعاوى المتعلقة بأنظمة الملكية الفكرية (المادة 16/6، من نظام المحاكم التجارية، م 511، وتاريخ 1441/8/14ه). وتكمن أهمية الحماية القانونية للعلامات التجارية في تعزيز ثقة المستهلك وجودة المنتجات، وتوفير بيئة أعمال مستقرة تشجع الاستثمار في المملكة العربية السعودية. كما تحمي هذه الحماية حقوق الملكية الفكرية، وتمنع التلاعب، وتحفز الابتكار والإبداع، وتشجع الاستثمار في البحث والتطوير، وتعزز القدرة التنافسية للمنتجات السعودية في الأسواق المحلية والعالمية، مما يُسهم في دفع عجلة الاقتصاد الوطنيّ إلى الأمام. ختامًا، تُبرز هذه المقالة أهمية الحماية القانونية القوية للعلامات التجارية السعودية، محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، كعامل محفز رئيسي لتصديرها؛ فالتنظيمات المحلية المدعومة باتفاقيات دولية كباريس وتريبس، تضمن حقوق الملكية الفكرية وتُعزز ثقة المستهلكين. هذا بالإضافة إلى الآليات المتاحة للتسجيل المحلي والدولي، والعقوبات الصارمة ضد الانتهاكات، كلها عوامل تُسهم في تعزيز القدرة التنافسية للمنتجات والخدمات السعودية في الأسواق العالمية، ومن ثَمَّ، فإنّ الاستثمار في حماية العلامات التجارية يُعدّ استثمارًا استراتيجيًّا في الاقتصاد الوطني.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رئيس لجنة التعاون العربي: وفد يضم 280 شركة مصرية يزور العراق بعد عيد الأضحى
رئيس لجنة التعاون العربي: وفد يضم 280 شركة مصرية يزور العراق بعد عيد الأضحى

أموال الغد

timeمنذ 41 دقائق

  • أموال الغد

رئيس لجنة التعاون العربي: وفد يضم 280 شركة مصرية يزور العراق بعد عيد الأضحى

كشف محمد البهي رئيس لجنة التعاون العربي باتحاد الصناعات ، عن زيارة وفد مصري لدولة العراق بعد عيد الأضحى المبارك لبحث فرص زيادة العلاقات الاقتصادية التجارية والاستثمارية بين البلدين. وقال في تصريح خاص لـ' اموال الغد'، إن الوفد سيضم ما لا يقل عن 280 شركة مصرية تبحث عن فرص تعزيز تواجدها ونفاذ منتجاتها للسوق العراقية . وأشار البهي إلى الزيارة تأتي في إطار خطة اللجنة واتحاد الصناعات لتعزيز التعاون مع الدول العربية وتنظيم زيارات متبادلة لزيادة التبادل التجاري والاستثماري، منوها بأنه يتم أيضا دراسى تنظيم زيارات خلال العام الجاري لدول مثل ليبيا وسلطنة عمان. وعلى جانب آخر، لفت إلى الانتهاء من تشكيل مجلس إدارة شركة التحالف العربي برئاسته والتي تستهدف تعزيز التواجد المصري بالدول العربية ، منوها بأن الشركة تدرس تأسيس مقر لها في دولة العراق. التجارة بين مصر والعراق تتجاوز 134 مليون دولار خلال يناير وفبراير وارتفعت قيمة التجارة بين مصر والعراق بنسبة 5.8% خلال شهري يناير وفبراير 2025 لتسجل 134.016 مليون دولار مقابل 126.701 مليون دولار خلال نفس الفترة من 2024 ، وفقا لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والتي حصل أموال الغد على نسخة منها. وارتفعت قيمة الصادرات المصرية إلى العراق لتسجل 133.735 مليون دولار مقابل 124.838 مليون دولار بنسبة ارتفاع قدرها 7.1% . وتراجعت قيمة الواردات المصرية من العراق إلى 281 ألف دولار خلال أول شهرين من 2025 مقابل 1.863 مليون دولار خلال نفس الفترة من 2024 بانخفاض 84.9%. وكانت قد سجلت قيمة الاستثمارات العراقية في مصر 3.7 مليون دولار خلال العام المالي 2023/2024 مقابل 1.5 مليون دولار خلال عام 2022/ 2023. كما بلغت الاستثمارات المصرية في العراق 27.4 مليون دولار خلال العام المالى 2023/2024 مقابل 29 مليون دولار خلال العام المالى 2022/2023 .

بسبب حرب غزة.. صندوق النقد: مصر فقدت 7 مليارات دولار من إيرادات القناة والدخل السياحي لـ الأردن تراجع
بسبب حرب غزة.. صندوق النقد: مصر فقدت 7 مليارات دولار من إيرادات القناة والدخل السياحي لـ الأردن تراجع

24 القاهرة

timeمنذ 41 دقائق

  • 24 القاهرة

بسبب حرب غزة.. صندوق النقد: مصر فقدت 7 مليارات دولار من إيرادات القناة والدخل السياحي لـ الأردن تراجع

قال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، إن تسارع المخاطر العالمية يضغط على اقتصادات الشرق الأوسط، وسط تراجع السياحة وتعثر الإيرادات في دول مثل مصر ولبنان والأردن. مصر فقدت 7 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس وأضاف مدير إدارة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي، خلال جلسة لصندوق النقد الدولي في مدينة الرياض السعودية، أن مصر فقدت 7 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس، والأردن تراجع دخله السياحي، وكلاهما يعاني من تأثيرات غير مباشرة للحرب في غزة. وأوضح أن النزاعات في غزة والضفة ولبنان وسوريا، أدت إلى صدمات اقتصادية حادة وأثرت سلبا على الناتج المحلي لتلك البلدان. و قال جهاد، إن هناك إشارات إلى رغبة أقل لدى أوبك+ في الالتزام بالتخفيضات الطوعية، ما يزيد من تقلبات سوق النفط. وأوضح أن دول الخليج، واصلت تحقيق نمو بين 3% و5% بفضل التنويع الاقتصادي والإصلاحات الهيكلية. وذكر جهاد أزعور، أن المنطقة تواجه مخاطر أعلى مقارنة بغيرها، ما أدى إلى تقلبات كبيرة في الأسواق بعد الإعلان عن التعريفات الجمركية. محيي الدين: مصر بحاجة لتبني نموذجا جديدا للتنمية الاقتصادية المستدامة بعد انتهاء برنامج صندوق النقد مدبولي: صندوق النقد لا يفرض شروطًا على مصر.. ووجوده يعكس الثقة في الاقتصاد

السقطري يستقبل فريق البنك الدولي لمتابعة مشروع الأمن الغذائي
السقطري يستقبل فريق البنك الدولي لمتابعة مشروع الأمن الغذائي

المشهد العربي

timeمنذ ساعة واحدة

  • المشهد العربي

السقطري يستقبل فريق البنك الدولي لمتابعة مشروع الأمن الغذائي

رحب اللواء سالم السقطري، وزير الزراعة والري والثروة السمكية، اليوم الأحد، بفريق فني من البنك الدولي، برئاسة الدكتور نايف أبو لحوم، أخصائي أول إدارة موارد المياه، في ديوان عام الوزارة بالعاصمة عدن. وبحث الجانبان التحضيرات الجارية لإطلاق سلسلة مشاريع الزراعة والمياه المقاومة لتغير المناخ، والمشاريع الممولة من البنك الدولي في مجالات الزراعة والأسماك، بمقدمتها مشروع تنمية المصائد السمكية في البحر العربي والأحمر وخليج عدن. وناقش اللقاء مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن الجاري تنفيذه في 11 محافظة بمبلغ 278 مليون دولار، بالإضافة إلى مشاريع المياه والري والبنية التحتية للأسماك، مؤكدين ضرورة تقييم المشاريع السابقة لتلافي أوجه القصور أثناء تنفيذ المشاريع القادمة. واستعرض سير المشاورات المكثفة الجارية بين الوزارة والبنك، لتنفيذ تدخلات قادمة في القطاع الزراعي والمياه، الذي يتضمن مشروعات في وادي حجر بمحافظة حضرموت، ووادي تبن في محافظة لحج، المتوقع بدء تنفيذه في يونيو المقبل. وقال الوزير السقطري إن الاجتماع يعكس الجهود المشتركة بين الوزارة والبنك الدولي لتعزيز الأمن المائي والغذائي، والاستعداد لإطلاق سلسلة من مشاريع خدمات المياه والري المقاومة لتغير المناخ. وكشف التحديات التي يواجهها قطاعي الزراعة والأسماك بسبب تداعيات عدوان مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، وآثار التغيرات المناخية. وشدد على أهمية التنسيق بين الوزارة والبنك والشركاء التنفيذيين في مختلف مراحل التخطيط والتنفيذ للمشروعات، لضمان توجيه الدعم نحو مناطق الاحتياج بهدف ديمومتها. بدوره، عبر الفريق الفني للبنك عن الالتزام الكامل بدعم وزارة الزراعة والأسماك، من خلال تقديم الدعم التقني والفني، والعمل على تعزيز قدرات الكادر بالوزارة ومؤسساتها ومراكزها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store