
وجوه "بي بي سي" المتقلّبة
لم يغيّر تقرير، اتهم أخيراً هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بالانحياز إلى إسرائيل في تغطية حرب الإبادة في غزّة، من أداء المؤسّسة لجهة إطلاق مراجعة لهذه التغطية، بل قرّرت، بعد صدور التقرير ومناقشته في الإعلام البريطاني، عدم بثّ فيلم وثائقي عن الأطبّاء البريطانيين العاملين في غزّة، معلّلةً القرار بالمخاوف بشأن حيادية الإنتاج. ماذا عن الحيادية وتطبيقاتها الغريبة في "بي بي سي"؟
أثارت دراسة أجراها مركز مراقبة الإعلام التابع للمجلس الإسلامي البريطاني ضجّةً بين مؤيّد ومعارض، إذ توصّلت إلى أن تغطية "بي بي سي" القتلى من الإسرائيليين تفوق التغطية المخصّصة للقتلى الفلسطينيين بـ33 مرّة، مرتكزة على تحليل 3873 مقالاً و32092 حلقةً إذاعيةً بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، و6 أكتوبر 2024. وأن الإعلام العام البريطاني لم يتخلَّ عن التوازن في عدة مواد إعلامية خاصّة بالطرفين فحسب، بل استخدم تعبيرات ذات طابع عاطفي أكثر بأربعة أضعافٍ في المواد الخاصّة بالضحايا الإسرائيليين، بما في ذلك استخدام مصطلح "مجزرة" أكثر بـ18 مرّة لوصف الضحايا الإسرائيليين مقارنةً بالتعبيرات المستخدمة في وصف الضحايا الفلسطينيين. انتقد التقرير أيضاً إغفال السياقات التاريخية للحدث، والتغاضي عن نقل تصريحات للمسؤولين الإسرائيليين عن نيّة الإبادة الجماعية، ونقل هذه التصريحات باعتبارها حقائقَ حول جرائم حرب الإبادة ضدّ المدنيين. لم تواجه "بي بي سي" التقرير بكثير من الاعتبار أو الجدّية. في الوقت نفسه، قرّرت عدم بثّ فيلم "غزّة... أطباء تحت الهجوم"، المنتج من شركة خاصّة، بتكليف من هيئة الإذاعة البريطانية، بحجّة إمكان تضارب بثّ الفيلم مع معايير النزاهة والعدالة التحريرية.
لم تعد حجّة "بي بي سي" أن انتقاد الجميع لها دليل حياد تجدي نفعاً
في وقت سابق، قرّرت الهيئة سحب الفيلم الوثائقي "غزّة... كيف تنجو من منطقة حرب"، من موقع iPlayer، بعد أن أثار عرضه موجةً من الاستنكار بحجّة أن الطفل الراوي (13 عاماً) نجل مسؤول في حركة حماس. في الحالتَين، حالَ قرار "بي بي سي" دون نقل معلومة في غاية الأهمية إلى الجمهور البريطاني عن نزاع لا تغطّيه الهيئة في الميدان. اعتبرت الشركة المنتجة المستقلّة "بيسمنت فيلمز"، بعد قرار "بي بي سي" نقل ملكية الفيلم إليها، أن قرار الهيئة انتهاك لمعاييرها المهنية، واعتبر مؤسّس الشركة بن دي بير القرار ضرباً من "العرقلة والإسكات" ضدّ الصحافة. وهذه ليست المرّة الأولى التي تقع فيها تغطية "بي بي سي" في حيّز الاتهام بالانحياز. لم يتوقّف اللوبي الإسرائيلي عن انتقاد تغطيتها الحرب بحجّة أنها منحازة إلى الفلسطينيين. في سبتمبر/ أيلول 2024، عنونت صحيفة "صنداي تلغراف" اليمينية في صفحتها الأولى إن "بي بي سي انتهكت القواعد 1500 مرّة" بشأن الحرب في غزّة، استناداً إلى تقرير غير موثّق صادر عن المحامي الإسرائيلي تريفور أرسون، مدّعياً أن "بي بي سي" في تغطيتها الحرب "منحازة بشدّة ضدّ إسرائيل"، بحجّة أنها تقدّم مساحاتٍ واسعةً للمدنيين الفلسطينيين. حظي التقرير بتغطية واسعة في الإعلام اليميني الغربي، بما في ذلك صحف ديلي إكسبريس، وديلي ميل، والصن البريطانية الواسعة الانتشار. وعيب على الدراسة (بشكل خاص) منهجيتها لاعتمادها مفهوماً مغلوطاً للذكاء الاصطناعي، باعتباره أداةَ بحثٍ غير منحازة وجدّية.
لم تعد حجّة "بي بي سي" أن انتقاد الجميع لها دليل حياد تجدي نفعاً. أظهر التقرير أن ثمّة حاجة ملحّة لإعادة النظر بمبدأ الموازنة بين طرفي النزاع، الذي باتت ترجمته تعني الموازنة بينهما، حتى لو كانت قواعد الحرب مختلفة، والموازنة بين معاناة المدنيين في الجانبَين، أي اعتبار معاناة المدنيين الإسرائيليين (على أهميتها) موازية لمعاناة المدنيين الفلسطينيين، الذين يعيشون ظروف إبادة تُنقَل مباشرة عبر وسائط التواصل الاجتماعي. ولعلّ هذا التوازن المصطنع يفسّر بعضاً من القرارات التحريرية للهيئة، التي أدّت إلى "تعقيم" التغطية عبر تقصّد عدم نقل أشكال القتل السادي أو التصريحات المحرّضة عليه من الجانب الاسرائيلي. الأهم هنا، إلى جانب تحليل معطيات المواد المذاعة، استقصاء آليات القرار التحريري وتأثير خلفيات الصحافيين أنفسهم فيها. بمعنى آخر، طرح السؤال التالي: إلى أيّ حدّ تساهم خلفيات الصحافيين (الاجتماعية والاقتصادية والسياسية) في تأطير الخيارات التحريرية للهيئة، خصوصاً أن لدى الغالبية العظمى منهم خلفية معرفية محدودة جدّاً بالمنطقة ونزاعاتها، هذا إذا كان يمتلك أيَّ معلوماتٍ في الأساس. السؤال الأخر: إلى أيّ حدّ يتحكّم الخوف بالقرارات التحريرية، وهل لا يزال بالإمكان الحديث عن مسار تحريري مستقلّ؟... لعلّ البحث في آليات القرار التحريري جواب على تعليب "بي بي سي" تغطيتها الإبادة فترةً طويلة، فضلاً عن قدرتها على كبح (وتكميم) النقاشات الحامية داخلها حول هذا الفشل التحريري والأخلاقي.
قرّرت "بي بي سي" عدم بثّ فيلم "غزّة... أطباء تحت الهجوم"
نقلت بعض وسائل الإعلام أخيراً أخباراً عن جدل حادّ في أوساط صحافيي الهيئة العمومية على خلفية تغطيتها الحرب على غزّة، واعتراضات وصلت إلى حدّ استقالة بعضهم. منها تقرير نشره موقع ديدلاين، عن نقاش صاخب في اجتماع للصحافيين والعاملين مع المدير العام للهيئة، تيم ديفي، إذ سئل عن سبب عدم بثّ الفيلم الذي يوثّق عمل الأطباء البريطانيين في غزّة، ومبرّرات حجب تغطية جرائم وأحداث مهمّة. بحسب الموقع، الذي حصل على تسريب للمذكّرة الداخلية للاجتماع، فإن أصواتاً كثيرةً ارتفعت تعبّر عن خيبة أملها، بينها قول أحد العاملين: "أشعر بقلق بالغ إزاء الضرر الذي لحق بسمعة (بي بي سي) نتيجة تغطيتها للأحداث في فلسطين. أتفهم وأُقدّر أهداف سياستنا التحريرية، وهي السعي الدائم إلى تحقيق التوازن والحياد، لكنّني أشعر أننا نفشل".
تستحق هذه الأصوات الجريئة الإشادة. تحدّث بعضهم بسرّية، حفاظاً على لقمة العيش، وقرّر آخرون الاستقالة. من هؤلاء المعلّق الرياضي غاري لينكر، الذي دُفع إلى الاستقالة بحجّة معاداة الساميّة، رغم اعتذاره عن تغريدة اعتبرت تحمل رموزاً عنصرية، ومذيعة الأخبار كاريشما باتل، التي كتبت في صحيفة إندبندنت أنها استقالت بعد تغطية "بي بي سي" خبر قتل الطفلة هند رجب مع عائلتها. "فشلت بي بي سي في قضية هند، كما فشلت في التعامل مع أطفال غزّة"، كتبت الصحافية. لهذه الأصوات الشجاعة التحية وتقدير يتجاوز بكثير حجم سطور قليلة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ ساعة واحدة
- القدس العربي
إعلام عبري: إسرائيل تترقب حدوث تطورات مهمة بالمفاوضات مع حماس
القدس: قالت وسائل إعلام عبرية، مساء الاثنين، إن إسرائيل تترقب حدوث تطورات مهمة في المفاوضات الخاصة بصفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، وسط توقعات لقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالعاصمة واشنطن، الأسبوع المقبل. وقبل قليل، انتهى اجتماع مصغر عقده المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) برئاسة نتنياهو لبحث 'مستقبل الحرب في قطاع غزة'، وفق القناة 12 الخاصة. وقالت القناة العبرية عقب الاجتماع: 'في إسرائيل، ينتظرون لمعرفة ما إذا كانت ستحدث تطورات مهمة في ملف المختطفين'. وأضافت: 'إذا لم تطرأ تغييرات ملموسة، فسيتم النظر في اتخاذ خطوات كبيرة إضافية في قطاع غزة'. بدورها، قالت صحيفة 'يديعوت أحرونوت': 'اجتمع الكابينت مساء اليوم (الاثنين) مرة أخرى، لليوم الثاني على التوالي، وذلك بعد أن انتهى اجتماع الأمس في قيادة المنطقة الجنوبية، دون اتخاذ قرار حاسم'. وأضافت أن المستوى السياسي في إسرائيل لا يزال يأمل في تحقيق تقدم في المفاوضات بشأن صفقة الأسرى، لكن في المقابل، يستعد الجيش الإسرائيلي لتوسيع وتعميق المناورة العسكرية في قطاع غزة، إذا لزم الأمر. ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على تفاصيل اجتماع الكابينت (لم تسمّها) قولها إن 'نتنياهو يرغب بالتوصل إلى صفقة لإعادة الأسرى، لكن لا يوجد حتى الآن تقدم حقيقي في المفاوضات'. وأضافت المصادر: 'فيما يتعلق بالنقاش حول استمرار القتال والمساعدات الإنسانية، تم التوصل إلى عدة توجهات ممكنة، سواء نحو إتمام صفقة أو نحو تصعيد العمليات العسكرية. ومع ذلك، لا يزال نتنياهو بحاجة لاتخاذ قرارات نهائية في هذا الشأن'. وقالت الصحيفة: 'في ظل الضغوط الأمريكية والدفع في واشنطن نحو صفقة، قد تنهي الحرب، فيما تدرس إسرائيل تقديم موعد زيارة نتنياهو إلى البيت الأبيض، حيث سيلتقي بترامب للمرة الثالثة منذ إعادة انتخابه رئيسا للولايات المتحدة في يناير/ كانون الثاني الماضي'. وأضافت: 'في إسرائيل أوضحوا أن 'لا شيء محسوم بعد'، ومع ذلك، يبدو أن نتنياهو سيصل إلى واشنطن، الأحد المقبل، وسيجتمع مع ترامب، الاثنين، أي بعد أسبوع من الآن تماما'. في الأثناء 'من المتوقع أن يصل وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، الذي يُعتبر المقرّب الشخصي من نتنياهو وأحد حلَقات الوصل الأساسية مع الإدارة الأمريكية، إلى واشنطن في وقت لاحق اليوم الاثنين'، وفق المصدر ذاته. وتابعت الصحيفة: 'من المنتظر أن يلتقي ديرمر، من بين آخرين، مع المبعوث الخاص للرئيس ترامب، ستيف ويتكوف، والذي، وفقا لتقارير، قد يزور المنطقة لاحقا، لكن من غير المتوقع أن يقوم بذلك قبل حدوث تقدم فعلي في محادثات الصفقة'. والجمعة، صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال فعالية في البيت الأبيض بمناسبة توقيع اتفاق المصالحة بين الكونغو ورواندا بأنه يعتقد بإمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة خلال أسبوع. وأضاف ترامب أنه تحدث قبل قليل مع مسؤولين مشاركين في الوساطة بين الطرفين، وأن 'وقف إطلاق النار وشيك'. ولم يحدد الرئيس الأمريكي هوية المشاركين في المحادثات، لكنه أكد أنها مستمرة وأن البيت الأبيض يتابعها عن كثب. وتؤكد المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى أن رئيس نتنياهو يواصل الحرب استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته، لتحقيق مصالحه السياسية الشخصية، ولا سيما استمراره في السلطة. وتُقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا في غزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع في سجونها أكثر من 10 آلاف و400 فلسطيني يعانون من التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، ما أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية. ومرارا، أعلنت 'حماس' استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين 'دفعة واحدة'، مقابل إنهاء حرب الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين، لكن نتنياهو يتهرب بطرح شروط جديدة، بينها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 190 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال. (الأناضول)


القدس العربي
منذ 2 ساعات
- القدس العربي
صاغاها معاً.. ماذا وراء تغريدة ترامب بشأن نتنياهو ثم قبول القضاة تأجيل المحاكمة؟
يحاول نتنياهو تجنيد الرئيس الأمريكي لابتزاز جهاز القضاء في إسرائيل بالتهديد، والتوصل إلى إلغاء الإجراءات الجنائية ضده، بدون إدانة أو اعتراف بالتهمة. هذا هو الاستنتاج المطلوب من تصريحات الرئيس الأمريكي. نتنياهو وترامب يريان أنفسهما شركاء في نجاح الهجوم في إيران وعلى المنشآت النووية. الآن، حيث يريد ترامب استخدام هذا الإنجاز في إيران لصالح إنهاء الحرب في غزة، وإعادة المخطوفين والتطبيع بين إسرائيل والسعودية (ربما الأكثر أهمية جائزة نوبل للسلام)، سيبقى لنتنياهو طلب صغير آخر، وهو 'ساعدني على التخلص من المحاكمة'. ترامب استجاب لذلك من خلال التصريحات الأكثر عنفاً. فجر أمس، كتب: 'فظيع ما يفعلونه لبيبي نتنياهو. هو بطل حرب عمل بشكل رائع عندما عمل مع الولايات المتحدة للتخلص من التهديد النووي الخطير في إيران. الآن هو في خضم مفاوضات حول الصفقة مع حماس التي ستعيد المخطوفين. كيف يفرضون عليه الجلوس في قاعة المحكمة طوال اليوم على لا شيء، سيجار ودمية باغز باني. هذه حملة صيد ساحرات، وتشبه كثيراً ما أجبروني على أن أمر به'. الرئيس الأمريكي حتى هدد بوقف المساعدات الأمنية لإسرائيل إذا استمر 'هذا الجنون'، حسب رأيه. التفكير بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية غرس فكرة خطيرة جداً في رأس الرئيس يبدو أمراً يثير القشعريرة. إذا شك أحد بأن الرسائل صيغت بتنسيق كامل مع نتنياهو، فقد جاءت تغريدة شكر رسمية منه لترامب بعد بضع ساعات. هنا سخرية في أبهى صورها. واضح أن ترامب لا يردد طلب حماس بحل مشكلات رئيس الحكومة في إطار صفقة. بكلمات أخرى، يتبين مجدداً أن تصميم نتنياهو على البقاء السياسي، كجزء من مساعيه التفاوضية في محاكمته، عمل على تأخير إنهاء الحرب في غزة. أمس، أثناء زيارته لـ 'الشاباك' في قيادة المنطقة الجنوبية، قال نتنياهو: 'لقد سنحت فرص كثيرة الآن عقب النصر'. بشكل استثنائي، وصف الهدف الأول للحرب، 'قبل أي شيء آخر، إنقاذ المخطوفين'. خلال فترة طويلة، اعتاد نتنياهو على طرح هزيمة حماس باعتبارها الهدف الأهم. ورغم أنه لا صلة منطقية بين صفقة إعادة المخطوفين ومحاكمة نتنياهو، وتصعب جداً رؤية المستشارة القانونية للحكومة تتراجع أمام الضغط وتعقد اتفاقاً بدون أن تطالب بتنازل ما من قبل نتنياهو، فإن رئيس الحكومة مصمم. يرى نفسه المخطوف الـ 51، الأهم منهم جميعاً. المخطوفون الحقيقيون – 20 مدنياً وجندياً الذين ما زالوا على قيد الحياة ومحتجزين لدى حماس، 30 جثة – سينتظرون إلى حين توفير حل للمشكلة الأكثر إلحاحاً: وقف محاكمة نتنياهو. هذه الجهود تجري بعد فترة قصيرة على البدء في التحقيق المضاد، الذي يظهر بوضوح أنه يضغطه ويحرجه. أمس، طلب نتنياهو وحصل على جلسة طارئة في المحكمة، في طلبه تأجيل تقديم شهادته لأسبوعين بسبب التطورات الأمنية. مرة أخرى، نتنياهو جند رئيس 'أمان' ورئيس الموساد، اللذين طلب منهما إقناع القضاة بالحاجة الملحة لذلك، في الغرف المغلقة. استجاب القضاة جزئياً، وأجلوا تقديم الشهادة لأسبوع، وقرروا أنهم سيعودون لمناقشة الطلب في الأسبوع القادم. خلفية التأجيل كما يبدو هي احتمالية التقدم في صفقة المخطوفين، وربما إجراء مفاوضات مع السعودية. ربما المبررات شرعية، لكن هناك مشكلة عندما يجر نتنياهو أجهزة الاستخبارات المهمة في إسرائيل إلى مستنقع الوحل لشؤونه الخاصة، بعد أن دخل في مواجهة مع 'الشاباك' عندما حاول الحصول بواسطته على إعفاء من مواصلة محاكمته بسبب الصعوبة في تأمين حمايته. يجب التذكير بأن كل ذلك يحدث في الوقت الذي وفرت فيه كل الأجهزة المبرر الاستخباري لشن الحرب ضد إيران، وهي العملية غير النقية أيضاً من اعتبارات رئيس الحكومة الشخصية. حتى لو فشلت خطوة نتنياهو الجديدة بواسطة ترامب، فسيحاول ترسيخ الشعور بالظلم في أوساط مؤيديه حول 'الدولة العميقة'، التي كما يبدو تنكل به. بخصوص ادعاء أن الليكود لا يمكنه التوقع من نتنياهو إدارة دولة في مثل هذا الوضع المعقد، في الوقت الذي يزعجه فيه ويلاحقه ما يصفونه بمخالفات قانونية تافهة، فإن هذا هو العبء الذي قال رئيس الحكومة بأنه يمكنه تحمله عندما طلب خصومه منه تقديم استقالته بعد تقديم لائحة الاتهامات ضده. لن يكون بالإمكان لوم عائلات المخطوفين إذا انضمت الآن في محاولة يائسة لتحرير أعزائها لدعوة ترامب ونتنياهو. ولكن هذا الحدث يمثل نقطة ضعف أخرى في الحرب. في الأسبوع الماضي، تحت إنذار نهائي من ترامب، طلب نتنياهو في اللحظة الأخيرة عودة الطائرات القتالية التي انطلقت لهجوم واسع النطاق (زائد) في طهران. وهو الآن يحث الرئيس الأمريكي على التدخل بشكل مباشر في الإجراءات القانونية الداخلية هنا. في الفترة الأخيرة، يبدو أن إسرائيل تعيد بناء مكانة رادعة لنفسها في الشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه، يرهن رئيس الوزراء سيادة البلاد لاحتياجاته الخاصة. الشعور بالغطرسة الذي ازداد لديه بعد الحرب في إيران، التي يصف نتائجها أيضاً بصورة حاسمة جداً، يدفع الآن نحو تحركات غير مسؤولة ضد النظام القضائي. عاموس هرئيل هآرتس 30/6/2025


القدس العربي
منذ 5 ساعات
- القدس العربي
عائلات أسرى إسرائيليين: سموتريتش تخلى عن أبنائنا بحرب أبدية بغزة
القدس: هاجمت عائلات الأسرى الإسرائيليين، الاثنين، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بعد دعوته للتخلي عن الوسطاء ورفضه لإبرام اتفاقيات مع حركة 'حماس'، واتهمته بالتخلي عن ذويهم وإصراره على 'حرب أبدية' بقطاع غزة المحاصر. وبوقت سابق اليوم، قال سموتريتش في اجتماع لحزبه 'الصهيونية الدينية' اليميني المتطرف: 'يجب أن تنتهي هذه الحرب بالنصر فقط، دون اتفاقيات أو وسطاء، و(مع) تدمير حماس وعودة المختطفين'. ونقلت عنه هيئة البث الإسرائيلية قوله مخاطبا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: 'لا للحوار مع القتلة'، وفق تعبيره. ودعا الوزير المتطرف أيضا إلى عدم إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين بسجون الاحتلال الإسرائيلي مقابل الأسرى الإسرائيليين. وجاءت تصريحاته بعد تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، دعا فيها للتوصل إلى اتفاق بخصوص وقف إطلاق النار بغزة. وأغضبت تصريحات سموتريتش عائلات الأسرى الإسرائيليين التي قالت بمنشور على منصة إكس: 'إلى متى سيستمر سموتريتش في تضليل شعب إسرائيل وترويج مفاهيم خطيرة لهم؟'. وأضافت: 'ليس لدى سموتريتش أي خطة حقيقية سوى حرب أبدية، خالية من الأهداف والغايات، ولكن بثمن واضح ومؤلم – فقدان المختطفين- وثمن باهظ من أرواح جنود جيش الدفاع الإسرائيلي'. وبشأن دعواته لإعادة الاستيطان بغزة، قالت العائلات: 'من جهة، يصوت سموتريتش لصالح عودة الاستيطان إلى قطاع غزة، مدعيا عدم وجود عائق أمني، ومن جهة أخرى، يصوت لتوسيع نطاق القتال، مدعيا أن حماس لم تُهزم بعد'. وأضافت: 'كفى تضليلا وأوهاما حول انتصارات غامضة ومفاهيم ضائعة حول الضربة القاضية النهائية'. وتابعت: 'تخلى سموتريتش عن قضية المختطفين، لكنه لا يمثل الجمهور الذي تعلم غالبيته العظمى أن النصر الإسرائيلي الكامل لن يتحقق إلا من خلال اتفاق شامل يعيد جميع المختطفين وينهي القتال (الحرب)'. (الأناضول)