
الملك حين يخاطب روح أوروبا
ما هو الأمن الحقيقي؟
إنه سؤال قد يبدو إشكاليا، وأكثر من ذلك أنه تم طرحه من على منبر الاتحاد الأوروبي.
خلال القرن الماضي، خاضت البلدان الأوروبية تجارب فاشلة في محاولات تثبيت السيطرة وتحقيق الأمن والتفوق. جميع تلك التجارب اعتمدت القوة معيارا وحيدا لتحقيق هذا الأمر، وفيما كانت الشعوب تلملم جراحاتها لم ينتبه كثيرون إلى أنه كان هناك أكثر من مائة وعشرين مليون إنسان قتلوا في حربين عالميتين عبثيتين، لم تفعلا شيئا سوى مزيد من الشقاء لبني البشر.
لكن هاتين الحربين لم تذهبا سدى، فقد منحتا أوروبا درسا عظيما، مفاده أن الحرب لا يمكن أن تجلب الأمن والسلام، وبدلا من ذلك فقد بدأت الدول بالبحث عن كل ما هو مشترك بينها، لتتولد فكرة الاتحاد الأوروبي الذي ظل أفكارا مبعثرة، إلى أن رأى النور في العام 1992.
في كلمته أمس من على منبر البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، أعاد جلالة الملك عبدالله الثاني، تذكير الأوروبيين بالمآسي التي جرت حين ركنوا إلى القوة، وتناسوا أن يفكروا بالقيم المشتركة التي تجمعهم. إنه درس لا يتوقف عند القارة الأوروبية، بل يمكن الاستفادة منه في كثير من بقاع العالم التي تشهد توترات ونزاعات دموية.
الملك قدم نقدا حادا للمجتمع الدولي الذي سمح، وما يزال يسمح، بأن تتواصل المأساة المريرة في قطاع غزة، من قتل وتدمير للبنى التحتية، ومنعٍ لدخول المساعدات الإنسانية، ما وضع القطاع المحاصر على شفير مجاعة واسعة.
القيم التي يتحدث عنها الملك هنا، ما يمكن أن يجمع العالم كله تحت لافتة الإنسانية، بعيدا عن نوازع الهيمنة والسيطرة وتفرد القوة، ومن دون العودة إليها سيظل العالم مكانا خطيرا لا يسمح لأحلام الشعوب بأن تنمو وتزدهر.
لذلك، فجلالته يؤكد أن موجات الاضطرابات المتتالية التي نشهدها بلا توقف، باتت تشعرنا بأن عالمنا ساده الانفلات، وأنه لا توجد له بوصلة أخلاقية تقود سياساته. ويبدو أن جلالته يشير بوضوح إلى أن مثل هذه الانقسامات والممارسات والانفلات، هي ما يقود إلى المواجهات الكونية الشاملة، والتي تجر الجميع إلى حلبة الصراع والنزاع، فتأكل الأخضر واليابس، تماما مثلما حدث مع أوروبا حين أشعلت حربين كبيرتين انجر لهما العالم كله.
إن الملك، وهو يخاطب الساسة والشعوب الأوروبية، يعلم تماما أنها قارة ما تزال تحافظ على الاعتدال والقيم العالمية، وهو يخاطب فيها روحها الإنسانية التي عانت، وعلى مدار قرون، من الابتلاء بساسة أعلوا من خطاب الكراهية ورفض الآخر، والإغراق بالخطاب الشوفيني وإعلاء الشعبوية والتطرف الأيديولوجي، ما أوقع الشعوب في براثن الحروب والموت والدمار، يعلم، كذلك، أن الشعوب التي اختبرت هذه المحن، وعملت على تفاديها خلال العقود الماضية، ستفهم تماما معنى أن تعمد الدول القوية إلى تنصيب نفسها جلادا للدول والشعوب الضعيفة، فتعلن الحروب بلا سبب، وتنصب الحصار، وتنشر الموت والدمار، دون التفات إلى أي معايير أخلاقية أو قانونية.
أوروبا ما تزال محافظة على بذرة الإنسانية الخيرية، وسياستها تنطلق من قيمها النبيلة، وما تزال تميز بين الحق والباطل، لذلك جاء خطاب الملك من على منبرها ليحذر من أن تسود الكراهية، ويغيب الاعتدال أمام 'ازدهار' التطرف، وعندها سوف يكون الجميع خاسرا، لأنه لا يمكن لأحد أن يربح المعركة التي تدور ضد قيم الإنسان الخيرية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 3 ساعات
- رؤيا نيوز
نبرة حادة تجنبها الآخرون
الذي يعود إلى تصريحات أغلب الزعماء العرب والمسلمين يجدها منخفضة النبرة بشأن غزة، أو ملفات المنطقة، ويترك أغلب هؤلاء التعبيرات لمن هم أقل موقعا ومكانة منهم، أي لأي مسؤول آخر في دولهم، وذلك لاعتبارات مختلفة. والذي للأردن يجب أن يقال، حتى لا يستدرجنا كثيرون إلى خانات النقد للأردن وهي خانات يختلط فيها حسن النوايا، مع سوء النوايا، في حالات كثيرة. الملك وهو ليس بحاجة إلى مجاملة مني ولا من غيري، وربما يمقت المجاملات كثيرا، يخرج أمام البرلمان الأوروبي، أمس، ويوجه نقدا مباشرا إلى العالم، حول ملفات كثيرة أبرزها ملف غزة، وهو لا يختار هنا مؤسسة محلية ليقول هذا الكلام، ولا مؤسسة ثانوية، ولا رسالة شعبية عبر الإعلام، بل يقف أمام البرلمان الأوروبي بما يعنيه من ثقل دولي، ليحمل العالم مسؤوليته الأخلاقية، كملك أردني وعربي ومسلم، يتفرد بقدرته على التعامل مع الغرب، وكيفية التأثير عليهم. يمثل البرلمان الأوروبي مواطني دول الاتحاد الأوروبي، ويُنتخب أعضاؤه مباشرةً من قِبلهم، ويتخذ البرلمان قراراتٍ بشأن القوانين الأوروبية بالاشتراك مع مجلس الاتحاد الأوروبي، ويتكون البرلمان من 705 أعضاء منتخبين بالانتخاب المباشر، وهو يمثل ثاني أكبر ديمقراطية انتخابية في العالم، وهو أكبر دائرة انتخابية ديمقراطية في العالم، يشترك فيها قرابة 400 مليون ناخب أوروبي، ويعد من حيث التأثير أهم بكثير من أغلب المؤسسات الدولية، ويؤثر على الشعوب والحكومات الأوروبية، ولهذا لا يمكن التهوين من أثر مخاطبة البرلمان سياسيا. على الرغم من نظرتنا السلبية إلى المؤسسات الدولية وتراجع دورها إزاء قضايا المنطقة، إلا أن الأردن لا يتخلى عن سياسته بالدفاع عن المنطقة، وتحديدا قضية فلسطين، خصوصا، حين تغيب بقية الأصوات، فيبقى الأردن هنا صوتا سياسيا مؤثرا، وله مكانته بين دول العالم، يوظفها لحماية الأردن، وأهل المنطقة أيضا. يخرج الملك يوم أمس في خطابه أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، ويقول بشكل مباشر إن العالم خذل غزة ويوجه نقدا ويقول.. 'يتجه هذا العالم نحو انحدار أخلاقي، إذ تنكشف أمامنا نسخة مخزية من إنسانيتنا، وتتفكك قيمنا العالمية بوتيرة مروّعة وعواقب وخيمة، ويتمثل هذا الانحدار بأوضح أشكاله في غزة، التي خذلها العالم، وأضاع الفرصة تلو الأخرى في اختيار الطريق الأمثل للتعامل معها، كيف يعقل لإنسانيتنا أن تسمح بأن يصبح ما لا يمكن تصوره أمرا اعتياديا، أن تسمح باستخدام المجاعة كسلاح ضد الأطفال، أو أن تسمح باستهداف العاملين في القطاع الصحي والصحفيين والمدنيين الذين يبحثون عن الملجأ في المخيمات؟'… ويصف الملك ما يجري في غزة بالوحشية ويقول.. 'لو عدنا بالذاكرة إلى عام 2023، أثارت أولى الهجمات والغارات الإسرائيلية على مستشفى في غزة آنذاك صدمة وغضبا عالميا، ومنذ ذلك الحين، وثّقت منظمة الصحة العالمية ما يقارب 700 هجوم على مرافق الرعاية الصحية في غزة، كيف يعقل لما كان يعتبر فعلا وحشيا قبل 20 شهرا فقط، أن يصبح الآن أمرا شائعا'. يطلق في خطابه إشارات حساسة حول الفترة المقبلة، بدأها بإيران حيث يقول.. 'مع توسيع إسرائيل هجومها ليشمل إيران، أصبح من غير الممكن معرفة أين ستنتهي حدود هذه المعركة، الأمر الذي يهدد الشعوب في كل مكان..' مشيرا في فقرة ثانية من خطابه، إلى أنه.. 'من المرجح أن يكون هذا العام عام القرارات المحورية لعالمنا بأسره، وسيكون لقيادة أوروبا دور حيوي في اختيار الطريق الصحيح، ويمكنكم الاعتماد على الأردن كشريك قوي لكم'. إذا أجرينا مقارنة بين هذا الخطاب وبقية الصياغات الأردنية والعربية والإسلامية والدولية خلال العامين الأخيرين، يعد هذا الخطاب الاكثر حدة في نبرته في قلب أوروبا، دون تعبيرات منخفضة، خصوصا، فيما يتعلق بخذلان العالم لغزة، وهي لغة مباشرة جدا، فوق الإشارات المستقبلية حول حرب إيران التي تتوسع وقد تشمل كل المنطقة، وحاجة العالم إلى تدخل القوى الوازنة فيه لردع الاعتداءات على شعوب المنطقة، وهي قراءة خلفها الكثير من المعلومات والتوقعات أيضا. هذا هو الخطاب السادس للملك أمام البرلمان الأوروبي الذي يمثل الأوروبيين كشعوب تختار أعضاء البرلمان، وهو منصة ليست شكلية أو عابرة بل يوظفها الأردن بشكل مؤثر، لمكاشفة الشعوب الأوروبية بما يجري، وليس إبراء للذمة.


رؤيا نيوز
منذ 3 ساعات
- رؤيا نيوز
تساؤلات حول موازنة 2026
السؤال الذي يتكرر مع كل إعلان لإعداد الموازنة هو: ماذا حققنا من الأهداف التي وضعناها في الموازنات السابقة؟ ومع صدور التعميم الأولي لإعداد مشروع قانون موازنة 2026، يعود هذا السؤال بقوة، ليس فقط لتقييم ما أنجز في موازنة 2025، بل أيضًا لاستشراف مدى واقعية الأهداف الجديدة، وقدرة الحكومة على تحويلها إلى نتائج اقتصادية ملموسة. وأيضا هل ستكون الحكومة قادرة على تحقيق المؤشرات والمستهدفات كما وردت في الخطط المالية؟ وهل سينعكس ذلك بشكل فعلي على أداء الاقتصاد في عام 2026؟ أم أن مشروع الموازنة سيُعاد إنتاجه بذات النمط التقليدي، حيث تستحوذ النفقات الجارية على الحصة الأكبر، بينما تبقى المشاريع الرأسمالية خجولة في أثرها؟ الخطوة اللافتة في التعميم الجديد تكمن في التوجه نحو إعداد موازنات تفصيلية للأعوام 2026-2028، وهي محاولة لوضع تخطيط متوسط المدى موضع التنفيذ، لكن يبقى التساؤل المطروح: ما أبرز الأولويات التي ستعتمدها الحكومة عند إعداد موازنة 2026؟ وهل سيكون هناك تركيز أكبر على تحفيز الاقتصاد، أم ستظل الأولوية لضبط الإنفاق العام ضمن القيود المالية القائمة؟ وهل هناك نية حقيقية لإعادة هيكلة الإنفاق بما يخلق مساحة أكبر للاستثمار التنموي؟ وفي هذا السياق، يُفترض أن تكون موازنة 2026 انعكاسًا لتوجهات الحكومة ضمن رؤية التحديث الاقتصادي، وخصوصًا فيما يتعلق بدعم المشاريع الإنتاجية في المحافظات، لكن كيف ستتم ترجمة هذا التوجه فعليًا ضمن بنود الإنفاق؟ وهل ستحظى المحافظات بزيادة في مخصصاتها الرأسمالية لدفع عجلة التنمية المحلية؟ وما دور المجالس المحلية في تحديد تلك المشاريع؟ وفي ظل استمرار الضغوط على المالية، تبرز الحاجة إلى اتخاذ قرارات جريئة تتعلق بتقليص بعض النفقات الجارية، وإعادة هيكلة الدعم بشكل مدروس، فهل تتضمن موازنة 2026 خطوات واضحة في هذا الاتجاه؟ وما المعايير التي تم اعتمادها لتحديد السقوف الأولية للوزارات؟ كما أن التوجه نحو إعداد موازنات متعددة السنوات يثير سؤالًا جوهريًا حول آلية المتابعة والتقييم: كيف ستُقيّم الحكومة جودة هذه الموازنات، ومدى التزام الوزارات بها؟ وهل ستكون هناك أدوات واضحة لقياس الأداء وربط النتائج بالمخصصات المالية؟ الجانب الإداري لا يقل أهمية، خاصة في ظل العمل على نظام تشكيلات جديد، فهل ستتضمن الموازنة خطوات ملموسة نحو إصلاح إداري يعزز كفاءة الجهاز الحكومي؟ وهل ستُربط مخصصات التشكيلات بمدى تحقيقها للأهداف المعلنة؟ ومع تواصل التحديات الإقليمية، يصبح من الضروري أن نطرح تساؤلًا عن قدرة الحكومة على التعامل مع التذبذب في الإيرادات، سواء الضريبية أو تلك القادمة من المساعدات الخارجية، وهل هناك خطط بديلة تضمن استدامة المالية العامة دون المساس بالخدمات الأساسية؟ أخيرًا، الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد إن كانت موازنة 2026 مجرد وثيقة مالية تقليدية، أم أداة إصلاح حقيقية تستجيب لتحديات المرحلة وتطلعات المواطنين.


رؤيا نيوز
منذ 3 ساعات
- رؤيا نيوز
الأردن: اطلاق صافرات الانذار
اعلنت مديرية الامن العام عن اطلاق صافرات الانذار بعد رصد اطلاق صواريخ ايرانية نحو اسرائيل. واضافت انه وفي ظل التصعيد العسكري في الاقليم، ورصد اجسام طائرة في سماء المملكة، نهيب بالجميع البقاء في اماكن تواجدهم، والابتعاد عن النوافذ والاماكن المكشوفة، حفاظا على السلامة العامة، واتباع الإرشادات الصادرة عن الجهات المختصة.