
الحوثي: العدوان الإسرائيلي على إيران تطور خطير
وقال الحوثي إن من المفترض أن يكون الإسرائيلي هو العدو الفعلي لكل الدول العربية وأن تبني قدراتها العسكرية وواقعها بما يؤهلها لمواجهة هذا الخطر، وطالب كل الدول الإسلامية بالثبات على موقفها المعلن من العدوان الإسرائيلي على إيران.
وشدد على أنه يتعين على الدول العربية والإسلامية "ألا تخنع وألا تخضع" لأميركا لأنها تحاول أن تؤثر على موقفها لصالح الموقف الإسرائيلي، وأكد أنه ينبغي للدول العربية المستباحة أجواؤها وفي المقدمة العراق أن تسعى لمنع "العدو" الإسرائيلي من القيام بذلك لأن هذا اعتداء عليها.
وأشار الحوثي إلى أن بعض البلدان تصدر مواقف بأنها لا تريد أن تكون طرفاً في هذا الصراع لكن عندما تكون أجواؤها مستباحة للإسرائيلي فهو لم يحقق ما أعلن عنه من حياد، منوها إلى أن العدو الإسرائيلي "استباح" أجواء الأردن وسوريا والعراق ويفترض أن يكون هناك سعي لمنع هذه الاستباحة ولو بتبني الموقف.
وأكد أنه لا يجوز لأحد أن يبرر استباحة العدو الإسرائيلي لأجواء بعض البلدان لأن بمقدورها أن تفعل مواقف معينة مقابل الاستباحة وانتقاص السيادة، مشددا على أنه يتعين على الشعب العراقي أن يسعى ولو في المستقبل للخروج من وضعية الاستباحة وألا يبقى الوضع كما هو الحال في سوريا والأردن.
وقال أيضا إن "من المهم لكل أبناء أمتنا ولكل شعوبنا أن تسهم هذه الأحداث في رفع مستوى الوعي تجاه حقيقة الأعداء وعناوينهم المخادعة" لافتا إلى أنه "على الأمة أمام الأحداث أن تتجه لتعزيز حالة الإخاء والتعاون بين أبناء العالم الإسلامي وعناصر القوة".
إعلان
وكان القيادي في جماعة الحوثي محمد البخيتي قال -الثلاثاء الماضي- إن الجماعة ستتدخل لدعم إيران ضد إسرائيل مثلما فعلت لدعم الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأكد البخيتي -لقناة الجزيرة مباشر- أن الحوثيين ينسقون مع طهران خلال تصعيدها العسكري المستمر مع إسرائيل.
وكانت جماعة الحوثي أعلنت -الأحد الماضي- أنها استهدفت إسرائيل بالتنسيق مع إيران، وهي المرة الأولى التي تعلن فيها الجماعة علنا عن تعاون مشترك في الهجمات مع طهران.
وبشأن الأوضاع في غزة، قال الحوثي إن إسرائيل جعلت من مراكز المساعدات في القطاع مراكز للإعدام وللإبادة وللقتل ومصائد للموت، وذلك مع تصاعد كبير في أعداد الشهداء المجوعين من منتظري المساعدات الإنسانية في خان يونس ورفح (جنوبي القطاع).
وقال الحوثي إن الشعب الفلسطيني الذي يتضور جوعا في غزة يضطر الكثير منه للذهاب إلى المراكز بهدف الحصول على الغذاء الضروري، ويتم استهداف المتجمعين بالأعداد الكبيرة في مراكز المساعدات بالقصف المدفعي والرصاص وأحيانا بالغارات.
وأضاف أن مراكز المساعدات باتت من أكثر الأماكن التي يقتل فيها أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وبشكل يومي، مؤكدا أن "كل الأعمال العدوانية الإجرامية" للاحتلال الإسرائيلي تهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة.
وقال الحوثي إن "الإبادة الجماعية عبر مسألة المساعدات وفق الفكرة المشتركة بين العدو الإسرائيلي والأميركي عدوانية ظالمة غاشمة" مشددا على أن الاحتلال الإسرائيلي مستمر في نسف المباني والمربعات السكنية، و"ما سلم من قصف الطيران يقوم بنسفه وتدميره بالكامل".
وقال إن جيش الاحتلال قام هذا الأسبوع بنسف مربعات سكنية وأحياء سكنية بشكل كامل في سياق مساعيه العدوانية لتهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، واعتبر أن هذا الأسبوع "من أشد الأسابيع في الإجرام اليهودي الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني بحصيلة تجاوزت 3 آلاف شهيد وجريح".
وتابع أن إسرائيل تركز على الإبادة الجماعية في قطاع غزة وتستهدف بشكل متعمد الجميع بمن فيهم الأطفال والنساء، مشيرا إلى أن "حصيلة الجرائم في قطاع غزة تكشف عن حجم الإجرام اليهودي الصهيوني، وأنه إبادة جماعية بكل ما تعنيه الكلمة".
وكانت إسرائيل بدأت منذ 27 مايو/أيار الماضي بتنفيذ خطة توزيع مساعدات عبر ما تسمى " مؤسسة غزة الإنسانية" وهي جهة مدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة ومرفوضة من الأمم المتحدة، مما فاقم الشكوك حول نوايا توزيع تلك المساعدات بعيدا عن الرقابة الدولية، خاصة مع استهداف إسرائيل منتظري المساعدات واستشهاد نحو 400 فلسطيني منهم.
وترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 -بدعم أميركي- إبادة جماعية في غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وقد خلفت حرب الإبادة الإسرائيلية أكثر من 185 ألف شهيد وجريح فلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
هل يمكن أن تفشل إسرائيل في سوريا؟
منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، لم يتوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن الحديث عن "الشرق الأوسط الجديد"، وهي مقولة، بل مشروع تندرج تحت مظلته كافّة الصراعات الإسرائيلية في المنطقة. وبالتالي، لا يمكن تحليل ما يجري في كل دولة أو ساحة من ساحات المنطقة دون الرجوع إلى المسارات والمشاريع التي ترسّخت بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول. في سوريا، تبرز عند كل منعطف أسئلة جوهرية حول المستقبل، والإرادات الدولية المؤثرة، والتقاطعات الجيوسياسية. أحيانًا، يجنح المتابعون للاعتقاد بأن سوريا قد بدأت السير نحو الوحدة وإرساء الدولة، وفي أحيان أخرى، تعود الاعتقادات السلبية إلى الواجهة مع ازدياد احتمالات الفدرلة بطابع تقسيمي. وفي هذا الإطار، من المهم رسم الخطوط الرئيسية التي تحكم صراعات المشهد، إذ إن لحظات إعادة تشكل الدول تتسم بانكشافات خارجية تكون حاكمة ومركزية، وتشكل نقطة الانطلاق لفهم الديناميات الداخلية. المشهد الدولي.. الولايات المتحدة تُعتبر الولايات المتحدة اللاعب الأهم في العالم، وفي الشرق الأوسط. وينقسم الفاعلون في تفسير موقفها من سوريا إلى اتجاهَين: الأول يرى أن الولايات المتحدة لا تهتم إلا بمصلحة إسرائيل في المنطقة، والثاني يرى أن أولوية واشنطن هي إسرائيل، ولكن مع تمايزات معينة في ملفات متعددة، ومنها سوريا. في الواقع، الهدف الأميركي الأهم في سوريا قد تحقق بدرجة كبيرة، وهو قطع يد إيران من الأراضي السورية، بوصفها مركزًا حيويًّا في المشروع الإيراني، وهذا هدف لا تفرّط به لا واشنطن ولا تل أبيب. لكن يأتي بعده مستوى ثانٍ من الأهداف، تتباين فيه المصالح الأميركية والإسرائيلية؛ فالولايات المتحدة تميل إلى السعي نحو استقرار سوريا، ولكن ضمن شروط: سوريا بلا إيران، وبلا نفوذ روسي أو صيني، وسوريا تحكمها سلطة قادرة على ضبط الجماعات التي تعتبرها واشنطن مصدر تهديد، خاصة مع استحضار النموذجين: العراقي، والأفغاني في خلفية القرار. في المقابل، تتفق إسرائيل مع الولايات المتحدة في أولوية إخراج إيران من سوريا، لكنها لا تعتبر استقرار سوريا تحت حكم موحّد هدفًا في حد ذاته، بل- على العكس- يرى نتنياهو أن المرحلة الحالية تتيح فرصة لإحداث "تغيير أبدي" في الخارطة السورية، إذ إن إعادة إنتاج دولة سورية مستقرة وموحدة تحكمها الأكثرية، ومتماهية مع المنطقة ومندمجة فيها بخط يمتد من البحر الأسود إلى بحر العرب، ستعني حتمًا على المدى الطويل خطرًا وجوديًّا على إسرائيل. وبالتالي، يرى نتنياهو أن ضرب هذا النظام الناشئ في لحظة تشكله، وتفتيت سوريا طائفيًّا ومناطقيًّا، بما يجعل إسرائيل صاحبة اليد الطولى في هندسة هذا التقسيم، من شأنه أن يوسّع نفوذها من النيل إلى الفرات في لحظة لا يمكن- بنظرها- تفويتها تحت شعارات الاستقرار المزعجة بالنسبة لإسرائيل. بات النزاع اليوم يدور بين كتلتين: الأولى تضم دولًا عربية وتركيا، والثانية تمثلها إسرائيل. وساحة هذا النزاع الرئيسية هي سوريا، وإنْ كانت المواجهة كلها تجري تحت المظلة الأميركية تركيا والدول العربية تركيا، ومعها معظم الدول العربية، تدرك أن مساعي إسرائيل تهدف إلى تقطيع أوصال الشرق العربي، وقطع طريق التواصل الخليجي- الغربي، وتكريس موقع إسرائيل على رأس المنطقة عبر فرض خرائط جديدة مشرذمة ومتقطعة، خرائط سيكون من العسير إعادة ضبطها أو تعديلها في المستقبل، مما يسمح لإسرائيل بامتصاص الاقتصاد والسياسة والأمن، وحتى الاجتماع، في المنطقة لعقود قادمة. لذا، بات النزاع اليوم يدور بين كتلتين: الأولى تضم دولًا عربية وتركيا (وقد أصدرت بيانًا باسمها بعد الأحداث الأخيرة)، والثانية تمثلها إسرائيل. وساحة هذا النزاع الرئيسية هي سوريا، وإنْ كانت المواجهة كلها تجري تحت المظلة الأميركية. من المهم التأكيد هنا أن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة في موقع المواجهة مع إسرائيل أو الحياد بما يخصها، بل إن أولويتها هي مصلحة إسرائيل تحت مظلة مصلحة الولايات المتحدة الإستراتيجية. لكن الولايات المتحدة تعتبر أنها قد ضمنت أمن إسرائيل، من خلال ما فتحته لها من أبواب ودعم خلال السنوات الماضية في كل ساحات المنطقة، من إيران إلى مجازر فلسطين، ومن خلال تموضع إسرائيل في الجولان ولبنان. ومن هذا المنطلق، لا تعتبر واشنطن أنه من الضروري أن تتوسع إسرائيل أكثر من ذلك لضمان أمنها، بل إن ما تحقق يكفيها ويزيد. في هذا الصراع، تلعب وحدة سوريا وأبنائها دورًا محوريًّا في ترجيح كفة مشروع الدولة الواحدة. أما استمرار الصراعات الداخلية، وتصاعد الشروخ والانقسامات، فيعزز موقف إسرائيل أما إيران في سوريا، فقد غرقت في نفق العقود الطائفي الأخير والضربات القاسية التي تلقتها، والذي سيجعلها خارج المشهد والتأثير فيه، إلا أن تصاعد "فرعنة" إسرائيل وإجرامها، إلى جانب مراجعات إيرانية داخلية جدية، قد يجعل من طهران لاحقًا دافعًا رئيسيًّا- من وراء الستار- لأي مشروع مناهض لإسرائيل، وإن لم يكن ذلك في المدى القريب. فإيران لم تستقر بعد على رؤية أو توجه مستقبلي واضح، كما أن الشراكة معها تُعد مكلفة داخليًّا ودوليًّا، في ظل غياب أي لمس حقيقي لتغيير في نظرتها إلى المنطقة العربية. العوامل الداخلية إن هذا التنازع الدولي، وإن جرى تحت المظلة الأميركية، فإنه يتعرض إلى "لوبيينغ" وضغوط من الداخل الأميركي، ومن القوى الدولية والإقليمية، وكذلك من وقائع الميدان السوري. ومن هنا تأتي أهمية التفاصيل الداخلية. ففي هذا الصراع، تلعب وحدة سوريا وأبنائها دورًا محوريًّا في ترجيح كفة مشروع الدولة الواحدة. أما استمرار الصراعات الداخلية، وتصاعد الشروخ والانقسامات، فيعزز موقف إسرائيل التي تروّج بأن الاستقرار في سوريا مستحيل، وأن ضبط الجماعات المختلفة غير ممكن. وبالتالي، تحاول الدفع نحو إطلاق يدها لفرض الأمر الواقع، وتعمل على مواءمة ذلك مع السياسة الأميركية. في المقابل، فإن الانضباط الداخلي، وضبط سلوك المجموعات المسلحة، وخلق شراكات وطنية عابرة للطوائف والمكونات الاجتماعية، يعزّز الموقف الذي يرى أن وحدة سوريا وانتظام دولتها أمر ممكن، ويفتح الباب أمام مشاريع سياسية أقل ضررًا للمنطقة. من الطبيعي إذًا أن تسعى إسرائيل لتوسيع نفوذها، عبر محاولات شراء الذمم، والتحريض، وادعاء حماية الأقليات، وتغذية الشروخ الطائفية والاجتماعية. لكن الرد على ذلك لا يكون إلا برفع مستوى الانضباط الداخلي، وتوسيع نطاق الشراكات السياسية والاجتماعية مع مختلف المكونات الداخلية والدول المجاورة إلى أعلى درجة ممكنة. ذلك الرد هو السبيل لإعادة بناء شرعية داخلية حقيقية، وصناعة شرعية خارجية قائمة على الشراكة لا على الوصاية، وهو سلاح رئيسي في معارك ما وراء الكواليس ومعارك الميدان، خاصة في ظل الفارق العسكري المخيف لمصلحة إسرائيل.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
مواقع إسرائيلية: مقتل جندي وإصابة اثنين بجروح خطيرة في كمين للمقاومة
ذكرت منصات إسرائيلية أن قوة إسرائيلية وقعت في كمين للمقاومة في قطاع غزة دون تحديد موقع الكمين الذي وصف بأنه حادث صعب وطلبت من الإسرائيليين الصلاة لنجاة الجنود ورغم فرض الرقابة العسكرية الإسرائيلية حظرا على نشر تفاصيل العملية، فقد أشارت تلك المواقع أن عبوة ناسفة انفجرت في ناقلة جنود من نوع نمر. وقد أدى الانفجار لمقتل جندي للاحتلال على الأقل وإصابة 2 آخرين بجروح خطيرة. وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن أمس الجمعة إصابة 9 جنود في قطاع غزة، بينما أعلنت المقاومة استهداف قوات الاحتلال في سلسلة عمليات بمحاور مختلفة من القطاع. وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن 8 جنود أصيبوا في شمال غزة نتيجة انفجار ذخيرة في ناقلة جند، وتحدثت مواقع إسرائيلية عن انهيار مبنى على الجنود ما تسبب في تسجيل إصابات خطرة. وحتى مساء الخميس، قتل 895 عسكريا إسرائيليا وأصيب 6134 منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حسب بيانات الجيش الذي يواجه اتهامات بإخفاء خسائر أكبر. وتفرض إسرائيل رقابة مشددة على نشر خسائرها في غزة، وتتكتم على الحصيلة الحقيقية لقتلاها وجرحاها، ما يرشح الأعداد المعلنة للارتفاع.


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
تداعيات اقتصادية لأكبر حملة ترحيل للعمالة الأفغانية من إيران
طهران – نفذت إيران أكبر حملة ترحيل للاجئين الأفغان غير النظاميين في تاريخها الحديث، بعد اتهام بعضهم بالتجسس وتسريب معلومات عسكرية لا سيما بعد المواجهة الأخيرة مع إسرائيل ، لكن ثمة تساؤلات بشأن تداعيات هذه الحملة على الاقتصاد الإيراني. فبعد عقود من اعتماد الاقتصاد الإيراني على العمالة الأفغانية الرخيصة في قطاعات حيوية عديدة، خلّف ترحيل المهاجرين المخالفين شروخا عميقة في بنية الاقتصاد الإيراني، وفق مراقبين، أدت إلى زيادة كبيرة في تكاليف القوى العاملة في تلك القطاعات. وأعلنت إيران ترحيل أكثر من 772 ألف لاجئ أفغاني غير نظامي إلى بلادهم منذ 21 مارس/آذار الماضي، وفق ما أوردت وكالة الأناضول نقلا عن رئيس دائرة الأجانب واللاجئين في وزارة الداخلية الإيرانية، نادر ياراحمدي. ويقدر المسؤولون الإيرانيون عدد الأفغان المقيمين في البلاد بنحو 6 ملايين شخص، بينهم أكثر من مليوني شخص يقيمون فيها بشكل غير قانوني. وخلال عقود من استحواذ العمال الأفغان على قطاعات البناء والزراعة والمهن الصعبة، استطاع بعضهم توظيف مدخراته لإنشاء مشاريع صغيرة اصطدمت بحملات الترحيل مؤخرا، فضلا عن الخشية من تداعيات تعطيل هذه الورشات على بعض القطاعات الصناعية والخدمية. ومنذ عقود دأب أصحاب العمل الإيرانيون على توظيف العمال الأفغان لأنهم يقبلون بأجور منخفضة جدا من دون تأمين صحي مقابل ساعات عمل طويلة، لكن موجة الترحيل المتواصلة تسببت في تراجع اليد العاملة الأفغانية في البلاد، بينما تتزايد معدلات البطالة بين الشباب الإيرانيين بسبب رفضهم قبول المهن الشاقة القليلة الأجر. ومع تسجيل المعابر الحدودية ترحيل مئات آلاف الأفغان خلال الأسابيع القليلة الماضية، بدأت الصحافة الإيرانية بنشر تقارير عن التحديات التي تنكشف رويدا رويدا في بعض قطاعات الاقتصاد الإيراني جراء انخفاض العمالة المهاجرة وتداعياتها على ارتفاع تكاليف الإنتاج من جهة وانخفاض الإنتاجية من جهة أخرى. تداعيات الترحيل يحذّر الباحث الاقتصادي عضو غرفة إيران للصناعة والتجارة زين العابدين هاشمي من تبعات ترحيل القوى العاملة الأفغانية من إيران، موضحا أن أكثر من 70% من المهاجرين الأفغان في إيران يعملون في وظائف يدوية وعلى رأسها قطاع البناء والتشييد ثم الخدمات البلدية والقطاع الزراعي وتربية الماشية. وقال في حديث للجزيرة نت إنه بعد اعتماد هذه القطاعات على اليد العاملة الأفغانية طوال العقود الماضية، فإن ترحيل هذه الفئة سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف العمالة وتعطيل المشاريع التنموية وتراجع عرض البضائع جراء انخفاض الإنتاج والذي سينعكس بدوره على ارتفاع أسعار العقارات والمواد الغذائية وزيادة تكاليف الصيانة والخدمات الفنية والمنزلية والبلدية. وأشار هاشمي إلى أن العديد من المصانع والمنشآت الصغيرة تعتمد بشكل أساسي على العمالة الأفغانية، وقد يؤدي ترحيلهم إلى إغلاق بعض الورش أو تقليص ساعات العمل فيها، إلى جانب الهواجس من نقل رؤوس الأموال إلى بعض الدول الأجنبية إذا ما صعب على أصحاب العمل استبدال اليد العاملة الأفغانية بعمالة إيرانية أعلى كلفة. وأوضح أن استبدال العمال الأفغان بعمالة إيرانية سيكون صعبا لأسباب عديدة، أبرزها رفض الإيرانيين تولّي وظائف يدوية كالبناء أو تربية المواشي إلا بأجور مرتفعة جدا، منوها بأن مؤشرات البطالة في إيران تعود إلى خريجي الجامعات وليس للعمالة البسيطة. وتوقع الهاشمي ارتفاع معدلات البطالة جراء توقف نشاط العديد من الورش والصناعات الصغيرة في المستقبل. وقال إن البلديات في العديد من مدن المحافظات الإيرانية تفوّض الخدمات البلدية إلى مقاولين يستخدمون عمالا أفغانا، وبترحيلهم سوف تشهد بعض المشاريع كجمع النفايات وتدويرها وتنظيم المناطق العشوائية عراقيل حقيقية في تسيير العمل. وشدد الهاشمي على أن البلديات قد تضطر إلى رفع الضرائب أو تقليص الخدمات جراء زيادة تكاليف صيانة المدن بسبب غلاء أجور العمالة الإيرانية. وقال إن متوسط أجر العامل الأفغاني في إيران يبلغ في قطاع البناء 7 ملايين ريال إيراني (8.2 دولارات) لليوم الواحد، بينما يصل أجر العامل الإيراني يوميا من 12-15 مليون ريال إيراني (14-17.4 دولارا) مما يرفع كلفة الوحدات السكنية وقد يُدخل سوق العقار في ركود. فوائد أمنية في المقابل، قال إبراهيم نجفي نائب رئيس لجنة العمران البرلمانية إن ترحيل المهاجرين غير القانونيين سيفضي إلى آثار إيجابية في الاقتصاد الوطني من خلال انخفاض الدعم الحكومي على الطاقة والسلع الأساسية، إلى جانب زيادة فرص العمل للإيرانيين وارتفاع عرض الوحدات السكنية. ونقلت وكالة خانه ملت التابعة للبرلمان الإيراني عن نجفي قوله إنه لمغادرة المهاجرين غير النظاميين فوائد أمنية للدولة، مضيفا أن هذه الشريحة الكبيرة كانت تستفيد من الدعم الحكومي في جميع المجالات بما فيها التعليم والمواد الغذائية والطاقة، وفق قوله. وأضاف أن ترحيل المهاجرين المخالفين قد يتسبب في تحديات محدودة في بعض القطاعات بسبب نقص اليد العاملة، لكن المنافع تفوق السلبيات من دون أدنى شك، موضحا أن أعدادا كبيرة ممن يغادرون البلاد حاليا كانوا مستأجرين لوحدات سكنية تُعرض الآن في السوق، مما يعوّض جزءا من نقص المعروض. استنزاف الدعم الحكومي في السياق، قال الصحفي المتخصص في الشأن الأفغاني هادي كسائي زاده إنه نظرا لنشاط العمالة الأفغانية بشكل أساسي في عدد محدود من القطاعات الصناعية والإنتاجية، فإنه يمكن حل مشكلة نقص العمالة عبر تخطيط دقيق فيمكن أن تكون عبر المهاجرين النظاميين حيث ترحب السلطات الإيرانية ببقائهم في البلاد. وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح كسائي زاده أن زيادة أعداد المهاجرين غير النظاميين خلال السنوات الأخيرة أدت إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية وأمنية واسعة النطاق في إيران بدءا من ارتفاع الطلب على سوق الإسكان والاستهلاك الواسع للدعم الحكومي على السلع الأساسية، وصولا إلى "التغلغل الاستخباراتي والأمني للعدو الذي تجلى في العدوان الإسرائيلي الأخير على الجمهورية الإسلامية"، وفق قوله. ومنذ بدء الهجوم الإسرائيلي الذي استمر 12 يوما على إيران، شنت وزارة الاستخبارات الإيرانية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية التابعة للحرس الثوري وقوى الأمن الداخلي حملات أمنية ألقت القبض خلالها على مئات الجواسيس بينهم عدد من المهاجرين الأفغان غير النظاميين وبثت -في وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية- لقطات من اعترافاتهم بالتعاون مع جهاز الموساد الإسرائيلي عبر التقاط صور لأماكن حساسة وإرسالها إلى جهات خارج البلاد مقابل الحصول على أموال. وتابع "المهاجرون الأفغان يستهلكون نسبة كبيرة جدا من الدعم الحكومي على السلع الأساسية والطاقة مما يكبِّد الاقتصاد الوطني تكاليف باهظة كان بالإمكان توجيهها مباشرة لتحسين رفاهية الإيرانيين". ولدى إشارته إلى الدعم الحكومي على الغاز والبنزين والسولار والكهرباء ومياه الصرف الصحي وقطاع التعليم والعلاج وغيرها، قال الصحفي الإيراني إنه في ظل معاناة البلاد من عجز في الطاقة والمياه يحصل المهاجرون الأفغان على حصة كبيرة من الموارد العامة لا تتناسب مطلقا مع القدرة الاقتصادية للبلاد في وقت تعاني فيه الحكومة من عجز مزمن في الميزانية. وأضاف كسائي زاده أنه إلى جانب الأعباء الاقتصادية، ثمة مخاوف جادة من تبعات أمنية للهجرة غير القانونية؛ إذ كشفت الاعتقالات الأمنية التي أعقبت الحرب الإسرائيلية الأخيرة عن استخدام " الموساد" الإسرائيلي لعدد من المهاجرين غير النظاميين في عمليات تجسس وتخريب، مؤكدا أن الهوية لهؤلاء توفر بيئة خصبة لتسلل العملاء، ويصعب تعقب تحركاتهم مقارنة بالمقيمين النظاميين. ووفق آخر الإحصاءات الإيرانية الرسمية، أعلن محمود كريمي بيرانوند، المساعد السابق لوزارة العمل، أن حوالي مليون و500 ألف شخص من المهاجرين الأجانب يمتلكون التراخيص اللازمة ويعملون بصورة قانونية داخل البلاد، في حين يُقدَّر عدد الأشخاص المخالفين بضعف هذا الرقم. الموقف الأفغاني في غضون ذلك، نشرت وكالة "صداي أفغان" -التي تديرها الجالية الأفغانية في إيران- تقريرا ميدانيا من معبر دوغارون، مؤكدة أن المركز الخدمي الملاصق للمعبر يشهد هذه الأيام واحدة من أكبر عمليات عودة المهاجرين لكنها في الوقت ذاته تبدو الأكثر تنظيما وإنسانية. واعتبرت الوكالة أن التنظيم المحكم للمهاجرين، وتوزيع المستلزمات الأساسية، وتقديم الخدمات الصحية والضيافة، وتبسيط الإجراءات الإدارية، تمثل أبرز نقاط قوة الإدارة الحدودية في مدينة تايباد الإيرانية حيث يعبر المهاجرون الأفغان الحدود المشتركة. ووفقا للوكالة، فإن "عودة المهاجرين من حدود دوغارون ليست علامة على الخروج القسري، بل هي رمز لحركة واعية، تطوعية، ومفعمة بالأمل لمهاجرين يبدؤون مسارًا جديدًا في بلادهم بنظرة نحو المستقبل". وفي الجانب الأفغاني، انتقد وزير الخارجية أمير خان متقي الترحيل "المؤلم والمهين" لمواطني بلاده من إيران، حسب وصفه، مضيفا أن السلطات الإيرانية "بدأت بترحيل اللاجئين الأفغان بصورة عشوائية ومن دون التنسيق معنا، حيث لم نكن جاهزين لاستقبال هذا العدد الضخم من العائدين". وفي تصريحات نقلها التلفزيون الأفغاني الرسمي، أضاف متقي خان أن بلاده طلبت "مرارا وتكرارا من السلطات الإيرانية أن يكون الترحيل تدريجيا، يحفظ كرامة العائدين وممتلكاتهم"، مشيرا إلى أن معظم اللاجئين غادروا أفغانستان بسبب الحروب والأزمات الاقتصادية. ومع تحول قضية المهاجرين الأفغان غير النظاميين في إيران إلى أزمة متعددة الأبعاد، تكاد تجمع الأوساط الإيرانية على ضرورة تنظيم ظاهرة الهجرة وإصلاح الهياكل الاقتصادية ووضع سياسات وطنية تحمي مصالح الإيرانيين، مع الحفاظ على كرامة المهاجرين وحسن الجوار لتفادي تحول الأزمة إلى تهديد أمني مستقبلي.