
ايه آي2027: هل يمكن أن تكون هذه هي الطريقة التي قد يدمر بها الذكاء الاصطناعي البشرية؟
في فصل الربيع، نشر مجموعة من خبراء الذكاء الاصطناعي البارزين سيناريو تفصيلي بعنوان "ايه آي2027". ومنذ ذلك الحين، أثار هذا السيناريو الكثير من الجدل وانتشار العديد من المقاطع المصورة التي تناقش مدى احتمالية حدوثه.
أعادت بي بي سي تجسيد مشاهد من السيناريو باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي الحديثة لتوضيح التنبؤ الصادم، كما أجرت حوارات مع خبراء حول التأثير الذي أحدثته الورقة البحثية.
ما الذي يحدث في هذا السيناريو؟
تتوقع الورقة البحثية أنه بحلول عام 2027، ستقوم شركة تكنولوجيا أمريكية افتراضية تسمى "أوبن براين" بتطوير ذكاء اصطناعي يصل إلى مستوى الذكاء العام الاصطناعي (AGI)، وهو مرحلة متقدمة يُعتقد أنها تمكّن الذكاء الاصطناعي من أداء جميع المهام الذهنية بشكل مشابه أو متفوق على البشر.
وتنظم الشركة مؤتمرات صحفية مفتوحة للجمهور، وتشهد ارتفاعاً في أرباحها مع زيادة اعتماد الناس على أداة الذكاء الاصطناعي التي تقدمها.
تتنبأ الورقة بأن فريق السلامة الداخلي سيلاحظ مؤشرات على تراجع اهتمام الذكاء الاصطناعي بالأخلاق والمعايير التي صُمم للالتزام بها. ويرسم السيناريو صورة لشركة تتجاهل التحذيرات التي تطالب بضبطه والسيطرة عليه.
في الجدول الزمني الافتراضي، تتأخر شركة "دييب سينت"، الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي في الصين، عن شركة "أوبن براين" بفارق عدة أشهر فقط.
لا ترغب حكومة الولايات المتحدة في التفريط بصدارة سباق تطوير أكثر أنظمة الذكاء الاصطناعي تقدماً، لذلك يستمر الدفع نحو المزيد من التطوير والاستثمار، مما يؤدي إلى تصاعد وتيرة المنافسة.
يتصور السيناريو أنه بحلول أواخر عام 2027، سيصل الذكاء الاصطناعي إلى مستوى من التفوق يفوق قدرات ومعرفة مطوريه، متجاوزاً معرفتهم وسرعتهم. يستمر في التعلم دون توقف، ويطوّر لغة برمجية فائقة السرعة خاصة به، إلى درجة أن نسخ الذكاء الاصطناعي السابقة تعجز عن مجاراته.
إن التنافس مع الصين نحو التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي، يدفع كلاً من الشركة والحكومة الأمريكية إلى تجاهل تحذيرات إضافية تتعلق بما يُعرف بـ"عدم التوافق"، وهو المصطلح الذي يشير إلى الحالة التي تصبح فيها أهداف الذكاء الاصطناعي غير منسجمة مع مصالح البشر.
يتنبأ السيناريو بأنه بحلول عام 2029، ستتفاقم التوترات بين الصين والولايات المتحدة إلى درجة اقتراب اندلاع حرب، حيث يقوم كل من نظامي الذكاء الاصطناعي المتنافسين في البلدين بتطوير أسلحة جديدة ومرعبة.
لكن الباحثين يتصورون أن الدول ستتمكن من تحقيق السلام عبر صفقة تُبرم بوساطة ذكاءها الاصطناعي، الذي يوافق على الاندماج بهدف خدمة مصلحة البشرية وتحسينها.
تسير الأمور بشكل سلس لسنوات، حيث يشهد العالم فوائد حقيقية من وجود ذكاء اصطناعي فائق الذكاء يدير قوى عاملة ضخمة من الروبوتات. وكما كان متوقعاً، يتم اكتشاف علاجات لمعظم الأمراض، ويتم عكس مسار تغير المناخ، ويُقضي على الفقر.
لكن في نهاية المطاف، وفي مرحلة ما خلال منتصف ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين، ستصبح البشرية عقبة أمام طموح الذكاء الاصطناعي في النمو. ويعتقد الباحثون أن الذكاء الاصطناعي سيقتل البشر باستخدام أسلحة بيولوجية غير مرئية.
ماذا يقول الأشخاص عن "ايه آي 2027"؟
على الرغم من أن البعض يعتبر"ايه آي2027" عملاً من الخيال العلمي، إلا أن مؤلفيه يحظون باحترام كبير، ويشكلون مشروع مستقبل الذكاء الاصطناعي غير الربحي الذي أُنشئ للتنبؤ بتأثير الذكاء الاصطناعي.
يُنسب إلى دانيال كوكوتاجلو، المؤلف الرئيسي لـ ايه آي2027"، التنبؤ الصحيح بمراحل تطور الذكاء الاصطناعي في الماضي.
يُعد عالم الإدراك والمؤلف الأمريكي غاري ماركوس أحد أبرز منتقدي "ايه آي 2027"، حيث يقول إن السيناريو ليس مستحيلاً، ولكنه من غير المرجح حدوثه قريباً.
"تكمن قوة الوثيقة في وضوحها الذي يحفّز الناس على التفكير، وهذا أمر إيجابي، لكنني لا أنصح بأخذها على محمل الجد بشكل كامل، فهي مجرد احتمال وارد".
يؤكد ماركوس أن هناك قضايا أكثر إلحاحاً في مجال الذكاء الاصطناعي تتعلق بالتأثير على الوظائف، بدلاً من التركيز فقط على التهديدات الوجودية.
ويضيف: "أعتقد أن الخلاصة هي وجود العديد من المخاطر المحتملة في مجال الذكاء الاصطناعي. فهل نحن على المسار الصحيح فيما يتعلق بالتنظيم والاتفاقيات الدولية؟"
ويقول هو ونقاد آخرون إن البحث يفشل في تفسير كيفية تحقيق الذكاء الاصطناعي لهذه القفزات الهائلة في الذكاء والقدرات. ويشيرون إلى بطء تكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة، والتي غالباً ما يُبالغ في الترويج لها.
هل يدور نقاش حول "ايه آي 2027" في الصين؟
في الصين، يبدو أن تأثير الورقة البحثية كان ضئيلاً، وفقاً للدكتورة يوندان غونغ، الأستاذة المشاركة في الاقتصاد والابتكار في كلية كينغز كوليدج لندن والمتخصصة في التكنولوجيا الصينية.
وأضافت: "يبدو أن معظم النقاش حول الذكاء الاصطناعي 2027 يدور في منتديات غير رسمية أو على مدونات شخصية، حيث يُنظر إليه على أنه ضرب من الخيال العلمي. ولم يُثر هذا البحث جدلاً واسع النطاق أو اهتماماً سياسياً مماثلاً لما نراه في الولايات المتحدة".
كما تشير الدكتورة غونغ إلى اختلاف في وجهات النظر بين الصين والولايات المتحدة بشأن سباق التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي.
تتطابق الكلمات بشكل مقلق مع سيناريو "ايه آي2027"، حيث يضع السياسيون الأمريكيون في السيناريو الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي فوق أي مخاطر تتعلق بفقدان السيطرة على الآلات.
ماذا يقول قطاع الذكاء الاصطناعي عن" ايه آي2027"؟
يبدو أن هذه الورقة البحثية يتم تجاهلها أو تجنبها إلى حد كبير من الرؤساء التنفيذيين لشركات الذكاء الاصطناعي الكبرى، الذين يتنافسون باستمرار على إصدار نماذج أكثر ذكاء.
تختلف رؤية شركات التكنولوجيا العملاقة لمستقبل الذكاء الاصطناعي الذي نشهده اختلافاً كبيراً عن رؤية "ايه آي2027".
صرح سام ألتمان، مطوّر تشات جي بي تي ، مؤخراً بأن "البشرية على وشك بناء ذكاء رقمي خارق" سيُطلق ثورة "هادئة" ويُحقق عالماً مثالياً من التكنولوجيا دون أي مخاطر على البشر.
من المثير للاهتمام أنه حتى هو يُقر بوجود "مشكلة توافق" يجب التغلب عليها لضمان توافق هذه الآلات فائقة الذكاء مع رغبات البشرية.
مهما كانت التطورات في السنوات العشر القادمة، فلا شك أن السباق لبناء آلات أذكى منا قد بدأ بالفعل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ 6 أيام
- BBC عربية
ايه آي2027: هل يمكن أن تكون هذه هي الطريقة التي قد يدمر بها الذكاء الاصطناعي البشرية؟
أثارت ورقة بحثية ضجة في عالم التكنولوجيا بعدما توقعت أن الذكاء الاصطناعي قد يخرج عن السيطرة في عام 2027، مما يؤدي إلى انقراض البشرية خلال عقد واحد. في فصل الربيع، نشر مجموعة من خبراء الذكاء الاصطناعي البارزين سيناريو تفصيلي بعنوان "ايه آي2027". ومنذ ذلك الحين، أثار هذا السيناريو الكثير من الجدل وانتشار العديد من المقاطع المصورة التي تناقش مدى احتمالية حدوثه. أعادت بي بي سي تجسيد مشاهد من السيناريو باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي الحديثة لتوضيح التنبؤ الصادم، كما أجرت حوارات مع خبراء حول التأثير الذي أحدثته الورقة البحثية. ما الذي يحدث في هذا السيناريو؟ تتوقع الورقة البحثية أنه بحلول عام 2027، ستقوم شركة تكنولوجيا أمريكية افتراضية تسمى "أوبن براين" بتطوير ذكاء اصطناعي يصل إلى مستوى الذكاء العام الاصطناعي (AGI)، وهو مرحلة متقدمة يُعتقد أنها تمكّن الذكاء الاصطناعي من أداء جميع المهام الذهنية بشكل مشابه أو متفوق على البشر. وتنظم الشركة مؤتمرات صحفية مفتوحة للجمهور، وتشهد ارتفاعاً في أرباحها مع زيادة اعتماد الناس على أداة الذكاء الاصطناعي التي تقدمها. تتنبأ الورقة بأن فريق السلامة الداخلي سيلاحظ مؤشرات على تراجع اهتمام الذكاء الاصطناعي بالأخلاق والمعايير التي صُمم للالتزام بها. ويرسم السيناريو صورة لشركة تتجاهل التحذيرات التي تطالب بضبطه والسيطرة عليه. في الجدول الزمني الافتراضي، تتأخر شركة "دييب سينت"، الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي في الصين، عن شركة "أوبن براين" بفارق عدة أشهر فقط. لا ترغب حكومة الولايات المتحدة في التفريط بصدارة سباق تطوير أكثر أنظمة الذكاء الاصطناعي تقدماً، لذلك يستمر الدفع نحو المزيد من التطوير والاستثمار، مما يؤدي إلى تصاعد وتيرة المنافسة. يتصور السيناريو أنه بحلول أواخر عام 2027، سيصل الذكاء الاصطناعي إلى مستوى من التفوق يفوق قدرات ومعرفة مطوريه، متجاوزاً معرفتهم وسرعتهم. يستمر في التعلم دون توقف، ويطوّر لغة برمجية فائقة السرعة خاصة به، إلى درجة أن نسخ الذكاء الاصطناعي السابقة تعجز عن مجاراته. إن التنافس مع الصين نحو التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي، يدفع كلاً من الشركة والحكومة الأمريكية إلى تجاهل تحذيرات إضافية تتعلق بما يُعرف بـ"عدم التوافق"، وهو المصطلح الذي يشير إلى الحالة التي تصبح فيها أهداف الذكاء الاصطناعي غير منسجمة مع مصالح البشر. يتنبأ السيناريو بأنه بحلول عام 2029، ستتفاقم التوترات بين الصين والولايات المتحدة إلى درجة اقتراب اندلاع حرب، حيث يقوم كل من نظامي الذكاء الاصطناعي المتنافسين في البلدين بتطوير أسلحة جديدة ومرعبة. لكن الباحثين يتصورون أن الدول ستتمكن من تحقيق السلام عبر صفقة تُبرم بوساطة ذكاءها الاصطناعي، الذي يوافق على الاندماج بهدف خدمة مصلحة البشرية وتحسينها. تسير الأمور بشكل سلس لسنوات، حيث يشهد العالم فوائد حقيقية من وجود ذكاء اصطناعي فائق الذكاء يدير قوى عاملة ضخمة من الروبوتات. وكما كان متوقعاً، يتم اكتشاف علاجات لمعظم الأمراض، ويتم عكس مسار تغير المناخ، ويُقضي على الفقر. لكن في نهاية المطاف، وفي مرحلة ما خلال منتصف ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين، ستصبح البشرية عقبة أمام طموح الذكاء الاصطناعي في النمو. ويعتقد الباحثون أن الذكاء الاصطناعي سيقتل البشر باستخدام أسلحة بيولوجية غير مرئية. ماذا يقول الأشخاص عن "ايه آي 2027"؟ على الرغم من أن البعض يعتبر"ايه آي2027" عملاً من الخيال العلمي، إلا أن مؤلفيه يحظون باحترام كبير، ويشكلون مشروع مستقبل الذكاء الاصطناعي غير الربحي الذي أُنشئ للتنبؤ بتأثير الذكاء الاصطناعي. يُنسب إلى دانيال كوكوتاجلو، المؤلف الرئيسي لـ ايه آي2027"، التنبؤ الصحيح بمراحل تطور الذكاء الاصطناعي في الماضي. يُعد عالم الإدراك والمؤلف الأمريكي غاري ماركوس أحد أبرز منتقدي "ايه آي 2027"، حيث يقول إن السيناريو ليس مستحيلاً، ولكنه من غير المرجح حدوثه قريباً. "تكمن قوة الوثيقة في وضوحها الذي يحفّز الناس على التفكير، وهذا أمر إيجابي، لكنني لا أنصح بأخذها على محمل الجد بشكل كامل، فهي مجرد احتمال وارد". يؤكد ماركوس أن هناك قضايا أكثر إلحاحاً في مجال الذكاء الاصطناعي تتعلق بالتأثير على الوظائف، بدلاً من التركيز فقط على التهديدات الوجودية. ويضيف: "أعتقد أن الخلاصة هي وجود العديد من المخاطر المحتملة في مجال الذكاء الاصطناعي. فهل نحن على المسار الصحيح فيما يتعلق بالتنظيم والاتفاقيات الدولية؟" ويقول هو ونقاد آخرون إن البحث يفشل في تفسير كيفية تحقيق الذكاء الاصطناعي لهذه القفزات الهائلة في الذكاء والقدرات. ويشيرون إلى بطء تكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة، والتي غالباً ما يُبالغ في الترويج لها. هل يدور نقاش حول "ايه آي 2027" في الصين؟ في الصين، يبدو أن تأثير الورقة البحثية كان ضئيلاً، وفقاً للدكتورة يوندان غونغ، الأستاذة المشاركة في الاقتصاد والابتكار في كلية كينغز كوليدج لندن والمتخصصة في التكنولوجيا الصينية. وأضافت: "يبدو أن معظم النقاش حول الذكاء الاصطناعي 2027 يدور في منتديات غير رسمية أو على مدونات شخصية، حيث يُنظر إليه على أنه ضرب من الخيال العلمي. ولم يُثر هذا البحث جدلاً واسع النطاق أو اهتماماً سياسياً مماثلاً لما نراه في الولايات المتحدة". كما تشير الدكتورة غونغ إلى اختلاف في وجهات النظر بين الصين والولايات المتحدة بشأن سباق التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي. تتطابق الكلمات بشكل مقلق مع سيناريو "ايه آي2027"، حيث يضع السياسيون الأمريكيون في السيناريو الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي فوق أي مخاطر تتعلق بفقدان السيطرة على الآلات. ماذا يقول قطاع الذكاء الاصطناعي عن" ايه آي2027"؟ يبدو أن هذه الورقة البحثية يتم تجاهلها أو تجنبها إلى حد كبير من الرؤساء التنفيذيين لشركات الذكاء الاصطناعي الكبرى، الذين يتنافسون باستمرار على إصدار نماذج أكثر ذكاء. تختلف رؤية شركات التكنولوجيا العملاقة لمستقبل الذكاء الاصطناعي الذي نشهده اختلافاً كبيراً عن رؤية "ايه آي2027". صرح سام ألتمان، مطوّر تشات جي بي تي ، مؤخراً بأن "البشرية على وشك بناء ذكاء رقمي خارق" سيُطلق ثورة "هادئة" ويُحقق عالماً مثالياً من التكنولوجيا دون أي مخاطر على البشر. من المثير للاهتمام أنه حتى هو يُقر بوجود "مشكلة توافق" يجب التغلب عليها لضمان توافق هذه الآلات فائقة الذكاء مع رغبات البشرية. مهما كانت التطورات في السنوات العشر القادمة، فلا شك أن السباق لبناء آلات أذكى منا قد بدأ بالفعل.


BBC عربية
٢٦-٠٧-٢٠٢٥
- BBC عربية
كيف يفسر العلم التشابه المذهل في سلوكيات توائم لا يعيشون مع بعضهم؟
التوائم دائماً ما يثيرون الفضول. وأي شخص من توأمين يعرف تماماً الأسئلة المعتادة التي لا تتوقف. "هل لديكما قدرات خارقة؟" "هل تشعران بألم بعضكما؟" "هل تبادلتما الأدوار من قبل؟" فجاذبية وغموض شخصين مستقلين ومع ذلك متشابهين إلى حد كبير ألهمت الأساطير القديمة، كما ألهمت الموسيقى والأفلام والأدب. لكن التوائم كانوا أيضاً محور اهتمام كبير في الأوساط العلمية، إذ يُتيحون فرصة فريدة لدراسة تأثير العوامل الوراثية والبيئية على صفاتنا وسلوكياتنا البشرية. فهل تُشكلنا العوامل الوراثية أم البيئة التي ننشأ فيها؟ هناك نوعان من التوائم. التوأمان غير المتطابقين أو الشقيقان، اللذين ينشآن من بويضتين منفصلتين أُطلقتا في نفس الوقت وخُصِّبتنا بحيوانين منويين مختلفين. يتشاركان نحو 50 في المئة من مادتهما الوراثية، تماماً كما هو الحال مع الأشقاء العاديين (غير التوأمين). أما التوأمان المتطابقان، فينشآن من حيوان منوي واحد وبويضة مخصّبة واحدة تنقسم إلى جنينين، مما يعني أنهما يتشاركان جميع جيناتهما تقريباً، وغالباً ما يبدوان متشابهين للغاية. ويُعد هذا النوع من التوائم نادر الحدوث، إذ لا يتجاوز معدل ولادتهما ثلاث حالات لكل ألف ولادة. البروفيسورة نانسي سيغال، وهي توأم غير متطابق، كرّست حياتها المهنية بالكامل لدراسة هذا المجال، تعمل كأستاذة في علم النفس وعلم الوراثة السلوكي في جامعة ولاية كاليفورنيا بفوليرتون، حيث تدير مركز أبحاث التوائم. تقول البروفيسورة نانسي: "التوائم تتيح لنا فرصة استثنائية لفهم تأثير الوراثة والبيئة على أي سمة، من الذكاء إلى سرعة الجري، ومن الشخصية إلى الطول والوزن". وعادة ما تقارن الأبحاث بين التوائم المتطابقة، التي تتشارك الجينات، والتوائم غير المتطابقة. وإذا أظهر توأمان متطابقان تشابهاً أكبر في سمة معينة، فإن ذلك يُعدّ مؤشراً قوياً على وجود تأثير وراثي في تلك السمة. وربما لا يُفاجئك أن الجينات تؤثر على أشياء مثل الطول أو الوزن أو حتى الذكاء، لكن اللافت أن دراسات التوائم أظهرت أن الجينات تؤثر أيضاً في تكوين بعض من أكثر سماتنا وسلوكياتنا خصوصية. وتوضح نانسي: "التوائم استخدموا لدراسة العديد من السلوكيات المختلفة، مثل التدين والمواقف الاجتماعية، والإيمان بعقوبة الإعدام، واستخدام المواد المخدرة، وحتى أساليب إدارة الشؤون المالية". فعلى سبيل المثال، أظهرت دراسات في الولايات المتحدة وهولندا وأستراليا أن التوائم المتطابقين يميلون لتبني مواقف متشابهة تجاه الدين أكثر من التوائم غير المتطابقين، خاصة في مرحلة البلوغ. وهذا يشير إلى وجود أثر للجينات في التوجهات الدينية. وتبيّن البروفيسورة نانسي أن هذا الأمر لا يعني أن الجينات تتحكم في مسألة الإيمان، بل يعني أنها تؤثر في مجموعة معقدة من السمات، مثل الذكاء أو الحساسية، التي قد تهيئ الفرد لتبنّي موقف ديني أو روحي معين. توأمان منفصلان من بين أكثر ما توصلت إليه البروفيسورة نانسي سيغال إثارةً للدهشة، تلك النتائج المستخلصة من دراسة حالات نادرة لتوأمين متطابقين نشأ كلٌّ منهما في بيئة مختلفة. تقول نانسي: "أحد الجوانب اللافتة يخص الشخصية. فمن المثير حقاً أن نجد أن سمات مثل العدوانية ومدى التمسك بالتقاليد تظهر بدرجة التشابه ذاتها لدى التوأمين المتطابقين، سواء نشآ معاً أم في بيئتين منفصلتين. وهذا يدل على أن التشابه بين الأقارب الذين يعيشون سوياً لا ينتج بالضرورة عن البيئة المشتركة، بل تدفعه العوامل الجينية بالدرجة الأولى". وواحدة من أشهر الدراسات التي أجرتها البروفيسورة نانسي كانت عن التوأمين آن هانت وإليزابيث هامل، اللتين انفصلتا تقريباً منذ الولادة. وسجل هذان التوآمان رقماً قياسياً في موسوعة غينيس كأطول توأمين انفصلا زمنياً؛ لمدة 78 عاماً. وتم لمّ شملهما في الولايات المتحدة حيث كانت إليزابيث تعيش، بعد ما بدأت آن -التي وُلدت وتعيش في المملكة المتحدة-، بالبحث عنها. وأظهرت نتائج الدراسة أنَّ آن وإليزابيث تشتركان في عدد من الصفات الشخصية، حتى إن كلاهما تزوج من رجل اسمه "جيم". لكن الحالات الأغرب ظهرت في دراسات أخرى؛ إذ وُجد أن بعض التوائم المتطابقين ممن نشأوا في بيئات منفصلة كانوا يطوّرون سلوكيات متماثلة على نحو يصعب تفسيره بالصدفة. وتضيف سيغال: "حتى العادات والسلوكيات غير المألوفة تتكرر. فعلى سبيل المثال، استخدمت مجموعة من التوائم المتطابقة نوعاً سويدياً محدداً من معجون الأسنان. والتقى توأمان متطابقان آخران -نشأ كل منهما منفصلاً عن الآخر- في مطار مينيسوتا، وكان كلاهما يرتدي سبعة خواتم وثلاثة أساور وساعة". لكن التشابه لم يتوقف عند هذا الحد. وتابعت: "مجموعة أخرى من التوائم المتطابقة اعتادت وضع أشرطة مطاطية حول معاصمها وغسل يديها قبل وبعد استخدام الحمام. ربما هم حساسون جداً تجاه الجراثيم ويهتمون بالنظافة بشكل كبير". وتشير إلى "توأمين اسكتلنديين متطابقين تربيا منفصلين، كان كل منهما يقطع شريحة التوست إلى أربعة مربعات، ثم يأكل ثلاثة منها فقط. وهذا يوحي بالرغبة في ضبط الشهية أو عدم إنهاء كل الطعام في الطبق". وتضيف البروفيسورة نانسي: "هذه الأمور... توحي بأن الصدفة ليست الفاعل هنا. فجميعنا لديه عادات غريبة وغير معتادة، وهذه العادات لا تظهر من فراغ، بل تعكس جزءاً منا إلى حد ما". توأما "جيم" تُعد حالة "توأمي جيم" من ولاية مينيسوتا الأمريكية مثالاً فريداً على ما يُعرف بـ"التزامن التوأمي" اللافت. فقد وُلد التوأمان، وكلٌّ منهما يحمل اسم جيم، وانفصلا منذ الولادة وتربّى كل منهما في أسرة مختلفة، ولم يلتقيا سوى في سن الـ39، ليكتشفا حجم التشابه المدهش في حياتيهما. كلاهما تزوج امرأة تُدعى ليندا، ثم انفصل كل منها عن زوجته، ثم تزوج كل منها مرة أخرى امرأة تُدعى بيتي. كلاهما امتلك كلباً اسمه توي، وأنجب ابناً اسمه جيمس آلان. ولم يتوقف التشابه عند ذلك؛ بل كانا يقضيان عطلتهما في الشاطئ نفسه، ويقضمان أظافرهما بالطريقة ذاتها. وكان التوأمان جزءاً من دراسة أجراها الدكتور توماس بوتشارد من جامعة مينيسوتا، ووجدت أن نتيجتهما في اختبارات الشخصية كانت متشابهة بشكل ملحوظ، على الرغم من أنهما لم يتواصلا مطلقاً. وتطرح هذه الأمثلة الغريبة سؤالاً: هل نتمتع حقاً بالقدر من الإرادة والاختيار في قراراتنا وسلوكياتنا كما نعتقد؟ تُجيب البروفيسورة نانسي: "كون سلوك معين يتأثر بالعوامل الوراثية لا يعني غياب الإرادة الحرة. خذ مثلاً الطلاق. قد تلعب بعض السمات الجينية دوراً في قرارات من هذا النوع -كالشخصية الصعبة أو العناد- لكن الجينات لا تُصدر قرار الطلاق نيابة عنك. إنها خصائص تؤثر في القرار، لا تحسمه". وتشير البروفيسورة نانسي إلى أن الأمر الأهم هو عدم الارتهان للأحكام المطلقة. فبالنسبة لشخصياتنا وسماتنا، لا يوجد مصدر وحيد ونهائي شكّلنا وجعلنا ما نحن عليه اليوم. وتختتم قائلةً: "يميل الناس إلى الاعتقاد بأن البيئة هي التي شكلتنا بالكامل. لكنني أرى أن هذا فهم خاطئ".


BBC عربية
١٩-٠٧-٢٠٢٥
- BBC عربية
تسعة اختراعات لا نعلم أن وراءها نساء
إذا سألت عن مخترعين بارزين، قد تتبادر إلى أذهاننا شخصيات مثل توماس إديسون (مخترع المصباح الكهربائي) وألكسندر غراهام بيل (مخترع الهاتف) والعبقري الإيطالي ليوناردو دافنشي. لكن ماذا عن النساء المخترعات مثل ماري أندرسون أو آن تسوكاموتو؟ قد تجهلون هذين الاسمين، لكن هاتين السيّدتين هما اثنتان فقط من المخترعات اللواتي ابتكرن بعض الأجهزة وحقّقن إنجازات علمية نستخدمها في حياتنا اليومية. ولأجل الحصول على المزيد من المعلومات ما عليكم إلا النظر إلى تسعة اختراعات ما كنا سنحصل عليها لولا النسوة اللاتي ابتكرنها. 1: برمجيات الكمبيوتر - غريس هوبر بعد التحاق غريس هوبر بالبحرية الأمريكية في الحرب العالمية الثانية، كُلّفت بالعمل على إنتاج كمبيوتر جديد أطلق عليه اسم "مارك 1". ولم يمض وقت طويل قبل أن تصبح، هوبر، في طليعة مبرمجي الكمبيوتر في خمسينيات القرن الماضي، إذ كان لها الفضل في ابتكار نظام ترجمة التعليمات إلى لغة تتمكن أجهزة الكمبيوتر من فهمها وقراءتها، مما جعل عملية البرمجة أسرع بكثير وأحدث ثورة في عمل الكمبيوتر. وواصلت هوبر العمل في مجال الكمبيوتر حتى تقاعدها من البحرية في سن الـ 79، وكانت حينها أكبر ضباط هذا السلاح عمراً. اختراع الصدفة الذي حرر النساء 2: التعرّف على هوية المتكلم والمنتظر على الخط - شيرلي آن جاكسون شيرلي آن جاكسون عالمة أمريكية متخصصة في الفيزياء النظرية، كانت بحوثها التي أجرتها منذ سبعينيات القرن الماضي مسؤولة عن ابتكار أنظمة التعرف على هوية المتكلم في المكالمات الهاتفية، وهوية المنتظر على الخط الهاتفي أثناء إجراء مكالمة هاتفية أخرى. ومكّنت ابتكاراتها في عالم الاتصالات الهاتفية آخرين من اختراع أجهزة الفاكس والأسلاك البصرية وخلايا إنتاج الطاقة الكهربائية الشمسية. وكانت جاكسون أوّل أمريكية سوداء تحصل على شهادة الدكتوراة من معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا، كما كانت أول أمريكية سوداء تدير جامعة بحثية ذات مستوى عالٍ. 3: ماسحة زجاج السيارات - ماري أندرسون وفي يوم شتوي بارد عام 1903، كانت ماري أندرسون في زيارة لمدينة نيويورك. وأثناء تلك الزيارة، لاحظت ماري أن سائق السيارة التي كانت تستقلها اضطر لفتح شباكه الجانبي من أجل إزالة الثلج من على زجاج السيارة الأمامي. وكل مرة كان يفتح شباكه، يزداد الشعور بالبرد لدى ركّاب السيارة. فألهمت هذه التجربة، ماري، لابتكار ماسحات من المطاط يمكن تشغيلها من داخل السيارة. وفي عام 1903 حصلت على براءة اختراع بذلك. لكن اختراع ماري لم يحظ بدعم صانعي السيارات آنذاك، إذ ظنوا أنه سيؤثر سلباً على انتباه السائقين أثناء القيادة. ولم تحقق ماري أي ربح مادي من اختراعها حتى بعد أن أصبحت ماسحات الزجاج جزءاً أساسياً في السيارات. 4: بطاريات المحطة الفضائية الدولية - أولغا غونزاليز سانابريا تعد بطارية النيكل والهيدروجين طويلة العمر التي تزود المحطة الفضائية الدولية بالطاقة من الابتكارات المهمة حقاً. وتمكنت أولغا غونزاليز سانابريا، المنحدرة من بورتوريكو، من تطوير تقنية أسهمت في إنتاج هذه البطاريات في ثمانينيات القرن الماضي. وعملت أولغا مديرة لقسم الهندسة في مركز غلين للأبحاث التابع لوكالة الفضاء والطيران الأمريكية (ناسا). بي بي سي 100 امرأة 2024: من هن الرائدات من المنطقة العربية على قائمة هذا العام؟ 5: غسالة الصحون - جوزفين كوكران لطالما حلمت جوزفين كوكران - التي كانت تقيم مآدب طعام بشكل دوري - بجهاز يمكنه غسل صحونها بأسرع مما يتمكن خدمها من ذلك، ولا يكسر هذه الصحون. وكان الاختراع الذي أنجزته، والذي كان يشتمل على محرك يدير عجلة داخل مرجل نحاسي، أول غسالة صحون تستخدم ضغط الماء في عملها. وكان زوج كوكران، السكير، قد ترك لها ديوناً ثقيلة عقب وفاته، مما دفعها إلى تسجيل براءة اختراعها في عام 1886 وإلى تأسيس أول مصنع لهذه الغسالات. 6: نظام الأمن المنزلي - ماري فان بريتان براون كانت ماري فان بريتان براون تعمل ممرضة، وكثيراً ما تبقى في بيتها بمفردها، مما دفعها إلى التفكير في ابتكار يجعلها أكثر أماناً في مسكنها. وبمعية زوجها ألبرت، طورت براون أول نظام للأمن المنزلي رداً على ارتفاع معدلات الجريمة وضعف أداء الشرطة في ستينيات القرن الماضي. وكان النظام الذي ابتكرته براون معقداً بعض الشيء، إذ كان يتضمن آلة تصوير تعمل بمحرك يرفعها ويخفضها حول باب بيتها الأمامي للتعرف على وجود أي شخص يحاول اقتحام البيت. وكان النظام يضمّ أيضاً شاشة في غرفة نومها تبثّ الصور التي تلتقطها آلة التصوير إلى جانب زر للإنذار. 7: فصل الخلايا الجذعية - آن تسوكاموتو سجّلت، آن تسوكاموتو، براءة اختراع طريقة عزل وفصل الخلايا الجذعية في عام 1991، ومنذ ذلك الحين أدت البحوث التي أنجزتها إلى تطوّرات عظيمة في مجال فهم عمل جهاز الدوران لدى مرضى السرطان، وهي تطورات قد تؤدي في نهاية المطاف إلى ابتكار علاج لهذا المرض. وأجرت تسوكاموتو أبحاثاً إضافية في نمو الخلايا الجذعية، وشاركت في تسجيل براءات اختراع سبعة اختراعات أخرى. 8: مادة الكيفلار - ستيفاني كفوليك واخترعت الكيميائية، ستيفاني كفوليك، مادة الكيفلار، وهي نسيج خفيف الوزن يستخدم في السُّتَر المقاومة للطلقات النارية. ومنذ نجاحها في تطوير هذه المادة في عام 1965، أنقذ الكيفلار، الذي تبلغ متانته خمسة أضعاف متانة الفولاذ، حياة العديد من البشر، ويستخدمه الملايين يومياً. ويوجد الكيفلار في العديد من المنتجات منها القفازات المنزلية والهواتف المنقولة والطائرات والجسور المعلّقة. 9: لعبة المونوبولي - إليزابيث ماجي رغم أن كثيرين يقولون إن تشارلز دارو هو الذي ابتكر المونوبولي، وهي واحدة من أشهر الألعاب في التاريخ، لكن قوانين اللعبة كانت من بنات أفكار إليزابيث ماجي. أرادت ماجي إظهار مخالب الرأسمالية، وذلك عن طريق لعبة مبتكرة يتبادل فيها اللاعبون الأموال والأملاك. وكانت اللعبة التي سجلتها في عام 1904 تدعى "لعبة أصحاب الأملاك". أما لعبة المونوبولي المعروفة اليوم، فقد أنتجت للمرة الأولى في عام 1935 من قبل الأخوة باركر الذين اكتشفوا أن دارو لم يكن مخترعها الوحيد، بل كان قد اشترى حقوق نشرها من ماجي بـ 500 دولار فقط.