
انعدام اللقاحات يهدد حياة ملايين الأطفال في السودان
وإلى ما سبق من معاناة، يشكل تراجع معدلات تطعيم الأطفال في السودان خطراً يهدد حياة الملايين منهم، إذ انخفضت مستويات التطعيم إلى أدنى مستوياتها منذ 40 عاماً، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، ومنظمة الصحة العالمية، ولم يتلق 880 ألف طفل سوداني، بما يعادل أكثر من نصف الرضع في البلاد، الجرعة الأولى من لقاحات التيتانوس (الكزاز) والسعال الديكي والخناق التي كان مقرر تلقيها في العام الماضي.
تعجز وزارة الصحة عن توفير اللقاحات بحجة إغلاق الطرق وتصاعد المعارك (اندبندنت عربية - حسن حامد)
انعدام اللقاحات
تشكو أفراح طارق التي فرت مع أسرتها من منطقة هبيلا في ولاية جنوب كردفان إلى مدينة الدلنج، من عدم تلقي طفلها الرضيع اللقاح الدوري المقرر له في عمر الأشهر الستة، وعلى رغم التنقل بين مستشفيات ومراكز صحية عدة، لكن رحلتها كانت بلا فائدة نظراً إلى عدم وجود اللقاحات الضرورية. وأوضحت طارق أن "عشرات الأمهات يعانين في سبيل الحصول على جرعات تطعيم للأطفال الرضع من دون جدوى، في وقت تعجز وزارة الصحة عن توفير اللقاحات بحجة إغلاق الطرق وتصاعد المعارك في الإقليم، مما يعرض اليافعين إلى خطر الموت"، ونوهت النازحة السودانية إلى أن "تكدس مئات الأطفال في مراكز الإيواء أدى إلى ظهور مشكلات صحية كثيرة، فضلاً عن تفشي الأوبئة وانعدام الأدوية، كما أن نسبة كبيرة من الأطفال في حاجة إلى إجراء فحوص طبية بصورة دورية وتقديم العلاجات المطلوبة".
أمراض ومخاوف
وقالت عبير نور الدائم التي تقيم في معسكر داخل منطقة طويلة شمال دارفور، "عدم حصول الأطفال على لقاحات السعال الديكي والتيتانوس (الكزاز) في المواعيد الدورية المحددة أسهم في ظهور مضاعفات صحية"، وأوضحت أن "الأطفال يعانون مشكلات صحية عدة خصوصاً ازدياد سرعة التنفس عن المعتاد والغثيان والقيء، وكذلك الإسهالات والحمى الشديدة، والعاملون الصحيون يؤكدون أنها بسبب عدم توافر اللقاحات"، وأشارت، أيضاً، إلى أن "انعدام لقاح شلل الأطفال فاقم الأوضاع في مراكز الإيواء، وتسبب بذعر واسع لدى الأسر وسط مخاوف من إصابة مئات اليافعين بالفيروس، والتعرض لخطر الشلل، خصوصاً في ظل وجود تجمعات وازدحام في معسكرات النزوح".
تحذيرات أممية
وسط هذه الأجواء، حذرت "اليونيسيف" ومنظمة الصحة العالمية، في بيان، من تعرض أطفال السودان لخطر الأمراض المميتة، وأوضح البيان أن "880 ألفاً في الأقل، بما يعادل أكثر من نصف الرضع، لم يتلقوا الجرعة الأولى من لقاحات التيتانوس (الكزاز) والسعال الديكي والخناق، التي كان مقرر تلقيها في العام الماضي"، وشدد البيان على أن السودان يسجل الآن أدنى تغطية بلقاح السعال الديكي في العالم، فضلاً عن انخفاض تغطية اللقاح الثلاثي من 94 في المئة عام 2022 إلى 48 في المئة العام الماضي، ويعد ذلك أدنى تغطية في السودان منذ عام 1987. وأضاف البيان أن "هذا الانخفاض أدى إلى تفشي شلل الأطفال والحصبة وأمراض أخرى يمكن الوقاية منها باللقاحات".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
جهود حكومية
في غضون ذلك، بدأت وزارة الصحة السودانية، بالتضامن مع "اليونيسيف"، العمل المكثف لمجابهة الأزمة، وأوضحت مديرة إدارة صحة الأم والطفل أسمهان الخير خلال ورشة عمل التدريب القياسي على استراتيجية العلاج المتكامل للأطفال أقل من خمس سنوات، أن "استراتيجية العلاج المتكامل للأطفال أقل من عمر خمس سنوات مهمة لأنها تقلل من الأمراض وحالات الوفاة، مع التدخلات الأخرى مثل التحصين والتغذية، وتؤدي إلى التحسين المستمر لخدمات العلاج المتكامل، فضلاً عن تحقيق العدالة في توزيع الخدمات".
ونوه مدير البرنامج القومي لصحة الطفل قصي محمد عثمان إلى أن "الورشة تأتي ضمن مشروع المساعدة الصحية والاستجابة الممول من البنك الدولي عبر اليونيسيف تحسيناً للنظام الصحي، وتستند إلى أحدث توصيات منظمة الصحة العالمية للمعالجة القياسية لأمراض الأطفال أقل من خمس سنوات".
تفشي الحصبة
في إقليم دارفور الذي يشهد تصاعد المعارك وتفاقم الأوضاع الإنسانية، ارتفعت حالات الإصابة بمرض الحصبة إلى مستويات مقلقة نتيجة إصابة آلاف الأطفال وسط ضعف حملات التحصين الروتينية. وطالبت منظمة "أطباء بلا حدود" بضرورة قيام حملات تطعيم شاملة بصورة عاجلة في جميع أنحاء دارفور، منوهة بأن التأخير في الاستجابة قد يؤدي إلى مزيد من الوفيات وانتشار الأمراض المعدية الأخرى. وقالت المنسقة الطبية للمنظمة في وسط دارفور سيسيليا غريكو، إن "فرق أطباء المنظمة عالجت نحو 10 آلاف مصاب بالمرض بينهم 35 حالة وفاة".
من جهته، رأى الطبيب السوداني المتخصص في مكافحة العدوى نعمان الصاوي أن "الحصبة عدوى فيروسية حادة، يمكن أن تنتقل بسهولة من شخص إلى آخر، وقد تكون عواقبها على الأطفال الصغار وخيمة، إذ إنهم أكثر عرضة للإصابة بها نظراً إلى عدم اكتمال نمو جهازهم المناعي، وكذلك عدم تلقيهم اللقاحات الكافية، لكنها قد تشكل خطراً كبيراً أيضاً على البالغين"، وطالب الصاوي بضرورة تنفيذ حملات تطعيم عاجلة في مراكز إيواء النازحين بولايات السودان خصوصاً بعد ظهور عدد من الحالات في مدن ومناطق عدة، لافتاً إلى أن "التحصين باللقاح فعال ويحمي نحو 99 في المئة من الملقحين، ويؤدي ذلك في العادة إلى مناعة مدى الحياة لذلك يجب عدم إهماله"، وأبدى المتخصص في مكافحة العدوى تخوفه "من ظهور حالات الحصبة وشلل الأطفال في ولايات دارفور التي يصعب الوصول إليها في ظل تصاعد وتيرة المعارك لتقديم الخدمات الصحية"، وبين أن "الوضع لا يزال مطمئناً والإصابة لم تنتقل بعد إلى كبار السن، ومحصورة حتى الآن وسط الصغار، والحصبة قد تكون مميتة للكبار لأنها تسبب لهم التهابات في الدماغ والجهاز التنفسي".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 2 أيام
- Independent عربية
فرنسا لا تجد سبيلا لمصادرة موانع حمل تنوي الإدارة الأميركية إتلافها
أعلنت فرنسا أمس الجمعة أنه لا سبيل لها لمصادرة منتجات لمنع الحمل مخزنة في بلجيكا وتعتزم الإدارة الأميركية إتلافها في وقت تتعالى فيه الأصوات المطالبة بمنع تنفيذ هذا القرار. وقالت وزارة الصحة الفرنسية رداً على طلب استفسار من وكالة الصحافة الفرنسية "استعرضنا وسائل العمل الممكن اتخاذها من الجانب الفرنسي، لكن للأسف ما من أسس قانونية تتيح أي تدخل لسلطات صحية أوروبية، ولا سيما الوكالة الوطنية لسلامة الأدوية (في فرنسا) لاستعادة هذه المنتجات الطبية". وأوضحت الوزارة "نظراً إلى أن موانع الحمل ليست أدوية ذات فائدة علاجية حيوية وإلى أننا لا نواجه في واقع الحال ضغوطاً على الإمداد، فلا سبيل لنا لمصادرة المخزونات". وأشارت إلى عدم امتلاكها معلومات عن الموقع المحدد لإتلاف هذه المنتجات، علماً أن بعض وسائل الإعلام أشارت إلى أن العملية ستجري في فرنسا. وفي منتصف يوليو (تموز) الماضي أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي تخفض المساعدات الإنسانية بصورة جذرية وتنتهج نهجاً مناهضاً للإجهاض، عن نيتها إتلاف موانع حمل نسائية، هي بغالبيتها غرسات منع حمل ولوالب رحمية، مودعة في مستودع في بلجيكا. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وكانت هذه المنتجات موجهة خصوصاً لنساء في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بموجب عقود أبرمتها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) في عهد الرئيس السابق جو بايدن. وأوردت وسائل إعلام أن هذه المنتجات التي تقدر قيمتها بنحو 10 ملايين دولار من المرجح أن تحرق "بحلول نهاية يوليو" في فرنسا تحت إشراف شركة متخصصة في إتلاف المخلفات الطبية. وتعذر على وكالة الصحافة الفرنسية التحقق من هذه المعلومات من مصدر رسمي. وكشفت منظمات دولية تعنى بشؤون تنظيم الأسرى عن أنها اقترحت على الإدارة الأميركية أن تشتري منها هذه المنتجات وتعيد تغليفها، لكن من دون جدوى. وأعلنت بلجيكا أنها تواصلت مع الجانب الأميركي، وهي تنظر في "كل السبل المحتملة لتفاد إتلاف المنتجات".


Independent عربية
منذ 2 أيام
- Independent عربية
الأوبئة تفتك بسكان معسكرات النزوح في دارفور
يعيش سكان معسكرات النزوح في ولايات دارفور الذين فروا من جحيم القتال، ومعظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، أوضاعاً إنسانية صعبة، ليس أقلها عدم توفر الغذاء الكافي ومياه الشرب والرعاية الصحية، إذ يقاسون معاناتهم منفردين بصمت في فصل الخريف وأهواله وسط ظروف قاسية. وجراء هذه الأوضاع يخيم شبح المجاعة على مخيمات النازحين بسبب نفاد السلع الغذائية وارتفاع أسعار المتوافرة منها في المحال التجارية إلى أرقام جنونية، في وقت يتسارع فيه تفشي وباء الكوليرا في معظم المعسكرات، أبرزها طويلة التي تؤوي أكثر من مليون نازح، ويتوزع نحو 900 ألف آخرين على مخيمات كلمة وعطاش والسلام. حذرت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين من أن الوضع الإنساني في دارفور بلغ مرحلة الانهيار الكامل (اندبندنت عربية - حسن حامد) أوضاع مزرية في السياق قال المواطن السوداني التهامي نعمان الذي يقيم في معسكر منطقة طويلة إن "النازحين يعيشون أوضاعاً إنسانية مزرية نتيجة تدهور الأحوال المعيشية بصورة تضعهم في مواجهة الموت البطيء، بخاصة كبار السن والعجزة إلى جانب الفئات الضعيفة من الأطفال والنساء". وأضاف أن "انعدام الرعاية الصحية أسهم في انتشار الأمراض والأوبئة، خصوصاً الكوليرا التي تنتشر بصورة متسارعة في منطقة طويلة المكتظة بالنازحين الذين يفوق عددهم مليون شخص، إذ تتزايد أعداد المصابين بصورة مخيفة ومقلقة كل يوم". وتابع نعمان "في تقديري أن السبب الأساس في الإصابة بوباء الكوليرا هو تلوث المياه وانعدام الصرف الصحي، في وقت تفشل فيه الكوادر الطبية في السيطرة على الوباء بسبب توقف المراكز الصحية وانعدام الأدوية والمحاليل الوريدية". جوع ومرض واعتبر خميس رحمة الله أحد الموجودين في مخيم عطاش أن "كثيرين من النازحين غير قادرين على توفير الحد الأدنى من الغذاء، والوضع في المنطقة فاق حدود الاحتمال، وللأسف كل يوم يمر علينا نصبح أكثر إحباطاً لسوء أحوالنا المعيشية، فكل ما نملكه قمنا بصرفه، وبات شبح الجوع يحاصرنا، وكذلك وباء الكوليرا الذي يحصد الأرواح بصورة يومية، ونحن لا نستطيع تقديم أي خدمة للمصابين، وهو أمر يدعو إلى الحسرة والألم". وأشار إلى أن "الواقع في معسكرات إقليم دارفور أصبح مقلقاً ويبث الرعب والذعر وسط النازحين، خصوصاً في ظل تزايد أعداد حالات الوفاة بالجوع والمرض، وكثر منهم يشعرون بالعجز لعدم قدرتهم على توفير الطعام للأطفال وكبار السن". ونوه رحمة الله بأن "الوضع الصحي في مخيمات النزوح كارثي ومأسوي، إذ توقفت غالبية المراكز الصحية عن العمل، إضافة إلى النقص في المعينات الطبية والأدوية، وكذلك لا تتوافر وسيلة لإنقاذ حياة المرضى بسبب انعدام الوقود ووسائل النقل". "تلوث المياه وانعدام الصرف الصحي تسببا في تفشي وباء الكوليرا في معظم معسكرات النازحين" (اندبندنت عربية - حسن حامد) مرحلة الانهيار الكامل وسط هذه الأجواء حذرت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين من أن الوضع الإنساني في دارفور بلغ مرحلة الانهيار الكامل، وأن أي يوم يمر يزهق فيه مزيد من الأرواح. وكشف المتحدث الرسمي باسم المنسقية آدم رجال عن أن معدل التفشي اليومي لوباء الكوليرا في منطقة طويلة، وحدها، يراوح ما بين 100 إلى 200 حالة، إذ وصل العدد التراكمي من الإصابات إلى 2145 حالة مع 40 حالة وفاة، و207 حالات في مراكز العزل، بينما سجلت منطقة قولو في جبل مرة 23 إصابة وسبع وفيات. وطالب بيان للمنسقية الأطراف المتحاربة بالوقف الفوري لإطلاق النار وفتح ممرات إنسانية فورية، مناشداً المجتمع الدولي إسقاطاً جوياً عاجلاً للمساعدات قبل أن تتحول المجاعة إلى إبادة جماعية صامتة. وأوضح الناشط في مجال العمل الطوعي الإنساني بمخيم كلمة مجاهد حسين أن "حالات سوء التغذية بلغت في معسكر واحد فحسب، نحو 700 حالة، بينما وصل عدد حالات سوء التغذية الحاد إلى أكثر من 200 حالة، معظمها من الفئات الضعيفة كالأطفال والمرضعات والحوامل". وأضاف "توفي 13 طفلاً بمعسكر لقاوة للنازحين في شرق دارفور بسبب سوء التغذية، وعجز أسرهم عن نقلهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج"، ونوه حسين بأن "المراكز الطبية القليلة التي لا تزال تعمل تعاني محدودية القدرة على الاستجابة لحالات الكوليرا المتزايدة، إذ تستقبل نحو 100 حال يومياً، في ظل نقص الكوادر الطبية والأسرة، إضافة إلى ندرة المحاليل الوريدية والمستلزمات الأخرى". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) انعدام الرعاية على نحو متصل أشار الطبيب المتطوع في معسكر السلام أشرف المكي إلى أن "معسكرات النزوح تتفشى في أوساطها أمراض الكوليرا وسوء التغذية التي تؤدي إلى فقدان المناعة، كذلك فإن توقف عمل المنظمات العاملة ومغادرتها أسهم في غياب الدعم وعدم وجود مساعدات إنسانية، وبدأ الجوع يفتك بالأطفال وكبار السن بصورة مرعبة، ما يدعو إلى الأسى والحزن، ومرضى الكوليرا يموتون بأعداد متزايدة في ظل غياب تام للرعاية الصحية وعدم توافر الأدوية والمحاليل الوريدية". ولفت إلى أن "تلوث المياه وانعدام الصرف الصحي تسببا في تفشي وباء الكوليرا في معظم معسكرات النازحين، ونتيجة لانعدام الأدوية حدثت مئات حالات الوفيات خلال فترة وجيزة، مما أثار المخاوف وسط سكان المخيمات". ودعا الطبيب المتطوع طرفي الحرب "إلى التعاطي مع حقيقة أن عشرات الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن يواجهون خطر الموت بالجوع والمرض، ما لم تتم إجراءات عاجلة لتدارك هذا الوضع غير الأخلاقي، لإنقاذ النازحين في معسكرات إقليم دارفور". تحذيرات جديدة إلى ذلك حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالسودان (أوتشا) من التدهور المتسارع للوضع الصحي في شمال دارفور في ظل تزايد حالات الإصابة بالكوليرا والحصبة والملاريا في مناطق طويلة والفاشر وكبكابية. وذكر المكتب أن شركاء الأمم المتحدة على الأرض يكافحون من أجل تلبية الحاجات المتزايدة في منطقة طويلة، محذراً من ازدياد التحديات مع حلول موسم الأمطار. وأشار "أوتشا" إلى أن الشركاء المحليين والدوليين أقاموا مراكز لعلاج الكوليرا، لكن الإمكانات الحالية بعيدة كل البعد من أن تكون كافية للتعامل مع تزايد عدد الحالات، في ظل الحاجة الفورية لموارد إضافية تشمل مزيداً من مراكز العلاج، والمرافق الصحية المتنقلة، وكذلك سيارات الإسعاف وأدوات إدارة النفايات.


Independent عربية
منذ 4 أيام
- Independent عربية
الاضطرابات الجوية تضاعف الخوف من الطائرات
الموت نتيجة للاضطرابات الجوية التي تمر بها الطائرات أمر نادر للغاية، إذ لا توجد سجلات رسمية ولكن بعض المصادر تفيد بأن أربع وفيات فقط وقعت نتيجة لهذا الأمر منذ عام 1981، أما الإصابات فحدث ولا حرج كما يقال. في أميركا وحدها سجلت 207 إصابات خطرة منذ عام 2009، وفقاً لأرقام المجلس الوطني لسلامة النقل، من بينهم 166 من أفراد طاقم الطائرة الذين كانوا يؤدون مهماتهم ولا يجلسون في مقاعدهم ليتحصنوا بأحزمة الأمان. ووفق تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية، يحذر الخبراء من أن تغيرات المناخ تجعل السفر الجوي أكثر صعوبة، فمن الممكن أن يزيد ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الرياح في الغلاف الجوي العلوي من وتيرة الاضطرابات التي تواجه الطائرات وشدتها. ويتوقع عالم الغلاف الجوي في جامعة "ريدينغ" بول ويليامز ازدياد عدد الاضطرابات الجوية الشديدة حول العالم خلال العقود المقبلة إلى الضعف أو ثلاثة أضعاف، كما يقول إن مقابل كل 10 دقائق من الاضطرابات تحدث اليوم قد تزيد المدة إلى 20 أو 30 دقيقة. ومن الناحية العملية كلما ازدادت شدة الاضطرابات الجوية أصبحت أكثر خطورة وضرراً على الركاب والطائرات، وتشير الأرقام إلى أن تأثيرها يطاول نحو 5 آلاف رحلة حول العالم سنوياً من أصل 35 مليوناً. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتعتبر الاضطرابات الجوية شديدة عندما تبلغ قوتها 1.5 "جي فورس"، وهي وحدة قياس قوة الحركة التي تتسبب فيها تيارات الهواء لجسد الطائرة، وهذه الدرجة كافية لترفع الشخص من مكانه إذا كان لا يضع حزام الأمان. ووفق تقرير السلامة لمنظمة "الطيران المدني الدولي" لعام 2023، فإن 40 في المئة من الإصابات الخطرة التي طاولت المسافرين كانت بسبب الاضطرابات الجوية. وتعد الطريق بين بريطانيا وأميركا وكندا والبحر الكاريبي من المناطق المعروفة باضطراباتها الجوية، وعلى مدى الـ40 عاماً الماضية، أي منذ بدأت الأقمار الاصطناعية برصد الغلاف الجوي، ازدادت تلك الاضطرابات بنسبة 55 في المئة فوق شمال الأطلسي، ولكن دراسة حديثة تتوقع أن يرتفع تواترها في مناطق أخرى مثل شرق آسيا وشمال أفريقيا وشمال المحيط الهادئ وأميركا الشمالية والشرق الأوسط. ثمة ثلاثة أسباب رئيسة للاضطرابات الجوية، أولها الغيوم والعواصف الرعدية، ثم الفتحات الجبلية الهوائية وأخيراً تغير اتجاه الرياح وسرعتها في الأجواء الصافية الذي يسبب الاضطراب الأقوى لأنه غير متوقع ولا يمكن رؤيته. ويعد تغير المناخ عاملاً رئيساً في زيادة الاضطرابات الجوية الناتجة من الغيوم والعواصف وتغير سرعة الرياح، فمثلاً يحمل الغلاف الجوي الأكثر دفئاً رطوبة زائدة تتّحد مع الحرارة لتسببا عواصف رعدية أكثر شدة. وبصورة عامة يسبب تبدل حرارة الغلاف الجوي، تيارات هوائية عنيفة صاعدة وهابطة، أشدها ينتج مما يسمى "السحب الركامية" أو سحب العواصف الرعدية التي ضربت رحلة أندرو ديفيز عام 2024 فوق جنوب ميانمار، حيث تعرضت الطائرة لـ 19 ثانية من الاضطراب الشديد وانخفاض 178 قدماً في خمس ثوان. وتفيد دراسة أميركية نشرت قبل أكثر من عقد بأن ارتفاع الحرارة عالمياً بمقدار درجة مئوية واحدة يؤدي إلى زيادة ضربات البرق بنسبة 12 في المئة، وبحسب تقارير مختصة ازدادت خلال الأعوام الماضية العواصف الكبيرة التي يصل قطرها إلى أكثر من 80 ميلاً، وهو أمر يفترض أنه نادر الحدوث. ووفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة "يوغوف"، يخشى أكثر من خُمس البالغين في المملكة المتحدة الطيران، وقد يؤدي تفاقم شدة الاضطرابات الجوية وتواتر حدوثها إلى جعل الرحلات كابوساً أكبر لهؤلاء الأشخاص. أجنحة الطائرات تتمتع بمرونة للتعامل مع الاضطرابات الجوية (غيتي) ومن ناحية التصميم، تنطوي أجنحة الطائرات المدنية على مرونة كبيرة، حتى إن بعض الأنواع يمكن أن ينحني جناحها بزاوية 25 درجة قبل أن ينكسر، ولم يحدث ذلك بفعل الاضطرابات الهوائية حتى الآن ولكن لا توجد ضمانات بألا يقع مستقبلاً. وثمة محاولات قائمة من أجل الوصول إلى تصاميم جديدة لأجنحة الطائرات، مفصلية الطابع إن صح القول، يمكن أن تكون أكثر قدرة على امتصاص الضربات الجوية، ولكن لا تزال كل التجارب قيد الاختبار ويمكن ألا تصلح سوى للطائرات الصغيرة. والضرر الذي تلحقه الاضطرابات الجوية بالركاب يتحمله قطاع التأمين أو المؤسسات الصحية بصورة أو بأخرى، لكن شركات الطيران تتكبد خسائر تتمثل في كلفة إصلاح الطائرات بعد تعرضها للاضطرابات تراوح قيمتها ما بين مئات آلاف الدولارات ومليوني دولار سنوياً. أما تجنب الطرق الأكثر عرضة للاضطرابات الجوية، فيعني إطالة مدة رحلات الطيران وازدحام الممرات الآمنة إن جاز التعبير، كما أن إطالة وقت الطيران تعني زيادة الانبعاثات الكربونية المؤثرة في التغير المناخي، وتعني أيضاً زيادة كلفة السفر وتراجع جاذبيته بالنسبة إلى كثرٍ، بخاصة لغرض السياحة، مما يقود إلى انخفاض شركات القطاع. وفي سياق احتواء خطر الاضطرابات الجوية يقوم التطور التقني بدور في توقعها والتنبؤ بها بنسبة كبيرة باتت تصل إلى 70 في المئة اليوم مقابل 60 في المئة قبل 20 عاماً، وفق عالم الغلاف الجوي آدامز، وعند توقع الاضطرابات يمكن لقائد الطائرة تجنبها أو محاولة التخفيف من وطأتها أو في الأقل إبلاغ الركاب والمضيفين لأخذ الحيطة. ومن الناحية التقنية أيضاً يدرس معهد كاليفورنيا للتقنية استخدام الذكاء الاصطناعي في مواجهة الاضطرابات الجوية، فيبحث العلماء في حلول مبتكرة لتوجيه جسد الطائرة والأجنحة للتعامل مع تلك الاضطرابات، ولكن هذا الهدف لن يكون قريب التحقق وفق تقديراتهم.