logo
زوبعة مُدمِّرة

زوبعة مُدمِّرة

إيلي عربيةمنذ 4 أيام
إحتَرتُ في أمري، فماذا كان عليّ أن أفعَل بالذي رأيتُه في تلك الليلة؟ هل أتكلّم أم أسكُت؟ لو لَم يكن الأمر مُتعلِّقًا بأختي، لكنتُ تغاضَيتُ عن الموضوع أو قلتُ لنفسي أنّ لا علاقة لي بحياة الآخَرين.
فالواقع أنّني رأيتُ زوج أختي بصحبة امرأة أخرى، وكان مِن الواضِح أنّهما مُتحابّان أو على الأقلّ في علاقة حميمة. فصهري جمال كان يُعانَقَها بحنان قَبل أن يتبادَل معها القبلات الحارّة. رأيتُه وتلك المرأة حين كنتُ متوقّفًا عند الاشارة الحمراء، فهو أتى بسيّارته وتوقّفَ تمامًا إلى جانبي وقرَّرَ أنّ لدَيه بضع ثوانٍ ليُعبّر لرفيقته عن ولَعه بها. لستُ أدري إن هو رآني وأنا أُحدِّقُ به مذهولًا، فالإشارة تحوّلَت بسرعة إلى اللون الأخضر وهو انطلَقَ بسرعة. أمّا بالنسبة لي، فركَنتُ سيّارتي إلى جانب الطريق لأستوَعِب أكثر ما حصَل، وما عليّ فعله في ما يخصّ ما إكتشَفتُه. لن أكذِبَ عليكم، فلَم أشعُر بالأسَف على جمال، لأنّني لَم أكن أحبُّه وحصَلَ مرارًا أن وقَعَ جدال بيننا لأسباب تافِهة، والكلّ كان يعلَم أنّنا لسنا على وفاق. فهو مِن هؤلاء الذين يحسبون أنفسهم فوق كلّ اعتبار أو قانون أكان مدنيًّا أو إنسانيًّا، بينما هم فقط أناس جاهلون ومُتشاوِفون. صحيح أنّ كان له مركزًا مرموقًا وسط مُجتمعنا، لكنّ الفضل كان يعود لعائلتنا، وخاصّة أختي التي عرّفَته بعد زواجهما على أزواج صديقاتها. بعد ذلك، هو بنى شبكة معارِف قويّة وانطلَقَ بنفسه ليؤسِّس شركة استشاريّة مدَّت جذورها إلى ما بعد الحدود.
مسكينة أختي... فهي تظّنه أفضل الرجال بفضل كلامه المعسول وهداياه لها مِن دون مُناسبة، وتتغنّى بخصاله أمام الجميع حامِدةً ربّها لأنّه أرسلَه لها، وأعطَته ولدَين جميلَين انشغلَت بهما كأيّ أمّ صالِحة. والآن كان عليّ إفساد سعادتها عليها... أو السكوت ضارِبًا عرض الحائط بمفاهيم الأخوّة. يا ربّي، ماذا أفعَل؟!؟
حاوَلتُ مرّات عديدة إخبار أختي بالأمر، لكنّني في كلّ مرّة تراجَعتُ بعد أن رأيتُ كَم هي سعيدة. هل كان مِن الأفضل لها أن تعيش بعيدة عن الحقيقة؟ هل لا بدّ للمرء أن يعرِف الحقيقة؟ ربّما لا.
لكن كان عليّ أن أتصرَّف، ففي آخِر المطاف كنتُ الأخ الأكبَر، ولطالما لعِبتُ دور الحامي لأختي الوحيدة، خاصّة بعدما ماتَ والدُنا. لِذا، قرَّرتُ مواجهة جمال وحثّه على قطع علاقته بتلك المرأة. إلّا أنّني لَم أتوقَّع ردّة فعله. فهو قالَ لي بعد أن ظلّ يبتسمُ طوال حديثي:
ـ وماذا تنوي فعله إن لَم أقطَع تلك العلاقة؟ إخبار أختكَ وتدمير حياتها وحياة ولدَينا؟ أيّ أخ أنتَ؟
ـ وأيّ زوج أنتَ؟!؟
ـ زواجي لا يعنيكَ، فهذا موضوع خاصّ.
ـ ليس إن علِمتُ أنّ صهري يخون أختي!
ـ لستُ أفعل شيئًا مُعيبًا، فالكثير مِن الأزواج لدَيهم عشيقات، صدِّقني؟
ـ لا، فأنا وفيّ لزوجتي!
ـ لأنّكَ جبان!
ـ بل لأنّني رجُل مُحترَم! لقد كرّستُ حياتي لامرأة واحِدة حتّى مماتي!
ـ جبان... أليست لكَ أحلام دفينة مِن نوع خاصّ؟ أشياء تُريدُ أن تفعلها لكن ليس مع زوجتكَ؟
ـ لا، لأنّني أفعل ما أحلمُ به مع زوجتي الحبيبة، فما بيننا مبنيّ على التفاهم والصراحة.
ـ قد تكون رجُلًا محظوظًا يا صاحبي!
ـ هاهاها! أنتَ مُضحِك للغاية... الآن دَعني وشأني واهتمّ بشؤونكَ الخاصّة.
عدتُ حزينًا ومُحتارًا، وسألَتني زوجتي ما أصابَني لكنّني لَم أفصِح لها عن السبب، بل تحجَّجتُ بمشاكل في العمَل، فآخِر شيء أردتُه هو أن تعرِفَ أختي الحقيقة مِن غيري.
لكنّ جمال كان قد خافَ حقًّا مِن أن أفضَحَ أمره، فاستبَقَ الأمر واتّصَلَ بزوجتي ليقولَ لها إنّني الخائن وهو رآني مع امرأة أخرى. كيف لي أن أصِف ردّة فعل زوجتي بعد معرفتها بالأمر؟ فهي باتَت كالمجنونة تصرخ تارةً وتبكي تارةً أخرى، بالرغم مِن مُحاولاتي لإفهامها بأنّ صهري هو الذي كان في السيّارة مع عشيقته وليس أنا، لكنّها لَم تُصدِّقني، بل اتّهمَتني بالكذِب لأنّني ألقي التهمة على رجُل لطالما كرهتُه.
ثمّ ضرَبَ صهري ضربته القاضية، حين طلَبَ مِن عشيقته أن تتّصِل بزوجتي لتؤكِّد لها أنّها على علاقة بي وأنّنا مُتحابّان. عندها، أخَذت زوجتي أولادنا وراحَت تمكثُ عند أهلها بانتظار أن ترفَع دعوى طلاق ضدّي. خابَرَتني أختي لتُعاتبَني بشدّة، ودافَعتُ عن نفسي طبعًا لكنّني لَم أتّهم جمال، فلَم يكن لدَيّ أيّ دليل.
غرقتُ في الحزن والكآبة، فحياتي الزوجيّة دُمِّرَت بدقائق! صرتُ معزولًا إذ أنّ أهل زوجتي، وأهلي، ومعارفي، أداروا لي ظهرهم بينما أثنوا على وفاء جمال لأختي، وأخذوه مثالًا للأزواج الأوفياء! أجل، قرأتم جيّدًا! ثمّ حصلَت زوجتي على الطلاق وأعطَيتُها كلّ ما أرادَتُه منّي، لكنّني تمسَّكتُ بالحضانة المُشتركة فحصلتُ عليها، فلَن أقبَل بأن أخسَرَ ولدَيّ بسبب سافِل كجمال!
مرَّت حوالي السنة على هذا النحو، وبدأتُ أعتاد على العَيش لوحدي مع أنّ قلبي كان ثقيلًا للغاية بسبب تفكّك عائلتي، إلى حين اتّصلَت أختي بي وطلبَت أن تزورَني في بيتي. تفاجأتُ بطلَبها إذ أنّها لَم تُكلِّمني منذ أن بثَّ زوجها ذلك الخبَر المشين عنّي، لكنّني قبِلتُ أن أستقبِلَها. وهذا ما قالَته لي:
ـ جئتُ أطلبُ المُسامحة منكَ يا أخي... أرجوكَ أن تغفِرَ لي!
ـ كنتُ على عِلم بخيانة زوجي لي.
ـ أجل، وأعرفُ تمامًا مَن هي تلك المرأة ومتى وأين هما يلتقيان، فكما تعلَم لدَيّ أصدقاء كثيرون، ولدَيهم آذان وأعيُن في كلّ مكان.
ـ ولماذا بقيتِ صامتة؟!؟ كيف تفرَّجتِ على زواجي وهو يتدمَّر ومِن دون أن تتفوّهي بكلمة؟
ـ خفتُ أن أتكلّم وأواجِه الحقيقة علَنًا... فلقد تقبَّلتُ خيانات جمال لي وصِرتُ أتعايَش مع الأمر لأنّني اعتَدتُ على العَيش معه. فالواقِع أنّه بدأ يُعامِلني بطريقة أفضل مذ ما صارَ يخونُني، ربّما ليُعوّضَ لي على تصرّفاته، وكذِبتُ على نفسي لسنوات لدرجة أنّني صدّقتُ كذبتي. وأتَت تلك القصّة التي أخافَتني، فهل أُساعِد أخي وأخسَر كلّ شيء، أو أصمُت وأُتابَع حياتي كما هي؟
ـ فصمَتِّ.
ـ أجل.
ـ لأنّكَ أخي ولَم أعُد قادِرة على العَيش عالِمةً أنّ صمتي دمَّرَ زواجكَ وسمعتكَ.
قدّمَت أختي كلّ الدلائل التي بِحوزتها لزوجتي السابِقة، فاقتنعَت هذه الأخيرة ببراءتي، إلّا أنّنا لَم نرجَع لبعضنا، فأنا لَم أقبَل لأنّني تألّمتُ كثيرًا مِمّا فعلَته لي زوجتي وطريقة تركها لي مِن دون أن تستمِع لِما لدَيّ مِن أقوال، وكأنّني رجُل غريب عنها. قد أبدِّل رأيي في المستقبل، لستُ أدري.
لكنّ القصّة لَم تنتهِ هنا، بل علِمتُ أنّ أختي العزيزة لَم تكشِف عن الحقيقة مِن أجلي أنا، بل لأنّها أرادَت إدانَة زوجها لتتركه... وتتزوّج مِن عشيقها! ماذا؟!؟ كان لدَيها عشيق هي الأخرى؟!؟ إتّضَحَ أنّ كَيل أختي طفَحَ مِن خيانات زوجها لها، فقرَّرَت أن تخونَه أيضًا، ووقعَت في الغرام، لكنّها لَم تشأ أن تترك جمال مِن دون أن تحصل على شيء، فقرّرَت أن تفضَحه وتُقيم ضدّه دعوى زنى. لكنّ صهري بالفعل أقوى وأذكى منها، فهو الآخَر كان على عِلم بما تفعله سرًّا، ففضَحَها وطلَّقَها بسرعة، وهي الآن تعيشُ مع عشيقها مِن دون أولادها الاثنَين.
لَم أتوّقَع أبدًا أن تكون أختي هكذا، فعهدتُها امرأة خلوقة ومُستقيمة، لكن ما فعلَه بها زوجها أنساها قيَمها، فانقادَت لرغباتها ليس فقط الجسديّة، بل خاصّة العاطفيّة، بعد أن شعرَت بالحاجة إلى الحنان والحبّ الحقيقيَّين.
لَم أتصوّر أبدًا أنّ رؤيتي لصهري مع عشيقته في تلك الليلة، ستجُرّ معها زوبعة دمار وتكشِف النيّات والقلوب بهذه الطريقة. لكنّني أحمدُ ربّي أنّني الوحيد الذي بقيَ وفيًّا لمُعتقداته ومبادئه وطبيعة علاقته بالناس والأمور!
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أول تعليق من البلوغر "أم خالد" بعد أنباء القبض عليها
أول تعليق من البلوغر "أم خالد" بعد أنباء القبض عليها

رائج

timeمنذ 11 ساعات

  • رائج

أول تعليق من البلوغر "أم خالد" بعد أنباء القبض عليها

شهدت الساعات الماضية تداولًا واسعًا لأخبار تزعم القبض على البلوجر الشهيرة "أم خالد"، في ما أثار ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي. وردت البلوغر "أم خالد" على هذه الشائعات التي تداولت على منصات التواصل الاجتماعي مساء أمس الأربعاء، موضحة أنها متواجدة مع أسرتها وبخير. في منشور عبر حسابها الشخصي على فيسبوك، أكدت أم خالد: "أنا وسط ولادي وبخير"، رداً على ما أثير من أنباء عن توقيفها. كما وجّهت رسالة لاذعة إلى الشامتين، عبر إنستجرام، قالت فيها: "الشماتة أرخص بطولة، مش كل توقيف فضيحة ولا كل تهمة حقيقة... واللي بيشمت اليوم بينكشف بكره. الشماتة أرخص بطولة والحق ما بيضيع... بس بينتظر اللحظة ويقلب الطاولة على الكل". تصريحات الجهات الأمنية من ناحية أخرى، صفّت مصادر أمنية مطلعة في الإسكندرية هذه الرواية عن توقيفها، مؤكدين رسميًا أنه لم يصدر أي أمر أو قرار قضائي بتوقيفها حتى الآن وقد أشار المصدر نفسه إلى أن "أم خالد"، من سكان منطقة الدخيلة بالإسكندرية، لكنها متواجدة حاليًّا في إجازة خارج المحافظة، بإحدى قرى الساحل الشمالي يرجع سبب هذا الجدل إلى بلاغ تقدم به أحد المحامين إلى النيابة العامة، يتهم فيه "أم خالد" بـ"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي" و"التعدي على القيم الأسرية"، ما أدى إلى تدفق تلك الأنباء المغلوطة حول توقيفها اقرأ أيضًا.. القبض على البلوغر المصري خالد الرسام بتهمة نشر الفسق والفجور تأتي هذه التطورات في إطار حملات أوسع تشمل عدة مؤثّرين رقميين آخرين، أبرزهم "سوزي الأردنية"، التي تواجه تهمًا خطيرة مثل غسيل أموال بملايين الجنيهات، وكذلك "شاكر محظور" وغيرهم، في ضوء إجراءات رقابية متصاعدة على المحتوى الرقمي في مصر

قرارات جديدة بضبط وإحضار 11 من مشاهير "تيك توك" في مصر
قرارات جديدة بضبط وإحضار 11 من مشاهير "تيك توك" في مصر

رائج

timeمنذ 4 أيام

  • رائج

قرارات جديدة بضبط وإحضار 11 من مشاهير "تيك توك" في مصر

أفادت مصادر أمنية مطلعة بأن جهات التحقيق المصرية أصدرت قرارات جديدة بضبط وإحضار 11 من صُنّاع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية نشر مقاطع تحتوي على ألفاظ خادشة ومواد تُعد خروجًا على القيم المجتمعية. وتأتي هذه القرارات استكمالًا لإجراءات أمنية شهدت في الساعات الماضية توقيف 9 من صُنّاع المحتوى، بينهم شخصيات معروفة على منصات التواصل. وبحسب المصادر، فإن قائمة الموقوفين حتى الآن تضم كلًا من: محمد عبدالعاطي، وأم سجدة، وأم مكة، وعلياء قمرون، وسوزي الأردنية، وشاكر، فيما تستكمل النيابة العامة تحقيقاتها معهم بناءً على بلاغات قدمها مواطنون ومحامون، تتهمهم بنشر محتوى "يحرّض على الفسق، ويروج لانحرافات سلوكية، ويخلّ بالآداب العامة". اقرأ أيضاً: بسبب محتوى خادش وتربح غير مشروع.. القبض على البلوغر المصري محمد عبدالعاطي وأكدت المصادر أن الساعات المقبلة قد تشهد حملات أمنية جديدة لضبط باقي المتهمين الصادرة بحقهم قرارات النيابة، مشيرةً إلى أن الجهات المختصة تواصل فحص عدد كبير من الفيديوهات المنشورة عبر منصات مثل "فيسبوك"، و"تيك توك"، و"إنستغرام"، وذلك لتحديد توقيتات النشر وتبيان المسؤوليات الجنائية المحتملة. وتندرج هذه التحركات، وفق بيان سابق لوزارة الداخلية، ضمن خطة "ضبط الفضاء الرقمي"، في ظل تصاعد الشكاوى من أسر ومؤسسات مجتمعية حول ما وصفوه بـ"ظواهر سلبية تهدد القيم الأخلاقية والثقافية في مصر". وأسفرت الحملة الموسعة التي أطلقتها وزارة الداخلية بالتعاون مع النيابة العامة ضد "صناع المحتوى الهابط"، على خلفية اتهامات فيديوهات غير لائقة وتحرض على الفسق، عن ضبط العديد من "البلوغرات" خلال الساعات الماضية. صناع محتوى خلف القضبان في مصر من بين أبرز الأسماء التي شملتها الحملة، سوزي الأردنية، البالغة من العمر 18 عامًا، التي أثارت الجدل بفيديو جمعها بوالدها قبل أن تواجه اتهامات بنشر محتوى خادش وازدراء الأديان. ولم يكن محمد خالد، المعروف باسم "مداهم"، بمنأى عن هذه الملاحقات، إذ ألقي القبض عليه بعد ضبط مبالغ مالية كبيرة بحوزته، إلى جانب مواد مخدرة، وسط اتهامات بتوظيف محتوى مثير للربح السريع. في ذات السياق، واجهت البلوغر علياء قمرون، المعروفة باسم "علياء مناديل"، بلاغات بسبب مقاطع تحتوي على ألفاظ خادشة، بينما خضعت البلوغر "أم سجدة" للتحقيق بعد انتشار مقاطع تظهرها في أوضاع اعتُبرت مخالفة للذوق العام. كما طالت الحملة "أم مكة" وزوجها بعد انتشار مقاطع لهما عن الفسيخ والرنجة، أثارت تساؤلات حول مصدر ثرائهما المفاجئ. ولم ينجُ البلوغر "شاكر" من هذه الاتهامات، إذ أقر أثناء التحقيق بحيازة سلاح ناري غير مرخص ومخدرات، علاوة على استخدام المحتوى الرقمي لتحقيق مكاسب مالية مشبوهة. اقرأ أيضاً: القضاء الإداري ينظر حجب "تيك توك" نهائيا في مصر.. جلسة مرتقبة لحسم مصير المنصة

زوبعة مُدمِّرة
زوبعة مُدمِّرة

إيلي عربية

timeمنذ 4 أيام

  • إيلي عربية

زوبعة مُدمِّرة

إحتَرتُ في أمري، فماذا كان عليّ أن أفعَل بالذي رأيتُه في تلك الليلة؟ هل أتكلّم أم أسكُت؟ لو لَم يكن الأمر مُتعلِّقًا بأختي، لكنتُ تغاضَيتُ عن الموضوع أو قلتُ لنفسي أنّ لا علاقة لي بحياة الآخَرين. فالواقع أنّني رأيتُ زوج أختي بصحبة امرأة أخرى، وكان مِن الواضِح أنّهما مُتحابّان أو على الأقلّ في علاقة حميمة. فصهري جمال كان يُعانَقَها بحنان قَبل أن يتبادَل معها القبلات الحارّة. رأيتُه وتلك المرأة حين كنتُ متوقّفًا عند الاشارة الحمراء، فهو أتى بسيّارته وتوقّفَ تمامًا إلى جانبي وقرَّرَ أنّ لدَيه بضع ثوانٍ ليُعبّر لرفيقته عن ولَعه بها. لستُ أدري إن هو رآني وأنا أُحدِّقُ به مذهولًا، فالإشارة تحوّلَت بسرعة إلى اللون الأخضر وهو انطلَقَ بسرعة. أمّا بالنسبة لي، فركَنتُ سيّارتي إلى جانب الطريق لأستوَعِب أكثر ما حصَل، وما عليّ فعله في ما يخصّ ما إكتشَفتُه. لن أكذِبَ عليكم، فلَم أشعُر بالأسَف على جمال، لأنّني لَم أكن أحبُّه وحصَلَ مرارًا أن وقَعَ جدال بيننا لأسباب تافِهة، والكلّ كان يعلَم أنّنا لسنا على وفاق. فهو مِن هؤلاء الذين يحسبون أنفسهم فوق كلّ اعتبار أو قانون أكان مدنيًّا أو إنسانيًّا، بينما هم فقط أناس جاهلون ومُتشاوِفون. صحيح أنّ كان له مركزًا مرموقًا وسط مُجتمعنا، لكنّ الفضل كان يعود لعائلتنا، وخاصّة أختي التي عرّفَته بعد زواجهما على أزواج صديقاتها. بعد ذلك، هو بنى شبكة معارِف قويّة وانطلَقَ بنفسه ليؤسِّس شركة استشاريّة مدَّت جذورها إلى ما بعد الحدود. مسكينة أختي... فهي تظّنه أفضل الرجال بفضل كلامه المعسول وهداياه لها مِن دون مُناسبة، وتتغنّى بخصاله أمام الجميع حامِدةً ربّها لأنّه أرسلَه لها، وأعطَته ولدَين جميلَين انشغلَت بهما كأيّ أمّ صالِحة. والآن كان عليّ إفساد سعادتها عليها... أو السكوت ضارِبًا عرض الحائط بمفاهيم الأخوّة. يا ربّي، ماذا أفعَل؟!؟ حاوَلتُ مرّات عديدة إخبار أختي بالأمر، لكنّني في كلّ مرّة تراجَعتُ بعد أن رأيتُ كَم هي سعيدة. هل كان مِن الأفضل لها أن تعيش بعيدة عن الحقيقة؟ هل لا بدّ للمرء أن يعرِف الحقيقة؟ ربّما لا. لكن كان عليّ أن أتصرَّف، ففي آخِر المطاف كنتُ الأخ الأكبَر، ولطالما لعِبتُ دور الحامي لأختي الوحيدة، خاصّة بعدما ماتَ والدُنا. لِذا، قرَّرتُ مواجهة جمال وحثّه على قطع علاقته بتلك المرأة. إلّا أنّني لَم أتوقَّع ردّة فعله. فهو قالَ لي بعد أن ظلّ يبتسمُ طوال حديثي: ـ وماذا تنوي فعله إن لَم أقطَع تلك العلاقة؟ إخبار أختكَ وتدمير حياتها وحياة ولدَينا؟ أيّ أخ أنتَ؟ ـ وأيّ زوج أنتَ؟!؟ ـ زواجي لا يعنيكَ، فهذا موضوع خاصّ. ـ ليس إن علِمتُ أنّ صهري يخون أختي! ـ لستُ أفعل شيئًا مُعيبًا، فالكثير مِن الأزواج لدَيهم عشيقات، صدِّقني؟ ـ لا، فأنا وفيّ لزوجتي! ـ لأنّكَ جبان! ـ بل لأنّني رجُل مُحترَم! لقد كرّستُ حياتي لامرأة واحِدة حتّى مماتي! ـ جبان... أليست لكَ أحلام دفينة مِن نوع خاصّ؟ أشياء تُريدُ أن تفعلها لكن ليس مع زوجتكَ؟ ـ لا، لأنّني أفعل ما أحلمُ به مع زوجتي الحبيبة، فما بيننا مبنيّ على التفاهم والصراحة. ـ قد تكون رجُلًا محظوظًا يا صاحبي! ـ هاهاها! أنتَ مُضحِك للغاية... الآن دَعني وشأني واهتمّ بشؤونكَ الخاصّة. عدتُ حزينًا ومُحتارًا، وسألَتني زوجتي ما أصابَني لكنّني لَم أفصِح لها عن السبب، بل تحجَّجتُ بمشاكل في العمَل، فآخِر شيء أردتُه هو أن تعرِفَ أختي الحقيقة مِن غيري. لكنّ جمال كان قد خافَ حقًّا مِن أن أفضَحَ أمره، فاستبَقَ الأمر واتّصَلَ بزوجتي ليقولَ لها إنّني الخائن وهو رآني مع امرأة أخرى. كيف لي أن أصِف ردّة فعل زوجتي بعد معرفتها بالأمر؟ فهي باتَت كالمجنونة تصرخ تارةً وتبكي تارةً أخرى، بالرغم مِن مُحاولاتي لإفهامها بأنّ صهري هو الذي كان في السيّارة مع عشيقته وليس أنا، لكنّها لَم تُصدِّقني، بل اتّهمَتني بالكذِب لأنّني ألقي التهمة على رجُل لطالما كرهتُه. ثمّ ضرَبَ صهري ضربته القاضية، حين طلَبَ مِن عشيقته أن تتّصِل بزوجتي لتؤكِّد لها أنّها على علاقة بي وأنّنا مُتحابّان. عندها، أخَذت زوجتي أولادنا وراحَت تمكثُ عند أهلها بانتظار أن ترفَع دعوى طلاق ضدّي. خابَرَتني أختي لتُعاتبَني بشدّة، ودافَعتُ عن نفسي طبعًا لكنّني لَم أتّهم جمال، فلَم يكن لدَيّ أيّ دليل. غرقتُ في الحزن والكآبة، فحياتي الزوجيّة دُمِّرَت بدقائق! صرتُ معزولًا إذ أنّ أهل زوجتي، وأهلي، ومعارفي، أداروا لي ظهرهم بينما أثنوا على وفاء جمال لأختي، وأخذوه مثالًا للأزواج الأوفياء! أجل، قرأتم جيّدًا! ثمّ حصلَت زوجتي على الطلاق وأعطَيتُها كلّ ما أرادَتُه منّي، لكنّني تمسَّكتُ بالحضانة المُشتركة فحصلتُ عليها، فلَن أقبَل بأن أخسَرَ ولدَيّ بسبب سافِل كجمال! مرَّت حوالي السنة على هذا النحو، وبدأتُ أعتاد على العَيش لوحدي مع أنّ قلبي كان ثقيلًا للغاية بسبب تفكّك عائلتي، إلى حين اتّصلَت أختي بي وطلبَت أن تزورَني في بيتي. تفاجأتُ بطلَبها إذ أنّها لَم تُكلِّمني منذ أن بثَّ زوجها ذلك الخبَر المشين عنّي، لكنّني قبِلتُ أن أستقبِلَها. وهذا ما قالَته لي: ـ جئتُ أطلبُ المُسامحة منكَ يا أخي... أرجوكَ أن تغفِرَ لي! ـ كنتُ على عِلم بخيانة زوجي لي. ـ أجل، وأعرفُ تمامًا مَن هي تلك المرأة ومتى وأين هما يلتقيان، فكما تعلَم لدَيّ أصدقاء كثيرون، ولدَيهم آذان وأعيُن في كلّ مكان. ـ ولماذا بقيتِ صامتة؟!؟ كيف تفرَّجتِ على زواجي وهو يتدمَّر ومِن دون أن تتفوّهي بكلمة؟ ـ خفتُ أن أتكلّم وأواجِه الحقيقة علَنًا... فلقد تقبَّلتُ خيانات جمال لي وصِرتُ أتعايَش مع الأمر لأنّني اعتَدتُ على العَيش معه. فالواقِع أنّه بدأ يُعامِلني بطريقة أفضل مذ ما صارَ يخونُني، ربّما ليُعوّضَ لي على تصرّفاته، وكذِبتُ على نفسي لسنوات لدرجة أنّني صدّقتُ كذبتي. وأتَت تلك القصّة التي أخافَتني، فهل أُساعِد أخي وأخسَر كلّ شيء، أو أصمُت وأُتابَع حياتي كما هي؟ ـ فصمَتِّ. ـ أجل. ـ لأنّكَ أخي ولَم أعُد قادِرة على العَيش عالِمةً أنّ صمتي دمَّرَ زواجكَ وسمعتكَ. قدّمَت أختي كلّ الدلائل التي بِحوزتها لزوجتي السابِقة، فاقتنعَت هذه الأخيرة ببراءتي، إلّا أنّنا لَم نرجَع لبعضنا، فأنا لَم أقبَل لأنّني تألّمتُ كثيرًا مِمّا فعلَته لي زوجتي وطريقة تركها لي مِن دون أن تستمِع لِما لدَيّ مِن أقوال، وكأنّني رجُل غريب عنها. قد أبدِّل رأيي في المستقبل، لستُ أدري. لكنّ القصّة لَم تنتهِ هنا، بل علِمتُ أنّ أختي العزيزة لَم تكشِف عن الحقيقة مِن أجلي أنا، بل لأنّها أرادَت إدانَة زوجها لتتركه... وتتزوّج مِن عشيقها! ماذا؟!؟ كان لدَيها عشيق هي الأخرى؟!؟ إتّضَحَ أنّ كَيل أختي طفَحَ مِن خيانات زوجها لها، فقرَّرَت أن تخونَه أيضًا، ووقعَت في الغرام، لكنّها لَم تشأ أن تترك جمال مِن دون أن تحصل على شيء، فقرّرَت أن تفضَحه وتُقيم ضدّه دعوى زنى. لكنّ صهري بالفعل أقوى وأذكى منها، فهو الآخَر كان على عِلم بما تفعله سرًّا، ففضَحَها وطلَّقَها بسرعة، وهي الآن تعيشُ مع عشيقها مِن دون أولادها الاثنَين. لَم أتوّقَع أبدًا أن تكون أختي هكذا، فعهدتُها امرأة خلوقة ومُستقيمة، لكن ما فعلَه بها زوجها أنساها قيَمها، فانقادَت لرغباتها ليس فقط الجسديّة، بل خاصّة العاطفيّة، بعد أن شعرَت بالحاجة إلى الحنان والحبّ الحقيقيَّين. لَم أتصوّر أبدًا أنّ رؤيتي لصهري مع عشيقته في تلك الليلة، ستجُرّ معها زوبعة دمار وتكشِف النيّات والقلوب بهذه الطريقة. لكنّني أحمدُ ربّي أنّني الوحيد الذي بقيَ وفيًّا لمُعتقداته ومبادئه وطبيعة علاقته بالناس والأمور!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store