
القاهرة تشهد انطلاق أول ملتقى دولي لفنون الحكي
على مدار الأعوام كان فن الحكي واحداً من أشهر الفنون التي برع فيها المصريون بصور وقوالب مختلفة، فالمصري بطبعه محب للحكايات، وتزخر البلاد من شمالها إلى جنوبها بقصص من التراث الشعبي الذي يمثل واحداً من أهم العناصر التي تعكس طبيعة المجتمعات وتعبر عنها.
وقد كان الحكاؤون من سمات المجتمع التقليدي، وكانت جلسات الحكي واحدة من الفعاليات المهمة التي تقام في مناطق معينة مثل السيرة الهلالية في الصعيد، وتطورت فنون الحكي مع الزمن واختلفت الوسائل إلا أن البطل الرئيس ظل قائماً وهو الحكاية.
أخيراً انطلق ملتقى القاهرة الدولي للحكي في دورته الأولي خلال الـ16 من أبريل (نيسان) الجاري على المسرح القومي بالعتبة، وهو فعالية تعد الأولى من نوعها في مصر وتقام برعاية وزارة الثقافة، ويتشارك في تنظيمها أكثر من مؤسسة فنية وثقافية مستقلة مثل مؤسسات "اسمعونا"، و"صلة"، و"بيت الحواديت".
دائماً ما كان فن الحكي واحداً من الفنون التي برع فيها المصريون (مواقع التواصل الاجتماعي)
وشمل حفل الافتتاح فقرات متنوعة من بينها عرض حكي لفرقة "الورشة" من إخراج حسن الجريتلي الذي تحمل الدورة الأولى من الملتقى اسمه تقديراً لجهده في فن الحكي، وكُرمت مجموعة من الفنانين الذين كانت بدايتهم مع فن الحكي قبل أن ينتقلوا إلى عالم الدراما التلفزيونية مثل الفنان سيد رجب والفنان شريف الدسوقي، وتتوزع الفعاليات بين مواقع عدة وهي بيت السناري وقبة الغوري وبيت السحيمي، وساحة الهناجر ومكتبة القاهرة الكبرى.
ويتضمن الملتقى مجموعة متنوعة من الفعاليات مثل ورش الحكي والعروض الفنية والدورات التدريبية حول فنون الحكي المختلفة، وتستمر فعالياته حتى حفل الختام الذي سيقام على مسرح السامر بالعجوزة، وسيشهد تكريماً خاصاً للحكاءة عارفة عبدالرسول، وتكريم اسم الحكاء الراحل رمضان خاطر، والحكاءة الراحلة سهام عبدالسلام، إضافة إلى عرض حكي مدته 30 دقيقة وفيلم يعرض حصاد الدورة الأولى.
التاريخ والتراث
ومن بين الفعاليات التي يشهدها الملتقى أيضاً مشاركة مبادرة "سيرة القاهرة" المعنية بالتاريخ والتراث. ويقول مؤسسها عبدالعظيم فهمي "هذا الحدث خطوة طال انتظارها أن يكون هناك ملتقى مصري للحكي يأخذ الصفة الدولية ويحمل اسم القاهرة، فالمصريون ملوك الحكي والمصري حكاء بطبعه ويحب القصص والحكايات، والخيط المتصل بالحضارات المتعاقبة في مصر مرتبط بالحكي. وفي مختلف أنحاء مصر من الشمال إلى أقصى الجنوب هناك عدد غير محدود من الحكايات الشعبية القديمة والمعاصرة، التي كانت تُروى على ألسنة الحكائين ويتداولها الناس، فهذا الفن مرتبط بالناس ويصل إليهم بسهولة، فالحكي واحد من أهم أدوات نقل المعرفة الذي تطورت وسائل انتشاره مع الزمن، فمن الحكاء التقليدي إلى ظهور مسرح خيال الظل والأراجوز، ولاحقاً المسرح بصورته التقليدية، ثم ظهور السينما وأخيراً وسائل التواصل الاجتماعي".
يضيف فهمي "تشارك سيرة القاهرة في الملتقى في أكثر من فعالية، من بينها عروض لأفلام أنتجناها من خلال المبادرة، أحدها بعنوان 'الحطابة' والآخر بعنوان 'ذاكرة الحجر'. وننظم جولة في منطقة الغورية نحكي فيها عن تاريخ المنطقة وحكايات المواقع الأثرية التي نمر عليها خلال الجولة، ونشارك في فعالية أخرى نحكي فيها عن تاريخ القاهرة وإنشائها".
مبادرات لفن الحكي في مختلف أنحاء مصر
مبادرات فردية متنوعة قام بها مهتمون بفنون الحكي المختلفة في أنحاء البلاد كافة، بعضها استهدف الكبار والآخر استهدف الأطفال، ليبقى خط الحكي متصلاً بين الأجيال. وتأتي قيمة وأهمية مثل هذه المبادرات في أن القائمين عليها ينطلقون في مواقع مختلفة من محافظاتهم مثل القرى والأماكن التي لا تصل إليها الخدمات الثقافية المختلفة، لتمثل هذه المبادرات التي تعتمد فن الحكي جسراً للتواصل بين الناس والفن، وتعمل على سد فجوة يعانيها بعض المجتمعات داخل مصر في ما يتعلق بالثقافة، وتحاول خلق صورة من صور العدالة الثقافية في مجتمعاتها.
ضمن فعاليات الملتقى تم تكريم أصحاب أربعة مشروعات مهمة في مجال الحكي هم تامر محمود من الإسكندرية عن مشروع "سفينة نوح"، وهيثم شكري من القاهرة عن "مشروع الحكواتي"، وهيثم عبدربه من الشرقية عن مشروع "عربة الحواديت"، وشنودة عادل من المنيا "مشروع الصخرة".
جمع حفل افتتاح الملتقى الرواد في فن الحكي (مواقع التواصل الاجتماعي)
ويقول الفنان تامر محمود "وجود ملتقى للحكي في مصر حلم تحقق بعد أعوام من الانتظار، فالحكي من الفنون المميزة داخل مصر بصور مختلفة في مختلف أنحاء الجمهورية. أنشأنا فرقة "سفينة نوح" منذ عام 2002 واخترنا لها هذا الاسم لأنها حكاية، وفكرة الطوفان توجد عند كثير من الشعوب بتصورات مختلفة تتناقلها الحكايات، كما أن له رمزية باعتبار أن السفينة تشق الظلام وتحاول أن تنير ما حولها وهو ما نحاول القيام به. الحكي من الفنون شديدة الأهمية لأنه يمثل الذاكرة الشفهية والحكايات المتوارثة عبر الأجيال، وله أهمية كبرى حالياً مع سيطرة التكنولوجيا وإبهارها على الأجيال الجديدة، فالطفل لا بد أن يسمع الحدوتة وأن يثار خياله ولا يكون كل تعامله مع الآلات، وخلال الفترة الأخيرة هناك اهتمام نسبي في العالم كله بالعودة للحكايات والفنون التقليدية". ويتابع محمود "إقامة ملتقى للحكي في مصر هو انتصار لهذا الفن وللحكائين في كل أنحاء البلاد على مر الأعوام، للأسف ما زلنا نعاني المركزية في مصر، فالفعاليات الكبرى متمركزة داخل القاهرة وأهل المحافظات لا يتوافر لهم القدر الكافي من النشاطات الثقافية، وهنا يأتي دور كثير من المبادرات الفردية التي يقوم بها كثير من الفنانين".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حكايات الجنوب
برع أهل الجنوب في صعيد مصر بفنون الحكي وكان الحكاؤون جزءاً من طبيعة المجتمع التقليدي إلا أن هذا الفن التراثي بدأ يتوارى نسبياً وأصبح يحتاج إلى نشر الوعي بأهميته باعتباره جزءاً من التراث الثقافي للبلاد، ومبادرات عدة أصبحت تعنى بالحكي وتقدم نشاطات للكبار والصغار في جهد ملموس يهدف إلى الوصول إلى قطاعات كبيرة من الجمهور والعمل على إبقاء فن الحكي حياً.
ويقول شنودة عادل مؤسس مبادرة "الصخرة" إن "إقامة ملتقى للحكي خطوة عظيمة، فهناك مهرجانات وملتقيات لمختلف أشكال المسرح إلا فن الحكي، وإقامة مثل هذا الحدث يساعد كثيراً في التعريف بأهميته، فهذا الفن يحتاج مهارة كبيرة من الحكاء ذاته، لأنه يعتمد عليه كلياً، فصوته وتعبيراته فقط هي الوسيلة التي من خلالها يُجذب انتباه الجمهور وتوصل الفكرة أو الحكاية، ومن هنا تأتي أهمية الملتقى في أنه ينشر الوعي ويخلق حالاً من الزخم لهذا الفن"، ويضيف "الصعيد له تاريخ طويل في فن الحكي، والحكاؤون دائماً ما كانوا جزءاً من الثقافة الشعبية يروون حكايات التراث الشعبي المختلفة، ولا يزال هناك بعض الحكائين في محافظات الجنوب مثل سوهاج وقنا، ولكن بصورة أقل من السابق والمحافظات الشمالية مثل المنيا، كاد يختفي منها هذا الفن بصورته التقليدية، وهنا تأتي أهمية المبادرات الفردية في إبقاء مثل هذه الفنون حية. للأسف، المحافظات بعيدة من الفعاليات الكبرى وإن وجدت تكون في المدن وليس القرى والنجوع، التي يصل لها كثر من القائمين على مبادرات ثقافية فردية في مختلف أنحاء مصر".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- الشرق السعودية
تكريم سيد رجب وشريف دسوقي في الدورة الأولى من ملتقى القاهرة للحكي
استقبل المسرح القومي في مصر، حفل افتتاح الدورة الأولى من ملتقى القاهرة الدولي للحكي، والتي تحمل اسم المخرج حسن الجريتلي. وبدأ الحفل، بالوقوف دقيقة حداد على روح المخرج المسرحي مصطفى درويش، الذي رحل عن عالمنا قبل أيام، أعقبه عرض فيلم تسجيلي عن مسرح الحكي في مدة لا تتجاوز السبع دقائق، تلاه تقديم فرقة "الورشة" عرضاً للحكي، إخراج حسن الجريتلي. وشهد حفل الافتتاح، تكريم الفنانين سيد رجب وشريف دسوقي، باعتبارهما أصحاب تجارب مميزة في مجال الحكي، قبل انتقالهما للدراما التلفزيونية، وذلك بجانب تكريم 4 من أصحاب مشروعات مهمة في هذا المجال، وهم: هيثم شكري بـ"مشروع الحكواتي"، وهيثم عبد ربه، بـ"عربة الحواديت"، وشنودة عادل بـ"مشروع الصخرة"، وتامر محمود بـ"سفينة نوح". وتقرر تأجيل تكريم الفنانة عارفة عبد الرسول، إلى حفل الختام، يوم 22 أبريل الجاري، وذلك بسبب وفاة زوجها مصطفى درويش منذ أيام. فن إبداعي الدكتورة إيناس عبد الدايم، رئيس مجلس أمناء ملتقى القاهرة الدولي للحكي، قالت إن "الملتقى كان حلماً لمجموعة من الشباب المبدع، حيث إن الحكي يُعد من أهم الفنون الإبداعية وأقدمها، ومن رحمه خرجت علوم الاجتماع". وتابعت "لذلك وافقت على مشاركة فريق عمل الملتقى حلمهم، بتقديم حدث فني غير مسبوق"، لافتة إلى أن هناك عدداً من مؤسسات المجتمع المدني، دعمت الفكرة وساهمت في خروجه للنور. ومن جانبه، قال المخرج المسرحي عادل حسان، رئيس الملتقى، لـ"الشرق"، أن "هذا المحفل هو حلم لكل الأساتذة الذين أبدعوا في تقديم فن الحكي"، مشيراً إلى أن "التحضير لفكرة الملتقى بدأت منذ عام 2007، ونتيجة لظروف وأحداث عديدة تأجل ظهوره عاماً تلو الآخر، حتى انطلق أخيراً بدعم من وزارة الثقافة، ومؤسسة (اسمعونا)". وأوضح أن الدورة الأولى، تضم 28 عرضاً، بخلاف ورش للحكي، ودورات تدريبية حول فنونه المختلفة، متابعاً "الفاعليات مستمرة حتى يوم 22 أبريل، حيث سيقام حفل الختام على مسرح السامر بالقاهرة". وكشف تفاصيل حفل الختام، قائلاً: "سيكون هناك تكريماً للفنانة عارفة عبد الرسول، واسم الحكاء الراحل رمضان خاطر، والراحلة سهام عبد السلام، بالإضافة إلى تقديم عرض حكي مدته 30 دقيقة تقريباً، وفيلماً تسجيلياً عن حصاد الدورة الأولى من الملتقى". مسؤولية أمام الجمهور الفنان شريف دسوقي، قال لـ"الشرق"، إن تكريمه في الدورة الأولى من الملتقى يحمله مسؤولية كبيرة تجاه جمهوره في الأعمال المقبلة. وأضاف "مع كل تكريم، أشعر أنني لم أقدم شيئاً، ولا يزال لدىّ الكثير لتقديمه"، لافتاً إلى أنه ينتمي للجيل الذي يتبع الانضباط الشديد في عمله واختياراته، مع كل تكريم. ورأى أن "الحدث الأهم في تلك الدورة، هو تكريم مؤسس فن الحكي في مصر منذ 30 عاماً، وهو المخرج حسن الجريتلي، الذي تحمل تلك الدورة اسمه".

سعورس
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- سعورس
شارع الأعشى (1 – 2)
الملفت أن معظم منتقدي المسلسل هم من الرجال، فيما وجدنا تعاطف النساء مع المسلسل! فهل لهذا علاقة في كون كاتبة الرواية الأساسية هي إمرأة؟! في حوار نُظمَ الاربعاء الماضي 16 إبريل في أحد مقاهي الرياض جرى نقاش حول مسلسل شارع الأعشى زُبدته أن المتحدثة وهي أستاذة أكاديمية وصفت المسلسل بعبارة صريحة واضحة وهي أن: "المسلسل يمثلنا". فهل اتفق الجميع على أن المسلسل يمثلنا؟ وما الذي مثلنا فيه؟ رأى البعض أن المسلسل تمت كتابته بعين نسائية ، ولو كان الكاتب رجلاً ممن عاصروا تلك الفترة لكان له رأي وإضافة ولمسات مهمة. ويضيف: لو تم عرض المسلسل على كبار السن ممن عاشوا تلك الفترة، لأضافوا عليه وقائع وأحداث ولمسات مهمة تجعله قريباً من الواقع أو يلامس الواقع. نؤمن أن المبالغة في الحبكة الفنية وفي السيناريو والحوار هي سمات الأعمال الفنية بهدف خلق تشويق للعمل التلفزيوني، وهذا الأمر غير مستغرب في الأعمال الفنية والسينمائية، بل قد يكون جزءاً مهماً فيها لكي تصل للنجاح الذي يتوق له المنتج وتحقق مشاهدات مرتفعة. ومثال ذلك كثير من المسلسات والأفلام المصرية في السبعينات والثمانينات هل كانت تمثل طبيعة المجتمع المصري وعاداته وتقاليده؟ ألم تتضمن مبالغات ولقطات أول من استنكرها المصريون أنفسهم لكنها أسهمت بطريقة ما في خلق حوارات ونقاشات في الأوساط كافة. كذلك مقولة "أنت فيذا" في مسلسل شارع الأعشى هل كانت رائجة في مجتمع الأعشى في ذلك الوقت؟ المؤكد أن هناك من سينفي، وآخرون سيبدون استغرابهم منها، لكن فريقاً ثالثاً سيُقر أن هذه العبارة كانت موجودة بهذه الكلمات أو بصيغة أخرى. ونعود إلى المسلسل نفسه لنقرر أن الأعمال الروائية طابعها دوماً التخيُّل والمبالغة في تصوير المشاهد ولولا المبالغة ما شدت اهتمام القراء. كما أن كتابة سيناريو المسلسلات والأفلام يتطلب تقنيات لغوية يضاف لها مهارات وخبرات معينة من أبرزها مقدرة عالية على تصوير الأحداث وخلق حوارات داخل المسلسل مقتبسة من بيئة المجتمع الذي تتحدث عنه ولهجته المحلية وعباراته الدارجة أو العامية لخلق إيحاء لدى المتلقي أن هؤلاء منا ويتحدثون عن حياة كانت هنا أو كما وصفت المتحدث المسلسل بأنه "يمثلنا". ودون خوض في الاتفاق أو الاختلاف مع قولها إنه "يمثلنا"، فإن مجرد إثارة النقاش تعد حالة إيجابية للمجتمع توصله إلى زوايا اتفاق أو تفاهم بشأن القضايا المجتمعية وتعمّقُ لغة الحوار والتواصل بأسلوب حضاري، وهو ما ينبغي الانتباه له والتركيز عليه بعيداً عن إسقاطات غير محببة أو تسفيه لآراء مختلفة. (يتبع).


Independent عربية
١٩-٠٤-٢٠٢٥
- Independent عربية
القاهرة تشهد انطلاق أول ملتقى دولي لفنون الحكي
على مدار الأعوام كان فن الحكي واحداً من أشهر الفنون التي برع فيها المصريون بصور وقوالب مختلفة، فالمصري بطبعه محب للحكايات، وتزخر البلاد من شمالها إلى جنوبها بقصص من التراث الشعبي الذي يمثل واحداً من أهم العناصر التي تعكس طبيعة المجتمعات وتعبر عنها. وقد كان الحكاؤون من سمات المجتمع التقليدي، وكانت جلسات الحكي واحدة من الفعاليات المهمة التي تقام في مناطق معينة مثل السيرة الهلالية في الصعيد، وتطورت فنون الحكي مع الزمن واختلفت الوسائل إلا أن البطل الرئيس ظل قائماً وهو الحكاية. أخيراً انطلق ملتقى القاهرة الدولي للحكي في دورته الأولي خلال الـ16 من أبريل (نيسان) الجاري على المسرح القومي بالعتبة، وهو فعالية تعد الأولى من نوعها في مصر وتقام برعاية وزارة الثقافة، ويتشارك في تنظيمها أكثر من مؤسسة فنية وثقافية مستقلة مثل مؤسسات "اسمعونا"، و"صلة"، و"بيت الحواديت". دائماً ما كان فن الحكي واحداً من الفنون التي برع فيها المصريون (مواقع التواصل الاجتماعي) وشمل حفل الافتتاح فقرات متنوعة من بينها عرض حكي لفرقة "الورشة" من إخراج حسن الجريتلي الذي تحمل الدورة الأولى من الملتقى اسمه تقديراً لجهده في فن الحكي، وكُرمت مجموعة من الفنانين الذين كانت بدايتهم مع فن الحكي قبل أن ينتقلوا إلى عالم الدراما التلفزيونية مثل الفنان سيد رجب والفنان شريف الدسوقي، وتتوزع الفعاليات بين مواقع عدة وهي بيت السناري وقبة الغوري وبيت السحيمي، وساحة الهناجر ومكتبة القاهرة الكبرى. ويتضمن الملتقى مجموعة متنوعة من الفعاليات مثل ورش الحكي والعروض الفنية والدورات التدريبية حول فنون الحكي المختلفة، وتستمر فعالياته حتى حفل الختام الذي سيقام على مسرح السامر بالعجوزة، وسيشهد تكريماً خاصاً للحكاءة عارفة عبدالرسول، وتكريم اسم الحكاء الراحل رمضان خاطر، والحكاءة الراحلة سهام عبدالسلام، إضافة إلى عرض حكي مدته 30 دقيقة وفيلم يعرض حصاد الدورة الأولى. التاريخ والتراث ومن بين الفعاليات التي يشهدها الملتقى أيضاً مشاركة مبادرة "سيرة القاهرة" المعنية بالتاريخ والتراث. ويقول مؤسسها عبدالعظيم فهمي "هذا الحدث خطوة طال انتظارها أن يكون هناك ملتقى مصري للحكي يأخذ الصفة الدولية ويحمل اسم القاهرة، فالمصريون ملوك الحكي والمصري حكاء بطبعه ويحب القصص والحكايات، والخيط المتصل بالحضارات المتعاقبة في مصر مرتبط بالحكي. وفي مختلف أنحاء مصر من الشمال إلى أقصى الجنوب هناك عدد غير محدود من الحكايات الشعبية القديمة والمعاصرة، التي كانت تُروى على ألسنة الحكائين ويتداولها الناس، فهذا الفن مرتبط بالناس ويصل إليهم بسهولة، فالحكي واحد من أهم أدوات نقل المعرفة الذي تطورت وسائل انتشاره مع الزمن، فمن الحكاء التقليدي إلى ظهور مسرح خيال الظل والأراجوز، ولاحقاً المسرح بصورته التقليدية، ثم ظهور السينما وأخيراً وسائل التواصل الاجتماعي". يضيف فهمي "تشارك سيرة القاهرة في الملتقى في أكثر من فعالية، من بينها عروض لأفلام أنتجناها من خلال المبادرة، أحدها بعنوان 'الحطابة' والآخر بعنوان 'ذاكرة الحجر'. وننظم جولة في منطقة الغورية نحكي فيها عن تاريخ المنطقة وحكايات المواقع الأثرية التي نمر عليها خلال الجولة، ونشارك في فعالية أخرى نحكي فيها عن تاريخ القاهرة وإنشائها". مبادرات لفن الحكي في مختلف أنحاء مصر مبادرات فردية متنوعة قام بها مهتمون بفنون الحكي المختلفة في أنحاء البلاد كافة، بعضها استهدف الكبار والآخر استهدف الأطفال، ليبقى خط الحكي متصلاً بين الأجيال. وتأتي قيمة وأهمية مثل هذه المبادرات في أن القائمين عليها ينطلقون في مواقع مختلفة من محافظاتهم مثل القرى والأماكن التي لا تصل إليها الخدمات الثقافية المختلفة، لتمثل هذه المبادرات التي تعتمد فن الحكي جسراً للتواصل بين الناس والفن، وتعمل على سد فجوة يعانيها بعض المجتمعات داخل مصر في ما يتعلق بالثقافة، وتحاول خلق صورة من صور العدالة الثقافية في مجتمعاتها. ضمن فعاليات الملتقى تم تكريم أصحاب أربعة مشروعات مهمة في مجال الحكي هم تامر محمود من الإسكندرية عن مشروع "سفينة نوح"، وهيثم شكري من القاهرة عن "مشروع الحكواتي"، وهيثم عبدربه من الشرقية عن مشروع "عربة الحواديت"، وشنودة عادل من المنيا "مشروع الصخرة". جمع حفل افتتاح الملتقى الرواد في فن الحكي (مواقع التواصل الاجتماعي) ويقول الفنان تامر محمود "وجود ملتقى للحكي في مصر حلم تحقق بعد أعوام من الانتظار، فالحكي من الفنون المميزة داخل مصر بصور مختلفة في مختلف أنحاء الجمهورية. أنشأنا فرقة "سفينة نوح" منذ عام 2002 واخترنا لها هذا الاسم لأنها حكاية، وفكرة الطوفان توجد عند كثير من الشعوب بتصورات مختلفة تتناقلها الحكايات، كما أن له رمزية باعتبار أن السفينة تشق الظلام وتحاول أن تنير ما حولها وهو ما نحاول القيام به. الحكي من الفنون شديدة الأهمية لأنه يمثل الذاكرة الشفهية والحكايات المتوارثة عبر الأجيال، وله أهمية كبرى حالياً مع سيطرة التكنولوجيا وإبهارها على الأجيال الجديدة، فالطفل لا بد أن يسمع الحدوتة وأن يثار خياله ولا يكون كل تعامله مع الآلات، وخلال الفترة الأخيرة هناك اهتمام نسبي في العالم كله بالعودة للحكايات والفنون التقليدية". ويتابع محمود "إقامة ملتقى للحكي في مصر هو انتصار لهذا الفن وللحكائين في كل أنحاء البلاد على مر الأعوام، للأسف ما زلنا نعاني المركزية في مصر، فالفعاليات الكبرى متمركزة داخل القاهرة وأهل المحافظات لا يتوافر لهم القدر الكافي من النشاطات الثقافية، وهنا يأتي دور كثير من المبادرات الفردية التي يقوم بها كثير من الفنانين". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) حكايات الجنوب برع أهل الجنوب في صعيد مصر بفنون الحكي وكان الحكاؤون جزءاً من طبيعة المجتمع التقليدي إلا أن هذا الفن التراثي بدأ يتوارى نسبياً وأصبح يحتاج إلى نشر الوعي بأهميته باعتباره جزءاً من التراث الثقافي للبلاد، ومبادرات عدة أصبحت تعنى بالحكي وتقدم نشاطات للكبار والصغار في جهد ملموس يهدف إلى الوصول إلى قطاعات كبيرة من الجمهور والعمل على إبقاء فن الحكي حياً. ويقول شنودة عادل مؤسس مبادرة "الصخرة" إن "إقامة ملتقى للحكي خطوة عظيمة، فهناك مهرجانات وملتقيات لمختلف أشكال المسرح إلا فن الحكي، وإقامة مثل هذا الحدث يساعد كثيراً في التعريف بأهميته، فهذا الفن يحتاج مهارة كبيرة من الحكاء ذاته، لأنه يعتمد عليه كلياً، فصوته وتعبيراته فقط هي الوسيلة التي من خلالها يُجذب انتباه الجمهور وتوصل الفكرة أو الحكاية، ومن هنا تأتي أهمية الملتقى في أنه ينشر الوعي ويخلق حالاً من الزخم لهذا الفن"، ويضيف "الصعيد له تاريخ طويل في فن الحكي، والحكاؤون دائماً ما كانوا جزءاً من الثقافة الشعبية يروون حكايات التراث الشعبي المختلفة، ولا يزال هناك بعض الحكائين في محافظات الجنوب مثل سوهاج وقنا، ولكن بصورة أقل من السابق والمحافظات الشمالية مثل المنيا، كاد يختفي منها هذا الفن بصورته التقليدية، وهنا تأتي أهمية المبادرات الفردية في إبقاء مثل هذه الفنون حية. للأسف، المحافظات بعيدة من الفعاليات الكبرى وإن وجدت تكون في المدن وليس القرى والنجوع، التي يصل لها كثر من القائمين على مبادرات ثقافية فردية في مختلف أنحاء مصر".