
رسائل حياة إلى غزة: المساعدات تتحدّى الحصار
تحوّلت غزة منذ اندلاع الحرب في تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى عنوان دائم للمأساة الإنسانية، في وقت تتسابق فيه الدول والمنظمات لتقديم الدعم، وإن كان هذا الدعم كثيراً ما يصطدم بواقع الحصار والتضييق الإسرائيلي الذي يحول دون وصوله إلى مستحقيه، ما يشكّل تحدياً للمانحين والغزيين المستهدفين بالمساعدات.
تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة الدول الداعمة، إذ أعلنت أبوظبي عن إرسال ما قيمته 828 مليون دولار من المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية إلى القطاع، أو 42 في المئة من مجمل المساعدات، فضلاً عن إنشاء مستشفى ميداني في رفح جنوب غزة، وتسيير سفينة مستشفى رست في ميناء العريش المصري.
من جانبها، قدّمت المملكة العربية السعودية مساعدات إنسانية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة، تجاوزت قيمتها 185 مليون دولار، بينما جمعت حملة شعبية داخل المملكة أكثر من 714 مليون ريال سعودي (190 مليون دولار)، وفق ما أعلنه المركز في بياناته.
أما قطر، فقدّرت مساعداتها لغزة بنحو 31 مليون دولار، شملت الغذاء والتعليم والرعاية الصحية، إذ أعلنت الدوحة عن إرسال أكثر من 100 طائرة وسفينة محملة بالمساعدات منذ بدء الحرب، كما أطلقت مبادرة لعلاج الجرحى وكفالة الأيتام.
وأدت مصر، بوصفها الجارة الأقرب إلى غزة، دوراً محورياً في تنسيق إدخال المساعدات عبر معبر رفح، ورفضت صراحةً أي سيناريوهات لتهجير الفلسطينيين. كذلك أنشأت مستودعات لوجستية على الحدود لتسريع عمليات التوزيع، وشاركت فرقها الطبية والإغاثية في تقديم الدعم المباشر إلى الجرحى والمصابين.
كذلك ساهمت الجزائر والمغرب في دعم الفلسطينيين، إذ أرسلت الجزائر عدة دفعات من المساعدات الغذائية والطبية، تجاوزت في إحداها 100 طن من المواد الأساسية، فيما أرسل المغرب طائرات تحمل مساعدات طبية شملت معدات لعلاج الحروق والكسور، وأدوية للأطفال.
يُذكَر أن الأمم المتحدة طالبت مراراً بوقف فوري لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق. واعتبرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن منع إسرائيل الغذاء والدواء عن المدنيين يرقى إلى جريمة حرب، مشددة على ضرورة فتح المعابر، ولاسيما معبر رفح، باعتباره شريان الحياة الرئيسي لغزة.
وعلى الصعيد الدولي، أعلن الاتحاد الأوروبي عن تخصيص 125 مليون يورو (143 مليون دولار أميركي) لدعم الجهود الإنسانية في غزة، بينها 50 مليون يورو لوكالة "الأونروا" التي تعاني أزمة تمويل خانقة منذ وقف الدعم من بعض الدول الغربية.
وقدّمت الولايات المتحدة مساعدات إنسانية عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تجاوزت 180 مليون دولار منذ بدء الحرب، لكنها لم تُحوّل أموالاً مباشرة إلى "الأونروا" بعد تجميد المساهمة الأميركية في الوكالة مطلع عام 2024. وتواجه واشنطن انتقادات من منظمات إنسانية بسبب ربط المساعدات ببعض الشروط السياسية.
كندا بدورها أعلنت عن تقديم 100 مليون دولار كندي (73 مليون دولار أميركي) دعماً لغزة، شملت الغذاء والمياه والدعم النفسي للأطفال، عبر منظمات إنسانية دولية، من بينها الصليب الأحمر ومنظمة الإغاثة الإسلامية.
وخصصت المملكة المتحدة 70 مليون جنيه إسترليني (95 مليون دولار أميركي) للجهود الإنسانية في غزة منذ أكتوبر 2023، منها 16 مليوناً لـ"الأونروا"، ونفذت عمليات إسقاط جوي للمساعدات بالشراكة مع القوات الأميركية والفرنسية في ظل تعذر الوصول البري.
أما قبرص، فأطلقت بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مبادرة "أمالثيا"، لإنشاء ممر بحري لنقل المساعدات من ميناء لارنكا إلى غزة، وأرسلت السفن الأولى فعلاً، على رغم التحديات اللوجستية والأمنية.
وعلى رغم هذه الجهود كلها، لا تزال المعاناة في غزة مستمرة، ولاسيما مع تكرار استهداف مناطق توزيع المساعدات. في شباط/فبراير 2024، قُتِل عشرات الفلسطينيين في حادثة شهيرة قرب نقطة توزيع مساعدات شمالي القطاع، ما أثار موجة غضب دولية ودعوات إلى تحقيق مستقل. ولا تزال استهدافات مماثلة تتكرر.
تؤكد التحركات الإغاثية أن الدعم الإنساني، على رغم ضخامته، يصطدم بجدار الحصار. فالوصول إلى من يحتاج المساعدة لا يزال محفوفاً بالمخاطر، ويبدو أن الحل لا يكمن فقط في ضخ المساعدات، بل في معالجة جذور النزاع، وضمان حق الفلسطينيين في العيش بحرية وكرامة وأمان في دولتهم. أما غزة تحديداً فلا تنتظر اليوم الشحنات الإغاثية فحسب، بل تترقب أيضاً العدالة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الجمهورية
منذ 14 دقائق
- الجمهورية
واشنطن تدرس منح 500 مليون دولار لمؤسسة غزة الإنسانية
تدرس وزارة الخارجية الأميركية منح 500 مليون دولار للمؤسسة الجديدة التي تقدم المساعدات لقطاع غزة، في خطوة من شأنها أن تزيد انخراط الولايات المتحدة بشكل أعمق في جهود المساعدات المثيرة للجدل التي شابها العنف والفوضى. وقال مصدران مطلعان ومسؤولان أميركيان سابقان لـ"رويترز"، طلبوا جميعا عدم الكشف عن هويتهم، إن الأموال المخصصة لمؤسسة غزة الإنسانية ستأتي من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تدمج حاليا في وزارة الخارجية الأميركية. وأضاف مصدران أن الخطة قوبلت بمعارضة من بعض المسؤولين الأميركيين، بعد حوادث إطلاق النار على الفلسطينيين قرب مواقع توزيع المساعدات التي شككت في كفاءة مؤسسة غزة الإنسانية. ويقول مصدر مطلع على الأمر ومسؤول كبير سابق، إن اقتراح منح 500 مليون دولار للمؤسسة أيده نائب مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بالإنابة كين جاكسون، الذي ساعد في الإشراف على تفكيك الوكالة. ويضيف المصدر أن إسرائيل طلبت الأموال لتغطية عمليات المؤسسة لمدة 180 يوما، بينما لم ترد الحكومة الإسرائيلية فورا على طلب التعليق. ويؤكد مصدران أن بعض المسؤولين الأميركيين لديهم مخاوف بشأن الخطة، بسبب الاكتظاظ الذي أثر على مراكز توزيع المساعدات التي يديرها المتعاقد مع مؤسسة غزة الإنسانية، وأعمال العنف القريبة منها التي قتل خلالها عشرات الفلسطينيين. كما يريد هؤلاء المسؤولون إشراك منظمات غير حكومية ذات خبرة في إدارة عمليات الإغاثة في غزة وأماكن أخرى في العملية، إذا وافقت وزارة الخارجية على الأموال المخصصة للمؤسسة، وهو موقف من المرجح أن تعارضه إسرائيل، وفقا للمصدرين.


ليبانون 24
منذ ساعة واحدة
- ليبانون 24
500 مليون دولار لمؤسسة غزة الإنسانية.. مصادر تكشف نية واشنطن
تدرس وزارة الخارجية الأميركية منح 500 مليون دولار للمؤسسة الجديدة التي تقدم المساعدات لقطاع غزة، في خطوة من شأنها أن تزيد انخراط الولايات المتحدة بشكل أعمق في جهود المساعدات المثيرة للجدل التي شابها العنف والفوضى. وقال مصدران مطلعان ومسؤولان أميركيان سابقان لـ" رويترز"، طلبوا جميعا عدم الكشف عن هويتهم، إن الأموال المخصصة لمؤسسة غزة الإنسانية ستأتي من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تدمج حاليا في وزارة الخارجية الأميركية. وأضاف مصدران أن الخطة قوبلت بمعارضة من بعض المسؤولين الأميركيين ، بعد حوادث إطلاق النار على الفلسطينيين قرب مواقع توزيع المساعدات التي شككت في كفاءة مؤسسة غزة الإنسانية. ولم ترد وزارة الخارجية ولا مؤسسة غزة الإنسانية على طلبات التعليق فورا. ويقول مصدر مطلع على الأمر ومسؤول كبير سابق، إن اقتراح منح 500 مليون دولار للمؤسسة أيده نائب مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بالإنابة كين جاكسون ، الذي ساعد في الإشراف على تفكيك الوكالة. ويضيف المصدر أن إسرائيل طلبت الأموال لتغطية عمليات المؤسسة لمدة 180 يوما، بينما لم ترد الحكومة الإسرائيلية فورا على طلب التعليق. ويؤكد مصدران أن بعض المسؤولين الأميركيين لديهم مخاوف بشأن الخطة، بسبب الاكتظاظ الذي أثر على مراكز توزيع المساعدات التي يديرها المتعاقد مع مؤسسة غزة الإنسانية، وأعمال العنف القريبة منها التي قتل خلالها عشرات الفلسطينيين. كما يريد هؤلاء المسؤولون إشراك منظمات غير حكومية ذات خبرة في إدارة عمليات الإغاثة في غزة وأماكن أخرى في العملية، إذا وافقت وزارة الخارجية على الأموال المخصصة للمؤسسة، وهو موقف من المرجح أن تعارضه إسرائيل، وفقا للمصدرين.


سيدر نيوز
منذ 2 ساعات
- سيدر نيوز
ما الذي يربط ترامب وماسك رغم الخلاف؟ #عاجل
BBC لا يبدو أن الخلاف بين اثنين من أقوى مليارديرات العالم سينتهي قريباً، خصوصاً بعد أن زعم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الجمعة، أن إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، 'فقد عقله'. وعلى الرغم من أن المراقبين توقعوا منذ فترة طويلة أن ترامب وماسك سيختلفان في نهاية المطاف، إلا أن قلة توقعوا سرعة وضراوة الخلاف بينهما على وسائل التواصل الاجتماعي. يشار إلى أن المكالمة الهاتفية التي كان من المقرر إجراؤها بينهما الجمعة لم تتم، ويقال إن ترامب يفكر في بيع سيارة تسلا الحمراء التي اشتراها من شركة ماسك في مارس/ آذار. وقد يكون لخلافهما بشأن الإنفاق الحكومي الأمريكي آثار بعيدة المدى على الصناعة الأمريكية. ومنذ أن أعلن ماسك دعمه الكامل للرئيس ترامب عقب محاولة اغتياله في بنسلفانيا قبل أقل من عام، ازداد تشابك المصالح السياسية والتجارية بين الرجلين. وأصبح الرجلان يعتمدان على بعضهما البعض، في عدة مجالات رئيسية – بما في ذلك التمويل السياسي، والعقود الحكومية، وعلاقاتهما الشخصية – ما يعني أن إنهاء التحالف بينهما من المرجح أن يكون فوضوياً. وهذا يُعقّد تداعيات خلافهما، ويضمن أنه أينما اتجه الخلاف، سيظلان مرتبطين – ولديهما القدرة على الإضرار ببعضهما البعض بطرق متعددة. تمويل الحملات الانتخابية على مدار العام الماضي، كانت تبرعات ماسك لترامب والجمهوريين الآخرين هائلة – إذ بلغ مجموع التبرعات 290 مليون دولار وفقاً لموقع (أوبن سيكريتس) لتتبع تمويل الحملات الانتخابية. وزعم ماسك، الخميس، أن الرئيس فاز في الانتخابات بفضله، واشتكى من 'نكران الجميل'. وهناك مثال مضاد واضح. ففي وقت سابق من هذا العام، أنفق ماسك 20 مليون دولار في سباق قضائي رئيسي في ولاية ويسكونسن، ومع ذلك، خسر مرشحه الجمهوري المختار بفارق 10 نقاط مئوية في ولاية فاز بها ترامب في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. ومع ذلك، تُعدّ تبرعات ماسك مبلغاً ضخماً من المال سيُفوّت على الجمهوريين في سعيهم للحفاظ على تفوقهم في الكونغرس في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2026. وربما كانت هذه مشكلة يواجهوها على أي حال. إذ أن ماسك كان قد صرّح في وقت سابق بأنه سيُساهم 'بشكل أقل بكثير' في الحملات الانتخابية في المستقبل. ولكن هل يُمكن أن يدفع خلاف ماسك مع البيت الأبيض ليس فقط إلى الانسحاب، بل إلى إنفاق أمواله لدعم معارضة ترامب؟ وألمح [ماسك] بذلك، يوم الخميس عندما نشر استطلاع رأي على منصة إكس X، عبر التساؤل 'هل حان الوقت لإنشاء حزب سياسي جديد في أمريكا يُمثّل فعلياً نسبة 80 في المئة من الطبقة المتوسطة؟' العقود الحكومية والتحقيقات BBC دخلت شركات ماسك، بما في ذلك سبيس إكس وشركتها الفرعية ستارلينك وتسلا، معاملاتٍ تجاريةً ضخمةً مع الحكومة الأمريكية. وحصلت شركة سبيس إكس وحدها على عقودٍ حكومية أمريكية بقيمة 20.9 مليار دولار منذ عام 2008، وفقاً لتحليل أجرته بي بي سي لتقصي الحقائق. وأدرك ترامب أن هذا الأمر يمنحه نفوذاً على أغنى رجل في العالم. ونشر على موقع 'تروث سوشيال' التابع لترامب، يوم الخميس 'أسهل طريقة لتوفير المال في ميزانيتنا، مليارات الدولارات، هي إنهاء الدعم الحكومي وعقود إيلون ماسك. ولطالما فوجئت بأن بايدن لم يفعل ذلك!' في المقابل، هدد ماسك بالرد بإيقاف تشغيل مركبة سبيس إكس دراغون، التي تنقل رواد الفضاء والإمدادات إلى محطة الفضاء الدولية. لكنه تراجع لاحقاً عن هذا التهديد. عملياً، يُعد إلغاء العقود الحكومية أو الانسحاب منها عملية قانونية معقدة وطويلة، ومن المرجح أن تواصل الحكومة الأمريكية، في الوقت الحالي وفي المستقبل، التعامل التجاري مع شركات ماسك بشكل كبير. إذ لا يمكن لأي شركة أخرى غير سبيس إكس تصنيع صواريخ دراغون وفالكون 9، والتزمت ناسا بعدد من رحلات محطة الفضاء والقمر باستخدام مركبات سبيس إكس. وعلى الرغم من هذه الشراكات التجارية، يواجه ماسك وشركاته أيضاً تحقيقات من عدد من الوكالات الحكومية – أكثر من 30 وكالة، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز في فبراير/ شباط – وقضايا تنظيمية مثل الموافقة على سيارات الأجرة ذاتية القيادة التي اقترحتها تسلا. شخصيات داخل الحكومة ووادي السيليكون عندما كُلّف ماسك بإنشاء إدارة كفاءة الحكومة لخفض التكاليف (دوج) Doge، كأحد محركات التغيير الرئيسية التي وضعها ترامب داخل الحكومة الفيدرالية الأمريكية، مُنح صلاحيات واسعة لاختيار موظفيه. ووفقاً لقوائم مسربة لموظفي إدارة كفاءة الحكومة، عمل العديد منهم سابقاً في شركات ماسك. وعلى الرغم من مغادرة ماسك (دوج) قبل أسبوع، لا يزال العديد من الموظفين في وظائفهم الحكومية. كما يرتبط بعض موظفي (دوج) بعلاقات وثيقة مع معسكر ترامب. فقد كانت كاتي ميلر – التي عملت في إدارة ترامب الأولى ومتزوجة من نائب رئيس موظفي البيت الأبيض الحالي ستيفن ميلر – المتحدثة باسم إدارة كفاءة الحكومة. ومع ذلك، أفادت شبكة سي إن إن CNN أن السيدة ميلر تركت الحكومة أيضاً الأسبوع الماضي، وتعمل الآن بدوام كامل مع ماسك. وهناك آخرون في إدارة ترامب قد تُختبر ولاءاتهم بسبب هذا الخلاف. كديفيد ساكس، الذي عيّنه ترامب مستشاره الأول في مجال الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، المُقرّب من ماسك، والذي عمل معه قبل عقود في شركة باي بال. وفي شركة إكس (تويتر سابقا)، كان العديد من المديرين التنفيذيين في وادي السيليكون، إلى جانب مؤثري عالم ماغا، يختارون أحد الجانبين، ويُحللون الرسائل المتبادلة بين الرئيس وأغنى رجل في العالم. كما أجرت شركة يوغوف لاستطلاعات الرأي استطلاعاً سريعاً يوم الخميس، سألت فيه المشاركين 'ستصطفون إلى جانب من؟'. وأشارت النتائج إلى أن 70 في المئة من الجمهوريين المشاركين في الاستطلاع اختاروا ترامب، مُقارنةً بأقل من واحد من كل عشرة اختار ماسك.