
خطّة إصلاحية في النافعة: خدمة 'معجّلة' Queueing system
كتبت قتات عياد في 'نداء الوطن':
شكلت «كبسة» رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على مصلحة تسجيل السيارات والآليات، نافعة الدكوانة، سابقة في تاريخ الجمهورية، وضعت النافعة تحت مجهر الإصلاح. هذا في رمزية الزيارة، أما في الإجراءات التي سبقتها: من فتح تحقيق في شعبة المعلومات بملفات الفساد الأخيرة فيها، إلى تعيين العميد نزيه قبرصلي المعروف بـ «الاسم على مسمى»، رئيساً للنافعة بالتكليف، وصولاً لفتح وزارة الداخلية ورشة يومية في الوزارة دعماً لخطة العميد الإصلاحية… فكلها مؤشرات على أن العهد «من رأس الهرم» يقود معركة الإصلاح في النافعة بكل ما أوتي من قوة، ولن يقبل بأقل من تفكيك «دويلة الفساد» فيها وإعادتها «نافعة» للمواطن.
اليوم، «بتدقّ الإبرة بتسمع رنّتها» في نافعة الدكوانة. الجميع في حالة ترقب وحذر، لا سيما «كارتيل السماسرة». فالخلفية الأمنية للعميد وتوسع تحقيقات شعبة المعلومات في ملف «مبلغ الـ 50 دولاراً لحجز موعد عبر يوم مخصص لمعارض السيارات»، فرضت حالة من الهلع لدى كل المستفيدين من نظام الرشى والمحسوبيات في النافعة.
أما المواطن، الضحية الأولى في سلسلة من الفساد المتجذر بالإدارة، فبدأ يتلمّس تغييرات انعكست إيجاباً على سير معاملته.
«نداء الوطن» رصدت أجواء يوم عمل عادي في نافعة الدكوانة وأجرت مقابلة مع العميد قبرصلي، الذي أحاطنا بخطته الإصلاحية، وأطلعنا على بشرى ينتظرها المواطنون منذ أكثر من 3 أعوام، قوامها فتح نافعة الأوزاعي خلال أيام معدودة، بعد إغلاقها نتيجة تحقيقات شعبة المعلومات بفساد موظفيها الذي عرف بنظام الرشى والفساد الممنهج في النافعة.
الإنجاز الأول: «المواطن» على المنصة
«الإنجاز الأول» الذي سرعان ما حققته الإدارة الجديدة التي لم يمض شهر على عملها في النافعة، يأتيك على لسان السماسرة ومكاتب السوق أنفسهم، وهم من أبرز الفئات المتضررة من الإصلاح: «ما تحلمي تسجلي سيارتك إذا مش آخدة موعد عالمنصة».
فالخلفية الأمنية للعميد، رئيس تحري بيروت السابق، سرعان ما انعكست انضباطاً في هذا الملف، الذي كان باباً للواسطة والمحسوبية عبر حجوزات من خارج المنصة تورط فيها سماسرة ومكاتب وموظفون، ليتم اليوم «تصفير» عداد المواعيد من خارج المنصة على قاعدة: زمن الوساطات انتهى!
عند باب النافعة، مشاهد لفئة من «الزوار الجدد». شباب وشابات وأم مع أولادها، أصحاب مهن حرة وموظفو قطاع خاص… ولسان حالهم «لقيت حالي فاضي، قلت بجي بكشف ع سيارتي أنا، بلا ما عوز السمسار» و»سجلت عالمنصة، حددولي موعد بعد 3 أيام بس… ما لقيت عراقيل».
عند مكتب رئيس المصلحة، مواطنون، ينتظرون دورهم لرؤيته، لإيصال شكاوى أو استفسارات. يقابلهم العميد مجيباً على استفساراتهم، من منطلق أن «المواطن عيننا في النافعة»، كما قال رئيس الجمهورية في زيارته لهذا المرفق.
لكن بأي عين إصلاحية يرى العميد قبرصلي الحلول لمرفق عام لطالما كان إجراء المعاملة فيه «كابوساً» لدى المواطن؟
قبرصلي: مش بكبسة زرّ
ندخل مكتب رئيس المصلحة، فنراه محاطاً بفريق عمله الذي يعمل كخلية نحل، لفهم ملفات النافعة ومتابعة أدق التفاصيل فيها.
في نافعة الدكوانة وحدها تجرى يومياً قرابة 1200 معاملة بعد تسلم العميد قبرصلي، ورغم لمس المواطنين تحسناً في سير المعاملات، يحرص قبرصلي على تسمية الإصلاحات التي قام بها إلى اليوم بـ «الخطوة الأولى على طريق الألف ميل للإصلاح ليس إلا، فالتركة التي تسلمتها ثقيلة وعمرها عقود من الفساد»، والنافعة لن تتغير لا «بكبسة زرّ» ولا «بعصا سحرية».
بالموازاة، وكرجل أمن كلّف بهذه المهمة، يعرف قبرصلي هدفه جيداً وهو مكافحة الفساد في النافعة وصولاً إلى إصلاح هذا القطاع. ويقول: «معروف عني أني أدخل السباق وأنهيه بالنفس الذي دخلت به، أي أن نفسي طويل، ومستعد لهذه الحرب مهما كلفت. فهناك متضررون من عملية الإصلاح، إن مكافحة الفساد معركة ضروس، ونحن مستعدون لها، والفرصة مؤاتية اليوم أكثر من أي وقت مضى، فدعم العهد كامل لي بدءاً من رئيس الجمهورية ووزير الداخلية».
إصلاحات على المديين القصير والمتوسط
«الخدمة المُعجّلة»… على غرار الأمن العام
ويعدّد العميد قبرصلي لـ «نداء الوطن»، أبرز الإصلاحات التي عمل ويعمل عليها على المديين القصير والمتوسط، والتي تنطلق جميعها من مقاربة أساسية هي «إعادة دراسة سير المعاملة»، بهدف تسهيل حصول المواطن عليها دون الغرق بنظام الفساد والرشى.
وأول الإصلاحات المنجزة، معالجة ثغرات منصة حجز المواعيد tmo.gov.lb، حيث كانت تقفل المنصة بعد ساعة من فتحها، نتيجة هجمة المكاتب والسماسرة لتعبئة الحجوزات عليها، على حساب المواطن الذي يودّ إجراء خدمته بنفسه. اليوم، تمّ تخصيص خانة للمواطن، منفصلة عن خانة الوكيل، كما تم تخصيص كوتا لكل منهما، ما أنهى المنافسة بين الطرفين.
كما تم وضع نظام الـ OTP، الذي يمنع الشخص من حجز عدة مواعيد في فترة زمنية محددة، على رقم الهاتف نفسه، بهدف منع هجمات السماسرة أو الـ Attack على المنصة.
وعن الطلبات الطارئة، التي لا يمكنها انتظار موعد على المنصة، يكشف العميد عن اقتراح عمل عليه، يعطي صفة «المعجل» لصاحبه، لتمكينه من إجراء الخدمة في اليوم نفسه، لقاء مبلغ مالي، على غرار خدمة الجوازات المستعجلة في الأمن العام.
وفي الإصلاحات أيضا، تم وضع اللمسات الأخيرة على اقتراح Queueing System أو تنظيم الأدوار داخل الأقسام، حيث يحصل المواطن على ورقة تحدد الشبّاك المخصص لمعاملته ودوره بشكل منظم، عوض الوقوف في طوابير عشوائية.
أما على المدى المتوسط، فالهدف هو أن يأخذ المواطن خدمته حتى دون الحاجة للمجيء للإدارة، سيما على صعيد المعاملات التي لا تستوجب حضوره، كتسجيل دفتر السواقة، وتقديمه الطلب «أونلاين»، و»نحن في صدد دراسة آليات التنفيذ، فالهدف الاستراتيجي والنهائي على المدى البعيد هو إبعاد المواطن والوكيل عن الموظف، وصولاً للمكننة الشاملة وهي الحل الجذري لمكافحة الفساد في الإدارة».
الأوزاعي راجعة.. وكوتا لمدارس السوق
وبشّر قبرصلي المواطنين بأن اللمسات اللوجستية الأخيرة على نافعة الأوزاعي قد شارفت على الانتهاء، وستعود لتفتح أبوابها بعد أيام قليلة، أما أزمة دفاتر السواقة والسيارات، فهي قيد الحل قريباً مع الشركة المتعهدة (شركة إنكربت).
ومن الإصلاحات أيضاً، مساواة مدارس السوق بـ «كوتا» المواعيد، وتطوير المنهج التعليمي لمدارس السواقة، والنظر في قانونية المدربين والمدارس والتدقيق بكافة الرخص.
الخلفية الأمنية… وترتيب البيت الداخليّ
بعيداً عن الإصلاحات «الإدارية» وخطة المكننة الشاملة التي تضع القطاع على سكة الإصلاح، يبقى وزر مكافحة الفساد في النافعة، القادر على ضرب كل محاولات الإصلاح، إن لم يتم ضربه بيد من حديد.
يتضح أن تسمية العميد قبرصلي للمنصب لم تكن محض صدفة. فالعلامة الفارقة في تاريخه في قوى الأمن، كانت في منصبَين : منصبه الأمني الأخير كرئيس لتحري بيروت، حيث كان يتم توقيف عصابات خطرة جداً بشكل شبه أسبوعي، ومنصبه السابق كرئيس لمكتب التحقق من الهوية، حيث نقل خبراته من دورات شارك فيها في الخارج، إلى المكتب في لبنان، ليسلمه بعد سنوات، مطوّراً بشكل غير مسبوق وذا خبرة بمستوى دوليّ، وهو ما مكّن المكتب من اكتشاف آلاف الجرائم.
مكمن قوة قبرصلي أنه يجمع بشخصه خلفيتَين : أمنية، وإدارية قوامها إعادة تنظيم وتطوير الإدارة. ومن هنا أيضاً نفهم وقوع الخيار عليه، كرئيس للنافعة في فترة حساسة بتكليف من وزير الداخلية أحمد الحجّار .
بدوره، يدرك قبرصلي حجم المعركة وصعوبة مواجهة الفساد المتغلغل في النافعة ولوبيات الجهات المستفيدة منها. من هنا، يوازن بين تطوير الإدارة ومكافحة الفساد فيها، حيث طوّر آلية لمكافحة الفساد لقيت تجاوباً كبيراً من الوزير الحجار، وألحق ضابطاً متخصصاً بالتحقيقات بفريقه.
إلى اليوم، فتح تحقيقان بشبهات فساد. وفي السياق، يقول قبرصلي: «مستعدون لأخذ أي شكوى أو إخبار عن فساد في أي فرع من فروع النافعة، على محمل الجدّ، سيما وإن كان مقترناً بأدلّة».
لا يغيب النفس الأمني عن قبرصلي. في السياق يقول: «عيوننا في كل فروع النافعة حاضرة. وحذار من المشاركة في الفساد أو التغطية عليه. وقد جرى بالفعل استبدال موظفين. ولن نتهاون مع أي مرتكب».
وتعليقاً على التحقيق في شعبة المعلومات بملفات فساد حصلت قبل فترة من مجيئه يقول: «متعاونون مع شعبة المعلومات لأعلى الدرجات، ولا غطاء على أحد، نحن قدّام أي حدا ماشي بمكافحة الفساد ومش وراه».
وإذا كانت الخطة الإصلاحية للإدارة هي بمثابة «المطبخ الخارجي»، كما يسميها قبرصلي، فإنه يولي أهمية مماثلة لترتيب «المطبخ الداخلي» الذي نخره الفساد والفوضى والانهيار، حيث بدأ بالتوازي، بورشة كبيرة لناحية ضبط القيود، كما تم التعميم على الموظفين بمنعهم من قبول هدايا أو إكراميات أو منح، إلا وفق الأصول المرعية الإجراء. لكن في الوقت عينه، «نحن في صدد دراسة آلية مناسبة لمكافأة الموظفين تحفظ كرامتهم».
ورشة عمل في الداخلية
تمتد ورشة العمل إلى وزارة الداخلية، حيث يولي الوزير أحمد الحجار اهتماماً كبيراً بهذا الملف، ما انعكس اجتماعات شبه يومية في مكتبه مع قبرصلي لهذا الغرض، بهدف نقل هذا القطاع من وضع الانهيار والفساد إلى نهج إصلاحيّ يتوافق وخطاب قسم رئيس الجمهورية ورؤية الوزير ورئيس المصلحة.
للحرب أثمانها
يبقى أنه لكل حرب أثمانها. ويدرك العميد قبرصلي أن التحديات والأكلاف والخسائر كبيرة، «عارفين سلف شو ناطرنا، بعض أصحاب النفوذ والمصالح يهمهم أن يبقى الوضع على حاله، رح يتضرروا ويستشرسوا ليمنعونا من تحقيق هذا الهدف بس مش رح يقدروا، هي حرب سننتصر فيها في نهاية المطاف، لتكون النافعة على القدر الذي يتمناه المواطن».
ويختم قبرصلي حديثه: «قطار الإصلاح في النافعة انطلق بدعم من رأس الهرم ولن يتوقف، ما حدا فيه يوقف بوجّه… وماشي فوق الكل».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 4 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
بشارة الأسمر: مرسوم الحد الأدنى مرفوض... الزيادة غير منصفة والاعتصامات آتية
في ظلّ الانهيار الاقتصادي المستمر وغياب الإصلاحات الجديّة، يعود ملف الأجور إلى الواجهة في لبنان من خلال مشروع مرسوم يهدف إلى رفع الحد الأدنى للأجر إلى 28 مليون ليرة لبنانية، أي ما يعادل نحو 312 دولاراً شهرياً وفق سعر الصرف الحالي. ورغم أن هذه الخطوة قد تُصوَّر على أنها تقدّمية، فهي تواجه اعتراضات واسعة من الاتحاد العمالي العام، الذي يراها إجراءً شكلياً لا يواكب الانهيار الحقيقي في القدرة الشرائية، ولا يعكس الواقع المعيشي المتدهور الذي يعيشه اللبنانيون. يرى رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر في حديث إلى "النهار"، أن مشروع رفع الحد الأدنى للأجر إلى 28 مليون ليرة لبنانية "غير مقبول وغير منطقي"، موضحاً أن الرقم المطروح "لا يعكس الواقع المعيشي الحقيقي ولا يراعي حجم التدهور الحاصل في قيمة العملة الوطنية". ويقول: "الرقم في ذاته غير عادل، لأنه غير مرتبط بمؤشر غلاء المعيشة ولا يأخذ في الاعتبار الشطور الأخرى للأجور. فمثلاً، من يتقاضى حالياً 18 مليون ليرة، سيرتفع راتبه إلى 28 مليوناً، في حين أن من يتقاضى أساساً 28 مليوناً سيبقى كما هو، وهذا يكرّس مبدأ الظلم ويفتقر إلى العدالة". ويضيف: "ملحقات الأجر أيضاً لم تتغير. بدل النقل بقي على حاله، والمنح المدرسية لم تعد تفي بأي غرض فعلي. الزيادات التي يتم الترويج لها على أنها مضاعفة مرتين ونصف مرة أو أقل، إما لا تُطبّق، وإما تؤجل للسنة المقبلة، وإما تُنفذ جزئياً، وبالتالي لا تُحدث فرقاً ملموساً". ويضرب مثالاً على ذلك: "يُمنح الموظف 4 ملايين ليرة بدل قسط عن كل ولد في المدرسة الرسمية، وتصل في المدارس الخاصة إلى 12 مليوناً. عملياً، الـ4 ملايين لم تعد تكفي لشراء دفترين ومقلمة. فكيف يمكننا اعتبار ذلك دعماً حقيقياً؟" ويؤكد الأسمر أن "عدم وجود زيادات على غلاء المعيشة ولا على الشطور ولا على ملحقات الأجر، يجعل من هذا الطرح غير متكامل. لذلك، نحن في الاتحاد العمالي العام رفضنا هذه الحزمة بالكامل واعتبرناها غير منصفة". أما في ما يخص الخطوات المقبلة، فيوضح أن التشاور لا يزال جارياً بين الاتحاد ووزير العمل في شأن إمكان نشر المرسوم. لكنه يشدد على أنه "في حال إقراره في مجلس الوزراء، سيكون هناك تحركان أساسيان: الأول ميداني عبر اعتصامات وتحركات شعبية، والثاني قانوني عبر الطعن أمام مجلس شورى الدولة، لأنه مرسوم غير قانوني ويضرب مبدأ العدالة". ويختم: "ما يجري اليوم كارثة بكل المقاييس. لا يمكن تمرير هذا المرسوم وكأن شيئاً لم يكن، وسنواجهه بكل الوسائل المتاحة حفاظاً على حقوق العمال والعدالة الاجتماعية". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


المردة
منذ 5 ساعات
- المردة
ما هو البريد الميت الذي يتلقى العملاء عبره الأموال؟!
بعدما ادّعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي على 'محمد هادي صالح'، المنشد الديني المقرب من 'حزب الله'، بتهمة التعامل مع العدو الإسرائيلي والموساد والتورط في قتل لبنانيين مقابل 23 ألف دولار، وبعد توقيف صالح على خلفية شكوى احتيال مالي واعترافه بانه يتعامل مع الموساد وانه كان يتلقى الاموال مقابل ذلك اما من خلال تحويلات واما عبر البريد الميت بدأ الكثيرون يتساءلون عن معنى 'البريد الميت' وكيفية عمله. في الاساس تطلق تسمية البريد الميت على الرسائل والطرود المرتجعة في خدمات البريد التي لا يمكن تسليمها إلى المُرسَل اليهم ولا يمكن إعادتها إلى المُرسِل، فتُخزّن في قسم خاص في مكاتب البريد يُعرف بـ'البريد الميت'. اما في عالم الجاسوسية فان هذه التسمية تطلق على عملية تسليم الاموال من العدو للعميل او المعلومات الاستخباراتية من العميل للعدو بطرق شبه بدائية ولكنه لا يمكن اكتشافها بسهولة لانها لا تمر عبر الطرق المتعارف عليها بتحويل الاموال. ويكشف خبير امني لـ'سفير الشمال' ان البريد الميت هو اكثر الوسائل المتبعة لايصال الاموال الى العملاء وان اعترافات هؤلاء ومعظمها موثقة، تؤكد تقاضي معظمهم الاموال عبر البريد الميت وان ما من عميل يعرف الاخر بل يعمل منفرداً وذلك لمنع افتضاح بقية العملاء اذا سقط احدهم في يد القوى الامنية، لافتاً الى ان عدد العملاء ازداد مؤخراً، منهم من انكشف ومنهم قيد المراقبة الى قسم لا يزال غير معروف وان اكتشافه يتم بالصدفة مثل ما حصل مع محمد صالح. ويشير الى ان معظم العملاء الذين تم القاء القبض عليهم تلقوا الاموال عبر البريد الميت اي من خلال وضع الاموال في امكنة محددة بعيدة عن الاعين واحياناً يقتضي الامر حفر التراب للعثور عليها. ويوضح الخبير الامني انه رغم الاساليب الحديثة والمتقدمة في التجسس فان أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الى جانب اعتمادها الذكاء الاصطناعي لا تزال تعتمد على تجنيد العملاء بنشاط غير مسبوق وباساليب مخادعة في اكثر الاحيان من اجل الحصول على معلومات دقيقة وميدانية، كما انها لا تزال تستخدم اسلوب الدفع بالبريد الميت لانه برأيها اكثر اماناً ولا يمكن كشف مصدر اموال العميل بسهولة لاسيما اذا كان من بيئة مقربة من حزب الله. واذ يعتبر الخبير الامني ان العدو الاسرائيلي لديه خلايا عديدة من العملاء داخل وخارج لبنان وانهم لا يعرفون بعضهم البعض يلفت الى انه من المؤسف ان هؤلاء العملاء باعوا انفسهم باثمان زهيدة لم تتعدى احياناً الـ ٣٠٠ دولاراً اميركياً مقابل معلومات ادت الى اغتيالات لشخصيات فاعلة في حزب الله. اما عن تسمية البريد الميت فيقول الخبير انه يسمى كذلك لان طريقة تسليم الاموال تشبه حفر القبور لاخراج الميت حيث يعمد العميل الى حفر مكان في غابة او داخل شجرة للحصول على الاموال بعد ان يتلقى اتصالاً يرشده الى المنطقة المحددة، موضحاً انه لا يتم وضع الاموال في المكان ذاته مرتين منعاً للانكشاف. مصطلح 'البريد الميت' (Dead Drop) يستخدم في الاستخبارات والتجسس هو وسيلة لنقل المعلومات أو الأشياء سراً بين طرفين من دون أن يلتقيا مباشرة، كذلك يُستخدم مصطلح البريد الميت في تجارة المخدرات اذ تحصل الية التسليم والاستلام من دون ان يرى اي طرف الاخر. في حالتيّ الجاسوسية او المخدرات فان السوشيل ميديا تلعب دوراً فعالاً بتسهيل الوصول الى البريد الميت الذي برأي الخبير انه رغم بدائيته فانه يؤخر اكتشاف مروج المخدرات وكذلك يؤخر انكشاف العميل.


النهار
منذ 8 ساعات
- النهار
بشارة الأسمر: مرسوم الحد الأدنى مرفوض... الزيادة غير منصفة والاعتصامات آتية
في ظلّ الانهيار الاقتصادي المستمر وغياب الإصلاحات الجديّة، يعود ملف الأجور إلى الواجهة في لبنان من خلال مشروع مرسوم يهدف إلى رفع الحد الأدنى للأجر إلى 28 مليون ليرة لبنانية، أي ما يعادل نحو 312 دولاراً شهرياً وفق سعر الصرف الحالي. ورغم أن هذه الخطوة قد تُصوَّر على أنها تقدّمية، فهي تواجه اعتراضات واسعة من الاتحاد العمالي العام، الذي يراها إجراءً شكلياً لا يواكب الانهيار الحقيقي في القدرة الشرائية، ولا يعكس الواقع المعيشي المتدهور الذي يعيشه اللبنانيون. يرى رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر في حديث إلى "النهار"، أن مشروع رفع الحد الأدنى للأجر إلى 28 مليون ليرة لبنانية "غير مقبول وغير منطقي"، موضحاً أن الرقم المطروح "لا يعكس الواقع المعيشي الحقيقي ولا يراعي حجم التدهور الحاصل في قيمة العملة الوطنية". ويقول: "الرقم في ذاته غير عادل، لأنه غير مرتبط بمؤشر غلاء المعيشة ولا يأخذ في الاعتبار الشطور الأخرى للأجور. فمثلاً، من يتقاضى حالياً 18 مليون ليرة، سيرتفع راتبه إلى 28 مليوناً، في حين أن من يتقاضى أساساً 28 مليوناً سيبقى كما هو، وهذا يكرّس مبدأ الظلم ويفتقر إلى العدالة". ويضيف: "ملحقات الأجر أيضاً لم تتغير. بدل النقل بقي على حاله، والمنح المدرسية لم تعد تفي بأي غرض فعلي. الزيادات التي يتم الترويج لها على أنها مضاعفة مرتين ونصف مرة أو أقل، إما لا تُطبّق، وإما تؤجل للسنة المقبلة، وإما تُنفذ جزئياً، وبالتالي لا تُحدث فرقاً ملموساً". ويضرب مثالاً على ذلك: "يُمنح الموظف 4 ملايين ليرة بدل قسط عن كل ولد في المدرسة الرسمية، وتصل في المدارس الخاصة إلى 12 مليوناً. عملياً، الـ4 ملايين لم تعد تكفي لشراء دفترين ومقلمة. فكيف يمكننا اعتبار ذلك دعماً حقيقياً؟" ويؤكد الأسمر أن "عدم وجود زيادات على غلاء المعيشة ولا على الشطور ولا على ملحقات الأجر، يجعل من هذا الطرح غير متكامل. لذلك، نحن في الاتحاد العمالي العام رفضنا هذه الحزمة بالكامل واعتبرناها غير منصفة". أما في ما يخص الخطوات المقبلة، فيوضح أن التشاور لا يزال جارياً بين الاتحاد ووزير العمل في شأن إمكان نشر المرسوم. لكنه يشدد على أنه "في حال إقراره في مجلس الوزراء، سيكون هناك تحركان أساسيان: الأول ميداني عبر اعتصامات وتحركات شعبية، والثاني قانوني عبر الطعن أمام مجلس شورى الدولة، لأنه مرسوم غير قانوني ويضرب مبدأ العدالة". ويختم: "ما يجري اليوم كارثة بكل المقاييس. لا يمكن تمرير هذا المرسوم وكأن شيئاً لم يكن، وسنواجهه بكل الوسائل المتاحة حفاظاً على حقوق العمال والعدالة الاجتماعية". وكان الأسمر قال أيضاً في وقت سابق لـ"النهار": "لا يمكن للعمال البقاء بأقل من 900 دولار شهريًا!" يمكنكم مشاهدة المقابلة السابقة هنا 👇