
محطات الصرف واحات جديدة تغير خريطة هجرة الطيور
حنان بدوي - حنان السمني
تخيلوا لوهلة، أن ملايين الطيور المهاجرة التي تقطع آلاف الكيلومترات في رحلتها السنوية، توقفت فجأة عن التحليق في سماء مصر، هذا ليس كابوسا، بل هو سيناريو قد يلوح في الأفق مع التناقص المستمر للأراضي الرطبة، تلك الواحات الصغيرة التي تعدّ شريان الحياة لهذه الكائنات الجميلة، لكن وسط هذا المشهد المقلق، يبرز سؤال لم يكن أحد ليتوقعه: هل يمكن لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي أن تكون هي المنقذ؟
حيرة بين الماء والطيور
تأتينا الإجابة من دراسة بحثية فريدة من نوعها في مصر، أجراها فريق من جامعة Wageningen & Research، لتكشف عن علاقة غير متوقعة بين محطات المعالجة والطيور المهاجرة، ففي كل خريف وربيع، تمر هذه الطيور بمصر في طريقها بين أوروبا وأفريقيا، معتمدة على الأراضي الرطبة الطبيعية للراحة والتزود بالغذاء، لكن هذه الأراضي تتآكل وتختفي، مما يضع الطيور في مأزق حقيقي.
وهنا يأتي دور العلماء، الذين تساءلوا بذكاء: ما دام النقص في الأراضي الرطبة هو المشكلة، فلماذا لا تكون محطات معالجة مياه الصرف الصحي هي الحل البديل؟ أجرى الباحثون دراستهم على 25 محطة على طول نهر النيل، وقارنوا بين أنواع مختلفة من هذه المحطات، بدءًا من الأنظمة البسيطة وصولاً إلى التقنيات المتطورة.
الحلول البسيطة تجذب الحياة
كانت النتائج مفاجئة بكل المقاييس، فقد وجد الباحثون أن المحطات القديمة والأبسط في تصميمها، والتي تحتوي على أحواض مياه مفتوحة وبرك فائضة، كانت تجتذب عددًا أكبر بكثير من الطيور المهاجرة مقارنة بالمحطات الحديثة التي تعيد تدوير المياه بالكامل.
السبب بسيط ومنطقي، فالمياه المفتوحة في هذه المحطات تخلق بيئة خصبة للطحالب والكائنات الدقيقة التي تعد مصدر غذاء أساسي للطيور، أما المحطات الأكثر تطورًا، فبسبب كفاءتها العالية في إعادة تدوير كل قطرة ماء، تفتقر إلى هذه الأحواض المائية، وبالتالي لا يزورها سوى الطيور التي تعيش في المدن بشكل طبيعي.
معضلة التنمية المستدامة
هذه النتيجة تضعنا أمام معضلة حقيقية، كما يقول الدكتور خالد نوبي، أحد المشاركين في البحث، فمن ناحية، هناك حاجة ملحة للمياه النظيفة في بلد مثل مصر، وتساعد التقنيات الحديثة في تدوير المياه لاستخدامها في الزراعة والشرب، وهذا يتوافق مع الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة (المياه النظيفة والنظافة الصحية).
لكن من ناحية أخرى، يأتي هذا التقدم التكنولوجي على حساب الموائل الحيوية للطيور، وهو ما يتعارض مع الهدف 15 (الحياة في البر)، فهل يجب علينا أن نختار بين توفير المياه وحماية التنوع البيولوجي؟
حلول تجمع بين توفير المياه وحماية التنوع البيولوجي
لحسن الحظ، لا يجب أن يكون هذا الاختيار قاسيًا، يقترح الباحثون حلولًا ذكية يمكن أن توازن بين الهدفين، يمكن لصناع السياسات أن يضعوا في اعتبارهم الطبيعة عند تصميم محطات المعالجة الجديدة، من خلال:
ترك بعض الأحواض المائية المفتوحة في مناطق معينة لتكون محطات استراحة وتغذية للطيور.
السماح بوجود غطاء نباتي طبيعي حول المحطات لتوفير مأوى للطيور.
المراقبة المستمرة لجودة المياه لضمان أن هذه الأحواض لا تتحول إلى «فخاخ بيئية» خطيرة.
في نهاية المطاف، تعلمنا هذه الدراسة أن الإنسان والطبيعة يمكن أن يتعايشان بذكاء، فمعالجة المياه وحماية البيئة لا يجب أن يكونا على طرفي نقيض، بل يمكن دمجهما في نظام واحد، يخدم احتياجاتنا الإنسانية، ويحافظ في الوقت نفسه على دورة الحياة الطبيعية التي لا غنى عنها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الأهرام
منذ 2 أيام
- بوابة الأهرام
جامعة أمريكية تكرم أستاذًا مصريًا لإسهاماته في الزراعة
قنا -محمود الدسوقي كرمت جامعة Prairie View A&M تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية، الدكتور أحمد أبوبكر عبد الوارث، الأستاذ بكلية الزراعة بقنا والأستاذ الزائر بالجامعة الأمريكية، وذلك لحصوله على جائزة التميز في البحث العلمي لعام 2025 من كلية الزراعة والأغذية والموارد الطبيعية (CAFNR) موضوعات مقترحة - الجائزة التحديات الزراعية العالمية وقد جاءت هذه الجائزة تقديرًا لإسهامات الدكتور عبد الوارث المتميزة في مجال أبحاث الدواجن المستدامة، وجهوده في تطوير أبحاث علمية مبتكرة تواكب التحديات الزراعية العالمية، إلى جانب دوره في تعزيز التميز الأكاديمي ودعم رسالة الجامعة في مجالات الزراعة والغذاء والموارد الطبيعية. وهنأ الدكتور أحمد عكاوي، رئيس جامعة جنوب الوادي، الدكتور عبد الوارث بهذا الإنجاز الذي يعكس الكفاءة البحثية لعلماء وأساتذة جامعة جنوب الوادي، مؤكدًا أن مثل هذه النجاحات الدولية تعزز مكانة الجامعة على المستويين الإقليمي والعالمي، وتُعد مصدر إلهام لأبناء الجامعة في الداخل والخارج. #


نافذة على العالم
منذ 4 أيام
- نافذة على العالم
جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية تعلن أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم.. التفاصيل كامله
الأربعاء 6 أغسطس 2025 10:50 صباحاً نافذة على العالم - التخصصات المطلوبة في وظائف جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية تعلن جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية، عن حاجتها إلى أعضاء هيئة التدريس، وعلى الراغبين في الحصول على وظائف جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية، الدخول على موقع جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية عبر شبكة الانترنت. التخصصات المطلوبة في وظائف جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية تركيبات سنية ثابتة تركيبات سنية متحركة هندسة ميكانيكا هندسة كهرباء تكنولوجيا معلومات الصناعات الغذائية تكنولوجيا الالبان غزل ونسيج قوى ميكانيكا قوى كهرباء الكترونيات /تحكم هندسه انتاج كائنات آلية (تكنولوجية الروبوتات) الأمن السيبراني تكنولوجيا الالكترونيات رياضيات بحته وظائف جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية شروط التقدم على وظائف جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية 1. أن يكون المتقدم مصري الجنسية. 2- الا يكون قد حكم علية بعقوبة مخلة بالشرف أو الأمانة. 3- أن يكون حاصل على الدكتوراه من إحدى الجامعات الحكومية أو ما يعادلها، أو من إحدى الجامعات الأجنبية المعترف بها. 4- ألا يزيد من المتقدم عن 40 (أربعون عاما) وقت التقدم. 5- أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها بالنسبة للذكور 6- التمتع باللياقة الصحية. 7- اجتياز الاختبارات النظرية والمقابلة الشخصية. 8- يفضل من لديه خبرة سابقة في التدريس. 9- يفضل من يقع سكنه في النطاق الجغرافي للجامعة. 10- التفرغ الكامل للعمل بالجامعة. 11- بالنسبة للمتقدم لوظيفة أستاذ مساعد 12- أن يكون المتقدم قد شغل وظيفة مدرس مدة 5 سنوات على الأقل في إحدى الجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات أو في معهد علمي 13- يفضل من له بحوث مبتكره وتم نشرها أو اعمال هندسية تطبيقية مبتكره. وظائف جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية المستندات المطلوبة في وظائف جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية 1- صورة المؤهل بكالوريوس / ماجستير / دكتوراه / تقرير اللجنة الدائمة للترقيات). 2- صورة بطاقة الرقم القومي (سارية). 3- الموقف من التجنيد للذكور. 4- السيرة الذاتية. 5- شهادات الخبرة (إن وجدت). 6- بيان حالة وظيفية في حالة الانتداب من إحدى الجهات الحكومية. 7- استيفاء النموذج المعد لهذا الغرض بإدارة شئون العاملين - جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية بمقرها الكائن بطريق الواحات - امام جامعة MSA - حدائق 6 أكتوبر - الجيزة. وظائف جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية طريقة التقديم على وظائف جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية وعلى الراغبين في الحصول على وظائف جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية، الدخول على موقع جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية عبر شبكة الانترنت، ويتم تقديم الطلب باسم مجلس جامعة 6 اكتوبر التكنولوجية مستوفى المستندات المطلوبة خلال الفترة من يوم الاحد الموافق 2025/8/3 حتى يوم الخميس الموافق 2025/8/7 من الساعة العاشرة صباحا وحتى الساعة الثالثة ظهرا ماعدا يوم الخميس من الساعة العاشرة صباحا وحتى الواحدة ظهرا، وتسلم نسخه ورقيه من المستندات المطلوبة باليد إلى إدارة شئون العاملين بالجامعة، ولن يلتفت إلى الطلبات السابق تقديمها قبل هذا الإعلان أو التي ترد بعد المدة المحددة أو التي ترد بالبريد.. ولمزيد من التفاصيل خلال الرابط التالي.. اضغط هنااااااااااااااا. وظائف جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية ما هي التخصصات المطلوبة في وظائف جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية؟ ما هي طريقة التقديم على وظائف جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية؟ متى التقدم على وظائف جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية؟ أين مقر جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية؟ تعرف على شروط التقديم بشأن وظائف جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية؟ ما هي المستندات المطلوبة في وظائف جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية؟ إقرأ المزيد جامعة وادي النيل تعلن أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم.. التفاصيل كامله آخر موعد للتقديم على وظائف جامعة بورسعيد اليوم.. التفاصيل كامله الجامعة الأهلية الفرنسية في مصر تعلن حاجتها الى أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم.. التفاصيل كامله جامعة بني سويف التكنولوجية تعلن حاجتها الى أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم.. التفاصيل كامله جامعة الوادى الجديد تعلن المستندات المطلوبة في وظائف أعضاء هيئة التدريس.. التفاصيل كامله جامعة عمان العربية تعلن حاجتها الى أعضاء هيئة التدريس.. التفاصيل كامله الجامعة المصرية اليابانية تعلن حاجتها الى أعضاء هيئة التدريس.. التفاصيل كامله جامعة اللوتس تعلن حاجتها الى أعضاء هيئة التدريس.. التفاصيل كامله


الأسبوع
منذ 4 أيام
- الأسبوع
محطات الصرف واحات جديدة تغير خريطة هجرة الطيور
الطيور المهاجرة حنان بدوي - حنان السمني تخيلوا لوهلة، أن ملايين الطيور المهاجرة التي تقطع آلاف الكيلومترات في رحلتها السنوية، توقفت فجأة عن التحليق في سماء مصر، هذا ليس كابوسا، بل هو سيناريو قد يلوح في الأفق مع التناقص المستمر للأراضي الرطبة، تلك الواحات الصغيرة التي تعدّ شريان الحياة لهذه الكائنات الجميلة، لكن وسط هذا المشهد المقلق، يبرز سؤال لم يكن أحد ليتوقعه: هل يمكن لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي أن تكون هي المنقذ؟ حيرة بين الماء والطيور تأتينا الإجابة من دراسة بحثية فريدة من نوعها في مصر، أجراها فريق من جامعة Wageningen & Research، لتكشف عن علاقة غير متوقعة بين محطات المعالجة والطيور المهاجرة، ففي كل خريف وربيع، تمر هذه الطيور بمصر في طريقها بين أوروبا وأفريقيا، معتمدة على الأراضي الرطبة الطبيعية للراحة والتزود بالغذاء، لكن هذه الأراضي تتآكل وتختفي، مما يضع الطيور في مأزق حقيقي. وهنا يأتي دور العلماء، الذين تساءلوا بذكاء: ما دام النقص في الأراضي الرطبة هو المشكلة، فلماذا لا تكون محطات معالجة مياه الصرف الصحي هي الحل البديل؟ أجرى الباحثون دراستهم على 25 محطة على طول نهر النيل، وقارنوا بين أنواع مختلفة من هذه المحطات، بدءًا من الأنظمة البسيطة وصولاً إلى التقنيات المتطورة. الحلول البسيطة تجذب الحياة كانت النتائج مفاجئة بكل المقاييس، فقد وجد الباحثون أن المحطات القديمة والأبسط في تصميمها، والتي تحتوي على أحواض مياه مفتوحة وبرك فائضة، كانت تجتذب عددًا أكبر بكثير من الطيور المهاجرة مقارنة بالمحطات الحديثة التي تعيد تدوير المياه بالكامل. السبب بسيط ومنطقي، فالمياه المفتوحة في هذه المحطات تخلق بيئة خصبة للطحالب والكائنات الدقيقة التي تعد مصدر غذاء أساسي للطيور، أما المحطات الأكثر تطورًا، فبسبب كفاءتها العالية في إعادة تدوير كل قطرة ماء، تفتقر إلى هذه الأحواض المائية، وبالتالي لا يزورها سوى الطيور التي تعيش في المدن بشكل طبيعي. معضلة التنمية المستدامة هذه النتيجة تضعنا أمام معضلة حقيقية، كما يقول الدكتور خالد نوبي، أحد المشاركين في البحث، فمن ناحية، هناك حاجة ملحة للمياه النظيفة في بلد مثل مصر، وتساعد التقنيات الحديثة في تدوير المياه لاستخدامها في الزراعة والشرب، وهذا يتوافق مع الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة (المياه النظيفة والنظافة الصحية). لكن من ناحية أخرى، يأتي هذا التقدم التكنولوجي على حساب الموائل الحيوية للطيور، وهو ما يتعارض مع الهدف 15 (الحياة في البر)، فهل يجب علينا أن نختار بين توفير المياه وحماية التنوع البيولوجي؟ حلول تجمع بين توفير المياه وحماية التنوع البيولوجي لحسن الحظ، لا يجب أن يكون هذا الاختيار قاسيًا، يقترح الباحثون حلولًا ذكية يمكن أن توازن بين الهدفين، يمكن لصناع السياسات أن يضعوا في اعتبارهم الطبيعة عند تصميم محطات المعالجة الجديدة، من خلال: ترك بعض الأحواض المائية المفتوحة في مناطق معينة لتكون محطات استراحة وتغذية للطيور. السماح بوجود غطاء نباتي طبيعي حول المحطات لتوفير مأوى للطيور. المراقبة المستمرة لجودة المياه لضمان أن هذه الأحواض لا تتحول إلى «فخاخ بيئية» خطيرة. في نهاية المطاف، تعلمنا هذه الدراسة أن الإنسان والطبيعة يمكن أن يتعايشان بذكاء، فمعالجة المياه وحماية البيئة لا يجب أن يكونا على طرفي نقيض، بل يمكن دمجهما في نظام واحد، يخدم احتياجاتنا الإنسانية، ويحافظ في الوقت نفسه على دورة الحياة الطبيعية التي لا غنى عنها.