
خارطة طريق لعهد جديد
في مكاتب صحيفة "النهار"، انعقدت جلسة تفكير ضمّت نخبة من المنظمات الفاعلة في مجال حماية النساء وتعزيز حقوقهن، في خطوة تهدف إلى بلورة رؤية واضحة لتحريك الملفات الحقوقية العالقة مع بداية العهد الجديد في لبنان. ضمّ اللقاء كلًا من لميا المبيض، رئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي ونائبة رئيس لجنة الأمم المتحدة للخدمة العامة، ومديرة منظمة "أبعاد" غيدا عناني، ومدير منظمة "فيفتي فيفتي" جويل أبو فرحات، وممثلة منظمة "كفى" فاتن أبو شقرا، والزميلة الكاتبة في "النهار" سابين عويس.
برز توافق عام على ضرورة استغلال المرحلة السياسية الجديدة لدفع القضايا الحقوقية إلى الواجهة. قسمت المعارك إلى صعبة أبرز عناوينها القانون المدني للأحوال الشخصية، وأسهل ترتبط بحملات تعبئة أهلية في القرى والبلدات وداخل الأحزاب لرفع نسبة مشاركة المرأة في الإنتخابات البلدية ولاحقاً البرلمانية. من المعارك التي تقع في خانة "الأسهل" أيضاً تلك المرتبطة بتعديلات على قوانين تعزز من حماية المرأة والمواطنين عموماً. إذاً، من إقرار قانون مدني للأحوال الشخصية، إلى تعديل قانون العقوبات لضمان حقوق الضحايا، ووصولاً إلى تعزيز مشاركة النساء في السياسة، تبدو المهمة شاقة لكنها ضرورية في زمن الأولويات الكثيرة التي تتسيّدها مشهديات الدمار وتطبيق القرار 1701 وأموال المودعين الضائعة وغيرها.
استعرضت لميا المبيض رؤيتها لدور المرأة في البيان الوزاري لحكومة نواف سلام، منطلقة من مبدأ الحقوق والمواطنة. وشددت على أن الدولة هي جزء من كل، وأن الأحزاب يجب أن تتبنى كوتا عرفية لضمان تمثيل النساء، خاصة أن الأحزاب السياسية تزخر بالكوادر النسائية القادرة على إحداث تغيير فعلي.
ويبدو أننا أمام "فرصة ذهبية" لإحداث تحوّل حقيقي في حضور المرأة داخل المؤسسات في مرحلة التعيينات الإدارية الراهنة، وفق المبيض التي تشدد على ضرورة أن يكون وجود النساء في مواقع القرار تحويلياً وليس تجميلياً.
وفي هذا السياق، لفتت إلى خبر مشجّع يتمثّل في أن 55% من القضاة في لبنان هن نساء، أما المطلوب الآن فيكمن في أن تتقدم النساء أكثر نحو مراكز القرار القضائي الأولى، بما يعزز دورهن في رسم السياسات القضائية وضمان العدالة.
تمكين المرأة في الانتخابات البلدية
ولمنظمة "فيفتي فيفتي" خطتها الاستراتيجية لزيادة مشاركة النساء في الانتخابات البلدية المقبلة، حيث تتحدث عن وجوب إيصال 5000 امرأة إلى المجالس البلدية.
آلية التنفيذ:
1. بما أن الوقت قد يتعذر لإقرار قانون الكوتا النسائية في الانتخابات البلدية،
إنشاء ميثاق شرف لدعم المساواة، حيث يتم الاتفاق مع الأحزاب السياسية والعائلات والشخصيات القيادية على دعم وصول النساء إلى المجالس البلدية بنسبة لا تقل عن 30%.
2. الحصول على دعم الرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب) لتعزيز الالتزام السياسي بالمساواة.
3. حملة رقمية واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتسليط الضوء على الداعمين والمتحفّظين على تمكين المرأة في المجالس البلدية.
تعديل قانون العقوبات: ضرورة لإنصاف الضحايا
تتمسك منظمة "أبعاد" بالحاجة الملحة إلى تعديل قانون العقوبات اللبناني، لا سيما الفصل السابع المتعلق بجرائم الاعتداء الجنسي. وأشارت مديرة المنظمة غيدا عناني إلى أن تعديل المادة 522 كان خطوة أولى، لكن هناك العديد من المواد الأخرى التي لا تزال تحتاج إلى مراجعة لضمان عدالة أكبر للضحايا.
وفي رأي عناني، أنه "بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة وعودة الحياة التشريعية، لدينا فرصة لإعادة تقديم مقترحاتنا لتعديل القوانين المجحفة وإحالتها إلى اللجان النيابية المختصّة، ومن ثم إلى الهيئة العامة للتصويت عليها".
إقرار قانون للأحوال الشخصية: ضرورة وطنية لإنهاء التمييز
طرحت منظمة "كفى" رؤيتها التي تركز على ضرورة التقدم في إقرار قانون موحّد للأحوال الشخصية في لبنان، نظراً لأن الدولة اللبنانية لا تزال حتى اليوم تقف على الحياد، تاركةً الطوائف تحدد علاقات الأفراد داخل الأسرة، وهو ما يكرّس التمييز والتفرقة.
لماذا نحتاج إلى قانون موحّد؟
1. إلغاء التمييز بين النساء أنفسهن، وبين المرأة والرجل، وحتى بين الرجال، لضمان مساواة شاملة.
2. تحقيق المواطنة الكاملة، حيث تكون الحقوق موحّدة للجميع تحت سقف القانون المدني.
سمات القانون المقترح:
تحقيق المساواة الكاملة بين المواطنين والمواطنات أمام محكمة مدنية موحّدة.
إلغاء تعددية القوانين الطائفية وتعزيز مفهوم المواطنة.
توحيد السن الأدنى للزواج ومنع تزويج القاصرات.
استبدال السلطة الأبوية بالسلطة الوالدية، لتعزيز الشراكة في الإنفاق واتخاذ القرارات الأسرية.
جعل الحضانة مشتركة بين الأب والأم، مع إعطاء الأولوية لمصلحة الطفل الفضلى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المدن
منذ يوم واحد
- المدن
معرض بيروت للكتاب: المنام والسياسة والعلايلي
تستمر فعاليات معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورته الـ66 وسط زحمة ملفتة وتنوع في الزوار، إلى جانب التنوع في البرنامج الثقافي المتميز الذي يرافق المعرض. فقد نظم معهد باسل فليحان المالي ندوة اقتصادية حوارية ،ضمن فعاليات معرض الكتاب، تحت عنوان " أبعد من الدين: لبنان وخياراته المالية" تمحورت حول أزمة الدين العام في لبنان، بحضور شخصيات سياسية وأكاديمية بارزة، من بينها رئيسة النادي الثقافي العربي سلوى السنيورة بعاصيري، والوزير السابق ناصر ياسين، والدكتور خليل جبارة، وزياد عبد الصمد، والسيدة باسمة انطونيوس، لمياء بساط. وافتتحت الجلسة بكلمة ألقتها بساط، التي تطرّقت إلى الصعوبات المالية الراهنة، معتبرة أن معرض الكتاب يُعد منبرًا أساسيًا لتوصيل رسائل اقتصادية جريئة. وقالت:"هذه المساحة للنقاش وطرح الأسئلة المحرجة. هدفنا اليوم هو تحفيز الناس على الفهم والقراءة". أدار الندوة عبد الصمد، وتحدث جبارة عن التحديات البنيوية التي يواجهها الاقتصاد اللبناني، مشيرًا إلى أن "اتفاق واشنطن" الذي كثر الحديث عنه لا ينطبق على الواقع اللبناني. وأكد أن لبنان مبني على التقشف، مشيرا إلى أن إرتفاع الدين العام جاء نتيجة عملية إعادة الإعمار التي حصلت في عهد الرئيس الراحل رفيق الحريري، بينما جرى الإنفاق غير المجدي فيما بعد نتيجة الإعتبارات السياسية والحزبية. وفي مداخلتها، لفتت أنطونيوس إلى أن لبنان كان يملك خبرات متعددة في مجال الدين العام، لكنها تراجعت بفعل الأزمات، ما أدى إلى انخفاض عدد الموظفين من 23 إلى 8 فقط. وأضافت أن القروض لم تعد ترفًا، بل باتت ضرورة اجتماعية بالنسبة لكثيرين من المواطنين الذين يحتاجونها لتسديد التزاماتهم الأساسية. أما ياسين، فأشار إلى أن لبنان شهد نوعًا من الاستقرار الاجتماعي في السنوات الماضية، لكنه طرح تساؤلات حول من يملك القدرة فعليًا على إصدار قرارات متعلقة بالتقديمات الاجتماعية، والأهم:من يمكنه وضع سلّم جديد للأولويات الحكومية؟ كما لفت إلى غموض وضع الأموال الجديدة، متسائلًا عن مدى شفافيتها وسبل إدارتها؟ تفسير الأحلام: تقاطعات المنام والسياسة في التراث الإسلامي نظم النادي الثقافي العربي ندوة فكرية عميقة تناولت موضوع تفسير الأحلام في التراث العربي والإسلامي. وافتتحت الندوة الباحثة لينا الجمال، التي قدمت محاضرة متميزة استعرضت فيها دور الأحلام في التراث الإسلامي، مركزة على العلاقة المعقدة بين عالم المنام والسلطة السياسية، وكيفية توظيف هذه الرؤى لتبرير القرارات السياسية وتعزيز شرعية الحكام. وقد شاركت الجمال في تحقيق كتاب "البشارة والنذارة في تعبير الرؤيا "لأبي سعد الخركوشي، الذي ظل قرونًا منسوبًا خطأً لابن سيرين. عرض الباحث الدكتور بلال الأرفه لي موضوعًا لافتًا حول تفسير الأحلام، انطلق فيه من كتابه والدكتورة لينا الجمّال "إني رأيت في المنام" الذي يضم مختارات من نوادر الرؤى، جامعًا بين الدقة العلمية والروح الأدبية. وتحدث الأرفه لي عن مشروعه الأكاديمي الأكبر المسمى "إيقاظ المخطوطات من سباتها"، الذي يكرس فيه جهده مع الدكتورة الجمّال لتحقيق كتب تعبير الرؤى التي ظلت لفترات طويلة مخفية في الأرفف والمكتبات، مشيرًا إلى استمرار شعبية كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين في معارض الكتب رغم التطورات التكنولوجية الحديثة، معبّرًا عن ضرورة العودة إلى المصادر الأصلية لتحقيقها وتحريرها. وردًا على سؤال حول الحضور الجماهيري والاهتمام الشعبي بكتب تفسير الأحلام، قال الأرفه لي: "عندما أقدّم لقاءً تلفزيونيًا في الإمارات، كثيرًا ما تُطلب مني نسخة من كتاب تفسير الأحلام، مما يدل على تعطش شعبي مستمر لهذا النوع من المعرفة. وهذا ما دفعني إلى العودة للمصادر الأصلية والعمل على تحقيقها وتحريرها، لأن الكثير مما يُتداول اليوم لا يستند إلى أصول علمية دقيقة". أما الجمال فأكدت أن التراث الإسلامي القديم تناول عوامل مثل زمان الرؤيا وأحوال الرائي واختصاص المعبر في تفسير الأحلام، لكنه أغفل دور "مكان المنام" الذي اعتبره غير مؤثر. إلا أن دراسة كتب الأدب العربي كشفت أن المكان يلعب دورًا في تشكيل مضمون الرؤيا. واستشهدت الجمّال بكتاب "الفرج بعد الشدة" للتنوخي، موضحة كيف تجلّى السجن كمكان في الرؤى ليس كبُعد مادي فقط، بل برمزيته، حيث تحدثت الدكتورة الجمّال ضيفة الجلسة الاولى فاستحضرت منامات السجناء قصة النبي يوسف عليه السلام، الذي برز كعالم في تفسير الرؤى وخرج من سجنه بفضل رؤياه. وتطرقت الجمّال إلى تحليل الرموز المعمارية في الأحلام، مبينًة أن المباني في المنام تعكس البنية الاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الفوارق الطبقية والتمييز الجندري والدلالات النفسية، مشبهةً الرؤيا بالرحلة التي تنقل الحالم من فضاء إلى آخر دون ارتحال مادي. وتوسعت الباحثة لينا الجمال في تحليل هذه الرموز المعمارية، مؤكدة الابتعاد عن فرض نظريات علم النفس الغربية مثل فرويد ويونغ على الثقافة العربية الإسلامية، وضرورة العودة إلى نظريات أصيلة داخل التراث العربي، كنظرية "عين القلب وعين الرأس" عند الغزالي وتجارب ابن الهيثم في الإدراك البصري، لفهم بنية الرؤيا في سياقها الثقافي والمعرفي. وأشارت إلى تباين دلالات الرموز في كتب تفسير الأحلام تبعًا لاختلاف المذاهب والاتجاهات الفكرية لصناع هذه الكتب، مستشهدة برمز "الخبز" الذي كان يعبر عن الفقر والمرض في التعبير اليوناني القديم، بينما تطور في التراث الأدبي العربي إلى رمز للعيش الكريم والمعرفة الروحية. واعتبرت أن هذا الاختلاف يعكس تأثر كتب تفسير الأحلام بفكر وأيديولوجيات مؤلفيها، ما يجعل علم تفسير الأحلام يشبه "زهرة دوار الشمس" التي تتجه نحو فكر المؤلف. وأوضحت أن الأحلام في التراث الإسلامي لم تكن مجرد ظاهرة فردية أو روحية، بل كانت أداة سياسية محكمة الاستخدام من قبل الحكام والسلطات، إذ اعتمد الخلفاء والأمراء على مناماتهم لتشريع حكمهم وتثبيت سلطتهم أمام الرعية، معتبرين الرؤى دليلاً روحياً يُبرر القرارات المصيرية، بما في ذلك الفتوحات التاريخية مثل فتح الأندلس والقسطنطينية. واعتبرت الجمال أن تحرير هذه الكتب وإعادة قراءتها بعين الباحث المعاصر هو استعادة لتراث مهمل، وفتح لنقاشات معرفية جديدة تتجاوز النظرة السطحية للأحلام، باتجاه فهم أعمق لتجليات الروح والثقافة في المنام. تحوّلات الذّات والمؤرّخ في الجلسة الثانية التي جاءت تحت عنوان "تحوّلات الذّات والمؤرّخ"، تحدّثت المؤرّخة ناديا ماريا الشيخ، عن تجربتها الأكاديمية ومسيرتها البحثية، مسلّطة الضوء على تحوّلات الذات والعلاقة الشخصية مع التاريخ. واستهلّت الشيخ حديثها بالعودة إلى الطفولة، حيث نشأت في منزل يقدّر القراءة، لا سيّما كتب التاريخ، ما ساعدها على التميّز في هذا المجال لاحقًا. وقد أتقنت فنون البحث العلمي خلال دراستها الجامعية، وتعلّمت إعادة مساءلة السرديات التاريخية بإشراف أساتذتها. وذكرت كيف انتقلت لاحقًا إلى جامعة هارفرد، حيث بدأ اهتمامها بالتاريخ البيزنطي. وأشارت إلى أن بداياتها في الكتابة التاريخية تعود إلى حقبة الثمانينات، وهي فترة اتسمت بتوتر في العلاقات بين الشرق والغرب، مما انعكس على مقارباتها البحثية. كما تناولت تأثير عودتها إلى لبنان بعد الحرب، في ظل أزمة مالية خانقة، على رؤيتها الأكاديمية. وأكدت أنها كانت أول امرأة تنضم إلى الهيئة الإدارية والتعليمية في كلية التاريخ في الجامعة الأميركية. وقالت: "المكان يؤثّر على نوع التاريخ الذي يرغب الكاتب في تدوينه"، مشيرة إلى أن تجربتها الشخصية انعكست بوضوح في كتاباتها. وتحدثت عن أعمالها ومؤلفاتها: الكتاب الأول: "بيزنطة كما يراها العرب"، تحدّثت عن مشروع هذا الكتاب الذي وُلد من اهتمامها بالرؤية العربية للإمبراطورية البيزنطية. وانطلقت من تفاسير القرآن الكريم. أما الكتاب الثاني فكان بعنوان: "بلاط الخليفة المقتدر"، انطلق هذا العمل من اهتمامها بثقافة البلاط العباسي، حيث سعت إلى تعريف مصطلح "البلاط" وتحليل اللغة والمفردات المرتبطة بالحاشية والمجال المحيط بالخليفة. درست شخصية الحاجب و"الكهومانة"، وأبرزت تنظيم الفضاء حول الخليفة، مركّزة على شخصية الخليفة المقتدر الذي تولّى الحكم بعمر 13 سنة. ولفتت إلى وفرة المصادر حول هذه المرحلة، ما مكّنها من جمع معلومات ثمينة. والكتاب الثالث كان بعنوان: "النساء والإسلام في العصر العباسي"، وتناول هذا العمل صور النساء في السرديات العباسية، وسعت فيه إلى فهم كيفية التعبير عن النساء في القصص التاريخية. وركّزت على مسألة "رسم الحدود مع الآخر"، مشيرة إلى أن المؤرخين يرون التاريخ كتسلسل من التحوّلات التدريجية، لا كوقائع ثابتة. عبد الله العلايلي...رمز اللغة العربية والفكر القومي نظّم إتحاد الكتاب اللبنانيين ندوة تكريمية فكرية بعنوان "العلامة الراحل الشيخ عبد الله العلايلي"، لتسليط الضوء على مسيرة العلامة الراحل الشيخ عبد الله العلايلي، أحد أبرز رموز اللغة العربية والفكر القومي في القرن العشرين، بحضور نخبة من الأساتذة والباحثين والمفكرين، الدكتور محمد توفيق ابو علي، الدكتور ميل منذر، أحمد نزال، فايز ترحيني، مراد السوداني، حيث تمّت مقاربة شخصيّته من جوانب لغوية، فكرية، قومية واجتماعية. قدّم أبو علي مداخلة تناول فيها شخصية العلايلي بوصفه مجددًا لغويًا وفقيهًا عقلانيًا. أشار إلى أن العلايلي "صنع من حروف اللغة جسورًا للمعرفة"، وأنه لم يكن مجرّد أستاذ، بل مثّل نموذجًا للعالِم الملتزم الذي يرى في اللغة وطنًا للمعنى والانتماء. وفي قراءة تحليلية لفكره، أوضح منذر أنّ العلايلي لم يكن لغويًا تقليديًا، بل مفكّرًا أعاد ترتيب العلاقة بين الكلمة والفكر، مؤكدًا أن الشيخ كان يرى في اللغة مفتاحًا لفهم الذات والوجود العربي، واعتبر أن مشروعه اللغوي كان مشروعًا نهضويًا تحرريًا بالدرجة الأولى. كما شارك في الندوة، الأمين العام لاتحاد الكتّاب اللبنانيين أحمد نزال، مشيدًا بدور العلايلي في تكريس اللغة كأداة مقاومة ثقافية وفكرية، مبرزًا أثره في الأجيال الجديدة. واستعرض مقولة العلايلي التي تقول: "اللغة غاية لا وسيلة"، التي تلخّص رؤيته للّغة بوصفها عنصرًا وجوديًا، أنا أفكر بفكر عربي، فإذًا أنا موجود عربي، فإذا لم تكن لنا لغة قومية صحيحة، فلن يكون لنا فكر قومي صحيح". وعلى الرغم من إعجابه الشديد بـابن جني، خالفه في تعريف اللغة على أنها مجرد أصوات، معتبرًا إياها نظامًا حيًّا متفاعلًا يتطوّر ضمن أنساق وسياقات. نشاط الأطفال في إطار النشاطات المخصصة للأطفال ، قدّمت جمعية T.E.A.C.H. لقاءً تربويًا مميزًا بعنوان "وينو خيفان؟"، أحيته الحكواتية والمعالجة اللغوية فاطمة كمال. شارك في النشاط 174 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 7 و12 سنة، من ضمنهم عدد من الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة. وانطلقت الجلسة بسؤال بسيط وجريء من المنسقة هبة محمد: "بتخافوا؟ وشو أكتر شي بخوفكن؟"، فكان التفاعل فوريًّا وحيويًا، مما مهّد الأرضية لسرد القصة بطريقة قريبة من قلوب الأطفال. روت فاطمة حكاية الطفل "خيفان"، الذي يعيش يومياته وهو يهاب كل شيء: من الأصوات المرتفعة والمنخفضة، إلى المدرسة، الامتحانات، وحتى صوت الرعد. وتخللت القصة مؤثرات صوتية حقيقية – كصوت القطة، صوت جرس المدرسة، والرعد – مما زاد من تفاعل الأطفال واندماجهم في القصة. برنامج الخميس 22 أيار 2025 ● تنظم دار النهضة العربية ندوة "حول زمن الطوفان لكن أين نوح؟"يدير الندوة يقظان التقي، يشارك فيها كل من البروفسور غسان سكاف والشاعر عمر شبلي وهاني سليمان وشوقي ابو لطيف وذلك الساعة الثانية والنصف في قاعة توفيق باشا (أ). ● ينظم النادي الثقافي العربي ودار نلسن ندوة بعنوان "مئوية سليمان البستاني" يشارك فيها كل من ربيعة أبي فاضل، سلمان زين الدين ، حبيب يونس، وسليمان بختي وذلك الساعة الرابعة في قاعة توفيق باشا (أ). ● ينظم النادي الثقافي العربي وكرسي الشيخ زايد ندوة بعنوان "الغواص أبو حامد الغزالي" مع حوار الروائية ريم بسيوني، يشارك فيها كل من الأستاذة هالة الخطيب والدكتور بلال الارفه لي وذلك الساعة الخامسة في قاعة توفيق باشا(أ). ● ينظم النادي الثقافي العربي ندوة بعنوان "الثقافة – الحصن الأخير" يشارك فيها كل من الأستاذ ابراهيم العريس، والدكتور علي الصمد وذلك الساعة السادسة والنصف في قاعة توفيق باشا (أ). ● تنظم دار النهضة ندوة بعنوان "مناقشة كتاب فلسفة التواصل" يشارك فيها كل من هيثم قطب، زكي جمعة، طلال عتريسي وتدير الندوة مي العبد الله و ذلك الساعة السادسة والنصف في قاعة الياس خوري (ب). ● تنظم جمعية TEACH ندوة بعنوان " تحديات الذكاء الاصطناعي في توليد المحتوى الرقمي الرصين" يشارك فيها كل من ربيع بعلبكي ومصطفى شمس الدين وتدير الندوة ميرنا عطية و ذلك الساعة السابعة في جناح (A6). توقيعات الكتب: * يوقع مروان طراف كتابه "لعنة باب عكا" بين الساعة الخامسة والثامنة في جناح رياض الريس لكتب والنشر . * توقع مزنة رياض كمال والرسامة فاطمة موسى قصير (توقعه الرسامة نيابة عن الكاتبة ) كتاب "من الماء" الساعة الرابعة والنصف في جناح دار قمرة للنشر. * توقع الكاتبة كارولين شادارفيان كتابها "حين يزهر الوعي" بين السادسة والثامنة في جناح دار ناريمان للنشر * في دار النهار يوقع جان دوست كتابه "اخر معارك الجنرال " بين الساعة الرابعة والسادسة، وتوقع يارا الحجار كتابها "a journay beyond the visible" بين الساعة الخامسة والسابعة. * توقع فاطمة شرف الدين كتابها "20 ألف دولار" بين الساعة الخامسة والسابعة في جناح دار الساقي. * في دار النهضة توقع الدكتورة مي العبدالله كتابها "فلسفة التواصل من فعل الرصاصة الى المتاهة" الساعة السابعة، ويوقع الشيخ سامر مرعي كتابه "المصارف الاسلامية في ميزان الشريعة" بين الساعة الرابعة والنصف والساعة السادسة. * في دار الفارابي يوقع اللواء الركن الدكتور عبد الرحمن شحيتلي كتابه "الحدود البنانية البرية والبحرية دراسة تاريخية وجغرافية وسياسية" بين الساعة الخامسة والسابعة، ويوقع وجيه قانصو كتابه "فكرة الله الحقيقة والمعنى" بين الساعة السابعة والتاسعة. * يوقع علوان امين الدين كتابه "الصدع الفولاذي من اوديسا الى قناة السويس" بين الساعة الخامسة والسابعة في جناح دار ابعاد. * توقع حكمت حسن كتابه "نصف شمس تعبث معنا " بين الساعة الخامسة والسابعة في جناح دار نلسن. * يوقع حسين المولى كتابه "الجريمة الكبرى مسؤولية بريطانية عن قيام اسرائيل من التبني الفكري حتى قيام الكيان" بين الساعة الرابعة والسابعة في جناح دار روافد. * في دار الولاء توقع مريم رضا كتابها "الجمهورية الاسلامية" بين الساعة الخامسة والسابعة، يوقع قاسم الساحلي كتابه "حين عبرنا النهر" بين الساعة السابعة والتاسعة, * توقع حوراء حجازي ومروى الشامي كتابهما "يد الله تحيطني ويد مريم" بين الساعة الثالثة والساعة الرابعة والنصف في جناح دار اللواء. * توقع فادية كامل حسين كتابها "التعليم المتمايز من المفهوم الى التطبيق" الساعة الخامسة في جناح دار مكتبجي. * توقع امال مخول كتابها "حقائب فارغة" بين الساعة السابعة والتاسعة في جناح دار سائر المشرق. * في جناح شاعر الكورة الخضراء يوقع غسان حمد كتابيه "ادباء وشعراء الضنية" وديوان "لقد مسني الشعر" بين الساعة الثالثة والسادسة وبين السعة الثالثة والخامسة، ويوقع احمد يوسف كتابه "خيوط المغيب" بين الساعة الرابعة والسادسة. وتوقع غادة السمروط (يوقع عنها احمد يوسف) كتابيها "ومضات فارسية والان معاً" في جناح مندى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحادة الثقافي. يوقع محمود شحادة ثلاثة دواوين "عندما تزهر الاعشاب في ايلول، كما العبير وعائد على اجنحة الرحيل" بين الساعة الرابعة والسادسة. يوقع علي اسماعيل كتابه "الرفض في شعر ادونيس وديوان الجدول المحترق" بين الساعة الرابعة والسادسة، يوقع جورج الحاج كتابه "رواية ساشا"، ويوقع بسام الموسى كتابه "اركض ورائي" بين الساعة الثانية عشر والساعة الثالثة. * يوقع الدكتور البير داغر كتابه "العرب بعد 1973 خمسون عاما من المراوحة في المكان" بين الساعة الخامسة والسابعة في جناح منتدى المعارف. * يوقع احمد الزعتري كتابه "تجربة فريدة في فن الخط" الساعة العاشرة في جناح مكتبجي * يوقع بشارة مرهج كتابه "جذور الانهيار الاقتصادي في لبنان" بين الساعة السادسة والثامنة في جناح دار العربية للعلوم ناشرون.


سيدر نيوز
١٦-٠٥-٢٠٢٥
- سيدر نيوز
حضور قوي وفعّال للمرأة في الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان
يعبر مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية والاختيارية القائمة في لبنان عن حضور فاعل لها في العملية السياسية والديموقراطية. وأثبت العديد من النساء في الأعوام الأخيرة حضورهن في إدارة الشأن العام وفي مراكز صنع القرار وتولي المسؤوليات في المجالس البلدية ليس كعضوات وحسب، بل كانت هناك تجارب ناجحة لسيدات رئيسات بلديات لعبن دورا أساسيا في عملية التنمية المحلية في بلداتهن. اليوم، ومع العدد الكبير للوائح التي ستخوض الأحد المقبل غمار الاستحقاق البلدي في مرحلته الثالثة، سجلت مشاركة واسعة للنساء على تلك اللوائح وبنسب مرتفعة عن ذي قبل، وصل بعضها إلى تمثيل للمرأة مناصفة بينها وبين الرجل. وفي دراسة أجرتها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، أشارت إلى أن نسبة الفائزات من الفائزين في آخر انتخابات بلدية عام 2016 بلغت 5،6 بالمئة، وسجلت محافظة بيروت أكبر نسبة نجاح للمرأة بلغت 14.3%، حيث فازت ثلاث نساء بالعضوية في مجلس بلدية بيروت المنتهية ولايته مقابل 21 رجلا. رئيسة جمعية «فيفتي فيفتي» جويل أبو فرحات، وهي جمعية غير حكومية، قالت لـ «الأنباء»: «المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية في جبل لبنان بلغت نسبة الفائزات من النساء 14%، أما في انتخابات الشمال فلا أرقام نهائية في انتظار صدور نتائجها رسميا». وشددت «على أهمية وجود المرأة في المواقع الأساسية، والتي أثبتت من خلال التجارب السابقة أن حضورها في العمل البلدي كان حيويا وفاعلا، لأنها تدرك أكثر احتياجات وأولويات مجتمعها، ولديها النظرة الخاصة تجاه العمل التنموي وفي إدارة الحكم المحلي». وتعتبر أبو فرحات «أن المرأة مؤهلة للاستجابة لحاجات كل فئات المجتمع من كبار السن والشباب والشابات والنساء، وهي بذلك تكون منخرطة أكثر في العمل الإنمائي أكثر من الرجل الذي يسعى إلى السلطة، لذا نشدد في الجمعية على أهمية مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية، وقد قامت الجمعية بحلقات توعية في أكثر من منطقة لبنانية لإبراز دور المرأة في العمل البلدي، ما أدى إلى ضغط ووعي أكثر حول أهمية الانخراط في العملية الانتخابية، اضافة إلى حملات التوعية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي دعونا فيها إلى اشراك ما نسبته 30% على اللوائح، وهذا ما حصل ودعمنا المرشحات على تلك اللوائح التي استجاب أصحابها إلى طلبنا». ولفتت أبو فرحات إلى أنه سبق للجمعية ان تقدمت باقتراح قانون في العام 2023 لإعداد تعديلات على القانون الانتخابي لتطبيق الحصة (الكوتا) النسائية في المجالس البلدية «وهذا اقتراح وقع عليه 10 نواب يمثلون 5 كتل نيابية، وجرى اعداده من قبل خبراء في القانون والانتخابات وينص على إعطاء «كوتا» نسائية بنسبة 50% في المجالس البلدية المكونة من 15عضوا وما فوق، و30 في المئة للمجالس المكونة من 9 و12 عضوا، لكن الظروف التي مرت بها البلاد حالت دون اقراره بعد إحالته إلى اللجان المشتركة». وأشارت إلى أن الجمعية «أطلقت قبل شهر في بيروت «اتفاقية سلمة»، وهي مختصر سوا للمساواة. هي اتفاقية معنوية والتزام أخلاقي من جميع من يوقعها لضمان مشاركة فعالة للنساء في الحياة البلدية، ولتحقيق التوازن والمساواة من خلال تأمين نسبة لا تقل عن 30% من النساء في المجالس البلدية والاختيارية». وقالت «بعد تعذر إقرار الاقتراح المتعلق بالكوتا النسائية كان علينا إيجاد جسر عبور وأدوات ضغط، فذهبنا باتجاه اتفاقية «سلمة» التي وقعت عليها الكتل، كما جرى توقيعها من قبل بلديات ومخاتير وعائلات وروؤساء بلدية، وكل ذلك ضمن شبكة فيفتي فيفتي». وشكلت لائحة «ائتلاف بيروت مدينتي 2025» حالة خاصة، وتخطت الكوتا النسائية، ورشحت للمجلس البلدي في بيروت المؤلف من 24 عضوا 13 امرأة و11 رجلا. ومن بين المرشحات أمل يحيى الشريف التي سبق لها أن خاضت التجربة في العام 2016 ضمن اللائحة ذاتها وحلت في المرتبة الرابعة من حيث نسبة الأصوات التي نالتها. واليوم تكرر التجربة بناء لطلب القيمين على اللائحة وبدعم من معارفها وأصدقائها كما قالت لـ «الأنباء»، ورأت «ان التجارب أثبتت نجاح النساء في العمل البلدي، بل وتفوقها في أي مركز تتبوأه». وتعمل الشريف وهي من ذوي الإعاقة، في مجال التصميم الإبداعي، وهي مؤسسة ورئيسة جمعية نسوية تعمل على تغيير المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالإعاقة، وتركز على محاربة الوصمة أو التمييز بين الأفراد. وعن رأيها في اليوم الانتخابي الأحد المقبل في بيروت، تقول الشريف انها ستشهد تنافسا قويا نظرا إلى تعدد اللوائح. «وما أخشاه أن يكون المشهد شبيها بما حصل الأحد الماضي في مدينة طرابلس.. على أي حال الأمر يتوقف على وعي الناخب وأهمية مشاركته في الانتخابات والقيام بواجباته في التصويت». وتؤكد الشريف أن المعركة الانتخابية متشعبة «حيث يختلط فيها الطابع السياسي بالشأن العائلي. اليوم هناك جمهور واسع يبدو أنه لن يشارك وهو يشكل شريحة واسعة، وقسم من هذا الجمهور أي تيار المستقبل صوت لي في انتخابات 2016. وفي حال استنكف عن المشاركة ستكون نسبة التصويت متدنية، وتكون الغلبة لصالح لائحة الأحزاب التقليدية، إلا في حال قرر هذا الجمهور الواسع النزول والمشاركة». وقالت «تعاني بيروت نقصا في الخدمات، وتحتاج إلى ورشة عمل كبيرة تعيد لها وجهها. ورشة تبدأ ولا تنتهي من إدارة البنية التحتية وصيانة الطرق والشوارع، وتوفير الإنارة العامة وتأمين المياه والكهرباء، إلى الرعاية الاجتماعية ودعم الفئات المحتاجة، والخدمات العامة كالنقل العام والحدائق والمساحات العامة.. كما تحتاج إلى تخطيط عمراني وتطوير حضري، والى الكثير من الخطط والمشاريع التي تؤدي إلى تعزيز جودة الحياة».


صوت لبنان
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- صوت لبنان
"هَبّة" نسائية في الانتخابات البلدية... لإحداث الفرق
الراي الكويتيةزيزي إسطفانهَبَّةٌ نسائيةٌ واضحةٌ تنقل الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان، من ميدانٍ «يقبض» عليه الرجال في شكل شبه كلّي إلى فضاء مفتوح أمام المرأة بلا حواجز. لم ينتظرن قانون الكوتا ولا «وعود الشرف» بين الأحزاب والعائلات، بل بادَرْنَ من تلقاء أنفسهن للترشح، وفَرَضْنَ وجودهنّ على اللوائح الانتخابية، لا لتجميلها وتطعيمها رمزياً بالجنس اللطيف كما جرت العادة، بل لشراكةٍ فعلية استناداً على كفاءة وخبرة وجرأة في خوض معترك خدمة الوطن وناسه، وكأنه يترشحن لـ... يصنعن الفارق. ظاهرة لافتة تشهدها الانتخابات البلدية والاختيارية اللبنانية في لبنان بنسخة 2025 التي تنطلق غداً الأحد، حيث لا تكاد تخلو لائحة من وجوه نسائية سواء في المدن الكبرى أو في الضواحي وحتى الأرياف. ولا يُقرأ تَزايد ترشّح النساء إلى المجالس البلدية رغم عدم نهائية الأرقام بعد كظاهرة رقمية فقط، بل بوصفه تعبيراً عن تحوّل نوعي في العقلية المجتمعية في اتجاه التقبّل الجدي لموقع المرأة ودورها في إعادة بناء المجتمعات المحلية في بلدٍ يرزح تحت أزمات مركّبة اقتصادية واجتماعية وأمنية. فهل تعكس أعداد المرشّحات قدرة المرأة على كسر الحواجز الذكورية المتجذّرة في العمل البلدي، وقابليتها للانخراط في مشاريع تنموية تعبّر عن حاجات مجتمعاتهن؟ ... تَصاعُد كالسهم لم تشهد الانتخابات البلدية السابقة في لبنان مشاركةً نسائية تُذكر. ووفق «الدولية للمعلومات» بلغتْ نسبة المرشّحات الى البلدية في كل المحافظات في آخر انتخابات جرت في 2016 نحو 6.87 في المئة اي ما يعادل 661 مرشحة، واقتصرت نسبة الفائزات على 5.44 في المئة. ولم تكن هذه النسب أعلى بكثير مما شهدتْه انتخابات العام 2010 حيث بلغت نسبة المرشحات 5.6 في المئة ونسبة الفائزات 4.69 في المئة. وإذ شهدت الانتخابات الاختيارية فوز 57 من أصل 381 مرشّحة، فلم يتخطّ عدد الفائزات برئاسة البلدية سبع نساء، وأتت غالبيتهنّ من خلفية وراثية أو حزبية. اليوم ورغم عدم صدور أرقام رسمية بعد نظراً لعدم قفل باب الترشيحات وباب الانسحاب من كل المحافظات (تُقفل تباعاً)، فإن النسب تبدو للوهلة الأولى أعلى من ذلك بكثير. إذ يكفي إلقاء نظرة على اللوائح في كافة المناطق لمعرفة إقبال النساء على الترشح. وقد ساهم اتفاق «سلمة» في زيادة عدد المرشحات، وهو التزام شرف غير مُلْزِم قانونياً أطلقتْه جمعية «فيفتي- فيفتي» بالتعاون مع عدد من الأحزاب السياسية والعائلات بهدف تعزيز تمثيل النساء في المجالس البلدية ووصول ما لا يقل عن 30 في المئة من النساء في البلدية الصغيرة و50 في المئة في البلديات الكبرى، ولا سيما وان قانون الكوتا النسائية لم يتم إقراره في البرلمان اللبناني، فجاء اتفاق سلمة الذي يعني «سوا للمساواة» كبديل عنه. علماً أنه كان يمكن لهذا القانون لو أقر أن يؤمن وصول نحو 4000 امراة الى المجالس البلدية من بين 12475 عضواً. بعض الأحزاب السياسية والمرجعيات الدينية لم تكن راضية عن اتفاق «سلمة»، ونتيجةً لذلك واجهت بعض المرشحات كما علمت «الراي» تحدياتٍ ووضْعاً للعصي في الدواليب، مع محاولاتٍ لردعهن عن المضي في مشوار الترشح من فاعليات محلية دينية وسلطوية، فيما تبنّت أحزاب أخرى اتفاق «سلمة» بقوةٍ واقتناع. وقد بلغ تمثيل المرأة في منطقة بشري الجبة مثلاً نسبة 30 بالئمة أي 38 امرأة من أصل 128 مرشحاً، ما يعكس التزام النائبة ستريدا سمير جعجع وحزبها (القوات اللبنانية) بهذا الاتفاق. ولكن لم يكن سهلاً على الأحزاب اللبنانية ورؤساء البلديات الحاليين ممن «أفرطوا التعلّق» بالسلطة القبول بترشح نساء، لا الى عضوية البلديات بل الى رئاستها، إذ شكل ذلك نوعاً من التحدي لهم. ونادراً ما رشحت الأحزاب أسماء نسائية لرئاسة البلدية وكأن مفهوم السلطة لا يزال ذكورياً بالكامل. وهنا يمكن استعراض مسيرة السيدة كورين الأشقر التي ترشّحت لرئاسة إحدى البلديات الكبرى خَلَفاً لوالدها الذي أمضى عمره في العمل البلدي فإذ بها تُواجَه بمعارضةٍ شديدة من الأحزاب المحلية التي غالباً ما تكون متناحرة فيما بينها، لكنها تتوحد بسحر ساحر ضد كل من تعتبره طارئاً ومن خارج العباءة الحزبية، كما تلتفّ بعض الفاعليات الطائفية حول رجالاتها لقطع الطريق على النساء، وهو ما يبدو جلياً في بلدات عدة لم تَظهر فيها أي ترشيحات بصيغة «تاء التأنيث». وتتجلى المحاربةُ التي تواجهها الأشقر وغيرها من خلال تغييب الدعم المالي لهنّ والتعتيم على ترشحهنّ، مع نشْر الكثير من الشائعات حول صعوبة وصولهنّ الى مركز قيادي والترويج لاحتمالات الفوز الكبيرة للوائح المقابلة. وتروي سهيلة عماد تجربتها في الترشح الى منصب عضو بلدي في بلدة كبيرة نسبياً قائلة: «أنا موظّفة بلدية سابقة، وأعرف خبايا المجلس البلدي من الداخل. لكنني لم أتجرّأ على الترشح مِن قَبل، لأنني كنت أشعر بأن المعركة خاسرة سلَفاً مع حيتان السلطة المحلية. لكن بمجرّد أن بدأتُ بدوراتِ مع جمعية فيفتي- فيفتي، شعرتُ بأن هناك مَن يؤمن بقدرتنا على التغيير. وقد ساعدوني في وضع خطة انتخابية، وسندوني معنوياً قبل أي شيء، ولم أعد أرى في السياسة حاجزاً، بل فرصة. وإذا لم أربح سأكون قد فتحت الطريق لغيري، ذلك أن مسار ترشح النساء للعمل في الشأن العام انطلق بقوة ولن يتراجع». وكشفت رئيسة منظمة «فيفتي - فيفتي» جويل أبو فرحات في حديث سابق لها عن تحضير نحو 3000 امرأة لخوض الانتخابات البلدية المقبلة، من خلال برامج تدريبية تهدف إلى تعزيز مهاراتهن وتمكينهن من الترشح. لا وجاهة بل عمل جدّي تَرَشُّح النساء لا يشبه ترشّح الرجال على الإطلاق. ففي حين يرى قسم كبير من الرجال في العمل البلدي نوعاً من الوجاهة والسلطة وتمثيلاً متوارثاً لعائلاتهم، فإن النساء يترشّحن متسلّحاتٍ بكفاءتهنّ للعمل وعلى قاعدة وضْع طاقاتهن الفكرية والإدارية في خدمة بلداتهن وليس حباً بالوجاهة والظهور. وفي نظرة الى السِيَر الذاتية لغالبية المرشحات يتبين أن مَن ترشحن يملكن خلفية علمية ومهنية عالية المستوى، سواء بالنسبة للبلدية أو المخترة ولو أن بعضهنّ يكملن مسيرةً عائلية في «الإرث البلدي». ففي طرابلس مثلاً لائحة نسائية تضمّ 13 سيدة باختصاصاتٍ تنطلق من الإجازة التعليمية وصولاً الى الدكتوراه في مجالات مختلفة من الزراعة الى العمارة والقانون والهندسة، مروراً بالفنون الجميلة الراقية. أما في الحازمية فتضمّ إحدى اللوائح نسبة 47 في المئة من النساء. وتقول منال ابو ملهب المرشحة الحائزة على إجازة في الحقوق ودبلوم في الغناء الشرقي، إن بلدتها تستحقّ تنوعاً في الاختصاصات ولا سيما الثقافية منها لإعادة وضعها على الخريطة الثقافية والفنية في البلاد. وفي بتدين اللقش (قضاء جزين - الجنوب)، تخوض كارلا العازار عيد الانتخابات البلدية بعد ما يشبه «الانتخابَ التمهيدي» الذي شجّعها وحضّها على الترشح، هي التي تملك خلفيةً إدارية، بالشهادة العلمية، وقانونيةً بفعل عملها في مكتبٍ مرموق للمحاماة في بيروت. عيد، الزوجة والأم لولدين (ابن وابنة) لم تجد من عائلتها إلا كل دعم وتشجيع، وتقول لـ «الراي» إنها تَعتبر تَرَشُّحها مدخلاً لمساهمةٍ في إنماء بلدتها بعيداً من الصورة النمَطية عن العمل البلدي التقليدي كممرّ إلى سلطة ووجاهة «فالبلدية مدخلٌ للارتقاء بالبلدات ارتكازاً على حاجات سكانها وربطاً برؤيةٍ يُفترض أن تكون موجودة لتطويرها وتحديثها بناء على مشاريع وأحلام تُصنع بالعمل والتخطيط والتنفيذ، على كل المستويات في زمن الذكاء الاصطناعي الذي وفتوحاته اللا متناهية». تجارب نسائية ناجحة في فورة الترشيحات الحالية يمكن استعادة تجربتين ناجحتين جداً لسيدتين أثبتتا ان المرأة في الشأن العام البلدي والاختياري يمكن أن تتفوّق وتحقق أكبر الإنجازات ليس «مع أنها امرأة» بل... «لأنها امرأة». رمزة عساف إعلامية معروفة، برعتْ في عملها الصحافي والتلفزيوني، وكانت من بين قلة نادرة من النساء اللواتي انتُخبن كرئيسات للبلدية. منذ العام 2016 ترأست رمزة عساف رئاسة بلدية حردين وبيت كساب البترونية بعدما ألحّ عليها أهل بلدتها بالترشح في حين لم تكن قد فكرت بالأمر رغم تاريخٍ عائلي من العمل في الشأن العام. وتقول الزميلة عساف لـ «الراي»: «في 2016 أحببتُ كون أهل ضيعتي فكّروا في اختيار امرأة لتكون رئيسةَ لبلديتهم وتحمّستُ للفكرة بدعْمٍ منهم. لكنني ترشحتُ في اليوم الأخير نظراً لارتباطاتي المهنية الكثيرة في الإعلام. وربما كان عملي الإعلامي الدافع الأكبر لاختيارهم لي، فالإعلامي على تماسٍ دائمٍ مع نبض المجتمع من حوله واهتماماته. ومن جهتي، كان لدي هذا الإحساس المجتمعيّ الذي أسقطتُه على العمل البلدي، وكان هدفي دائماً أن أكون على قدر ثقة الناس وأن أردّ لهم ثقتهم بي عبر العمل الجدي الرؤيوي». ترأستْ رمزة المجلس البلدي المكوّن من 11 رجلاً وكانت الرئيسة الوحيدة في اتحاد بلديات قضاء البترون الشمالي. ومن الأمور الرمزية التي تشي بالكثير ان اسمها غالباً ما كان يُحوَّر ليصبح إسماً رجالياً هو رمزي عساف بعدما كان يصعب على بعض الدوائر تصديق وجود امرأة على رأس بلدية. كما واجهت غياب تاء التأنيث عن المراسلات الرسمية. وترافقتْ فترةَ ترؤس عساف للمجلس البلدي مع الانهيار المالي التام الذي شهده لبنان فكانت فترة صعبة جداً لامستْ المعاناة اليومية، لكن «الريّسة» تفاخر بأن بلديتَها التي عملت «باللحم الحي» في هذه الفترة العصيبة خرجت بلا ديون وبأنها استطاعت «تحويل البلدية الى مؤسسة شفافة مالياً وإدارياً رغم كل المحارَبات والمطبات» وبإنجازاتٍ على طريق «الشمس طالعة» تُرجمت مشاريع طرق وإنارة وتوسعة وإنارة ونقل ونفايات «والأهمّ مأسسة البلدية بمعنى أننا جعلناها مؤسسة ومن إدارتها نموذجاً في احترام الاصول والقوانين وعنواناً للشفافية الإدارية والمالية». واليوم عاودت رمزة عساف الترشح بطلب من أهل بلدتها لمنحها فرصة ثانية لتحقيق ما عرقلت الظروف السابقة إمكان تحقيقه من مشاريع إنمائية ولا سيما أن الأمل بتحسن الأوضاع في لبنان يتنامى يوماً بعد يوم. وهي ترى «أن الترشيحات النسائية المتزايدة توحي بوجود نقلة نوعية في عقلية الناس ولا سيما أن المرأة تضاهي الرجل في الإدارة وتتفوّق عليه في القدرة على التواصل مع الآخَرين وإدارة الخلافات والأزمات بعقليةٍ قياديةٍ وغير صِدامية مستمَدّة في جانب منها من دورها كربّة أسرة. كما تتمتع المرأة بميزة هامة جداً وهي عدم تعطُّشها الى السلطة على عكس كثيرين من الرجال. وحين يقوم مجتمعٌ ما باختيار امرأةٍ على رأسه فهذا يعني أنه يرى فيها كل الميزات والصفات الى تؤهّلها للعب هذا الدور، وليس اختياراً عشوائياً مبنياً على عوامل مالية او حزبية، أو وراثية فحسب». جوزيان فارس خليل هي مختارة زوق مكايل، وتُعتبر من أبرز النساء في هذا المنصب على مستوى لبنان. انتُخبت لأول مرة عام 2010، وكانت من القليلات اللواتي كسرن الصورة النمطية للمختار، حين كانت النساء يشكلن نسبة ضئيلة جداً في هذا المجال. جوزيان المختارة، شابة أنيقة ومصممة أزياء محترفة، عملت مع المصمم العالمي إيلي صعب، ولديها محترفها الخاص بها. مكتبها يعجّ دلئماً بالمواطنين. وخلال زيارتنا لها لمسْنا لمسَ اليد حبّهم وتقديرهم لها ولعملها. فهي تفهم بقانون المخترة وتفاصيله أكثر من كثيرين من المخاتير الرجال، ولا تؤجّل ورقةً أو تساوم على تحقيق طلبٍ مستوف لكل الشروط القانونية. كما أنها تَعتمد المكننة في عملها على خلاف الجيل القديم من المخاتير. أسست جوزيان وترأست رابطة مخاتير كسروان التي تضم 99 مختاراً ومختارة واحدة، وهو ما عَكَسَ تصميمَها على تأدية دورٍ ريادي في وقتٍ كانت المرأة غائبةً أو مُغَيَّبة عن هذا المجال. وروت جوزيان لـ «الراي» قبل الصمت الانتخابي مسيرتَها قائلة: «من أبرز تحدياتي كان الحصول على ختْمٍ رسمي يَحمل كلمة مختارة بدل كلمة مختار المتعارَف عليها في الدوائر الرسمية حيث لا تأنيث للوظائف. ورفضتُ الحصول على الختم، وبعد معركة استمرت شهراً ونصف شهر وبدعمٍ من وزير الداخلية آنذاك زياد بارود، كنتُ أول مختارة تحصل على خَتْمٍ مع تاء التأنيث واعتبرتُ ذلك انتصاراً لي ولكل النساء». وفي 2025 عاودت جوزيان الترشح للمخترة مزودة بتجربة طويلة ناجحة بإقرار الجميع. ... وتبقى الأنظار شاخصةً نحو صناديق الاقتراع في انتظار ما ستكشفه نتائج الانتخابات البلدية. ووحدها الأرقام ستبيّن إذا كانت المرأة ستنجح أكثر في كسر الحواجز وتثبيت حضورها في مواقع القرار المحلي.