logo
لماذا يتم تغييب الأمم المتحدة عن الأحداث الكبرى الجارية؟

لماذا يتم تغييب الأمم المتحدة عن الأحداث الكبرى الجارية؟

النهارمنذ 5 ساعات

تجارب الحرب الضروس التي جرت من فوق المحيطات والصحاري والبحار بين إيران وإسرائيل، وما رافقها من مواقف وتصريحات، وصولاً إلى إعلان وقف إطلاق النار بعد 12 يوماً من الهلع الذي أصاب الشرق الوسط والعالم، تُبيِّن أن الضحية السياسية الأولى كانت الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، حيث لم يُعر أي من أطراف النزاع هذه الهيئة الاهتمام المطلوب، حتى إبان الانتهاء من العمليات القتالية، حيث أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخبر، ناسباً له الإنجاز الذي خلّص الشرق الأوسط من الويلات، والعالم من كارثة (كما قال) بينما الجميع يعلم أن انطلاق العدوان الإسرائيلي على إيران يوم 13 حزيران/ يونيو لم يكُن ليحصل من دون تنسيق مع الإدارة الأميركية.
وسياق تطورات الحرب على غزة، كما عمليات التفاوض الثنائية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية التي انطلقت في 12 نيسان / أبريل تجاهلت كلها الأمم المتحدة والشركاء الدوليين الآخرين، وهو ذات السياق الذي ينطبق على كل مفاصل الأحداث الأخرى، وصولاً إلى تعطيل الحراك داخل أروقة مقرّ المنظمة الدولية في واشنطن، والتي كانت ستستضيف مؤتمراً دولياً هاماً لتبني حلّ الدولتين في الشرق الأوسط.
ولا يمكن اعتبار الفيتو الذي أعلنته الولايات المتحدة الأميركية ضد مشروع قرار يهدف لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، كأنه من سياق العمل المُتعارف عليه في مجلس الأمن الدولي، ذلك أن التوافق العام الذي حصل على المشروع الذي عُرض في جلسة 4 حزيران/ يونيو 2025 (موافقة 14 دولة من أصل 15 أعضاء في المجلس) حالة جديدة ولم تحصل من قبل، ويؤكد الإرادة العارمة لدى المجتمع الدولي في ضرورة إنهاء المأساة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون، حيث يموت الأبرياء من القصف ومن الجوع والعطش ومن فقدان العناية الطبية.
الفيتو الذي لحظه ميثاق الأمم المتحدة للعام 1945، أعطيَ للدول التي ربحت الحرب العالمية الثانية إضافة إلى الصين (الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وفرنسا وبريطانيا) خشية من تمرير قرار قد يهُدِّد الأمن والسلام الدوليين. وقد استعملته المحاور المتقابلة إبان الحرب الباردة لمساندة مواقفها، وفي مواضيع لها طابع سياسي وعسكري، أو حماية للمؤيدين لهذا الطرف الدولي أو ذاك. أما استخدامه في وجه قرار إنساني صرف، يتعلق بإنهاء مأساة شعب يئنُّ تحت وطأة القتل والعذاب والتشريد والجوع منذ أكثر من عام ونصف العام من دون أن يكون لهذا الشعب أي إرادة بما يحصل – كما هو عليه الحال في قطاع غزة – فهو سابقة، ولا يمكن اعتبارها واحدة من مثيلاتها التي مضت.
تبرير وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية ماركو روبيو بأن الفيتو استخدم لإتاحة الفرصة أمام المجهودات الديبلوماسية التي يبذلها مندوبه ستيف ويتكوف للوصول إلى اتفاق لوقف النار، لم يُقنع أحداً، ذلك أن مشروع القرار لو قدر له أن ينفُذ، كان سيساعد الجهود التي تبذل لتوفير أرضية مناسبة للحل، وسيضبط جنوح المتطرفين الذين لا يُعيرون أي اعتبار للقانون الدولي الإنساني، ويتغطون تحت مظلات دعائية واهية، منها "حق الدفاع عن النفس" وهو شعار لا ينطبق اطلاقاً على قوة تحتل أراضي الغير.
يشعر المراقبون من أصحاب الاختصاص والمتابعة، أن شيئاً ما يحصل على المستوى الدولي، لا يُشبه عوارض الصراعات المتتالية منذ ما بعد تأسيس هيئة الأمم المتحدة في العام 1945، برغم أن بعض الأحداث في هذه الحقبة كانت كبيرة، ومتشعِّبة.
وخلاصة القول، إن استهدافاً واضحاً تتعرض له المنظمة الدولية ووكالتها المُتخصصة، بما في ذلك مجلس الأمن كجهة مسؤولة عن السلام العالمي. وتقويض دور الأمم المتحدة واضح للعيان في الأزمات الإقليمية المتفجرة في أكثر من مكان من العالم، لا سيما في حرب أوكرانيا، وفي العدوان على الفلسطينيين وعلى دول عربية أخرى. وقد تراجعت المجهودات الأممية لحل هذه النزاعات إلى الحدود الدنيا، وتقلَّص دور وكالة الهيئات المتخصصة في إغاثة النازحين ورعاية شؤون المشردين وفي حماية الأماكن الثقافية والدينية والصحية، والسبب وراء ذلك ليس تقصيراً من الطاقم الذي يتولَّى تنفيذ المهام، بل في القرار الذي يمنع قيام هذه المؤسسات الدولية بدورها الطبيعي، أو محاصرتهم على أقل تقدير، ويمكن الإشارة إلى منع نشاط وكالة غوث اللاجئين "الأونروا" واعتبار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش شخصاً غير مرغوب فيه بإسرائيل، كما عدم دفع المستحقات المالية لبعض وكالات المنظمة.
تبدو الأمم المتحدة بغالبية مؤسساتها وقياداتها - بما فيها الأمانة العامة التنفيذية ورؤساء الوكالات المتخصصة - كهيئة مراقبة، ليس لديهم فعالية وتأثير على مجريات الأحداث، بينما الميثاق الدولي أعطى لهم دوراً محورياً في الوساطة، وفي معالجة المشكلات ونتائجها، وتوجيه الرأي العام العالمي للتفاعل مع النكبات والأزمات وفقاً لتقييم هذه المرجعيات. والنشاط الديبلوماسي الذي يحصل بين ممثلي الدول الأعضاء في الجمعية العامة، وفي مجلس الأمن، لا يُبرِز دور الموظفين الدوليين، ويقتصر الأمر على إشراكهم في الرقابة، أو الاستشارة غالب الأحيان، بينما الأصول المرعية تعطي الأمين العام أحقية في اقتراح الحلول وفي توصيف المشكلات بتجرُّد وحيادية. وتجاهل دور هؤلاء في الحرب الأخيرة شاهد إضافي على هذه الوقائع.
هل الاختلال في موازين القوى الدولية هو الذي وضع الأمم المتحدة في هذه الحالة؟ أم أن قراراً غير مُعلن استهدف تقويض المؤسسة؟
من الواضح أن قيادات حالية مؤثرة على المستوى الدولي لا تستسيغ إعطاء مهام متقدمة للمنظمة الدولية، ولا تحمي موظفيها وأجهزتها بما فيه الكفاية، وقد برز ذلك من خلال فرض عقوبات على بعض قضاة محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية، لأنهم تجرأوا على إصدار مذكرات توقيف بحق مرتكبين من إسرائيل، ولأنهم تعاملوا بواقعية يفرضها القانون الدولي في قضايا طُرحت أمامهم، لا سيما في الشكوى التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.
هل هناك رؤى جديدة يُعمل على ترسيخها لرعاية الانتظام الدولي، بما يتجاوز المهام التقليدية لهيئة الأمم المتحدة؟ أم أن الفوضى القائمة على المستوى العالمي فرضت تجاهل الاعتبارات التي تعتمد على التسويات السلمية لصالح اعتبارات القوة؟ أسئلة لا بد من التوقف عندها، حيث ما يجري الآن يقود الى فوضى غير محمودة النتائج.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مع انتهاء الحرب مع ايران.. إسرائيل تعاني نقصاً في الذخائر والسلاح
مع انتهاء الحرب مع ايران.. إسرائيل تعاني نقصاً في الذخائر والسلاح

ليبانون 24

timeمنذ 30 دقائق

  • ليبانون 24

مع انتهاء الحرب مع ايران.. إسرائيل تعاني نقصاً في الذخائر والسلاح

بينما لا يزال التأهب العسكري على أوجه في إسرائيل بعد خوضها حرباً شرسة مع غيران امتدت 12 يوماً، فضلا عن استمرار الجحرب في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، ناهيك عن الحرب التي اشتعلت في لبنان ضد حزب الله الصيف الماضي، يبدو أن الجيش الإسرئيلي بدأ يعاني نقصاً في السلاح. فقد أكد مسؤولون أميركيون أن الجيش الإسرائيلي يعاني من نقص في بعض الأسلحة الرئيسية، حسب ما نقلت شبكة "أن بي سي" اليوم الأربعاء. نقص في الذخائر كما أوضحا أن إسرائيل التي تسورد أغلب سلاحها القوي من الولايات المتحدة ، تعاني من نقص في الذخائر على وجه التحديد. أتت تلك المعلومات في ظل توترات اشتعلت أمس بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدما اهتز وقف إطلاق النار الذي بدأ صباح أمس الثلاثاء. إذ أبدى ترامب امتعاضه من إسرائيل وإيران لخرقهما وقف النار الذي أعلنه سابقا وبشكل مفاجئ بعد وساطة قطرية

مكالمة "حامية" بين ترامب ونتنياهو: "مهمتنا انتهت"
مكالمة "حامية" بين ترامب ونتنياهو: "مهمتنا انتهت"

تيار اورغ

timeمنذ 44 دقائق

  • تيار اورغ

مكالمة "حامية" بين ترامب ونتنياهو: "مهمتنا انتهت"

أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الولايات المتحدة أنهت دورها العسكري في دعم إسرائيل خلال الصراع مع إيران، داعياً إلى تحويل مسار المواجهة نحو الدبلوماسية ووقف إطلاق النار. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول بارز في البيت الأبيض أن ترامب قال في اتصال هاتفي مع نتنياهو: "قام جيشنا الأميركي بما كان علينا فعله"، مضيفاً أن نتنياهو، رغم عدم رضاه التام، تفهم رغبة ترامب في إنهاء التدخل العسكري والمضي نحو التفاوض. وأوضح المسؤول أن نتنياهو "لم يوافق بحماس"، لكنه قبل وقف إطلاق النار، مؤكداً أن ترامب لن يسمح بمزيد من التدخلات العسكرية الأميركية في هذا الصراع. وبحسب الصحيفة، بدأ ترامب يركز على وقف إطلاق النار خلال اجتماع في غرفة العمليات بالبيت الأبيض مساء السبت، بعد تلقي تقارير تشير إلى نجاح الهجمات على المنشآت النووية الإيرانية. وأرسل ترامب مبعوثه للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، لإعادة فتح قناة الحوار مع طهران، حيث تواصل ويتكوف مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مطالباً إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات. وتأتي هذه الخطوات بعد إعلان الجيش الإسرائيلي بدء استعادة الوضع إلى طبيعته، مع رفع حالة التأهب إلى أعلى مستوى وتشغيل مطار بن غوريون بكامل طاقته، بينما أكد الإعلام الإيراني إعادة فتح المجال الجوي. وكشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن مكالمة ترامب مع نتنياهو كانت شديدة التوتر، حيث رفع ترامب صوته مطالباً بوقف فوري للهجمات على إيران، فيما اكتفى نتنياهو بالتعبير عن امتنانه. ووصف مصدر مطلع المحادثة بالصعبة، مؤكداً أن ترامب اعتبر وقف إطلاق النار إنجازاً شخصياً، وأوضح أنه لن يسمح لأي جهة بالتقليل من هذا الإنجاز. في تصريحات متفرقة، أكد ترامب أن الهجمات الأميركية كانت ضرورية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، مشدداً على أن المواقع النووية المهمة "قُضي عليها تماما وبصورة كاملة"، في حين أكد وزير الدفاع بيت هيغسيث أن الضربات "محت طموحات إيران النووية". من جهته، وصف نتنياهو ما حدث بـ"انتصار تاريخي" لإسرائيل، معتبراً أن بلاده ستدمر أي محاولة لإعادة بناء البرنامج النووي الإيراني. على الجانب الآخر، عبّر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان عن استعداد بلاده للعودة إلى المفاوضات، مشدداً على عدم سعي إيران لتطوير سلاح نووي، لكنه أشار إلى تمسك طهران بحقوقها النووية السلمية. يأتي هذا الاتفاق على وقف إطلاق النار وسط تصاعد التوترات الإقليمية، مع استمرار الخلاف حول طبيعة البرنامج النووي الإيراني، إذ تتهم إسرائيل والولايات المتحدة طهران بالسعي لتطوير أسلحة نووية، بينما تؤكد إيران أن برنامجها مدني بحت. يُذكر أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك ترسانة نووية غير خاضعة للرقابة الدولية، وتواصل سيطرتها على أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان، مما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي والتوترات المستمرة.

ترامب: المواقع النووية في إيران دُمّرت بالكامل
ترامب: المواقع النووية في إيران دُمّرت بالكامل

صدى البلد

timeمنذ 44 دقائق

  • صدى البلد

ترامب: المواقع النووية في إيران دُمّرت بالكامل

أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الأربعاء أن المواقع النووية في إيران دمرت بالكامل، مُكذبًا بذلك التقارير الإخبارية التي قالت إن الضربة الأمريكية لم تدمر هذه المنشآت. وقال الرئيس الأمريكي إن تقرير CNN حول عدم تدميرنا للنووي الإيراني كاذب، مضيفا أن CNN ونيويورك تايمز تحاولان تشويه سمعة إحدى أكثر الضربات نجاحا في تاريخنا. أفاد تقييم استخباراتي أمريكي أولي، نقله أربعة أشخاص مُطلعين عليه، أن الضربات العسكرية الأمريكية على ثلاث منشآت نووية إيرانية نهاية الأسبوع الماضي لم تُدمر المكونات الأساسية للبرنامج النووي الإيراني، بل على الأرجح أخرته لأشهر فقط. هذا التقييم، الذي لم يُنشر سابقًا، أعدته وكالة استخبارات الدفاع، الذراع الاستخباراتية للبنتاجون وقال أحد المصادر إنه يستند إلى تقييم لأضرار المعارك أجرته القيادة المركزية الأمريكية في أعقاب الضربات الأمريكية، بحسب ما أوردته شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية. ويستمر تحليل الأضرار التي لحقت بالمواقع وتأثير الضربات على طموحات إيران النووية، وقد يتغير مع توافر المزيد من المعلومات الاستخباراتية إلا أن النتائج الأولية تتعارض مع مزاعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتكررة بأن الضربات "دمرت تمامًا" منشآت التخصيب النووي الإيرانية. كما صرح وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث يوم الأحد بأن طموحات إيران النووية "قد قُضي عليها". صرح اثنان من المطلعين على التقييم بأن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب لم يُدمر وقال أحدهما إن أجهزة الطرد المركزي "سليمة" إلى حد كبير. وأبدى الرئيس ترامب غضبًا شديدًا مع ازدياد هشاشة وقف إطلاق النار الذي توسط فيه بين إسرائيل وإيران وقبل توجهه إلى قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في هولندا، أعرب ترامب عن استيائه الشديد من إسرائيل. فقد أكدت كل من إسرائيل وإيران أنهما لن تنتهكا وقف إطلاق النار ما لم تبادر الأخرى بذلك، وذلك بعد أن تبادلت الدولتان الاتهامات سابقًا بانتهاك الهدنة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store