logo
من نيويورك إلى الرياض... رحلة الموسيقى في الصداقة السعودية

من نيويورك إلى الرياض... رحلة الموسيقى في الصداقة السعودية

Independent عربية١٤-٠٥-٢٠٢٥

غالباً ما تتجاوز الألحان والموسيقى السياسة وتعبر من دون تعقيدات عبر أثير الثقافات، لكن ذلك ليس هو الشائع في العلاقات السعودية- الأميركية التي كانت الموسيقى منذ مرحلة مبكرة من تاريخ البلدين، إحدى المفردات التي تؤرخ لغنى العلاقة وحساسيتها بين الأمس واليوم.
فقد أبرزت وسائل إعلام أميركية غير مفضلة لدى دونالد ترمب مثل "سي أن أن" مظاهر الاحتفاء بزعيم البيت الأبيض على نحو لم يحظ به سلفه في الرياض، حين "دوت الأبواق عندما عبر الرئيس وولي العهد السعودي سجادة أرجوانية نحو الديوان الملكي"، متفاعلاً مع عزف النشيد الوطني السعودي ونظيره الأميركي.
لكن النقاط التالية من المناسبة كانت أكثر وهجاً، إذ أظهر الرئيس ابتهاجه على أنغام أغنياته المفضلة مثل God Bless the U.S.A، التي جعلها المضيف فواصل في ثنايا خطاب الزعيم الذي ألهب بحماسته عواطف السعوديين والمنطقة.
يأتي ذلك في حين يرى آخر سفير أميركي لدى الرياض مايكل راتني في عهد بايدن أن إظهار الحفاوة بالزائر الأميركي كان منطقياً "فالسعوديون وقادتهم سيعتبرون قرار السيد ترامب بإجراء أول زيارة دولة له إلى بلادهم في هذه الفترة- كما فعل في ولايته الأولى- بادرة احترام حقيقية. وهذا يتناقض مع الرئيس جو بايدن، الذي بدأ إدارته بعد أن تعهد خلال حملته الانتخابية بجعل المملكة العربية السعودية دولة منبوذة"، قبل أن تتحسن العلاقات لاحقاً في عهد بايدن.
التحيات بلغة الموسيقى
لكن الموسيقيين السعوديين الذين هتفوا لترمب لا يردون التحية بأحسن منها فقط لساكن البيت الأبيض الجديد، وإنما يغنون لإرث أبعد من التواصل الثقافي قبل السياسي، ففي عام 1945، كانت الرياض الناشئة في بداية علاقتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، بينما كان العالم يعيش تغييرات كبرى بعد الحرب العالمية الثانية. في تلك الفترة، كان الجاز الأميركي يُعرف بأنه صوت الحرية والانفتاح الثقافي، وكان أحد رواده الموسيقي الأميركي الشهير آرتي شو، الذي عُرف بأسلوبه الفريد في العزف والتأليف.
ما لم يكن متوقعاً آنذاك هو ظهور اسم هذا الموسيقي في سياق المملكة، حين وثقت تقارير صحافية قديمة اطلعت عليها "اندبندنت عربية" اقتراح الموسيقار لحناً للنشيد الوطني السعودي كإشارة رمزية على التقارب بين البلدين.
لم يكن لهذا الاقتراح أي تأثير فعلي على النشيد الوطني السعودي الذي كان في طور التكوين حينها، لكنه أصبح جزءاً من مفارقة تاريخية، فالسعودية التي لم تكن تضم فرقاً موسيقية رسمية حينها، عادت أخيراً إلى نيويورك بفرقتها الموسيقية الوطنية لتعزف أمام جمهور أميركي كبير، تفاعل معها على نحو لافت.
ماذا لو كان آرتي شو هنا؟ هل كان ليتأمل كيف أصبحت السعودية جزءاً من المشهد الموسيقي العالمي بعدما كانت تبدو بعيدة منه قبل عقود؟
على هامش زيارة ترمب يشير الأكاديمي في جامعة غراند فالي الأميركية عبدالله آل ربح إلى أنه لاحظ بين زملائه الأكاديميين ذهولهم من تلك المفارقة فكيف بمختلف الشرائح الاجتماعية، ويقول "بعد جولة أوركسترا في لندن وجدت مزيجاً بين أغنية "عديت في مرقب" وأغنية Rolling in the Deep للفنانة البريطانية أديل، قد ضجت بها وسائل التواصل، ولما أطلعت عليها زملائي في الجامعة ذهلوا وأعجبوا كثيراً"، معتبراً في حديث مع "اندبندنت عربية" أن التواصل الثقافي ومنه السياحي أكثر قدرة على تسريع مهمة بناء الجسور.
من النفط إلى الفنون
بدأت العلاقة بين السعودية وأميركا بشكل رسمي في الثلاثينيات من القرن الماضي، لكن عام 1945 أسس لزخمها الممتد حتى اليوم، عندما التقى الملك عبد العزيز بالرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت على متن الطراد الحربي الأميركي "كوينسي"، في لقاء شكّل انطلاقة لعلاقة طويلة الأمد.
في ذلك الوقت، كانت السعودية دولة ناشئة تسعى لتعزيز استقرارها الاقتصادي، وكان النفط هو الجسر الذي جمعها بأميركا، حيث لعب دوراً محورياً في بناء هذه العلاقة. ومنذ ذلك الوقت، نمت الشراكة بين البلدين لتشمل قطاعات متعددة، بدءاً من الطاقة والدفاع وصولاً إلى التجارة والثقافة، لتصل ذروتها اليوم بتوقيع حجم من الاتفاقات التي وصفها البيت الأبيض بالتاريخية والأعلى في تاريخ واشنطن مع أي دولة أخرى في العالم، في سياق "توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية" من جانب زعيمي البلدين.
لكن على رغم ذلك، بقيت الفنون والموسيقى على الهامش، إذ كانت المملكة تتبع نهجاً محافظاً في المجالات الثقافية. لم تكن هناك صناعة موسيقية مزدهرة، ولم تكن الحفلات العامة تُقام كما هي الحال في الولايات المتحدة، حيث كان الجاز والروك والبلوز جزءاً من الهوية الأميركية، هذا على رغم أن ما عرف بتلفزيون وسينما "أرامكو" أو الظهران قبل عقود بأفلامه وبرامجه شكل بداية على رغم محدوديتها للروابط الفنية.
وفي كتاب عن حياة آرتي شو بعنوان "ثلاثة أوتار من أجل الجمال" صدر قبل 14 عاماً، وثق اهتمام الموسيقار الأميركي بإهداء السعودية لحناً إبداعياً لنشيدها الوطني، وأورد أن "شو كان في سان فرانسيسكو أثناء انعقاد المؤتمر التأسيس للأمم المتحدة عام 1945 من أجل عالم يسود الأمن والسلام، وكان معجباً بهذه الفكرة، ووجد طريقة للمشاركة في هذا المسعى الجدير بالاهتمام، حيث كانت المملكة العربية السعودية الدولة الوحيدة من بين الدول "الست والأربعين" المشاركة في المؤتمر التي لا تملك نشيداً وطنياً، فتعهد بكتابة نشيد لها "من أجل تحقيق السلام الدولي". وقال إنه بدأ بتأليف النشيد في وقت متأخر من المساء على ضوء الشموع، وابتكر لحناً في "سلم F الصغير".
لحن أميركي للعلم السعودي يعود للواجهة
وأكد للصحافيين وفق الكتاب أنه "نشيد رائع، مثل النشيد الوطني الفرنسي والنشيد الوطني الأميركي". وأوضح أن هذه مساهمته الشخصية في مؤتمر الأمم المتحدة، ودعا الوفد السعودي المشارك في المؤتمر لحضور العرض ليلة الأول من مايو (أيار) 1945 في مسرح Golden Gate، وقال إنه لا توجد كلمات للنشيد، إلا أنه يستطيع كتابة كلمات، وإن هذه المهمة تليق "بأعظم شاعر في الجزيرة العربية"، لكن العرض الأول ألغي في اللحظة الأخيرة، فقد تبين أن هناك سبباً وجيهاً لعدم وجود "نشيد وطني لدى العرب" فقد "اكتشف شو ببالغ الأسف والدهشة"، بحسب وصف الكتاب، بفضل مدير تنفيذي مساعد من شركة أرامكو أن "الآلات الموسيقية والموسيقى والموسيقيين محظورون في السعودية"، وفق تعبير الكاتب.
يذكر أن المملكة كانت ضمن خمسين دولة مؤسسة للأمم المتحدة شاركت في مؤتمر سان فرانسسكو التاريخي بوفد رأسه الملك فيصل بن عبد العزيز وكان حينئذ وزيراً للخارجية.
ويعلق أستاذ العلوم السياسية صالح الخثلان الذي تتبع قصة اللحن الذي لم ير النور في المصادر الأميركية والأجنبية بأن "المحاولة لم تنجح لكتابة النشيد الوطني السعودي، ولا نعلم كيف سيكون شكله النهائي. لكن، وفقاً لما ذكر في الأخبار، بخاصة وصف الموسيقار الشهير "ملك الكلارينيت" النشيد بأنه سيكون "مهيباً يتناسب مع نبالة العرب"، وقوله إن كتابة كلماته تستحق أن توكل لأعظم شعراء الجزيرة العربية، ومقارنته مع الأناشيد الوطنية الفرنسية والأميركية، ومع الأخذ في الاعتبار موهبة وثقافة آرتي شو الموسيقية، من الواضح أن النشيد كان سيصبح عملاً فنياً رائعاً ومميزاً".
بعد ذلك بعقود كتب الشاعر السعودي إبراهيم خفاجي كلمات النشيد الوطني السعودي بتكليف من الملك خالد بن عبد العزيز، إلا أن وفاته حالت دون إتمام المشروع في وقته، فاستكمله الملك فهد بن عبد العزيز وأمر بإنجازه عام 1984. وقد تم تركيب الكلمات على اللحن المعتمد سابقاً للسلام الملكي، خلافاً للنهج المعتاد الذي يبدأ فيه اللحن بعد الشعر. وتولى الموسيقار سراج عمر تنفيذ التوزيع الموسيقي للنشيد. وفي يوم الجمعة 29 يونيو (حزيران) 1984، تم بث النشيد رسمياً عبر الإذاعة والتلفزيون السعودي، ليصبح النشيد الوطني المعتمد للمملكة، وفق "سعوديبيديا".
عصر التحولات الثقافية
في العقود الأخيرة، شهدت المملكة تحولات كبيرة في سياساتها الثقافية، حيث بدأت تتبنى رؤية جديدة تركز على الفنون كجزء من التنمية المجتمعية. من خلال مبادرات مثل هيئة الترفيه السعودية، تم إنشاء فعاليات موسيقية ضخمة وجلب كبار الموسيقيين العالميين لإحياء حفلات في السعودية، وهي خطوة كانت تبدو غير ممكنة قبل سنوات قليلة.
بدأت المملكة في إعادة تشكيل علاقتها مع الفنون ليس فقط داخلياً ولكن أيضاً على مستوى عالمي، حيث أرسلت فرقها الموسيقية إلى دول مختلفة، من بينها الولايات المتحدة، كجزء من تعزيز الدبلوماسية الثقافية.
في خطوة تعكس هذا الانفتاح الثقافي، أحيت النجمة العالمية جنيفر لوبيز حفل افتتاح "فورميلا1" في جدة، حيث قدمت عرضاً موسيقياً مذهلاً أمام جمهور سعودي وعالمي كبير. هذه الحفلة لم تكن مجرد حدث فني، بل كانت مؤشراً على كيف أصبحت السعودية وجهة للفنانين العالميين الذين يرون فيها سوقاً جديدة للفنون والترفيه.
لوبيز، التي لم تكن قد أدت حفلات في المملكة سابقاً، عبرت عن سعادتها بهذه التجربة، مشيرة إلى أن الجمهور السعودي كان متفاعلاً بشكل رائع، وأنها تتطلع إلى المزيد من العروض في المنطقة.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أوركسترا الفن بعد الاقتصاد
من بين أبرز مظاهر الانفتاح الثقافي السعودي، كان ظهور "الأوركسترا الوطنية السعودية" على الساحة العالمية، مقدمة عروضاً مذهلة في نيويورك ولندن وباريس وغيرها، وسط تفاعل كبير من الجمهور الغربي.
في لندن، عزفت الأوركسترا السعودية إلى جانب الأوركسترا الفيلهارمونية الملكية، وقدمت مزيجاً رائعاً من الألحان السعودية التقليدية والموسيقى الكلاسيكية العالمية، بما في ذلك إعادة توزيع لأغنية Rolling in the Deep بأسلوب سعودي فريد، مما أثار إعجاب الجمهور البريطاني، وسرى دمجها مع أغنية سعودية شعبية "عديت في مرقب" بين معجبي المغنية البريطانية ذائعة الصيت في أنحاء أميركا والعالم.
الأوركسترا تضم أكثر من 100 موسيقي ومغنٍ، وهي تمثل جزءاً من جهود المملكة للحفاظ على تراثها الموسيقي وتقديمه بأسلوب عالمي حديث.
النشيد الوطني السعودي لم يكن دائماً بالشكل الذي نعرفه اليوم كما سلف، فقد بدأ لحناً ثم ركبت عليه لاحقاً الكلمات.
ومع مرور الزمن، ظهرت مبادرات لإعادة توزيع النشيد بأسلوب حديث، كان آخرها إعلان رئيس هيئة الترفيه في السعودية تركي آل الشيخ عن رغبته في التعاون مع الموسيقار الألماني الشهير هانز زيمر لإعادة تقديم النشيد الوطني السعودي بأسلوب أوركسترالي عالمي، وهي خطوة تعكس كيف أصبحت الموسيقى جزءاً من الهوية الثقافية الجديدة للمملكة، وتسجل بألحانها جانباً من تاريخ التعاون بين واشنطن والرياض، فالموسيقار هانز أميركي أيضاً مثلما أنه ألماني، وكأنه يكمل بالشراكة مع آل الشيخ ما بدأه سلفه آرتي شو قبل ثمانية عقود.
ما بدأ كعلاقة اقتصادية بين السعودية وأميركا، تحول اليوم إلى علاقة أكثر تعقيداً تشمل جوانب ثقافية وفنية، تعكس التغييرات الكبرى التي شهدتها المملكة في السنوات الأخيرة.
في الماضي، كان النفط هو القصة الرئيسية في العلاقة بين البلدين، لكنه اليوم لم يعد القصة الوحيدة. أصبحت الفنون والموسيقى تلعب دوراً جديداً، حيث تستخدم كوسيلة لتعزيز الحوار والتقارب بين الشعوب.
"على العقيق اجتمعنا" وأخواتها
ربما لم يكن آرتي شو يعرف أن فكرته العابرة حول النشيد الوطني السعودي ستبقى في التاريخ، لكنها اليوم تشكل جزءاً من قصة أكبر عن كيف تتطور العلاقات بين الدول بطرق غير متوقعة، وكيف يمكن للموسيقى أن تكون أكثر من مجرد نغمات بل لغة تجمع الشعوب على رغم المسافات والاختلافات، سواء كانت الموسيقى بمعناها المباشر، أو الرمزي في التلاقي والتناغم بين الحضارات.
كانت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي أحيت حفلاً على مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكولن بمدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية في 17 سبتمبر (أيلول) 2023، بعرض مزج الموسيقى التقليدية بالفولكلورية إلى جانب الفنون الأدائية من مختلف مناطق السعودية والتي تبلغ 13 منطقة. بدأ الحفل بمشاركة 80 موسيقي من فرقة الأوركسترا والكورال الوطني السعودي بمعزوفة أغنية الفنان محمد عبده "صوتك يناديني"، وفقاً للمصادر السعودية الثقافية.
عرضت الفرقة بعد ذلك بوجود 60 مؤدياً من هيئة المسرح والفنون الأدائية مجموعةً من الفنون الأدائية السعودية المتنوعة، وهي فن الدانة مع أغنية "على العقيق اجتمعنا"، وفن الليوة مع أغنية "معشوقتي"، وفن الخطوة مع أغنية "ضامني أم برد"، وفن المجرور مع أغنية "يا ساجعات الحمام"، وفن السامري مع أغنية "تستاهل الحب"، وفن الربش مع أغنية "ما تشابه"، وفن الينبعاوي مع أغنية "مدر الشراع"، لتختتم الفرقة القسم الأول من الحفل بأغنية Fly me to the moon بإيقاعات وعزف شرقي سعودي.
وقدمت المغنية الأوبرالية السعودية ريماز العقبي بقِطع أوبرالية عالمية، فيما قدمت فرقة الجاز الأميركية ديزي جيلسبي مجموعة من أشهر المقطوعات الموسيقية العالمية، لتشارك معها فرقة الأوركسترا والكورال الوطني في عرض مشترك بمجموعة من الأغاني، لتُختَتم بعدها بعزف وغناء ميدلي لمجموعة من الأغاني السعودية.
ومع أن وزير الثقافة السعودي وسفير الرياض في واشنطن وآخرين حضروا الحفلة الموسيقية، مما أعطاها زخماً فنياً وسياسياً، إلا أن السفير الأميركي السابق مايكل راتني قال أمس في مقالة كتبها في "نيويورك تايمز" تعليقاً على زيارة ترمب السعودية، إن تلك الفعالية وسواها ليست مجرد أحداث دعائية عابرة، مثلما يظن عدد من مواطنيه.
وقال "من بعيد، ينظر البعض إلى ما فعله محمد بن سلمان على أنه مجرد علاقات عامة. لكن خلال فترة عملي سفيراً في الرياض، وجدتُ أن المزاج العام مختلف تماماً عما كان عليه خلال زيارتي الأولى قبل خمسة عشر عاماً. فالبلاد تشعر بمزيد من النشاط والثقة والطموح، وبالتأكيد أكثر وطنية، ولكنها أيضاً أكثر سعادة. كثير من السعوديين، حتى أولئك الذين لا يرحبون بكل تغيير، يُنسبون الفضل إلى محمد بن سلمان في هذا التحول".
وهذا ما صادق عليه ترمب نفسه أمس، عندما صارح السعوديين والعالم بقوله أمام الكاميرات "إن للأميركيين حلفاء كثراً لكن محمد بن سلمان لا مثيل له"، في مناسبة زاحم فيها الفن السعودي والأميركي كذلك الصفقات والزخم السياسي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المهر في تونس بين الرمزية الاجتماعية وحقوق المرأة
المهر في تونس بين الرمزية الاجتماعية وحقوق المرأة

Independent عربية

timeمنذ 3 أيام

  • Independent عربية

المهر في تونس بين الرمزية الاجتماعية وحقوق المرأة

بين التقاليد والطقوس الاجتماعية والتشريعات الحديثة، ومنها المطالبة بالمساواة مع الرجل، بات سؤال المهر في المجتمع التونسي محيراً بين من يراه تعبيراً رمزياً عن الحب والرغبة في بناء أسرة، ومن يعده شططاً زائفاً ومساً بكرامة المرأة. بابتسامة خجولة قالت مبروكة (78 سنة) والوشم الأمازيغي يزين جبينها وذقنها "لما تزوجت كان عمري 14 سنة، أي قبل 64 عاماً، لم يشترط والدي أي شرط على عائلة زوجي هي فقط 'لمَّة عائلية' وزفاف متواضع ومهر بسيط قدره 50 مليماً"، وأضافت "المهر ليس عائقاً أمام الزواج، المهم هو التفاهم بين العائلتين وبين الزوجين". مبروكة أصيلة من محافظة الكاف شمال غربي العاصمة لديها خمس بنات وأربعة أولاد كلهم متزوجون ومتزوجات ولديها أحفاد فيهم من بلغ سن الزواج، تنصح حفيداتها وأحفادها بحسن اختيار الزوج بصرف النظر عن وضعه المادي مستحضرة مقولة "تزوجوا فقراء يغنكم الله"، وعن المهر تقول، "هو مسألة رمزية وتعبير عن المحبة والنية الصادقة في بناء أسرة، ولا مجال للشطط فيه، واعتبرته ركناً ثانوياً في الزواج". ومن جهتها ترى هالة (24 سنة) خريجة جامعية وغير متزوجة، أن "المهر هدية رمزية من الزوج إلى الزوجة، وهي عادة توارثتها الأجيال، واليوم لا يمثل المهر مشكلة بقدر ما باتت كلف الزواج حائلاً دون إقبال الشباب على الزواج"، وتضيف "غالب الشباب اليوم يعزفون عن الزواج نظراً إلى تغير العقلية المجتمعية، ونزوع المرأة إلى الاستقلالية المادية، وعدم الرغبة في الالتزام تجاه عائلة وزوج وأطفال"، داعية إلى "تيسير الزواج صوناً للشباب من الانحراف وحفاظاً على توازن المجتمع". وتستغرب هالة مقاربة المهر على أنه "نوع من تشييء المرأة"، واصفة هذا القول بـ"المغالاة في منسوب حقوق المرأة"، ومؤكدة أن المهر هو فقط "تعبير رمزي اجتماعي لا يمس كينونة المرأة ومن حقوقها ومن إنسانيتها، بل هو هدية رمزية والتزام بالدين وبالتقاليد الاجتماعية". ويعد المهر في التشريع التونسي شرطاً قانونياً للزواج، ويعرف الفصل الـ12 من مجلة الأحوال الشخصية المهر بأنه "كل ما كان مباحاً ومقوماً بمال تصلح تسميته مهراً، وهو ملك للمرأة"، كما يعد القانون المهر الذي يقدمه الزوج لزوجته "شرطاً من شروط إتمام الزواج". المهر يختلف حسب الجهات والمرتبة الاجتماعية ويرى أستاذ التاريخ المعاصر عبدالواحد المكني في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن "المهر جزء من المنظومة الاجتماعية التونسية، وهو قيمة مالية أو هدايا يعطيها الزوج لزوجته لإتمام شروط الزواج، من شهود وإشهار للزواج علاوة على ركن الصداق"، مشدداً على أن "المهور تقل وترتفع قيمتها حسب الانتماء والطبقة الاجتماعية التي ينحدر منها الزوج أو الزوجة". ويستحضر المكني أن "جهة الساحل التونسي تتميز بارتفاع المهور فيها عند الزواج لأن مصاريف تجهيز العروس مرتفعة"، وتشترط بعض العائلات في هذه المناطق ما يعرف بـ"غربال من الذهب" في إشارة إلى تعلق عائلات عدة بالذهب واعتباره رمزاً للجاه والثراء. ويذكر أستاذ التاريخ المعاصر أنه "في القرن الـ19 كان الزوج يهدي لزوجته الخدم إلى جانب المصوغ، ويتم التنصيص على ذلك في عقد الزواج". وأمام شطط المهور في ثلاثينيات القرن الـ20 ظهرت حركة اجتماعية مناهضة لارتفاع المهر في تونس، وتدعو إلى تيسير الزواج والتخفيض من شروطه المجحفة، وهي عادات وتقاليد اجتماعية حاولت مجلة الأحوال الشخصية عند صدورها الحفاظ على بعضها من خلال النص على أن "يقع العمل بما يجري عليه العرف في كل منطقة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويلفت عبدالواحد المكني إلى أن "بعض العائلات في تونس لها صداق مخصوص مثلاً 'الصداق المخلوفي' في العامرة من محافظة صفاقس، و'الصداق المحجوبي' في جهة جبنيانة من المحافظة نفسها، ويرتفع مهر المرأة عندما يكون لها نصيب مهم من الميراث أو تتحدر من عائلة ثرية". ما حكاية مهر 69 مليماً؟ وفي المقابل ظهر ما يعرف بالمهر الرمزي وفق "طريقة سيدي البشير"، وهو عبدالله بن عبدالرحمن السعدي الونيسي المشيشي أصيل منطقة زواوة، من بجاية الجزائرية، وقدم إلى تونس ودرس الحديث والفقه، ثم اعتزل للعبادة والزهد، وعمل على إصلاح منظومة الزواج وتخليصها من شوائب الطمع في المال والأرزاق، فأوعز إلى القبائل التي هاجرت معه من الجزائر إلى تونس، بألا يشترط أحد من أهلها لتزويج بناته، أكثر من مبلغ يعادل 69 مليماً، وألا يطلب من خاطب ابنته هدايا ذات قيمة، باستثناء ما يقدمه عن طواعية من مواد استهلاكية. وأصبحت هذه العادة بمثابة الطقس الاجتماعي وانتشرت في عدد من جهات تونس وبنزرت وباجة، حيث يقدم الزوج يوم عقد القران ما يسمى في تونس "العقيرة"، وهي ذبح عجل وما تبعه من لوازم وتقديمها إلى عائلة العروس. ويشير أستاذ التاريخ المعاصر إلى أن "بعض العائلات المتصاهرة تتفق فيما بينها على التخفيف في المهر، بينما تتمسك عائلات أخرى بقيمة عالية للمهر، وهو ضمنياً نوع من التعجيز في حال لم تكن العائلة راغبة في تزويج ابنتها من الشخص الذي يطلب يدها". هل يمس المهر من كرامة المرأة؟ وبينما يعد المهر قيمة رمزية لا يحول دون إتمام الزواج يرى البعض أنه يمس بكرامة وإنسانية المرأة، وهو ما ذهبت إليه في وقت سابق لجنة الحريات الفردية والمساواة في تقريرها النهائي لعام 2018، من أن المهر في الزواج هو "إحدى ثلاث مسائل تستحق المراجعة لتخليص شروط الزواج من بعض الحلول التي تمس بكرامة المرأة وحقها في المساواة التامة مع الرجل". وتستند هذه المقاربة إلى أن مجلة الأحوال الشخصية استلهمت من النص الديني، بينما المرأة والرجل يتقاسمان المسؤولية في بناء أسرة، بخاصة بعد خروج المرأة للعمل وتحملها جزءاً مهماً من أعباء الأسرة. ويطالب المدافعون عن هذه الرؤية بضرورة انسجام مجلة الأحوال الشخصية مع الدستور، وبخاصة الفصل الـ23 الذي ينص على أن "المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات". وتؤكد المتخصصة في علم الاجتماع وعضو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات فتحية السعيدي أن "المهر موجود في الثقافة العربية الإسلامية والمجتمع التونسي، وهو معلوم يُدفع للزوجة في إطار منظومة تقليدية، وكنوع من إضفاء قيمة على المرأة، إلا أنه هو في جوهره يعني العكس تماماً، ففي ثقافتنا وفي تراثنا، فإن عقد الزواج هو عقد نكاح، والمهر هو نوع من الاعتراف أو الأجر الذي يعطى مسبقاً مقابل وظيفة محددة تتم بن الزوجين، ومن هنا جاءت فكرة المطالبة بإلغاء المهر من قبل عديد من الحقوقيات والمدافعات عن حقوق المرأة اللاتي يعتبرن أن المهر هو نوع من تشييء النساء وكأن العملية هي نوع من البيع والشراء". وقللت فتحية السعيدي من أهمية هذه المطالب واعتبرتها غير ملحة في الوقت الراهن، فإنها لمحت إلى إعادة المطالبة بإلغاء المهر، في حال توجهت الدولة إلى تغيير القوانين التي تمس بحقوق المرأة في سياق المطالبة بالمساواة مع الرجل، ووضع حد لما تسميه الهيمنة الذكورية. تاريخياً، كان المهر مجالاً للمغالاة والتفاخر بين العائلات والقبائل، إلا أن هذه التقاليد والطقوس اندثرت عبر الزمن، وبقي بعضها راسخاً لدى بعض العائلات، إلا أنه أصبح تعبيراً رمزياً لا يحول دون إتمام الزواج الذي بات شأناً مكلفاً بالنسبة إلى الشباب التونسي، إذ تشير الدراسات إلى أن كلفة الزواج تتجاوز الـ50 ألف دينار (17 ألف دولار)، مما دفع عديداً منهم إلى التأجيل أو العزوف النهائي.

أغنية هايل هيتلر لكانييه ويست تحقق ملايين المشاهدات
أغنية هايل هيتلر لكانييه ويست تحقق ملايين المشاهدات

رواتب السعودية

timeمنذ 4 أيام

  • رواتب السعودية

أغنية هايل هيتلر لكانييه ويست تحقق ملايين المشاهدات

نشر في: 19 مايو، 2025 - بواسطة: خالد العلي حققت أغنية هايل هيتلر للمغني الأمريكي كانييه ويست نجاحاً مبهراً حيث وصلت للملايين من المشاهدات على منصة «إكس» المملوكة لإيلون ماسك منذ إصدارها في 8 مايو (أيار)، رغم حظر الأغنية من منصات رئيسية أخرى مثل «يوتيوب». ‎وأطلق المغني سلسلة تصريحات اعتُبرت معادية للسامية ومؤيدة للنازية في السنوات الأخيرة. ‎وحقق المقطع الذي نشر في ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية، ما يقرب من 10 ملايين مشاهدة حتى اليوم (الأحد). ‎وتظهر في الأغنية مجموعة من الأميركيين السود يرتدون جلود الحيوانات ويرددون عنوان الأغنية الذي يحيي أدولف هتلر، مهندس إبادة نحو ستة ملايين يهودي في أوروبا بين عامي 1933 و1945. وتنتهي الأغنية بخطاب ألقاه الديكتاتور النازي. الرجاء تلخيص المقال التالى الى 50 كلمة فقط حققت أغنية هايل هيتلر للمغني الأمريكي كانييه ويست نجاحاً مبهراً حيث وصلت للملايين من المشاهدات على منصة «إكس» المملوكة لإيلون ماسك منذ إصدارها في 8 مايو (أيار)، رغم حظر الأغنية من منصات رئيسية أخرى مثل «يوتيوب». ‎وأطلق المغني سلسلة تصريحات اعتُبرت معادية للسامية ومؤيدة للنازية في السنوات الأخيرة. ‎وحقق المقطع الذي نشر في ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية، ما يقرب من 10 ملايين مشاهدة حتى اليوم (الأحد). ‎وتظهر في الأغنية مجموعة من الأميركيين السود يرتدون جلود الحيوانات ويرددون عنوان الأغنية الذي يحيي أدولف هتلر، مهندس إبادة نحو ستة ملايين يهودي في أوروبا بين عامي 1933 و1945. وتنتهي الأغنية بخطاب ألقاه الديكتاتور النازي. المصدر: صدى

أغنية هايل هيتلر لكانييه ويست تحقق ملايين المشاهدات
أغنية هايل هيتلر لكانييه ويست تحقق ملايين المشاهدات

صدى الالكترونية

timeمنذ 4 أيام

  • صدى الالكترونية

أغنية هايل هيتلر لكانييه ويست تحقق ملايين المشاهدات

حققت أغنية هايل هيتلر للمغني الأمريكي كانييه ويست نجاحاً مبهراً حيث وصلت للملايين من المشاهدات على منصة «إكس» المملوكة لإيلون ماسك منذ إصدارها في 8 مايو (أيار)، رغم حظر الأغنية من منصات رئيسية أخرى مثل «يوتيوب». ‎وأطلق المغني سلسلة تصريحات اعتُبرت معادية للسامية ومؤيدة للنازية في السنوات الأخيرة. ‎وحقق المقطع الذي نشر في ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية، ما يقرب من 10 ملايين مشاهدة حتى اليوم (الأحد). ‎وتظهر في الأغنية مجموعة من الأميركيين السود يرتدون جلود الحيوانات ويرددون عنوان الأغنية الذي يحيي أدولف هتلر، مهندس إبادة نحو ستة ملايين يهودي في أوروبا بين عامي 1933 و1945. وتنتهي الأغنية بخطاب ألقاه الديكتاتور النازي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store