logo
دمشق: من يقف وراء استهداف المسيحيين منذ قرن ونصف؟

دمشق: من يقف وراء استهداف المسيحيين منذ قرن ونصف؟

المدنمنذ 11 ساعات

في واحدة من أكثر الهجمات دموية منذ انهيار نظام بشار الأسد، شهدت العاصمة السورية يوم الأحد الماضي تفجيراً دموياً داخل كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة، أسفر عن مقتل أكثر من 25 شخصاً وإصابة ما لا يقل عن 63 آخرين، أثناء قداس صباحي مزدحم بالمصلين.
وسارعت وزارة الداخلية السورية عقب الهجوم إلى الإعلان عن "القبض على عدد من المتورطين"، مرجّحة "ضلوع تنظيم داعش" في العملية.
إلا أن الساعات القليلة الماضية حملت تطوراً مفاجئاً، تمثّل في بيان رسمي نُشر عبر تطبيق تليغرام، أعلن فيه تنظيم يُعرف باسم "سرايا أنصار السنة" تبنّيه الكامل للعملية، مقدّماً رواية تتقاطع مع شهادات من داخل الكنيسة، ما يضرب الرواية الرسمية ويكشف ضعفاً أمنياً خطيراً في العاصمة.
من هم "سرايا أنصار السنة"؟
يُعد تنظيم "سرايا أنصار السنة" من أخطر التشكيلات الجهادية التي ظهرت في سوريا منذ سقوط النظام. وقد أُعلن عن تأسيسه في 1 شباط/فبراير 2025 بقيادة أبو عائشة الشامي، وهو قيادي سابق في "هيئة تحرير الشام" انشقّ عنها احتجاجاً على ما اعتبره "تساهلاً تجاه الطوائف الأخرى".
يتبنى التنظيم عقيدة تكفيرية صارمة تستهدف كل من لا ينتمي إلى "المنهج السني الجهادي"، بما في ذلك العلويون، الشيعة، الدروز، المسيحيون، وحتى السنة الذين خدموا في النظام السابق أو شاركوا في مؤسسات المعارضة السياسية.
وصف التنظيم مشروعه بـ"حرب تطهير عقائدي"، ويعمل عبر خلايا لا مركزية مستقلة، ويُقدّر عدد مقاتليه بنحو 1,600 عنصر موزعين في حماة، حمص، جبال الساحل، اللاذقية، مع مؤشرات على تمدده نحو طرابلس اللبنانية.
دلالات تبنّي "أنصار السنة"
بيان التنظيم شكّك في صحة إعلان وزارة الداخلية عن "القبض على متورطين"، واعتبره "محاولة للتغطية على الفشل الأمني"، ما يضرب مصداقية السلطة الانتقالية ويعمّق فقدان الثقة بها.
وجاء التفجير بعد سلسلة خطوات تطمينية من الحكومة الانتقالية تجاه الأقليات الدينية، ما يجعل العملية بمثابة رسالة دموية موجهة ضد مشروع الدولة المدنية.
ووفقاً لباحثين، فإن تفجير كنيسة مار إلياس يُعد أكبر مجزرة تستهدف المكوّن المسيحي في سوريا منذ مذابح عام 1860، عندما تعرّض المسيحيون في دمشق ومناطق أخرى لهجمات طائفية دامية في عهد الدولة العثمانية.
تنظيم يتغذّى على الفراغ والفوضى
لم يكن بروز "سرايا أنصار السنة" وليد لحظة. بل جاء تتويجاً لاستغلال التنظيم للفراغ الأمني والشلل المؤسساتي الذي أعقب سقوط النظام، وتمدّده في بيئات هشة يغيب فيها القانون.
منذ تأسيسه، تبنّى التنظيم عشرات العمليات، أبرزها: كمين استهدف عائلة من الطائفة العلوية في ريف حماة (12 قتيلًا)، اغتيالات في حمص وطرطوس، إحراق غابات في القرداحة، اختطاف مدنيين علويين في اللاذقية، وتصفية عناصر سنية خدمت في أجهزة النظام الأمنية.
كما وجّه تهديدات صريحة بتوسيع عملياته إلى لبنان، وحدّد مدينة طرابلس بوصفها "أرضاً للردة يجب تحريرها"، على حد تعبيره.
التشييع تحت التهديد
إعلان التنظيم مسؤوليته عن الهجوم ألقى بظلال قاتمة على مراسم تشييع الضحايا، المقرّرة اليوم في كنيسة مار إلياس.
ومع توقعات باحتشاد آلاف المشيعين من مختلف الطوائف للمشاركة في الصلوات والجنائز العامة، ارتفعت مؤشرات الخطر الأمني وسط دعوات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي للتجمّع بكثافة.
هذا التوتر المتصاعد يضع الأجهزة الأمنية أمام اختبار حرج، ويثير مخاوف من استهدافات جديدة أو محاولات تفجير بين الحشود، خصوصاً في ظل تصريحات التنظيم عن نيته مواصلة "سلسلة التطهير"، وغياب مؤشرات على تفكيك خلاياه داخل العاصمة.
الهجوم يبعث برسائل قاسية لسكان العاصمة. فـ"دمشق، التي كانت تُعد أكثر المدن تحصيناً، باتت ساحة مفتوحة أمام جماعات متطرفة، ما جرى يُظهر خللاً عميقاً في البنية الأمنية، ويهدد أساسات الدولة الوليدة.
خطاب الكراهية
تبنّي "أنصار السنة" للهجوم يعيد تسليط الضوء على خطاب الكراهية الطائفي الذي تُرك دون ردّ رادع، ويثير هواجس من انزلاق البلاد نحو موجة صراعات أهلية، في ظل عجز المؤسسات الانتقالية عن فرض سيطرتها الكاملة على الأرض.
تفجير كنيسة مار إلياس ليس حدثاً معزولاً. بل هو مؤشر خطير على تحوّل المسار الأمني والسياسي في سوريا ما بعد الأسد. فظهور تنظيم مثل "سرايا أنصار السنة" بأيديولوجيته الدموية وأجندته الطائفية يفتح جراحًا قديمة، ويهدد بإشعال صراعات لا تُحمد عقباها.
يبقى السؤال: هل تمتلك الدولة السورية الجديدة القدرة على مواجهة هذا النوع من الإرهاب المنظّم؟ أم أن البلاد مقبلة على جولة أخرى من الدم والفوضى؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

انفجار يهز دمشق... والجهات الأمنية توضح السبب
انفجار يهز دمشق... والجهات الأمنية توضح السبب

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 21 دقائق

  • القناة الثالثة والعشرون

انفجار يهز دمشق... والجهات الأمنية توضح السبب

صدر عن مصادر أمنية سورية، مساء الثلاثاء، تسجيل وقوع انفجار قوي في العاصمة دمشق، حيث دوّى دويه في مناطق واسعة منها، وفق ما أفاد مراسلو وكالة "فرانس برس". ونقلت وسائل الإعلام الرسمية السورية عن التلفزيون السوري قوله: "دوّى انفجار مجهول المصدر في مدينة دمشق". وقال مراسل لـ"فرانس برس" إنه سمع صوت الانفجار أثناء قيادته سيارته في ساحة الأمويين وسط دمشق، فيما أكد مراسل آخر في منطقة المزة (غرب العاصمة) سماع دوي قوي تردد صداه في المنطقة. وأفادت وسائل إعلام سورية أن الانفجار ناجم عن تفجير مخلفات حرب، وهو ما أكدته مصادر أمنية لوكالة "رويترز" بأن قوات الأمن السورية قامت بتفجير مخلفات حرب ضمن إطار تدريبات أمنية في دمشق، مما أدى إلى انتشار دوي الانفجار في أنحاء العاصمة. وأوضح مصدر من جهاز الأمن العام السوري، المسؤول عن الشؤون الأمنية، لرويترز عدم وقوع أي إصابات جراء الانفجار الذي نُفذ بشكل محكم ومنظم. ويأتي هذا الانفجار عقب هجوم انتحاري نفذه تنظيم داعش الإرهابي الأسبوع الماضي، حيث استهدف كنيسة القديس مار إلياس في حي الدويلعة بالعاصمة دمشق، حيث أطلق المهاجم النار قبل أن يفجر نفسه بواسطة سترة ناسفة. وأسفر الهجوم، بحسب حصيلة وزارة الصحة السورية يوم الاثنين، عن استشهاد 25 شخصًا وإصابة 63 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، ما أثار حالة من الحزن والاستنكار في الأوساط المحلية والدولية. ويُذكر أن هذا الهجوم يُعد من أخطر الهجمات الإرهابية التي استهدفت العاصمة السورية خلال الفترة الأخيرة، ويأتي في سياق تصاعد عمليات التنظيمات المسلحة داخل سوريا، وسط جهود أمنية مكثفة لاستعادة الاستقرار. تشهد سوريا منذ سنوات صراعات متعددة الأبعاد، أدت إلى وقوع خسائر بشرية ومادية جسيمة، وتزايد العمليات الإرهابية التي تستهدف المدنيين والأهداف المدنية والدينية. كما تواجه السلطات الأمنية تحديات مستمرة في تطهير المناطق من مخلفات الحرب وتأمين الحماية للمواطنين. الهجوم على كنيسة مار إلياس يُبرز المخاطر التي تواجه الطوائف المسيحية في سوريا، ويُثير قلقاً دولياً بشأن تصاعد موجة العنف التي قد تؤدي إلى هجرة جديدة للمسيحيين من المنطقة. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

"عزاءكم لا يكفينا"... رجل دين مسيحي: الحكومة السورية تتحمل مسؤولية تفجير الكنيسة
"عزاءكم لا يكفينا"... رجل دين مسيحي: الحكومة السورية تتحمل مسؤولية تفجير الكنيسة

ليبانون ديبايت

timeمنذ ساعة واحدة

  • ليبانون ديبايت

"عزاءكم لا يكفينا"... رجل دين مسيحي: الحكومة السورية تتحمل مسؤولية تفجير الكنيسة

حمّل بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، يوحنا العاشر يازجي، حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع المسؤولية الكاملة عن التفجير الانتحاري الذي استهدف كنيسة في دمشق وأسفر عن سقوط عشرات الضحايا. وفي مراسم التشييع التي أقيمت داخل كنيسة الصليب المقدس، حيث ووري تسعة من القتلى الثرى، قال يازجي مخاطباً الحكومة: "وبكل محبة واحترام، سيادة الرئيس، تكلمتم البارحة هاتفياً لتنقلوا لنا عزاءكم، لكن هذا لا يكفينا، فالجريمة التي وقعت أكبر من ذلك". وأضاف، "الحكومة يجب أن تعطي الأولوية لحماية الجميع، وما يهمني هو أن الحكومة تتحمل كامل المسؤولية". وشارك المئات في مراسم التشييع، حيث وُضعت الجثامين في توابيت بيضاء مزينة بالورود، وحضرت وزيرة الشؤون الاجتماعية هند قبوات، المرأة المسيحية الوحيدة في الحكومة السورية الجديدة. من جهته، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع، يوم الاثنين، أن الهجوم استهدف "جميع الشعب السوري" دون أن يذكر كلمة "مسيحيين" أو "كنيسة". فيما أعلنت الحكومة السورية أن قوات الأمن نفذت مداهمات لمخابئ تنظيم داعش في دمشق وريفها، وقتلت اثنين من عناصره، أحدهما ساعد في تسهيل دخول الانتحاري إلى كنيسة مار إلياس. وكان الهجوم، الذي وقع الأحد في حي الدويلعة، قد أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 25 مصلّياً، وهو أول تفجير من نوعه منذ تولي حكومة الشرع السلطة في كانون الأول الماضي، بعد الإطاحة بحكم عائلة الأسد.

الداخلية السورية: القبض على جميع أفراد خلية 'داعش' المتورطة بالتفجير بكنيسة مار الياس بدمشق
الداخلية السورية: القبض على جميع أفراد خلية 'داعش' المتورطة بالتفجير بكنيسة مار الياس بدمشق

الشرق الجزائرية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الجزائرية

الداخلية السورية: القبض على جميع أفراد خلية 'داعش' المتورطة بالتفجير بكنيسة مار الياس بدمشق

أعلن المتحدّث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا، أنّ 'بعد عمليّة أمنيّة استنادًا إلى معلومات أوّليّة، وبتنسيق مشترك مع جهاز الاستخبارات العامّة، نفّذت وحداتنا الأمنيّة بريف دمشق عمليّةً استهدفت مواقع الخليّة الإرهابيّة الّتي نفّذت تفجير كنيسة مار الياس في حي الدويلعة، وهي مرتبطة بتنظيم 'داعش' وليس لها أي علاقة بجهة دعويّة'. وأوضح في مؤتمر صحافي، أنّ 'بالتّحقيق مع أحد الإرهابيّين الّذين أُلقي القبض عليهم، اعترف بأماكن أوكار الخليّة جميعها، حيث تمّت مداهمتها وإلقاء القبض على جميع أفرادها، ومصادرة الأسلحة والمتفجّرات'، مؤكّدًا أنّ 'الوزارة تعمل على مسارات متوازية أمنيّة واجتماعيّة، حيث يحاول تنظيم 'داعش' الإرهابي استحداث ثغرات أمنيّة، عبر تنفيذ عمليّات إرهابيّة لزعزعة الأمن والاستقرار في سوريا'. وكشف البابا أنّه 'يتزعّم الخليّة شخص سوري الجنسيّة، يُدعى محمد عبد الإله الجميلي، ويُكَنّى 'أبو عماد الجميلي'، وهو من سكان منطقة الحجر الأسود في دمشق، وكان يُعرف بوالي الصّحراء عند 'داعش'، وقد تُعرض اعترافاته المصوّرة لاحقًا حال الانتهاء من التّحقيق معه'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store