
تعديل قانون الإيجارات غير السكنية… لا يُرضي أحداً! (الاخبار)
منذ إقراره عام 2023، لم تنتهِ فصول تقاذف القانون بين المجلس الدستوري ومجلس شورى الدولة ومجلسَي النواب والوزراء. من إبطال مجلس شورى الدولة قرار الرئيس نجيب ميقاتي ردّ القانون إلى مجلس النواب بعد إصداره لإعادة النظر فيه، كون ردّ قوانين صادرة هو صلاحية حصرية لرئيس الجمهورية، إلى طعن الرئيس جوزاف عون في القانون الذي أصدره رئيس الحكومة نواف سلام في 5 حزيران 2025 ونشر في الجريدة الرسمية في 12 حزيران، من دون توقيع عون، وصولاً إلى الطعن الذي تقدّم به 13 نائباً في 23 حزيران، ومطالبتهم بإبطال القانون برمّته. ورغم أنّ القانون «زمط» بردّ المجلس الدستوري الطعن في 22 تموز الماضي، لكنه علّق مجدّداً في أروقة مجلس النواب، الذي أقرّ أمس اقتراح قانون لتعديله.
ما هي التعديلات؟
وأهم هذه التعديلات: خفض بدل المثل من 8% إلى 5% من قيمة المأجور، ورفع بدلات الإيجار تدريجياً وكذلك المهل الزمنية قبل الإخلاء بشكل يلحظ الاختلاف في الطبيعة السكنية والتجارية وظروف التعاقد. وفي التفاصيل، يمكن تقسيم المستأجرين إلى أربع فئات، الأولى تمدّد إيجاراتها لمدة خمس سنوات وتخصّ المستأجرين بعقود نظامية. والثانية تمدّد إيجاراتها لمدّة ست سنوات، وتضمّ المستأجرين الذين دفعوا ما يُعرف بـ«الخلو» قبل العام 2015. وتدفع الفئتان الأولى والثانية زيادات على بدلات الإيجار بقيمة 30% من بدل المثل في السنة الأولى و40% في السنة الثانية و50% في السنة الثالثة، وبدل المثل كاملاً في السنوات الرابعة والخامسة والسادسة. أمّا الفئة الثالثة، فتشمل المستأجرين الذين دفعوا «الخلو» بعد العام 2015، وتمدّد إيجاراتهم لمدّة سبع سنوات، فيما تصل المهل الزمنية قبل الإخلاء إلى ثماني سنوات عندما تتعلّق بعقود مرتبطة بالحق العام (إيجارات مؤسسات الدولة) والمؤسسات المتعلّقة بمهن حرة ومنظمة بقانون كمهنة الصيدلة، يُضاف إليهم المستأجرون لمأجور تتجاوز مساحته 500 م2، وممّن تحمّلوا تكاليف الترميم والصيانة وغيرها. وتدفع الفئتان الثالثة والرابعة زيادات على بدلات الإيجار بقيمة 30% في السنة الأولى و40% في السنة الثانية و50% في السنة الثالثة و60% في السنة الرابعة، وبدل المثل كاملاً في السنوات الأخيرة. وبموجب التعديل أيضاً، لم يُترك للمالك الخيار بين المطالبة بزيادات تدريجية وعدم المطالبة بها مقابل تقليص مدّة تحرير العقود إلى سنتين، وذلك «من أجل إفساح المجال أمام انتقال المستأجرين بهدوء إلى مأجور آخر».
احتمال التعديل مجدّداً وارد
وتعديل قانون الإيجارات الذي نال موافقة 65 نائباً، وعارضه 20 نائباً، وامتنع 15 نائباً عن التصويت عليه، لن يكون «خاتمة الضياع»، لأنّه لم يحظَ برضى كِلا الطرفين: المالكون والمستأجرون. ومن الطبيعي أن يكون المالكون ممتعضين من التعديل الذي «جاء لمصلحة المستأجرين أولاً ولم يكن هناك من مبرّرات لإقراره قبل إعطاء قانون الإيجارات فرصة سنة بالحدّ الأدنى لدراسة ثغراته»، كما يقول رئيس نقابة «مالكو الأبنية المؤجّرة» باتريك رزق الله، مشيراً إلى أنّ المالكين حاولوا في الآونة الأخيرة تحصين القانون من أي تعديل لأنه «سلك مخاضاً عسيراً من محاولات التعطيل قبل التنفيذ وجاء ليرفع 40 سنة من الظلم الذي عاشه المالكون». مع ذلك، يؤكّد رزق الله «أننا سنقبل بالنسخة الجديدة للقانون، ولو على مضض»، آملاً أن يكون هذا التعديل النهائي. لكن ليس هناك ما يؤكّد ذلك، فالمستأجرون الذين يقرّون بالإيجابيات التي نتجت عن القانون بنسخته المعدّلة، يصرّون في الوقت نفسه أن القانون «لا يزال مجحفاً في حقّنا». ويشير رئيس «الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين»، كاسترو عبد الله، في هذا الإطار، إلى احتمال طرح تعديله ثانية في الاجتماع الذي ستعقده لجان المستأجرين الثلاثاء المقبل لمراجعة نص القانون الجديد.
رغم الإيجابيات التي يحملها القانون بنسخته الجديدة، يدرس المستأجرون طرح تعديله ثانية
ويربط عبد الله موقفه بـ«النتائج الوخيمة التي يحملها القانون على شريحة واسعة من الناس، وضربه مؤسسات تضمّ عاملاً أو اثنين وأحياناً 50 عاملاً». كما يحذّر عبد الله من «انعكاس تحرير عقود الإيجار على أسعار السلع والخدمات لأنّ المستأجر لن يسدّد بدلات الإيجار المرتفعة من جيبه الخاص». ويأتي ذلك كلّه في خضمّ أزمة اقتصادية خانقة، ومن دون أن يرافق القانون أي إجراء لحماية الحلقة الأضعف (المستأجرين) من سلطة النظام الاقتصادي الحر، ومغبّة قاعدة «العرض والطلب» التي يقوم عليها. كما يسلّط عبد الله المجهر على «المصير المجهول لحوالى 350 مدرسة رسمية ترتبط بعقود إيجار قديمة»، ما دفع باتجاه «تشكيل لجنة وزارية من الوزارات المعنية بمسألة الإيجارات القديمة، ولا سيّما الخارجية والداخلية والتربية إضافة إلى رئاسة الحكومة، والعمل خلال شهر على إعداد مشروع قانون ينقذ مؤسسات الدولة»، كما نقلت وزيرة التربية ريما كرامي لعبد الله، أثناء لقاء جمعهما أمس.
وعليه، المعركة الدستورية لقانون الإيجارات غير السكنية مستمرة، وكذلك شدّ الحبال بين المالكين والمستأجرين، ويقف بينهما المشرّع اللبناني الذي لم يتوصل حتى الآن إلى صيغة ترضي الطرفين. وكان النائب سجيع عطية بعد يوم واحد من تسجيل الطعن بالقانون قد تقدّم بطلب الرجوع عنه، «لأنني تسرّعت بعدما استقبلت وفداً من المستأجرين، ثم لاحظت أني غير مقتنع بما فعلت»، كما نقلت المصادر عن عطية. إلا أنّ المجلس الدستوري رفض طلبه، وأصدر قراراً بردّ الطعن، مكتفياً بإبطال الفقرة (د) من المادة 10 من القانون فقط، بسبب غموض هذه الفقرة في تحديد نسبة التناقص في التعويض الذي يستحق للمستأجر عن إخلاء المؤسسة مع مرور الوقت، وعدم التمييز بين مَن يستفيدون من تمديد عقد الإيجار لأربع سنوات وأولئك الذين سيتمّ تمديد عقودهم لسنتين فقط. وهذا «ما يجعل الفقرة قابلة لتأويلات متضاربة وتفسيرات متناقضة تؤدّي إلى تطبيقها بطريقة تعسّفية تميّز بين المواطنين»، كما جاء في القرار الدستوري.
يُذكر أنّ اقتراح تعديل القانون كان قد وصل إلى الهيئة العامة لمجلس النواب في 30 حزيران الماضي. وبينما مرّ قانون الإيجارات في حمأة الصراع السياسي لتمرير اقتراح قانون التمديد لسنّ تقاعد قائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية قبل سنتين، علّق اقتراح تعديل قانون الإيجارات قبل شهر، وسط «الهرج والمرج» الذي رافع عدم إدراج اقتراح قانون معجّل مكرّر لتعديل قانون الانتخابات النيابية على جدول الأعمال. وأوضحت مصادر نيابية أنه «أثناء مناقشة تعديل قانون الإيجارات، حاول نواب «القوات اللبنانية» تطيير الجلسة، فصدّق رئيس المجلس نبيه بري المحضر فوراً ثم أقفله، قبل أن نفهم مصير تعديل قانون الإيجارات». وهو كان قبل إقفاله قد طلب التصويت على اقتراح تعديل قانون الإيجارات، قبل أن يحتجّ عدد من النواب على أنّ «التعديل غير كافٍ»، فردّ بري: «قلتولي إنو متّفقين»، موجّهاً الحديث إلى رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان، ليجيب أكثر من نائب أنّ «عدوان لم يلتقِ بالمستأجرين وناقش المسألة مع المالكين فقط». ومع ذلك، أُقرّ اقتراح القانون ذاته أمس من دون الوقوف عند الفقرة (د) من المادة 10 التي أوصى المجلس الدستوري بتعديلها.
العدالة الاجتماعية ليست أولوية
اعتبر رئيس «الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين»، كاسترو عبد الله، أنّ ردّ المجلس الدستوري الطعن في قانون الإيجارات غير السكنية يعكس قناعات السلطة السياسية بأنه «ليست هناك أولوية لحقوق الناس والعيش الكريم». وقد وصل تغليب الاقتصاد الحرّ والملكية الخاصة على العدالة الاجتماعية إلى حدّ مخالفة عضو المجلس الدستوري، القاضي إلياس مشرقاني، قرار زملائه ردّ الطعن، ليس لأنه مجحف بحق المستأجرين، بل لأنه لم يبطل القانون برمّته ويُخضع جميع الإيجارات لقانون الموجبات والعقود. ويرى مشرقاني أنّ القانون الجديد «لا يزال يصادر قدسية الملكية الخاصة، ويضرب مبدأ المساواة بين مالكين يخضعون لقانون الموجبات والعقود ويتمتّعون بحقوق الملكية على عقاراتهم، وبين تقويض حق الملكية للمالكين الذين يخضعون لقوانين إيجارات استثنائية».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 5 ساعات
- صدى البلد
نزاع استمر لسنوات .. مصالحات الأزهر تنهي خصومة ثأرية في قنا
عقدت اللجنة الفرعية للمصالحات الثأرية بالأزهر الشريف بمحافظة قنا، مراسم الصلح النهائية بين أبناء العمومة من قرية الحميدات (بيت عبدالوهاب إسماعيل، و بيت عبدالخير سلامة) بعد نزاع استمر لفترة كبيرة، وانتهى بفضل الله على الصلح وامتثل الطرفان إلى كتاب الله وسنة رسوله وقبل الجميع العفو والصفح. وأعلنت اللجنة العليا للمصالحات بالأزهر، أن مراسم الصلح تمت برئاسة الشيخ تاج الدين أبوالوفا رئيس الإداره المركزية لمنطقة قنا الأزهرية، والشيخ محروس عمار مدير عام منطقة وعظ قنا، والشيخ عبدالحكم أبوزيد مدير الدعوة والإعلام الديني، والشيخ أبوزيد عبدالحكيم, مدير التوجيه بمنطقة وعظ قنا، وبحضور أعضاء لجنةالمصالحات بقنا الشيخ صالح الشافعي، الشيخ محمد حسن فارس والشيخ هارون عبدالله علي خليل، الشيخ هاني سيد أحمد. كما حضر مراسم الصلح عدد من أعضاء المصالحات العامة بمحافظة قنا وعلى رأسها الشيخ عبد المعطي أبوزيد ، والنائب أسامه الهواري، والنائب سعد الخيّام. يأتي هذا برعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ـ شيخ الأزهر، وتوجيهات الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، رئيس اللجنة العليا للمصالحات الثأرية بالأزهر الشريف.


ليبانون 24
منذ 6 ساعات
- ليبانون 24
أمام ضريح القائد شكر في الغبيري.. عمار: انتصرنا
رأى عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي عمّار أن لبنان يعيش اليوم "مرحلة ملؤها التحديات والمصاعب والمخاطر على كل صعيد ومستوى، فالعدو الإسرائيلي ما زال يمارس عدوانيته علينا في كل يوم بعد الحرب الكبرى التي شنها علينا في العام الماضي وانتهت إلى ما انتهت إليه، علماً أن هذه الحرب لم تكن حرباً إسرائيلية فقط، وإنما كانت حرباً كونية بكل ما تعني الكلمة من معنى، وقد تواطأ بها العدو الإسرائيلي مع الاستكبار العالمي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية والأوروبيين وبعض العرب، من أجل هدف وسبيل واحد، هو إعدام حزب الله والمقاومة، وقد سخّروا من أجل ذلك امبراطوريات الإعلام والعسكر والأمن والتعبئة والاقتصاد، ولكنهم خسئوا بذلك، وخسروا خسراناً مبيناً". وقال عمار خلال المراسم التكريمية الخاصة التي أقامها "حزب الله" أمام ضريح الشهيد القائد في روضة الحوراء زينب في الغبيري بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للسيد فؤاد علي شكر: "انتصرنا في هذه المعركة بكل صراحة، والدليل على ذلك هو اجتماعنا هنا من حول هؤلاء الشهداء الذين نتفيأ ظلالهم وأرواحهم، وانتصرنا بشهادة القائد الجهادي الكبير السيد محسن، وإن كان الفراق صعب، لأن شهادة القائد الجهادي الكبير السيد محسن، فتحت لنا طريقاً طويلاً في سبيل ما نسمو ونطمح إليه". أضاف: "الطيران الإسرائيلي يُغير ويمارس اعتداءاته في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، وينال منّا ما ينال، ولكن في الوقت عينه، هو عاجز عن اقتلاع هذه القلعة المتجذرة بشجرة وجذور وجذوع شجرة محمد وآل محمد. ندرك حجم التحولات الحاصلة في المنطقة، وندرك أننا للأسف الشديد أمام مجتمع عربي ودولي لا يحرك ساكناً وهو يسمع ويشاهد ما يجري بغزة وأطفالها ونسائها وشيوخها وما يترتب على ذلك من تجويع ومجاعة يأبى لها الضمير الإنساني". وختم: "لا يمكننا إلّا أن نقول كلمة الحق، وبالتالي، نحن مع غزة بكل ما نملك من إمكانيات، ونقف إلى جانبها، ونقول لأهلها صبراً يا أهلنا وأحباءنا، إن الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل، وإنه بإذنه تعالى الفرج والنصر آتٍ من جديد".


النشرة
منذ 6 ساعات
- النشرة
وزير الدفاع الإيراني من إسلام آباد: أمور جيدة ستتحقق في تطوير العلاقات الدفاعية مع باكستان
أعلن وزير الدفاع الإيراني لعميد عزيز نصير زاده، أنّ "أمورًا جيدة ستتحقق في إرساء الأمن على الحدود وكذلك العلاقات الدفاعية في مختلف المجالات مع باكستان ، إن شاء الله"، وفق ما نقلت عنه وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء. كلام عزيز نصير زاده جاء على هامش الزيارة الرسمية التي يجريها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان والوفد المرافق له إلى إسلام آباد. وقال وزير الدفاع الإيراني بعد اجتماعه مع نظيره الباكستاني خواجة محمد آصف: "لحسن الحظ، تتمتع إيران وباكستان بمكانة جيدة للغاية على المستوى الدولي لدعم ومساندة بعضهما البعض". وأضاف: "إنّ أرضية التعاون متاحة سواء من حيث الثقافة والتاريخ والقواسم المشتركة الدينية التي يمتلكها البلدان، وكذلك التهديدات المشتركة التي نواجهها، وهذا يدفعنا إلى تطوير مستوى علاقاتنا".