
نهاية المواجهة أم هي استراحة؟
كلُّ طرفٍ في الحرب أعلن انتصاره. ترمب تولَّى الإعلان عن الهجوم بـ14 قنبلة خارقة وتدميرِ ثلاث منشآت نووية، ودعا لصفقة سلام.
وإسرائيل وصفت «عم كلافي»، وهو اسم عمليتها، بالتاريخيّة. اغتالت قياداتٍ وخبراء ودمرت نصفَ ترسانة خصمها الباليستي.
إيران، التي أطلقت على عمليتها «الوعد الصادق 3»، ألحقت بتلِّ أبيب الكبرى وبئر السبع دماراً غير مسبوق وكتَبَ المرشدُ الأعلى خامنئي: «كانت صفعة قوية إلى أميركا».
ما حدث في الأسبوعين الماضيين لم يكن مجردَ اشتباك، بل تطور عسكري فريد وخطير، أولُّ حربٍ مباشرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، توقفت، والتوقف الحالي لا يعدو أن يكونَ استراحة، ما لم نرَ اتفاقاً بين الأطراف الثلاثة، هكذا تُوقَف الحروب.
مع ادعاء الانتصارات، مَن سيقدم تنازلات من الأطراف الثلاثة؟ الأميركيون وحدهم عرضوا على عجل مشروع سلام، افتضح بعد غضب الرئيس ترمب من لغة المرشد الأعلى. قال ترمب إنَّه منع إسرائيل من مشروع اغتياله، وإنَّه وافق على إعطاء إيران ستة مليارات دولار، وهي أموال محتجَزة. وسمح برفع فوري لبعض العقوبات. ويقال إنها هدايا لترطيب الأجواء مع إيران للتفاوض، ويُشاع أن واشنطن عرضت على إيران مساعدتها على إعادة بناء برنامجها النووي ليكون مدنياً فقط.
رئيس الأركان الإسرائيلي زامير قال إن الحرب لم تنتهِ، وقائمة الأهداف المتبقية طويلة. مهما قال، نعرف أن قرار تل أبيب مرتبط بالبيت الأبيض. وقد وقعت حادثة مهمة، فقد سارع ترمب لإنقاذ نتنياهو الذي كان على وشك السقوط، وأنقذه من حبل مشنقة المحاكمة. أعلن تضامنه مع «بيبي»، وأن على الإسرائيليين ألا يعزلوه أو يحاكموه. لهذا التدخل ثمن على رئيس الوزراء أن يسدده لترمب الذي يتطلع إلى اتفاق سلام كبير يحيكه بين العدوين.
على أي حال، مفتاح هذه الأزمة في يد طهران لا في واشنطن أو تل أبيب. بيدها أن تقول لا وتستمر النزاعات، ولها أن تقول نعم. حتى تنهي المواجهة المستمرة منذ عام 1980 عليها أن تقبل بمبدأ التعايش الإقليمي، وتلتحق بقطار دول المنطقة. جميعها أصبحت إما دولاً منخرطة في اتفاقات ثنائية مع إسرائيل أو دولاً بلا مشروع مواجهة. سوريا كانت آخر الركاب، وبذلك انتهت دول الممانعة. ومع تدمير قدرات «حزب الله» و«حماس» وسقوط نظام بشار، خارت جبهة التصدي وبقيت إيران وحيدة في وجه إسرائيل.
التراجع عن سياسة 45 عاماً من المواجهة لن يكون بالأمر الهين على النظام الإيراني، وقد تسرع نتائج حرب الاثني عشر يوماً مع إسرائيل وتزيد من الضغوط على طهران.
بعيداً عن حساب الخسائر لا تزال إيران تحتفظ ببعض عناصر القوة. فهي تمتلك اليورانيوم المخصب المهمّ سواء لبناء سلاح نووي، ولو بدائياً، أو للتفاوض عليه. واستطاعت سريعاً تعويض قادتها الذين فقدتهم، وكذلك تمكَّنت من السيطرة على الوضع الداخلي.
مكاسب إسرائيل أنها استمالت ترمب، ونفَّذ ما كانت إسرائيل تعجز عنه وحدها؛ تدمير المنشآت النووية الرئيسية. فإذا كان في يد طهران مفتاح السلام فإن اليد العليا في الحرب لتل أبيب، فقد نجحت في القضاء على التهديدات الإقليمية الموالية لإيران.
ومن يدري، فإن هذه المواجهة ربما هي خاتمة الحروب.
*نقلاً عن "الشرق الأوسط".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

العربية
منذ 39 دقائق
- العربية
رئيس وزراء اليابان: سنراقب الوضع في مضيق هرمز عن كثب
قال رئيس الوزراء الياباني، شيجيرو إيشيبا، اليوم الاثنين، إن بلاده سوف تراقب الوضع في مضيق هرمز عن كثب. وقالت شركتا "نيبون يوشن" و"ميتسوي أو إس كيه لاينز" اليابانيتان إنهما أصدرتا تعليمات لسفنهما بتقليل الوقت الذي تقضيه في مياه الخليج مع استمرار مرورها عبر مضيق هرمز في أعقاب القصف الأميركي لمنشآت نووية إيرانية. وقالت شركتا الشحن البحري، اليوم الاثنين، إنهما تراقبان الوضع عن كثب وتُطلعان السفن العاملة في المنطقة على آخر المستجدات، وفق وكالة "رويترز". وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الولايات المتحدة "محت" المواقع النووية الإيرانية الرئيسية في قصف نفذته مطلع هذا الأسبوع، إذ انضمت إلى الهجوم الإسرائيلي في تصعيد للصراع في الشرق الأوسط مع توعد طهران بالدفاع عن نفسها. وفي سياق متصل، استبعد مدير عام تسويق النفط والغاز بوزارة الطاقة و المعادن بسلطنة عمان سابقاً علي الريامي، أن تقدم إيران على إغلاق مضيق هرمز إلا في حال تم استهداف النفط الإيراني، وفي هذه الحالة، قد تلجأ طهران إلى نوع من عرقلة الملاحة في الممر، وفق تصريحات للريامي خلال مقابلة مع "العربية Business". وقال تلفزيون "برس تي في" الإيراني، أمس الأحد، إن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سيتخذ القرار النهائي بشأن إغلاق مضيق هرمز من عدمه، وذلك بعد أن ذكرت تقارير أن البرلمان أيد هذا الإجراء. ولطالما استخدمت إيران التهديد بإغلاق المضيق، الذي يتدفق عبره نحو 20% من حجم الطلب العالمي على النفط والغاز، كوسيلة لدرء الضغوط الغربية التي بلغت ذروتها الآن بعد القصف الأميركي.


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
الأسباب وراء رفض ترمب إسقاط النظام في إيران
فيما يعتقد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن إيران تخلت عن طموحاتها النووية بعد الضربات الأميركية والإسرائيلية على بنيتها التحتية النووية، يسعى جاهداً إلى استئناف المحادثات مع الإيرانيين التي يعلم أنها تواجه كثيراً من المعوقات، لكنه يوجه خطابات متعارضة لطهران تتأرجح من مساواتهم مع الإسرائيليين إلى انتقاد مرشدهم الأعلى والتهديد بالعودة إلى قصفهم مجدداً إذا استأنفوا تخصيب اليورانيوم إلى مستويات مقلقة. فما الاستراتيجية التي يتبعها الرئيس الأميركي، وإلى أي مدى يمكن أن تنجح، وكيف يراها المراقبون في واشنطن؟ مرحلة جديدة أعادت الضربات العسكرية الأميركية على المواقع النووية الإيرانية الأبرز إشعال النقاش حول استراتيجية واشنطن في الشرق الأوسط. ففي حين أشاد الرئيس ترمب بالهجمات باعتبارها ضربة قاصمة لطموحات إيران النووية، ورفض تقارير استخباراتية بأنها أخرت البرنامج النووي الإيراني أشهراً عدة فحسب، إلا أنه يتعامل مع الإيرانيين الآن من منطق مختلف عما كان سائداً في الماضي مع الرؤساء الأميركيين السابقين، وهو منطق يشير إلى التحول الذي مثلته الضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إسرائيل وإيران، من الأهداف الاستراتيجية المشتركة بين واشنطن وتل أبيب إلى الاستخدام المنسق للقوة العسكرية، مما يعني أن الضربات الجوية تشير إلى مرحلة جديدة من التعاون المباشر والعملي. ومع ذلك لم ينجر ترمب إلى مطلب بنيامين نتنياهو بالعمل على إسقاط النظام الإيراني وهو ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بوضوح منذ اليوم الأول للحرب في 13 يونيو (حزيران) الجاري، بينما قال ترمب إنه أنقذ حياة المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي واختار عدم مهاجمته أو السماح لإسرائيل بقتله على معرفته بمكان وجوده. تخوف من إمكانية سيطرة الحرس الثوري الإيراني الأكثر تشدداً على مقاليد الحكم في إيران (أ ف ب) دروس التاريخ ويبدو أن ترمب استخلص العبر من دروس التاريخ خلال سنوات عمره (79 سنة)، فقد شاهد كيف أدت المحاولات المتكررة لتغيير الأنظمة في الشرق الأوسط إلى نتائج سلبية. ففي أفغانستان عام 2001، أنهت إطاحة "طالبان" نظاماً واحداً، لكنها أطلقت العنان لعقدين من حرب العصابات وانهيار الدولة وأطلقت أزمة إنسانية طاحنة. وفي العراق عام 2003، أدت إطاحة الرئيس صدام حسين إلى تقويض الدولة وخلق الظروف التي ازدهر فيها كل من تنظيمي "القاعدة" و"داعش". واتبعت ليبيا عام 2011 مساراً مماثلاً، إذ أطاح التدخل المدعوم من حلف شمال الأطلسي (الناتو) معمر القذافي إلى ترك ليبيا بلداً ممزقاً تجتاحه الميليشيات. وحتى غزو إسرائيل للبنان عام 1982، الذي كان يهدف إلى إعادة هيكلة الحكم في بيروت، أدى بدلاً من ذلك إلى مستنقع دموي استمر قرابة عقدين من الزمن. تشير هذه الأمثلة إلى أن قصف بلد لتغيير نظامه غير مضمون العواقب ولا يخلق استقراراً بعد ذلك، وكما يقول الدبلوماسي السابق والخبير في معهد الشرق الأوسط جوناثان وينر، فإن تغيير النظام بشكل ناجح يتطلب تخطيطاً ودعماً متعدد الأطراف، وشعباً في البلد المستهدف يكون مستعداً لقبول التغيير، ومن دون خطة سياسية قابلة للتطبيق لوقف العمل العسكري، قد تؤدي النتيجة إلى فراغ في السلطة وعنف وعواقب غير مقصودة. بين الخطر والفرصة ولعل ترمب أدرك بعد الضربات الجوية العنيفة التي استمرت 12 يوماً وقتل إسرائيل مجموعة واسعة من القادة العسكريين والعلماء النوويين داخل إيران، أن القيادة السياسية في طهران تمر بلحظة نادرة تجمع بين الخطر والفرصة، فقد شكلت إيران بواسطة تقدمها النووي وأنشطتها بالوكالة، تهديدات حقيقية للاستقرار الإقليمي، لكن احتمال وقوع مزيد من العمل العسكري الإسرائيلي بل وحتى الأميركي المحتمل والتهديدات الصريحة ضد القادة الإيرانيين، يثير احتمال امتداد المهمة من مواجهة القدرات النووية الإيرانية إلى الانتظام في محاولة لتغيير النظام. ومع ذلك قد يكون هذا الهدف بعيد المنال عما يلمح إليه مؤيدوه داخل إسرائيل وبين الصقور من الجمهوريين الجدد، ذلك أن إسقاط حكومة إيران من الخارج من دون تدخل عسكري واسع النطاق أو تمزيق النخبة الداخلية، لا يعد اقتراحاً موثوقاً به بعدما أثبت النظام الديني على مدى عقود، مرونته الملحوظة، مستمداً قوته من مؤسساته الأمنية وشبكاته السياسية وقدرته على قمع المعارضة. وإذا كان الضغط الخارجي يمكن أن يزعزع استقرار النظام، إلا أنه نادراً ما يغيره، وحتى لو انهار النظام كما حدث مع حكومة بشار الأسد في سوريا عام 2024، فمن المرجح أن يكون ذلك نتيجة تمرد داخلي، وليس بتدبير من الخارج، كما سيجلب معه نفس الأخطار التي توجد في أماكن أخرى من حرب أهلية وقمع داخلي، وربما تمكين فصائل قد تكون أكثر خطورة عن تلك التي تسيطر حالياً، بما في ذلك إمكانية سيطرة الحرس الثوري الإيراني الأكثر تشدداً على مقاليد الحكم في إيران. لعل ترمب أدرك بعد الضربات الجوية أن القيادة السياسية في طهران تمر بلحظة نادرة تجمع بين الخطر والفرصة (أ ف ب) تغيير سلوك النظام ولهذا يميل ترمب إلى تغيير سلوك النظام بدلاً من تغييره، فهو يرى أن الحكومة الإيرانية تحت ضغط كبير، وأن الشعب الإيراني كان ساخطاً ومضطرباً حتى قبل الهجمات الإسرائيلية والأميركية، كما يعاني الاقتصاد الإيراني سلسلة أزمات، ويقاسي النظام عزلة دولية مستمرة، ومن ثم فإن اللحظة تبدو مواتية، ليس للانهيار، بل لتجديد الدبلوماسية بطريقة تتجنب كارثة الاضطرابات أو الادعاء الكامل بهزيمة إيران بشكل قاطع، بل إلى جعلها تشعر بأنها تكسب شيئاً ما بقبولها اتفاقاً. ولهذا تظهر إدارة ترمب أن إيران لم تستسلم وأن الولايات المتحدة لم تجبرها على الاستسلام، وبدلاً من ذلك، يظهر كلا الجانبين علناً أنهما يشكلان النتيجة طواعية. وفي هذا الإطار، يمكن لكلا الطرفين ادعاء تحقيق نوع من النصر، إذ يمكن لطهران تصوير النتيجة على أنها تسوية جرى التوصل إليها بشروطها الخاصة، كما يمكن لترمب أن يدعي أنه نجح حيث فشلت الإدارات السابقة، ومن ثم يخرج كل جانب برواية للأحداث يمكنه تقديمها لجمهوره. وهنا تتجلى استراتيجية ترمب، فهو يدرك أن النصر الذي يستمر طويلاً هو الذي يعتقد الطرف الآخر أنه اختاره، ليس لأنه لم يكن لديه خيار آخر، بل لأنه اعتقد أن ذلك يخدم مصالحه، ويتطلب تحقيق هذه النتيجة بصيرة نفسية أعمق بكثير من مجرد تغيير النظام. هدف ترمب ليس جعل إيران تشعر وكأنها خسرت كل شيء، بل جعلها تعتقد أنها اختارت الخيار الأفضل من بين خيارات محدودة، وهو ما يمكن تسميته نصراً غير مرئي إذ يمكن أن تتخلى إيران عن أكثر مما ترغب، لكنها تغادر طاولة المفاوضات معتقدة أنها عقدت صفقة ذكية، بينما يحصل ترمب والولايات المتحدة على تغيير سلوكي ملموس. نافذة أفضل ويتفق المسؤول السابق في الاستخبارات الأميركية المتخصص في الشرق الأوسط جوناثان بانيكوف، على أن ترمب محق في أن هناك نافذة أفضل للدبلوماسية لأن القدرات العسكرية الإيرانية تدهورت بشدة، ومع ذلك فإن تحقيق نجاحات على المسار الدبلوماسي، سيتطلب كثيراً من الإقناع خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، وأن هذا الإقناع يمكن أن يأتي من جهات خارجية مثل روسيا والصين لإعادة الإيرانيين إلى طاولة المحادثات. وفي مواجهة صراعات داخلية محتملة في الفترة المقبلة، ربما تواجه إيران الآن خياراً جديداً، إما استثمار مليارات الدولارات لإعادة بناء منشآتها النووية التي دمرت أو تضررت كثيراً وإنفاق مليارات أخرى في تمويل أذرعها من الميليشيات الوكيلة في وقت يعاني فيه اقتصادها، مما قد يؤدي إلى مزيد من الصراع الداخلي، أو عليها أن تجرب مساراً مختلفاً. ولهذا أجرى فريق من المسؤولين الأميركيين بقيادة المبعوث الخاص ستيف ويتكوف محادثات خاصة مع مسؤولين إيرانيين، حيث تركز الولايات المتحدة على تعزيز مستقبل نووي غير قابل للتخصيب في إيران، وهو ما يفسر لماذا صرح ويتكوف بأن الولايات المتحدة تواصل السعي إلى التوصل إلى اتفاق سلام شامل، وأن المحادثة الآن مع إيران ستكون "كيف نعيد بناء بلد أفضل؟". وبدلاً من التركيز فقط على القدرات النووية الإيرانية، يمكن أن تسعى الولايات المتحدة وشركاؤها إلى مبادرة دبلوماسية شاملة تشمل جميع المشكلات التي طالما عانتها إيران مع جيرانها ومع الغرب. أجرى فريق من المسؤولين الأميركيين بقيادة المبعوث الخاص ستيف ويتكوف محادثات خاصة مع مسؤولين إيرانيين (أ ف ب) مبادرة شاملة من وجهة نظر إدارة ترمب، يتطلب الأمر أن توفر هذه المفاوضات إطاراً يمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، مع تقديم ضمانات موثوقة بأن الولايات المتحدة وإسرائيل لن تسعيا إلى تغيير النظام. وعلى رغم أن تحقيق هذا النوع من الاتفاق الثنائي صعب للغاية، ولكنه ليس مستحيلاً، نظراً إلى ضعف وضع إيران، واحتمال أن تستنتج إسرائيل أن مثل هذا الاتفاق يمثل الخيار الأمثل لوقف الجهود النووية الإيرانية على المدى الطويل. كما يتطلب ذلك قيوداً على تخصيب اليورانيوم الإيراني، ونظام تفتيش موثوقاً، وفي المقابل تحصل إيران على تخفيف تدريجي للعقوبات وتطبيع للعلاقات التجارية. وربما تطمح الإدارة الأميركية لاتفاق دائم يذهب إلى أبعد من الملف النووي، بحيث يشمل أيضاً التزامات من إيران بتقليص دعمها للجماعات والميليشيات التابعة لها مثل "حزب الله" و"الحوثيين" والعناصر المسلحة في العراق، وتشجيعها على اتخاذ خطوات تدريجية نحو خفض التصعيد في المنطقة، مع آليات لتسوية النزاعات والتحقق والإنفاذ. ولكي تنجح الدبلوماسية، يجب أن تكون فوائدها ملموسة وذات صدقية لإيران من خلال تخفيف العقوبات تدريجاً، ووصولها إلى الأصول المجمدة واستعادة صادرات النفط وإعادة الاندماج في النظم المالية العالمية، مع التأكيد لإيران أنه طالما التزمت بشروط الاتفاق، فلن تبذل أي جهود لإسقاط النظام كهدف استراتيجي، وتوفير إطار من الشرعية الدولية يقلل من الشعور بالتهديد، بما قد يغير حسابات إيران ويحفزها للانتظام وللتخلي عن القتال الذي استمر لعقود. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) البديل المر في حال فشل المحادثات، فإن البديل واضح وهو ما كشف عنه الرئيس ترمب مراراً، من استمرار العزلة وتفاقم الضائقة الاقتصادية والخطر المستمر من ضربات إسرائيلية أو أميركية أخرى على الأصول العسكرية الإيرانية التي تعد تهديداً والبنية التحتية العامة مثل شبكات الكهرباء التي اختارت إسرائيل تجنبها حتى الآن. في هذه الحال ستكون إيران قررت أن ضربات الولايات المتحدة وإسرائيل من شأنها أن تلزمها باستخدام جميع الوسائل اللازمة لتجاوز العتبة النووية وإعادة إرساء قدر من الردع. وعلى رغم أن قدراتها على القيام بذلك ربما تكون في موضع شك كبير، فإنها ليست معدومة بالنظر لتجارب سابقة مثل ما فعلته كوريا الشمالية من عمل سري نووي تحت الأرض، فعلى رغم الإدانة والعقوبات واسعة النطاق، واصل نظام كيم يونغ أون برنامجه النووي، وأجرى ست تجارب نووية، ويعتقد اليوم أنه يمتلك عشرات الأسلحة النووية التشغيلية. وربما تأخذ إيران مثالاً أقرب من دولة مجاورة، فالمرشد العام الإيراني الذي يبلغ من العمر 86 سنة يتذكر كيف كان رد رئيس الوزراء الباكستاني ذو الفقار على بوتو في حال حصول الهند على القنبلة، حين قال "سنأكل العشب وأوراق الشجر، بل سنجوع، لكننا سنحصل على قنبلة خاصة بنا"، وقد أوفى بوتو بوعده. كل هذا يعني أنه على رغم أهمية الضربات الأميركية والإسرائيلية على الأصول النووية الإيرانية، فإن ما سيأتي بعد ذلك قد يكون بالقدر نفسه من الأهمية والخطورة في تحديد مستقبل الأمن والوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط. ويشير الباحث في شؤون الشرق الأوسط بجامعة جونز هوبكنز فالي نصر، إلى أن العمليات العسكرية الأميركية والإسرائيلية في إيران أشارت إلى استعداد الدولتين لتجاوز الأعراف الدبلوماسية وإعادة صياغة المفاهيم الأمنية بين دول المنطقة، ولهذا يحذر من أن استعداد الولايات المتحدة وإسرائيل وقدرتهما على تسوية جميع القضايا عسكرياً، وأن القانون الدولي والقواعد والدبلوماسية لن تقفا في طريقهما، سيكون له تأثير مخيف على جميع دول المنطقة والعالم.


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
إنذار إسرائيلي بإخلاء مناطق بشمال غزة وترمب يطالب باتفاق يعيد الرهائن
أمر الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين بإخلاء مناطق في شمال قطاع غزة، اليوم الأحد، قبل تكثيف القتال ضد حركة "حماس"، في الوقت الذي دعا فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى إنهاء الحرب وسط تجدد لجهود التوسط لوقف إطلاق النار. ونشر ترمب على موقعه للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال" في وقت مبكر اليوم الأحد، "أبرموا اتفاق غزة، واستعيدوا الرهائن". ومن المقرر أن يجري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محادثات في وقت لاحق من اليوم، بشأن تقدم الحملة العسكرية. وقال مسؤول أمني كبير، إن الجيش سيبلغه بأن الحملة العسكرية تقترب من تحقيق أهدافها، وسيحذر من أن توسيع نطاق القتال ليشمل مناطق جديدة في قطاع غزة قد يعرض الرهائن المتبقين هناك للخطر. لكن في بيان نشر على منصة "إكس" ورسائل نصية أرسلت إلى كثير من السكان، حث الجيش الإسرائيلي سكان الأجزاء الشمالية من القطاع على التوجه جنوباً نحو منطقة المواصي في خان يونس، وهي منطقة تصنفها إسرائيل منطقة إنسانية. ويقول مسؤولون فلسطينيون ومسؤولون من الأمم المتحدة، إن ليس هناك أي مكان آمن في غزة. وقال الجيش، "قوات الدفاع (الإسرائيلية) تعمل بقوة شديدة جداً في تلك المناطق وهذه الأعمال العسكرية ستتصاعد، وستشتد وستمتد غرباً إلى مركز المدينة لتدمير قدرات المنظمات الإرهابية". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وشمل أمر الإخلاء منطقة جباليا ومعظم أحياء مدينة غزة. وقال مسعفون وسكان، إن القصف الإسرائيلي تصاعد في الساعات الأولى من الصباح في جباليا، مما أدى إلى تدمير عدة منازل ومقتل ستة أشخاص على الأقل. وفي خان يونس بجنوب القطاع، قال مسعفون إن خمسة قتلوا في غارة جوية على مخيم بالقرب من المواصي. مسعى جديد لوقف إطلاق النار يأتي هذا التصعيد في الوقت الذي بدأ فيه البلدان الوسيطان مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة، جهوداً جديدة لوقف إطلاق النار لإنهاء الصراع المستمر منذ 20 شهراً وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والأجانب الذين لا يزالون محتجزين لدى "حماس". وزادت الرغبة في حل الصراع في غزة في أعقاب القصف الأميركي والإسرائيلي للمنشآت النووية الإيرانية. وقال مسؤول في "حماس" لـ"رويترز"، إن الحركة أبلغت الوسطاء باستعدادها لاستئناف محادثات وقف إطلاق النار، لكنه أكد مجدداً مطالب الحركة بوجوب أن ينهي أي اتفاق الحرب ويضمن انسحاب إسرائيل من القطاع الساحلي. وأبدت "حماس" استعدادها لإطلاق سراح الرهائن المتبقين في غزة، الذين يعتقد أن 20 منهم لا يزالون على قيد الحياة، فقط في إطار اتفاق ينهي الحرب. وتقول إسرائيل، إنها لا يمكن أن تنهي الحرب إلا بنزع سلاح "حماس" وتفكيكها. وترفض الحركة إلقاء سلاحها. اندلعت الحرب بعد هجوم مباغت شنته "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1219 شخصاً، معظمهم من المدنيين، وفقاً لتعداد وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى الأرقام الرسمية. كما احتجزت "حماس" 251 رهينة، لا يزال 57 منهم في غزة، بينهم 34 قالت اسرائيل أنهم قضوا. وتردّ إسرائيل منذ ذلك الوقت بحرب مدمّرة قتل فيها 56412 شخصا في قطاع غزة غالبيتهم مدنيون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لـ"حماس".