logo
المؤثرون القُصّر !

المؤثرون القُصّر !

عكاظمنذ يوم واحد
في عصر تتقدمه الشاشات، لم تعد الطفولة مجرد مرحلة عابرة في حياة الإنسان، بل تحوّلت إلى «منتج رقمي» يُتابعه الملايين، ويُدر دخلاً كبيراً على العائلات والمنصات الإعلانية. غير أن هذا الحضور الكثيف للأطفال في منصات التواصل يثير تساؤلات أخلاقية وقانونية: هل نحن أمام جيل جديد من «النجوم القُصّر» دون حماية؟.. ومن يُدافع عن براءتهم من الاستغلال؟
إذ أظهرت دراسات محلية ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة الأطفال المؤثرين في السعودية بنسبة تجاوزت 45% خلال ثلاث سنوات، فيما تصل بعض أرباحهم الشهرية إلى ما يفوق 100 ألف ريال.
وتشير دراسة اجتماعية حديثة، إلى أن 6 من كل 10 أطفال مؤثرين يتعرضون لضغوط أسرية تتعلق بالتصوير المستمر أو التفاعل مع المتابعين، دون وجود حماية نفسية أو قانونية موازية. كما تشير دراسة أمريكية إلى أن الأطفال دون سن 17 عاماً يُساهمون بما يقارب 11 مليار دولار من عائدات الإعلانات السنوية على منصات التواصل الاجتماعي، مع تحقيق بعض الأطفال أرباحاً تصل إلى 26 مليون دولار سنوياً.
وفي دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا، تم التأكيد على أن الأطفال الذين يظهرون بانتظام في المحتوى الرقمي يفتقرون إلى الحماية القانونية الكافية، مما يجعلهم عرضة للاستغلال المالي والنفسي.
امنعوا الاستغلال التجاري المقنّع
التربوية والمستشارة القانونية هيا السليمان، قالت لـ «عكاظ»، إن غياب تشريع واضح لتنظيم ظهور الأطفال في المحتوى الرقمي يُعد ثغرة قانونية وتربوية كبيرة، فالساحة الرقمية في حاجة لجهة رقابية متخصصة تتابع نشاطات الأطفال المؤثرين أو تُلزم أولياء أمورهم بتقديم تقارير اجتماعية دورية، حتى لا يتعرض هؤلاء الأطفال لاستغلال غير مرئي.
واستندت السليمان، في حديثها، إلى دراسة صادرة عن جامعة إلينوي الأمريكية (2022)، التي أوضحت، أن الأطفال المشاركين بانتظام في المحتوى الرقمي يعانون بنسبة 47% من اضطرابات سلوكية أو عاطفية ناتجة عن الضغط المستمر لتأدية أدوار أمام الجمهور، خصوصاً في غياب الإشراف النفسي أو التربوي.
كما أشارت إلى تقرير صادر عن منظمة «Common Sense Media» يؤكد، أن 81% من الأطفال المؤثرين لا يخضعون لأي رقابة تنظيمية على محتواهم، وأن الأرباح تذهب بالكامل إلى حسابات أولياء الأمور، دون وجود نظام مالي مستقل يحفظ حقوق الطفل. وفي السياق المحلي، أظهرت دراسة لجامعة الملك سعود (2023)، أن أكثر من 62% من الأسر السعودية التي تملك حسابات مؤثرة لأطفالها لم تخضع لأي استشارة تربوية أو قانونية قبل دخول المجال، وأن نسبة كبيرة من الأطفال يعانون من «تأخر اجتماعي وتعبير عاطفي غير متوازن»، بسبب الاعتماد على لغة الكاميرا بدلاً من التفاعل الواقعي.
وختمت السليمان، بالتأكيد على ضرورة تدخل مشترك بين وزارات التعليم، والإعلام، والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية؛ لوضع إطار تربوي وتشريعي يحفظ كرامة الطفل، ويحميه من الاستغلال الترفيهي والتجاري المقنّع.
تشريع خاص بالأطفال المؤثرين
المحامي والمستشار القانوني سلمان الرمالي، يرى عبر حديثه لـ«عكاظ»، أن السعودية خطت خطوات مهمة في حماية الطفل في الفضاء الرقمي، إلّا أن غياب تشريع مباشر ينظم مشاركة الأطفال في صناعة المحتوى على المنصات الرقمية أمر يجب معالجته بشكل عاجل، ولدينا أنظمة عامة مثل نظام حماية الطفل الذي يُجرّم استغلال القُصّر، وكذلك الإطار الوطني لحماية الأطفال في الفضاء الرقمي الذي يُعنى بالوقاية من التنمّر والانتهاكات الرقمية، إضافة إلى سياسات أصدرتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) لحماية بيانات الأطفال، لكن الحاجة ملحة لتنظيم حقوق الطفل المؤثر، وضبط ظهوره الإعلامي والتجاري.
وشدد الرمالي، على ضرورة إصدار تشريع خاص بالأطفال المؤثرين، يتضمن ضوابط واضحة مثل فتح حسابات استثمارية باسم الطفل، تحديد سقف لساعات الظهور، وإشراف نفسي واجتماعي على المحتوى، مضيفاً: «حين يتحول الطفل إلى أداة ربحية دون حماية قانونية، فنحن أمام إشكالية تربوية واجتماعية واقتصادية حقيقية تتطلب تدخلاً تشريعياً عاجلاً».
لا للتصفيق المفرط
أكد الأخصائي النفسي ماجد الطريفي لـ «عكاظ»، أن الظهور المستمر للأطفال على منصات التواصل الاجتماعي دون توازن نفسي أو إشراف تربوي، يُعد خطراً حقيقياً على بنائهم العاطفي وهويتهم الذاتية، خصوصاً حين يُربط القبول الاجتماعي بعدد المشاهدات أو التعليقات. وأوضح أن التصفيق المفرط والتعزيز المستمر للأطفال المؤثرين قد يُغذي مشاعر نرجسية مبكرة، ويؤدي إلى اضطرابات في احترام الذات، خصوصاً في حال تراجع الشهرة أو التوقف المفاجئ عن الظهور الرقمي.
وأشار إلى دراسة صادرة عن جامعة ستانفورد (2021) أكدت، أن الأطفال الذين يتلقون تعزيزاً متكرّراً عبر المنصات الرقمية معرضون بنسبة 62% للإصابة باضطرابات مرتبطة بالهوية الذاتية والمقارنة الاجتماعية، مقارنة بأقرانهم الذين يتلقون تعزيزهم من مصادر تربوية تقليدية.
كما بيّنت دراسة حديثة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (2023)، أن 43% من الأطفال السعوديين الذين يظهرون بانتظام في محتوى ترفيهي أو تجاري يعانون من تقلبات مزاجية، وميول انعزالية عند غياب الكاميرا، فيما 28% أظهروا علامات فرط تعلق بالهواتف والشاشات.
وختم الطريفي بأن الطفولة مرحلة تأسيسية حساسة، وأن الشهرة الرقمية دون تهيئة نفسية أو ضوابط صحية قد تتحول من فرصة إلى عبء نفسي يرافق الطفل في مراحله المقبلة، مشدداً على ضرورة وجود أخصائيين نفسيين ضمن أي مشروع رقمي يتضمن ظهوراً منتظماً للأطفال.
الحماية من التنمر والاستغلال
تُقدّر قيمة اقتصاد المؤثرين الرقميين بنحو 250 مليار دولار، ويشكل الأطفال جزءاً كبيراً من هذه السوق، إذ يحقق بعضهم أرباحاً تصل إلى 35 مليون دولار سنوياً، كما في حالة قناة «Ryan's World». وفي إيرلندا، تم تحديد وجود أكثر من 1,200 مؤثر طفل نشط على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يثير مخاوف بشأن استغلالهم وغياب الحماية القانونية الكافية. وأفاد 33% من البالغين في الولايات المتحدة بأن الأطفال المؤثرين غالباً ما يتعرضون للاستغلال من قبل أولياء أمورهم أو القائمين على إدارتهم.
وأظهرت دراسة في السعودية، أن الإعجابات والتعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي تُعد من أبرز العوامل المؤثرة سلباً على الصحة النفسية للشباب، مما قد يؤدي إلى القلق والاكتئاب.
وأطلقت السعودية «الإطار الوطني لحماية الأطفال في الفضاء الرقمي»؛ لحمايتهم من المخاطر مثل التنمر والاستغلال الجنسي، كما يحظر «نظام حماية الطفل» استغلال الأطفال لأغراض تسويقية تؤثر على نموهم النفسي والاجتماعي.
تآكل مفهوم الطفولة
الإحصائي الاجتماعي عبدالله البقعاوي، أكد، أن المجتمع العربي يشهد تحولاً ملحوظاً في نظرة بعض الأسر لمفهوم الطفولة، وبات يُنظر إلى الطفل أحياناً كمصدر دخل رقمي أو وسيلة لتحقيق شهرة عائلية، لا ككائن نامٍ يحتاج إلى تربية، واحتواء، وتوجيه عاطفي واجتماعي.
واستند البقعاوي، إلى دراسة صادرة عن جامعة لندن للاقتصاد، أوضحت، أن الأطفال المؤثرين غالباً ما يتحولون إلى ما يُعرف بـ«الطفل المزود بالخدمة» داخل الأسرة، اذ يتراجع دور الرعاية أمام متطلبات التصوير والتفاعل الرقمي، مما يؤثر سلباً على العلاقات الأسرية وتوازن الطفل النفسي والاجتماعي.
كما أظهرت دراسة من جامعة هارفارد (2021)، أن 51% من الأطفال المشاركين في صناعة المحتوى يشعرون بضغط غير مباشر لتحقيق نجاح رقمي يُرضي الأسرة أو يتماشى مع توقعات المتابعين، مما يؤدي إلى تآكل مفهوم الطفولة الطبيعية وتداخل الأدوار بين الأبوة والاحتراف الإعلامي.
وأشار البقعاوي إلى أن المجتمع السعودي بحاجة لتعزيز الثقافة الأسرية التي تُعيد تعريف الطفولة كمجال للنمو والرعاية، لا كمشروع رقمي. ودعا إلى إطلاق حملات توعوية، ومراكز دعم اجتماعي للأسَر التي تدمج أطفالها في عالم المحتوى، إلى جانب إصدار لائحة تنظيمية تُعزّز من التوازن بين الطفولة والظهور الرقمي.
وختم حديثه بالقول: «الطفل ليس مشروعاً استثمارياً، بل هو مشروع تنموي. إن لم نُحسن تشكيله اليوم لن نستطيع إصلاح ما يتكسر لاحقاً في بنية المجتمع».
أخبار ذات صلة
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جامعة كولومبيا تفرض إجراءات على عشرات الطلاب بسبب احتجاج مؤيد للفلسطينيين
جامعة كولومبيا تفرض إجراءات على عشرات الطلاب بسبب احتجاج مؤيد للفلسطينيين

الشرق الأوسط

timeمنذ 40 دقائق

  • الشرق الأوسط

جامعة كولومبيا تفرض إجراءات على عشرات الطلاب بسبب احتجاج مؤيد للفلسطينيين

قالت جامعة كولومبيا الأميركية، الثلاثاء، إنها فرضت إجراءات تأديبية على عشرات الطلاب الذين استولوا على جزء من المكتبة الرئيسية للجامعة خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين أوائل شهر مايو (أيار)، في حدث شهد اعتقالات عديدة. وقالت الجامعة إنها فتحت تحقيقاً بعد الاحتجاج، ومنعت المشاركين فيه من دخول الحرم الجامعي ووضعتهم رهن الإيقاف المؤقت. وأصدرت قراراتها النهائية، الثلاثاء. وقالت الجامعة في بيان إن العقوبات شملت الإيقاف تحت المراقبة، والإيقاف لمدد تتراوح بين سنة و3 سنوات، وإلغاء الدرجات العلمية، والطرد. ولم تُحدد الجامعة كيف اتخذت إجراءات التأديب. وقالت الجامعة في البيان «إن تعطيل الأنشطة الأكاديمية يعد انتهاكاً لسياسات الجامعة وقواعدها، ومثل هذه الانتهاكات ستؤدي بالضرورة إلى عواقب». محتجون في نيويورك على التدخلات في جامعة كولومبيا (إ.ب.أ) واستهدف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجامعات، بما في ذلك جامعة كولومبيا، منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) بسبب حركة الاحتجاجات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين التي هزّت الجامعات العام الماضي. قالت «جامعة كولومبيا من أجل فلسطين»، وهي مجموعة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعة، الثلاثاء إن الجامعة أبلغت 80 طالباً بالإجراءات التأديبية يوم الاثنين. وقالت إن الإجراء التأديبي يُمثل «أكبر عدد من حالات الإيقاف بسبب احتجاج سياسي واحد في تاريخ حرم جامعة كولومبيا»، وتجاوز الإجراءات التأديبية السابقة التي أُعلن عنها ضد أشخاص بسبب احتجاجات أخرى. وقالت الإدارة الأميركية في مارس (آذار) إنها ستفرض عقوبات على الجامعة بسبب طريقة تعاملها مع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين العام الماضي، من خلال إلغاء منح بحثية بمئات الملايين من الدولارات. وقالت الإدارة إن رد الجامعة على مزاعم ممارسات معادية للسامية ومضايقات تعرّض لها أعضاء المجتمع الجامعي من اليهود والإسرائيليين لم يكن كافياً. وبعد إعلان الحكومة عن إلغاء التمويل، أعلنت الجامعة عن سلسلة من الالتزامات استجابة لمخاوف الإدارة الأميركية. وقالت الجامعة في بيان في ذلك الوقت: «نحن ندعم حرية التعبير... لكن المظاهرات وغيرها من الأنشطة الاحتجاجية التي تحدث داخل الأبنية الأكاديمية والأماكن التي تجري فيها الأنشطة الأكاديمية تُمثل عائقاً مباشراً أمام الحفاظ على مهمتنا الأكاديمية الأساسية». ويقول محتجون، بمن في ذلك أفراد من بعض الجماعات اليهودية، إن إدارة ترمب قد خلطت بشكل خاطئ بين انتقادهم الهجوم العسكري الإسرائيلي في غزة ومعاداة السامية، وكذلك بين دفاعهم عن حقوق الفلسطينيين ودعم التطرف. وفي الأسبوع الماضي، تبنّت جامعة كولومبيا تعريفاً مثيراً للجدل لمعاداة السامية يساوي بينها وبين معارضة الصهيونية. وقالت الجامعة أيضاً إنها لن تتعامل بعد الآن مع مجموعة «جامعة كولومبيا أبارتهايد دايفست» المؤيدة للفلسطينيين.

الإبلاغ الأمني.. شراكة مجتمعية ومسؤولية وطنية
الإبلاغ الأمني.. شراكة مجتمعية ومسؤولية وطنية

العربية

timeمنذ 3 ساعات

  • العربية

الإبلاغ الأمني.. شراكة مجتمعية ومسؤولية وطنية

الأمن مسؤولية الجميع، والكلمة الصادقة، أو الاتصال في الوقت المناسب، أو البلاغ الأمين، قد تفتح بابًا للسلامة، أو تغلق منفذًا للخطر. ونحن -كمجتمع- بحاجة إلى أن نكون جميعًا يدًا واحدة وقلبًا واحدًا مع وطننا، فلا نتردد في اتخاذ الموقف الصحيح حين يستدعي الأمر.. في كل مجتمع يسعى إلى الاستقرار والازدهار، تبقى نعمة الأمن الركيزة الأهم والأساس المتين الذي تُبنى عليه الحياة الكريمة. والأمن لا يتحقق بجهود الأجهزة الأمنية وحدها، بل هو مسؤولية مجتمعية مشتركة تتطلب وعي الأفراد وتعاونهم المستمر. إن مفهوم "الأمن مسؤولية الجميع" يتجاوز كونه شعارًا مرفوعًا في الحملات التوعوية؛ فهو ثقافة وسلوك يومي يعكسه المواطن والمقيم في تعامله مع من حوله. ويكمن دور الأفراد في عدة صور، منها الالتزام بالأنظمة والقوانين، والتبليغ عن أي نشاط مشبوه أو مخالف، ونشر الوعي بأهمية المحافظة على الأمن، وتجنب نشر الشائعات التي قد تثير البلبلة. في عالم يشهد تطورات متسارعة وتحديات أمنية متنوعة، لم يعد الأمن حكرًا على الجهات الأمنية فحسب، بل أصبح مسؤولية جماعية يتقاسمها كل فرد يعيش على أرض هذا الوطن. من هنا، برزت أهمية التفاعل المجتمعي مع الجهات المختصة، خاصة عبر الإبلاغ عن أي نشاطات مخالفة تمس أمن المجتمع واستقراره. وفي زمن تزايدت فيه التحديات الأمنية وأساليب الجريمة، أصبح التعاون مع الجهات الأمنية مطلبًا وطنيًا وأخلاقيًا. فالإبلاغ عن أي خطر لا يُعد تدخلًا في شؤون الآخرين، بل هو صورة من صور الولاء والانتماء، وهو ما تعتمده وزارة الداخلية في مبادراتها التوعوية، لتؤكد أن سلامة الوطن تبدأ من وعي المواطن. وفي هذا السياق، تواصل وزارة الداخلية السعودية بث رسائلها التوعوية تحت وسم #لأمنكم_وسلامتكم، مؤكدة أن الإبلاغ عن أي نشاطات مخالفة يُعد من أبرز صور التفاعل المجتمعي، ومن أهم سُبل الوقاية من الجريمة والممارسات الضارة بالمجتمع. وتُولي الوزارة أهمية خاصة لحماية المُبلّغين، مؤكدة أن جميع البلاغات -أياً كان نوعها- تُعامل بسرية تامة، دون تحميل المُبلّغ أي تبعات قانونية، بما يضمن سلامته ويحفزه على أداء دوره المجتمعي بطمأنينة. وتشمل المخالفات محل الاهتمام كل ما يمس الأمن الجنائي، أو يرتبط بجرائم المخدرات، أو السلوكيات المسيئة للمجتمع والبيئة، إضافة إلى مخالفات أنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود. وليست هذه الرسائل مجرد حملات توعوية تقليدية، بل دعوة مفتوحة لكل مواطن ومقيم ليكون شريكًا فاعلًا في حماية وطنه ومجتمعه، كلٌ بما يملك من تأثير وصوت. فالمبادرة بالتبليغ لا تُعد وشاية، بل وقوفًا مع الحق، وخطوة نحو مجتمع أكثر أمانًا. إن المبادرة بالإبلاغ عن أي نشاطات مشبوهة أو مخالفات أمنية ليست خيانة للعلاقات الاجتماعية ولا خرقًا للخصوصيات، بل هي وقوف صريح مع الحق، وخطوة واعية نحو بناء مجتمع أكثر أمنًا وأشد تماسُكًا. فحين يُبادر الإنسان بالتبليغ، فإنه يمارس أسمى صور الولاء والانتماء لوطنه، ويُسهم في سد منافذ الفوضى والعبث. والتوعية بأهمية الإبلاغ الأمني ليست مسؤولية جهة بعينها، بل هي شراكة وطنية متكاملة، متى ما تكاملت أدوارها صنعت مجتمعًا آمنًا، متماسكًا، واعيًا بحقوقه وواجباته، ويتجسد ذلك في تضافر أدوار رئيسية تمثل خطوط الدفاع الأولى: •الإعلام بما يحمله من رسالة توعوية وتأثير جماهيري، مسؤول عن إيصال رسائل واضحة تدعو للإبلاغ عن كل ما يهدد أمن المجتمع، بعيدًا عن التهويل أو التخويف، بل بلغة تشاركية تحفز المواطن والمقيم ليكونوا شركاء فاعلين. •الأسرة باعتبارها البيئة الأولى لغرس القيم، يقع عليها واجب التربية على حب الوطن والشعور بالمسؤولية، وتنشئة الأبناء على فهم أن الإبلاغ عن أي مخالفة أو تهديد ليس خيانة، بل موقف وطني شجاع. •المؤسسات التربوية والتعليمية عليها دمج مفاهيم المواطنة الصالحة والأمن المجتمعي في المناهج والأنشطة الطلابية، وتحفيز النشء ليكونوا عناصر إيجابية تدرك أهمية التبليغ وحماية المجتمع. •المثقفون والمؤثرون بما يملكون من منابر فكرية وحضور اجتماعي، مطالبون بأن يكونوا صوتًا واعيًا يرسّخ هذه القيم، ويكسر الحواجز النفسية تجاه ثقافة التبليغ باعتبارها عملاً وطنيًا نبيلًا. إذاً الشفافية والأمن المجتمعي ركيزتين أساسيتين لحياة مستقرة، تبرز أهمية التفاعل الإيجابي بين المواطن والجهات الأمنية، حيث لا تقتصر مسؤولية حفظ الأمن على رجال الأمن وحدهم، بل هي مسؤولية جماعية تستدعي وعيًا ومبادرة من كل فرد. ومسؤولية الأمن مسؤولية مجتمعية، لا تقتصر على الجهات الرسمية وحدها، بل تبدأ من وعي الأفراد واستشعارهم أهمية دورهم، فلكل فرد صوته وتأثيره، ومشاركته في منظومة الأمن تعني مشاركته في صياغة مستقبل وطنه الآمن. وبذلك، تتحول الرسائل التوعوية إلى دعوات صادقة للتكافل الأمني، ولصناعة وعي جمعي يقوم على أن التبليغ عن كل ما يهدد الأمن ليس مجرد إجراء، بل موقف شجاع وخطوة أولى في طريق مجتمع متماسك، يعلو فيه صوت الحق وتُصان فيه الأرواح والمكتسبات الأمن مسؤولية الجميع، والكلمة الصادقة، أو الاتصال في الوقت المناسب، أو البلاغ الأمين، قد تفتح بابًا للسلامة، أو تغلق منفذًا للخطر. ونحن -كمجتمع- بحاجة إلى أن نكون جميعًا يدًا واحدة وقلبًا واحدًا مع وطننا، فلا نتردد في اتخاذ الموقف الصحيح حين يستدعي الأمر. ومع التسهيلات التي وفرتها وزارة الداخلية وخطوط البلاغات وخدماتها الإلكترونية، لم يعد هناك عذر للتقاعس عن أداء هذا الواجب الوطني والإنساني. لأمنكم وسلامتكم.. لا تترددوا.

جازان: إحباط تهريب (18) كيلوجراماً من مادة الحشيش المخدر
جازان: إحباط تهريب (18) كيلوجراماً من مادة الحشيش المخدر

عكاظ

timeمنذ 3 ساعات

  • عكاظ

جازان: إحباط تهريب (18) كيلوجراماً من مادة الحشيش المخدر

أحبطت دوريات الإدارة العامة للمجاهدين بمنطقة جازان تهريب (18) كيلوجراماً من مادة الحشيش المخدر، وجرى استكمال الإجراءات النظامية الأولية، وتسليم المضبوطات لجهة الاختصاص. وتهيب الجهات الأمنية بالإبلاغ عن كل ما يتوافر من معلومات لدى المواطنين والمقيمين عن أي نشاطات ذات صلة بتهريب أو ترويج المخدرات، وذلك من خلال الاتصال بالأرقام (911) في مناطق مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض والشرقية، و(999) في بقية مناطق المملكة، ورقم بلاغات المديرية العامة لمكافحة المخدرات (995)، وعبر البريد الإلكتروني Email: أخبار ذات صلة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store