logo
المانوسفير: ما هو الفضاء الذكوري الإلكتروني المناوئ للنسوية؟ وما أسباب صعوده؟

المانوسفير: ما هو الفضاء الذكوري الإلكتروني المناوئ للنسوية؟ وما أسباب صعوده؟

BBC عربية١٣-٠٣-٢٠٢٥

مع ازدياد الخطاب النسوي على مستوى العالم والتهديد الذي طال مفاهيم الذكورة التقليدية، شهدت السنوات الأخيرة صعود ما أصبح يعرف بـ"المانوسفير" (الفضاء الذكوري الإلكتروني) ووصوله إلى شرائح واسعة من الرجال حول العالم.
ويشير مصطلح المانوسفير إلى تنامي مجموعة غير منظّمة من المجتمعات الإلكترونية، والمدونات، والمنتديات، والمؤثرين الذين يركّزون على قضايا الرجال، وغالباً ما يروّجون لوجهات نظر مناهضة للنسوية، أو ذكورية متحيّزة ضد النساء، أو رجعية بشأن الجندر والمجتمع.
وأصبح هذا الفضاء الافتراضي نقطة التقاءٍ لمجموعةٍ واسعة من الخطابات التي تتراوح بين الدعوة إلى "استعادة الرجولة الحقيقية" ونقد ما يصفه أعضاؤه بـ"هيمنة النسوية" على الخطاب العام، وصولاً إلى تبنيّ نظريات أكثر تطرفاً ترى في العلاقات الجندرية صراعاً صفري النتائج بين الرجال والنساء.
وقد أدّت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً محورياً في انتشار أفكار المانوسفير، حيث ساهمت المنصات الرقمية مثل يوتيوب، وتيك توك، وريديت في تعزيز انتشار محتواه، مما سمح لهذه الأفكار بالتغلغل في التيار العام واستقطاب فئات عمرية مختلفة، لا سيما المراهقين والشباب الذين يبحثون عن إجاباتٍ حول هويّاتهم في عالمٍ متغير.
لكن ما هي الأفكار الفلسفية الكبرى التي تقوم عليها سرديات "المانوسفير"؟ وكيف استطاعت هذه الحركة الرقمية أن تكتسب كل هذا الزخم في السنوات الأخيرة؟
المجموعات المنضوية في "الفضاء الذكوري الإلكتروني"
يضم المانوسفير طيفاً واسعاً من المجموعات والتيارات التي تتبنى رؤى مختلفة حول قضايا الذكورة والعلاقات بين الجنسين، لكنها تشترك في اعتقادها بأنّ الرجال "يواجهون تحديات جسيمة في المجتمع المعاصر". في ما يلي أبرز هذه المجموعات وأفكارها الأساسية:
تستمد هذه المجموعة اسمها من فيلم "ذي مايتركس" الشهير، حيث حيث تشير "الحبوب الحمراء" إلى عملية الإيقاظ/ الصحوة على حقيقة المؤامرات ومنها حقيقة أن النظام الاجتماعي منحاز ضد الرجال، برأيهم. وتدّعي هذه المجموعة أن الرجال يعانون من التمييز في مجالات مثل الطلاق، وحضانة الأطفال، والقوانين المتعلقة بالعنف المنزلي.
تركز هذه المجموعة على تعليم الرجال استراتيجيات التلاعب النفسي والعاطفي في العلاقات العاطفية، بهدف تحسين فرصهم في جذب النساء. وتعزز فكرة أن الرجال يجب أن يكونوا "ذكوراً ألفا" مهيمنين في علاقاتهم، أي الرجال الذين يُنظر إليهم على أنهم الأقوى والأكثر سيطرة وجاذبية وفقاً لمنطق الهيمنة الاجتماعية والتفوق الذكوري.
تدافع هذه الفئة عن الأدوار الجندرية التقليدية، وترى أن الابتعاد عن هذه الأدوار تسبب في أزمة اجتماعية وأخلاقية. وتعتمد على أفكار فلسفية ونفسية لتبرير ضرورة العودة إلى القيم الأسرية التقليدية، مستندة إلى نظريات ترى في الاختلافات البيولوجية بين الجنسين أساساً لتقسيم الأدوار داخل المجتمع، إضافةً إلى تصورات محافظة حول الاستقرار الأسري بوصفه ركيزة أساسية للحفاظ على النظام الاجتماعي. كما تستند بعض تياراتها إلى تأويلات دينية وأخلاقية تعزز هذا النموذج من العلاقات بين الرجال والنساء.
هي مجموعة تعبّر عن استيائها من النساء والمجتمع بسبب فشل الرجال المنضوين فيها في تحقيق نجاح عاطفي أو جنسي، وقد تبنّت في السنوات الماضية هجمات عنيفة استهدفت النساء و"الرجال الناجحين جنسياً"، منها في كاليفورنيا عام 2014 راح ضحيتها 14 شخصاً وفي تورنتو عام 2018 و2020 وراح ضحيتها 11 شخصاً، بالإضافة إلى هجوم في المملكة المتحدة عام 2021 أودى بحياة 5 أشخاص.
وتتكوّن هذه المجموعة من رجال يشعرون بالحرمان العاطفي والجنسي، ويلقون اللوم على النساء والمجتمع في ذلك. وتحمل أفكارهم توجهات كراهية متطرفة، وتحريضاً على العنف ضد النساء. كما حُظر العديد من منصاتهم على الإنترنت بسبب خطاب الكراهية والتطرف.
ما هي أسباب نمو المانوسفير؟
يحاجج البعض بأن صعود المانوسفير جاء مدفوعاً بعوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية عدة.
فمن جهة، أدى عدم الاستقرار الاقتصادي وتراجع فرص العمل إلى إضعاف الأدوار الذكورية التقليدية، مما زاد من شعور بعض الرجال بالإحباط والقلق تجاه مستقبلهم المهني والاجتماعي.
هذا الشعور بالتهميش الاقتصادي عزز حالة الاستياء تجاه النسوية والتغييرات الحديثة في الديناميكيات الجندرية.
من جهة أخرى، لعبت المنصات الرقمية دوراً محورياً في تضخيم محتوى المانوسفير، حيث تدفع خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي نحو التفاعل مع هذا النوع من المحتوى، مما يزيد من انتشاره.
منصات مثل "ريديت" في مجتمعات مثل r/TheRedPill، ويوتيوب، و"تيك توك" أصبحت بمثابة بيئات استقطاب تروج لأفكار هذا التيار، ما سمح له بالوصول إلى شرائح أوسع من الشباب.
إلى جانب ذلك، ساهمت ثقافة تطبيقات المواعدة في تعزيز الشعور بالإحباط العاطفي لدى بعض الرجال، إذ تعزز هذه التطبيقات ديناميكيات تنافسية تجعل النجاح العاطفي مقتصراً على فئة محددة، مما يدفع البعض إلى تبني أفكار "الهايبرغامي" أي الاعتقاد بأن النساء يسعين دائماً للارتباط بالرجال ذوي المكانة الأعلى، مما يعمّق الانقسام بين الجنسين.
كما أن رد الفعل على حركة "أنا أيضاً" (مي تو) المناهضة للتحرّش كان عاملاً أساسياً في انتشار المانوسفير، حيث يرى بعض الرجال أن هذه الحملة لم تكن مجرد دعوة للمحاسبة، بل هجوماً على الذكورة بحد ذاتها.
هذا الشعور بالمظلومية دفع العديد منهم إلى تبني خطاب مناهض للنسوية، مدفوعاً برغبة في مقاومة ما يصفونه بـ"الأفكار التقدمية" أو "اليقظة" حول المساواة بين الجنسين.
ويُستخدم مصطلح ثقافة "اليقظة" (Wokism) التي نشأت في الولايات المتحدة وتنامى الحديث عنها في السنوات القليلة الماضية عادةً، لوصف الأفراد والمجموعات المؤيدين للعدالة الاجتماعية.
وقد رسخّت هذه الثقافة والردود عليها ما يعرف بـ"الحروب الثقافية" وأثرت على شكل الاصطفافات والقيم والقضايا التي تهم طرفي الطيف السياسي من اليمين واليسار، بالمعنى الواسع.
من هم "مفكرّو" المانوسفير؟ وما هي أفكارهم؟
بالرغم من أن "المانوسفير" ليس حركة موحدة، إلا أنه يتشكل من مزيج من المؤثرين الرقميين، والمفكرين المزعومين، وأصحاب التوجهات الرجعية. ورغم اختلاف التيارات داخله، إلا أن هناك شخصيات رئيسية وجذوراً أيديولوجية بارزة تساهم في تشكيل خطاباته الأساسية:
أفكار فلسفية غير مباشرة
برغم أن "المانوسفير" لا يعتمد على أسس فلسفية واضحة، إلا أن بعض أفكاره تستند بشكل غير مباشر إلى تأويلات معينة لفلاسفة ومفكرين مختلفين. من بين هؤلاء يمكن الإشارة إلى الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه، على سبيل المثال، حيث غالباً ما يُستشهد به في هذه الأوساط، خصوصاً من خلال مفهوم "إرادة القوة" ونقده للأخلاق المسيحية بوصفها "أخلاق الضعفاء"، عبر تحريف هذه الأفكار لتبرير رؤى ذكورية قائمة على الصراع والتفوق.
من جهة أخرى، يمكن اعتبار الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور، المعروف بتشاؤمه ونظرته السلبية تجاه النساء، مصدر إلهام لبعض الخطابات المعادية للنسوية داخل المانوسفير، بخاصة من خلال رؤيته للمرأة كـ"كائن عاطفي وغير عقلاني".
كذلك، تستخدم كتابات الأمريكية كاميل باجليا، وهي نسوية غير تقليدية، بشكل انتقائي من قبل بعض منظّري المانوسفير للطعن في النسوية المعاصرة، لا سيما عبر نقدها للخطاب النسوي الذي تعتبره متناقضاً مع الطبيعة البيولوجية للجنسين.
وأخيراً، يمكن أيضاً رصد تأثير غير مباشر للفيلسوف الإنجليزي نيك لاند، خصوصاً في أوساط التيارات الأكثر تطرفاً، حيث تلتقي بعض أفكاره حول نظرية "التسريع الرأسمالي" والتسلسل الهرمي الطبيعي مع رؤى المانوسفير التي تمجد المنافسة المطلقة، القوة، والنجاح الفردي كمعايير أساسية لتحديد قيمة الرجل في المجتمع.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

من الخزانة إلى الرواية... عن استعادة تراثنا المنهوب
من الخزانة إلى الرواية... عن استعادة تراثنا المنهوب

العربي الجديد

timeمنذ يوم واحد

  • العربي الجديد

من الخزانة إلى الرواية... عن استعادة تراثنا المنهوب

في هذه الحلقة، نفتح صندوق الذاكرة الفلسطينية، حيث نناقش مع الباحث والمُقتني جورج الأعمى، مسألة اقتناء الأعمال التراثية الفلسطينية التي نُهبت أو سُرقت أو بيعت تحت ظروف القهر والشتات. كيف تتحول المُقتنيات المطرزة بالخيوط والرموز إلى أدوات سياسية وثقافية؟ ولماذا يعتبر استردادها، أو حتى جمعها من الشتات، جزءًا من كتابة روايتنا من جديد؟ من الأثواب المطرزة إلى فن الصدف، من المفاتيح إلى الصور، نبحث في هذه الحلقة عن تاريخ مسروق ومشتت نحاول لملمته، ليس فقط كحالة من الحنين، بل كفعل مقاومة سردي وتاريخي. ضيف الحلقة الباحث والأكاديمي والجامع للموروث التراثي الفلسطيني، بالإضافة لكونه الخبير بالفن البصري، الأستاذ جورج الأعمى. بإمكانكم مشاهدة الحلقة كاملة في قناتنا على يوتيوب "العربي الجديد | بودكاست".

اعتراف شاكيل أونيل يعيد تهم التزوير لكرة السلة الأميركية في قرعة "درافت"
اعتراف شاكيل أونيل يعيد تهم التزوير لكرة السلة الأميركية في قرعة "درافت"

العربي الجديد

timeمنذ 4 أيام

  • العربي الجديد

اعتراف شاكيل أونيل يعيد تهم التزوير لكرة السلة الأميركية في قرعة "درافت"

أعاد اعتراف لأسطورة كرة السلة الأميركية شاكيل أونيل (53 عاماً)، إثارة الجدل حول مزاعم التزوير في "درافت" الشهير، وذلك بسبب حادثة قديمة عاشها شخصياً. وتزامن هذا الاعتراف مع اقتراب موعد قرعة اختيار اللاعبين الجدد، والتي لم يعد يفصل عنها عشاق اللعبة سوى أقل من أسبوع. وتعود الشكوك إلى واقعة مثيرة للجدل، حين مُنح نادي دالاس مافريكس أولوية اختيار أبرز المواهب الواعدة، وسط ترجيحات بأنهم سيكونون نجوماً في دوري المحترفين ( إن بي إيه ) مستقبلاً. وظهر أونيل في مقابلة مع إعلامية تُدعى آشلي نيفيل، على منصة يوتيوب، متحدثاً عن حادثة قديمة، في سياق كلامه عما يُثار في الآونة الأخيرة بخصوص منح مافريكس أولوية "درافت" دون استحقاقه ذلك، قائلاً: "لا أعرف إن كنتم تعرفون تفاصيل هذه الحادثة، التي وقعت عام 1992، وهي حادثة وقعت في فترة درافت، حينها التقيت ديفيد ستيرن، وهو المدير السابق لـ(إن بي إيه)، وسألني عما إذا كنت أرغب في اللعب، حيث يوجد البرد أو الحرّ، واخترت الخيار الأخير". وتابع النجم السابق في دوري السلة الأميركية: "بعد أيام من لقائنا، حصل نادي أورلاندو ماجيك على الخيار الأول في درافت، تلاه شارلوت بالخيار الثاني، ثم مينيسوتا في المركز الثالث". وهنا يُلمّح أونيل إلى أن الأمر لم يكن محض صدفة، بل إنّ ستيرن دبّر الترتيبات لتحقيق رغبته. وبالفعل، اختاره أورلاندو ماجيك ليكون نجم الفريق، ولعب في صفوفه أربعة مواسم، قبل أن ينتقل إلى لوس أنجليس ليكرز، حيث أمضى ثمانية أعوام حافلة بالإنجازات، ثم رحل نحو ميامي هيت، الذي مثّله لأربعة مواسم، قبل أن يواصل مسيرته مع فينيكس صنز، ثم كليفلاند كافالييرز، وأخيراً ختم مشواره مع بوسطن سلتيكس . وتطرّق أونيل إلى الحدث الأبرز في دوري السلة أخيراً، والمتعلّق بمنح دالاس مافريكس أحقية الاختيار الأول في "درافت"، مضيفاً: "في البداية، لم أُعر القرعة أي اهتمام، لكن لاحقاً بدأت أسمع عن نظريات مؤامرة تدور حولها. وبصراحة، عندما تحلل الأمر بمنطق، تجد أن تلك النظريات قد لا تكون بعيدة عن الحقيقة. لا أحب استخدام مصطلح نظرية المؤامرة، لكنه من المثير فعلاً أن نتساءل: كيف تم هذا الاختيار؟ " . رياضات أخرى التحديثات الحية ثاندر وتيمبروولفز لدخول التاريخ في دوري السلة الأميركية ويُعدّ "درافت" حدثاً سنوياً تنظمه رابطة " إن بي إيه" لاختيار لاعبين جدد، سواء من الجامعات الأميركية أو من الخارج، لينضموا إلى فرق الدوري. ويُسمح لكل فريق باختيار لاعب واحد في كل جولة، مع العلم أن "درافت" يتألف من جولتين فقط، تُجرى بعدهما قرعة لتحديد ترتيب الاختيار بين الأندية، إذ تزداد فرص الفريق الضعيف في الحصول على الخيار الأول، أي الفريق الذي حقق أكبر عدد من الخسائر في الموسم السابق. وهذا الأمر لا ينطبق على دالاس مافريكس، لأن الأندية التي عانت أكثر في الموسم الأخير كانت يوتا جاز وشارلوت هورنيتس وواشنطن ويزاردز .

"مِس ريتشل" ترد على منتقدي دعمها أطفال غزة: الصمت لم يكن خياراً
"مِس ريتشل" ترد على منتقدي دعمها أطفال غزة: الصمت لم يكن خياراً

العربي الجديد

timeمنذ 6 أيام

  • العربي الجديد

"مِس ريتشل" ترد على منتقدي دعمها أطفال غزة: الصمت لم يكن خياراً

ردّت "مِس ريتشل" على الانتقادات وحملات هجومية طاولتها الشهر الماضي من مؤيدي إسرائيل، بسبب دفاعها المستمر عن أطفال غزة ، واصفةً الاتهامات لها بالترويج لدعاية حركة حماس بـ"الكذب الصريح". واشتهرت "مِس ريتشل" على منصات التواصل الاجتماعي خلال السنوات الماضية، من خلال تقديمها مقاطع مصورة لتعليم الأطفال أو تقديم النصح للأهل، بوجه طفولي مبتسم. لكن الجمهور انقسم حول الممثلة الأميركية في الفترة الماضية، لأنها اتخذت موقفاً صريحاً ضد الإبادة الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة. منذ العام الماضي، بدأت "مِس ريتشل"، واسمها الحقيقي ريتشل أكورسو، بالتحدث عن المآسي التي يواجهها أطفال غزة جراء العدوان الإسرائيلي في تغيير جذري عن الصورة التي صنعت شهرتها، وهي التحدث بأسلوب طفولي محبب وهي ترتدي زيّاً من الجينز وتلف رأسها بربطة زهرية اللون. في مايو/أيار 2024، أطلقت "مِس ريتشل" حملة جمعت خلالها 50 ألف دولار لصالح منظمة سايف ذا تشيلدرن. وتحدثت بتأثر بالغ عن تعليقات قاسية و"تنمّر" تعرضت له عبر منصات التواصل الاجتماعي، واتهام منتقديها لها باتخاذ موقف منحاز مناهض لإسرائيل. كتبت أكورسو رداً على ذلك أن "الأطفال الفلسطينيين، الأطفال الإسرائيليين، الأطفال في الولايات المتحدة، الأطفال المسلمين، اليهود، المسيحيين. كل الأطفال، في أي بلد كانوا، لا أحد مستثنى من حق الحياة". "مِس ريتشل" تتمسك بدعم أطفال غزة لكن ذلك، لم يخفف من وقع الاتهامات المتزايدة لها بمعاداة السامية أو مناهضة إسرائيل. في إبريل/نيسان الماضي، طلبت مجموعة ضغط مؤيدة لإسرائيل من وزيرة العدل الأميركية، بام بوندي، فتح تحقيق بشأن ما إذا كانت أكورسو "تتلقى تمويلاً من طرف خارجي للترويج لدعاية مناهضة لإسرائيل بهدف تضليل الرأي العام". كذلك، اتهمتها منظمة أوقفوا معاداة السامية (StopAntisemitism) بأنها تعمل على ترويج "دعاية حماس"، وإن كانت قد أقرّت بأن أكورسو نشرت فيديوهات داعمة لأطفال إسرائيليين منهم أرييل وكفير بيباس، أصغر الرهائن سناً، واللذان لقيا حتفهما في قطاع غزة. من جهتها، وصفت "مسِ ريتشل" في مقابلة مع "نيويورك تايمز"، الأربعاء الماضي، الاتهامات الموجهة لها بالترويج لدعاية "حماس" بأنها "أمر عبثي" و"كذب صريح". ونقلت عنها الصحيفة الأميركية قولها: "الحقيقة المؤلمة... هي أن آلاف الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة قتلوا وما زالوا يقتلون، ويتعرّضون للتشويه والتضوّر جوعاً. من الخطأ الاعتقاد بأن الاهتمام بمجموعة من الأطفال يحول دون اهتمامنا بمجموعة أخرى من الأطفال". وفي مقابلة أجرتها مع الصحافي الأميركي البريطاني، مهدي حسن، مطلع الأسبوع الماضي، رأت الممثلة البالغة 42 عاماً، وهي أم لولدين، أن "عدم قول أي شيء هو ما يجب أن يثير الجدل"، وعبّرت عن خيبة أملها من الانتقادات المتزايدة التي تتعرض لها بسبب حملات جمع التبرعات والمناصرة التي تقوم بها لمساندة الأطفال في القطاع الفلسطيني. وأضافت: "من المحزن أن يحاول الناس إثارة الجدل ضد من يرفع الصوت دفاعاً عن أطفال يتعرضون لمعاناة لا تقاس. الصمت لم يكن خياراً بالنسبة لي". سلّط هذا الاندفاع الضوء على الشخصية المحبوبة التي دخلت بابتسامتها العريضة ووجها البشوش، قلوب ومنازل ملايين من العائلات في الولايات المتحدة، وأصبحت من أبرز الوجوه على منصات التواصل الاجتماعي التي تقدم النصائح لمرحلة الطفولة المبكرة. في الوقت الحالي، يناهز عدد متابعي "مِس ريتشل" على منصة يوتيوب 15 مليون شخص. نجوم وفن التحديثات الحية "مِس ريتشل" تغضب جماعة مؤيدة للاحتلال انقسام أميركي متزايد يأتي الجدل حول الممثلة في وقت تزداد حدة الأزمة الإنسانية في غزة، مع منع إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية منذ مطلع مارس/آذار الماضي إلى القطاع المحاصر، ما أثار انتقادات دولية لاذعة لدولة الاحتلال التي قالت إنها ستعاود السماح بدخول "كمية أساسية" من المعونات. لفتت "فرانس برس" إلى أن الانتقادات المثارة حول فيديوهات "مِس ريتشل" التي تتطرق إلى معاناة الأطفال في غزة تعكس الانقسام العمودي في الولايات المتحدة بشأن الحرب الإسرائيلية على القطاع، من الجامعات إلى المؤسسات الخاصة والمجتمع بشكل عام. ومنذ بدء حربها على القطاع، قتلت إسرائيل أكثر من 53 ألف فلسطيني، من بينهم أكثر من 10 آلاف طفل، بحسب وزارة الصحة التابعة لحكومة غزة. ألغت "مِس ريتشل" إمكانية التعليق على بعض منشوراتها الداعمة لأطفال غزة، لكن المستخدمين لجأوا إلى منشوراتها الأخرى للتعبير عن آراء متفاوتة، فبينما كتب أحد المستخدمين: "أحب برنامجك وليس سياستك"، اعتبر آخر أن "مِس ريتشل كنز وطني". ودافعت بعض الشخصيات عن "مِس ريتشل"، مثل تومي فيتور الذي كان ضمن فريق الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ويعمل حالياً مقدم بودكاست. كتب فيتور أن "معاداة السامية مشكلة حقيقية، والإدلاء بهذه التعليقات (بحق مِس ريتشل) بشكل خبيث... لغايات سياسية، يجعل الأمور أسوأ". وعلى الرغم من كل الانتقادات تمسكت ريتشل أكورسو بمواقفها الداعمة لأطفال غزة، ونشرت مؤخراً صورة برفقة الطفلة رهف البالغة ثلاثة أعوام التي فقدت ساقيها في الحرب، وكتبت: "نعلم أن معاملة الأطفال كما يحصل في غزة ليست أمراً صائباً أخلاقياً. نعلم ذلك في قلوبنا وأرواحنا"، متوجهةً بالقول إلى "القادة الملتزمين الصمت الذين لا يساعدون هؤلاء الأطفال، يجب أن تشعروا بالعار. صمتكم سيبقى في الذاكرة". (فرانس برس، العربي الجديد)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store