
بسّام هيكل لـ"النهار": رؤيتنا هي إحداث ثورة في التمويل الرقمي في لبنان وجعل mojo المحفظة الإلكترونية الرائدة في البلاد
اليوم، نقدّم إنتر باي ش.م.ل، القوة الدافعة وراء mojo، إحدى المحافظ الإلكترونية المرخصة في لبنان. ورغم أن موجو قد يكون جديداً في لبنان، يمتدّ إرث المجموعة في التكنولوجيا المالية إلى ما هو أبعد من ذلك.
على مدار أكثر من عقد من الزمن، أدّت المجموعة دوراً محورياً في تحقيق الشمول المالي على مستوى العالم، حيث قدمت خدمات مالية أساسية لمن لا يملكون حسابات مصرفية. من خلال إزالة الحواجز وتمكين الأفراد والشركات، منحت الفئات المحرومة الحرية والفرصة للمشاركة في النظام المالي. التزامها يتجاوز التكنولوجيا، إذ استثمرت وقتاً وموارد في تعليم وتمكين المجتمعات التي كانت ستُترك خارج المنظومة المالية.
تعمل المجموعة من خلال كيوب هولدينغز وهي مجموعة شركات في غرب أفريقيا، وتخدم آلاف العملاء، كما وضعت بصمتها أخيراً في أوروبا. وهي ليست غريبة عن الصناعات المنظمة بشدة، إذ تمتلك محفظة أعمال متنوّعة تشمل النفط والغاز، والأدوية، والتصنيع.
قصة mojo هي قصة أصالة وابتكار - وُلدت على أيدي رواد لديهم شغف بتقديم حلول مالية مصممة خصيصاً. تأسس موجو استناداً إلى الخبرة العميقة والتجربة المباشرة المكتسبة من العمل في أفريقيا، حيث تهيمن المحافظ الإلكترونية على النظام المالي.
الآن، تُنقل هذه الثقافة والمعرفة والخبرة في التكنولوجيا المالية "إلى الوطن" في لبنان، بثقة بقدرة التكنولوجيا على إحداث تحوّل في التمويل الرقمي في المنطقة. بفضل فريق تنفيذي عالمي وسجلّ حافل بالإنجازات، يستعد موجو لإعادة تعريف إدارة الأموال.
في جوهره، تتمثل مهمة mojo في تمكين الأمة من إحداث ثورة في أنظمة الدفع. فمن خلال تقديم حلول مالية سريعة وآمنة ومريحة، يسعى mojo إلى تبسيط الحياة، وتحفيز الاقتصاد، وتمكين الأفراد الذين فقدوا السيطرة على شؤونهم المالية من استعادة زمام الأمور – أو بعبارة أخرى، استعادة "موجو" الخاص بهم.
عن هوية التطبيق وتاريخه
ما قصة تأسيس mojo ؟ ما زلت أذكر بوضوح تلك الليلة التي وُلدت فيها فكرة mojo. كان ذلك في أغسطس 2021، عندما عدت إلى لبنان لأول مرة بعد جائحة كورونا، وسط الأزمة المالية العميقة. كنت أتناول العشاء مع بعض الأصدقاء في أحد المطاعم في البترون. وعندما جاءت الفاتورة، لم يكن معي ما يكفي من المال نقداً، فيما توقف المطعم عن قبول البطاقات المصرفية بسبب تقلبات سعر الصرف.
شعرت بإحراج شديد عند اضطراري لطلب المال من أصدقائنا لدفع الفاتورة، وكانت تلك اللحظة نقطة تحول. أدركت حينها أن لبنان بحاجة إلى حل للمحافظ الإلكترونية! في اليوم التالي، شاركت تجربتي مع شركائي في مجال التكنولوجيا المالية – أحدهم في الشرق الأوسط والآخر في أوروبا – وقررنا معاً تنفيذ الفكرة وجلب حلٍّ للدفع الرقمي إلى لبنان. وبفضل خبرتنا العميقة في المدفوعات الرقمية والشمول المالي، كنا ندرك أن هذا الحل يمكن أن يُحدث ثورة حقيقية، وهكذا وُلد mojo!
ما هدف mojo ؟ وكيف يختلف عن التطبيقات المالية الأخرى في السوق؟ هدف mojo هو إعادة تعريف إدارة الأموال من خلال توفير تجربة تفاعلية تمنح المستخدمين التحكم الكامل. نريد أن نجعل الشؤون المالية أقل عبئاً وأكثر قوة كأداة للنمو الشخصي وتعزيز الثقة المالية. نريد من مستخدمينا اكتشاف عالم جديد من إدارة الأموال والمشاركة في خدمات لم تكن متاحة لهم من قبل.
mojo ليس مجرد تطبيق، بل هو حركة تهدف إلى إنشاء نظام مالي مترابط يمكن من خلاله للأفراد والشركات والتجار تقديم خدماتهم والتعامل بسهولة، بعيداً عن تعقيدات البنوك التقليدية. هدفنا بناء منظومة مالية متكاملة تدعم الشمول المالي والنموّ الاقتصادي في المنطقة.
ما الميزات التي يوفرها mojo حالياً؟ حالياً، يوفر mojo الميزات الأساسية الموجودة في معظم المحافظ الإلكترونية الأخرى، مثل:
• الإيداع والسحب النقدي
• الدفع بين الأفراد وتقسيم الفواتير
• المدفوعات عبر رمز QR – مرتبط بشبكة "أريبا" و"CCM"
• القسائم الإلكترونية
• شرائح الاتصال الإلكترونية (e-SIMs)
• سجل المعاملات، الإشعارات الفورية، التحليل والميزانيةلكن لدينا العديد من الخطط المثيرة القادمة، لذا ابقوا متابعين أو ببساطة "استعيدوا موجو الخاص بكم" لمعرفة المزيد!
هل تطوّر التطبيق واستراتيجيته منذ إطلاقه؟ بالتأكيد. عندما أطلقنا mojo، كان تركيزنا الأساسي على تلبية حاجة السوق الأساسية – توفير مدفوعات رقمية سلسة. في ذلك الوقت، كانت الأولوية تقديم طريقة موثوقة وفعالة وآمنة لإرسال الأموال واستقبالها وتخزينها.
ولكن بعد أكثر من عام في السوق، لاحظنا تغييرات في سلوك المستخدمين وتوقعاتهم، وأصبح واضحاً أن تطبيق المدفوعات الأساسي وحده لا يكفي للحفاظ على مشاركة المستخدمين. اليوم، يتوقع المستخدمون أكثر من مجرد معاملات مالية – إنهم يبحثون عن تجربة مالية متكاملة تلبّي احتياجاتهم اليومية.
ما رؤية mojo المستقبلية؟ وكيف تخططون لتعزيز دوركم في السوق المالية الرقمية؟ رؤيتنا هي إحداث ثورة في التمويل الرقمي في لبنان، وجعلmojo المحفظة الإلكترونية الرائدة في البلاد. نحن نعمل على تطوير mojo ليكون أكثر من مجرد أداة مالية، بل رفيقاً مالياً يتكيف مع احتياجات المستخدمين، مما يمكنهم من إدارة مستقبلهم المالي بسهولة وثقة.
كيف بدأت رحلتكم في التكنولوجيا المالية في أفريقيا؟ وما المنتجات التي بدأتم بها وكيف تطورت؟ بدأنا رحلتنا في عام 2014 بإطلاق أول شركة لنا في مجال التكنولوجيا المالية، "إنتر باي". بدأنا كشركة لمعالجة المدفوعات، ثم تطورنا سريعاً وابتكرنا أول محفظة إلكترونية موجهة لجامعة، وهو حل كان سابقاً لعصره!
كانت هذه المحفظة الإلكترونية مصممة بحيث يتمكن أولياء الأمور من إيداع الأموال في حسابات أبنائهم، مع تقسيمها إلى فئات مخصصة: رسوم دراسية، مصاريف الكافتيريا، ومصاريف المكتبة. هذا النموذج الفريد منح الآباء راحة البال، وعزز من تجربتنا في تطوير حلول مالية مبتكرة تلبّي احتياجات العالم الحقيقي.
كيف تصف بيئة التكنولوجيا المالية في أفريقيا؟ سأتحدث تحديداً عن غانا، التي أعرفها جيداً. في عام 2024، بلغ إجمالي قيمة معاملات الأموال عبر الهاتف المحمول هناك 215 مليار دولار – رقم مذهل!
أفريقيا هي موطن المحافظ الإلكترونية، وقد طورت واحدة من أكثر النظم البيئية تقدماً في العالم. الحوافز للابتكار تأتي من الحاجة، وبسبب محدودية الخدمات المصرفية التقليدية، أصبحت التكنولوجيا المالية الحل الأمثل لتلبية احتياجات السكان غير المشمولين مالياً.
بالمثل، يعاني لبنان اليوم من أزمة مصرفية جعلت الملايين غير قادرين على الوصول إلى الخدمات المالية التقليدية، مما يخلق فجوة كبيرة يمكن سدّها من خلال التكنولوجيا المالية.
كيف تتعاونون مع البنوك والمؤسسات المالية لتقديم خدمات أكثر تكاملاً للمستخدمين؟ نحن نركز على بناء شراكات قائمة على الاستقرار والشفافية، مع ضمان أمان أموال المستخدمين. نحرص على الامتثال للوائح التنظيمية وتعزيز التشغيل البيني لضمان الثقة بالنظام المالي الذي نبنيه.
ختاماً، مستقبل المدفوعات الرقمية سيتحول إلى تجربة متكاملة، مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي لإدارة الشؤون المالية بشكل أذكى. نحن في mojo متحمسون لقيادة هذه الثورة المالية!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


لبنان اليوم
منذ 6 أيام
- لبنان اليوم
موسم واعد بانتظار استقرار الأوضاع الأمنية: هل يتحول صيف لبنان إلى فرصة ذهبية؟
تشير المؤشرات الأولية إلى أن لبنان يقف على عتبة موسم سياحي صيفي يُتوقّع أن يكون استثنائيًا، مدفوعًا بعدة تطورات إيجابية على المستوى الدبلوماسي والإقليمي، أبرزها رفع الحظر عن سفر المواطنين الإماراتيين، وإعلان عودة السائح الكويتي بعد زيارة رئيس الجمهورية جوزيف عون إلى الكويت، وسط ترقب لخطوة مماثلة من المملكة العربية السعودية. ويرى الخبير في الأسواق المالية الدكتور فادي غصن أن السياحة تُعد ركيزة حيوية للاقتصاد اللبناني، إذ تساهم بشكل مباشر في دعم الناتج المحلي الإجمالي وتحفيز النمو العام. عائدات السياحة: أرقام بين الأزمات والتعافي وفقًا للدكتور غصن، فقد تخطّت عائدات القطاع السياحي حاجز الـ6 مليارات دولار سنويًا قبل الأزمة الاقتصادية، إلا أنها تراجعت خلال جائحة كورونا إلى ما بين 2.5 و3 مليارات دولار، قبل أن تسجل ارتفاعًا ملحوظًا في عام 2023 لتصل إلى نحو 5.4 مليار دولار. ويتوقع غصن أنه في حال استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية، لا سيما في ظل التهديدات الإسرائيلية، فإن الإيرادات قد تتجاوز حاجز 6 إلى 7 مليارات دولار، وهو ما يعادل متوسط العائدات خلال الفترة الممتدة من عام 2002 إلى 2018. الفرص والمخاطر: السياحة في مهب الريح الإسرائيلية؟ ورغم الأجواء المتفائلة، حذر غصن من أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة قد تُعيق حركة السياحة وتُضعف من وتيرة الحجوزات المتوقعة، ما قد يؤدي إلى تراجع الأرقام عن التقديرات المعلنة. الليرة والتدفقات النقدية: وجه آخر للانتعاش من جهة أخرى، أشار الخبير الاقتصادي إلى أن تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية قد يساهم في تعزيز العائدات السياحية بالدولار، مما يدعم استقرار السوق المالي المحلي ويُحفّز تدفق العملات الصعبة، خاصة أن القطاع السياحي لا يقتصر فقط على العائدات، بل يُمثل أيضًا رافعة لتأمين فرص العمل واستقطاب الاستثمارات الخارجية. هل يتحول صيف لبنان إلى فرصة ذهبية؟ مع اقتراب فصل الصيف، يُعلَّق الكثير من الآمال على تحسّن الظروف الأمنية والدبلوماسية، وهو ما قد يفتح الباب أمام انتعاش قطاع السياحة بوصفه أداة إنقاذ للاقتصاد اللبناني ومصدرًا مهمًا لاستقطاب النقد الأجنبي في ظل الأزمة المالية المستمرة.


النهار
منذ 7 أيام
- النهار
هدنة جمركية بين واشنطن وبكين: هل توقف الحرب التجارية أم لعبة وقت؟
في تحول مفاجئ ومثير في مسار الحرب التجارية، أعلنت الولايات المتحدة والصين عن اتفاق مؤقت لخفض الرسوم الجمركية بينهما لمدة 90 يومًا. فهل هي هدنة حقيقية أم مجرد استراحة قبل العاصفة؟ خفض مفاجئ في التعريفات.. والأسواق ترحب بحسب البيان المشترك الصادر من جنيف، وافقت الولايات المتحدة على خفض الرسوم الجمركية من 145% إلى 30% على الواردات الصينية، فيما ستخفض الصين من جانبها تعريفاتها على المنتجات الأميركية من 125% إلى 10%، بدءًا من 14 أيار/مايو. رد الفعل في الأسواق كان فورياً: قفزت العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 بنسبة 3%، وارتفعت أسعار النفط، وتقدمت عوائد سندات الخزانة، كما تعزز الدولار أمام معظم العملات، وارتفع اليوان الصيني في التعاملات الخارجية بنسبة 0.5%. تنقل المستثمرون واضح من أدوات الملاذ الآمنة إلى أدوات المخاطر. بالتالي عمليات جني أرباح الذهب كانت واضحة وقد تستمر في الفترة القادمة وصولاً إلى مستويات 3,000 دولار للأونصة مع كسر مستويات 3,200 دولار. لكن خلف هذا الارتياح الظاهري، يختبئ الكثير من الأسئلة: هل ستحقق هذه الهدنة اختراقاً في المفاوضات؟ أم أنها مجرد إعادة تدوير لتجارب سابقة انتهت بخيبة أمل؟ من "تحرير التجارة" إلى "تحرير المعركة" في مشهد يعيد إلى الأذهان العام 2018، حين أُعلن عن تعليق الحرب التجارية مؤقتًا قبل أن تنهار التفاهمات، تبدو هذه الهدنة الجديدة وكأنها إعادة إنتاج لسيناريو معروف، حيث تُمنح الأسواق "فسحة أمل" سرعان ما تتلاشى. البيت الأبيض وصف الاتفاق بأنه "صفقة تجارية"، بينما وصفته بكين بأنه آلية مؤقتة للتفاوض. لكن لم يُحدد أي هدف واضح للطرفين، ولا توجد ضمانات بعد انتهاء المهلة. "نحن لا نسعى للانفصال عن الصين"، هكذا صرح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسينت، مشيرًا إلى مفاوضات محتملة تقود إلى اتفاقات شراء مستقبلية من جانب بكين. رغم نبرة التفاؤل، فإن العديد من الرسوم المفروضة خلال ولاية ترامب الأولى لا تزال قائمة. الرسوم الحالية لا تشمل الضرائب القطاعية المفروضة على جميع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، مما يعني أن هذه التهدئة ليست شاملة. تأتي هذه الهدنة في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأميركي أول انكماش فصلي منذ جائحة كورونا، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3% في الربع الأول من 2025. ومع أن سوق العمل لا يزال متماسكًا — بإضافة 177 ألف وظيفة في أبريل وثبات البطالة عند 4.2% — إلا أن تراجع الاستثمارات وارتفاع الواردات بسبب التوقعات بزيادة الرسوم، زعزع ثقة المستهلكين والمستثمرين. هذه المعطيات تُدخل الاحتياطي الفيدرالي في مأزق مزدوج: بيانات توظيف قوية تؤجل خفض الفائدة، وانكماش اقتصادي يضغط نحو التيسير. هل تكون الهدنة بداية الحل؟ أم فخاً زمنياً؟ الاتفاق الحالي يمنح الجانبين 90 يومًا من "الهدوء النسبي"، لكن التجربة التاريخية تُشير إلى أن مثل هذه التهدئات كثيرًا ما تكون فخاخًا زمنية، تؤجل الانفجار ولا تمنعه. في 2020، وقعت واشنطن وبكين ما عُرف باتفاق "المرحلة الأولى"، لكن الصين فشلت في تنفيذ التزاماتها الشرائية، بينما قفز العجز التجاري الأميركي معها لاحقًا، ما وضع اللبنة الأولى للمعركة الجديدة. الآن، ومع عودة ترامب، وصعود النبرة القومية في السياسات الاقتصادية، تبقى كل الاحتمالات مفتوحة. الأسواق تأمل... لكنها لا تثق رغم الارتفاعات القوية في الأسهم والسلع، إلا أن مراقبي السوق يدركون أن الهدنة لا تكفي لبناء مراكز استثمارية طويلة الأمد. المطلوب أكثر من خفض رسوم — المطلوب خريطة طريق واضحة. حتى ذلك الحين، سيظل التوتر هو العنوان العريض، والأسواق ستتنقل بين موجات من الأمل والذعر، في انتظار ما إذا كان 2025 سيشهد فعلاً نهاية للحرب التجارية، أم بداية فصل أكثر دهاءً منها. لكن على الأقل قد يبدو الموجة الأولى من تحركات الأسواق تُرحب بهدنة وتهدئة؛ دفعت فيها المستثمرين إلى شراء المخاطر والابتعاد عن الملاذات الآمنة. نتذكر - في عالم الاقتصاد... الهدنة لا تعني دائماً السلام، بل غالبًا ما تكون مجرد لحظة تنفس بين معركتين.


النهار
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- النهار
مستقبل الدين الأميركي: حلول محتملة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة
تتزايد المخاوف بشأن تراكم الديون الحكومية الأميركية التي تجاوزت حاجز 36 تريليون دولار، وهو مستوى غير مسبوق يمثل تهديدًا كبيرًا للاستقرار الاقتصادي العالمي. هذه الأزمة تعكس الاعتماد المفرط على الاقتراض لتمويل العجز الحكومي والإنفاق العسكري والبرامج الاجتماعية، ما يجعل مسألة الدين قضية محورية في السياسات المالية الأميركية. نظرة تاريخية على الدين الأميركي منذ تأسيس الولايات المتحدة، كان الدين الوطني دائمًا جزءًا من المعادلة المالية. بدأت الأزمة الحديثة مع توسع الإنفاق في القرن العشرين، خصوصاً خلال الحربين العالميتين، تلاها الإنفاق الكبير على برامج الرعاية الاجتماعية في الستينات، ثم الحروب في العراق وأفغانستان، وأخيرًا الأزمات المالية مثل أزمة 2008 وجائحة كورونا. هذه الأحداث رفعت مستويات الديون بشكل كبير، ومع تصاعد أسعار الفائدة، أصبح الحفاظ على هذه المستويات من الاقتراض أكثر تكلفة. التحديات الحالية وتأثير الرسوم الجمركية في السنوات الأخيرة، ساهمت السياسات الاقتصادية مثل الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب على الصين في زيادة أكلاف التجارة العالمية، ما أضاف ضغوطًا جديدة على الاقتصاد الأميركي. هذه السياسات أدت إلى ارتفاع تكلفة الواردات وانخفاض الصادرات، ما زاد من العجز التجاري وساهم في تضخم حجم الديون. سيناريوهات لمعالجة أزمة الديون مع وصول الديون إلى هذا المستوى الحرج، تجد الولايات المتحدة نفسها أمام ثلاثة سيناريوهات رئيسية: التخلف عن السداد: يعد هذا الخيار الأكثر خطورة، إذ يعني أن الولايات المتحدة قد تتخلى عن الوفاء بالتزاماتها المالية، مما يؤدي إلى انهيار الثقة بالاقتصاد الأميركي. هذا سيؤدي إلى أزمة عالمية، بحيث يتسبب بخفض قيمة الدولار، تجميد أسواق الائتمان، وركود اقتصادي يشبه الكساد الكبير، ما يؤثر على جميع الأسواق العالمية. طباعة الدولار: في هذا السيناريو، قد تلجأ الحكومة الأميركية إلى طباعة مزيد من الدولارات لسداد ديونها. رغم أن هذا قد يخفف من العبء المالي على المدى القصير، فإن العواقب ستكون وخيمة. زيادة المعروض من النقود قد تؤدي إلى تضخم حاد، إذ سترتفع أسعار السلع الأساسية بشكل لا يُحتمل، ما يضر بمستوى المعيشة لكل من الأميركيين وبقية العالم. الابتكار والتحول الرقمي: قد يكون الحل الأكثر استدامة هو التطور التكنولوجي والتحول الرقمي. الابتكارات مثل الذكاء الاصطناعي، الحوسبة السحابية، والتكنولوجيا الحيوية يمكن أن تعزز الإنتاجية وتخفّض الأكلاف، ما يساهم في زيادة الإيرادات. تقنيات مثل الأتمتة وإنترنت الأشياء قد تساعد في تحسين الكفاءة وتقليل النفقات التشغيلية، مما يؤدي إلى تقليص الفجوة بين الإيرادات والديون. هذه التكنولوجيات قد تعيد تشكيل الصناعات التقليدية وتوفر طرقًا جديدة لتحفيز النمو الاقتصادي بشكل مستدام. خفض أسعار الفائدة لتقليل تكلفة الديون من بين الحلول المحتملة، يمكن أن يلجأ الرئيس الأميركي إلى خفض أسعار الفائدة، مما يقلل من تكلفة خدمة الديون. هذه الخطوة ستساعد في تقليص الأعباء المالية على الحكومة، مما يسمح لها بالاستمرار في تمويل ديونها دون زيادة كبيرة في الأكلاف. ما السيناريو الأكثر ترجيحًا؟ من المحتمل أن يكون الحل مزيجًا من طباعة النقود على المدى القصير والمتوسط، مع تحول تدريجي نحو الابتكار التكنولوجي على المدى الطويل. وبينما قد يتراجع دور الدولار كعملة احتياطية رئيسية، يبقى من غير المرجح أن يختفي تأثيره بالكامل. التاريخ يظهر أن العملات الرئيسية قد تفقد جزءًا من أهميتها لكنها نادرًا ما تختفي تمامًا. مثلما تراجع الجنيه الإسترليني من مكانته العالمية لكنه لا يزال أحد أهم العملات اليوم. في المحصلة، بغض النظر عن السيناريو الذي يتحقق، يظل الدولار اليوم هو المقياس الذي نستخدمه لتقييم أسعار الأصول. ومع تآكل هذه القيمة المرجعية، قد ترتفع أسعار الأصول اسميًا. لذا، قد يكون الاستثمار في الأصول مثل الذهب، العقارات، أو حتى التكنولوجيا خيارًا حكيمًا قبل أن تتغير قواعد اللعبة المالية بشكل جذري.