logo
ما هو الهدف الحقيقي وراء استهداف مراسلي الجزيرة انس الشريف ومحمد قريقع وزملائهم المصورين الثلاثة؟سعد ناجي جواد

ما هو الهدف الحقيقي وراء استهداف مراسلي الجزيرة انس الشريف ومحمد قريقع وزملائهم المصورين الثلاثة؟سعد ناجي جواد

ساحة التحريرمنذ 5 أيام
ما هو الهدف الحقيقي وراء استهداف مراسلي الجزيرة انس الشريف ومحمد قريقع وزملائهم المصورين الثلاثة؟
ماذا قال محلل بريطاني مرموق عن نضال الشعب الفلسطيني؟
د سعد ناجي جواد*
لم يحدث في اي حرب من الحروب ان تم استهداف هذا العدد الكبير من الصحفيين والمراسلين والمصورين الذين يعملون في الفضائيات العربية والعالمية مثل ما يحدث في غزة (237 شهيدا لحد الان). ولم يحدث ان تجرأ نظام مارق وقوة غاشمة وتباهت بهذا القتل كما يفعل النظام العنصري المجرم في فلسطين المحتلة، ولم يحدث ان وصل الفجور بنظام فاشي ان تبجح بالقتل وبرّره كما يفعل نظام الاحتلال الصهيوني. لم يكتف هذا النظام بقتل الأطفال والنساء والمدنيين في غزة باستهدافهم بالأسلحة الفتاكة وانما زاد على ذلك أن بدأ يقتلهم تجويعا و(اصطيادا) عندما يكونون باحثين عن مساعدات غذائية.
ومع ذلك فان الولايات المتحدة، البلد الذي يدعي بانه حامي حقوق الانسان الاول والمحارب للإرهاب والذي لم يترك جريمة إلا وارتكبها بدعوى العمل على جعل العالم اكثر امنا، لا يزال يقف إلى جانب هذا النظام النازي ويمنع الامم المتحدة من ادانته. ولا يختلف سلوك الدول الغربية عن السلوك الأمريكي حتى وان ادعت غير ذلك، فالسلاح لا يزال يتدفق على جيش الاحتلال منها، وطائراتها التجسسية ما تزال تحوم حول غزة لتزويد ذلك الجيش بالمعلومات. بينما عندما دفعت الولايات المتحدة والغرب أوكرانيا إلى مغامرة ليس لها فيها لا ناقة ولا جمل، لم تبق تلك الدول عقوبة إلا وأصدرتها بحق روسيا، ولا تهمة إلا وألصقتها بالنظام في موسكو. اما ما يرتكب من جرائم في غزة والضفة الغربية اعتبروه، ولا يزالون يعتبرونه دفاعا عن النفس، اي نفاق هذا والى اي درجة يمكن ان يصل الازدراء والاستهتار بالنفس البشرية؟
من الواضح ان الهدف الحقيق وراء جريمة امس، بالإضافة إلى الروح الاجرامية المتأصلة في داخل ذلك الكيان، (آخر احصائية قالت ان أربعة من كل خمسة من افراد مجتمع الاحتلال يؤيدون استمرار المجازة في غزة)، وإذا ما وضعنا جانبا هذه الرغبة المتأصلة في القتل فان قتل الشهداء الخمسة من طاقم قناة الجزيرة المراسل أنس الشريف، والصحفي محمد قريقع، والمصور إبراهيم ظاهر، والمصور مؤمن عليوة، ومساعد مصور محمد نوفل باستهداف خيمتهم بصورة مباشرة بمسيرة، إنما هو لإسكات آخر الأصوات التي تنقل للعالم ما يجري من إبادات وخرق لكل قواعد حقوق الإنسان في غزة. وان يأتي هذا الاستهداف بعد اعلان المدان من قبل المحكمة الجنائية الدولية والهارب من حكمها، عن بداية هجوم كبير لاحتلال غزة لدليل واضح على النية لحجب الحقائق والصور التي كانوا سينقلونها عن الهجوم البربري القادم. هم يتصورون ان إسكات هؤلاء المراسلين سيمكنهم من ارتكاب ما يشاءون من إبادات دون رقيب، وينسون ان ابناء غزة رغم كل ما حل بهم، ما زالوا قادرين بما يمتلكون من وسائل بسيطة على إيصال صور المجازر للعالم، وكسر صمت دول العالم (المتحضر) ومعها العربية على ما يجري. لقد كان الشهيد انس الشريف يعلم علم اليقين بان اجله يدنو عندما قرر ان يكتب وصيته قبل أربعة اشهر، وصية أدمعت أعين وأدمت قلوب كل من سمعها، وصية لا يكتبها إلا الأبطال الذين يواجهون مصيرهم بعزة وكرامة، اقتطف منها هذا الجزء البسيط (عشتُ الألم بكل تفاصيله، وذُقت الوجع والفقد مرارًا، ورغم ذلك لم أتوانَ يومًا عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف، عسى أن يكون الله شاهدًا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا، ومن حاصروا أنفاسنا ولم تُحرّك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكنًا ولم يُوقِفوا المذبحة التي يتعرّض لها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف. أوصيكم بفلسطين، درةَ تاجِ المسلمين، ونبضَ قلبِ كلِّ حرٍّ في هذا العالم).
في تحليله لما جري في غزة قال المحلل البريطاني المرموق ديفيد هيرست David Hearst رئيس تحرير موقع Middle East Eye (انتهت حرب فيتنام بهزيمة الولايات المتحدة بسبب عاملين: تصميم الشعب الفيتنامي والرأي العام الأمريكي، وهذان العاملان نفسهما سيقودان الشعب الفلسطيني نحو نيل دولته المستقلة: اصرار الفلسطينيين على البقاء او الموت على ارضهم والتحول السريع ضد اسرائيل في الرأي العام في الغرب والولايات المتحدة. راقبوا جيدا هذا التحول انه يتسلل إلى الأوساط اليمينية بعد ان ترسخ لدى اليسار. لن تنجح بعد الان محاولات وصف النقد المشروع للإبادة الجماعية التي تحدث بانها معادة للسامية، هذا الأمر قد انتهى، انها معركة تخاض بالتزامن في فلسطين وفي عقول وقلوب الغرب الذي نشأ وازدهر فيه المشروع الصهيوني والذي يعتمد عليه اعتمادا كبيرا ما دامت هذه الحرب مستمرة. قد تفوز اسرائيل في كل معركة كما فعلت الولايات المتحدة في فيتنام ولكنها في النهاية ستهزم وتخسر الحرب).
رحمكم الله أيها الشهداء الأبطال الخمسة، ومَنَّ على اهلكم وذويكم بالصبر الجميل على فقدانكم وانتم الأعزّ على قلوبهم وقلوب كل عربي شريف ظل يتابع مواقفكم البطولية وسط المجازر، وتحت وطاءة الجوع والحرمان من ابسط مستلزمات الحياة. لقد كنتم حقا رجالا من المؤمنين صدقتم ما عاهدتم الله عليه وما بدلتم تبديلا. الرحمة على أرواحكم الطاهرة، وإنا لله وإنا اليه راجعون.
كاتب واكاديمي عراقي
‎2025-‎08-‎12
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جِسر.. الشيخ الأهوازي الذي فر من الكويت واغتاله الوهابيون
جِسر.. الشيخ الأهوازي الذي فر من الكويت واغتاله الوهابيون

اذاعة طهران العربية

timeمنذ 34 دقائق

  • اذاعة طهران العربية

جِسر.. الشيخ الأهوازي الذي فر من الكويت واغتاله الوهابيون

هل تعرفون رجل الدين الأهوازي الإيراني والخطيب المنبري والناشط الاجتماعي والآكاديمي الذي تخرج من إحدي الفروع الهندسية ب الكويت والذي كان يعتبر نفسه خادما ل سيدة نساء العالمين (س) فاغتيل في هذا الطريق علي يد الوهابية أمام بيته وعُرف بشهيد الولاية؟. الشهيد الشيخ هشام الصيمري من أهالي مدينة أروندكنار في محافظة خوزستان، ولد في الكويت عام 1961 للميلاد ونشأ في تلك البلاد، حيث تلقى تعليمه الجامعي في العلوم السياسية والدراسات الحوزوية. استنادا لكلام والد الشهيد عن فترة تعليمه: في سن الخامسة عشرة قام هشام وشباب مدينته ببناء مسجد الإمام علي (ع)، وكان آية الله السيد مصطفى ذو القدر إماماً للمسجد. لقد لاحظ موهبة الشهيد في تعلم العلوم الدينية والحوزاتية، ولهذا السبب، انصرف إلى تدريس العلوم الدينية والحوزاتية له ولشباب المنطقة. كان الشهيد يحضر الدروس كل يوم في الساعة الخامسة صباحًا حتى دخل جامعة الكويت. كان الشهيد كذلك آكادميا وعصريا حيث دخل الجامعة الكويتية في فرع الكيمياء ويعتبرا مهندسا إلي جانب دراسته الحوزوية. ننقل عن نجل الشهيد، الشيخ حسين الصيمري: "مع حلول عام 1978، كانت رياح الثورة الإسلامية المباركة في ايران تتخطى كل الحدود، وهنا هبّ سماحة الشيخ رحمه الله، ليكون أول المستجيبين لندائها، المسارعين إليها، والفرحين أشدّ الفرح بإنجازها التاريخي الرائع، كيف لا؟ وقد تحقق أمام عينيه أمل طالما كان ينبض مع كل خفقة من خفقات قلبه، وحلم كان يختلج مع كل جارحة من جوارحه". تم اعتقال الشهيد مرارًا وتكرارًا في الكويت لدفاعه عن مدرسة أهل البيت (ع)، منها عندما قال قصيدة عن مجزرة الحجاج الإيرانيين في السعودية، مما دفع الحكومة الكويتية إلى إرسال قواتها إلي منزله لاعتقاله. حُكم علي الشيخ في البداية بالسجن المؤبد ثم بالسجن 15 عامًا حتى أطلق سراحه عام 1990 وأثناء غزو صدام للكويت من السجن. غادر الشهيد الشيخ هشام الصيمري، الكويت بعد إطلاق سراحة من السجن عام 1990 وتوجه إلى مدينة قم المقدسة. والتحق بدروس البحث الخارج عند الشيخ مكارم الشيرازي والسيد حسين الشاهرودي والشيخ باقر الإيرواني، وكان يدرس الفقه والعربية والأصول إلى جنب دراسته. كان الشيخ الشهيد لا يعرف أن يركن إلى دعة أو خمول فإلى جانب اهتماماته بدراسته الحوزوية، كان الشيخ يولي قسماً كبيراً من اهتماماته ووقته لأمور التبليغ والدعوة الإسلامية فقد سافر إلى مدينة الأهواز عام 1998 لإحياء الدين وتعظيم الشعائر الإسلامية ، تصدّى فيها للبحث والتدريس وبث المعارف الإسلامية. - تشكيل لجنة اجتماعية لمساعدة ذوي الدخل المحدود. - تفعيل المساجد والحسينيات في المنطقة. - إطلاق مواكب العزاء في حي علوي خلال أيام الفاطمية ومحرم وصفر. - تأسيس مؤسسة بقية الله الخيرية. - بناء عدة مساجد. - إنشاء مركز الزهراء الثقافي للسيدات. - إنشاء مركز خديجة الكبرى الثقافي للسيدات. - إنشاء المكتبة العامة لمسجد فاطمة الزهراء (س). - استكمال مكتبة حوزة الإمام علي بن أبي طالب (ع). - تأليف عدة كتب حول الدفاع عن العقيدة الحقة منها كتاب "كلمة الإمام السبط الشهيد عليه السلام" باللغة العربية. كان الشيخ الشهيد يرعي نشاطات أكثر من عشرين مسجد في مدينة الأهواز الإيرانية. بقيت منه تسجيلات صوتيه كثيرة من خلال محاظراته الدينية التوعوية التي مازالت تبث عبر إذاعة الاهواز ونظائرها. يقول الشيخ عزيز عبيات، وهو أحد زملاء الشيخ الشهيد الصيمري في الأهواز: " كان الشيخ رحمه الله ينتقل من منبر إلى منبر، ومن قرية إلى قرية، وخادماً يرعى آلام الناس، متواضعاً يعيش مثلهم ومعهم، يتحدث بلغتهم البسيطة الطيبة بعيداً عن تعقيد المصطلحات، يُقبل عليهم بالابتسامة الطيبة ويعانقهم بالمودة الصادقة، يوقّر الكبير ويحترم الصغير، ويصغي لهم دون تأفف أو ملل، يُحزنه ما يصيبهم، ويُفرحه ما يُسعدهم" . "مع بداية الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية من قبل العراق، والتي أدت إلى تشكيل رؤية خاطئة حول فصل الدين عن السياسة، قرر الشهيد تغيير تخصصه من الكيمياء إلى العلوم السياسية ليقول للناس إن دراسة الحوزة والمواد الدينية لا تشكل عائقًا أبدًا أمام التعليم الجامعي والأكاديمي، بما في ذلك العلوم السياسية. كما درس علم النفس. ويضيف: "أثناء دراسته الجامعية أقام الشيخ هشام دورات دينية وترفيهية لإرشاد المراهقين في المسجد، وبمساعدة أصدقائه اشترى حافلة صغيرة لنقل الأطفال والمراهقين من منازلهم إلى المسجد والعكس". تعرض سماحته لعملية اغتيال غير ناجحة من قبل الوهابيين الإرهابيين عام 1980 بعد انتهائه من إحدي محاظراته الدينية التوعوية. وفي ليلة مظلمة يغشوها الظلام الدامس بعد ما كان الشيخ راجعا من إحدي محاضراته الدينية توا ولم يغير ملابسه ويجلس علي مائدة العشاء، حيث دق الباب بشدة، فامتنع الشهيد أن يرسل ابنه ليفتح الباب وقام بنفسه لذلك، فواجه في الباب شخصين ملثمين يركبان دراجة نارية وإذا بهما أطلقا عشرات العيارات النارية نحو الجسد الطاهر لتلك الشخصية التي اختارها الله للعروج الي سمائه. فاستشهد الشهيد الشيخ هشام الصيمري (رضوان الله تعالي عليه) علي يد تكفيريِّيَن ينتمون إلي التيارات الوهابية في 24 تموز 1986 أمام منزله في حي رزمندكان من أحياء مدينة الأهواز مركز محافظة خوزستان جنوب غرب ايران.

الجزية في المفهوم القرآني
الجزية في المفهوم القرآني

موقع كتابات

timeمنذ 9 ساعات

  • موقع كتابات

الجزية في المفهوم القرآني

أن الرسالة المحمدية أصبحت تعاني من الابتعاد عنها وبدأ الكثير من رجال الدين والفقهاء السلفية والنمطية بإفراغها من محتواها التشريعي ومنهجها بقصد أو بدون قصد لولا النزر اليسير من المفكرين الذين تولوا مهمة إعادة صياغة منهج العقيدة الإسلامية المتمثلة بالقرآن الكريم وتشذيب مفهوم الرسالة الخاتمة وتحريرها من الفكر السلفي القديم الذي واكب عصرهم ومكانهم وطريقة فهمهم لهذه الرسالة الإلهية لهذا كثُر التخوف من بعض نصوص القرآن نتيجة الفهم الخاطئ لها وأصبحت النصوص والآيات موقع نفور وانتقاد ورفض للكثير من هذا الدستور والمشروع الإلهي الذي بُعث للناس جميعا ولجميع الملل والنحل ومن هذه النصوص مفهوم (الجزية )التي جاء ذكرها في القرآن الكريم وكيف فرضها الله تعالى على الناس وللمخالفين لعقيدتنا على حد سواء . أولا يجب أن نعرف ونقر أن الله تعالى عادلا ورحيما وغنيا عن العالمين وغير محتاج لخلقه لا ماديا ولا معنويا ( ومن كفر فأن الله غنيا عن العالمين )آل عمران 97 و( ومن الذين آمنوا من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا أن الله يفصل بينهم يوم القيامة أن الله على كل شيء شهيد )الحج 17 .ولو استعرضنا معنى كلمة الجزية من خلال المفهوم القرآني وتتبع معناها في الآيات الأخرى بلسان عربي مبين والتي ورد ذكرها في مواضع عدة على شكل مفردات واشتقاقات فكانت عل صيغ منها (جزائهم – سيجزي – تجزون – جزيناهم – جاز- الجزاء )وغيرها من موارد كثيرة هنا نستطيع أن نفهم أن الجزية هي ليست خيارا أو حلا قرآنيا اتجاه أهل الكتاب من أتباع سيدنا موسى وعيسى عليهم السلام ولا من الكفار والملحدين بأن لهم خيارات أما الإسلام أو الاستسلام أو القتال وأما دفع الجزية وهي مبالغ مالية تُدفع لبيت مال المسلمين مقابل ضمان حياتهم ومعتقداتهم كما فهمونا سابقا وتثقفت عليها عقول الأمة الإسلامية ولو كان كذلك لذكر الله تعالى كلمة الفدية أو الكفارة كبديل عنها في المعنى كما ذُكرت في الصوم وكفارة حلف اليمين الكاذب أو الفداء للأسرى من المقاتلين وأن هذا المفهوم الخاطئ للجزية وهو الخيار لأهل الذمة هو منافي لرحمة الله تعالى وحرية التعبير والمعتقد الذي حرر الإنسان منه وهو يتكفل بالحساب في الآخرة حصرا وكذلك جعلوا من هذا المفهوم سيفا مسلطا على رقاب الشعوب الأخرى وسببا شرعيا وشرعية لأولي الأمر والسلطة ومبررا لفتح البلدان خارج الجزيرة العربية وتصفية الخصوم السياسيين وفي العقيدة مما أدى إلى تقويض الدولة الإسلامية الفتية ومعاداتها وردود أفعال عنيفة ضد الإسلام وفكره وساهمت هذه الفتوحات في فساد عقيدة الأمة الإسلامية وشعوبها نتيجة جهل بعض الفقهاء السياسة وفتاواهم التي تصب في مصلحتهم ومصلحة السلطة آنذاك ولية نعمتهم .أما من وجهة نظر المفكرين المعاصرين الذين تعمقوا في معرفة المفاهيم القرآنية والشريعة والفقه الإسلامي حيث فهموا الجزية على أنها الجزاء ووسيلة ردع قانونية لكل من الذين يحاربون الله ورسوله والذين هم ضد القانون الإلهي والمدني وضد الممارسات الإجرامية لبعض أفراد المجتمع الذين سماهم الله تعالى بالمجرمين حيث قطعوا الصلة مع المجتمع والله .

الجذور التاريخية لظاهرة وعّاظ السلاطين
الجذور التاريخية لظاهرة وعّاظ السلاطين

موقع كتابات

timeمنذ 9 ساعات

  • موقع كتابات

الجذور التاريخية لظاهرة وعّاظ السلاطين

ظاهرة 'وعّاظ السلاطين' ليست مجرد حالة طارئة أو انحراف فردي، بل هي ظاهرة معقدة ومتجذّرة في تاريخ الفكر السياسي والديني الإسلامي، حيث تتشابك السلطة الدينية والسياسية في علاقة جدلية أنتجت طبقة من الفقهاء والخطباء والمحدثين الذين وظّفوا الدين كأداة لتبرير استبداد الحاكم وتحويل طاعته إلى عبادة، وترويج سياساته باعتبارها 'شرع الله'. هذا التشابك بين النص والسلطان، بين الشرع والسلطة، شكل الأساس الذي استُمدت منه قوة وعاظ السلاطين، الذين لم يكونوا مجرد واعظين، بل صُنّاع خطاب ديني سياسي يُشبع الحاجة السلطوية إلى مشروعية تبرر استبدادها. 1. الخلفية التكوينية: من النص إلى السلطان بعد وفاة النبي محمد، دخل المجتمع الإسلامي مرحلة فراغ سياسي وديني، إذ لم يحدد القرآن الكريم آلية واضحة لاختيار الحاكم، مما فتح المجال واسعًا للاجتهادات والتفسيرات المتباينة. هذا الفراغ استغله من تولى السلطة عبر 'السقيفة'، التي كانت فعلًا سياسيًا صارمًا لبسط نفوذ قريش على الخلافة، مُلبسًا إياه ثوبًا دينيًا شرعيًا. ولدت هنا 'الرواية السياسية' التي تربط بين السلطة والدين، والتي تبنّاها فقهاء صعدوا مع الدولة الوليدة ليؤسّسوا لشرعية الحاكم، ليست مجرد قائد سياسي، بل 'سلطان شرعي' لا يجوز الطعن فيه. وهكذا بدأ الخطاب الديني يتحول من منبر للوعي الديني المجتمعي إلى آلية تحكّم وإخضاع، أداة لضبط الذهنيات وترويض الإرادات. فالفقهاء والخطباء أصبحوا أدوات لإنتاج شرعية السلطة، عبر اختيار نصوص دينية تُفسّر بما يرضي الحاكم، وتُهمش ما يُعارضه. 2. الدولة الأموية: تأصيل الطاعة وترويض الوعي مع قيام الدولة الأموية، التي شكلت أول نظام حكم وراثي استبدادي في التاريخ الإسلامي، اشتدت الحاجة إلى خطاب ديني قادر على تبرير هذه السلطة المتوارثة، ومواجهة الأصوات المعارضة التي حملها الحسين بن علي وطلبة الزهد والورع مثل سعيد بن جبير والحسن البصري. دعم الأمويون روّاة أحاديث مثل الإمام الزهري، الذين كان لهم دور فعال في صياغة 'فقه الطاعة' الذي يحول الطاعة إلى أمر مطلق غير مشروط، كما في أحاديث: 'من أهان السلطان أهانه الله'، 'أطع الأمير وإن جلد ظهرك'. رغم ضعف سند هذه النصوص، إلا أنها استُخدمت بذكاء سياسي لإضفاء القداسة على الحاكم، وتحويل معارضة الاستبداد إلى معصية دينية. هنا، لم يعد الواعظ مجرد ناقل أخلاقيات الدين، بل صار هو المحرض على الطاعة العمياء، متخليًا عن دوره في نقد السلطة. في العصر العباسي، تطورت هذه الظاهرة إلى مؤسسة معقّدة، حينما تبلورت طبقة من العلماء مرتبطين مباشرة بالدولة، وأصبحوا موظفين في ديوان الخلافة، على غرار الإمام الشافعي الذي رسخ قاعدة أن 'من غلب فهو الخليفة، تجب بيعته'، مما يعني أن القوة السياسية تحل محل الشرعية الأخلاقية. في هذا السياق، دخل علم الكلام في دائرة الصراعات السياسية، وأصبحت الخلافات العقائدية منبرا للحكم على الولاء أو المعارضة، كما ظهر في 'محنة خلق القرآن' أيام الخليفة المأمون، حيث فرض الخليفة رأيه، بينما قاوم الإمام أحمد بن حنبل بصلابة. في هذه الحقبة، بدأت تتبلور نظرية 'السلطان ظل الله في الأرض'، وهو تعبير عن القداسة السياسية التي تمنع مساءلة الحاكم أو نقض قراراته، فصار رفض الحاكم كفرًا مبررًا للقمع، وهذا الخطاب ظل مستمرًا متجددًا عبر القرون. 4. العصر المملوكي والعثماني: تثبيت الطغيان باسم الشرع في هذه العصور، صارت الدولة الأوتوقراطية تتحكم مباشرة بالفقهاء، فبرزت طبقة من 'علماء البلاط' الذين فقدوا استقلاليتهم، واحتكروا الفتاوى التي تخدم السلطان، حتى ولو خالفت العقل والأخلاق. فقد صدرت فتاوى مثل جواز قتل السلطان سليم الأول لأقاربه حفاظًا على 'مصلحة الدولة الإسلامية'. كما دعم العلماء الجهاد العثماني ضد الصفويين، ليس بدافع حرية دينية، بل بدوافع سياسية بحتة، فجاء الفقه مجرد 'جهاز أيديولوجي' يسهل على السلطان التحكم بالجماهير، ويكرّس ألوهية الحاكم، ويغلق باب النقاش والتمرد. 5. محطة الصفويين: تجربة مفصلية في السياق الشيعي تشكل المرحلة الصفوية (1501–1736) نقطة تحول مركزية لفهم تطور ظاهرة 'وعاظ السلاطين' ضمن السياق الشيعي. إذ تحوّل التشيع من تيار نخبة معارضة إلى مذهب دولة رسمي، مدعوم بفقهاء بلاط استوردتهم السلطة الصفوية من جبل عامل، ومن أبرزهم العلامة الكركي، الذي أعلن بوضوح تفويض الفقيه للسلطان قائلاً: 'أنا نائب الإمام المهدي في ما فُوّض إلي من الأمور الشرعية، وما أراه فهو حكم الله'. هذا التفويض الذي قدّم الفقيه كمصدر سلطة دينية يمنح الحاكم شرعيته، شكّل أساس 'المرجعية السلطانية'، التي تؤسس لولاية الحاكم كمرجعية دينية لا تحتمل المعارضة. وأدى ذلك إلى تبرير قمع المخالفين (السنة، الصوفية، الخ…) عبر فتاوى شرعية، وفرض ممارسات دينية مثل مجالس اللطم والتعزية العاشورائية كأدوات سياسية للحشد، مما حول الدين إلى جهاز تحكّم ومظلّة لاستبداد الدولة. المرحلة الصفوية مهدّت الطريق لتكريس العلاقة بين المرجع والسلطان، وظهور فقه يبرر الدولة ولا يراقبها، وولادة مفاهيم مثل 'ولاية الفقيه العامة' التي تطورت لاحقًا في إيران الخميني، ما يجعل من هذه التجربة نموذجًا معاصرًا من 'وعاظ السلاطين' في إطار شيعي. 6. العصر الحديث: خطاب المؤسسة الرسمية في العصر الحديث، مع ظهور الدول الحديثة، برزت الظاهرة في صور متعددة، منها رجال دين تحولوا إلى أدوات بيد الأنظمة الحاكمة، يبررون سياساتها ويغلفونها بفتاوى شرعية. ففي السعودية، على سبيل المثال، استُخدم خطاب بعض أعضاء هيئة كبار العلماء في تبرير سياسات الدولة، وتحريم المظاهرات، وتجريم النقد العلني للحاكم، تحت شعار 'سد الذرائع' و'درء الفتنة'. وفي مصر، خلال عهد الرئيسين جمال عبد الناصر ثم أنور السادات، وُظِّف الأزهر وقياداته في إضفاء غطاء ديني على توجهات النظام، سواء في تعبئة الجماهير ضد الخصوم السياسيين أو في شرعنة اتفاقيات سياسية مثيرة للجدل. وفي بعض دول الخليج، استخدمت السلطات المؤسسة الدينية الرسمية لتكريس مبدأ الطاعة المطلقة، ووصم أي معارضة بأنها خروج على الجماعة أو افتئات على الشرع. وفي بعض الأنظمة العسكرية المعاصرة، وُظّفت الجماعات الدينية الموالية للسلطة كأذرع أيديولوجية، استُخدمت المساجد ووسائل الإعلام فيها لتكريس الخضوع وقمع أي دعوة للإصلاح أو المقاومة. هكذا، يصبح 'الخطاب الديني الرسمي' أداة لترويض المجتمعات، وتجفيف منابع النقد، وإنتاج ثقافة دينية تماهت مع السلطة على حساب وظيفتها الأخلاقية والاجتماعية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store