
الجذور التاريخية لظاهرة وعّاظ السلاطين
هذا التشابك بين النص والسلطان، بين الشرع والسلطة، شكل الأساس الذي استُمدت منه قوة وعاظ السلاطين، الذين لم يكونوا مجرد واعظين، بل صُنّاع خطاب ديني سياسي يُشبع الحاجة السلطوية إلى مشروعية تبرر استبدادها.
1. الخلفية التكوينية: من النص إلى السلطان
بعد وفاة النبي محمد، دخل المجتمع الإسلامي مرحلة فراغ سياسي وديني، إذ لم يحدد القرآن الكريم آلية واضحة لاختيار الحاكم، مما فتح المجال واسعًا للاجتهادات والتفسيرات المتباينة. هذا الفراغ استغله من تولى السلطة عبر 'السقيفة'، التي كانت فعلًا سياسيًا صارمًا لبسط نفوذ قريش على الخلافة، مُلبسًا إياه ثوبًا دينيًا شرعيًا.
ولدت هنا 'الرواية السياسية' التي تربط بين السلطة والدين، والتي تبنّاها فقهاء صعدوا مع الدولة الوليدة ليؤسّسوا لشرعية الحاكم، ليست مجرد قائد سياسي، بل 'سلطان شرعي' لا يجوز الطعن فيه.
وهكذا بدأ الخطاب الديني يتحول من منبر للوعي الديني المجتمعي إلى آلية تحكّم وإخضاع، أداة لضبط الذهنيات وترويض الإرادات. فالفقهاء والخطباء أصبحوا أدوات لإنتاج شرعية السلطة، عبر اختيار نصوص دينية تُفسّر بما يرضي الحاكم، وتُهمش ما يُعارضه.
2. الدولة الأموية: تأصيل الطاعة وترويض الوعي
مع قيام الدولة الأموية، التي شكلت أول نظام حكم وراثي استبدادي في التاريخ الإسلامي، اشتدت الحاجة إلى خطاب ديني قادر على تبرير هذه السلطة المتوارثة، ومواجهة الأصوات المعارضة التي حملها الحسين بن علي وطلبة الزهد والورع مثل سعيد بن جبير والحسن البصري.
دعم الأمويون روّاة أحاديث مثل الإمام الزهري، الذين كان لهم دور فعال في صياغة 'فقه الطاعة' الذي يحول الطاعة إلى أمر مطلق غير مشروط، كما في أحاديث: 'من أهان السلطان أهانه الله'، 'أطع الأمير وإن جلد ظهرك'.
رغم ضعف سند هذه النصوص، إلا أنها استُخدمت بذكاء سياسي لإضفاء القداسة على الحاكم، وتحويل معارضة الاستبداد إلى معصية دينية. هنا، لم يعد الواعظ مجرد ناقل أخلاقيات الدين، بل صار هو المحرض على الطاعة العمياء، متخليًا عن دوره في نقد السلطة.
في العصر العباسي، تطورت هذه الظاهرة إلى مؤسسة معقّدة، حينما تبلورت طبقة من العلماء مرتبطين مباشرة بالدولة، وأصبحوا موظفين في ديوان الخلافة، على غرار الإمام الشافعي الذي رسخ قاعدة أن 'من غلب فهو الخليفة، تجب بيعته'، مما يعني أن القوة السياسية تحل محل الشرعية الأخلاقية.
في هذا السياق، دخل علم الكلام في دائرة الصراعات السياسية، وأصبحت الخلافات العقائدية منبرا للحكم على الولاء أو المعارضة، كما ظهر في 'محنة خلق القرآن' أيام الخليفة المأمون، حيث فرض الخليفة رأيه، بينما قاوم الإمام أحمد بن حنبل بصلابة.
في هذه الحقبة، بدأت تتبلور نظرية 'السلطان ظل الله في الأرض'، وهو تعبير عن القداسة السياسية التي تمنع مساءلة الحاكم أو نقض قراراته، فصار رفض الحاكم كفرًا مبررًا للقمع، وهذا الخطاب ظل مستمرًا متجددًا عبر القرون.
4. العصر المملوكي والعثماني: تثبيت الطغيان باسم الشرع
في هذه العصور، صارت الدولة الأوتوقراطية تتحكم مباشرة بالفقهاء، فبرزت طبقة من 'علماء البلاط' الذين فقدوا استقلاليتهم، واحتكروا الفتاوى التي تخدم السلطان، حتى ولو خالفت العقل والأخلاق. فقد صدرت فتاوى مثل جواز قتل السلطان سليم الأول لأقاربه حفاظًا على 'مصلحة الدولة الإسلامية'.
كما دعم العلماء الجهاد العثماني ضد الصفويين، ليس بدافع حرية دينية، بل بدوافع سياسية بحتة، فجاء الفقه مجرد 'جهاز أيديولوجي' يسهل على السلطان التحكم بالجماهير، ويكرّس ألوهية الحاكم، ويغلق باب النقاش والتمرد.
5. محطة الصفويين: تجربة مفصلية في السياق الشيعي
تشكل المرحلة الصفوية (1501–1736) نقطة تحول مركزية لفهم تطور ظاهرة 'وعاظ السلاطين' ضمن السياق الشيعي. إذ تحوّل التشيع من تيار نخبة معارضة إلى مذهب دولة رسمي، مدعوم بفقهاء بلاط استوردتهم السلطة الصفوية من جبل عامل، ومن أبرزهم العلامة الكركي، الذي أعلن بوضوح تفويض الفقيه للسلطان قائلاً: 'أنا نائب الإمام المهدي في ما فُوّض إلي من الأمور الشرعية، وما أراه فهو حكم الله'.
هذا التفويض الذي قدّم الفقيه كمصدر سلطة دينية يمنح الحاكم شرعيته، شكّل أساس 'المرجعية السلطانية'، التي تؤسس لولاية الحاكم كمرجعية دينية لا تحتمل المعارضة. وأدى ذلك إلى تبرير قمع المخالفين (السنة، الصوفية، الخ…) عبر فتاوى شرعية، وفرض ممارسات دينية مثل مجالس اللطم والتعزية العاشورائية كأدوات سياسية للحشد، مما حول الدين إلى جهاز تحكّم ومظلّة لاستبداد الدولة.
المرحلة الصفوية مهدّت الطريق لتكريس العلاقة بين المرجع والسلطان، وظهور فقه يبرر الدولة ولا يراقبها، وولادة مفاهيم مثل 'ولاية الفقيه العامة' التي تطورت لاحقًا في إيران الخميني، ما يجعل من هذه التجربة نموذجًا معاصرًا من 'وعاظ السلاطين' في إطار شيعي.
6. العصر الحديث: خطاب المؤسسة الرسمية
في العصر الحديث، مع ظهور الدول الحديثة، برزت الظاهرة في صور متعددة، منها رجال دين تحولوا إلى أدوات بيد الأنظمة الحاكمة، يبررون سياساتها ويغلفونها بفتاوى شرعية. ففي السعودية، على سبيل المثال، استُخدم خطاب بعض أعضاء هيئة كبار العلماء في تبرير سياسات الدولة، وتحريم المظاهرات، وتجريم النقد العلني للحاكم، تحت شعار 'سد الذرائع' و'درء الفتنة'. وفي مصر، خلال عهد الرئيسين جمال عبد الناصر ثم أنور السادات، وُظِّف الأزهر وقياداته في إضفاء غطاء ديني على توجهات النظام، سواء في تعبئة الجماهير ضد الخصوم السياسيين أو في شرعنة اتفاقيات سياسية مثيرة للجدل. وفي بعض دول الخليج، استخدمت السلطات المؤسسة الدينية الرسمية لتكريس مبدأ الطاعة المطلقة، ووصم أي معارضة بأنها خروج على الجماعة أو افتئات على الشرع. وفي بعض الأنظمة العسكرية المعاصرة، وُظّفت الجماعات الدينية الموالية للسلطة كأذرع أيديولوجية، استُخدمت المساجد ووسائل الإعلام فيها لتكريس الخضوع وقمع أي دعوة للإصلاح أو المقاومة.
هكذا، يصبح 'الخطاب الديني الرسمي' أداة لترويض المجتمعات، وتجفيف منابع النقد، وإنتاج ثقافة دينية تماهت مع السلطة على حساب وظيفتها الأخلاقية والاجتماعية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة أنباء براثا
منذ 10 ساعات
- وكالة أنباء براثا
مجلس القضاء: الإعدام لإرهابي فجر عبوة على دورية للجيش عام 2013
التعليقات طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ... الموضوع : انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ... الموضوع : الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ... الموضوع : وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ... الموضوع : صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ... الموضوع : حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت. ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ... الموضوع : صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005 ----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ... الموضوع : تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41) منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ... الموضوع : النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ... الموضوع : الحسين في قلب المسيح


وكالة أنباء براثا
منذ 10 ساعات
- وكالة أنباء براثا
الموصل: بدء المرحلة الأولى من فتح مقبرة الخسفة في نينوى
التعليقات طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ... الموضوع : انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ... الموضوع : الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ... الموضوع : وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ... الموضوع : صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ... الموضوع : حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت. ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ... الموضوع : صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005 ----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ... الموضوع : تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41) منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ... الموضوع : النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ... الموضوع : الحسين في قلب المسيح


اذاعة طهران العربية
منذ 11 ساعات
- اذاعة طهران العربية
جِسر.. الشيخ الأهوازي الذي فر من الكويت واغتاله الوهابيون
هل تعرفون رجل الدين الأهوازي الإيراني والخطيب المنبري والناشط الاجتماعي والآكاديمي الذي تخرج من إحدي الفروع الهندسية ب الكويت والذي كان يعتبر نفسه خادما ل سيدة نساء العالمين (س) فاغتيل في هذا الطريق علي يد الوهابية أمام بيته وعُرف بشهيد الولاية؟. الشهيد الشيخ هشام الصيمري من أهالي مدينة أروندكنار في محافظة خوزستان، ولد في الكويت عام 1961 للميلاد ونشأ في تلك البلاد، حيث تلقى تعليمه الجامعي في العلوم السياسية والدراسات الحوزوية. استنادا لكلام والد الشهيد عن فترة تعليمه: في سن الخامسة عشرة قام هشام وشباب مدينته ببناء مسجد الإمام علي (ع)، وكان آية الله السيد مصطفى ذو القدر إماماً للمسجد. لقد لاحظ موهبة الشهيد في تعلم العلوم الدينية والحوزاتية، ولهذا السبب، انصرف إلى تدريس العلوم الدينية والحوزاتية له ولشباب المنطقة. كان الشهيد يحضر الدروس كل يوم في الساعة الخامسة صباحًا حتى دخل جامعة الكويت. كان الشهيد كذلك آكادميا وعصريا حيث دخل الجامعة الكويتية في فرع الكيمياء ويعتبرا مهندسا إلي جانب دراسته الحوزوية. ننقل عن نجل الشهيد، الشيخ حسين الصيمري: "مع حلول عام 1978، كانت رياح الثورة الإسلامية المباركة في ايران تتخطى كل الحدود، وهنا هبّ سماحة الشيخ رحمه الله، ليكون أول المستجيبين لندائها، المسارعين إليها، والفرحين أشدّ الفرح بإنجازها التاريخي الرائع، كيف لا؟ وقد تحقق أمام عينيه أمل طالما كان ينبض مع كل خفقة من خفقات قلبه، وحلم كان يختلج مع كل جارحة من جوارحه". تم اعتقال الشهيد مرارًا وتكرارًا في الكويت لدفاعه عن مدرسة أهل البيت (ع)، منها عندما قال قصيدة عن مجزرة الحجاج الإيرانيين في السعودية، مما دفع الحكومة الكويتية إلى إرسال قواتها إلي منزله لاعتقاله. حُكم علي الشيخ في البداية بالسجن المؤبد ثم بالسجن 15 عامًا حتى أطلق سراحه عام 1990 وأثناء غزو صدام للكويت من السجن. غادر الشهيد الشيخ هشام الصيمري، الكويت بعد إطلاق سراحة من السجن عام 1990 وتوجه إلى مدينة قم المقدسة. والتحق بدروس البحث الخارج عند الشيخ مكارم الشيرازي والسيد حسين الشاهرودي والشيخ باقر الإيرواني، وكان يدرس الفقه والعربية والأصول إلى جنب دراسته. كان الشيخ الشهيد لا يعرف أن يركن إلى دعة أو خمول فإلى جانب اهتماماته بدراسته الحوزوية، كان الشيخ يولي قسماً كبيراً من اهتماماته ووقته لأمور التبليغ والدعوة الإسلامية فقد سافر إلى مدينة الأهواز عام 1998 لإحياء الدين وتعظيم الشعائر الإسلامية ، تصدّى فيها للبحث والتدريس وبث المعارف الإسلامية. - تشكيل لجنة اجتماعية لمساعدة ذوي الدخل المحدود. - تفعيل المساجد والحسينيات في المنطقة. - إطلاق مواكب العزاء في حي علوي خلال أيام الفاطمية ومحرم وصفر. - تأسيس مؤسسة بقية الله الخيرية. - بناء عدة مساجد. - إنشاء مركز الزهراء الثقافي للسيدات. - إنشاء مركز خديجة الكبرى الثقافي للسيدات. - إنشاء المكتبة العامة لمسجد فاطمة الزهراء (س). - استكمال مكتبة حوزة الإمام علي بن أبي طالب (ع). - تأليف عدة كتب حول الدفاع عن العقيدة الحقة منها كتاب "كلمة الإمام السبط الشهيد عليه السلام" باللغة العربية. كان الشيخ الشهيد يرعي نشاطات أكثر من عشرين مسجد في مدينة الأهواز الإيرانية. بقيت منه تسجيلات صوتيه كثيرة من خلال محاظراته الدينية التوعوية التي مازالت تبث عبر إذاعة الاهواز ونظائرها. يقول الشيخ عزيز عبيات، وهو أحد زملاء الشيخ الشهيد الصيمري في الأهواز: " كان الشيخ رحمه الله ينتقل من منبر إلى منبر، ومن قرية إلى قرية، وخادماً يرعى آلام الناس، متواضعاً يعيش مثلهم ومعهم، يتحدث بلغتهم البسيطة الطيبة بعيداً عن تعقيد المصطلحات، يُقبل عليهم بالابتسامة الطيبة ويعانقهم بالمودة الصادقة، يوقّر الكبير ويحترم الصغير، ويصغي لهم دون تأفف أو ملل، يُحزنه ما يصيبهم، ويُفرحه ما يُسعدهم" . "مع بداية الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية من قبل العراق، والتي أدت إلى تشكيل رؤية خاطئة حول فصل الدين عن السياسة، قرر الشهيد تغيير تخصصه من الكيمياء إلى العلوم السياسية ليقول للناس إن دراسة الحوزة والمواد الدينية لا تشكل عائقًا أبدًا أمام التعليم الجامعي والأكاديمي، بما في ذلك العلوم السياسية. كما درس علم النفس. ويضيف: "أثناء دراسته الجامعية أقام الشيخ هشام دورات دينية وترفيهية لإرشاد المراهقين في المسجد، وبمساعدة أصدقائه اشترى حافلة صغيرة لنقل الأطفال والمراهقين من منازلهم إلى المسجد والعكس". تعرض سماحته لعملية اغتيال غير ناجحة من قبل الوهابيين الإرهابيين عام 1980 بعد انتهائه من إحدي محاظراته الدينية التوعوية. وفي ليلة مظلمة يغشوها الظلام الدامس بعد ما كان الشيخ راجعا من إحدي محاضراته الدينية توا ولم يغير ملابسه ويجلس علي مائدة العشاء، حيث دق الباب بشدة، فامتنع الشهيد أن يرسل ابنه ليفتح الباب وقام بنفسه لذلك، فواجه في الباب شخصين ملثمين يركبان دراجة نارية وإذا بهما أطلقا عشرات العيارات النارية نحو الجسد الطاهر لتلك الشخصية التي اختارها الله للعروج الي سمائه. فاستشهد الشهيد الشيخ هشام الصيمري (رضوان الله تعالي عليه) علي يد تكفيريِّيَن ينتمون إلي التيارات الوهابية في 24 تموز 1986 أمام منزله في حي رزمندكان من أحياء مدينة الأهواز مركز محافظة خوزستان جنوب غرب ايران.