logo
حزب العمال الكردستاني رحلة السلاح والسلم

حزب العمال الكردستاني رحلة السلاح والسلم

الجزيرة١٢-٠٥-٢٠٢٥

حزب العمال الكردستاني جماعة مسلحة نشأت في جنوب تركيا أواخر سبعينيات القرن العشرين. وهي حركة انفصالية تسعى لإقامة ما تسميه "دولة كردستان الكبرى المستقلة"، تجمع بين الأفكار القومية الكردية ومبادئ الاشتراكية الأممية.
يعتبره طيف واسع من الأكراد كيانا سياسيا يعكس تطلعاتهم نحو "التحرر والاستقلال"، في حين تعتبره تركيا و الولايات المتحدة الأميركية و الاتحاد الأوروبي"تنظيما إرهابيا محظورا".
عبر الحزب منذ تأسيسه في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1978 من محطات عديدة، تأرجح فيها صراعه مع الدولة التركية بين المواجهة العسكرية ومساع للتسوية وإحلال السلام، كما شهد مساره التاريخي تحولات جوهرية لامست نهجه الفكري وأحدثت تغييرا في مواقفه تجاه القضايا والأحداث التي عايشها.
ولعل أبرز هذه التحولات إعلانه في فاتح مارس/آذار 2025 وقفا فوريا لإطلاق النار والتخلي عن السلاح امتثالا لدعوة زعيمه المسجون عبد الله أوجلان ، في خطوة قد تؤدي إلى إنهاء صراع استمر أكثر من 40 عاما مع تركيا.
تم الإعلان عن ميلاد حزب العمال الكردستاني يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1978، في اختتام المؤتمر التأسيسي الذي انعقد في قرية "فيس" بمنطقة ديار بكر ، جنوب تركيا.
تأسس الحزب وفق رؤية سياسية جديدة اختلفت بشكل جذري عن رؤية الحركة الكردية إبان فترة السبعينيات من القرن العشرين، التي لم تكن تتجاوز مطالبها سقف الاعتراف بالحقوق الثقافية للأكراد، والسماح لهم بحكم ذاتي لمناطقهم تحت سيادة الدول القائمة التي تقتسم أراضي كردستان (تركيا، إيران ، العراق و سوريا).
رؤية الحزب السياسية تجاوزت هذا الطرح وتعدته إلى ضرورة إقامة "دولة كردستان الكبرى المستقلة"، توحد الأراضي الكردية، وتنهي ما يعتبره "التقسيم الجائر" لكردستان بين أربع دول.
واعتبر عبد الله أوجلان ورفاقه، الذين انتخبوه أمينا عاما للحزب، أن "الكفاح المسلح" هو السبيل الوحيد لتحقيق هذه الغاية.
التوجه الفكري
تماشيا مع أهداف وجوده، تبنى حزب العمال الكردستاني فكرا ثوريا ينهل من معين امتزجت فيه مبادئ القومية الكردية بروح الثورية الاشتراكية، فانتهج بذلك أيديولوجيا ماركسية-لينينية تهدف إلى تحقيق "التحرر الوطني للأكراد" من خلال الثورة والعمل المسلح.
ومع مرور الوقت اضطر الحزب إلى مراجعة توجهه الأيديولوجي تفاعلا مع التغيرات والتطورات التي يشهدها العالم من حوله، فاتجه مع سقوط الاتحاد السوفياتي بداية تسعينيات القرن العشرين، نحو تبني أفكار "الكونفدرالية الديمقراطية" التي تدعو إلى الحكم الذاتي المحلي والتعايش السلمي بين الشعوب، واعتبر أن الحالة القومية قد تجاوزها الزمن.
وقد جاء المؤتمر الخامس للحزب، الذي انعقد في يناير/كانون الثاني 1995، ليؤكد التغير الحاصل على مستوى توجهه الإيديولوجي، حين وصفت وثائق المؤتمر "الاشتراكية السوفياتية بالبدائية"، كما تم تعديل شكل علم الحزب وذلك بوضع شعلة تتوسطه بدلا من المطرقة والمنجل.
على مدى عقود من الزمن، خاض حزب العمال الكردستاني صراعا داميا مع تركيا أودى بحياة عشرات الآلاف من الجانبين ما بين مقاتلين ومدنيين. بدأ الحزب العمل المسلح في 15 أغسطس/آب 1984، فيما سمي بـ"قفزة آب 1984″، عندما شن الحزب بقيادة محسوم كوركماز (المعروف باسم "أجيت") هجمات شكلت منعطفا في مسار الصراع.
جاء هذا القرار بعد مؤتمر عقده الحزب في مدينة درعا جنوب سوريا، في أغسطس/آب 1982، حين قرر الحزب بدء التحضير للعمل المسلح داخل تركيا، من خلال افتتاح معسكرات تدريب في سوريا وسهل البقاع اللبناني الخاضع للسيطرة السورية في تلك الحقبة، وإرسال فرق عبر الحدود للتواصل مع السكان المحليين وتنسيق العمليات المسلحة فوق التراب التركي.
بعد سنتين من التحضير والتنسيق الميداني، شن حزب العمال الكردستاني أولى هجماته في 15 أغسطس/آب 1984، إذ قادت قوات الحزب هجمات على مركز الدرك في إروه في محافظة سعرد (سيرت)، مما أسفر عن مقتل جندي وإصابة ستة آخرين وثلاثة مدنيين.
وفي الوقت نفسه، هاجمت قوات الحزب منشأة للدرك ومساكن تابعة للشرطة ومركز للدرك في شمدينلي، بمنطقة هكاري، مما أسفر عن مقتل شرطيين وإصابة ضابط شرطة وجندي.
في البداية لم تأخذ السلطات التركية هذه الهجمات على محمل الجد، لكن الهجوم أعقبته غارة على مركز للشرطة في محافظة سعرد (سيرت) في 17 أغسطس/آب 1984، ثم هجوم آخر أسفر عن مقتل ثلاثة من جنود الحرس الرئاسي للجنرال " كنعان إيفرين" في مدينة يوكسكوفا. كما نصب مقاتلو الحزب كمينا آخرا قتل فيه 8 جنود أتراك في بلدية تشوكورجه بمحافظة هكاري.
أسست الدولة التركية في مطلع عام 1985 مجموعة شبه عسكرية أسمتها "حراس القرى" عرفت بين الأكراد باسم "قروجي"، عناصرها مدنيون من أبناء المناطق الكردية في جنوب شرق تركيا.
وكان الهدف الأساسي من وراء تشكيل هذه المجموعة المسلحة مساعدة الجيش وقوات الأمن التركية على محاربة حزب العمال الكردستاني. وقد أثار العمل الميداني لـ"حراس القرى" جدلا واسعا، إذ تم اتهامهم بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين الأكراد "المتهمين" بدعم الحزب.
تصاعدت أعمال العنف في جنوب شرق تركيا بعد هذه الهجمات، وزادت حدتها أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، مما أدى إلى مقتل نحو 2500 شخص في الفترة الممتدة بين 1984 و1991. قبل أن يرتفع العدد إلى 17500 قتيل بحلول عام 1992.
في مايو/أيار 1993، نصب مقاتلو الحزب كمينا لحافلة كانت تقل جنودا أتراك، على الطريق السريع بين مدينتي إيلازيغ وبينغول، وخلفت هذه العملية مقتل 33 جنديا تركيا.
بعد ذلك بشهرين، وفي 5 يوليو/تموز 1993، اقتحم مقاتلو الحزب قرية "باشباغلار"، ضواحي مدينة أرزنجان في شرق تركيا، وقتلوا عشرات المدنيين من سكانها وأحرقوا بيوتهم وممتلكاتهم، فيما سمي فيما بعد بـ"مذبحة باشباغلار"، التي اعتبرت من أكثر عمليات القتل الجماعي دموية في تاريخ حزب العمال الكردستاني.
إعلان
شنت تركيا في عام 1995 عملية عسكرية كبرى، استهدفت فيها مواقع الحزب في جبال قنديل شمال العراق، إذ يتمركز عناصره هناك في مناطق وعرة تشكل حصنا طبيعيا منيعا لهم.
استمرت هذه العملية ثلاثة أشهر ما بين مارس/آذار ومايو/أيار 1995 واعتبرت إحدى أكبر العمليات العسكرية، إذ عرفت مشاركة 35 ألف جندي تركي، إلا أنها لم تتمكن من القضاء على الحزب.
دعم من نظام الأسد بسوريا
في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، استفاد حزب العمال الكردستاني من توتر العلاقات بين تركيا وسوريا، بسبب قضية تقاسم مياه نهر الفرات ومسألة تطور العلاقات بين تركيا وإسرائيل.
وقد استخدم نظام حافظ الأسد في سوريا الحزب للضغط على تركيا، مما زاد من حدة التوترات، التي استمرت سنوات لم يعرف فيها الدفء طريقا إلى العلاقة بين البلدين الجارين.
كانت تركيا غير راضية على دعم سوريا لمقاتلي "حزب العمال الكردستاني"، خاصة بعد الضربات القاسية التي تعرض لها عقب الانقلاب العسكري في تركيا عام 1980. وقد شمل الدعم السوري توفير ملاذ آمن لأوجلان وتوفير معسكرات لتدريب المقاتلين في سهل البقاع اللبناني.
بلغت الأزمة ذروتها في أواخر تسعينيات القرن العشرين، وكادت أن تؤدي إلى مواجهة عسكرية بين البلدين، واستمر التوتر إلى أن تم التوصل إلى اتفاق أضنة في 20 أكتوبر/تشرين الأول 1998، والذي نص على التزامات سورية تتعلق بمصير أوجلان وحزب العمال الكردستاني، مما ساهم في تهدئة التوترات بين البلدين.
تلقى الحزب ضربة موجعة بعد أن اعتقلت المخابرات التركية زعيمه عبد الله أوجلان في 15 فبراير/شباط 1999 بالعاصمة الكينية نيروبي. كان ذلك بعدما غادر سوريا تنفيذا لالتزامات اتفاق أضنة، في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 1998 متوجها إلى أثينا، لكنه مُنع من دخولها، فانتقل إلى موسكو وأقام فيها 33 يوما قبل أن يغادر إلى روما.
عند وصوله إلى مطار ليوناردو دا فينشي، اعتقلته السلطات الإيطالية واعتبرته شخصا غير مرغوب فيه، وأعادته إلى روسيا ثم نُقل إلى طاجيكستان، حيث احتُجز لمدة أسبوع قبل أن يعود إلى موسكو مجددا.
وفي 29 يناير/كانون الثاني 1999، توجه أوجلان إلى أثينا، ثم نُقل إلى جزيرة كورفو اليونانية على أساس أن يمكث فيها يومين قبل سفره إلى جنوب أفريقيا كما وعدته السلطات اليونانية، إلا أن المطاف انتهى به في السفارة اليونانية في نيروبي ب كينيا ، ونُقل إليها في 2 فبراير/شباط 1999.
في 15 فبراير/شباط 1999، وبينما كان أوجلان في طريقه إلى مطار نيروبي نحو وجهة يُرجح أنها أمستردام، تمكنت المخابرات التركية من اعتقاله ونقله إلى تركيا بطائرة كينية خاصة تم استئجارها لهذا الغرض.
توقفت الطائرة في مصر ، ثم هبطت في مطار إسطنبول للتزود بالوقود قبل أن تقلع مجددا باتجاه مدينة بان درما، ومن هناك تم نقله بسفينة عسكرية إلى جزيرة إمرالي في جنوب بحر مرمرة ، على بعد حوالي 60 كيلومترا جنوب غرب إسطنبول.
واعتبر هذا الحدث إنجازا أمنيا وسياسيا كبيرا للحكومة التركية، وشكل في المقابل ضربة موجعة، قصمت ظهر حزب العمال الكردستاني.
وُضع أوجلان في الحبس الانفرادي، وفي 29 يونيو/حزيران 1999، صدر عليه حكم بالإعدام بتهم الخيانة ومحاولة الانفصال والقتل، وتم تخفيف الحكم إلى السجن مدى الحياة بعد أن ألغت تركيا تنفيذ حكم الإعدام عام 2002.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2003، أعلن حزب العمال الكردستاني تخليه عن الأجندة الانفصالية واستعداده للعمل ضمن حدود الدول القومية، مما أدى إلى انشقاقات داخلية واستقالة أكثر من ألف عضو، بينهم عثمان أوجلان، الذي تبنى توجها "إصلاحيا جديدا".
في أبريل/نيسان 2004، أدرج الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الحزب ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية وجمدت أصوله. وفي يونيو/حزيران من العام نفسه، أنهى الحزب وقف إطلاق النار مستأنفا هجماته ضد القوات التركية، مما دفع أنقرة إلى تكثيف عملياتها العسكرية.
في عام 2005، أعلن عبد الله أوجلان تحول الحزب إلى حزب سياسي يدعو إلى الحكم الذاتي. بعد أربع سنوات من ذلك، أطلقت الحكومة التركية "عملية الانفتاح الديمقراطي" لتعزيز حقوق الأكراد وفتح قنوات الحوار، وتعززت تلك الجهود بإطلاق "حزمة حقوق الإنسان" في عام 2010، مما سمح ببث برامج بالكردية وتخفيف نقاط التفتيش الأمنية في المناطق الكردية جنوب البلاد.
في عام 2012، بدأت الاستخبارات التركية محادثات مباشرة مع عبد الله أوجلان في سجنه للتفاوض حول وقف إطلاق النار وحل النزاع سياسيا.
في مارس/آذار 2013، طلب أوجلان من حزب العمال الكردستاني وقف إطلاق النار وإلقاء السلاح، كجزء من محادثات سلام تسعى إلى تسوية الصراع سلميا بين الحزب والحكومة التركية.
توسط في هذه المحادثات حزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد، ودعا أوجلان من سجنه الحزب إلى وقف القتال والانسحاب من تركيا. وقال في رسالة تليت في ديار بكر بجنوبي شرق البلاد "اليوم بداية عهد جديد، يجب أن تعلو فيه السياسة على السلاح"، مضيفا "الآن وصلنا إلى مرحلة يتعين فيها على العناصر المسلحة أن تنسحب إلى خارج حدود تركيا".
استجاب الحزب لطلب زعيمه وتم الإعلان عن وقف لإطلاق النار في 21 مارس/آذار 2013.
صمدت الهدنة بين الطرفين أكثر من سنتين، قبل أن تنهار ويشتعل الصراع من جديد، عقب تفجير انتحاري وقع في مدينة سروج التابعة لمحافظة شانلي أورفة التركية في 20 يوليو/تموز 2015، أسفر عن 32 قتيلا وأزيد من 100 جريح.
استهدف التفجير تجمعا من 300 شخص من اتحاد الشباب الاشتراكي في حديقة مركز أمارا الثقافي أثناء مؤتمر صحفي لتوضيح الجهود المبذولة لإعادة بناء مدينة عين العرب (كوباني) شمال غرب سوريا، بعد حصارها من قبل تنظيم الدولة الإسلامية.
أثبتت التحريات التي أعقبت الحادث، أن منفذ الهجوم له ارتباطات مع تنظيم الدولة، إلا أن رد حزب العمال الكردستاني على هذا التفجير، استهدف شرطيين من قوات مكافحة الشغب التركية بقضاء جيلان بينار التابع لولاية شانلي أورفا الحدودية يوم 22 يوليو/تموز2015. وزعم الحزب أن الشرطيين ضالعان في تفجير سروج وأنهما تعاونا مع منفذ الهجوم.
بعد ذلك بثلاثة أيام، وفي 25 يوليو/تموز 2015 هاجم مقاتلو الحزب قافلة عسكرية في ديار بكر وقتلوا جنديين اثنين.
وتوالت بعد ذلك المواجهات المسلحة بين الطرفين، فقصفت تركيا أهدافا تابعة للحزب في العراق وقادت هجوما عسكريا واسع النطاق على بعض البلدات التي تعتبر معقلا له في جنوب تركيا وشمال سوريا.
ورد الحزب بعمليات مسلحة، وتفجيرات في بعض المدن التركية، تبنى بعضها في حين نسبت له أخرى. ودارت اشتباكات يومية شرسة في جنوب شرق تركيا خلفت مئات الضحايا.
وقوضت هذه المواجهات الدامية قدرات الحزب وألحقت به خسائر فادحة، فخفت وهجه القتالي بعد هذه المرحلة.
دعوات للتسوية وإحلال السلام
بعدما مالت موازين القوى لصالح تركيا، تطورت الأمور بشكل متسارع، حتى وجه زعيم حزب الحركة القومية التركي دولت بهتشلي نداء إلى عبد الله أوجلان في أكتوبر/تشرين الأول عام 2024، طالبا منه إلقاء خطاب في البرلمان التركي، يدعو من خلاله حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح وحل الحزب.
بعد هذه الدعوة، سمحت الحكومة التركية لوفد من حزب المساواة والديمقراطية للشعوب المحسوب على الأكراد في تركيا بزيارة أوجلان في سجنه بجزيرة إمرالي، وناقش معه إمكانية إنهاء النزاع المسلح وفتح قنوات للحوار السياسي.
وفي 27 فبراير/شباط 2025 أصدر أوجلان بيانا تاريخيا من سجنه، دعا فيه إلى بدء مرحلة جديدة من السلام مع الدولة التركية، وأكد على ضرورة إنهاء النزاع المسلح، مطالبا مقاتلي حزب العمال الكردستاني بإلقاء السلاح وحل الحزب.
ولقيت تلك الدعوة ترحيبا من اللجنة التنفيذية لحزب العمال، التي أصدرت بيانا في الأول من مارس/آذار 2025، يفيد بالامتثال لدعوة أوجلان بتحقيق السلام وإعلان وقف فوري لإطلاق النار. في خطوة تبعث الأمل في إنهاء صراع دامٍ استمر أكثر من أربعين عاما.
حل الحزب
في يوم 12 مايو/أيار 2025 قالت وكالة فرات للأنباء إن حزب العمال الكردستاني حل نفسه، وإن ذلك تم في مؤتمر عقد في الفترة بين 5 و7 من الشهر نفسه، في ما يسميها "مناطق الدفاع المشروع" شمالي العراق.
وأضافت الوكالة المقربة من الحزب أن قرار الحل جاء استجابة للدعوة التي أطلقها أوجلان، وإنه تم الاتفاق على حل الهيكل التنظيمي للحزب وإنهاء "الكفاح" المسلح وجميع الأنشطة التي تتم باسم الحزب.
بدورها أفادت وسائل إعلام تركية أن حزب العمال الكردستاني قرر حل نفسه ووقف العمل المسلح في تركيا فورا، منهيا بذلك تمردا استمر 40 عاما وقتل فيه أكثر من 40 ألف شخص.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل تمهّد "صداقة" ترامب الطريق أمام أردوغان لرفع عقوبات كاتسا؟
هل تمهّد "صداقة" ترامب الطريق أمام أردوغان لرفع عقوبات كاتسا؟

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

هل تمهّد "صداقة" ترامب الطريق أمام أردوغان لرفع عقوبات كاتسا؟

إسطنبول- يراهن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على "علاقته الشخصية" بالرئيس الأميركي دونالد ترامب لرفع العقوبات الأميركية المفروضة على قطاع الصناعات الدفاعية التركية بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا عبر العقوبات (كاتسا). وأعرب أردوغان -في تصريحات أدلى بها لصحفيين رافقوه في رحلة عودته من العاصمة الألبانية تيرانا، بعد مشاركته في قمة المجموعة السياسية الأوروبية- عن اعتقاده أن القيود المفروضة على قطاع الصناعات الدفاعية التركية بموجب قانون كاتسا، سيتم التغلب عليها قريبا بفضل نهج الرئيس ترامب، الذي وصفه بـ"الأكثر انفتاحا وإيجابية". وأشار الرئيس التركي إلى أنه يستطيع القول بوضوح، إن هناك تخفيفا للعقوبات الأميركية، وإنه ناقش الأمر مع ترامب ومع السفير الأميركي الجديد في أنقرة توم باراك. وفي السياق، وافقت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي على صفقة -لا تزال بحاجة إلى مصادقة الكونغرس- ببيع صواريخ بقيمة 304 ملايين دولار إلى تركيا، في وقت يسعى فيه البلدان الحليفان في " الناتو" إلى تعزيز العلاقات التجارية والدفاعية المشتركة. فُرضت عقوبات كاتسا على تركيا في ديسمبر/كانون الأول 2020، بعد شراء أنقرة منظومة الدفاع الجوي الروسية " إس 400" بقيمة 2.5 مليار دولار في 2017، رغم تحذيرات واشنطن المتكررة من أن هذه الصفقة ستعرض أمن التكنولوجيا العسكرية الأميركية للخطر وتوفر تمويلا كبيرا لقطاع الدفاع الروسي. وتستند العقوبات إلى قانون "مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات" الذي أقره الكونغرس الأميركي عام 2017، والذي يفرض عقوبات على الدول التي تجري "صفقات كبيرة" مع قطاع الدفاع الروسي. وشملت العقوبات رئاسة الصناعات الدفاعية التركية وبعض مسؤوليها، بمن فيهم إسماعيل دمير، الرئيس السابق لمؤسسة الصناعات الدفاعية التركية. وتضمنت العقوبات حظر تراخيص التصدير الأميركية وتجميد أصول المسؤولين وفرض قيود على التأشيرات وحظر القروض من المؤسسات المالية الأميركية. كما أدت الصفقة إلى إقصاء تركيا من برنامج مقاتلات " إف-35". منذ فرض العقوبات، سعت تركيا جاهدة إلى رفعها عبر قنوات دبلوماسية متعددة. وفي أحدث محاولاتها، كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أبريل/نيسان الماضي عن استعداد بلاده لشراء معدات عسكرية أميركية بقيمة تصل إلى 20 مليار دولار إذا رفعت واشنطن العقوبات المرتبطة بمنظومة الدفاع الروسية. كما أشار فيدان إلى أن أنقرة تأمل في استعادة 6 طائرات إف-35، كانت مخصصة للقوات الجوية التركية، لكنها احتُجزت في مستودع أميركي منذ طرد تركيا من البرنامج. ويرى المحلل السياسي أحمد أوزغور، أنه لا يمكن تجاهل الدور الشخصي للرئيس التركي أردوغان في الدفع نحو رفع العقوبات الأميركية، لا سيما في ظل ما وصفه بـ"العلاقة الخاصة والمباشرة" التي تجمعه بالرئيس الأميركي ترامب. ويشير أوزغور في حديث للجزيرة نت، إلى أن هذا التواصل الشخصي بين الزعيمين أسهم في فتح قنوات تفاوض غير تقليدية خارج الأطر البيروقراطية المعتادة، مما أتاح مرونة أكبر في مواقف واشنطن. مع ذلك، يؤكد أوزغور، أن الرهان على هذه العلاقة لا يكفي بمفرده لتحقيق اختراق كامل في ملف العقوبات، ويرى أن رفعها يتطلب تهيئة مناخ إقليمي ودولي مواتٍ. وهو ما نجحت به أنقرة في السنوات الأخيرة في إعادة تقديم نفسها طرفا محوريا في قضايا تتداخل مع أولويات واشنطن، من الحرب في أوكرانيا وأمن الطاقة، إلى ملفات الشرق الأوسط المعقدة مثل إيران وسوريا. تأثير العقوبات أثّرت عقوبات كاتسا تأثيرا عميقا على قطاع الدفاع التركي والاقتصاد أكثر مما كان متوقعا في البداية. فقد كشف تقرير لشركة لوكهيد مارتن الأميركية في يناير/كانون الثاني الماضي، أن العقوبات عطلت بشدة عملياتها في تركيا، خاصة برنامج المروحيات التركي، الذي كان يهدف إلى إنتاج 109 مروحيات للاستخدام المحلي، و109 أخرى للتصدير، بقيمة إجمالية تُقدر بـ1.5 مليار دولار. وأشار التقرير إلى أن الشركة واجهت صعوبات في الحصول على تراخيص التصدير والتصاريح اللازمة للوفاء بالتزاماتها التعاقدية، مما أدى إلى تأخيرات كبيرة واضطرارها لإعلان القوة القاهرة وتعليق العمليات جزئيا ابتداء من أكتوبر/تشرين الأول 2024. وأوضحت الشركة أن العقوبات أعاقت حصولها على التراخيص التصديرية اللازمة لمواصلة العمل في مشروع إنتاج المروحيات "تي 70" بالتعاون مع الصناعات الجوية التركية وشركاء محليين آخرين مثل أسيلسان. كما أثّر حظر تراخيص إعادة التصدير من تركيا إلى دول ثالثة على 35% من صادرات صناعة الدفاع التركية التي تحتوي على أنظمة فرعية أميركية. وتعطلت صفقات تصدير كبيرة، مثل عقد بقيمة 1.5 مليار دولار مع باكستان لتوريد 30 مروحية "تي 129″، بسبب عدم قدرة شركة هانيويل على الحصول على ترخيص تصدير للمحركات. قلق إسرائيلي لا تقتصر التحديات التي تعيق مساعي تركيا لرفع عقوبات كاتسا على الاعتبارات القانونية داخل واشنطن، بل تمتد إلى ضغوط حلفاء إقليميين -وعلى رأسهم إسرائيل- التي تخشى من تداعيات إعادة دمج تركيا في برامج السلاح الأميركية المتقدمة، خصوصا صفقة مقاتلات "إف-35". فبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، عبّرت القيادة السياسية والعسكرية في تل أبيب عن "قلق بالغ" إزاء احتمالات بيع هذه الطائرات الشبح لأنقرة، والتي ترى فيها تهديدا مباشرا لتفوقها العسكري النوعي في المنطقة. كما كشفت وسائل إعلام أميركية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مارس ضغوطا مباشرة على وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لوقف أي تحرك محتمل لإعادة فتح ملف المقاتلات مع تركيا. رغم ذلك، أشارت قناة "فوكس نيوز"، في تقرير نشرته بتاريخ 21 مارس/آذار الماضي، إلى أن الرئيس ترامب أبدى انفتاحا على بحث إعادة بيع "إف-35" إلى تركيا، إذا تم التوصل إلى صيغة تضمن تعطيل منظومة "إس 400" الروسية التي لا تزال بحوزة أنقرة. وأفادت القناة، أن ترامب طلب من فريقه إعداد دراسة عن "سبل إعفاء تركيا من العقوبات المفروضة بموجب كاتسا"، تمهيدا لإعادة تقييم الصفقة. View this post on Instagram A post shared by الجزيرة (@aljazeera) من جانبه، يرى المحلل السياسي مراد تورال أن إسرائيل، رغم امتلاكها أدوات ضغط مؤثرة داخل الولايات المتحدة بنفوذها في الكونغرس ولوبيات داعمة، لا تضمن بالضرورة أن تنسجم واشنطن تماما مع رؤيتها، خاصة في ظل إدارة الرئيس ترامب الحالية، التي تظهر استعدادا واضحا لاتخاذ قرارات تتعارض مع مصالح تل أبيب إذا اقتضت الضرورات الجيوسياسية ذلك. ويشير تورال في حديث للجزيرة نت، إلى أن هذا التوجه بدا جليا في مباركة إدارة ترامب للدور التركي في سوريا ورفع العقوبات عن سوريا بوساطة تركية، وهي أمور تزعج تل أبيب. وعليه، فإن تورال يعتبر أن الاعتراض الإسرائيلي قد يبطئ التقدم في هذا الملف، لكنه لن يمنع تطوره إذا ارتأت واشنطن أن استعادة تركيا إلى دائرة التعاون الدفاعي يصب في مصلحتها الإستراتيجية الأوسع.

طرد بروفيسور تركي من مجلة علمية أسسها بسبب دعمه فلسطين
طرد بروفيسور تركي من مجلة علمية أسسها بسبب دعمه فلسطين

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

طرد بروفيسور تركي من مجلة علمية أسسها بسبب دعمه فلسطين

طُرد المهندس التركي تشتين قايا كوتش، أحد الأسماء المعروفة في مجال التشفير الرقمي، من المجلة العلمية التي أسسها بسبب موقفه المناهض للإبادة الجماعية التي تواصل إسرائيل ارتكابها في قطاع غزة. وأقيل كوتش من منصب رئيس تحرير مجلة "كريبتوغرافيك إنجنييرينغ" (الهندسة التشفيرية) التي بدأت شركة النشر الأكاديمي الألمانية البريطانية "سبرينغر نيتشر" نشرها عام 2011، وأُبعد أيضا من مجلس إدارة مؤتمر أجهزة التشفير والأنظمة المضمَّنة. وفي حديث للأناضول، أوضح البروفيسور كوتش أن سبب إنهاء خدمته هو موقفه المناهض للإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة. وأكد أنه درّب كثيرا من الأكاديميين في مجال التشفير، وأنشأ منظمات مهنية في هذا المجال. وقال "أنتم تعرفون سبب فصلي، فأنا أدعم حقوق الفلسطينيين وأفتخر بذلك. لا أحد يستطيع أن يغيرني". وذكر أنه تلقى اتصالا من المجلة، التي هو مؤسسها ورئيس تحريرها، وأخبروه بانزعاجهم من منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي. وشدد على أنه أُبعد من المجلة ومن مؤتمر أجهزة التشفير "بصورة غير قانونية"، وأنه لا يريد أن يكون شخصية سياسية بسبب وظيفته التي أُجبر على تركها "ظلما". وأردف "لست وحدي، بل هناك من طُردوا من بي بي سي وجامعة كولومبيا وهارفارد. ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة تفعل ذلك بعنف شديد". وأوضح المهندس التركي أن عرقلة الحريات الأكاديمية بسبب الدعم لفلسطين ستكون لها عواقب وخيمة، ووصف الدول التي تستمر في هذا الوضع بأنها "مثل سيارة تقترب من الاصطدام بجدار". وبدعم أميركي، تواصل إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية بقطاع غزة، خلفت أكثر من 175 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.

"خريطة إشبيلية".. الشرارة التي دفعت أردوغان للتصدّي لأوروبا
"خريطة إشبيلية".. الشرارة التي دفعت أردوغان للتصدّي لأوروبا

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

"خريطة إشبيلية".. الشرارة التي دفعت أردوغان للتصدّي لأوروبا

لا يقتصر الارتباط التركي بليبيا على الأبعاد التاريخية، والثقافية، والديمغرافية المتمازجة، بل يتعدى ذلك كله إلى نواحٍ جيوستراتيجية تتعلق بمصالح البلدين معًا، وقدرتهما على تعظيم نصيبهما من ثروات المنطقة المحيطة بهما. فليبيا تتشابه مع سوريا من حيث الأهمية الإستراتيجية بالنسبة إلى تركيا، فكما تمثّل سوريا عمقًا إستراتيجيًا مهمًا للأناضول، وتؤثّر بشكل مباشر على أمنه واستقراره، فكذلك الحال بالنسبة إلى ليبيا، التي تعدّ عمقًا إستراتيجيًا بحريًا مهمًا لتركيا، كما سيأتي شرحه بالتفصيل. لكن ليبيا تعيش اليوم على وقع اضطرابات أمنية منذ مساء الاثنين 12 مايو/ أيار الجاري، إثر مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي عبدالغني الككلي "غنيوة"، في العاصمة طرابلس، تزامنًا مع اشتباكات قوّات تابعة لجهاز دعم الاستقرار، وأخرى من "اللواء 444 قتال" التابع لوزارة الدفاع. ورغم أنّ رئيس الوزراء، عبد الحميد الدبيبة، شكر في صباح اليوم التالي قوات الجيش والشرطة على "ما حققوه من إنجاز كبير في بسط الأمن وفرض سلطة الدولة في العاصمة"، فإن الاشتباكات سرعان ما تجددت مرة أخرى، قبل أن تعلن وزارة الدفاع بحكومة الوحدة في طرابلس وقفًا لإطلاق النار، ونشر قوات نظامية محايدة في نقاط التماس. إعلان هذه الهشاشة الأمنية دفعت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إلى تشكيل "لجنة للهدنة"، بالتعاون مع المجلس الرئاسي الليبي، وذلك لرعاية وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل إليه. الاضطراب لم يقتصر على الأوضاع الأمنية، بل امتدّ إلى الفضاء السياسي، حيث حاول البرلمان الموجود في الشرق، والذي يترأسه عقيلة صالح، التمدد صوب الغرب، حيث توجد حكومة الدبيبة المعترف بها دوليًا، حيث أعلن عن فرز ملفات مرشحين لتولي رئاسة الحكومة، وذلك بالتعاون مع المجلس الأعلى للدولة الذي يوجد في طرابلس، ويترأسه خالد المشري. كما شهدت العاصمة الليبية، مظاهرات شعبية طالبت برحيل الدبيبة، فيما أشارت تقارير صحفية إلى استقالة وزراء ونواب وزراء. هذا الاضطراب فتح الباب على مصراعيه على جميع السيناريوهات، التي يمكن أن تعصف ببلد يعاني أصلًا من الانقسام الجهوي، وتتنازعه حكومتان، إحداهما في الغرب بقيادة الدبيبة وتحظى باعتراف دولي، والثانية في الشرق برئاسة أسامة حماد، وتحظى بدعم القوات المسلحة التي يتزعمها، خليفة حفتر وأبناؤه. ونظرًا للانخراط التركي في الأزمة منذ سنوات عبر اتفاقيات، ووجود عسكري وازن، كان التساؤل عما يمكن أن تقدمه أنقرة لاحتواء الأزمة، والبدائل التي بحوزتها للحيلولة دون دخول البلاد في فوضى، تعصف بأمنها واستقرارها، وتؤثر على المصالح الإستراتيجية التركية هناك. لعبت المذكرة التي وقّعتها تركيا مع حكومة رئيس الوزراء السابق، فايز السراج، والمعروفة باسم "مذكرة التفاهم بشأن ترسيم صلاحيات المساحات البحرية" دورًا محوريًا في إعادة تموضع تركيا في البحر المتوسط، بعد عقود من العزلة الإجبارية، ومحاولة حرمانها من ثروات شرق البحر المتوسط. ففي عام 2004، نشر الأستاذان في جامعة إشبيلية الإسبانية، خوان لويس سواريز دي فيفيرو، وخوان كارلوس رودريغز ماتيوس، دراسة تحت عنوان: "أوروبا البحرية وتوسيع عضوية الاتحاد: آفاق جيوسياسية"، حوت خريطة للوضع البحري لدول كانت تريد الانضمام آنذاك للاتحاد، مثل؛ رومانيا، وبلغاريا، وكرواتيا، وتركيا. حوَت تلك الدراسة خريطة عرفت لاحقًا باسم "خريطة إشبيلية" منحت تركيا منطقة بحرية ضيقة محصورة في سواحل أنطاليا، رغم أنها صاحبة أطول ساحلٍ شرقَ المتوسط، في وقت منحت فيه لكل جزيرة يونانية منطقة اقتصادية خالصة بطول 370 كيلومترًا، ومنها جزيرة كاستيلوريزو (ميس) التي تبعد عن السواحل التركية بكيلومترين فقط، فيما يفصلها عن السواحل اليونانية نحو 580 كيلومترًا! هنا جاءت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، لتمنح أنقرة صكًا قويًا في المطالبة بحقوقها، خاصة في ثروات شرق المتوسط، بعد حصولها على منطقة اقتصادية خالصة تقدر بآلاف الكيلومترات وفق الاتفاق. ففي دراسة نشرتها دائرة الاتصالات برئاسة الجمهورية التركية عام 2020، بعنوان: "خطوة إستراتيجية في معادلة شرقي المتوسط"، اعتبرت أن الاتفاقية، تعد الأولى من نوعها التي توقّعها تركيا مع دولة مطلة على البحر المتوسط غير قبرص التركية، فيما يخصّ مواضيع الجرف القاري/ المناطق الاقتصادية الخالصة. كما أضافت الدراسة أن الاتفاقية حافظت على حقوق كلٍّ من تركيا، وليبيا في البحر المتوسط، ومكّنت أنقرة من إرسال رسالة بأنها "لن تسمح بالأمر الواقع في المنطقة". لكل هذا لم يكن من المنتظر أن تكتفي أنقرة بالمراقبة والمتابعة، خاصة مع احتفاظها بقوات لها في المنطقة الغربية، وفقًا لمذكرة التعاون الأمني والعسكري الموقعة عام 2019. البدائل التركية لحل الأزمة رغم أن تركيا تعد حليفًا رسميًا للحكومة الليبية في الغرب، ودعمتها عسكريًا في صد عدوان حفتر والدول الداعمة له على العاصمة طرابلس، في يونيو/ حزيران 2020، بعد أكثر من سنة من بدء الهجوم حينها، فإن أنقرة عملت في السنوات اللاحقة على التواصل مع القائد العسكري، خليفة حفتر في الشرق، ما قاد إلى زيارة نجله، صدام حفتر، العاصمة التركية أنقرة في أبريل/ نيسان الماضي، حيث استقبله وزير الدفاع التركي، يشار غولار، وقائد القوات البرية، سلجوق بيرقدارأوغلو. إعلان فيما وقّع نجله الثاني، بلقاسم خليفة حفتر، مدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، عقودًا مع شركات تركية لتنفيذ مشاريع تخصّ البنية التحتية والإنشاءات. إضافة إلى ذلك، تطوُّر العلاقات التركية المصرية، بعد أن وصلت إلى حد المواجهة العسكرية في ليبيا عام 2020. لكل ما سبق فإنه من الطبيعي أن تختلف الإستراتيجية التركية المتبعة عما كانت عليه قبل نحو خمس سنوات، حيث تتّجه سياسة أنقرة إلى اتباع سياسة "إدارة الخلافات" مع الدول الصديقة، بما لا يسمح بتدهور العلاقات البينية، ويحافظ على المصالح المشتركة. ففي حوار صحفي لوزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، نشرته مجلة "جون أفريك" منتصف مايو/ أيار الجاري، أفصح فيدان عن إستراتيجية بلاده لمواجهة أزمة الانقسام، وكيفية إعادة اللحمة بين مكونات الشعب الليبي، على النحو التالي: أولًا: الاتفاق على تشكيل حكومة مرضية لكلا الجانبين، تمهّد لاستحقاق الانتخابات، معربًا عن رفضه إجراء الانتخابات دون "نضج عملية سياسية". واعتبر فيدان أن إجراء الانتخابات في ظل الأجواء الحالية قد يكون "محل تنافس بين المعسكرين الشرقي والغربي"، أي أنها ستتحول إلى تنافسية جهوية وليست بين مكونات شعب واحد، مؤكدًا أن أنقرة تعمل على التمكين لذلك الخيار. ثانيًا: اعتماد أسلوب الحوار مع القوى المؤثرة في المشهد الليبي للحيلولة دون تجدد المواجهات العسكرية مرة أخرى، حيث قال فيدان: "نتحدث بانتظام مع روسيا وشركائنا الليبيين في الشرق. كانت أولويتنا على مدى السنوات الخمس الماضية تجنب المواجهة العسكرية بين الشرق والغرب". والملاحظة المهمة هنا وصْفه القوى السياسية والعسكرية الموجودة في الشرق الليبي بـ "الشركاء"، ما يعني أن تركيا نجحت في تجسير العلاقة بعد سنوات قليلة من توقف المواجهات العسكرية، بل وأعادت تعريف القوى الفاعلة في الشرق. إعلان ما يعني أن تموضعها الحالي بين الغرب والشرق، يتيح لها القيام بدور فعال في الوساطة بين الجانبين لإنهاء الانقسام وتوحيد الجيش والأجهزة الأمنية، وهذا تقدم مهم يحسب للدبلوماسية التركية. ثالثًا: التحذير من المزيد من العسكرة، وإشارة فيدان هنا إلى القوات الروسية، التي لوحظ نقلها جزءًا من آلياتها وعتادها العسكري من سوريا إلى ليبيا، عقب سقوط نظام الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. فالإستراتيجية التركية بشكل عام تعمل على إفراغ المنطقة من القوات الأجنبية، حيث تبذل جهودًا كبيرة لإقناع واشنطن بسحب قواتها من سوريا، وهُرعت إلى تشكيل آلية أمنية مشتركة مع الأردن وسوريا، لسد فراغ القوات الأميركية عقب رحيلها، لمواجهة تنظيم الدولة ومنع تمدده مجددًا. التعاون الإقليمي على ذات النسق السوري، قد تعمل تركيا في الملف الليبي، على تخفيف أو إنهاء الوجود العسكري الروسي، وإعادة توحيد البلاد عبر آلية إقليمية تراعي المصالح الإستراتيجية لدول الجوار الليبي. وفي تقديري، فإن تركيا تحتاج هنا إلى التنسيق مع مصر، من خلال تأسيس حوار إستراتيجي معمق بشأن إنهاء الأزمة الليبية. فالعلاقات بين أنقرة والقاهرة تشهد نموًا مطردًا، بحيث تجاوزت النطاق الاقتصادي، إلى نطاقات أخرى إستراتيجية وعسكرية، حيث زار رئيس أركان الجيش المصري، أحمد فتحي خليفة، تركيا، والتقى نظيره، متين غوراك، الشهر الجاري، وعقد الطرفان الاجتماع الأول للحوار العسكري رفيع المستوى بين البلدين، والمخطط تنظيمه سنويًا على مستوى رئاسة أركان الدولتين. مثل هذه الاجتماعات يمكن تكرارها على مستوى وزارتَي الخارجية، وجهازَي الاستخبارات في البلدين، للوصول إلى رؤى مشتركة لحل أزمات المنطقة الملتهبة في ليبيا، وغزة، والسودان، وغيرها. إن الهدوء الذي تعيشه ليبيا هذه الأيام، هو هدوء هشّ، قد ينهار في أي لحظة سواء في طرابلس، أو بين الشرق والغرب، ومن الأهمية بمكان أن تتخذ تركيا -ذات التموضع المتميز داخل ليبيا- خطوات استباقية لنزع فتيل الأزمة، واتّخاذ خطوات جادّة، مع الشركاء المحليين ودول الجوار، لإعادة الوحدة للدولة الممزقة، ودمج المؤسّسات المنقسمة، والحيلولة دون تجدّد القتال.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store