
اصلاح حال بال الأطفال (2) بقلم : د. غسان عبد الله
اصلاح حال بال الأطفال (2) بقلم : د. غسان عبد الله
مع التفشي السريع والواسع لحالات الجشع والحروب والارهاب العالمي والمحلي، وتعدد وتوالي الكوارث الطبيعية والأمراض المزمنة الفتاكة، مثل جائحة كورونا، وما تتركه هذه جميعها من انعكاسات سلبية من شأنها زيادة ا مصادر اضطرابات سيكولوجية على الانسان، فتنعكس على سلوك جميع فئات المجتمعات البشرية، بغض النظر عن الجنس،العمر، الخلفية الثقافية- التعليمية ،الاقتصادية والدينية. يؤثر مكان السكن على منسوب هذه الانعكاسات، فمثلا سكان المناطق المهمشة والتي تفتقر الى الخدمات الصحية والاجتماعية، يكون المنسوب أعلى مما هو على سكان المناطق التي تحظى بالخدمات اللازمة. لنا أن نقارن هنا حالة سكان المحافظات الجنوبية مع وضع حالة سكان المحافظات الشمالية، أو سكان مخيمي طولكرم ومخيم جنين،نجد فارقا كبيرا من حيث منسوب التأثير والسرعة في الاستجابة لخدمات العناية المتوفرة وان تشابهت في الأعراض ومصدر هذه الاضطرابات والتي منها ما هو قابل للتحول الى اضطراب ما بعد الصدمة/ات PTSD.
أكثر شريحة تتأثر بهذه الاضطرابات هم الأطفال،كونها شريحة مجتمعية هشة، ومما يزيد الطين بلّة، عدم الوعي المجتمعي الكافي حول اّلية التعامل مع الأطفال في مثل هذه الحالات كما سبق وشخصنا في مقالات سابقة تم نشرها.
ا ما سيتم التركيز عليه هنا، هو كيفية مساعدة الطفل للتخفيف عليه من اُثار هذه الصدمة/ الصدمات، وذلك من خلال توظيف رؤى مهنية تستخدم عالميا، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار اختلافات الخلفيات الثقافية.
تستند هذه الرؤى المقترحة ( هنا سيتم عرض رؤية واحدة كي يتم شرحها بالتفصيل بهدف تسهيل التطبيق)،على أسس سيكولوجية علمية،والتي منها ما يعرف بنهج التماهي/ التقمص Empathy .
يقصد بالتماهي/ التقمص،المحاكاة/التبني الذاتي(الدمج الداخلي) لدوافع وسمات الاّخر وتذويتها داخليا، بطريقة سيكولوجية،تتخذ بدايتها حالة اللاوعي والاحتذاء بسلوك الاّخر عبر التقليد وهنا تبدأ بلورة نمط القيم والثقافة المنشودة من قبل هذا الطفل وفق عمره وجنسه .
لضمان تأثير مستدام، نقترح تشكيل مجموعات من اليافعين المهتمين والتي قد نلحظ فيها نوعا من التفاوت في التذويت خاصة بين الذكور، والعمل معهم وتدريبهم في مجموعات، بهدف ايجاد أكبر قسط من الفضول لمعرفة المزيد عن الاخر، واستمطار الأفكار( العصف الذهني brain storming)) والمقترحات والرؤى .
يجني الطفل هنا الطلاقة اللفظية وتزداد ثروته اللغوية، ناهيك عن ممارسة مهارة الاصغاء النشط، الأمر الذي يستدرج قيم حريتي التفكيرfreedom of thought)) والتعبيرfreedom of expression وتذويت قيم الاختلاف والتعددية( diversity ) كنهج حياة، مما يعزّز نهج الحوار كأسلوب لحل الخلافات بدلا من اللجوء الى العنف أو الجدل العقيم،وهنا نحصل على الدرّة المفقودة لدى الكثير من الأطفال واليافعين وحتى الكبار من الجنسين: ألا وهي رفع منسوب تقدير الذات Self-esteem البلدوزر الذي يمكنك من ازاحة جميع العقبات التي تواجهها في مسيرتك.
هنا تتأتى فرص للتدخل المباشر من قبل المرشد/ة ومقدم/ة الخدمة ولا مانع من اشراك الوالدين أو أحدهما على الأقل،من أجل تخفيف حدة القلق لانعكاسات الصدمات هذه، حيث يتوفر مصدر اّمان ( وجود الأب – الأم)،ان لم يكن القضاء عليها،من خلال بدء مشاهدة تدني / تلاشي حالات الميل الى العنف والعدوانية بين أفراد المجموعة/ المجموعات المنخرطة في التدريب .
كما قد نشهد بدء نمو قدرات اليافعين المنخرطين في المجموعات، على التخيل والادراك العاطفي والاجتماعي، لما يجري من حوله/ا وهذا هو أحد متطلبات تنمية قدرات الطفل، ليس فقط الحس- حركية، بل وأيضا الاجتماعية والعاطفية من خلال توظيف الميل الى الاستكشاف والابداع، ولنا أن ندعم قولنا هذا بما قاله اّينشتاين' المعرفة ليست مؤشر ذكاء، ، بل يكمن مصدر الذكاء في القدرة على تطوير مهارة الخيال / التخيل والتي يقصد بها استطاعة الطفل بلورة صورا ذهنية غير موجودة في اواقع/ا الذي يعيشه- تعيشه، وما يواكبها من انفعالات وردات فعل متتالية ذات تأثير اّني/مستقبلي على سلوكه عبر مراحل نموه تطوره على كافة الأصعدة والمجالات : العاطفية ، العقلية ، الحس حركية و الجسمانية،( نمووجداني وجسماني )، قد يلحظها تدريجيا الوالدان، المرشد – مقدم الخدمة .
وعليه ، فالخيال يساعد على النمو المعرفي والعاطفي والاجتماعي عبر بلورة أفكار وحلول للتحديات التي تجابهه/ا، وقد يميل/تميل الى أسلوب التقليد في تطوير بعض المهارات الحياتية المطلوبة كلغة الحوار مع الاّخر من خلال استعمال لعبة جهاز التلفون الثابت/ النقّال – اللعبة-، ليظهر وكأنه يتحدث مع شخص اّخر في صلب الموضوع ومحاولة استنباط مقترحات منه/منها حيال هذا التحدي أو ذاك، وقد يروي حلما أو قصة مصطنعة يظهر قرينه فيها يواجه أزمة وبالتالي هو يبحث عن مخرج- مخارج عن تحد/ تحديات مصطنعة لشد انتباه الوالدين ، المرشد – مقدم الخدمة ( حدث مثل هذا في احدى الجلسات مع يافع ، حين ركّز على الطفل الأسير أحمد مناصرة ودوام تكرار لفظ ' بهمش و مش متذكر'.
قد يميل الطفل/ الأطفال الى التمثيل في اللعب مع حيوان أليف ' كما يفعل حفيدي باسل عند تخيله القطة السوداء) أو تغيير وضعية الكرسي– السيارة، اللعبة ، للاكتشاف أو تأكيد معرفة، أو تثبيت مهارة اكتسبها.
هنا من المتوقع أن يعود الطفل، لاظهار الميل الى التمرد والعنف والعدوانية ان لم يحقق مبتغاه، في مثل هذه الحالة، علينا ضبط أعصابنا وتكثيف جهودنا دون اللجوء الى العنف ( بكل أنماطه )،مع ضرورة دوام التذكر بأننا لا نسعى الى عالم مثالي أفلاطوني ، مدركين دوما أن دوام القلق والتوتر ، يلازمهما أحيانا بعض الألم، جرّاء عدم التيقن من مستقبل اّمن ومستقر، مثل هذه الوضع يؤدي الى الميل نحو التمرد والعدوانية هذه.
مما لا شك فيه، أن هناك تحديات كثيرة عند تطبيق هذه الرؤية المقترحة، غالبيتها حصيلة:-
⦁ شح الوعي وثقافة الصحة النفسية، لدرجة أن البعض يعتبر السلوكيات الناجمة عن اضطراب ما بعد الصدمة، بمثابة مس شيطاني قد يمكن ازالته والتخلص منه من خلال عمل تعويذة يستخدما الشخص الذي يعاني من الاضطراب السلوكي الناجم عن الصدمة/ الصدمات المتتالية.
⦁ ثمة تحد اّخر يكمن في وجود بيئة تسمح بتنامي التفكير التشعبي، وبالتالي يجد كل من الشخص الذي يعاني من الاضطراب / الاضطرابات السلوكية وأيضا المعالج الحاجة الفورية الى بذل المزيد من الجهود وطاقة زائدة مما يؤدي الى الشعور بالأرق والارهاق لدى مقدم الخدمة والشخص الذي يعاني من هذه الاضطرابات، الأمر الذي سيزيد من حالات التوتر والقلق في بيئة قطبي العمل، رغم كل المحاولات والجهود القصوى التي يبذلها المعالج/ة .⦁ مع ذلك، علينا التسليم بأن ( لن يصيبكم الا ما كتب الله لكم)، فهو شكل من أشكال الابتلاء للانسان المؤمن .
ولنا لقاء قادم في طرح رؤية ثانية. – د. غسان عبد الله – القدس
إقرأ أيضاً : اضطراب حال البال (1) فقدان الذاكرة أم دوام النسيان، بقلم : د. غسان عبد الله

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين أون لاين
منذ يوم واحد
- فلسطين أون لاين
صحيفةٌ عبريَّة تكشف عن أزمة نفسيَّة في صفوف الجنود "الإسرائيليين"
كشفت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية، أنَّ مركزًا للرعاية النفسية وطلب المساعدة تلقّى أكثر من 66 ألف استفسار من جنود نظاميين وأفراد من الخدمة الاحتياطية وعائلاتهم". وقالت الصحيفة العبرية في تقرير لها، إنّ هناك الكثير من المكالمات من جنود الاحتياط الذين يشعرون بـ:ذنب الناجين، للبقاء على قيد الحياة"، وذلك نقلا عن المديرة المهنية الوطنية لـERAN -الإسعافات الأولية العقلية-، شيري دانييلز. ونقلت "يديعوت أحرنوت" عن المديرة المهنية الوطنية لـERAN -الإسعافات الأولية العقلية-، شيري دانييلز، قولها، إنّ "أحد المتقدمين قد قال إنه من المؤسف أنه لم يُقتل في غزة؛ إنه يشعر بالذنب ليس فقط لبقائه على قيد الحياة، بل أيضًا لطلبه المساعدة". وأشار التقرير إلى أنّ تقديرات الجيش تشير إلى أن عدد المتقدمين بعد الخدمة العسكرية أعلى من ذلك، ولكن العديد منهم يختارون عدم التعريف بأنفسهم كأعضاء في الخدمة الفعلية. إذ يقول بعض الاحتياطيين إن العمل قد انهار، وأنهم لا يستطيعون العثور على عمل، ولكن ما يزعجهم أكثر هو الشعور بالعبء على الأسرة". وأوضحت دانييلز، بأنه شعور طبيعي جدًا، مشيرة إلى أنّ هناك من يشعر بالذنب لأنه صرخ على الأطفال، أو لأنه لم يكن موجودا من أجل شريكه. فيما تابع التقرير الذي أتى عقب مرور 600 يوم على "طوفان الأقصى"، أنّ: "ثلث المكالمات تناولت الشعور بالوحدة (31 في المئة)". واسترسل: "تناولت ربع المكالمات الألم النفسي والاكتئاب (25 في المئة). تناولت حوالي 20 في المائة من الأبحاث العلاقات الشخصية، والتربية، والعلاقات الاجتماعية. وكانت أربعة في المائة من المكالمات تتعلق بالعنف والاعتداء الجنسي. وتابعت "منذ بداية الحرب، كان الضرر الاقتصادي الذي لحق بالإسرائيليين أحد أبرز القضايا المطروحة على الأجندة العامة. وتُظهر البيانات أن ثلاثة في المائة من الاستفسارات كانت تتعلق بالتوظيف والضائقة المالية". وأضاف: "كما شكلت قضية الانتحار، وهو الموضوع الذي برز للواجهة بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ثلاثة في المائة من إجمالي الاستفسارات"، مبرزا تلقّي أكثر من نصف مليون استفسار عبر مراكز الهاتف والإنترنت منذ اندلاع الحرب. وذكرت دانييلز أنّ "20 في المائة من المكالمات الواردة كانت من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاماً، أي ما يزيد عن 100 ألف مكالمة استغاثة؛ وبلغت نسبة الإحالات إلى المراكز 12 في المئة من الفئة العمرية 18-24 عاماً، فيما بلغت نسبة الأطفال والمراهقين حتى سن 17 عاماً 8 في المئة من إجمالي الإحالات إلى المراكز. وكان أقل عدد من الإحالات بين البالغين الذين تبلغ أعمارهم 75 عامًا فأكثر، أربعة في المائة". وأردفت: "كانت معظم المحادثات في بداية الحرب تتناول الصدمات والقلق، ومع استمرارها نرى المزيد والمزيد من المحادثات حول الألم النفسي والاكتئاب والشعور بالوحدة والعلاقات، لأننا في هذه الأماكن ندفع ثمنًا باهظا"، كما تصف بعد المحادثاث. وكانت "يديعوت أحرونوت" قد كشفت أيضًا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نقلًا عن مكتب إعادة الإدماج في وزارة الحرب الإسرائيلية، أن نحو 43% من جرحى "الجيش الإسرائيلي" الذين خضعوا لإعادة تأهيل، يعانون من الإجهاد اللاحق للصدمة، بواقع 5200 جندي من أصل 12 ألفًا. كما توقعت الوزارة أن يصل عدد المحتاجين للعلاج النفسي إلى نحو 100 ألف شخص بحلول عام 2030، نصفهم على الأقل سيعانون من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). وتشير تقديرات عسكرية داخلية، بحسب الصحيفة، إلى أن نحو 15% من الجنود النظاميين الذين خرجوا من قطاع غزة وتلقوا علاجًا نفسيًا، لم يتمكنوا من العودة إلى الخدمة القتالية بسبب حدة الأعراض النفسية التي يعانون منها. وتضيف الصحيفة أن نسبة كبيرة من المعاقين المعترف بهم في إسرائيل هم من الذين يعانون من الصدمة النفسية، وهو ما يشير إلى تأثيرات عميقة للحرب تتجاوز الإصابات الجسدية لتشمل انهيارات داخل الجبهة الداخلية للجنود والمجتمع الإسرائيلي عمومًا. وسبق لصحيفة جيروزاليم بوست أن سلّطت الضوء على الاضطرابات النفسية المتزايدة في صفوف الجنود العائدين من غزة، مؤكدة تسجيل مزيد من حالات الانتحار ومضاعفات ما بعد الصدمة، وأن كثيرًا من الجنود "الناجين" يخشون العودة إلى جبهات القتال مجددًا. المصدر / فلسطين أون لاين


شبكة أنباء شفا
منذ 3 أيام
- شبكة أنباء شفا
في محاولة استكشاف اّثار وسبل مواجهة الابادة السيكولوجية (Psychological Genocide) ، بقلم : د. غسان عبدالله
في محاولة استكشاف اّثار وسبل مواجهة الابادة السيكولوجية (Psychological Genocide) ، بقلم : د. غسان عبدالله يرى المتتبع لوسائل الاعلام، بكافة أنواعها، كثرة تكرار مصطلح الابادة التي تعرضت لها البشرية، ولا زالت حتى يومنا، سواء في فلسطين أو في المعمورة قاطبة . للأسف، وكالعادة ، يتم التركيز عند استعمال مصطلح الابادة هذا ( genocide)، والذي هو مصطلح جديد نسبيا ، بالنسبة لتاريخ البشرية، يتم التركيز على الجانب الفسيولوجي التطرق الى ملامح الابادة السيكولوجية، كما سنبيّن لاحقا، وما يتبعهما من ابادة ثقافية. الابادة هي عملية ( process) مخطط لها و أهدافها جليّة لتشمل الحجر والبشر وما أنتجه من ثقافة وحضارة . لا تنحصر اّثار مثل هذا النمط من الابادة فقط على الضحية (The Victim )، بل ويمتد أيضا الى الفاعل( (The victimizer مع فارق في مدى منسوب وأعراض هذه التأثيرات، اذ تغلب السمة السلوكية على الضحية الى الشعور بمشاعر الاحباط واليأس وفقدان مصادر الدعم والاسناد، في حين يميل الفاعل الى اللجوء الى سلوكيات غريبة الشأن كالتلذذ بقتل وتعذيب الاّخر( مبررا ذلك بهرطقات دينية وحكايات أسطورية)،فمثلا قد يلجأ الى محاولة الانتحار أو اعادة تكرار الفعل – الابادة – على ضحية أخرى حتى لو كانت الضحية الجديدة من ذوي القربى. قامت الأمم المتحدة عام 1994اعلان عالمي تحت مسمى حقوق الشعوب ألاصلية ورد فيها مصطلحات الابادة الجماعية العرقية و الثقافية فقط.لغويا : مصطلح ابادة يعني فتك وافناء جماعة عرقية، بدليل استخدام كلمة مبيد زراعي لاستئصال الأعشاب غير المرغوب فيها بدافع الحفاظ فقط على نوع واحد من النبات،( هنا نكون قد خالفنا أحد القيم الدينية والأخلاقية ألا وهي التعددية، كي يس تتخذ الابادة الجماعية، وفق ما ورد في اعلان سان خوسيه التابع لليونسكو، أنماطا وأشكالا عدة، تاريخيا: تم استعمال مصطلح الابادة بعد ما تم ضد المواطنين الأصلانيين في أمريكا، تبعها الاضطهاد العرقي ضد الأفارقة ممن تم استجلابهم كعبيد الى أمريكا ( للمزيد راجع : دراسة مقارنة بين اضطهاد الأفارقة في أمريكا والفلسطينيين عبر الأجيال،Baron, Fonvil & Abdalla- مجلةBlack Psychology ، كانون ثاني 2024 وما حصل في عهد ألمانيا النازية من مجازر ضد اليهود(الهولوكوست ( خلال الحرب العالمية الثانية .ولكثرة توالي المجازر أصبح يتردد المصطلح بكثرة(المجزرة ضد الأرمن،المجزرة بين قبيلتين في برواندا،1994 ، المجزرة ضد المسلمين في البوسنة،( جميعها بهدف تدمير جماعات قومية أو دينية عنصرية، الى ما يجري من مجاز متواصلة ضد الانسانية في منطقتنا الجغرافية. الأمر الذي دفعني للكتابة حول الابادة السيكولوجية التي تتعرض لها كل الفئات المجتمعية( غالبيتهم الأطفال، ألشباب والنساء)، ليس فقط من أجل تبيان المخاطر السيكولوجية المترتبة على ذلك، بل وكي يكون لي الشرف أن أكون أحد المختصين، في العمل لارساء توجه هام وجاد نظريا ومهنيا في هذا المجال. واقعيا ، تتخذ الابادة أشكالا عدة، منها على سبيل المثال لا الحصر: الابادة التربوية التعليمية والتي تتمثل في منع جماعة عرقية من استخدام لغتها أو مناهحها التعليمية، كشكل من أشكال الاضطهاد العرقي وذلك كمقدمة أولية نحو الابادة الكاملة بعد أن يتم زرع بذور اليأس والقنوط وبالتالي الاستسلام وتقبل ما يريده المضطهد (The oppressor – The victimizer العمل على سيطرة وهيمنة عرق واحد، في الحيز المكاني المستهدف).حصل مثل هذا حين احتلت ألمانيا النازية بولندا، حيث أقدمت على منع استخدام اللغة والمناهج البولندية في المدارس البولندية، غالبيتنا قرأنا عن قصة مدام كوري في الصف حين دخل عليها المفتش التربوي الألماني، وهناك أمثلة حيّة كثيرة وقائمة يصعب عليّ ذكرها وتحديدها لأسباب خارجة عن ارادتي الشخصيّة. أما الشكل الثاني فهو ما سمحت لذاتي بنعته بالابادة السيكولوجية ( Psychological Genocide) وهو محور هذه المقالة، اذ نعتمد هنا الأسس السيكولوجية وراء اّليات وأهداف التنفيذ والتأثيرات المستدامة المطلوبة المترتبة على مثل هذا النمط من الابادة . قد يلجأ الممارسون لهذا النمط من الابادة السيكولوجية، الى أساليب شتى منها القتل والترحيل,هدم أماكن السكن، النزوح والايواء، مصادرة الممتلكات الشخصيّة والاعتقال ، وقد يبرّر الفاعل حتى حرق الاحياء العزّل، كل ذلك في سبيل تحقيق الأهداف التي وضعها نصب عيناه، دون الاكتراث بالانعكاسات النفسيّة لهذه الممارسات التي تنتشر وتتمدد كما في حالة بعض النباتت السّامة، كالحنظل- الحنظلان والدفلى والكاوتشوك، ليمتد تأثيرها السلبي الى حدود الفاعل المضطهد0 بكسر الهاء. : ما أتطلع الى تمهيدّ الطريق واثارة حوافز المهنين المختصين للغوص في والتركيز على نمط الابادة السيكولوجية وتأثيراتها السيكولوجية المستدامة ومدى خطورتها ومساهمتها في طمس والغاء الهوية الثقافية ( cultural & Identity Erasure ) واذلال واستغلال – احتكار الانسانية ( dehumanization and Psychological Manipulation)، ولتكن البداية في بلورة رؤى أكاديمية من وحي التجربة الفلسطينية، في هذا المجال(Academic Discourse on Genocide Definitions) مع ضرورة اقتراح اليات من شأنها العمل على مواجهة اّثار كل أنماط الابادة وبالأخص السيكولوجية منها، لما لها من تأثيرات وانعكاسات سلبية خاصة عل ألأطفال و اليافعين والنساء، كونها تصاحبهم كلما انتقلوا من طور بلوغي/ دور اجتماعي الى اّخر،مما قد يدفعهم الى البدء في البحث عن حلول ومخارج،ي تم حسمها وفق قوة جهاز المناعة السيكولوجية ومستوى الوعي بأهداف ما يجري، فمثلا: ⦁ الميل الى العدوانية متفاوتة الدرجات والأشكال⦁ التفكير بالانتحار⦁ التفكير بالهجرة الطوعية تجنبا للمزيد من أشكال الابادة( وهذا ما حصل لدى غالبية الشباب المسيحيين في مجتمعنا، بحثا عن فرص بناء مستقبل أفضل، مما أدّى الى الانخفاض السريع في عدد المواطنين المسيحيين في المجتمع الفلسطيني، الأمر الذي أثّر سلبا على تشكيلة فسيفساء المجتمع الفلسطيني.⦁ الاذعان والقبول بالتبعية من قبل البعض. ⦁ احداث صدمات واضطرابات نفسية (PTSD ) لدى هذه الفئات المجتمعية، منها ما يظهر ومنها ما يبقى ضامرا في داخل الفرد وهو الأشد خطورة. الابادة السيكولوجية دوافعها واّليات مواجهتها : يجدر دوام التذكير،بأن جميع أنواع الابادات هدفها النهائي هو سياسي توسعي واحداث التبعية والالحاق القسري، ولها انعكاسات سلبية ليس فقط على الضحية بل والفاعل لتلك الابادات ( وما حالة اسرائيل اليوم الا خير مثال، حيث أخذ اقتصادها يتراجع وبشكل ملحوظ ناهيك عن بدء اتساع رقعة عزلها دوليا وتكرار دعوة العديد من الدول الأوروبية الى مراجعة اتفاقيتها المبرّمة مع اسرائل، والتي بدورها قادت وستقود الى المزيد من التفكك الاجتماعي ناهيك عن نتائجها السيكولوجية التي بدأت بالتنامي والانتشاروسط المجتمع الاسرائيلي. أما عن الدوافع،للخلفية الدينية والثقافية العنصرية دور هام في التحريض على ارتكاب مثل هذا النمط من أنماط الابادة السيكولوجيةذات التأثير السلبي في الاتجاهين، كما أشرت أعلاه . هنا أسمح لنفسي اقتباس ما تناقلته وسائل اعلام اسرائيلية عن وزير الحرب الاسرائيلي السابق حين قال' أخطأ يائير غولان عندما قال( دولة عاقلة لا تدير حربا ضد المدنيين، لا تقتل أطفالا كهواية ولا تضع نصب أعينها هدف تهجير السكان' بالتأكيد هذا ليس هواية،بل أيديولوجيا مسيانية،قومية وفاشية مدعومة بفتاوي حاخامات كقولهم( لا يوجد أبرياء في غزة )( امح نسل عماليق وغيرها)- راجع تصريحي يعلون (رئيس حزب الديمقراطين الاسرائيلي المعارض ويائير غولان للاذاعة العامة التابعة لهيئة البث العبرية يوم الثلاثاء 20/5/2025-، ومقالات مثل نظرية الحسم لسموتريش في مجلة هشيلواح 2017 ، وتصريحات سياسين' غزة ستكون خالية من العرب وسنستوطنها باليهود' ويواصل بوغي القول ' أليس هذا تطهيرا عرقيا؟ سنجوعهم' ' ليست هواية،بل سياسة حكومية هدفها الأساس التمسك بالسلطة وهي تقودنا الى الخراب ' وغيرها الكثير من الادعاءات والهرطقات الفكرية . ثمة دافع اّخر له علاقة بمسألة الديموغرافيا، اذ يخشى الكثير من المسؤولين الاسرائلين من احتمال زيادة عدد المواطنين العرب بين النهرين وتفوقهم عل عدد السكان اليهود!!! ولن تفوتنا حالة المنافسة الشديدة بين الحركات والأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة والتي أحد ركائزها الأساسية ليس فقط تشويه الطرف الاّخر ومصادرة حقوقه الانسانية وممتلكاته العينية والمادية، بل وأيضا التحريض والدعوة الى ابادته( انظر منشورات حركة كهانا و الراب كوك، غوش أمونيم، فتيان التلال….). الأمر الأخطر في هذا الوضع هو تغلغل مثل هذه التوجهات الى فكر صانعي القرار السياسي وواضعي التشريعات.كلنا يستذكر حملات تعديل القوانين والأوامر العسكرية المتتالية لتخدم توجهات كل تحالف جكومي، وذلك بناء على رؤى والبرامج الانتخابية للكتل التي تشكلت منها الحكومات المتعاقبة. وفي الختام لنا أن نحذّر من أنه قد تلجأ الجهة الفاعلة، ومن باب تخفيف حدة الانتقاد الموجه لها، بسبب ممارسة كل أشكال الابادة، الى البحث عن تكتيكات علنية الهدف ( تشكيل مؤسسات اعانة ، اعادة تأهيل ودعم ، المساعدة في تسهيل الهجرة الطوعية، أو الايعاز لبعض القوى الحليفة للقيام بذلك، مع الابتعاد عن دعمها بل وقد تقوم بمحاولة اظهارها كجهات غير المرغوبة )، الأمر الذي يتطلب اعداد حطط مواجهة مهنية وعملية حتى لا نصل الى التسليم بالقول ' سبق السيف العذل'


معا الاخبارية
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- معا الاخبارية
دراسة إسرائيلية: اضطرابات نفسية تُبعد 1 من كل 8 جنود حاربوا في غزة عن الخدمة
القدس- معا- كشفت دراسة صادرة عن جامعة تل أبيب ونشرتها صحيفة "هآرتس" أن واحدًا من كل ثمانية جنود إسرائيليين شاركوا في القتال داخل قطاع غزة يعاني من مشكلات نفسية تجعله غير مؤهل للعودة إلى الخدمة العسكرية. وأظهرت الدراسة أن نحو 12% من جنود الاحتياط الذين خدموا في غزة أفادوا بأنهم يعانون من أعراض حادة لاضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، ما ينعكس سلبًا على قدرتهم على الاستمرار في أداء مهامهم العسكرية. وأكد الباحثون أن هذه النسبة المرتفعة من المصابين بالاضطراب بين صفوف الجنود تشكل تحديًا كبيرًا أمام المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في ظل استمرار التوترات والصراع في المنطقة.