
سؤال: من يجبر إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بتحمل مسؤولياتها؟
الثلاثاء 06 مايو 2025, 12:48 م
صادقت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أول أمس بالإجماع على توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة، وسيتم ارجاء تنفيذ القرار إلى ما بعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى الشرق الأوسط، والمقررة خلال الأيام القريبة القادمة. كما وافقت حكومة الاحتلال بشكل مبدئي على الخطوط العريضة لتوزيع مساعدات إنسانية مستقبلية للفلسطينيين في قطاع غزة، وتشير الخطة إلى أن هذه المساعدات لن تقدم فورا، بل ستدار مستقبلا من خلال شركات أمنية مقرها الولايات المتحدة وما تسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" الغامضة.
وحسب ما تتناقله بعض وسائل الاعلام أنه تم تسجيل (مؤسسة غزة الإنسانية) في سويسرا في وقت سابق من العام الجاري 2025، ولا توجد لدى أي من رؤساء المؤسسة أي روابط واضحة أو خبرة في مجال الإغاثة الإنسانية.
وفي بيان مهم صدر من الفريق القُطري والوكالات الأممية والدولية والمنظمات الأهلية الفلسطينية أكد بالإجماع، وبدعمٍ من الأمين العام للأمم المتحدة بأنهم لن يشاركوا في أيِّ برنامجٍ لا يلتزم بالمبادئ الإنسانية العالمية المتمثلة في الإنسانية والنزاهة والاستقلال والحياد.
تطبيق هذه الألية يعني استمرار حرمان أجزاء كبيرة من الناس في غزة، بما في ذلك الفئات الأقل قدرة على الحركة والأكثر ضعفًا، من الإمدادات. يتعارض هذا مع المبادئ الإنسانية الأساسية، ويبدو أنه مصمم لتعزيز السيطرة على المواد الأساسية للحياة كأسلوب ضغط، كجزء من استراتيجية عسكرية. هذا يجبر الفلسطينيين النزوح إلى المناطق العسكرية للحصول على حصصهم الغذائية، مما يهدد حياتهم، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني، ويزيد من ترسيخ النزوح القسري.
في قلب هذا الرفض تحاول دولة الاحتلال التهرب من مسؤولياتها القانونية التي تنبع من التزاماتها كقوة احتلال، وفقا للقانون الدولي. وبموجب ذلك يجب عليها إعادة الحياة العامة والنظام العام وضمانهما في الأراضي المحتلة بالقدر الذي التزمت به الحكومة الشرعية.
وإذا كان كل سكان الأراضي المحتلة أو جزء منهم يعانون من نقص في الإمدادات، فعليها الموافقة على خطط الإغاثة، نيابةً عن السكان الفلسطينيين ولصالحهم - وليس لمصلحتها الخاصة - وعليها تسهيلها بكل الوسائل المتاحة لها.
وعليه يجب أن تُنفَّذ خطط الإغاثة من قِبَل منظمات إنسانية محايدة، قادرة، والعمل بفعالية وجديرة بالثقة. وإذا قُدِّمت المساعدة بطريقة غير محايدة، فلا يُمكن تصنيفها كمساعدة إنسانية. وتنص مواد القانون الدولي المتعلقة بحماية الأشخاص في حالات الكوارث، على أن الجهة المساعدة هي منظمة دولية مختصة، أو منظمة أو كيان غير حكومي ذي صلة، وفقًا لمبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة، وعلى أساس عدم التمييز، مع مراعاة احتياجات الفئات الأكثر ضعفاً.
إسرائيل لم تلتزم بالقانون الدولي وتسعى لتفسيره حسب احتياجاتها ومصالحها الخاصة، وبناء على ذلك تعمل من خلال توجيه المساعدات عبر شركات امنية خاصة، إلى التهرب من المسؤولية عن جرائم حرب الإبادة والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، وما ترتكبه إسرائيل يصنف كجرائم حرب، وهذا ما هو قائم من خلال تدمير الممتلكات العامة والخاصة، وتجويع السكان المدنيين، ونقلهم القسري من أماكن سكنهم.
ومع ذلك ووفقا للقانون الدولي بشأن الالتزامات القانونية الدولية ذات الصلة والممارسات الجيدة للدول فيما يتعلق بعمليات الشركات العسكرية والأمنية الخاصة أثناء النزاعات المسلحة" على أن المسؤولين الحكوميين، سواء كانوا قادة عسكريين أو رؤساء مدنيين، أو مديرين أو رؤساء تنفيذيين لشركات الأمن العسكري الخاصة، قد يكونوا مسؤولين عن الجرائم بموجب القانون الدولي التي يرتكبها أفراد هذه الشركات تحت سلطتهم وسيطرتهم الفعلية.
وإسرائيل كونها القوة المحتلة تتخلى عن مسؤولياتها، حتى لو تعاقدت مع شركات عسكرية وأمنية خاصة للقيام بأنشطة معينة، ملزمة باتخاذ جميع التدابير ما في وسعها لاستعادة النظام العام والسلامة العامة وضمانهما، أي منع انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
بعد توضيح هذه المعايير، يمكن استخلاص سعي دولة الاحتلال إلى إغلاق نظام توزيع المساعدات القائم الذي تديره الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الإنساني، وإقناع المنظمات بالموافقة على تسليم الإمدادات عبر مراكز إسرائيلية بموجب الشروط التي وضعها الجيش الإسرائيلي.
"مؤسسة غزة الإنسانية" مؤسسة ليست جهة محايدةً لتقديم المساعدات، وإن ما يُزعم أن تقديم المساعدات عبر شركات أمنية عسكرية خاصة يتناقض تناقضاً صارخاً مع مبادئ العمل الإنساني المتمثلة في الاستقلالية والحياد في تقديم المساعدات. وان الخطة التي قدمتها إسرائيل لا تُعفيها بأي حال من واجبها في الموافقة على وجود وأنشطة المنظمات الإنسانية المحايدة وتسهيلها.
منذ 19 شهراً من حرب الابادة الجماعية، والعالم يشاهد ويسمع أحداث النكبة الفلسطينية الثانية. والاسئلة حول حرب الإبادة وأنها ليست مجرد حدث، وحصره في تقديم المساعدات الانسانية، بل أنها عملية مستمرة من خلال تغييرات وفرض وقائع على الأرض ضمن أهداف مخطط لها مسبقاً. هذا الصمت والعجز الدولي على جرائم الحرب، وانكار إسرائيل لمسؤولياتها القانونية وأنها تسيطر على قطاع غزة والضفة الغربية بصفتها قوة الاحتلال الغاشم؟
يدور هذا النقاش الإسرائيلي، وسعي الاحتلال لإقناع الوكالات الدولية بالعمل مع قوات الاحتلال حسب مصالحها السياسية والأمنية، وتركت وحيدة من دون أي حماية لها من المجتمع الدولي؟ والأسئلة الجوهرية بشأن حرب الإبادة؟ وأسئلة أكثر مما هو توزيع المساعدات؟
وموقف الفلسطينيين كسلطة وفصائل، وما هو الموقف الرسمي الفلسطيني، وعدم القدرة على اتخاذ قرارات قد تكون مصيرية في التعامل مع دولة الاحتلال القوة القائمة بالاحتلال وتحملها مسؤولياتها وفق القانون الدولي؟ ودورها في ظل تعميق سيطرة دولة الاحتلال على القطاع باحتلاله، وتجسيد ذلك بالبقاء على الأرض، والتحكم في مصير الفلسطينيين واجبارهم على النزوح للمراكز التي ستخصصها للناس لاستلام المساعدات في الجنوب، وهي ضمن خطط دولة الاحتلال للتهجير القسري من خلال التجويع.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين أون لاين
منذ 5 أيام
- فلسطين أون لاين
تحليل خطاب بلا مخرج.. نتنياهو يرسّخ الحرب ويتهرّب من الصفقة
غزة/ محمد أبو شحمة: مع استمرار حالة الغضب الدولي الكبيرة وغير المسبوقة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، بسبب استمرار عدوانها على قطاع غزة وتوسعها في ارتكاب المجازر ضد المدنيين، ومع تواصل حالة الانقسام العميقة داخل المجتمع الإسرائيلي، خرج رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بخطاب حمل جملة من التضليل والأكاذيب. ولم يقدم نتنياهو خلال خطابه أي جديد للمجتمع الإسرائيلي أو لعائلات الأسرى الإسرائيليين الذين يعيشون حالة من الغضب الشديد تجاه سياساته وتجاهله لقضية أبنائهم، وعدم حرصه على سلامتهم، واستمراره في تعريضهم للخطر من خلال توسيعه لجرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة. وتعرض نتنياهو لانتقادات حادة بسبب تجاهله المتعمد لقضية الأسرى، مقابل تمسكه بمشروع توسعي يخدم أجندة اليمين المتطرف، الأمر الذي اعتُبر تجسيدًا لحالة الانهيار التي يمر بها، وسط تصاعد الغضب الشعبي واتساع رقعة الفشل العسكري. ورغم الغضب المتواصل ضد نتنياهو، يصرّ على تجاهل مطالب أهالي الأسرى والسياسيين في دولة الاحتلال بوقف العدوان على قطاع غزة، والذهاب إلى المفاوضات لإبرام صفقة، خاصة أن استمرار الحرب لم يخدم (إسرائيل) ولم يُحقق أي نتائج بعد اقترابها من دخول عامها الثاني. وأكد الكاتب والمحلل السياسي أحمد الطناني أن بنيامين نتنياهو يصر على تقديم وصفة لتأبيد الحرب في قطاع غزة، مستمرًا في تبجّحه المعتاد بقدرة الضغط العسكري على تحقيق ما يسميه "النصر المطلق". وقال الطناني لصحيفة "فلسطين": "نتنياهو ردّ بوضوح على الأصوات التي تطالب المقاومة بوقف القتال وتحميلها مسؤولية استمرار الحرب بحجة حقن الدماء، إذ أكد أن خطته تمضي قدمًا نحو فرض السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على قطاع غزة، حتى في حال تحقيق شروطه، واستكمال مسار تهجير سكان القطاع ضمن ما يُسميه خطة ترامب، وهي النسخة المحدثة من مشروع الترانسفير الصهيوني". وأضاف أن نتنياهو، بهذا التصريح، يُسقط الوهم الذي يروّجه دعاة الاستسلام، ويُظهر بوضوح أن وقف المقاومة لن يُنهي الحرب، بل سيسهّل تنفيذ أهدافها الأخطر. وفي مواجهة هذه العنجهية الإجرامية، شدد الطناني على أن ما يملكه الفلسطينيون هو تحويل هذه المخططات الإسرائيلية الطموحة إلى مساحات استنزاف متواصلة، بكل وسيلة ممكنة، من شأنها أن تُجبر نتنياهو وقادة الحرب الإسرائيليين على إعادة التفكير في الكلفة السياسية والعسكرية لفرض هذه الوقائع بالقوة. وأشار إلى أن خطاب نتنياهو الأخير لم يخلُ من رسائل توحي بإمكانية التوصل إلى حل، لكن وفق رؤيته الضيقة، حيث تحدث عن "صفقة جزئية" تتمحور حول استعادة الأسرى الإسرائيليين بأقل ثمن ممكن، ودون تقديم أي التزامات سياسية. وأوضح الطناني أن هذا الطرح لا يُلغي احتمال التوصل إلى اتفاق، لكنه يُبرز مدى مركزية مطلب "وقف الحرب" في أي مفاوضات، وأثره المباشر في تحديد مستقبل قطاع غزة، وربما مستقبل الاستقرار في المنطقة بأسرها. وأكد أن نتنياهو يحاول تكرار المناورة ذاتها التي استخدمها في مايو 2024 قبيل اجتياح رفح، حين تحدّى الضغط الدولي ومضى في تنفيذ خططه العدوانية، إلا أن الوقائع اليوم تغيّرت، فـ"مايو 2025 ليس كمايو 2024"، وكذلك الموقف الدولي والإسرائيلي الداخلي. وأضاف أن الأنظار تتجه الآن إلى الموقف الأميركي، وتحديدًا إلى السياسات "الترامبية" التي طالما تميزت بالتقلّب والمفاجآت، متسائلًا: هل سيتعامل ترامب مع تجاهل نتنياهو لمطلبه بوقف التصعيد بنفس الضعف الذي أبداه بايدن؟ هذا ما ستكشفه الأيام القليلة المقبلة. وشدد الطناني على أهمية عدم الانجرار خلف صخب الخطابات وغبار "عربات جدعون"، مؤكدًا أن الأفق ما زال حاضرًا، وأن خطوط المواجهة لم تفقد حرارتها بعد. المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ 5 أيام
- فلسطين أون لاين
تقرير عيَّن حنين... شهادة حيَّة على وجع غزَّة الَّذي لا يمحى
غزة/ هدى الدلو: في أحد أيام غزة الثقيلة، كانت حنين الدُرَّة، الفتاة العشرينية، تقف أمام مرآتها، تتأمل ملامحها، وتحلم بمستقبل مشرق.. لكن قصفًا إسرائيليًا مفاجئًا حوّل تلك اللحظة إلى كابوس دائم، حين أصيبت بشظية في وجهها، أدت إلى تشويه ملامحها وفقدان إحدى عينيها. تُعرّف نفسها لصحيفة "فلسطين" حنين موسى الدُرَّة، طالبة في الجامعة الإسلامية، تخصص شريعة وقانون، من مواليد عام 2004. تمنيت أن أعيش حياة بسيطة، سعيدة، هادئة، وأن أنهي دراستي الجامعية، وأحلف القسم العظيم، وأزاول مهنة المحاماة. تمنيت أن أفي بوعدي لأمي - رحمها الله - التي كانت تدعو الله أن يوفقني، وأن تراني في أعلى المراتب". كانت تلك الطموحات على وشك الاكتمال، لولا أن آلة الحرب الإسرائيلية حالت دون ذلك. لم تكن تعلم أن نيران الحرب ستصل إلى بيتها، بل إلى عينها تحديدًا، فذلك اليوم غيّر مجرى حياتها إلى الأبد. تسرد قائلة: "في يوم 20/5/2024، كتب هذا التاريخ بالدم، لا بدمع العين فقط. كنت جالسة في الطابق الأول من المنزل، بينما باقي أفراد عائلتي في الطابق الأرضي، وكانت الساعة الواحدة ظهرًا، وفجأة انهال البيت فوق رأسي؛ لقد تم استهدافنا بصواريخ الاحتلال الإسرائيلي.. كل شيء أصبح مظلمًا. كنت أتساقط تارة يمينًا وتارة يسارًا، تارة إلى الأعلى وتارة إلى الأسفل، أرتطم من جدار إلى آخر، أصرخ: 'أغثني يا الله!' كل شيء يتساقط علينا بقوة؛ الغبار خانق، الزجاج والشظايا القاتلة في كل مكان". "بعد وقت لا أعلم كم لبثته تحت ركام المنزل، أفقت ولا زلت تحت تأثير الصدمة: أين أنا؟ ماذا حدث؟ أين المنزل؟ وأين أفراد عائلتي؟ من أين هذه الدماء في وجهي؟" تتابع: "كانت عيني تؤلمني، وأنفي وساقي أيضًا. لم أكن أستوعب ما حدث. كنت خائفة، ولا أقوى على النظر أو الحركة. جمعت كل قوتي، وحاولت أن أرفع الحجارة والركام عن جسدي المصاب. خرجت بأعجوبة، وبعد بضع خطوات هزيلة فقدت الوعي." رحلة علاج مضنية استيقظت في المستشفى وكل شيء مظلم حولها. كان مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع قد فقد أكثر من 90% من قدرته على تقديم الرعاية. وبصعوبة بالغة، تم نقلها إلى مستشفى العربي الأهلي (المعمداني) وسط غزة، الذي كان مزدحمًا بالشهداء والجرحى، حتى إنها لم تجد سريرًا أو مقعدًا فارغًا، وتم فحصها وهي ملقاة على الأرض. بعد قليل، قامت إحدى الطبيبات بإجراء الفحوصات والصور، وتبيّن أنها فقدت عينها اليسرى إلى الأبد، وأصيبت بكسر في الأنف والفك، إضافة إلى وجود العديد من الشظايا في سائر جسدها. تقول: "قامت الطبيبة بإجراء بعض العلاجات الأولية، كتنظيف العين وتقطيب وجهي بـ 35 غرزة، وقررت ضرورة إجراء عملية زراعة عين، وأخرى تجميلية للأنف والوجه، لكن ضعف الإمكانيات حال دون ذلك." "منذ بداية الحرب ونحن نعيش ظروفًا نفسية صعبة لا توصف؛ من خوف وقصف ونزوح وتشرد وفقد ووجع. أحداث وتفاصيل لا أرغب في الحديث عنها، وأتمنى لو تُمحى من ذاكرتي." فقدان السند صُدمت شقيقتها من حجم الإصابة، بينما حاول والدها التماسك ليربت على قلبها. وتقول: "لولا وجود والدي بجانبي لما تمكنت من تجاوز الإصابة... لكنه رحل في نوفمبر من العام نفسه، فشعرت بأنني فقدت روحي؛ كان الأم والأب بعد وفاة والدتي في 2012، وكان سندي وقوتي." تواجه حنين تحديات نفسية وجسدية كبيرة، وتقول: "أشعر بأنني فقدت جزءًا من هويتي، لم أعد أتعرف على نفسي في المرآة. وجهي مشوه، وأحتاج إلى عملية تجميلية بالليزر. هناك شظية في رأسي لا يمكن إزالتها، وتسبب صداعًا مزمنًا، وضغطًا على العين اليمنى، وكهرباء في وجهي." تُعاني كباقي جرحى القطاع من نقص حاد في المعدات الطبية. وتضيف: "المستشفيات تفتقر إلى الأدوية والمستلزمات. أحتاج إلى لاصقات طبية لمنع تلوث العين والأنف إلى حين إجراء العمليات." كلما وقفت أمام المرآة، لتضع لمساتها الأخيرة قبل الخروج، تعود ذاكرتها إلى صوت الانفجار، ويجتاحها ألم لا يُوصف. التمسك بالحلم رغم كل شيء، لا تزال حنين متمسكة بالأمل: "أحلم بأن أسافر لتلقي العلاج، وأركب عينًا صناعية، وأكمل دراستي في الشريعة والقانون. أريد أن أستعيد ثقتي بنفسي، وأكون صوتًا للجرحى والمصابين في غزة." وتختم حديثها بتصميم: "هل تذكرون حلمي بأن أصبح محامية؟ أنا أعدكم بأن أفي بوعدي لأمي، وأن أنجح، وسأكون عونًا للضعفاء والفقراء والمحتاجين." المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ 6 أيام
- فلسطين أون لاين
تقرير "أمُّ محمَّد"... مسنَّة تعيش على الماء وسط تفشِّي المجاعة بغزَّة
غزة/ محمد القوقا: في أحد أركان منزل متصدع غرب مدينة غزة، تجلس أم محمد عاشور، فلسطينية تبلغ من العمر 76 عامًا، على كرسي بلاستيكي مكسور، تحاول أن تروي عطشها بكوب ماء، هو كل ما تملكه للبقاء على قيد الحياة منذ أكثر من أسبوع. تقول أم محمد، بصوت منخفض ويدين مرتجفتين من الوهن: "أعيش على الماء فقط، دون أي مبالغة. إذا توافر لي رغيف خبز، أقتات عليه ليومين". وتشير إلى أن سعر كيلو الطحين تجاوز 100 شيكل، أي ما يعادل نحو 27 دولارًا، وهو مبلغ لا تستطيع تأمينه. "حتى لو استطعت شراءه، الكمية لا تكفيني ليومين"، تضيف. أم محمد، التي ولدت عام 1949، بعد عام من نكبة الشعب الفلسطيني، تقول لصحيفة "فلسطين"، إنها لم تشهد في حياتها جوعًا كالذي تعيشه اليوم. "صرنا على وشك أكل التراب"، تقول والدموع في عينيها. أم محمد اضطرت إلى كسر صمتها، رغم طبيعتها التي تميل إلى الصبر والانزواء، لتوجه نداءً للعالم العربي والإسلامي. "نحن زعلانون منكم! أنتم لا تشاركوننا معاناتنا. لو أن أربع أو خمس دول فقط اتحدت ووقفت في وجه الاحتلال، لما حصل كل هذا!" وتتابع بغضب واضح: "هل يُعقل أن شخصًا واحدًا – بنيامين نتنياهو – يتحكم بالعالم، ولا أحد يستطيع إيقافه؟ حرام عليكم يا مسلمين! قتلوا شبابنا وأطفالنا، وجوعوا الناس، ودمروا كل شيء". سبقت كلماتها إعلان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة عن دخول 87 شاحنة مساعدات مساء أول من أمس، وهي الدفعة الأولى منذ أن أغلقت (إسرائيل) معابر القطاع في 2 مارس/آذار، وسط حرب إبادة مستمرة منذ أكثر من 18 شهرًا. ورغم أهمية هذه الشاحنات، إلا أنها لا تغطي سوى جزء ضئيل من الاحتياجات اليومية. ويقول مسؤولون محليون إن غزة تحتاج بين 500 إلى 800 شاحنة إغاثة يوميًا لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية لنحو 2.4 مليون نسمة محاصرين في ظروف قاسية. ووفق بيانات رسمية، أودت سياسة الحصار والتجويع بحياة 326 شخصًا بسبب سوء التغذية، بينهم أطفال ومرضى، كما سُجلت أكثر من 300 حالة إجهاض خلال 80 يومًا، بسبب نقص الغذاء والعناية الطبية. وتُظهر أرقام صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن سلطات الاحتلال منعت دخول نحو 44,000 شاحنة مساعدات منذ مارس، مما فاقم الأزمة الصحية والغذائية في القطاع. وتشير منظمات إنسانية إلى أن مناطق قطاع غزة باتت تُصنف على أنها "بيئات مجاعة". أم محمد، التي تعرضت يدها للكسر خلال نزوحها جنوبًا في بداية الحرب، لم تتلقَ العلاج المناسب بسبب انهيار النظام الصحي. "الأطباء يقولون إنني بحاجة إلى كسر اليد من جديد ثم إجراء عملية، لكن لا توجد إمكانيات"، تشرح بصعوبة. وتستذكر كيف سقطت مؤخرًا من شدة الهزال أمام منزلها، فحملها جارها إلى الداخل. "لم أعد أقوى على المشي. نفسي آكل حبة بندورة، أُتمضمض بها!"، تقول وهي تضحك بخفة ممزوجة بالألم. وبينما تحاول أم محمد التماسك أمام عدسة الهاتف المحمول الذي يوثق قصتها، تشير إلى أن المأساة الحقيقية ليست فقط في الجوع، بل في "الإهمال العالمي والصمت العربي". قصة أم محمد ليست فريدة من نوعها. ففي غزة، لا يهدد الموت السكان فقط عبر القصف، بل أيضًا عبر المجاعة، والعزلة، والانهيار الكامل للمنظومة الإنسانية. وبينما تتصاعد التحذيرات الدولية من كارثة وشيكة، يبقى السؤال معلقًا: كم من "أمهات محمد" يجب أن يسقطن من الجوع حتى يتحرك الضمير الإنساني؟. المصدر / فلسطين أون لاين