
بين ترمب ونابليون: روح العالم يتحرك مجددا
ما عرفناه من نظام عالمي أسهمت أميركا المنتصرة في الحرب العالمية الثانية في إرسائه بعد انتهاء الحرب بقوة، طفق يتفكك ويتداعى اليوم بفضل دونالد ترمب. ذلك بأنه يهاجم حتى حلفاءه الأوروبيين ولديه طموح للانسحاب من حلف الناتو حتى من كل المؤسسات الدولية التي يراها عبئاً وقيداً على الولايات المتحدة. فهل نشهد ولادة نظام عالمي جديد أم ندخل في فوضى مدمرة؟ وهل يمكن إنقاذ النظام العالمي القديم؟
إن عالماً تحكمه سياسات "أميركا أولاً" بعيد كل البعد من الرؤية التي حاولت الولايات المتحدة تجسيدها في العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
فنومنولوجيا الروح وروح العالم
في عام 1806، كان هيغل على وشك استكمال كتابة عمله العظيم الذي مهد لأنظومته الفلسفية، أعني به فنومنولوجيا الروح، في وقت كان فيه نابليون يستعد لخوض إحدى معاركه الكبرى، معركة يينا. كان نابليون يتجول في شوارع المدينة وصادف أنه مر قرب نافذة بيت فيلسوف ألمانيا الكبير. كان هيغل يرى في نابليون ذلك الفرد الاستثنائي الذي ينفذ عملياً ما يسعى هو نفسه إلى التعبير عنه فلسفياً، فالتاريخ عند هيغل ليس مجرد تجميع لأحداث لا غاية لها وتحدث بالمصادفة، بل عملية غائية ومسار ذو هدف نهائي لتحقيق "الروح المطلق" وتجسيده.
وما ينجزه هيغل في الفلسفة يحققه نابليون في أرض الواقع. هيغل ونابليون كلاهما يعبر عن الروح المطلق ويجسدانه. فهيغل ليس خارج الحدث، بل في قلبه، بكتاباته الفلسفية يمنح حركة نابليون العظيمة معنى كونياً. إمبراطور فرنسا وإمبراطور العالم ضمناً، بحسب هيغل، لا يعي أبعاد ما يقوم به، إذ إنه، بهذا المعنى، أداة المطلق الذي يحرك بها التاريخ ويغير العالم. ما يهم هيغل ليس الفرد، بل ما يجسده.
روح العالم يتحرك مجدداً
سيد العالم أو روح العالم أو إمبراطور العالم يتحرك اليوم مجدداً، لكن لا ليعيد بناء العالم وتنظيمه وفقاً لمبادئ الثورة الفرنسية وقيم الحداثة، أي وفقاً لما يقتضيه العقل، بل ليحافظ على قوة إمبراطوريته الأميركية وهيمنتها على المعمورة قاطبة ويسهم في مزيد من الانحطاط العالمي.
روح العالم هذا أو لنقل سيد العالم تحول من قائد عظيم يخوض أشرس الحروب ليغير العالم ويقضي على الملكيات والعروش الأوروبية التي كانت مجرد امتداد لأنظمة القرون الوسطى التي لم تعد تتماشى والعقل لتكون واقعية، وينشر مبادئ الثورة الفرنسية في الحرية والأخوة والمساواة، تحول إلى رجل صفقات يشن حروباً تجارية في كل الاتجاهات فيهز الأسواق المالية العالمية، ليجني بذلك أكبر المكاسب له ولبلده.
وعليه، لم يعد روح العالم هذا أو هذا الفرد الاستثنائي الذي وضع القدر بين يديه كل عناصر القوة والمال والنفوذ التقليدية يحرك التاريخ ساعياً إلى عالم أفضل وأرسخ عقلانية وأغنى إنسانية. يدعي أنه يحاول إطفاء الحروب المشتعلة لا لأنه يسعى إلى عالم خالٍ من الحروب، بل لأنها تقف في طريق تحقيق وعوده في العظمة والرخاء لبلده، لذلك نراه لا يكترث لحرب الإبادة في غزة لأنها لا تؤثر في الاقتصاد العالمي. لا يرى أحداً أمامه، لذلك يصح أن نصفه بـ"إمبراطور العالم".
ترمب ونابليون
أظهر نابليون بونابرت عبقرية استثنائية في مجال الحكم وتنظيم شؤون الدولة ومجال الحرب، إذ كان قائداً عسكرياً فذاً يتقن فن تنظيم الجيوش وإدارتها وخوض الحروب والانتصار فيها. نظم نابليون شؤون الدولة الفرنسية، إذ قسم البلد الأوروبي محافظات مختلفة، وأسس الأنظمة التشريعية والقضائية والمصرفية، واهتم بقطاع التربية والتعليم، ولا تزال فرنسا حتى اليوم تعيش في بعض من تشريعاتها على القانون المدني الذي وضعه عام 1809.
لم يصل نابليون إلى السلطة بسهولة، فقد حاول أعداؤه اغتياله أكثر من مرة. الأمر نفسه ينطبق على ترمب الذي لم يصل إلى السلطة بسهولة، إذ حاولوا اغتياله كما حاولوا اغتياله معنوياً وإدانته في المحاكم حتى لا يتمكن من الترشح ثانية. منذ تسلم منصبه وهو يحاول إعادة تنظيم الدولة والإدارة والوزارات.
عدل نابليون الدستور لكي يضمن انتخابه إمبراطوراً لكل الفرنسيين، ويحل نهائياً محل السلالة الملكية السابقة، وهذا ما يفكر فيه ترمب اليوم، إذ يلمح إلى إمكان ترشحه لولاية ثالثة، إنه أصلاً يتصرف كإمبراطور للعالم لا كرئيس للولايات المتحدة. هكذا توج نابليون إمبراطوراً على فرنسا، بحضور البابا شخصياً، وأصبح الإمبراطور نابليون الأول، في حين أن ترمب نفسه نشر صورة له مرتدياً ثياب البابا نفسه. وصل نابليون إلى ذروة مجده عام 1810، وأصبح يسيطر على مناطق واسعة من أوروبا، بعدما ضمها إلى فرنسا، أما ترمب فيطالب بضم كندا وجزيرة غرينلاند إلى الولايات المتحدة كما يطالب بامتلاك غزة والسيطرة على مناطق أخرى.
أكبر خطيئة ارتكبها نابليون وأودت به هي أنه لم يضع حداً لطموحاته وفتوحاته، فغرق في ثلوج روسيا وفقد معظم جيشه الجرار بعدما كان أقوى جيش في العالم. لذلك تحالفت ضده العروش الأوروبية، واستطاعت أن تهزمه للمرة الأولى عام 1813. لقد هزمت القائد الذي أنجبته الثورة الفرنسية والذي نقل الأفكار الجديدة في الحرية والمساواة والإخاء إلى أوروبا كلها. حمل نابليون راية التنوير وأفكار فولتير وجان-جاك روسو ومونتسكيو وغيرهم من الفلاسفة والمفكرين التنويريين لينشرها حيث تصل قدماه. واليوم، هل نشهد نهاية ترمب ونهاية أميركا بسبب الحروب التي يشنها في كل الاتجاهات؟
إعجاب هيغل بنابليون
لذلك أعجب هيغل، وهو فيلسوف ألمانيا الكبير، بنابليون وصفق له، على رغم أنه كان يغزو بلاده، فقبل يوم من معركة يينا كتب هيغل رسالة إلى أحد أصدقائه، بين فيها مشاعره تجاه نابليون وقال فيها عبارته الشهيرة "رأيت الإمبراطور - روح العالم هذا - يمشي في المدينة يستطلع، إنه لشعور رائع أن ترى مثل هذا الشخص هنا في هذه اللحظة، ممتطياً جواده يجول في هذا العالم ويخضعه".
اللامتناهي عند هيغل يسري في ما هو متناهٍ، يقول هيغل في تاريخ الفلسفة "إن الماهية الكلية للروح تتجزأ في أرواح فردية تعي هذه الماهية الكلية، وتصبح على وعي باتحادها معها". هذا المطلق كان في البدء غير واعٍ، ثم وعى نفسه في النهاية في روح الفيلسوف. هل ألَّه هيغل نفسه؟ ألم يقل لطلابه في ختام محاضراته في يينا بين عامي 1805 و1806، "لقد أطل عليكم فجر عصر جديد، إذ يبدو أن روح العالم قد نجح أخيراً في أن يدرك ذاته على أنه الروح المطلق".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع ذلك فإن هيغل يرى في أبطال التاريخ أدوات يحقق بها الروح المطلق أهدافه، حتى لو كان هؤلاء الأبطال غير واعين بما يفعلون، لذلك تحدث عن مكر التاريخ، هكذا رأى هيغل في نابليون التجسيد الأقوى لروح العالم، فقد أرسلته "العناية الإلهية" ليقوض حصون الأنظمة المتهالكة البالية، ويسرع حركة التاريخ، أرسلته لكي يدشن عهداً جديداً مشرقاً للبشرية جمعاء.
لا شيء خارج الفلسفة
لا يمكن للفلسفة أن تتجاهل الظاهرة الترمبية هذه، فلا شيء خارج الفلسفة، لذلك علينا أن نتأمل في ما يعنيه ترمب وفي ما تعنيه حركته التي لا تهدأ. فترمب، شئنا أم أبينا، يجسد روح العالم اليوم، وإن كان مجرد أداة للروح المطلق لتحقيق مسيرته المظفرة، فترمب هو ذلك الفرد الاستثنائي الذي جاء ليغير العالم، لكن ليس كما كان يشتهي الفلاسفة والمفكرون، بل كما يشتهي، اليوم، رؤساء الشركات وأصحاب المال والنفوذ. نابليون، القائد العظيم والفاتح الكبير، وقد استحال رجل أعمال ورجل صفقات، لم يعد المجد ما يحركه، بل المال ومزيد منه، لذلك يغير كلامه ومشاريعه بحسب ما تقتضي مصالح أصحاب رؤوس الأموال، ولا يرى عيباً في ذلك. إنه من يحرك التاريخ، اليوم، ويجسد روح العالم في ظل ابتذال وانحطاط عالميين. ربما يكون ترمب هو ما يناسب العالم اليوم، هو ما يناسب ما وصلت إليه البشرية من انحطاط عالمي وفراغ في المعنى بعد عقود من التخلي التدريجي عن قيم الحداثة وحقوق الإنسان.
إننا نعيش حقبة آخر السرديات أو لعلنا نعيش في غياب السرديات الكبرى، مما يولد فراغاً في المعنى رهيباً، هذا الفراغ في كل شيء هو ما جعل ترمب ممكناً. كان نابليون الذي جسد روح العالم يقطع عن القرون الوسطى ويدشن عصر الحداثة الحق، أما اليوم فإن روح العالم يمثل آخر تجليات الحداثة الرثة أو الرديئة. لقد فقد عصرنا روحه، إذ إننا نعيش عصراً بلا روح. يقال إن الرأسمالية تجدد نفسها دائماً، حتى لو عبر الأزمات المالية والاقتصادية الدورية، ترمب يمثل اليوم روح الرأسمالية المتوحشة، لذلك نراه أقوى من كل أصحاب الأيديولوجيا الدينية وغير الدينية.
زيارة ترمب الخليج
أثمرت زيارة ترمب الخليج عقد صفقات من كل الأنواع، وجلبت استثمارات خليجية بتريليونات الدولارات إلى الولايات المتحدة، فحقق ترمب مكاسب مالية له ولأميركا. عقلية ترمب تركز على الصفقات ولا تكترث بالرأي العام العربي والعالمي. سيد البيت الأبيض هذا وسيد العالم أيضاً، بما هو يجسد الإمبريالية والنيوليبرالية الجديدة، خلع جميع أبواب السلاطين والأيديولوجيات الثورية وغير الثورية حتى يتابع التاريخ مسيرته، لكن علينا أن نعترف بأن التاريخ لا يتقدم دائماً إلى الأمام، بل قد يتراجع إلى الخلف.
لنلاحظ أن روح العالم في جولته الخليجية لم يصطحب معه أي مفكر أو فيلسوف، بل ولا حتى أي عالم اجتماع أو أناس. اصطحب معه المؤثرين الكبار في هذا العالم، أعني المؤثرين الحقيقيين الذين يقوضون العالم القديم ويعيدون بناء العالم من جديد. اصطحب معه كبار رجال الأعمال من المديرين التنفيذيين لشركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وصناعة الطائرات الحربية والمدنية وكل ما له علاقة بالطاقة… لقد تغير العالم كثيراً.
لماذا وصلنا إلى هنا؟ كيف سيطرت البراغماتية الأميركية بصيغتها الترمبية المنفعية من دون أي اعتبار لقيم الحداثة على العالم أجمع، بحيث إن أعداءها أنفسهم يمارسون اللعبة ذاتها؟ لماذا فقد العالم روحه ومعناه مع أن روح العالم فيه يتحرك بقوة ولا يهدأ ويضرب في كل الاتجاهات؟ كيف صار ذلك ممكناً؟ كيف انتقلنا من نابليون إلى ترمب؟ ماذا كان في وسع هيغل أن يقول لو شاهد روح العالم معتلياً جملاً ووراءه خزنات الأرض بدلاً من أن يمتطي فرساً ليذهب إلى كبريات المعارك من أجل تحقيق المجد وتغيير العالم؟ بل ماذا عسانا، نحن فلاسفة اليوم، نقول وقد رأينا أن تغيير العالم يتحقق، من غير أن نكون أبطال هذا التغيير؟ أوَما زالت الفلسفة قادرة على تغيير العالم؟ أفما زال الفيلسوف ينظر في نفسه بوصفه بطل التغيير الحق الذي تنتظر المجتمعات قدومه "المبارك"؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 3 ساعات
- الشرق السعودية
الناتو يقترح إدراج الأمن السيبراني ضمن هدف زيادة الإنفاق الدفاعي الجديد
اقترح حلف شمال الأطلسي "الناتو"، إدراج نفقات الأمن السيبراني والأنشطة المتعلقة بأمن الحدود والسواحل للتأهل لهدف الإنفاق الدفاعي الجديد للتحالف العسكري، والبالغ 5% من الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء، حسبما أفادت "بلومبرغ". وسيكون إجمالي هدف الإنفاق 5% من الناتج المحلي الإجمالي، منها 3.5% لنفقات الدفاع المادية، و1.5% للنفقات المتعلقة بالدفاع، فيما تشمل النفقات الأخرى التي قد تُؤهل لنسبة 1.5% حماية الإنفاق على البنية التحتية الحيوية، ووكالات الاستخبارات غير الدفاعية، والأنشطة المتعلقة بالفضاء. ومن المرجح أن تُدرج نفقات البنية التحتية، وخاصةً تلك المخصصة للتنقل العسكري، إذ سيتعين على هذه النفقات المساهمة في خطط الدفاع للتحالف العسكري أو تمكين استخدام أنشطة الإنفاق الدفاعي الأساسية. وبدأ الناتو مفاوضات مع الدول الأعضاء حول ما سيُسمح به بموجب هدف الإنفاق الجديد، الذي يعتزم اعتماده في قمة يونيو المقبل، وفقاً لوثيقة أُطلعت عليها الدول الأعضاء وأشخاص مطلعون على الأمر. وأفادت بعض المصادر، بأن دول جنوب الناتو تضغط من أجل إدراج الإنفاق المتعلق بمكافحة الإرهاب، كما شددت المصادر على ضرورة الاتفاق على إدراج السلع ذات الاستخدام المزدوج بخلاف البنية التحتية قبل القمة. ومن شأن وضع تعريف أوسع لما يُعتبر إنفاقاً دفاعياً، أن يُسهّل على الدول تحقيق هذا الهدف، حيث تسعى بعض الدول إلى إدراج نفقات مثل مكافحة الإرهاب. مساعدات كييف ضمن الإنفاق الدفاعي وتضغط كييف من أجل إدراج مساعدات أوكرانيا ضمن هذا الإنفاق، إذ سيسمح هذا للبلاد بالتعويض عن حقيقة أن الناتو لا يناقش حالياً تجديد تعهده العام الماضي، البالغ 40 مليار يورو (45.3 مليار دولار) لأوكرانيا. وكان الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، قال، الاثنين، إنه يعتقد أن أعضاء الحلف سيتفقون على هدف إنفاق دفاعي يبلغ خمسة 5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال قمة لاهاي، المقررة الشهر المقبل. وأضاف روته، خلال اجتماع للجمعية البرلمانية للحلف في مدينة دايتون: "أعتقد أننا سنتفق في لاهاي على هدف إنفاق دفاعي مرتفع يبلغ 5% إجمالاً". وذكرت "رويترز"، في وقت سابق من الشهر الجاري، أن روته اقترح على الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي رفع الإنفاق الدفاعي إلى 3.5% من ناتجها المحلي الإجمالي، إلى جانب 1.5% على البنود الأوسع المتعلقة بالأمن لتلبية طلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتحقيق هدف 5%. وطالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الحلفاء أولاً بإنفاق 5% في وقت سابق من العام الجاري، بعد تهديده بالانسحاب من التحالف أو حماية الحلفاء الذين أنفقوا ما يكفي على الدفاع فقط. واعتُبر الرقم على نطاق واسع غير واقعي عندما ذكره لأول مرة، لكن الحلفاء الأوروبيين وكندا، توصلوا إلى فهم مفاده أن إنفاقهم يجب أن يزيد بشكل كبير. ووفقاً للتقرير السنوي لحلف الناتو الصادر في أبريل الماضي، وصل 23 فقط من أصل 32 حليفاً إلى هدف الإنفاق الحالي البالغ 2%، ولكن من المتوقع أن يحققوا ذلك جميعاً بحلول الصيف.


Independent عربية
منذ 6 ساعات
- Independent عربية
كيف أعاد بوتين تنظيم اقتصاد روسيا للتركيز على الحرب؟
تشكل النجاحات الميدانية للجيش الروسي في أوكرانيا سبباً رئيساً وراء عدم استعداد الرئيس فلاديمير بوتين للانضمام إلى جهود السلام التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترمب. ويخشى بعض جيران روسيا أن تمنع الآلة الحربية التي أصبحت تقود الاقتصاد الروسي الآن بوتين من الإقدام على هذه الخطوة أصلاً. ومنذ الأيام الأولى للحرب، وضع الرئيس الروسي البلاد على مسار طويل المدى للصراع، إذ أعاد هيكلة الاقتصاد لإنتاج أعداد قياسية من الدبابات ومدافع "هاوتزر"، وعرض مكافآت توقيع تعادل راتب عام كامل لاستقطاب آلاف المقاتلين، وفي إحدى الفترات، كان أكثر من ألف رجل يتطوعون يومياً للقتال. وساعد هذا الزخم على إنقاذ موسكو من الخسائر الفادحة التي منيت بها بعد فشلها في السيطرة السريعة على كييف قبل ثلاثة أعوام. واليوم يدعم هذا الاندفاع قوات روسيا في التقدم مجدداً غرباً، إذ سيطرت خلال الشهر الماضي وحده على أكثر من 100 ميل مربع، ومنح هذا التقدم بوتين هامشاً لتأخير مفاوضات السلام وتجاهل الدعوات إلى إجراء محادثات مباشرة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على رغم تزايد الضغوط الأوروبية، وإحباط ترمب من غياب أي تقدم نحو إنهاء الحرب. لكن حتى لو قرر بوتين في نهاية المطاف السعي إلى السلام، فإن تفكيك هذا التصعيد العسكري سيكون مهمة شاقة. مجاراة الرواتب المقدمة للجنود ويقول الزميل البارز في مركز التحليل الأوروبي للسياسات ألكسندر كولياندر لصحيفة "وول ستريت جورنال" إنه "من الضروري تماماً بالنسبة إلى روسيا الاستمرار في الاعتماد على قطاعها العسكري لأنه بات المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي، ولأمد ليس قصيراً، سيكون من شبه المستحيل خفض الإنفاق العسكري". وشهد قطاع التصنيع العسكري الروسي تدفق مليارات الدولارات من التحفيز خلال الأعوام الأخيرة، مما أسهم في تعزيز خطوط الإنتاج وتشغيلها على مدى الساعة. وأدى تدفق الأموال إلى رفع الأجور جزئياً لمجاراة الرواتب المقدمة للجنود وتحسين مستويات المعيشة ضمن بعض المناطق الفقيرة في روسيا. وقال نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس عقب اجتماعه مع البابا لاوون الرابع عشر، إنه "غير متأكد من وجود استراتيجية لدى بوتين لإنهاء الحرب"، مضيفاً في حديثه إلى الصحافيين أن هذا يفسر ربما رفض بوتين جهود ترمب لوقف القتال. وخلال الآونة الأخيرة أصبح ترمب أكثر جرأة في انتقاد بوتين بسبب استمرار الحرب، فكتب نهاية الأسبوع الماضي منشوراً على وسائل التواصل الاجتماعي قال ضمنه إن "الرئيس الروسي فقد صوابه"، مردفاً أنه "يقتل كثيراً من الناس، وأنا لست سعيداً بذلك"، وعبّر ترمب عن إحباطه مجدداً في منشور آخر أول من أمس الثلاثاء. وكتب "ما لا يدركه بوتين أنه لولا تدخلي، لكانت حدثت أمور سيئة جداً بالفعل لروسيا، وأعني حقاً سيئة جداً إنه يلعب بالنار!". وإذا انتهت الحرب في أوكرانيا، فهناك مخاوف لدى بعض جيران روسيا من أن يتحول اقتصاد الحرب الروسي صوبهم. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ففي دول البلطيق، يناقش المخططون العسكريون في إستونيا بقلق احتمال امتداد الحرب إلى أراضي "الناتو"، وفي كازاخستان يراقب المحللون عن كثب أية إشارات إلى احتمال تحرك روسي في شمال البلاد، حيث لا يزال يعيش عدد كبير من السكان من أصول روسية. وتنطلق هذه المخاوف جزئياً من الاعتقاد بأن الكرملين يفضل إبقاء عشرات آلاف الجنود يقاتلون على جبهات أخرى بدلاً من إعادتهم لديارهم، خصوصاً أنهم رجال خاضوا المعارك وأصبحوا محملين بصدمات نفسية، فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية اعتبر الزعيم السوفياتي السابق جوزيف ستالين أن عودة قدامى المحاربين تشكل تهديداً له، فأرسل كثيراً منهم إلى معسكرات العمل القسري (غولاغ) لتفادي الضغوط الداخلية التي من الممكن أن يتسببوا فيها. واليوم قد يعني السلام أن يسرح مئات آلاف الجنود الذين كانوا في أوكرانيا، ولا سيما أولئك الذين وقعوا عقوداً قصيرة الأجل وإعادتهم للحياة المدنية، في وقت يتباطأ النمو الاقتصادي وتقل معدلات الأجور. وقال فولوديمير إشينكو من جامعة برلين الحرة، "لن تكون فكرة جيدة أن تخفض تلك الأجور بصورة جذرية أو في وقت قصير للغاية، فليس من الحكمة أن يخيب أمل الرجال المسلحين من جانب الدولة". ضخ الأموال في صناعة الدفاع وإذا توقفت المعارك في أوكرانيا، فسيظل الجيش الروسي في حاجة إلى الرجال، وستستمر صناعة الأسلحة في بناء الأسلحة والمركبات لتعويض مخزونات الحقبة السوفياتية التي فقدت على الجبهة، ولكن بوتيرة أبطأ مما كانت عليه خلال الحرب. وقد تؤدي خسائر الوظائف في خطوط الإنتاج، فضلاً عن ركود الاقتصاد بصورة متزايدة، إلى إثارة بعض الاستياء لدى أولئك الذين شهدوا أكبر عملية لإعادة توزيع الثروة منذ سقوط الاتحاد السوفياتي. وقال رئيس مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات ومقره موسكو رسلان بوكهوف للصحيفة نفسها "من دون أزمة وجودية مثل الحرب في أوكرانيا، سيكون من الصعب تبرير مواصلة ضخ الأموال في صناعة الدفاع بهذا المعدل الذي نقوم به حالياً". وأضاف "حتى إن قالوا إن بوتين ديكتاتور شرير، فهو حساس للغاية تجاه ما يفكر فيه الناس وما يريدونه". واليوم يبحث بعض العاملين في صناعة الأسلحة خيار تصدير فائض إنتاجهم، في محاولة لاستعادة أمجاد روسيا عندما كانت ثاني أكبر مصدر للأسلحة في العالم، وهو المركز الذي كانت تحتله قبل اندلاع الحرب، لكن محللين يقولون إن هذا أمر غير مرجح لصناعة فقدت بالفعل حصتها السوقية في آسيا وأفريقيا، وتعتمد على عملاء يحتاجون إلى قروض من روسيا لشراء الأسلحة، وتركز على الكم أكثر من الجودة. وفي بعض النواحي، تجد روسيا نفسها في وضع مشابه لما كانت عليه الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية أو ألمانيا النازية قبل الحرب، عندما كانت صناعات الأسلحة محركاً للنمو، لكن على عكس الولايات المتحدة، إذ انسكبت التطورات العسكرية على القطاع المدني، مثل إنتاج "البنسلين" على نطاق واسع أو الإنترنت، فمن غير المرجح أن تنتج صناعة الدفاع الروسية اختراقات تكنولوجية تدفع بالنمو المستدام. وبينما يعاني الاقتصاد المدني نقص الأيدي العاملة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار البيض والبطاطا، يرى بعض المحللين أن تقلص صناعة الأسلحة أمر لا مفر منه، والطريقة التي تجري وفقها إدارة هذا التباطؤ ستكون حاسمة. وقال كولياندر "عندما تقلل من الحوافز المالية، يجب أن تكون حذراً للغاية، فهناك كثير من الأشخاص الذين لهم مصلحة في استمرار هذه الدوامة".


Independent عربية
منذ 6 ساعات
- Independent عربية
بوتين يريد وقف توسع "الأطلسي" شرقا ورفع العقوبات لإنهاء حرب أوكرانيا
قالت ثلاثة مصادر روسية مطلعة إن شروط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا تتضمن الحصول على تعهد كتابي من قادة الغرب بوقف توسع حلف شمال الأطلسي شرقاً، وإلغاء جانب كبير من العقوبات المفروضة على موسكو. وعلى رغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عبر مراراً عن رغبته في إنهاء أعنف صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، فقد أبدى إحباطاً متزايداً خلال الأيام الماضية حيال أفعال نظيره الروسي، وحذر أول من أمس الثلاثاء من أن الرئيس الروسي "يلعب بالنار" برفضه الانخراط في محادثات لوقف إطلاق النار مع كييف، في وقت تحقق فيه قواته مكاسب في ساحة المعركة. وبعد حديثه مع ترمب لأكثر من ساعتين الأسبوع الماضي، قال بوتين إنه وافق على صياغة مذكرة تفاهم مع أوكرانيا من شأنها أن تحدد معالم اتفاق سلام، بما في ذلك توقيت لوقف لإطلاق النار، وتقول روسيا إنها تعمل على صياغة نسختها من المذكرة، ولا يمكنها تقدير المدة التي سيستغرقها الأمر. وتتهم كييف والحكومات الأوروبية موسكو بالمماطلة، بينما تحقق قواتها تقدماً في شرق أوكرانيا. مستعد للسلام ولكن... وقال مصدر روسي كبير مطلع على طريقة تفكير كبار مسؤولي الكرملين، وطلب عدم الكشف عن هويته، "بوتين مستعد لصنع السلام، ولكن ليس بأي ثمن". وذكرت المصادر الروسية الثلاثة أن بوتين يريد تعهداً "كتابياً" من القوى الغربية الكبرى بعدم توسع حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة شرقاً، بما يعني رسمياً استبعاد قبول عضوية أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا وغيرها من الجمهوريات السوفياتية السابقة. وأضافت المصادر أن روسيا تريد أيضاً أن تلتزم أوكرانيا بالحياد، وأن يجري رفع بعض العقوبات الغربية المفروضة عليها، والتوصل إلى حل لقضية الأصول السيادية الروسية المجمدة في الغرب، وتوفير حماية للمتحدثين بالروسية في أوكرانيا. وقال المصدر الأول إنه "إذا أدرك بوتين أنه غير قادر على التوصل إلى اتفاق سلام بشروطه الخاصة، فسيسعى إلى أن يظهر للأوكرانيين والأوروبيين من خلال الانتصارات العسكرية أن السلام غداً سيكون أكثر إيلاماً". وقال بوتين ومسؤولون روس مراراً إن أي اتفاق سلام يجب أن يعالج "الأسباب الجذرية" للصراع، وهو الاختصار الذي تستخدمه روسيا للإشارة إلى قضية توسع حلف شمال الأطلسي والدعم الغربي لأوكرانيا. أوكرانيا وسياسة "الباب المفتوح" وقالت كييف مراراً إنه لا ينبغي منح روسيا الحق في رفض تطلعاتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وتقول أوكرانيا إنها بحاجة إلى أن يمنحها الغرب ضمانة أمنية قوية ذات صلاحيات لردع أي هجوم روسي في المستقبل. وقال حلف شمال الأطلسي في الماضي إنه لن يغير سياسة "الباب المفتوح" لمجرد أن موسكو تطالب بذلك، وأوردت وكالة "رويترز" في يناير (كانون الثاني) الماضي أن بوتين يشعر بقلق متزايد من التشوهات الاقتصادية في الاقتصاد الروسي في زمن الحرب، في ظل نقص العمالة وارتفاع أسعار الفائدة المفروضة للحد من التضخم، وانخفض سعر النفط، وهو حجر الأساس للاقتصاد الروسي، على نحو مطرد هذا العام. وحذر ترمب، الذي يفتخر بعلاقاته الودية مع بوتين ويعبر عن اعتقاده بأن الزعيم الروسي يريد السلام، من أن واشنطن قد تفرض مزيداً من العقوبات إذا تأخرت موسكو في جهود التوصل إلى تسوية، وألمح ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأحد إلى أن بوتين "أصابه الجنون"، بعد أن شن هجوماً جوياً واسع النطاق على أوكرانيا الأسبوع الماضي. بوتين والفرصة السانحة وذكر المصدر الأول أنه إذا رأى بوتين فرصة تكتيكية سانحة في ساحة المعركة فسيتوغل أكثر في أوكرانيا، وأن الكرملين يعتقد أن البلاد قادرة على مواصلة القتال لسنوات، مهما فرض الغرب من عقوبات وضغوط اقتصادية. وقال مصدر ثان إن بوتين صار أقل ميلاً للتنازل عن الأراضي، وإنه متمسك بموقفه العلني بأنه يريد المناطق الأربع بالكامل التي تسيطر عليها روسيا في شرق أوكرانيا، وأضاف "بوتين شدد موقفه" إزاء تلك الأراضي. 7 ألوية ألمانية في سياق متصل ذكرت ثلاثة مصادر لـ"رويترز" أن حلف الأطلسي سيطلب من ألمانيا توفير سبعة ألوية إضافية، أو ما يعادل نحو 40 ألف جندي لتعزيز دفاعات الحلف، وذلك وفق أهداف جديدة في شأن الأسلحة وأعداد القوات سيتفق عليها وزراء دفاع الدول الأعضاء الأسبوع المقبل. ويزيد الحلف بصورة كبيرة من أهدافه المتعلقة بالقدرات العسكرية، في ظل اعتباره روسيا تهديداً أكبر منذ شنها الحرب الشاملة ضد أوكرانيا في عام 2022. وصرح مسؤول عسكري كبير، طلب عدم كشف هويته، أن العدد المستهدف لإجمالي الألوية التي سيتعين على دول الحلف تقديمها في المستقبل سيرتفع إلى ما بين 120 و130 لواء. وأضاف المصدر أن هذا يعني زيادة بنحو 50 في المئة عن الهدف الحالي البالغ نحو 80 لواء، وقدر مصدر حكومي الهدف عند 130 لواء لجميع دول الحلف. وقال متحدث باسم وزارة الدفاع في برلين إنه لا يستطيع استباق القرارات التي سيتخذها وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي الأسبوع المقبل وزعماء الحلف في القمة المقرر عقدها نهاية يونيو (حزيران) المقبل، وأضاف "علاوة على ذلك، مخططات أهداف حلف شمال الأطلسي المتعلقة بالقوات والقدرات سرية لأسباب أمنية". ووصف حلف شمال الأطلسي أهداف القدرات الجديدة بأنها "طموحة"، لكنه لم يحددها كمياً. وقال مسؤول في الحلف رداً على طلب للتعليق، "تستند إلى القوات والموارد التي نحتاج إليها للردع والدفاع، بناء على خططنا الدفاعية الجديدة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) تحد كبير وكانت ألمانيا وافقت في عام 2021 على تقديم 10 ألوية لحلف شمال الأطلسي بحلول عام 2030، ولديها حالياً ثمانية ألوية، وهي بصدد تشكيل لواء تاسع في ليتوانيا ليكون جاهزاً بدءاً من عام 2027. لكن في كل الأحوال سيكون إرسال 40 ألف جندي إضافي تحدياً كبيراً لبرلين، إذ تشير بيانات وزارة الدفاع إلى أن الجيش الألماني لم يحقق بعد هدفه بأن يضم 203 آلاف جندي المحدد عام 2018، ويعاني حالياً نقصاً في عدد القوات النظامية يبلغ نحو 20 ألف جندي. وفي العام الماضي، ذكرت "رويترز" أن حلف شمال الأطلسي سيحتاج ما بين 35 إلى 50 لواء إضافياً لتحقيق خططه الجديدة بالكامل للوقوف في وجه أي هجوم روسي، وأن ألمانيا وحدها ستضطر إلى مضاعفة قدراتها الدفاعية الجوية أربع مرات. لكن مصادر قالت إن أهداف الحلف الجديدة لا تعكس حتى الآن أي تدابير تتعلق بسحب القوات الأميركية من أوروبا، وهو احتمال يثير قلق الأوروبيين، نظراً إلى اعتماد خطط الحلف الدفاعية بصورة كبيرة على الأصول الأميركية. "جرائم ضد الإنسانية" في الموازاة ذكر تقرير استقصائي أعده خبراء من الأمم المتحدة ونشر أمس الأربعاء أن الجيش الروسي ارتكب "جرائم ضد الإنسانية" و"جرائم حرب"، في إطار هجمات بطائرات مسيرة عدة لأشهر على مدنيين في منطقة خيرسون الأوكرانية. وتتهم لجنة التحقيق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بعد الهجوم الروسي الواسع ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، القوات الروسية بمهاجمة المدنيين بصورة "منهجية". وتكتسي نتائج التحقيق أهمية خاصة بعد أن نفذت موسكو أخيراً ضربات جوية، بأكبر سرب من المسيرات والصواريخ البالستية منذ بدء هجومها، على مواقع أوكرانية مدنية من بينها العاصمة كييف. ويركز التقرير على منطقة خيرسون (جنوب)، إذ "ارتكبت هذه الأفعال بهدف أساس هو بث الرعب بين السكان المدنيين، في انتهاك للقانون الإنساني الدولي". وكشف التحقيق عن أنه منذ يوليو (تموز) الماضي، قام مشغلو الطائرات المسيرة العسكرية الروسية بضرب المدنيين واستهداف سيارات الإسعاف "بصورة منهجية" على الضفة اليسرى لنهر دنيبر. وأوضح التقرير أن "الصور لا تدع مجالاً للشك حيال نيتهم استهداف المدنيين"، وهو ما يشكل "جريمة حرب". وأضاف أن "تكرار مثل هذه الهجمات منذ أكثر من 10 أشهر، ضد عدد من الأهداف المدنية على مساحة شاسعة، يظهر أنها واسعة النطاق ومنهجية ومدبرة"، وبالتالي تشكل "جرائم ضد الإنسانية". وأشار إلى أن نشر مقاطع الفيديو في ذاته يعد "جريمة حرب وانتهاكاً لكرامة الأشخاص". ورأت اللجنة أن المسؤولين عن هذه الجرائم بإجبارهم آلاف الأشخاص على الفرار ارتكبوا أيضاً "جريمة ضد الإنسانية، تتمثل في دفع السكان إلى النزوح قسراً".