أحدث الأخبار مع #AfD


قاسيون
١١-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- قاسيون
ألمانيا: محاولة إعادة إنتاج النازية الليبرالية
شهدت البلاد انتخابات برلمانية في شباط من هذا العام، وكانت النتيجة كارثية بحقّ للأحزاب المصنّفة ضمن «المنظومة» السياسية، أي الأحزاب التقليدية الكبرى. فلم تتمكن أي من القوى السياسية الكبرى: الديمقراطيون المسيحيون، أو الاشتراكيون الديمقراطيون ــ من حصد عدد كافٍ من الأصوات لتشكيل حكومة حتى بمساعدة أحزاب الأقمار الصناعية. مما اضطرهم إلى التفاوض فيما بينهم لتشكيل ائتلاف، لكن الأحداث الأخيرة بيّنت أن حتى هذا الخيار لم يكن كافياً للخروج من المأزق. رشّح الائتلاف العريض فريدريش ميرتس، إلا أن الرجل لم يحظَ سوى بـ310 أصوات في الجولة الأولى من التصويت، في حين أن الحد الأدنى المطلوب هو 316 صوتاً، ليصبح بذلك «بطة عرجاء» في مشهد سياسي غير مسبوق في تاريخ ألمانيا الحديث بعد الحرب العالمية الثانية. المفارقة الساخرة، أن الكتلة المؤيدة للحكومة المفترضة تضم 328 نائباً، ما يعني أن أكثر من عشرة أعضاء من صفوفها إما تمردوا أو امتنعوا عن التصويت. وهذا ما ينذر بحرب داخلية شرسة في صفوف هذه الأحزاب خلال الأيام القادمة، حرب ضد «الخُلْد»، ضد المندسّين، ضد الخونة المحتملين في الداخل. صحيح أن ميرتس نجح في نهاية المطاف في المرور من الجولة الثانية بصعوبة جامحة، إذ نال 325 صوتاً فقط، إلا أن الضرر قد وقع، وصورة السلطة قد تلطخت. لقد كشفت الأحزاب «المنظومية» ــ والتي هي في الواقع قوى نيوليبرالية ــ أمام المجتمع الألماني عن هشاشتها وضعفها البنيوي. ووصف خبراء سياسيون ما جرى بـ«الكارثة الكاملة» و«اللكمة في المعدة» بالنسبة لميرتس. وقد جاء هذا المشهد المخزي تحت قبة البوندستاغ في لحظة تشهد فيها البلاد تصاعداً غير مسبوق في شعبية حزب «البديل من أجل ألمانيا»، الحزب المحافظ اليميني. ففي حين أن الحزب كان قد حلّ ثانياً في انتخابات شباط/فبراير بنسبة تأييد بلغت نحو 20%، فإنه بات اليوم ــ وفقاً لأحدث استطلاعات الرأي ــ القوة السياسية الأولى في البلاد، بحجم تأييد يصل إلى 26%. وفي المقابل، تواصل شعبية الحزبين التقليديين ــ الاتحاد المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي ــ تراجعها بثبات. كان من المنطقي، في ظل هذه المعطيات، أن تفكر الأحزاب التقليدية في الانفتاح على حزب البديل، أو على الأقل في مراجعة أسباب الفشل، وسبر مكامن النقمة الشعبية على سياساتها. لكن تلك الأحزاب اختارت طريقاً آخر تماماً. فقد أعلنت هيئة حماية الدستور رسمياً تصنيف حزب «البديل» كحزب يميني متطرف، واعتبرته «تهديداً للديمقراطية»، ما يمنح الأجهزة الأمنية الحق في مراقبة أعضائه ونشاطاته بشكل موسع. صحيح أن الحظر الرسمي للحزب ليس من صلاحيات الهيئة، بل هو من اختصاص المحكمة الدستورية الفيدرالية، التي يمكن أن تتلقى طلباً من البوندستاغ أو البوندسرات أو الحكومة الفيدرالية نفسها، إلا أن هذه الفرضية باتت مطروحة بجدية على الطاولة. ورغم أن المستشار المنتهية ولايته، أولاف شولتس، دعا الحكومة الجديدة إلى عدم التسرع في خطوة الحظر، فإن النخبة «المنظومية» الجديدة تتخذ موقفاً عدائياً صارماً. فقد صرّح لارس كلينغبايل، زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي والمرشح لمنصب نائب المستشار، بأن الحكومة فور تشكيلها ستبدأ العمل على حظر حزب البديل. وقال: «البديل من أجل ألمانيا يمثل هجوماً على ألمانيا. إنهم يريدون بلداً مختلفاً، يريدون تدمير ديمقراطيتنا». أما الأمين العام للحزب الاشتراكي، ماتياس ميرش، فأعلن بدوره: «هذا إعلان دستوري صريح… ما يطرحه (AfD) من رؤى ينطق بلغة واضحة. ما يبدو عنصرياً، وما يُسمع كالعنصرية، هو في النهاية عنصرية». وانضم إلى الجوقة أيضاً نواب من حزب الخضر الليبرالي، مؤكدين أنه «ليس فقط بعض فروع الحزب، بل الحزب بكامله، يخوض حرباً ضد دستورنا والنظام الديمقراطي الحر». لكن حزب «البديل» لا ينوي الاستسلام ولا الركوع في وجه هذه «التصفية» السياسية. بل بادر بالفعل إلى التقدم بشكوى قضائية ضد هذا التصنيف، وبدأ في تسديد ضرباته المضادة نحو أكثر مناطق خصومه حساسية. فقد دعت زعيمة الحزب، أليس فايدل، بعد فشل ميرتس في الجولة الأولى، إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة، معتبرة أن ما حدث يُعبّر عن فقدان ثقة عميق بالمنظومة السياسية، ودعت الأحزاب الأخرى إلى التحلي بالحكمة، مؤكدة أن حزبها مستعد لتحمل مسؤولية قيادة البلاد. واعتبرت أن كلمتها تمثل صوت عشرات الملايين من الألمان. وقالت: «لقد سئم الألمان. سئموا من النخبة التي أوصلت البلاد إلى طريق مسدود، من اقتصاد منهار، وهجرة غير مضبوطة، وسياسة خارجية عبثية. لم يخسر ميرتس لأنه يفتقد العلاقات العامة، بل لأنه الوجه الذي يجسد منظومة لم يعد أحد يثق بها. وهذا ليس سوى بداية نهاية النظام القديم». التراجع الألماني في كلّ شيء يشهد الاقتصاد الألماني ــ الذي لطالما اعتُبر قاطرة أوروباــ تراجعاً متواصلاً منذ عامي 2023 و2024. دخلت البلاد في حالة ركود رسمي. وحتى أكثر الخبراء تفاؤلاً لا يتوقعون هذا العام سوى نمو بالكاد يصل إلى 0,1%، فيما يقول آخرون: إن الانكماش مستمر. وفي شباط الماضي، انخفض الإنتاج الصناعي مجدداً بنسبة 1,3%، بعد انتعاشة قصيرة في كانون الثاني، ما يعيد إلى الأذهان نهاية عام 2024، حين سجّل القطاع الصناعي أكبر انخفاض له خلال خمسة أشهر. وكان من بين أعمدة الصناعة الألمانية لعقود، الغاز الروسي الرخيص والمستقر. إلا أن برلين، في خضم تصعيدها لأزمة أوكرانيا، تخلّت طواعية عن هذا المصدر الحيوي. والأسوأ من ذلك، أنها حتى الآن لا تبدي أي رغبة حقيقية في التحقيق بتفجيرات خط أنابيب «نورد ستريم» التي عطّلت الإمدادات. وكأنها تفضل دفن رأسها في الرمال. ولم تكتفِ الحكومة بذلك، بل قررت أيضاً التخلي الكامل عن الطاقة النووية. في هذه الأثناء، يناشد كبار الصناعيين الحكومة الألمانية العودة إلى استيراد الغاز الروسي، أو على الأقل بحث هذه الإمكانية مستقبلاً، لكن أصواتهم لا تجد من يصغي. ونتيجة لأزمة الطاقة، ارتفعت أسعار الوقود والكهرباء، وهو ما انعكس بوضوح على تكاليف الإنتاج وأسعار الخدمات الأساسية، وخاصة المرافق. وقد شعر المواطن الألماني البسيط بهذه الضغوط في جيبه بشكل مباشر، باستثناء العاطلين عن العمل الذين يعيشون كلياً على الإعانات الاجتماعية. كما أنّ هناك جانباً آخر مظلم من المشهد، يتجلّى فيما يشهده المجتمع الألماني من تصاعد في الجريمة، في بلد كان يعد حتى وقت قريب من أكثر بلدان العالم أمناً وسكينة. ففي عام 2024، ارتفعت نسبة الجرائم العنيفة بنسبة 1,5%، وهو أعلى معدل منذ نحو 15 عاماً. وزادت حالات الاغتصاب والجرائم الجنسية الأخرى «بما في ذلك تلك التي انتهت بالموت» بنسبة 9,3%، أما الجرائم باستخدام السكاكين، فارتفعت بنسبة 6%، وتلك باستخدام الأسلحة النارية بنسبة 1,6%، أما الجرائم المرتكبة من قبل أجانب، فزادت بنسبة 7,5%، كما ارتفعت نسبة الجرائم التي تورّط فيها أطفال ومراهقون بنسبة 11,3%، وفي ولاية شمال الراين ــ وستفاليا، كان الأجانب يمثلون 34,3% من المشتبه بهم في الجرائم العنيفة، رغم أنهم لا يشكلون سوى 16,1% من سكان الولاية. في هذا الوقت، تواصل الأحزاب التقليدية التركيز على «الخطر الروسي» بدلاً من معالجة الأزمة الاقتصادية، أو ضبط الأمن الداخلي. حتى أن ميرتس، قبيل انتخابه مستشاراً، تفاخر بأنه اتفق مع الحزب الاشتراكي والخضر على رفع سقف الدين العام الألماني للحصول على 500 مليار يورو قروضاً لأغراض التسليح. وقال: «إنها رسالة واضحة لشركائنا، ولكن أيضاً لأعداء حريتنا: نحن قادرون على الدفاع عن أنفسنا. ألمانيا عادت. ألمانيا تساهم مساهمة كبيرة في الدفاع عن الحرية والسلام في أوروبا». لكن في واقع الأمر، فإن المواطن الألماني البسيط هو من يتحمل فاتورة هذا الجنون. فقد نالت منه الأزمة الاقتصادية، وتهدده الجريمة، وتُفرض عليه ديون هائلة تحت ذرائع محاربة «خطر خيالي». فهل يُستغرب بعد ذلك أن يتحول هذا المواطن إلى دعم حزب غير تقليدي يطرح حلولاً لمطالبه الاجتماعية؟ ماذا ستفعل الطبقة الحاكمة إن تجاوزت نسبة تأييد «البديل» حاجز الـ51%؟ هل سيُقيمون نظاماً على شاكلة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ويُنَكّلون بكل ألماني «غير مناسب» ويزجّون به في «دوَيْتشستانات» مغلقة؟ بدأ الفارق بين النازية والليبرالية، في هذا السياق، يبدو أوهى من خيط دخان… وأشد خداعاً مما يتخيله أكثر المراقبين سذاجة.


البوابة
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- البوابة
تصنيف حزب البديل من أجل ألمانيا كخطر على النظام الدستوري
أعلنت الاستخبارات الداخلية الألمانية رسميًا تصنيف حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD) ككيان يميني متطرف، في خطوة وُصفت بأنها تاريخية وغير مسبوقة في السياسة الألمانية الحديثة، وهي الخطوة التي تعكس تحوّلاً حاداً في طريقة تعامل الدولة الألمانية مع صعود التيارات الشعبوية والمعادية للمهاجرين. ورغم أن القرار لا يعني حظر الحزب، فإنه يشكل ضربة سياسية وقانونية بالغة التأثير، ويمنح السلطات صلاحيات واسعة لمراقبته، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المواجهة بين الدولة ودعاة الفكر القومي المتشدد. حتى وقت قريب، كان "حزب البديل من أجل ألمانيا" يُصنّف على أنه "موضع اشتباه"، لكن التحديث الجديد من قبل "مكتب حماية الدستور الفيدرالي" (BfV) حسم الجدل ورفعه إلى مصاف "الكيانات المتطرفة". واستند المكتب في قراره إلى مراجعة داخلية موسعة قوامها أكثر من ألف صفحة، توصلت إلى أن الحزب "ينتهك بشكل ممنهج مبادئ دستورية أساسية، وفي مقدمتها كرامة الإنسان"، وأن خطابه وممارساته تقوم على تمييز عرقي واضح واستهداف جماعي لفئات سكانية معينة، وعلى رأسها المهاجرون والمسلمون. تحذيرات رسمية وخطاب تصعيدي وجاءت تصريحات وزيرة الداخلية نانسي فيزر متطابقة مع ما ورد في التقرير الأمني، حيث اتهمت الحزب بشكل مباشر بتقويض أسس النظام الديمقراطي وممارسة سياسات إقصائية، عبر تبني مفهوم "العرق" كمعيار للمواطنة والانتماء. وقالت إن الحزب يعامل المواطنين من أصول مهاجرة كـ"ألمان من الدرجة الثانية"، وهو موقف يتنافى مع الأسس الحقوقية التي يقوم عليها الدستور الألماني (القانون الأساسي). وبحسب مجلة "بوليتيكو"، فإن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تصنيف حزب يتمتع بتمثيل برلماني على المستوى الفيدرالي كـ"منظمة متطرفة"، وهو ما يعكس حساسية الوضع السياسي والاجتماعي الراهن في ألمانيا، خاصة مع تنامي خطاب الكراهية وتزايد الحوادث العنصرية. وفي حين سبق أن خضعت بعض فروع الحزب في ولايات شرقية مثل ساكسونيا وثورينجيا لتصنيفات مشابهة، إلا أن القرار الجديد يمس الحزب بأكمله ويضعه تحت مجهر الدولة بالكامل. الآثار العملية للتصنيف لا يعني القرار حظر الحزب فوراً، إذ يتطلب ذلك مساراً قانونياً معقداً وموافقة المحكمة الدستورية العليا، إلى جانب دعم الحكومة أو البرلمان، لكن التصنيف يمنح السلطات صلاحية مراقبة الحزب باستخدام أدوات استخباراتية مثل: زرع عملاء سريين داخله مراقبة الاتصالات والمراسلات تتبع التمويل والتحالفات تحليل خطاباته وأنشطته الرقمية وكل ذلك يجري تحت إشراف قضائي صارم، لكنه يضع الحزب فعلياً في خانة التهديد الأمني. انعكاسات على المشهد السياسي الألماني من الناحية السياسية، يؤدي التصنيف إلى تشديد الضغوط على الأحزاب التقليدية، التي باتت مطالبة بقطع أي صلة أو تنسيق مع حزب AfD. وقد يؤثر ذلك في تحالفات الحكومات المحلية والانتخابات المقبلة، خصوصاً في شرق ألمانيا حيث يحظى الحزب بشعبية لا يستهان بها. كما يفتح الباب أمام تحركات مدنية وسياسية تطالب بحظره رسمياً، رغم صعوبة هذا السيناريو في المدى المنظور بسبب التعقيدات الدستورية.


الشرق السعودية
٢٧-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق السعودية
"انقسام سياسي وخيارات محدودة".. عقبات أمام ميرتس لقيادة ألمانيا
عندما توجه معظم الناخبين الألمان إلى صناديق الاقتراع قبل يومين، كانوا يعلمون سلفاً، وإلى حد كبير، أنهم لم يعودوا يريدون حكومة وسط، ذات توجهات يسارية، وذلك بسبب استيائهم من مسألتي الهجرة والاقتصاد، لكن ما لم يكونوا يعلمونه، هو أنهم قرعوا أيضاً، ومن دون قصد، جرس الإنذار لدى اليسار المتشدد الذي حقّق مكاسب غير متوقعة منحته ثقلاً في البرلمان، بعد أن ظنَّ أنه لن يدخله أصلاً. وهكذا، سلّم الألمان مقاليد الحكم إلى المستشار القادم، في بلد منقسم، وطرق وعرة. وفاز الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) (يمين الوسط) بالعدد الأكبر من المقاعد في مجلس النواب (208)، يليه حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD) (يمين متطرف) بـ(152) مقعداً، وجاء ثالثاً الحزب الحاكم حالياً "الاشتراكي الديمقراطي" (SPD) (يسار الوسط) بـ(120) مقعداً، ثمّ شريكه في الائتلاف الحاكم، حزب الخضر (Grüne) (يسار) بـ(85) مقعداً، وأخيراً حزب اليسار (Die Linke) (يسار متشدد) بـ(64) مقعداً. ويتطلب تشكيل الحكومة أغلبية مطلقة بـ(316) مقعداً، ولذلك يلجأ الحزب الفائز بأكبر عدد من المقاعد إلى شريك أو شركاء لتشكيل حكومة ائتلافية. بناء على ذلك، فإن المستشار الألماني القادم هو زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريديرش ميرتس، المحامي السابق الذي تعهّد بتشديد سياسة الهجرة، وخفض الضرائب واللوائح التنظيمية، واعتماد نهج متشدّد تجاه روسيا. ويواجه ميرتس الآن تحديات تتعلق تشكيل ائتلاف يضم أكثر من نصف مقاعد البرلمان الألماني (316) مقعداً. وكحال ساسة التيار الرئيسي الآخرين، تعهّد باستبعاد اليمين المتطرف (AfD) من ائتلافه بسبب تطرفه، بما في ذلك تبنّيه شعارات ورموز توحي بنزعات نازية. نقطة تحوّل وفي حديث لـ"الشرق"، قال البروفيسور مارسيل فراتزشر رئيس معهد الأبحاث الاقتصادية الألماني (DIW) إن هذه الانتخابات "تمثّل نقطة تحوّل"، فحتى الاتحاد المسيحي الذي فاز في الانتخابات "قدّم أداءً ضعيفاً بشكل لافت". وأوضح فراتزشر أن ائتلافاً بين حزبين ليسا قويين بما فيه الكفاية "قد يواجه صعوبة في رسم خط سياسي واضح" للبلاد. عندما كان ميرتس يتلقى التهاني من أنصاره، وجّه أيضاً بضع كلمات إلى الشريك المستقبلي في الائتلاف، قائلاً إنه يعلم أن المهمة لن تكون سهلة "الآن سنجلس ونتحاور"، لكن "العالم خارج ألمانيا لن ينتظرنا طويلاً"، وأوضح أنه يجب تشكيل حكومة مستقرة بأغلبية قوية في أسرع وقت ممكن. وكانت هذه هي الرسالة الرئيسة: "المهمة صعبة، لكن يجب إنجازها بسرعة". وباستبعاد التحالف مع اليمين المتطرف (AfD)، فإن ميرتس ليس لديه خيارات سوى تشكيل ائتلاف مع الشريك المعهود، الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار الوسط)، لكنه لن يكون ائتلافاً كبيراً، إذ أن "الاشتراكي الديمقراطي"، بعد حصوله على 16.4% فقط من الأصوات أو (120) مقعداً، لم يعد يمثل كتلة كبيرة داخل البرلمان، متراجعاً إلى المرتبة الثالثة، وذلك في أسوأ نتائج انتخابات يحققها منذ أكثر من قرن. ومع ذلك، فإن الاختلاف الكبير في المواقف بين الحزبين، فيما يتعلق ببعض القضايا الجوهرية، قد يجعل التوصل إلى تسويات أمراً شائكاً، رغم أن قادة الحزبين حذّروا من نقل عداوات الحملة الانتخابية إلى مفاوضات تشكيل الحكومة، ودعوا إلى إيجاد حلول وسط. وسيطرت قضيتان على الحملة الانتخابية، وهما نفسهما اللتان رسمتا ملامح السياسة في الولايات المتحدة وأجزاء عدة من أوروبا في السنوات الأخيرة: الهجرة والاقتصاد. وهنا أبرز القضايا التي يجب على الحزبين التوافق حولها: تشديد سياسة الهجرة يأتي على رأس هذه القضايا الهجرة، فقد قدم فريديرش ميرتس خلال حملته الانتخابية خطة من 5 نقاط تتعلق بتشديد سياسة الهجرة، واستطاع تمريرها بوصفها توصية غير ملزمة في البرلمان، بدعم من حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD). وتطالب إحدى نقاط خطة ميرتس بإعادة طالبي اللجوء عند الحدود الألمانية، الأمر الذي يعدّه الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) بأنه يتعارض مع قوانين الاتحاد الأوروبي. ففي ألمانيا، بلغت نسبة السكان المولودين في الخارج ما يقارب 20%، بارتفاع من 12.5٪ عام 2015. وقد تسبّب هذا الارتفاع في تغييرات سريعة بالمجتمعات المحلية. ورغم نجاح الكثير من المهاجرين الجدد في الاندماج دراسياً ووظيفياً، فإن آخرين لم ينجحوا بالقدر نفسه. كما برزت الجريمة كقضية ملحّة خلال الحملة الانتخابية. وتشير البيانات الأخيرة لعام 2023 إلى أن الأجانب يرتكبون نحو 41% من الجرائم في ألمانيا، وخلال الأشهر العشرة الماضية، شهدت ما لا يقلّ عن 4 هجمات دامية نفذها مهاجرون رُفضت طلبات لجوئهم، لكنهم بقوا في البلاد. وقالت سودها ديفيد-ويلب، الباحثة في العلاقات عبر الأطلسي لدى الصندوق الألماني مارشال (GMF)، إن الأداء القوي لحزب البديل من أجل ألمانيا يعني أنّ على الحكومة الألمانية القادمة "معالجة المخاوف المتعلقة بالهجرة والازدهار الاقتصادي، وإلّا فقد يتجاوز هذا الحزب سائر الأحزاب الرئيسية في الانتخابات المقبلة". وفي حديث لـ"الشرق"، أوضحت ويلب أن حزب "البديل" سيصبح القوة المعارضة الأكبر في البوندستاج، وسيواصل إزعاج الحكومة الألمانية القادمة، بينما تتعامل هذه الحكومة مع تحديات جيوسياسية كبرى. بدوره، حذر البروفيسور فراتزشر من أن الإصلاحات الضرورية ستكون عاجزة عن التطبيق إلى حد كبير "مع زيادة الاستقطاب المجتمعي واستمرار صعود حزب البديل، وهو ما يبدو حتمياً". الأمن والإنفاق العسكري قد تكون المفاوضات أكثر سلاسة فيما يخص قضايا الأمن الخارجي وتمويله، خاصة بعد الخطاب الحاد لنائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس خلال مؤتمر ميونيخ الأمني، والذي ترك مخاوف لدى الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU)، فقد زادت القناعة داخل الحزب بضرورة اتخاذ تدابير أكبر لضمان الأمن، الأمر الذي يتطلب زيادة الإنفاق العسكري، وهو ما يصطدم بقانون "مكابح الديون" في ألمانيا. ولتمرير إصلاح "مكابح الديون" داخل البرلمان، يحتاج القرار إلى ثلثي الأصوات. ورغم فوز حزب ميرتس في الانتخابات، إلا أن صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة واليسارية المتشددة، قد يعرقل أي محاولات لزيادة الإنفاق الدفاعي في ظل معارضة هذين الطرفين. لذلك ظهرت دعوات لتمرير إصلاح القانون في البرلمان الحالي، إذ لا يزال من حق هذا البرلمان قانونياً تمرير التشريعات حتى 25 مارس 2025، إلا أن ميرتس استبعد إجراء إصلاح سريع لقانون "مكابح الديون"، مؤكداً أن الوقت لا يزال مبكراً لاتخاذ قرار بشأن زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري عبر البرلمان المنتهية ولايته. ومع تزايد المخاوف بشأن جاهزية الجيش الألماني، دعا وزير الدفاع المنتهية ولايته، بوريس بيستوريوس، إلى استثناء من "مكابح الديون" لضمان تجهيز الجيش بصورة كافية، مشيراً إلى أن المطلوب قد يتجاوز 3% من الناتج المحلي الإجمالي، أي نحو 80 مليار يورو. وقالت سودها ديفيد-ويلب لـ"الشرق"، إنه ينبغي على الحكومة الألمانية المقبلة أن "تسارع بالعمل مع شركائها الأوروبيين لصياغة استراتيجية أمنية للقارة في ظل علاقات عبر الأطلسي غير مستقرة، وتعزيز القدرة التنافسية لجعل أوروبا فاعلاً عالمياً حقيقياً"، معتبرة أن أوروبا القوية تصبُّ في مصلحة الولايات المتحدة، لا سيما فيما يتعلق باحتواء الصين. وأكد ميرتس أن الأولوية ستكون للبحث عن فرص تقليل الإنفاق في الميزانية قبل اللجوء إلى أي حلول أخرى. وهذا الموقف قد يُثير خلافاً مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي، خصوصاً فيما يتعلق بتمويل الإعانة الاجتماعية أو ما يُسمى بـ"إعانة المواطن" (Bürgergeld)، التي يعتبرها الحزب الاشتراكي الديمقراطي إنجازاً مهماً، رغم أن انطباع الكثيرين في الشارع الألماني عكس ذلك. إنعاش الاقتصاد بموازاة ذلك، يشهد الاقتصاد الألماني تباطؤاً حاداً، إذ انكمش بنسبة 0.3٪ عام 2023، مسجلاً أسوأ أداء بين دول منطقة اليورو. وتُعاني الصناعة الألمانية من تراجع الإنتاج لـ5 أشهر متتالية، وسط ارتفاع تكاليف الطاقة والتحديات الرقمية، بينما تواجه شركات السيارات منافسة شديدة من الصين. وأدت الخلافات داخل الائتلاف الحاكم الحالي بقيادة أولاف شولتز إلى أزمة ميزانية، بعد أن ألغت المحكمة الدستورية خطة الإنفاق السابقة، ما أفرز عجزاً بقيمة 17 مليار يورو، مع فرض قيود على الاقتراض بسبب "مكابح الديون" الدستورية. وتمنع القيودُ المفروضة على الاقتراض الحكومة من القيام باستثمارات مطلوبة بشدة في البنية التحتية العامة، من المدارس والإدارة العامة إلى السكك الحديد وشبكات الطاقة. وقالت مونيكا شنيتسر، رئيسة مجلس الخبراء الاقتصاديين الألمان، إن قانون "مكابح الديون" أُدرج في الدستور أصلاً في زمن معين للحد من ارتفاع الديون بعد إعادة الوحدة مع ألمانيا الشرقية وتزايد الإنفاق بعد الأزمة المالية عام 2008. حينها، لم يفكر أحد ما قد يعنيه ذلك عندما تكون هناك أزمة مالية خطيرة، وقالت إن كبح الديون الآن "لا يترك مجالاً كافياً لدى الحكومات للمناورة". ولتحقيق التوافقات حول هذه القضايا الهامة، يحتاج ميرتس إلى التعامل أيضاً مع التحديات التي ستطرحها التحولات داخل شريكه في الائتلاف، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إثر أدائه السيئ في الانتخابات. تحولات الحزب الاشتراكي الديمقراطي يشهد الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) تحولات جوهرية في قيادته، ما قد يُشكل تحدياً كبيراً في مفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومي مع حزب ميرتس، فبينما أعلن أولاف شولتز نيّته البقاء مستشاراً حتى تشكيل الحكومة الجديدة من دون رغبة واضحة في قيادة المفاوضات، يتقدم لارس كلينغبايل كوجه جديد يسعى إلى تجديد الجيل القيادي داخل الحزب. مع ذلك، فإن غياب توافق واضح حول القيادة الجديدة يُثير تساؤلات داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، خاصة مع بروز شخصيات أخرى مثل وزير الدفاع بوريس بيستوريوس، الذي يتمتع بشعبية كبيرة، ورؤساء وزراء الولايات الذين يتبنّون نهجاً أكثر براغماتية. وهذا الانقسام ربما يُعقّد قدرة الحزب على التفاوض بفعالية مع الاتحاد المسيحي، الذي يسعى إلى حسم تشكيل الائتلاف بحلول عيد الفصح في أبريل القادم. في المقابل، يبدو أن الاتحاد المسيحي أكثر استعداداً، إذ يمتلك خطة واضحة لمراحل التفاوض الأولى، ما قد يمنحه الأفضلية في تحديد ملامح الحكومة المقبلة. ومع استمرار الخلافات الداخلية في الاشتراكي الديمقراطي، قد يجد الحزب نفسه في موقف تفاوضي ضعيف، مما يزيد احتمالية تقديم تنازلات لصالح ميرتس. بما أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي قد خرج ضعيفاً في الانتخابات، فإن المعارضة تترقب وتحاول التأثير. المعارضة: الخضر في الظل وصعود البديل وباعتبار أن التحالف سيقتصر على الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، فإن حزب الخضر سيجد نفسه في المعارضة. وقد بدا واضحاً، خلال المناظرات التلفزيونية، مدى صعوبة تشكيل ائتلاف يشمل الخضر، ما جعل استبعادهم من الائتلاف أمراً متوقعاً. ويشهد حزب الخضر أيضاً تحولاً داخلياً قد يؤثر في المشهد السياسي في ألمانيا، خاصة بعد إعلان روبرت هابيك انسحابه من قيادته، رغم المطالبات الجماهيرية ببقائه. كما يواجه الحزب منافسة شرسة من حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD)، الذي بات القوة المعارضة الأكبر بفارق واضح، وسيكون له التأثير الأكبر في المعارضة. دور اليسار: مفاجأة تيك توك وولادة جديدة في المقابل، وعلى الرغم من التوقعات كلها التي كانت تُرجّح فشل حزب اليسار (Die Linke) في تخطي عتبة 5% من الأصوات، استطاع الحزب تحقيق ما يقارب 9%، ليضمن 64 مقعداً في البرلمان. وجاء هذا الإنجاز بعد حملة مفاجئة قادتها وجوه شابة، أبرزها هايدي رايشينيك البالغة من العمر 36 عاماً، التي حصدت شعبية كبيرة بفضل منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة "تيك توك" و"إنستجرام"، حيث يتابعها أكثر من مليون شخص. تُعرَف رايشينيك بخطابها الحاد الذي كسَر العديد من التقاليد البرلمانية الألمانية، إذ هاجمت ميرتس بشدة بعدما مرّر توصية برلمانية تتعلق بتقييد الهجرة بدعمٍ من حزب "البديل من أجل ألمانيا". واتهمت ميرتس بأنه "يتعاون فعلياً مع حزب يميني متطرف يكسر المحظورات السياسية الألمانية منذ الحرب العالمية الثانية". وحصد هذا الخطاب نحو 7 ملايين مشاهدة على "تيك توك"، ما أسهم في استقطاب الناخبين الشباب الليبراليين، الذين رفضوا التوجه المحافظ المتصاعد لدى الأحزاب الكبرى. ويرى بعض المحللين أن انشقاق القيادية اليسارية سارة فاجنكنشت عن الحزب، وتشكيل تحالف خاص بها، معروف بمواقفه المتشددة حيال الهجرة وميوله الموالية لروسيا، ساعد على توحيد صفوف حزب اليسار وفتح المجال أمام تجديد شبابه وقياداته. أما هايدي رايشينيك، التي تحمل وشماً لروزا لوكسمبورج على ذراعها اليسرى، فقد تحولت إلى أيقونة للجناح الليبرالي داخل "دي لينكه"، مقدمةً الحزب بوصفه "آخر جدار صدّ عظيم ضد اليمين المتطرف في ألمانيا". وفي حفلة المتابعة لنتائج الانتخابات، لم يُخفِ أنصار "دي لينكه" سعادتهم العارمة بالنتائج. ومع إعلان حصول الحزب على 9%، صعد أحد قادته إلى المنصة وسط هتافات قوية، قائلاً بفخر: "اليسار لا يزال حياً". أولويات الحكومة الجديدة ورسم البروفيسور فراتزشر، رئيس معهد الأبحاث الاقتصادية الألماني (DIW)، لـ"الشرق" الأولويات الكبرى للحكومة الاتحادية الجديدة بشأن استعادة الثقة المفقودة، وتوفير منظور واضح للمستقبل أمام المواطنين والشركات. وقال: "نحن بحاجة إلى شجاعة ووضوح من قِبَل الحكومة الجديدة، لأن السنوات الأربع القادمة ستكون صعبة على ألمانيا، وربما الأصعب خلال الـ75 عاماً الماضية". وأوضح أنه يجب على الشركات في القطاع الصناعي، وكذلك المواطنين "الاستعداد للتضحيات والمشقة"، ذلك أن أي تحول في الاقتصاد والمجتمع يعني "تغييراً حتمياً، ومن ثمّ هذا يعني وجود خاسرين". كما تحدث عن أهمية إطلاق حملة استثمارية واسعة تُركز على البنية التحتية والابتكار والتعليم وكذلك الدفاع. وقال إنه "يجب تفادي النزاعات العقائدية وتمويل هذه الاستثمارات بشكل براغماتي من خلال أصول خاصة، لأن الإصلاح الجوهري لمكابح الديون أمر مستبعد". ورأى فراتزشر أنه يجب تغيير المسار جذرياً في السياسة الأوروبية، إذ لا يمكن لألمانيا الحفاظ على مصالحها إلا عبر أوروبا قوية وموحَّدة، وفق رأيه. وتابع: "يجب ألّا تمضي ألمانيا في إضعاف أوروبا، كما دعت بعض الأحزاب خلال الحملة الانتخابية، بل عليها تبني مقاربة أوروبية مشتركة بالدرجة الأولى على صعيد الدفاع، والسوق الداخلية، والابتكار، والتنافسية". طرق وعرة أمام ميرتس بهذا المشهد المعقد الذي جمع بين صعود اليمين المتطرف، وتراجع الاشتراكيين الديمقراطيين، وتعزيز حزب اليسار لموقعه بمفاجأة شبابية، يقف ميرتس على أعتاب أصعب اختبارات مسيرته السياسية، وأمام اختبار صعب لتشكيل حكومة مستقرة في أسرع وقت ممكن. ورغم فوز الاتحاد الديمقراطي المسيحي، فإن ارتفاع أصوات اليمين المتطرف (AfD) من جهة، واليسار (دي لينكه) من جهة أخرى، يشير إلى تحول واضح في المزاج السياسي الألماني. وسيكون على ميرتس، في حال نجاحه بإتمام الائتلاف مع الاشتراكي الديمقراطي، أن يوازن بين مطالب تياره المحافظ ومطالب الاشتراكيين الديمقراطيين من جهة، وبين التعهدات التي قطعها لناخبيه والمشهد المتنوع الذي أفرزته صناديق الاقتراع من جهة أخرى. وتتلخص معضلة ميرتس في الجمع بين صورته كشخص حاسم جذب أصواتاً محافظة، وبين براغماتية الائتلاف التي تتطلب منه تهدئة الخلافات مع الاشتراكيين الديمقراطيين. كما أنه بحاجة إلى التحكّم أكثر في خطاباته وإظهار انضباط أكبر على المستوى الإعلامي، كي يتجنب الانطباع القائل إنه "لا يمسك تماماً بزمام كلماته". نهج أنجيلا ميركل؟ ورغم زخمه الانتخابي، فإن الأعين تترقب ما إن كان ميرتس سيبدع نمطاً متمايزاً عن حقبة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، التي تميزت بإدارة الأزمات وليس إصلاحها، أم أنّه سيغرق في صراعات ائتلافية تستهلك طاقته السياسية. يبقى الأكيد أن الامتحان الحقيقي لمه سيبدأ عند استلامه فعلياً للمستشارية، حيث هناك فقط ستتجلّى قدرته على تحويل أفكاره إلى سياسات ملموسة في ملفات داخلية شائكة، ومن ثم إثبات أنه قادر على قيادة ألمانيا وسط أزمات دولية شديدة التعقيد. وقالت سودها ديفيد-ويلب لـ"الشرق"، إن ميرتس يمتلك ميزة كونه ليس ميركل ولا أولاف شولتز، وهما مستشاران سبق أن تعرّضا لانتقادات حادة من جانب ترمب ودائرته. وأوضحت أن "لديه القدرة على تأسيس علاقة جديدة، رغم وجود تحديات عديدة تشمل الرسوم الجمركية وملف أوكرانيا". وتابعت: "بصفته مستشاراً، سيتعيّن عليه اتخاذ نبرة براغماتية مع واشنطن، وأن يستعد لتولي زمام القيادة مع شركائه في ضمان الأمن بالوسائل التقليدية بوتيرة أسرع". وهكذا، سيواصل ميرتس وشركاؤه في الائتلاف اعتبار حزب البديل من أجل ألمانيا خطاً أحمر. وفي هذه الأثناء، سيستمر حزب اليسار في استثمار زخمه الجديد، محاولاً ترسيخ صورته كحائط صدّ ضد صعود التطرف اليميني.


ساحة التحرير
٢٥-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- ساحة التحرير
انتخابات ألمانيا: صعود اليمين المتطرف بدعم أمريكي، وتأثيره علينا أفريقيًا!إدريس آيات
جيوسياسية/ انتخابات ألمانيا: صعود اليمين المتطرف بدعم أمريكي، وتأثيره علينا أفريقيًا! إدريس آيات في الانتخابات الفيدرالية الألمانية التي جرت اليوم، حقق حزب 'البديل من أجل ألمانيا' (AfD) اليميني المتطرف نتيجة تاريخية، بحصوله على حوالي 20% من الأصوات، مما جعله القوة السياسية الثانية في البلاد بعد تكتل الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي (CDU/CSU) الذي حصل على نحو 29% من الأصوات. هذا الصعود اللافت لحزب AfD يعكس تحولًا في المزاج السياسي الألماني، حيث استفاد الحزب من التحديات الاقتصادية المستمرة وقضايا الهجرة التي أثرت على البلاد. وقد تلقى الحزب دعمًا ملحوظًا من شخصيات دولية مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك، حيث وصف ترامب هذا اليوم بأنه 'يوم عظيم لألمانيا والولايات المتحدة'، بينما اعتبر ماسك حزب AfD 'آخر بصيص أمل' لألمانيا. على الصعيد الداخلي، يواجه المستشار المحتمل فريدريش ميرز من حزب CDU تحديات كبيرة في تشكيل ائتلاف حكومي مستقر، نظرًا لاستبعاد التعاون مع حزب AfD من قبل الأحزاب الرئيسية الأخرى. هذا التعقيد في المشهد السياسي قد يؤدي إلى فترة من عدم الاستقرار السياسي في ألمانيا، مما قد يؤثر على قدرتها على التعامل مع القضايا الداخلية والخارجية الملحة. على الصعيد الدولي: تتلاقى آراء إيلون ماسك وترامب وحزب 'البديل من أجل ألمانيا' (AfD) في عدة نقاط، أبرزها: 1.الهجرة والهوية الثقافية: يدعم ماسك سياسات AfD المناهضة للهجرة، معتبرين أنها تهدد الأمن القومي والهوية الثقافية الألمانية؛ مشيرًا إلى ضرورة الحفاظ على الثقافة والقيم الألمانية، ضد المهاجرين المسلمين. 2.الانتقادات للبيروقراطية والتنظيم الحكومي، 3. العداء تجاه الإسلام، والنزعة القومية. مما يعنى أنّ دعم ترامب وماسك لحزب AfD يشير إلى تقارب أيديولوجي بين الحركات اليمينية في الولايات المتحدة وأوروبا، مما قد يؤدي إلى تعزيز التيارات الشعبوية واليمينية المتطرفة على المستوى العالمي. هذا التطور يثير قلقًا في الأوساط الديمقراطية الليبرالية، حيث يُنظر إليه كتهديد للقيم الديمقراطية والتعددية في أوروبا والعالم. إضافيًا، وفيما يتعلق بالحرب الأوكرانية، يتبنى حزب AfD موقفًا مثيرًا للجدل، حيث يُعتبر مؤيدًا لروسيا ويدعو إلى إنهاء العقوبات المفروضة عليها، مما يتعارض مع الموقف الرسمي للحكومة الألمانية الحالية وحلفائها في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو). هذا الموقف قد سيؤدي حتمًا إلى توترات داخلية وخارجية، خاصة في ظل التزام ألمانيا بدعم أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي حتى مع المفاوضات الروسية الأمريكية. أفريقياً لماذا تهمنّا هذه المسألة؟ صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة، مثل 'البديل من أجل ألمانيا' (AfD) وغيرها في أوروبا، لا يشكل مجرد تحدٍ سياسي داخلي لكل دولة على حدة، بل يمثل تهديدًا وجوديًا لمستقبل الاتحاد الأوروبي ذاته، نظرًا لتأثيره العميق على البنية السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية للقارة الأوروبية، وكلما ضعفت أوروبا ككتلة كلما كان ذلك في صالحنا في أفريقيا. دعنا نستكشف ذلك من زوايا غير مطروقة بعمق كافٍ في الصحف الأوروبية. تدعو زعيمة الحزب 'أليس فايديل' إلى ترحيل المهاجرين غير النظاميين من البلاد، وإلى زيادة كبيرة في الإنفاق العام، فضلا عن انسحاب ألمانيا من الاتحاد الأوروبي واتفاق العملة الموحدة (اليورو). وهذا من شأنه؛ أن يؤدي إلى عدة نقاط: 1. تفكك منهجي بدلًا من صدمة مفاجئة: عادةً ما يتم تصور انهيار الاتحاد الأوروبي على أنه حدث مفاجئ، كخروج دولة رئيسية مثل ألمانيا أو فرنسا. لكن الصعود المتزايد لهذه الأحزاب يطرح سيناريو أكثر خطورة: تفكك بطيء ومنهجي. إذا تمكنت أحزاب كـ AfD من الوصول إلى السلطة أو التأثير بشكل حاسم على الحكومات، فقد تعمل على تعطيل مؤسسات الاتحاد من الداخل، وليس بالضرورة عبر خروج رسمي مباشر، بل بتقويض عمليات صنع القرار وتعطيل آليات التكامل الأوروبي؛ مثل: ٠رفض المساهمة في ميزانيات الاتحاد٠ عرقلة السياسات التوافقية، مثل السياسة الدفاعية المشتركة أو العقوبات الاقتصادية. ٠دعم الحكومات الشعبوية في دول أخرى لتقويض الالتزامات الأوروبية المشتركة. 2. حرب العملات والتفكك المالي: إذا دفعت هذه الأحزاب نحو الانسحاب من اليورو، فإن التداعيات لن تكون اقتصادية فقط، بل جيوسياسية أيضًا. خروج دولة ذات اقتصاد ضخم مثل ألمانيا من اليورو سيؤدي إلى: انهيار الثقة في العملة الموحدة، مما يدفع المستثمرين إلى التخلي عنها لصالح الدولار أو اليوان الصيني. ٠صعود اقتصاديات وطنية غير متكافئة، مما يؤدي إلى تفاوتات اقتصادية داخل القارة قد تجعل الدول الأقل قوة عرضة للتدخلات الخارجية. ٠تحالفات مالية جديدة قد تنشأ بين دول أوروبية خارج العملة الموحدة، مثل بريطانيا، ودول أخرى قد تسعى إلى نماذج اقتصادية جديدة بعيدًا عن الهيمنة الألمانية أو الفرنسية. 3. صراع على النفوذ بين ألمانيا وفرنسا: الاتحاد الأوروبي يقوم على التوازن الدقيق بين ألمانيا وفرنسا. لكن إذا تصاعد نفوذ الأحزاب اليمينية في ألمانيا، فسيؤدي ذلك إلى تغير استراتيجي في العلاقة بين البلدين. ألمانيا، بدلاً من كونها قائدة التكامل الأوروبي، قد تتبنى سياسة 'ألمانيا أولًا'، مما سيدفع فرنسا إما إلى قيادة الاتحاد بشكل منفرد (وهو ما قد يكون مستحيلًا اقتصاديًا وعسكريًا) لكن براغماتيًا، سيكون ذلك في صالح قوى خصمة خارجية كالصين أو روسيا بل حتى القارة السمراء. 4. حالة 'بريكست داخلي' وانعزال أوروبي: حتى إذا لم تخرج ألمانيا أو دول أخرى رسميًا من الاتحاد، فإنها قد تدخل في 'بريكست داخلي'، أي أنها تبقى جزءًا من المنظومة ولكن دون مشاركة فعلية في سياساتها. يمكن أن نشهد: ٠رفض الالتزام بالاتفاقيات الأوروبية المتعلقة باللاجئين أو بالمعايير البيئية. ٠انسحاب من التعاون الأمني والاستخباراتي الأوروبي، مما يفتح المجال أمام تدخل قوى مثل الصين وروسيا في الفجوات الأمنية. ٠تقارب منفصل بين بعض الدول القومية الجديدة بعيدًا عن الاتحاد، مثل تحالفات ألمانية-سويسرية-نمساوية بديلة. 5. ديموغرافيا مضادة وانقلاب ثقافي: إذا تمكنت هذه الأحزاب من فرض سياسات طرد واسعة النطاق للمهاجرين والمسلمين، فسنشهد تغييرات ديموغرافية غير مسبوقة. الدول التي كانت تعتمد على الهجرة للحفاظ على نموها الاقتصادي قد تدخل في أزمات ديموغرافية حادة: ٠ارتفاع نسبة كبار السن مقارنة بالشباب، مما يجعل أنظمة التقاعد والضمان الاجتماعي غير مستدامة. ٠نقص حاد في اليد العاملة في القطاعات الحيوية مثل الصناعة والرعاية الصحية. ٠انزلاق أوروبا إلى مرحلة من الركود الثقافي بسبب نقص التنوع الفكري والإبداعي الناتج عن سياسات العزل القومي. 6. انهيار الثقة في المشروع الأوروبي دوليًا: الاتحاد الأوروبي ليس مجرد كيان جغرافي، بل هو مشروع سياسي يتم مراقبته عن كثب من قبل القوى العالمية. إذا ضعفت أوروبا بسبب سياسات اليمين الشعبوي، فسيفقد العالم ثقته بها كقوة اقتصادية وسياسية قادرة على التأثير. هذا سيؤدي إلى: تقليل النفوذ الأوروبي في المؤسسات العالمية، مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي. تراجع اليورو أمام العملات الأخرى، مما يعزز سيطرة الدولار الأمريكي واليوان الصيني على الاقتصاد العالمي. إضعاف حلف الناتو، حيث ستتجه بعض الدول إلى بناء سياسات دفاعية مستقلة بدلًا من التعاون الأوروبي. 7. نهاية الديمقراطية كما نعرفها في أوروبا: مع صعود هذه الأحزاب، هناك احتمال كبير أن الديمقراطية الليبرالية نفسها تصبح مهددة. السياسات الشعبوية غالبًا ما تبدأ بنقد النظام الديمقراطي، ثم تتحول إلى تقويض الحريات الأساسية: ومن بينها فرض قيود على الإعلام الحر. التلاعب بالانتخابات وإضعاف المؤسسات الرقابية. وتعزيز سياسات أمنية مشددة تحت ذريعة 'حماية الهوية القومية'. في الختام، لا يمكن للأفارقة أن يغفلوا عمّا يجري في أوروبا، فهذه القارة لم تكن يومًا بعيدة عن مصائرنا، بل كانت القوة التي استعمرت أراضينا، وزرعت بذور الصراعات التي لا تزال تحرق مجتمعاتنا، وتنهب مواردنا تحت مسميات مختلفة. لا تزال بعض دولها، كما هو الحال مع فرنسا، تفرض علينا هيمنتها النقدية عبر الفرنك الأفريقي في دول غرب ووسط أفريقيا، فيما تواصل شركاتها العابرة للقارات استنزاف ثرواتنا بسياسات نيوليبرالية متوحشة. لذلك، فإن أي تطور يضعف هذه المنظومة ليس مجرد شأن أوروبي، بل هو مسألة وجودية لأفريقيا بأسرها. 2025-02-25 The post انتخابات ألمانيا: صعود اليمين المتطرف بدعم أمريكي، وتأثيره علينا أفريقيًا!إدريس آيات first appeared on ساحة التحرير.


الدستور
٢٣-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- الدستور
نتائج صادمة بالانتخابات.. اليمين المتطرف يقترب من الحكم في ألمانيا بأجندة متطرفة
يبدو أن حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) في طريقه لتحقيق أقوى نتيجة لحزب يميني متطرف منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك في الانتخابات الألمانية التي أجريت يوم الأحد، حيث قدم الحزب لأول مرة مرشحًا لمنصب المستشارية، حسبما ذكرت وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية. وتابعت الوكالة الأمريكية، أنه ورغم أن الأحزاب الأخرى تعهدت بعدم التعاون مع الحزب المناهض للهجرة، إلا أن حزب البديل من أجل ألمانيا أصبح قوة سياسية لا يمكن تجاهلها، حيث ساهم بشكل كبير في تشكيل الجدل السياسي في البلاد، لا سيما فيما يتعلق بقضايا الهجرة. مخاوف من فوز اليمين المتطرف في ألمانيا وأضافت الوكالة، أن نفوذ الحزب لم يقتصر على الداخل الألماني فقط، بل امتد ليحظى بدعم واسع من شخصيات دولية بارزة مثل الملياردير إيلون ماسك، بالإضافة إلى اهتمام من نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان. وتأسس الحزب عام 2013 في البداية كحركة تعارض إنقاذ الدول الأوروبية المتعثرة ماليًا خلال أزمة الديون في منطقة اليورو، وهو ما وصفته المستشارة آنذاك أنجيلا ميركل بأنه "لا بديل عنه"، لكن الحزب تحول لاحقًا إلى توجه أكثر تطرفًا، وتغيرت قيادته عدة مرات. وجاءت نقطة التحول الرئيسية عام 2015، عندما قررت ميركل السماح بدخول أعداد كبيرة من اللاجئين إلى البلاد، وهو ما استغله الحزب لتعزيز قاعدته الشعبية. وفي انتخابات 2017، حصل الحزب على 12.6% من الأصوات، ما مكّنه من دخول البرلمان الألماني (البوندستاج) لأول مرة. وتابعت الوكالة الأمريكية، أنه في الانتخابات التشريعية لعام 2021، تراجعت نسبة تأييد الحزب إلى 10.3%، لكنه عاد ليكتسب قوة مجددًا، خاصة مع انهيار الحكومة الائتلافية بقيادة المستشار أولاف شولتز وسط أزمات متلاحقة. وفي العام الماضي، اندلعت موجة احتجاجات في ألمانيا بعد تقارير أفادت بأن متطرفين يمينيين، بمن فيهم أعضاء في الحزب، ناقشوا خططًا لترحيل ملايين المهاجرين، بمن فيهم مواطنون ألمان من أصول مهاجرة. وعلى الرغم من ذلك، لم تؤثر هذه التقارير بشكل كبير على شعبية الحزب في استطلاعات الرأي. وفي انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو الماضي، حل الحزب في المركز الثاني، وفي سبتمبر، حقق أبرز قادته من الجناح الأكثر تطرفًا، بيورن هوكه، فوزًا تاريخيًا، ليصبح أول سياسي يميني متطرف يفوز في انتخابات محلية في ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية. أجندة متطرفة لحزب البديل من أجل ألمانيا وتابعت الوكالة أن الحزب خاض الانتخابات الأخيرة بثقة متزايدة، متبنيًا خطابًا أكثر تطرفًا. المرشحة الأولى للحزب لمنصب المستشارية، أليس فايدل، استخدمت مصطلح "إعادة الهجرة"، في إشارة إلى خطط الحزب لترحيل أعداد كبيرة من الأجانب الذين لا يحملون وضعًا قانونيًا للبقاء في البلاد. كما يدعو الحزب إلى رفع العقوبات المفروضة على روسيا فورًا، ووقف تسليح أوكرانيا. ويريد إعادة ألمانيا إلى استخدام عملة وطنية بدلًا من اليورو، وتحويل الاتحاد الأوروبي إلى "رابطة للأمم الأوروبية"، رغم أنه لا يدعو صراحة إلى انسحاب ألمانيا من التكتل. تخضع بعض فروع الحزب لمراقبة وكالة الاستخبارات الداخلية الألمانية بتهمة "التطرف اليميني"، كما تم تصنيف فروعه في ثلاث ولايات شرقية على أنها "جماعات يمينية متطرفة مثبتة". لكن الحزب يرفض هذه الاتهامات، وينفي أي صلة له بالماضي النازي. أحد قادة الحزب البارزين، بيورن هوكه، يواجه محاكمات بتهمة استخدام شعارات نازية خلال خطاباته السياسية. ويتزامن صعود حزب البديل من أجل ألمانيا مع تنامي نفوذ الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، مثل حزب الحرية النمساوي وحزب التجمع الوطني في فرنسا، حيث يشترك معهم في العديد من المواقف. في وقت سابق من هذا الشهر، وصف رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أليس فايدل بأنها "مستقبل ألمانيا". حصل الحزب على تأييد كبير من الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، الذي وصفه بأنه "الأمل الوحيد لإنقاذ ألمانيا". شارك ماسك في حوار مباشر على منصة "X" مع فايدل، كما ظهر عبر الفيديو في أحد تجمعات الحزب الانتخابية.