logo
#

أحدث الأخبار مع #GATT

نادية فتاح: إحصاءات التجارة الخارجية أضحت رافعة حقيقية للعمل وآلية أساسية لاتخاذ القرار
نادية فتاح: إحصاءات التجارة الخارجية أضحت رافعة حقيقية للعمل وآلية أساسية لاتخاذ القرار

حدث كم

time٠٧-٠٥-٢٠٢٥

  • أعمال
  • حدث كم

نادية فتاح: إحصاءات التجارة الخارجية أضحت رافعة حقيقية للعمل وآلية أساسية لاتخاذ القرار

أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، اليوم الثلاثاء بمراكش، أن إحصاءات التجارة الخارجية أضحت رافعة حقيقية للعمل وآلية أساسية لاتخاذ القرار، سواء بالنسبة للحكومات أو القطاع الخاص والمؤسسات الدولية والجامعيين والمجتمع المدني. وأبرزت السيدة فتاح، خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع فريق الخبراء بشأن إحصاءات التجارة الدولية (الاجتماع الختامي لاعتماد الأدلة المنهجية)، أن 'توافر معطيات إحصائية محدثة ومفصلة ومعدة، على الخصوص، في احترام تام للمعايير الدولية، والمستلهمة من الممارسات الفضلى في هذا المجال، يعد مكسبا وأداة محددة لصانعي القرار العمومي والفاعلين الاقتصاديين'. وأضافت الوزيرة أن هذه المعطيات تشكل دعامة مهمة للحكومات من أجل وضع تدابير حول السياسة التجارية والمفاوضات الثنائية ومتعددة الأطراف، كما تكتسي أهمية كبرى بالنسبة للمقاولات على الصعيد الدولي في إطار البحث عن منافذ ومصادر تموين بأقل تكلفة وتتبع المنافسين وتحديد شركاء محتملين. وشددت على أنه 'بالنسبة للمغرب، الذي انخرط منذ عدة سنوات في دينامية تحول اقتصادي عميق، يشكل تطوير وموثوقية نظامه الإحصائي، لا سيما في مجال التجارة الخارجية، أولوية إستراتيجية'. وقالت الوزيرة 'لدينا قناعة راسخة بأن إنتاج معطيات ذات جودة، ومتناغمة، ومقارنة ومتاحة، يعد شرطا أساسيا لكل سياسة عمومية ناجعة، ولكل شراكة اقتصادية مستدامة، ولكل إدماج ناجح في الاقتصاد العالمي'. وسلطت السيدة فتاح الضوء على الدور المهم الذي تضطلع به التجارة الخارجية باعتبارها عاملا حاسما في إستراتيجيات النمو التي اعتمدتها البلدان الطامحة للاستفادة من عولمة متنامية، لافتة إلى أن المملكة انخرطت منذ فترة طويلة في مسار هذا التحرير الذي هم اقتصادها وجعله أكثر انفتاحا أمام التبادلات الخارجية منذ بداية الثمانينيات. وسجلت أن هذا الانفتاح تعزز من خلال انضمام المغرب إلى اتفاقية (GATT) سنة 1987، وإبرام الاتفاقيات التي أفضت إلى تأسيس منظمة التجارة العالمية سنة 1995. وفي هذا السياق، أبرزت الوزيرة الشراكة المعززة للمغرب مع هيئات الأمم المتحدة في عدة مجالات، لا سيما التجارة الدولية. وذكرت، في هذا الإطار، بانتخاب المغرب، في مارس 2022، بإجماع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (الأونسيترال) لولاية مدتها ست سنوات (2022-2027). ويندرج الاجتماع الختامي لأشغال فريق الخبراء المعني بمراجعة أدلة إحصاءات التجارة الدولية في السلع والخدمات، الذي نظمه مكتب الصرف بشراكة مع شعبة الإحصاءات التابعة للأمم المتحدة، في إطار الدينامية العالمية لتعزيز موثوقية وشمولية وقابلية مقارنة إحصاءات التجارة الدولية. ويجمع هذا الحدث، الذي يمتد إلى غاية 9 ماي الجاري، أيضا خبراء بارزين ومسؤولين رفيعي المستوى من أزيد من 30 بلدا. وتil أشغال هذا الاجتماع، بالأساس، وضع اللمسات الأخيرة على الأدلة المنهجية الجديدة التي أعدها الفريق الخاص (الفريق المعني بإحصاءات التجارة الدولية – TT-ITS)، استنادا إلى الأعمال التقنية والمشاورات الدولية التي أجريت منذ سنة 2021. ح/م

العودة الخفية لكن القوية للحمائية... نحو عهد تجاري جديد؟
العودة الخفية لكن القوية للحمائية... نحو عهد تجاري جديد؟

النهار

time١٥-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • النهار

العودة الخفية لكن القوية للحمائية... نحو عهد تجاري جديد؟

لعدة عقود، كانت الاتفاقات الدولية بمثابة ضمان لانفتاح الاقتصادات وتحرير التجارة. فمن اتفاقية الجات (GATT) إلى منظمة التجارة العالمية، بدا الهدف واضحًا: جعل التجارة العالمية رافعة للسلام والازدهار والتنمية المشتركة. وقد تراجعت فعليًا الرسوم الجمركية بشكل كبير، من 7.6% في عام 2001 إلى أقلّ من 4% في عام 2019. ولكن للتاريخ مساراته الملتوية. فمنذ بضع سنوات، عادت الحمائية إلى الواجهة، لا من الباب الرئيسيّ، بل عبر نوافذ متعدّدة. أولًا: الحمائية... رد فعل اقتصادي قديم لنتذكّر الأساسيات. الحمائية، بشكلها الكلاسيكي، تهدف إلى حماية الشركات الوطنية من خلال فرض رسوم جمركية على الواردات. وهذه الضرائب تجعل المنتجات الأجنبية أكثر كلفة، مما يمنح المنتجات المحلية ميزة تنافسية. نظريًا، يمكن أن تدعم هذه الاستراتيجية الصناعات الناشئة أو المتعثرة. لكن وفق المنطق الاقتصادي النيوكلاسيكي، فإنها تخلق تشوّهات تؤثر سلبًا على كفاءة الأسواق، وتضرّ بالنمو، والقدرة الشرائية، والرفاه العام. ومع ذلك، لا تنقص الأسباب السياسية والاقتصادية التي قد تبرّر اللجوء الموقت – أو الاستراتيجي – إلى هذا النوع من السياسات. من حماية الوظائف المحلية، إلى البحث عن مصادر دخل للدول النامية، مرورًا بالرهانات الانتخابية... كلها دوافع مشروعة. وقد أظهرت دراسة أميتّي، ريدينغ، وواينستين، بشأن الرسوم التي فرضتها إدارة ترامب على الصين، أن التكاليف تحمّلها بشكل أساسي المستهلكون والشركات الأميركية نفسها، أي أن الحمائية ليست دون عواقب على مَن يمارسها. ثانيًا: عالم أكثر تعقيدًا... وحمائية أكثر دهاءً لم نعد اليوم في عصر الرسوم الجمركية البسيطة والمباشرة. لقد غيّرت العولمة سلاسل الإنتاج: فأصبح المنتج الواحد نتيجة لعملية تصنيع موزعة على قارات عدّة. وبالتالي، فإن فرض رسوم على واردات معينة قد يعني، أحيانًا، الإضرار بالصناعة الوطنية نفسها. في هذا العالم المتشابك، تتكاثر أشكال جديدة من الحمائية، مثل بنود الحماية، والتدابير المضادة للإغراق، والرسوم التعويضية، والمعايير التقنية والصحية... كلها سياسات لا تُعلن صراحة أنها حمائية، لكن آثارها كذلك من دون شك. اليوم، يخضع نحو 70% من التجارة العالمية لهذه الحواجز غير الجمركية. ويُعتبر القطاع الزراعي، الذي لطالما حظي بحماية الدول، المستفيد الأول منها. ثالثًا: الجغرافيا السياسية تدخل ساحة التجارة الحمائية الحديثة لم تعد اقتصادية فحسب، بل تحوّلت إلى أداة من أدوات النفوذ السياسي. فأزمة تلو الأخرى – من الأزمة المالية في 2008، إلى جائحة كورونا، مرورًا بالحرب في أوكرانيا – جعلت الدول تعيد اكتشاف فوائد (ومحدودية) الانكفاء الاستراتيجي. وباتت العقوبات الاقتصادية، وقيود التصدير، وحتى إعادة توجيه التجارة لأهداف سياسية، سِمات لمرحلة جديدة. وقد حدّدت الولايات المتحدة النغمة. ففي عهد ترامب، ترجم شعار "اجعلوا أميركا عظيمة مجددًا" حرباً تجارية مفتوحة مع الصين. وفي عهد بايدن، جاءت خطة خفض التضخم لتعزّز مصالح الشركات الأميركية في مجال الانتقال الطاقوي، مما أثار قلق شركائها. وردّت أوروبا عبر تطوير أدواتها الخاصة لمواجهة الإكراهات الاقتصادية. رابعًا: "صداقة التجارة" وإعادة التوطين: تجارة مشروطة روّجت جانيت يلين لمفهوم "التجارة بين الأصدقاء" (friend-shoring): أي حصر التبادل التجاري بين الحلفاء. وهي فكرة تماشت مع رغبة الدول في تأمين سلاسل التوريد الاستراتيجية، لا سيما في مجالات الطاقة، والأدوية، والتكنولوجيا الحساسة. بالتالي، فإن الصين وروسيا، اللتان يُنظر إليهما في الغرب كدول "غير صديقة"، تواجهان قيودًا متزايدة على دخول أسواق الغرب، بدافع اعتبارات سياسية وأمنية. لكن هذه الاستراتيجية تصطدم بواقع مختلف: فالدول لا تصنع المنتجات، بل تفعل ذلك الشركات – غالبًا متعددة الجنسيات – التي لا تميل بسهولة إلى التضحية بالربحية والكفاءة لأجل أهداف جيوسياسية. أمام هذه التحولات، تجد منظمة التجارة العالمية الضامنة للتعددية التجارية صعوبةً في فرض احترام قواعدها. فهيئة تسوية المنازعات فيها شبه مشلولة، والدول الكبرى تفضّل تصفية خلافاتها عبر مفاوضات ثنائية. تتغير خريطة التجارة العالمية تدريجيًا، في عالم تعيد فيه التحالفات السياسية رسم الطرق التجارية. الحمائية عادت إلى الواجهة. قد لا يُعلن عنها دائمًا، ونادرًا ما تكون صدامية، لكنها باتت الآن إحدى الركائز البنيوية في النظام التجاري العالمي. وسيتعين علينا التعايش معها، في عالم تتشابك فيه الاقتصادات بشكل متزايد مع الجغرافيا السياسية.

د. خالد الوزني يكتب : الحماية الجمركية أداة أم وسيلة؟
د. خالد الوزني يكتب : الحماية الجمركية أداة أم وسيلة؟

time١٤-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال

د. خالد الوزني يكتب : الحماية الجمركية أداة أم وسيلة؟

أخبارنا : أنتج النظام الاقتصادي العالمي عقب الحرب العالمية الثانية عام 1945 ثلاث مؤسَّسات دولية، صندوق النقد الدولي لمعالجة اختلالات أسعار الصرف وموازين المدفوعات، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير لتقديم القروض المُيسَّرة لإعادة بناء البنية التحتية ودعم القطاعات الاقتصادية المُدمَّرة، ومنظمة التجارة الدولية ITO لدعم وتحفيز التبادل التجاري بين الدول وتحرير التجارة. وقد بدأت المؤسَّستان الأولى والثانية العمل بكثافة ونشاط، وانبثق عنهما مؤسَّسات، خمس منها في حالة البنك الدولي، وشاهد العالم نتائج أعمالهما باستفادة أحياناً، وبجدل ونقد وهجوم أحياناً أخرى. بيد أنَّ المنظمة الدولية الأخيرة لم تشهد النور، وبقيت حبيسة المصالح التجارية، رهبة من التحرير التجاري، في حقبة دُمِّرت فيها الكثير من الصناعات والبنية التحتية، وأضرَّت بالصناعات الكبرى وموازين التبادل التجاري بشكل كبير، وبات أمر تحرير التجارة، إبّان تلك الفترة، مجازفة كبيرة. وفي الوقت الذي امتدت فيه مفاوضات الخروج بمعادلة مناسبة لتحرير التجارة على مدى ما ينوف على خمسين عاماً، حتى العام 1995، حينما ظهرت منظمة التجارة العالمية WTO تتويجاً لما عُرِفَ بجولات الجات GATT، فقد تحوَّلت الدول الكبرى، وخاصة في أوروبا، نحو سياسات أسمتها الحماية التنافسية Competitive Protectionism، وهي سياسات اعتمدت من جهة على الحماية الجمركية الكبيرة مع العالم الخارجي، منعاً لمنافسة منتجات الصناعات الناشئة أو المُعاد إنعاشها بعد الحرب من العالم الخارجي. ومن جهة أخرى، تبنَّت سياسات تنافسية محلية وإقليمية أوروبية تقوم على وسائل ومبادئ ومعايير ضمان جودة المنتج، ودعم الإنفاق على البحث والتطوير، وتوفير الطاقة بكلف مناسبة، وتوفير التدريب والتأهيل للقوى العاملة، عبر النظام التعليمي، وعبر التدريب المهني والتقني. وكانت النتيجة تنمية وتقوية صناعات ذات جودة عالية وقوة مدعومة بمبادئ البحث العلمي والملكية الفكرية. وتلازم ذلك مع البدء بمبادرات التعاون الإقليمي بين الدول الأوروبية، بداية بتحرير التجارة البينية تدريجياً، ثمَّ إنشاء الاتحاد الجمركي الذي وحَّد الرسوم بين الأعضاء عند مستويات مقبولة، واحتفظ برسوم جمركية حمائية مع العالم الآخر، ثمَّ النزوع إلى السوق المشتركة بداعي التبادل التجاري بشكل أكبر عبر تحرير التجارة وتفكيك الرسوم الجمركية بين المجموعة، وصولاً إلى الاتحاد الاقتصادي، الذي وحَّدَ القارة الأوروبية، في نهاية المطاف، ضمن سياسات مالية ونقدية، وعملة واحدة. وقد أظهرت التجربة الأوروبية قوة ونجاعة التدرُّج في تحرير التجارة، وصولاً إلى منطقة اقتصادية متوحِّدة ذات قدرات وقوة اقتصادية كبيرة، حتى بعد أن اهتزت بالخروج البريطاني منها. الشاهد أنَّ معادلة التعرفة الجمركية التي انتهجتها تلك الكتلة عملت مؤقتاً على حماية صناعاتها وتقويتها، وأنَّ مبرِّرات بقائها انتفت بعد أن بات الفيصل هو الجودة، والقدرة على التنافس عالمياً. فلم تكن التعرفة الجمركية يوماً مَصدراً لجباية المال لخزينة الدولة، كما أنها لم تكن وسيلة لمنع التبادل التجاري بقدر ما كانت أداة لدعم وتقوية الصناعات الوليدة ومساندة الصناعات الناهضة. الصين، والعديد من الاقتصادات الناشئة، تعلَّمت درس الرسوم الجمركية مبكِّراً، وجعلت أهمَّ توجُّهاتها النفاذَ إلى الأسواق عبر النوعية والكلف المجدية المناسبة، وخاصة بعد أن آمَنَ الجميع بحرية التجارة كمعادلة رابحة، وأنَّ الخاسر الوحيد هو مَن لا يقوى على المنافسة، في سوق انفتح وتوسَّع، وباتت التطبيقات الذكية تجعله مفتوحاً على كلِّ المستهلكين في العالم، حتى إنَّ الشراء من سوق ومنتجات الدول بات بين أنامل كلِّ مَن لديه القدرة الشرائية. الحماية الجمركية اليوم لن تفيد الراغبين بالاختباء وراءها، بل ستكون أكبر تشوُّه تعيشه الأسواق المحلية عبر تضخُّم أسعار المواد الخام، وتوَلُّد ضغوط تضخُّم التكاليف، وقد يركن المُنتِج المحلي إلى الحماية فيكون الربح على حساب النوعية والجودة. الخاسرون في سوق الحماية الجمركية، في الدول التي تنزع إليها، المستهلكون، والعملات المحلية، والقائمون على السياسات النقدية، الضرر سيصيب الجميع. المَخرَج الوحيد سيكون بالنزوع نحو نظام نقدي عالمي جديد، قد يفقد فيه الدولار مكان الصدارة، ويتحوَّل العالم قريباً نحو تسويات تبادلية ثنائية، أو ضمن مجموعات تجارية، أو بكليهما، ومن الواضح أنَّ العملات الرقمية ستكون سيدة الموقف، وأنَّ عملات وطينة، أو سلة عملات وطنية، ستقود أسواق التجارة الدولية، وأسعار التبادل الدولي، ومعدلات أسعار الصرف، ونِسب ومستويات التضخُّم في العالم. الأمر حتمية كانت ستحدث بين عقد إلى عقدين، ولكن السياسات الترامبية المُدمِّرة تجارياً ستُعَجِّل ببزوغ فجر نظام عالمي نقدي جديد بشكلٍ أسرعَ ممّا نعتقد، نظام السعر الثابت نظام نقدي متزن، ولكن على الدول أن تتحوَّل تدريجياً وشيئاً فشيئاً ضمن معادلة مدروسة، وعبر السنوات الخمس القادمة، نحو نظامِ ربطٍ ثابتٍ بعيدٍ عن سيطرة الدولار، مع إمكانية أن يبقى الدولار ضمن تلك المعادلة، ولكن ليس هو المُسيطِر عليها.

الحماية الجمركية أداة أم وسيلة؟
الحماية الجمركية أداة أم وسيلة؟

عمون

time١٣-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • عمون

الحماية الجمركية أداة أم وسيلة؟

أنتج النظام الاقتصادي العالمي عقب الحرب العالمية الثانية عام 1945 ثلاث مؤسَّسات دولية، صندوق النقد الدولي لمعالجة اختلالات أسعار الصرف وموازين المدفوعات، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير لتقديم القروض المُيسَّرة لإعادة بناء البنية التحتية ودعم القطاعات الاقتصادية المُدمَّرة، ومنظمة التجارة الدولية ITO لدعم وتحفيز التبادل التجاري بين الدول وتحرير التجارة. وقد بدأت المؤسَّستان الأولى والثانية العمل بكثافة ونشاط، وانبثق عنهما مؤسَّسات، خمس منها في حالة البنك الدولي، وشاهد العالم نتائج أعمالهما باستفادة أحياناً، وبجدل ونقد وهجوم أحياناً أخرى. بيد أنَّ المنظمة الدولية الأخيرة لم تشهد النور، وبقيت حبيسة المصالح التجارية، رهبة من التحرير التجاري، في حقبة دُمِّرت فيها الكثير من الصناعات والبنية التحتية، وأضرَّت بالصناعات الكبرى وموازين التبادل التجاري بشكل كبير، وبات أمر تحرير التجارة، إبّان تلك الفترة، مجازفة كبيرة. وفي الوقت الذي امتدت فيه مفاوضات الخروج بمعادلة مناسبة لتحرير التجارة على مدى ما ينوف على خمسين عاماً، حتى العام 1995، حينما ظهرت منظمة التجارة العالمية WTO تتويجاً لما عُرِفَ بجولات الجات GATT، فقد تحوَّلت الدول الكبرى، وخاصة في أوروبا، نحو سياسات أسمتها الحماية التنافسية Competitive Protectionism، وهي سياسات اعتمدت من جهة على الحماية الجمركية الكبيرة مع العالم الخارجي، منعاً لمنافسة منتجات الصناعات الناشئة أو المُعاد إنعاشها بعد الحرب من العالم الخارجي. ومن جهة أخرى، تبنَّت سياسات تنافسية محلية وإقليمية أوروبية تقوم على وسائل ومبادئ ومعايير ضمان جودة المنتج، ودعم الإنفاق على البحث والتطوير، وتوفير الطاقة بكلف مناسبة، وتوفير التدريب والتأهيل للقوى العاملة، عبر النظام التعليمي، وعبر التدريب المهني والتقني. وكانت النتيجة تنمية وتقوية صناعات ذات جودة عالية وقوة مدعومة بمبادئ البحث العلمي والملكية الفكرية. وتلازم ذلك مع البدء بمبادرات التعاون الإقليمي بين الدول الأوروبية، بداية بتحرير التجارة البينية تدريجياً، ثمَّ إنشاء الاتحاد الجمركي الذي وحَّد الرسوم بين الأعضاء عند مستويات مقبولة، واحتفظ برسوم جمركية حمائية مع العالم الآخر، ثمَّ النزوع إلى السوق المشتركة بداعي التبادل التجاري بشكل أكبر عبر تحرير التجارة وتفكيك الرسوم الجمركية بين المجموعة، وصولاً إلى الاتحاد الاقتصادي، الذي وحَّدَ القارة الأوروبية، في نهاية المطاف، ضمن سياسات مالية ونقدية، وعملة واحدة. وقد أظهرت التجربة الأوروبية قوة ونجاعة التدرُّج في تحرير التجارة، وصولاً إلى منطقة اقتصادية متوحِّدة ذات قدرات وقوة اقتصادية كبيرة، حتى بعد أن اهتزت بالخروج البريطاني منها. الشاهد أنَّ معادلة التعرفة الجمركية التي انتهجتها تلك الكتلة عملت مؤقتاً على حماية صناعاتها وتقويتها، وأنَّ مبرِّرات بقائها انتفت بعد أن بات الفيصل هو الجودة، والقدرة على التنافس عالمياً. فلم تكن التعرفة الجمركية يوماً مَصدراً لجباية المال لخزينة الدولة، كما أنها لم تكن وسيلة لمنع التبادل التجاري بقدر ما كانت أداة لدعم وتقوية الصناعات الوليدة ومساندة الصناعات الناهضة. الصين، والعديد من الاقتصادات الناشئة، تعلَّمت درس الرسوم الجمركية مبكِّراً، وجعلت أهمَّ توجُّهاتها النفاذَ إلى الأسواق عبر النوعية والكلف المجدية المناسبة، وخاصة بعد أن آمَنَ الجميع بحرية التجارة كمعادلة رابحة، وأنَّ الخاسر الوحيد هو مَن لا يقوى على المنافسة، في سوق انفتح وتوسَّع، وباتت التطبيقات الذكية تجعله مفتوحاً على كلِّ المستهلكين في العالم، حتى إنَّ الشراء من سوق ومنتجات الدول بات بين أنامل كلِّ مَن لديه القدرة الشرائية. الحماية الجمركية اليوم لن تفيد الراغبين بالاختباء وراءها، بل ستكون أكبر تشوُّه تعيشه الأسواق المحلية عبر تضخُّم أسعار المواد الخام، وتوَلُّد ضغوط تضخُّم التكاليف، وقد يركن المُنتِج المحلي إلى الحماية فيكون الربح على حساب النوعية والجودة. الخاسرون في سوق الحماية الجمركية، في الدول التي تنزع إليها، المستهلكون، والعملات المحلية، والقائمون على السياسات النقدية، الضرر سيصيب الجميع. المَخرَج الوحيد سيكون بالنزوع نحو نظام نقدي عالمي جديد، قد يفقد فيه الدولار مكان الصدارة، ويتحوَّل العالم قريباً نحو تسويات تبادلية ثنائية، أو ضمن مجموعات تجارية، أو بكليهما، ومن الواضح أنَّ العملات الرقمية ستكون سيدة الموقف، وأنَّ عملات وطينة، أو سلة عملات وطنية، ستقود أسواق التجارة الدولية، وأسعار التبادل الدولي، ومعدلات أسعار الصرف، ونِسب ومستويات التضخُّم في العالم. الأمر حتمية كانت ستحدث بين عقد إلى عقدين، ولكن السياسات الترامبية المُدمِّرة تجارياً ستُعَجِّل ببزوغ فجر نظام عالمي نقدي جديد بشكلٍ أسرعَ ممّا نعتقد، نظام السعر الثابت نظام نقدي متزن، ولكن على الدول أن تتحوَّل تدريجياً وشيئاً فشيئاً ضمن معادلة مدروسة، وعبر السنوات الخمس القادمة، نحو نظامِ ربطٍ ثابتٍ بعيدٍ عن سيطرة الدولار، مع إمكانية أن يبقى الدولار ضمن تلك المعادلة، ولكن ليس هو المُسيطِر عليها.

العالم نحو اقتصاد أكثر عزلة والأسواق تعيد ترتيب الأولويات
العالم نحو اقتصاد أكثر عزلة والأسواق تعيد ترتيب الأولويات

Independent عربية

time١١-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • Independent عربية

العالم نحو اقتصاد أكثر عزلة والأسواق تعيد ترتيب الأولويات

تعد تداعيات قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على نحو 60 دولة في العام مؤشراً واضحاً على أن الأسواق تتجه نحو تقوقع اقتصادي، إذ يتوقع أن تتراجع مستويات عولمة التجارة بصورة كبيرة، وما يجرى تداوله حالياً ما هو إلا نتاج عقود سابقة جرى التحوط لها مسبقاً. ومع استمرار هذا المسار، فإن التضخم سيواصل الارتفاع بوتيرة متسارعة، وسط تحذيرات من أزمة اقتصادية أوسع نطاقاً. وسواء نجحت هذه الرسوم في تقليص العجز التجاري الأميركي أم لا، فإن آثارها الأعمق تتجاوز الأرقام، فهي تعيد صياغة المنطق الذي تأسست عليه التجارة الدولية، وتدخل العالم في عصر جديد تتراجع فيه العولمة أمام المد الإقليمي. وتشهد الأسواق العالمية اليوم تحولاً عميقاً مع تسارع تراجع العولمة وتزايد التوجه نحو التركيز الإقليمي، في أعقاب السياسات الحمائية التي أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرضها بقوة على الساحة الاقتصادية. شكلت الرسوم الجمركية الجديدة صدمة قوية للنظام التجاري العالمي، وأشعلت موجة من التقلبات في الأسواق المالية، دفعت بعديد من الدول والشركات إلى إعادة النظر في استراتيجياتها العابرة للحدود. ويقول محللون، إن هذه الرسوم لم تحدث فقط اضطراباً في الأسواق، بل أسهمت في تسريع اتجاه قائم بالفعل وهو تراجع العولمة، فبدلاً من بناء شبكات إمداد دولية معقدة، بدأت الشركات تميل نحو تبسيط عملياتها والتركيز على سلاسل توريد محلية أو إقليمية أكثر أماناً واستقراراً. ويبدو أن المفهوم الذي ساد خلال العقود الثلاثة الماضية، بأن العالم "قرية واحدة، يتآكل تدريجاً لمصلحة أنماط جديدة من التفاعل التجاري تقوم على الجغرافيا والثقة السياسية، لا الكفاءة أو الكلفة وحدها". من جانبه دافع ترمب عن هذه السياسات بوصفها "إعادة تصحيح للمسار"، مؤكداً أن العجز التجاري مع شركاء كبار كالصين والاتحاد الأوروبي "لم يعد مقبولاً". وقال من على متن طائرته الرئاسية، "إما أن نحقق فائضاً، أو في الأقل التوازن... نحن لا نقبل الخسارة". في المقابل، حذر اقتصاديون كبار مثل وزير الخزانة الأميركي السابق لاري سامرز، من أن هذه الإجراءات تشكل "جرحاً ذاتياً غير مسبوق" للاقتصاد الأميركي، مع تقديرات بخسائر للمستهلكين الأميركيين قد تتجاوز 30 تريليون دولار. ورفع "جيه بي مورغان" توقعاته لاحتمال حدوث ركود عالمي إلى 60 في المئة، مشيراً إلى أن الأسواق باتت أكثر هشاشة أمام أي صدمة مفاجئة. وبدأت الانعكاسات تظهر فعلياً، فشركات عالمية مثل "نينتندو" و"ستيلانتيس" أعلنت تأجيلات وتسريحات مفاجئة، وأسواق آسيا تهاوت، وسوق "وول ستريت" فقدت 6.6 تريليون دولار في يومين، في أكبر خسارة منذ عقود. ضربة قاصمة لمنظمة التجارة وقال المتخصص البحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية محمد الصياد إن العولمة ارتبطت بالتدويل العميق لأسواق المال وتكاملها، سواء من خلال تبادل تسجيل الشركات أو طرح الأوراق المالية (كالأسهم والسندات وشهادات الاستثمار في صناديق التحوط والاستثمار)، إلى جانب ارتباطها بتحول العالم من صيغة تعاون أدنى في التجارة العالمية تمثلت في "الاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة" (GATT) لعام 1947، إلى صيغة أكثر شمولاً وعمقاً، وهي "منظمة التجارة العالمية" التي تأسست عام 1995 لتحل محل اتفاقية "الغات". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) أضاف الصياد أن هاتين القاعدتين الأساسيتين للعولمة، كما عرفهما العالم طوال العقود الثلاثة الماضية، لن تعودا كما كانتا، مشيراً إلى أن منظمة التجارة العالمية تلقت ضربة قاصمة، قد يصعب عليها النهوض منها إلا إذا تغيرت النظرة السائدة داخل النظام السياسي الأميركي، الذي يتجه نحو الانعزال والمواجهة مع بقية أسواق العالم. وأكد الصياد أن رد فعل الأسواق الأولية كانت طبيعية جداً، نظراً إلى حجم وعمق الحدث، في إشارة إلى الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة، سواء من حيث مستواها المرتفع أو نطاقها الواسع. وقال إن "العوامل التقنية" التي تؤثر في أداء البورصات، لا سيما العامل النفسي، ستظهر بسرعة وبقوة، إذ تؤدي إلى حال من القلق لدى المستثمرين، إلى جانب "الأساسيات الاقتصادية" التي تلقت صدمة عنيفة تجعل من الصعب إدراك تداعياتها على المدى القريب. وتابع الصياد "لكن الأسواق، وبعد استيعاب الصدمة، ستبدأ بالتقاط أنفاسها وتعود بحذر، خصوصاً الأسواق المحلية والإقليمية. ويرجح أن يتفادى المستثمرون المراكز المالية الكبرى التي اعتادوا متابعة بياناتها اليومية، ويتجهوا بصورة أكبر نحو الأسواق الناشئة في بلدانهم وضمن الجوار الإقليمي". وفي سياق متصل، أشار الصياد إلى خطوة لافتة أقدمت عليها الصين وسط هذه الأجواء الاقتصادية الملبدة، إذ أصدرت في الثاني من أبريل (نيسان) الجاري في لندن، أول سندات خضراء خارجية مقومة بالرنمينبي بقيمة 6 مليارات يوان (نحو 822 مليون دولار)، مما يمهد الطريق أمام عولمة عملتها. وأوضح أن بكين، وبعدما بدأت بإصدار سندات مقومة بالدولار الأميركي، ها هي اليوم تصدر سندات خضراء بعملتها الوطنية، متجاهلة وكالات التصنيف الائتماني، في رسالة واضحة مفادها أنها لم تعد تولي تلك الوكالات أي أهمية تذكر. تراجع كبير يهدد الاقتصاد وعولمة التجارة من جانبه قال المحلل المصرفي حسن الريس للصحيفة، إن الاقتصاد العالمي ومفهوم عولمة التجارة يواجهان أخطاراً كبيرة في المرحلة الراهنة، زادت حدتها بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أخيراً فرض رسوم جمركية شاملة على واردات من نحو 60 دولة، في خطوة أثارت قلق الأسواق العالمية وأشعلت مخاوف من الدخول في دوامة ركود اقتصادي عالمي. ورأى الريس أن السياسات الحمائية التي تعهد بها ترمب وبدأ تنفيذها فعلياً ستؤدي بلا شك إلى تراجع شهية الحكومات والصناعات للاستمرار في أنشطة الأعمال بالشكل المعتاد، بخاصة أن بيئة التجارة العابرة للحدود باتت أكثر تقلباً وكلفة. وأضاف "في ظل حال عدم اليقين التي تسيطر على الأسواق، سترتفع الكلف المرتبطة بأي تجارة دولية، وغالباً ما تنقل هذه الكلف في نهاية المطاف إلى المستهلكين، الذين تبقى دخولهم ثابتة من دون تغيير، ما يزيد من الضغط على القدرة الشرائية ويؤجج مشاعر عدم الاستقرار". وقال الريس "استناداً إلى تجارب سابقة، ندرك أن السلع الكمالية ستكون أول من يتأثر بهذه التداعيات. لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فهناك عوامل أخرى مقلقة تستدعي الانتباه، وأبرزها صعود النزعة الحمائية، التي غالباً ما تظهر في مثل هذه السيناريوهات". وتابع المحلل المصرفي "تبدأ الحمائية عادة من السلع الأساسية مثل الرز والحبوب والفول، إذ يؤدي شح الإمدادات إلى ارتفاع الأسعار، مما ينعكس على رفوف المتاجر، وقد يصل إلى حد عدم توفر بعض المنتجات، إذ تلجأ الدول المنتجة إلى الاحتفاظ بهذه السلع لاستخدامها المحلي فحسب، أو لاستخدامها كورقة ضغط وأداة تفاوض في علاقاتها التجارية". وبينما تسعى بعض الحكومات للرد بالمثل عبر تعريفات انتقامية، يبدو أن الضرر الأوسع قد طال النظام الاقتصادي الدولي برمته، فالعولمة التي بنيت على حرية تنقل السلع والاستثمارات بدأت تتلاشى تحت وطأة السياسة، والنتيجة هي عودة العالم إلى "دوائر الثقة" الجغرافية، إذ تسود التجارة مع الجيران على حساب العابر للحدود. وحذر المحللون من أن هذه التطورات ستقود إلى تراجع العولمة، مع انخفاض في العروض العابرة للحدود وتشكيل تكتلات تجارية جديدة تركز على الجوار الجغرافي بدل الانفتاح العالمي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store