أحدث الأخبار مع #«بريتونوودز»


٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- أعمال
مستقبل منظمة التجارة العالمية فى ظل الحمائية
هل انتهى دور منظمة التجارة العالمية بعد الإجراءات الحمائية الدولية؟ هذا هو التساؤل المطروح الآن على الساحة العالمية بعد ان قام الرئيس ترامب بتشديد الرسوم الجمركية على جميع الواردات الأمريكية، وأعلن يوم الأربعاء 2 ابريل 2025 عن رسومه الجمركية الجديدة فيما وصفه بـ«يوم التحرير»، والقاضية بفرض تعريفات جمركية على العديد من البلدان وهى خطوة كبيرة نحو عصر جديد قديم من الحماية التجارية .وإذا ما تم تنفيذ هذه السياسة فإنها تُعد محاولة لإعادة تشكيل الاقتصاد الأمريكى والنظام التجارى العالمى ككل. فالولايات المتحدة كانت تقود النظام التجارى العالمى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث لعبت دور الحارس للأسواق المفتوحة، وهو دور بدأ بعد الحرب العالمية الثانية، حين خرجت أمريكا كالمشرفة الرئيسية على الأسواق المفتوحة، وبلغ ذروته فى عام 1995 مع إنشاء منظمة التجارة العالمية، وقد صعدت الصين داخل هذا النظام، مكتفية بإبداء الالتزام الشكلى بالقواعد بعد انضمامها فى 2001، رغم انتهاكها العديد منها. وطالما اتُّهمت بتشويه النظام التجارى العالمى من خلال تقديم إعانات ضخمة وقروض منخفضة التكلفة من البنوك الحكومية لصناعات مفضلة. لكن الآن، مع فرض هذه الرسوم الجمركية، فإن واشنطن تنتهك بوضوح المبادئ الأساسية للمنظمة، خاصة عدم التمييز والمعاملة بالمثل، مما يضعف مصداقيتها على الساحة الدولية ويفتح المجال أمام إعادة تشكيل النظام الاقتصادى العالمى بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية. وتعد هذه السياسة بمثابة الإعلان الرسمى عن نهاية النظام التجارى القائم حاليا، والمعتمد أساسا على ضمان تدفق التجارة الدولية دون اللجوء إلى ممارسات تمييزية فى التجارة أو أسعار الصرف تحاشيا للعودة إلى فترة الكساد الكبير «1929 – 1932»، التى اصطلح على تسميتها سياسة «إفقار الجار» عبر التخفيض التنافسى للعملات الوطنية مع ما أثارته من ردود أفعال انتقامية عنيفة من جانب البلدان الشريكة فى التجارة وأدت إلى إصابة الاقتصاد العالمى بالوهن والضعف وأدت الى الكساد الكبير. وقد سار هذا النظام سيرا حسنا حتى بدايات القرن الحالي، فى إطار منظمة التجارة العالمية رغم أن تأسيسها لم يكن سهلا، حيث كان قد تقرر تشكيلها فى عام 1947 خلال مؤتمر «هافانا»، إلا أن الكونجرس الأمريكى رفض توقيع الاتفاقية آنذاك انطلاقا من رغبته فى الحفاظ على السيادة الوطنية للدولة، حيث تخوف الأعضاء من أن يؤدى إنشاء المنظمة إلى التخلى عن القوانين المحلية، التى تسمح بفرض عقوبات تجارية على شركائها التجاريين، ولم يتم التصديق على الاتفاقية إلا بعد أن تأكد الأعضاء من أنها لا تغير الوضع القائم لأى دولة من الدول الأعضاء. أما الآن، فإن الرسوم الجمركية الأمريكية تنتهك عمدًا المبدأ الجوهرى لعدم التمييز كما هو منصوص عليه فى المادة الأولى من المعاهدة التأسيسية لمنظمة التجارة العالمية. ونتيجة لذلك، فإن الدول لم تعد تحاول إنقاذ النظام الحالي، بل تسعى لتبنى نظام جديد أقل اعتمادًا على الطلب الأمريكى وأكثر حماية من فائض الطاقة الإنتاجية الصيني. عموما فإن السياسة الراهنة، مع ما أثارته من ردود أفعال انتقامية من جانب البلدان الأخرى الشريكة فى التجارة ستؤدى إلى انهيار الضلع الثالث الباقى من نظام «بريتون وودز» القائم على حرية التجارة وفتح الأسواق عبر تخفيض التعريفات الجمركية، بحيث يصير البشر فى شتى أنحاء العالم جزءا من سوق استهلاكية عالمية موحدة.لذلك فإن استمرار فرض تعريفات جمركية جديدة من قبل الاقتصادات الكبرى يضع النظام التجارى العالمى أمام مرحلة حرجة تهدد مسارات النمو والاستثمار والتقدم التنموي، خصوصا فى الدول الأقل نموا، ويزيد من حالة عدم اليقين التى تعيق التخطيط الاقتصادى وتضر بثقة الأسواق. إذ إن فقدان الولايات المتحدة مكانتها كقوة اقتصادية منفتحة، وتخليها عن دورها كضامن للنظام التجارى العالمى متعدد الأطراف، سيؤدى ذلك إلى إعادة تشكيل النظام التجارى العالمي. لذلك أصبحنا على شفا مرحلة جديدة تقوم على أسس مختلفة تماما فى ظل وجود لاعبين جدد وتقنيات جديدة وقواعد تعمل على إيجاد اقتصاد عالمى مختلف. بل إن فكرة «المزايا النسبية» التى اعتمدت عليها التجارة الدولية ، فيما مضي، قد أصبحت محل شك كبير، بعد أن أدت التطورات التكنولوجية الهائلة إلى ازدياد قدرات الدول على إيجاد قدرات تكنولوجية تمكنها من تطوير طاقتها الإنتاجية وتحولت المجتمعات من « المزايا النسبية» إلى «القدرة التنافسية»، وهى تقوم بالأساس على الانتقال من النظرة الاستاتيكية إلى النظرة الديناميكية، وبالتالى لا ضرورة أن تكون الميزة الوطنية موروثة، إذ يمكن اكتسابها عبر الابتكار التكنولوجي، اى الانتقال من المدخلات المادية إلى المدخلات التكنولوجية. وهو ما أدى إلى التغييرات فى الأهمية النسبية لعوامل الإنتاج، مما يعنى الابتعاد عن التجارة ذات الكثافة فى اليد العاملة غير الماهرة إلى منتجات كثيفة المعرفة. وهكذا يبدو ان التجارة العالمية تتجه نحو التعددية القطبية، حيث لم يعد النظام التجارى يدار من قبل أمريكا والصين وحدهما، بل باتت قوى أخرى مثل الاتحاد الأوروبى والهند والبرازيل تلعب دورًا فى صياغة القواعد الجديدة.هذا التحول يعكس عالماً أكثر انقسامًا لكنه أيضًا أكثر توازنًا تجاريًا وهكذا أعادت الازمة الاعتبار للدولة القومية والتحالفات الإقليمية بدلاً من السوق العالمية.وبالتالى أصبح من غير المحتمل العودة مرة اخرى للحديث عن العولمة المفيدة للأطراف، والتى بنى على أساسها النظام الاقتصادى الحالي، وتم تقويض المبادئ الأساسية للتصنيع العالمى من خلال سلاسل القيمة المرتبطة بعدة دول، ووضعت كل دولة مصلحتها الوطنية أولا. إن هذه الأحداث، قد كتبت النهاية لحقبة ما بعد الحرب الباردة وتعد بمثابة الإعلان عن انهيار النظام الحالي، والقائم على أساس «توافق واشنطن» بآلياته ومؤسساته، وبدء البحث عن نظام جديد أكثر إنسانية واقل وحشية. الامر الذى يشير الى ان الفرصة سانحة للدول النامية وعلى رأسها الدول العربية ومن ضمنها مصر، للدخول الى الحلبة من جديد شريطة امتلاك الرؤية الكاملة للمصالح العربية وأولوياتها، الأمر الذى يمكنها من إصلاح أوضاعها الداخلية، بحيث تصبح قادرة على الوقوف فى وجه المنافسة العاتية القادمة على رياح التجارة الدولية.


٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- أعمال
مستقبل منظمة التجارة العالمية فى ظل الحمائية
هل انتهى دور منظمة التجارة العالمية بعد الإجراءات الحمائية الدولية؟ هذا هو التساؤل المطروح الآن على الساحة العالمية بعد ان قام الرئيس ترامب بتشديد الرسوم الجمركية على جميع الواردات الأمريكية، وأعلن يوم الأربعاء 2 ابريل 2025 عن رسومه الجمركية الجديدة فيما وصفه بـ«يوم التحرير»، والقاضية بفرض تعريفات جمركية على العديد من البلدان وهى خطوة كبيرة نحو عصر جديد قديم من الحماية التجارية .وإذا ما تم تنفيذ هذه السياسة فإنها تُعد محاولة لإعادة تشكيل الاقتصاد الأمريكى والنظام التجارى العالمى ككل. فالولايات المتحدة كانت تقود النظام التجارى العالمى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث لعبت دور الحارس للأسواق المفتوحة، وهو دور بدأ بعد الحرب العالمية الثانية، حين خرجت أمريكا كالمشرفة الرئيسية على الأسواق المفتوحة، وبلغ ذروته فى عام 1995 مع إنشاء منظمة التجارة العالمية، وقد صعدت الصين داخل هذا النظام، مكتفية بإبداء الالتزام الشكلى بالقواعد بعد انضمامها فى 2001، رغم انتهاكها العديد منها. وطالما اتُّهمت بتشويه النظام التجارى العالمى من خلال تقديم إعانات ضخمة وقروض منخفضة التكلفة من البنوك الحكومية لصناعات مفضلة. لكن الآن، مع فرض هذه الرسوم الجمركية، فإن واشنطن تنتهك بوضوح المبادئ الأساسية للمنظمة، خاصة عدم التمييز والمعاملة بالمثل، مما يضعف مصداقيتها على الساحة الدولية ويفتح المجال أمام إعادة تشكيل النظام الاقتصادى العالمى بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية. وتعد هذه السياسة بمثابة الإعلان الرسمى عن نهاية النظام التجارى القائم حاليا، والمعتمد أساسا على ضمان تدفق التجارة الدولية دون اللجوء إلى ممارسات تمييزية فى التجارة أو أسعار الصرف تحاشيا للعودة إلى فترة الكساد الكبير «1929 – 1932»، التى اصطلح على تسميتها سياسة «إفقار الجار» عبر التخفيض التنافسى للعملات الوطنية مع ما أثارته من ردود أفعال انتقامية عنيفة من جانب البلدان الشريكة فى التجارة وأدت إلى إصابة الاقتصاد العالمى بالوهن والضعف وأدت الى الكساد الكبير. وقد سار هذا النظام سيرا حسنا حتى بدايات القرن الحالي، فى إطار منظمة التجارة العالمية رغم أن تأسيسها لم يكن سهلا، حيث كان قد تقرر تشكيلها فى عام 1947 خلال مؤتمر «هافانا»، إلا أن الكونجرس الأمريكى رفض توقيع الاتفاقية آنذاك انطلاقا من رغبته فى الحفاظ على السيادة الوطنية للدولة، حيث تخوف الأعضاء من أن يؤدى إنشاء المنظمة إلى التخلى عن القوانين المحلية، التى تسمح بفرض عقوبات تجارية على شركائها التجاريين، ولم يتم التصديق على الاتفاقية إلا بعد أن تأكد الأعضاء من أنها لا تغير الوضع القائم لأى دولة من الدول الأعضاء. أما الآن، فإن الرسوم الجمركية الأمريكية تنتهك عمدًا المبدأ الجوهرى لعدم التمييز كما هو منصوص عليه فى المادة الأولى من المعاهدة التأسيسية لمنظمة التجارة العالمية. ونتيجة لذلك، فإن الدول لم تعد تحاول إنقاذ النظام الحالي، بل تسعى لتبنى نظام جديد أقل اعتمادًا على الطلب الأمريكى وأكثر حماية من فائض الطاقة الإنتاجية الصيني. عموما فإن السياسة الراهنة، مع ما أثارته من ردود أفعال انتقامية من جانب البلدان الأخرى الشريكة فى التجارة ستؤدى إلى انهيار الضلع الثالث الباقى من نظام «بريتون وودز» القائم على حرية التجارة وفتح الأسواق عبر تخفيض التعريفات الجمركية، بحيث يصير البشر فى شتى أنحاء العالم جزءا من سوق استهلاكية عالمية موحدة.لذلك فإن استمرار فرض تعريفات جمركية جديدة من قبل الاقتصادات الكبرى يضع النظام التجارى العالمى أمام مرحلة حرجة تهدد مسارات النمو والاستثمار والتقدم التنموي، خصوصا فى الدول الأقل نموا، ويزيد من حالة عدم اليقين التى تعيق التخطيط الاقتصادى وتضر بثقة الأسواق. إذ إن فقدان الولايات المتحدة مكانتها كقوة اقتصادية منفتحة، وتخليها عن دورها كضامن للنظام التجارى العالمى متعدد الأطراف، سيؤدى ذلك إلى إعادة تشكيل النظام التجارى العالمي. لذلك أصبحنا على شفا مرحلة جديدة تقوم على أسس مختلفة تماما فى ظل وجود لاعبين جدد وتقنيات جديدة وقواعد تعمل على إيجاد اقتصاد عالمى مختلف. بل إن فكرة «المزايا النسبية» التى اعتمدت عليها التجارة الدولية ، فيما مضي، قد أصبحت محل شك كبير، بعد أن أدت التطورات التكنولوجية الهائلة إلى ازدياد قدرات الدول على إيجاد قدرات تكنولوجية تمكنها من تطوير طاقتها الإنتاجية وتحولت المجتمعات من « المزايا النسبية» إلى «القدرة التنافسية»، وهى تقوم بالأساس على الانتقال من النظرة الاستاتيكية إلى النظرة الديناميكية، وبالتالى لا ضرورة أن تكون الميزة الوطنية موروثة، إذ يمكن اكتسابها عبر الابتكار التكنولوجي، اى الانتقال من المدخلات المادية إلى المدخلات التكنولوجية. وهو ما أدى إلى التغييرات فى الأهمية النسبية لعوامل الإنتاج، مما يعنى الابتعاد عن التجارة ذات الكثافة فى اليد العاملة غير الماهرة إلى منتجات كثيفة المعرفة. وهكذا يبدو ان التجارة العالمية تتجه نحو التعددية القطبية، حيث لم يعد النظام التجارى يدار من قبل أمريكا والصين وحدهما، بل باتت قوى أخرى مثل الاتحاد الأوروبى والهند والبرازيل تلعب دورًا فى صياغة القواعد الجديدة.هذا التحول يعكس عالماً أكثر انقسامًا لكنه أيضًا أكثر توازنًا تجاريًا وهكذا أعادت الازمة الاعتبار للدولة القومية والتحالفات الإقليمية بدلاً من السوق العالمية.وبالتالى أصبح من غير المحتمل العودة مرة اخرى للحديث عن العولمة المفيدة للأطراف، والتى بنى على أساسها النظام الاقتصادى الحالي، وتم تقويض المبادئ الأساسية للتصنيع العالمى من خلال سلاسل القيمة المرتبطة بعدة دول، ووضعت كل دولة مصلحتها الوطنية أولا. إن هذه الأحداث، قد كتبت النهاية لحقبة ما بعد الحرب الباردة وتعد بمثابة الإعلان عن انهيار النظام الحالي، والقائم على أساس «توافق واشنطن» بآلياته ومؤسساته، وبدء البحث عن نظام جديد أكثر إنسانية واقل وحشية. الامر الذى يشير الى ان الفرصة سانحة للدول النامية وعلى رأسها الدول العربية ومن ضمنها مصر، للدخول الى الحلبة من جديد شريطة امتلاك الرؤية الكاملة للمصالح العربية وأولوياتها، الأمر الذى يمكنها من إصلاح أوضاعها الداخلية، بحيث تصبح قادرة على الوقوف فى وجه المنافسة العاتية القادمة على رياح التجارة الدولية.


الجريدة الكويتية
٢٧-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- الجريدة الكويتية
هويتنا الاقتصادية
يحدد الخبراء مفهوم الهوية الاقتصادية على أنها طريقة التصرف في الموارد الاقتصادية (الطبيعية، والبشرية، والمالية) للدولة، ما بين القطاع الخاص أو العام، أو الجمع بينهما، ويحدد كذلك نظام ملكية هذه الموارد، من ملكية عامة أو خاصة أو الجمع بينهما، وعلى طريقة الاختيار بين تلك المبادئ يتم عادة تحديد وجهة النظام الاقتصادي للدولة أو التكتل، فيما إذا كان يتبع النظام الرأسمالي أو الاشتراكي، أو الإسلامي، أو المختلط؟ فالهويات الاقتصادية للدول تأثرت تبعاً لتوجهاتها الاقتصادية وظروفها وأحوالها وتفاعلاتها الاقتصادية والجيوسياسية مع التطورات العالمية والتحالفات والتكتلات القائمة على أسس اقتصادية مثل الاشتراكية والرأسمالية. ومع التغيرات المتتابعة التي نتجت عن النشاط الاقتصادي الإنساني المتراكم على مدى قرون، لا سيما التوجهات الاقتصادية التي أعقبت الحرب العالمية الأولى والثانية، انبرت الرأسمالية باعتبارها الهوية الاقتصادية للعالم المنتصر الذي تبنى نظرياتها ومقارباتها الاقتصادية والمالية والنقدية، وظهرت الولايات المتحدة بصفتها اللاعب الاقتصادي الذي حصد ثمار الحرب العالمية الثانية، وعزز مكاسبه بعد تبني الدولار عملة رئيسة للنظام النقدي العالمي والتبادل التجاري وتسعير السلع الأساسية، وتعززت بناء على ذلك مكاسب الدولار التي أعقبت اتفاقية «بريتون وودز»، الاسم الشائع لمؤتمر النقد الدولي الذي انعقد من صيف عام 1944م في «بريتون وودز» في ولاية «نيوهامبشر» الأميركية. وقد حضر المؤتمر ممثلون عن 44 دولة، ليضعوا خططاً من أجل استقرار النظام العالمي المالي ولتنمية التبادل التجاري بعد الحرب العالمية الثانية، ونتج عن مؤتمر «بريتون وودز» إنشاء منظمتين دوليتين هما: صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، وقد عمل الصندوق على تشجيع الاستقرار المالي الدولي، من خلال توفير المساعدات قصيرة الأجل لمساعدة الأعضاء الذين يواجهون عجزا في ميزان المدفوعات، وقد أعطى البنك قروضاً دولية ذات آجال طويلة خاصة للدول ذات النمو المتدني. وفي أوائل السبعينيات قامت الولايات المتحدة بالتخلي عن أهم مخرجات «بريتون وودز»، حيث لم يعد الدولار مغطى بالذهب. وبحلول عام 1973 سيطرت قوة العرض والطلب على الدولار وعملات الدول الصناعية الكبرى، وباتت العملات الرئيسة ملجأ لربط العملات الأقل قوة وبناء الاحتياطيات. وفي بداية التسعينيات انطلقت العولمة كهوية اقتصادية للنظام الاقتصادي العالمي، حيث طويت معها صفحة صراع الهويات الأيديولوجية على الصعيد الاقتصادي، فلم يعد هناك مجال للهوية الاشتراكية، أو التخطيط المركزي، فغالبية دول العالم تبنت الهوية الرأسمالية، حتى بالنسبة لروسيا والصين، اللتين كانتا تمثلان هويات اشتراكية من قبل، لكنهما انخرطتا في آليات النظام الاقتصادي الرأسمالي، وانتهجتا آلية الخصخصة، والسعي لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والاندماج في عضوية منظمة التجارة العالمية. ومع التغييرات الجمركية الحمائية التي فرضتها إدارة ترامب الحالية، التي يراها الكثير من الخبراء أنها أحدثت شرخاً في النظام الاقتصادي العالمي، إلا أنها أثبتت أهمية تبني كل دولة هوية اقتصادية مرنة ترسم الصورة الذهنية للأسس النظرية التي ترتكز عليها الاقتصادات الوطنية لتحقيق الأهداف العامة وتطوير السياسات التي تدير من خلالها البرامج الاقتصادية والتنموية، بما في ذلك إدارة الموارد والمالية العامة والمحافظة على البيئة الاقتصادية الممكنة لتحقيق الرفاه والازدهار الاقتصادي. والكويت منذ تأسيسها لديها اقتصاد حر ارتبط بالأنشطة البحرية وصناعاتها، وقابل للتطور ويملك مقومات الاقتصاد البرتقالي والاقتصاد الأزرق. فالاقتصاد البرتقالي، وفقاً للأمم المتحدة، هو مفهوم متطور قائم على مساهمة وإمكانات الأصول الإبداعية في النمو الاقتصادي والتنمية، وهو يشمل الجوانب الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي تتفاعل مع التكنولوجيا والملكية الفكرية والأهداف السياحية، فهو مجموعة من الأنشطة الاقتصادية القائمة على المعرفة، ذات بعد تنموي وروابط متداخلة على المستويين الكلي والجزئي للاقتصاد بشكل عام. وتقدر الأمم المتحدة أن الصناعات الثقافية والإبداعية تمثل 3.1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. أما الاقتصاد الأزرق فيعمل كإطار عمل وسياسة للأنشطة الاقتصادية البحرية المستدامة، كذلك التقنيات البحرية الجديدة، ولعل مبادرة تمويل برنامج الأمم المتحدة للبيئة التي أطلقت في مارس 2021 لتمويل التعافي المستدام للمحيطات، وهو عبارة عن مجموعة أدوات عملية للسوق الأولى للمؤسسات المالية لتوجيه أنشطتها نحو تمويل الاقتصاد الأزرق المستدام. وتم استكشاف خمسة قطاعات رئيسية للمحيطات، تم اختيارها لارتباطها الراسخ بالتمويل الخاص: المأكولات البحرية، والشحن، والموانئ، والسياحة الساحلية والبحرية، والطاقة البحرية المتجددة، ولا سيما الرياح البحرية. بإمكاننا تبني هوية اقتصادية بحرية إبداعية برتقالية مرنة تتكامل مع التوجهات العالمية في الاقتصاد والتجارة، وتحقق لنا أهـداف التنمية المستدامة السبعة عشر بجوانبها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، فالكويت لديها إرث بحري وثقافي وإبداعي كونها بدأت من الماء كميناء وأول منطقة حرة في الخليج لتجارة الترانزيت، وستعود إلى الماء مزدهرة باعتمادها رؤية مستقبلية مبنية على هويتنا الاقتصادية.


Amman Xchange
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- Amman Xchange
ظل ترمب يهيمن على اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن
ستكون اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، التي تستهل يوم الاثنين المقبل في واشنطن، من أكثر الاجتماعات متابعةً في ظل تصاعد الحرب التجارية، واضطرابات التوقعات العالمية. فهذه الاجتماعات تُعقد في ظلّ أجواء الحمائية التجارية الأميركية، بالإضافة إلى عداء إدارة ترمب الظاهر تجاه المؤسسات متعددة الأطراف، وتهديد بانسحاب الولايات المتحدة. سيكون الموضوع الرئيس لاجتماعات الربيع لهذا العام هو «الوظائف - الطريق إلى الازدهار»، وسيشارك فيها وزراء المالية، ومحافظو البنوك المركزية، وكبار المسؤولين التنفيذيين في القطاع الخاص، وممثلو المجتمع المدني، والأكاديميون. خلال أسبوع، ستركز المناقشات والفعاليات بشكل كبير على الدور الحاسم لخلق فرص العمل في مواجهة التحديات العالمية، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتحسين سبل العيش، وخاصةً لفئة الشباب المتزايدة في البلدان النامية. يقول البنك الدولي هنا إنه «مع دخول 1.2 مليار شاب إلى سوق العمل خلال العقود المقبلة، ومحدودية فرص العمل الرسمية المتاحة، أصبحت الحاجة إلى حلول مستدامة وقابلة للتطوير أكبر من أي وقت مضى». ومن أبرز اجتماعات اللجان، لجنة الشؤون النقدية والمالية الدولية التابعة لصندوق النقد الدولي، والتي يرأسها وزير المالية السعودي محمد الجدعان، ولجنة التنمية المشتركة بين البنك وصندوق النقد الدوليين، حيث تُناقشان التقدم المحرز في عمل المؤسستين. لكن إنهاء أو تقليص مشاركة الولايات المتحدة في مؤسسات «بريتون وودز» ستكون لهما أهمية رمزية بالغة في الاجتماعات. إذ إن هذا الأمر قد يُصعّب على الأسواق الناشئة الحصول على التمويل متعدد الأطراف. مع العلم بأن الأسواق الناشئة منخفضة الدخل، الأكثر اعتماداً على هذا التمويل، هي من بين الأكثر تضرراً من سياسات إدارة ترمب الأخرى. وتبلغ حصة واشنطن نحو 16 في المائة في صندوق النقد الدولي، ونحو 17 في المائة في أقدم صناديق البنك. وكان مسؤولون في صندوق النقد والبنك الدوليين اجتمعوا مع وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، المسؤول الأعلى الذي يمثل الولايات المتحدة في المؤسستين، لشرح كيفية استفادة المصالح الأميركية من عملهم، سعياً جزئياً إلى دحض الانتقادات من داخل إدارة ترمب، وفقاً لأشخاص مطلعين على الوضع، والذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، لأن المناقشات كانت خاصة، وفق «بلومبرغ». كما قدمت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، ورئيس البنك الدولي، أجاي بانغا، تفسيرات مماثلة للإدارة في لقاءات منفصلة. وأكدا أن مهمتيهما -الاستقرار المالي العالمي للصندوق، والتنمية للبنك- تعودان بالنفع على الولايات المتحدة، بما في ذلك خلق الطلب على الصادرات، وتجنب الأزمات المالية، أو الإنسانية. وقالت غورغييفا في مقابلة لها مع «رويترز» الشهر الماضي إن بيسنت «يدرك جيداً أهمية وجود الصندوق للاقتصاد الأميركي»، مضيفةً أن هناك «تفاعلاً ممتازاً». وفي رد سابق على أسئلة، قال صندوق النقد الدولي إنه «أجرى مناقشات بناءة للغاية مع وزير الخزانة سكوت بيسنت، وممثلين آخرين عن الإدارة الأميركية». وأعلن البنك الدولي أنه أطلع الإدارة على إصلاحاته، وتركيزه على خلق فرص العمل، وجهوده لتحفيز رأس المال الخاص. وأضاف في بيان: «مثل أي مساهم، يرغب المساهمون في رؤية قيمة مساهماتهم، ونحن نعلم أن الثقة تُكتسب من خلال التنفيذ». بالنسبة للصندوق والبنك، فإن السيناريو الكابوسي هو أن تتخلف الولايات المتحدة عنهما. ويجادل تقرير «مشروع 2025»، الصادر عن مؤسسة «هيريتيج» المحافظة، بأن المؤسستين «تتبنيان نظريات وسياسات اقتصادية معادية لمبادئ السوق الحرة الأميركية، والحكومة المحدودة»، بما في ذلك زيادة الضرائب. وكانت تقارير ذكرت الشهر الماضي أن إدارة ترمب أوقفت مساهماتها لمنظمة التجارة العالمية، بعد استهداف المنظمة في ولاية ترمب الأولى. وبافتراض أن بيسنت سيصدر بياناً رسمياً خلال الاجتماعات -كما فعل جميع وزراء الخزانة السابقين-، فستكون هي المرة الأولى التي يُدلي فيها مسؤول كبير من إدارة ترمب برأيه علناً بشأن البنك وصندوق النقد الدوليين. آخر الشهر الماضي، كتب فريد بلحاج، وهو زميل أول في «المجلس الأطلسي» (Atlantic Council) والذي شغل منصب نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من عام 2018 إلى عام 2024، أن «صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية شكلت العمود الفقري للاستقرار المالي العالمي بعد الحرب العالمية الثانية. ولكن إذا أدت مراجعة ترمب للمنظمات متعددة الأطراف إلى تقليص الولايات المتحدة مساهماتها، أو انسحابها من قيادتها بالكامل، فقد يُفقد هذه المؤسسات فعاليتها، مما يجعل الأسواق الناشئة عُرضة لارتفاع تكاليف الاقتراض، وعدم الاستقرار المالي». المؤسسة الدولية للتنمية وثمة سؤال آخر يُطرح، وهو: ما موقف وزارة الخزانة الأميركية من المؤسسة الدولية للتنمية؟ ذراع الإقراض المُيسّر للبنك الدولي، وكانت اختُتمت مفاوضات تجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما كان الرئيس جو بايدن لا يزال في منصبه. وكانت الولايات المتحدة أكبر مانح، إذ تعهدت إدارة بايدن بتقديم 4 مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات، وهو ما يمثل 17 في المائة من إجمالي التعهدات للدورة المقبلة للمؤسسة الدولية للتنمية، والتي تبدأ في يوليو (تموز) 2025. ويقع على عاتق إدارة ترمب الوفاء بهذا التعهد، ومن المحتم إجراء بعض المراجعة التنازلية. يوم الأربعاء الماضي، أكد رئيس البنك الدولي أنه أجرى محادثات بناءة مع إدارة ترمب بشأن المؤسسة الدولية للتنمية، لكنه لا يعلم حجم المساهمة الأميركية في صندوق البنك لأفقر دول العالم. وأضاف للصحافيين أنه في حال عدم وفاء الولايات المتحدة بتعهدها بتقديم 4 مليارات دولار لمؤسسة التنمية الدولية من إدارة بايدن، وخفض بعض الدول الأوروبية تعهداتها المالية، فقد تُخفض جولة تمويل المؤسسة الأخيرة البالغة 100 مليار دولار إلى 80 أو 85 مليار دولار. ما المتوقع؟ يقول مركز التنمية العالمي، الذي يرأس مجلس إدارته وزير الخزانة السابق لورانس سمرز، إنه من المرجح أن يحاول صندوق النقد الدولي الحفاظ على حضوره الهادئ خلال الاجتماعات، في انتظار مراجعة إدارة ترمب لمشاركة الولايات المتحدة في المنظمات متعددة الأطراف. ومع ذلك، سيكون من الصعب على المؤسسة تجنب المراجعة، لا سيما مع إصدار تقريرها نصف السنوي «آفاق الاقتصاد العالمي»، وهو أول تقييم علني للاضطراب الاقتصادي الناجم عن السياسات الأميركية الأخيرة، وخاصة الرسوم الجمركية، وخفض المساعدات، وفق ما ذكره المعهد. وكانت غورغييفا قالت يوم الخميس في خطاب ألقته في واشنطن قبل انطلاق اجتماعات الربيع إنه ستكون هناك تخفيضات ملحوظة في توقعات النمو الاقتصادي الجديدة في تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» الذي سيُنشر الأسبوع المقبل، ولكن لا يُتوقع حدوث ركود. وتوقع صندوق النقد الدولي في يناير (كانون الثاني) نمواً عالمياً بنسبة 3.3 في المائة في عام 2025، و3.3 في المائة في عام 2026. وأوضحت غورغييفا أن تدفق التجارة سيتغير اتجاهه مع قيام الدول بوضع حواجز جمركية، وغير جمركية، وأن التجارة ستستمر، لكن الاضطرابات ستؤدي إلى تكاليف. وقالت: «سنُحدد هذه التكاليف كمياً في تقريرنا الجديد عن آفاق الاقتصاد العالمي، والذي سيُصدر مطلع الأسبوع المقبل. وستتضمن توقعاتنا الجديدة للنمو تخفيضات ملحوظة في الأسعار، ولكن ليس ركوداً». وأضافت: «سنشهد أيضاً زيادات في توقعات التضخم لبعض الدول». وفي تعليقها على التوقعات الاقتصادية العالمية، قالت غورغييفا إن مرونة الاقتصاد العالمي خضعت لاختبار جديد مع إعادة هيكلة نظام التجارة العالمي التي أشعلتها الرسوم الجمركية الأميركية، وردّ الصين، والاتحاد الأوروبي. وأشارت إلى انخفاض أسعار الأسهم العالمية مع تصاعد التوترات التجارية، وقالت: «إن هذا يُذكرنا بأننا نعيش في عالم يشهد تغيرات مفاجئة، وشاملة». جدول الأعمال ستهيمن الصدمة الجديدة التي لحقت بالاقتصاد العالمي على مناقشات اجتماعات الربيع. فمن المتوقع أن يحظى فرض الرسوم الجمركية الأميركية على مجموعة واسعة من الشركاء التجاريين، وخاصة الصين، والإجراءات الصينية الانتقامية، على مجمل النقاشات.


الشرق الأوسط
١٩-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- الشرق الأوسط
ظل ترمب يهيمن على اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن
ستكون اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، التي تستهل يوم الاثنين المقبل في واشنطن، من أكثر الاجتماعات متابعةً في ظل تصاعد الحرب التجارية، واضطرابات التوقعات العالمية. فهذه الاجتماعات تُعقد في ظلّ أجواء الحمائية التجارية الأميركية، بالإضافة إلى عداء إدارة ترمب الظاهر تجاه المؤسسات متعددة الأطراف، وتهديد بانسحاب الولايات المتحدة. سيكون الموضوع الرئيس لاجتماعات الربيع لهذا العام هو «الوظائف - الطريق إلى الازدهار»، وسيشارك فيها وزراء المالية، ومحافظو البنوك المركزية، وكبار المسؤولين التنفيذيين في القطاع الخاص، وممثلو المجتمع المدني، والأكاديميون. Global economic integration has lifted many out of poverty, but not everyone has benefitted. Job losses, stagnant wages, and rising prices have left communities feeling unfairly treated. These tensions have simmered for years and are now boiling over. — Kristalina Georgieva (@KGeorgieva) April 18, 2025 خلال أسبوع، ستركز المناقشات والفعاليات بشكل كبير على الدور الحاسم لخلق فرص العمل في مواجهة التحديات العالمية، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتحسين سبل العيش، وخاصةً لفئة الشباب المتزايدة في البلدان النامية. يقول البنك الدولي هنا إنه «مع دخول 1.2 مليار شاب إلى سوق العمل خلال العقود المقبلة، ومحدودية فرص العمل الرسمية المتاحة، أصبحت الحاجة إلى حلول مستدامة وقابلة للتطوير أكبر من أي وقت مضى». ومن أبرز اجتماعات اللجان، لجنة الشؤون النقدية والمالية الدولية التابعة لصندوق النقد الدولي، والتي يرأسها وزير المالية السعودي محمد الجدعان، ولجنة التنمية المشتركة بين البنك وصندوق النقد الدوليين، حيث تُناقشان التقدم المحرز في عمل المؤسستين. غورغييفا والجدعان خلال اجتماع لجنة الشؤون النقدية والمالية الدولية العام الماضي (أ.ف.ب) لكن إنهاء أو تقليص مشاركة الولايات المتحدة في مؤسسات «بريتون وودز» ستكون لهما أهمية رمزية بالغة في الاجتماعات. إذ إن هذا الأمر قد يُصعّب على الأسواق الناشئة الحصول على التمويل متعدد الأطراف. مع العلم بأن الأسواق الناشئة منخفضة الدخل، الأكثر اعتماداً على هذا التمويل، هي من بين الأكثر تضرراً من سياسات إدارة ترمب الأخرى. امرأة تمر أمام لافتة إعلانية لاجتماعات الربيع في واشنطن (أ.ف.ب) وتبلغ حصة واشنطن نحو 16 في المائة في صندوق النقد الدولي، ونحو 17 في المائة في أقدم صناديق البنك. وكان مسؤولون في صندوق النقد والبنك الدوليين اجتمعوا مع وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، المسؤول الأعلى الذي يمثل الولايات المتحدة في المؤسستين، لشرح كيفية استفادة المصالح الأميركية من عملهم، سعياً جزئياً إلى دحض الانتقادات من داخل إدارة ترمب، وفقاً لأشخاص مطلعين على الوضع، والذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، لأن المناقشات كانت خاصة، وفق «بلومبرغ». كما قدمت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، ورئيس البنك الدولي، أجاي بانغا، تفسيرات مماثلة للإدارة في لقاءات منفصلة. وأكدا أن مهمتيهما -الاستقرار المالي العالمي للصندوق، والتنمية للبنك- تعودان بالنفع على الولايات المتحدة، بما في ذلك خلق الطلب على الصادرات، وتجنب الأزمات المالية، أو الإنسانية. وقالت غورغييفا في مقابلة لها مع «رويترز» الشهر الماضي إن بيسنت «يدرك جيداً أهمية وجود الصندوق للاقتصاد الأميركي»، مضيفةً أن هناك «تفاعلاً ممتازاً». وفي رد سابق على أسئلة، قال صندوق النقد الدولي إنه «أجرى مناقشات بناءة للغاية مع وزير الخزانة سكوت بيسنت، وممثلين آخرين عن الإدارة الأميركية». غورغييفا أثناء إلقاء خطابها قبل بدء اجتماعات الربيع (إ.ب.أ) وأعلن البنك الدولي أنه أطلع الإدارة على إصلاحاته، وتركيزه على خلق فرص العمل، وجهوده لتحفيز رأس المال الخاص. وأضاف في بيان: «مثل أي مساهم، يرغب المساهمون في رؤية قيمة مساهماتهم، ونحن نعلم أن الثقة تُكتسب من خلال التنفيذ». بالنسبة للصندوق والبنك، فإن السيناريو الكابوسي هو أن تتخلف الولايات المتحدة عنهما. ويجادل تقرير «مشروع 2025»، الصادر عن مؤسسة «هيريتيج» المحافظة، بأن المؤسستين «تتبنيان نظريات وسياسات اقتصادية معادية لمبادئ السوق الحرة الأميركية، والحكومة المحدودة»، بما في ذلك زيادة الضرائب. وكانت تقارير ذكرت الشهر الماضي أن إدارة ترمب أوقفت مساهماتها لمنظمة التجارة العالمية، بعد استهداف المنظمة في ولاية ترمب الأولى. ترمب يستمع إلى تصريحات خلال حفل أداء اليمين لمدير مراكز الرعاية والخدمات الطبية (أرشيفية - رويترز) وبافتراض أن بيسنت سيصدر بياناً رسمياً خلال الاجتماعات -كما فعل جميع وزراء الخزانة السابقين-، فستكون هي المرة الأولى التي يُدلي فيها مسؤول كبير من إدارة ترمب برأيه علناً بشأن البنك وصندوق النقد الدوليين. وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت في بوينس آيرس (أرشيفية - رويترز) آخر الشهر الماضي، كتب فريد بلحاج، وهو زميل أول في «المجلس الأطلسي» (Atlantic Council) والذي شغل منصب نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من عام 2018 إلى عام 2024، أن «صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية شكلت العمود الفقري للاستقرار المالي العالمي بعد الحرب العالمية الثانية. ولكن إذا أدت مراجعة ترمب للمنظمات متعددة الأطراف إلى تقليص الولايات المتحدة مساهماتها، أو انسحابها من قيادتها بالكامل، فقد يُفقد هذه المؤسسات فعاليتها، مما يجعل الأسواق الناشئة عُرضة لارتفاع تكاليف الاقتراض، وعدم الاستقرار المالي». المؤسسة الدولية للتنمية وثمة سؤال آخر يُطرح، وهو: ما موقف وزارة الخزانة الأميركية من المؤسسة الدولية للتنمية؟ ذراع الإقراض المُيسّر للبنك الدولي، وكانت اختُتمت مفاوضات تجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما كان الرئيس جو بايدن لا يزال في منصبه. وكانت الولايات المتحدة أكبر مانح، إذ تعهدت إدارة بايدن بتقديم 4 مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات، وهو ما يمثل 17 في المائة من إجمالي التعهدات للدورة المقبلة للمؤسسة الدولية للتنمية، والتي تبدأ في يوليو (تموز) 2025. ويقع على عاتق إدارة ترمب الوفاء بهذا التعهد، ومن المحتم إجراء بعض المراجعة التنازلية. يوم الأربعاء الماضي، أكد رئيس البنك الدولي أنه أجرى محادثات بناءة مع إدارة ترمب بشأن المؤسسة الدولية للتنمية، لكنه لا يعلم حجم المساهمة الأميركية في صندوق البنك لأفقر دول العالم. رئيس البنك الدولي أجاي بانغا في اجتماعات العام الماضي (رويترز) وأضاف للصحافيين أنه في حال عدم وفاء الولايات المتحدة بتعهدها بتقديم 4 مليارات دولار لمؤسسة التنمية الدولية من إدارة بايدن، وخفض بعض الدول الأوروبية تعهداتها المالية، فقد تُخفض جولة تمويل المؤسسة الأخيرة البالغة 100 مليار دولار إلى 80 أو 85 مليار دولار. ما المتوقع؟ يقول مركز التنمية العالمي، الذي يرأس مجلس إدارته وزير الخزانة السابق لورانس سمرز، إنه من المرجح أن يحاول صندوق النقد الدولي الحفاظ على حضوره الهادئ خلال الاجتماعات، في انتظار مراجعة إدارة ترمب لمشاركة الولايات المتحدة في المنظمات متعددة الأطراف. ومع ذلك، سيكون من الصعب على المؤسسة تجنب المراجعة، لا سيما مع إصدار تقريرها نصف السنوي «آفاق الاقتصاد العالمي»، وهو أول تقييم علني للاضطراب الاقتصادي الناجم عن السياسات الأميركية الأخيرة، وخاصة الرسوم الجمركية، وخفض المساعدات، وفق ما ذكره المعهد. وكانت غورغييفا قالت يوم الخميس في خطاب ألقته في واشنطن قبل انطلاق اجتماعات الربيع إنه ستكون هناك تخفيضات ملحوظة في توقعات النمو الاقتصادي الجديدة في تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» الذي سيُنشر الأسبوع المقبل، ولكن لا يُتوقع حدوث ركود. وتوقع صندوق النقد الدولي في يناير (كانون الثاني) نمواً عالمياً بنسبة 3.3 في المائة في عام 2025، و3.3 في المائة في عام 2026. غورغييفا تستعرض أرقاماً حول أداء الاقتصاد العالمي (رويترز) وأوضحت غورغييفا أن تدفق التجارة سيتغير اتجاهه مع قيام الدول بوضع حواجز جمركية، وغير جمركية، وأن التجارة ستستمر، لكن الاضطرابات ستؤدي إلى تكاليف. وقالت: «سنُحدد هذه التكاليف كمياً في تقريرنا الجديد عن آفاق الاقتصاد العالمي، والذي سيُصدر مطلع الأسبوع المقبل. وستتضمن توقعاتنا الجديدة للنمو تخفيضات ملحوظة في الأسعار، ولكن ليس ركوداً». وأضافت: «سنشهد أيضاً زيادات في توقعات التضخم لبعض الدول». وفي تعليقها على التوقعات الاقتصادية العالمية، قالت غورغييفا إن مرونة الاقتصاد العالمي خضعت لاختبار جديد مع إعادة هيكلة نظام التجارة العالمي التي أشعلتها الرسوم الجمركية الأميركية، وردّ الصين، والاتحاد الأوروبي. وأشارت إلى انخفاض أسعار الأسهم العالمية مع تصاعد التوترات التجارية، وقالت: «إن هذا يُذكرنا بأننا نعيش في عالم يشهد تغيرات مفاجئة، وشاملة». جدول الأعمال ستهيمن الصدمة الجديدة التي لحقت بالاقتصاد العالمي على مناقشات اجتماعات الربيع. فمن المتوقع أن يحظى فرض الرسوم الجمركية الأميركية على مجموعة واسعة من الشركاء التجاريين، وخاصة الصين، والإجراءات الصينية الانتقامية، على مجمل النقاشات. كما أن هناك العديد من القضايا الأخرى المدرجة على جدول أعمال الاجتماعات، بما في ذلك زيادة الحصص المرتقبة، وتمويل تسهيلات الإقراض الميسرة في صندوق النقد الدولي، وإعادة النظر في تخفيف الديون.