logo
ظل ترمب يهيمن على اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن

ظل ترمب يهيمن على اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن

الشرق الأوسط١٩-٠٤-٢٠٢٥

ستكون اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، التي تستهل يوم الاثنين المقبل في واشنطن، من أكثر الاجتماعات متابعةً في ظل تصاعد الحرب التجارية، واضطرابات التوقعات العالمية. فهذه الاجتماعات تُعقد في ظلّ أجواء الحمائية التجارية الأميركية، بالإضافة إلى عداء إدارة ترمب الظاهر تجاه المؤسسات متعددة الأطراف، وتهديد بانسحاب الولايات المتحدة.
سيكون الموضوع الرئيس لاجتماعات الربيع لهذا العام هو «الوظائف - الطريق إلى الازدهار»، وسيشارك فيها وزراء المالية، ومحافظو البنوك المركزية، وكبار المسؤولين التنفيذيين في القطاع الخاص، وممثلو المجتمع المدني، والأكاديميون.
Global economic integration has lifted many out of poverty, but not everyone has benefitted. Job losses, stagnant wages, and rising prices have left communities feeling unfairly treated. These tensions have simmered for years and are now boiling over. https://t.co/5gAi1Zql4s pic.twitter.com/u0EitLmkld
— Kristalina Georgieva (@KGeorgieva) April 18, 2025
خلال أسبوع، ستركز المناقشات والفعاليات بشكل كبير على الدور الحاسم لخلق فرص العمل في مواجهة التحديات العالمية، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتحسين سبل العيش، وخاصةً لفئة الشباب المتزايدة في البلدان النامية. يقول البنك الدولي هنا إنه «مع دخول 1.2 مليار شاب إلى سوق العمل خلال العقود المقبلة، ومحدودية فرص العمل الرسمية المتاحة، أصبحت الحاجة إلى حلول مستدامة وقابلة للتطوير أكبر من أي وقت مضى».
ومن أبرز اجتماعات اللجان، لجنة الشؤون النقدية والمالية الدولية التابعة لصندوق النقد الدولي، والتي يرأسها وزير المالية السعودي محمد الجدعان، ولجنة التنمية المشتركة بين البنك وصندوق النقد الدوليين، حيث تُناقشان التقدم المحرز في عمل المؤسستين.
غورغييفا والجدعان خلال اجتماع لجنة الشؤون النقدية والمالية الدولية العام الماضي (أ.ف.ب)
لكن إنهاء أو تقليص مشاركة الولايات المتحدة في مؤسسات «بريتون وودز» ستكون لهما أهمية رمزية بالغة في الاجتماعات. إذ إن هذا الأمر قد يُصعّب على الأسواق الناشئة الحصول على التمويل متعدد الأطراف. مع العلم بأن الأسواق الناشئة منخفضة الدخل، الأكثر اعتماداً على هذا التمويل، هي من بين الأكثر تضرراً من سياسات إدارة ترمب الأخرى.
امرأة تمر أمام لافتة إعلانية لاجتماعات الربيع في واشنطن (أ.ف.ب)
وتبلغ حصة واشنطن نحو 16 في المائة في صندوق النقد الدولي، ونحو 17 في المائة في أقدم صناديق البنك.
وكان مسؤولون في صندوق النقد والبنك الدوليين اجتمعوا مع وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، المسؤول الأعلى الذي يمثل الولايات المتحدة في المؤسستين، لشرح كيفية استفادة المصالح الأميركية من عملهم، سعياً جزئياً إلى دحض الانتقادات من داخل إدارة ترمب، وفقاً لأشخاص مطلعين على الوضع، والذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، لأن المناقشات كانت خاصة، وفق «بلومبرغ».
كما قدمت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، ورئيس البنك الدولي، أجاي بانغا، تفسيرات مماثلة للإدارة في لقاءات منفصلة. وأكدا أن مهمتيهما -الاستقرار المالي العالمي للصندوق، والتنمية للبنك- تعودان بالنفع على الولايات المتحدة، بما في ذلك خلق الطلب على الصادرات، وتجنب الأزمات المالية، أو الإنسانية.
وقالت غورغييفا في مقابلة لها مع «رويترز» الشهر الماضي إن بيسنت «يدرك جيداً أهمية وجود الصندوق للاقتصاد الأميركي»، مضيفةً أن هناك «تفاعلاً ممتازاً». وفي رد سابق على أسئلة، قال صندوق النقد الدولي إنه «أجرى مناقشات بناءة للغاية مع وزير الخزانة سكوت بيسنت، وممثلين آخرين عن الإدارة الأميركية».
غورغييفا أثناء إلقاء خطابها قبل بدء اجتماعات الربيع (إ.ب.أ)
وأعلن البنك الدولي أنه أطلع الإدارة على إصلاحاته، وتركيزه على خلق فرص العمل، وجهوده لتحفيز رأس المال الخاص. وأضاف في بيان: «مثل أي مساهم، يرغب المساهمون في رؤية قيمة مساهماتهم، ونحن نعلم أن الثقة تُكتسب من خلال التنفيذ».
بالنسبة للصندوق والبنك، فإن السيناريو الكابوسي هو أن تتخلف الولايات المتحدة عنهما. ويجادل تقرير «مشروع 2025»، الصادر عن مؤسسة «هيريتيج» المحافظة، بأن المؤسستين «تتبنيان نظريات وسياسات اقتصادية معادية لمبادئ السوق الحرة الأميركية، والحكومة المحدودة»، بما في ذلك زيادة الضرائب.
وكانت تقارير ذكرت الشهر الماضي أن إدارة ترمب أوقفت مساهماتها لمنظمة التجارة العالمية، بعد استهداف المنظمة في ولاية ترمب الأولى.
ترمب يستمع إلى تصريحات خلال حفل أداء اليمين لمدير مراكز الرعاية والخدمات الطبية (أرشيفية - رويترز)
وبافتراض أن بيسنت سيصدر بياناً رسمياً خلال الاجتماعات -كما فعل جميع وزراء الخزانة السابقين-، فستكون هي المرة الأولى التي يُدلي فيها مسؤول كبير من إدارة ترمب برأيه علناً بشأن البنك وصندوق النقد الدوليين.
وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت في بوينس آيرس (أرشيفية - رويترز)
آخر الشهر الماضي، كتب فريد بلحاج، وهو زميل أول في «المجلس الأطلسي» (Atlantic Council) والذي شغل منصب نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من عام 2018 إلى عام 2024، أن «صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية شكلت العمود الفقري للاستقرار المالي العالمي بعد الحرب العالمية الثانية. ولكن إذا أدت مراجعة ترمب للمنظمات متعددة الأطراف إلى تقليص الولايات المتحدة مساهماتها، أو انسحابها من قيادتها بالكامل، فقد يُفقد هذه المؤسسات فعاليتها، مما يجعل الأسواق الناشئة عُرضة لارتفاع تكاليف الاقتراض، وعدم الاستقرار المالي».
المؤسسة الدولية للتنمية
وثمة سؤال آخر يُطرح، وهو: ما موقف وزارة الخزانة الأميركية من المؤسسة الدولية للتنمية؟ ذراع الإقراض المُيسّر للبنك الدولي، وكانت اختُتمت مفاوضات تجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما كان الرئيس جو بايدن لا يزال في منصبه. وكانت الولايات المتحدة أكبر مانح، إذ تعهدت إدارة بايدن بتقديم 4 مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات، وهو ما يمثل 17 في المائة من إجمالي التعهدات للدورة المقبلة للمؤسسة الدولية للتنمية، والتي تبدأ في يوليو (تموز) 2025. ويقع على عاتق إدارة ترمب الوفاء بهذا التعهد، ومن المحتم إجراء بعض المراجعة التنازلية.
يوم الأربعاء الماضي، أكد رئيس البنك الدولي أنه أجرى محادثات بناءة مع إدارة ترمب بشأن المؤسسة الدولية للتنمية، لكنه لا يعلم حجم المساهمة الأميركية في صندوق البنك لأفقر دول العالم.
رئيس البنك الدولي أجاي بانغا في اجتماعات العام الماضي (رويترز)
وأضاف للصحافيين أنه في حال عدم وفاء الولايات المتحدة بتعهدها بتقديم 4 مليارات دولار لمؤسسة التنمية الدولية من إدارة بايدن، وخفض بعض الدول الأوروبية تعهداتها المالية، فقد تُخفض جولة تمويل المؤسسة الأخيرة البالغة 100 مليار دولار إلى 80 أو 85 مليار دولار.
ما المتوقع؟
يقول مركز التنمية العالمي، الذي يرأس مجلس إدارته وزير الخزانة السابق لورانس سمرز، إنه من المرجح أن يحاول صندوق النقد الدولي الحفاظ على حضوره الهادئ خلال الاجتماعات، في انتظار مراجعة إدارة ترمب لمشاركة الولايات المتحدة في المنظمات متعددة الأطراف. ومع ذلك، سيكون من الصعب على المؤسسة تجنب المراجعة، لا سيما مع إصدار تقريرها نصف السنوي «آفاق الاقتصاد العالمي»، وهو أول تقييم علني للاضطراب الاقتصادي الناجم عن السياسات الأميركية الأخيرة، وخاصة الرسوم الجمركية، وخفض المساعدات، وفق ما ذكره المعهد.
وكانت غورغييفا قالت يوم الخميس في خطاب ألقته في واشنطن قبل انطلاق اجتماعات الربيع إنه ستكون هناك تخفيضات ملحوظة في توقعات النمو الاقتصادي الجديدة في تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» الذي سيُنشر الأسبوع المقبل، ولكن لا يُتوقع حدوث ركود.
وتوقع صندوق النقد الدولي في يناير (كانون الثاني) نمواً عالمياً بنسبة 3.3 في المائة في عام 2025، و3.3 في المائة في عام 2026.
غورغييفا تستعرض أرقاماً حول أداء الاقتصاد العالمي (رويترز)
وأوضحت غورغييفا أن تدفق التجارة سيتغير اتجاهه مع قيام الدول بوضع حواجز جمركية، وغير جمركية، وأن التجارة ستستمر، لكن الاضطرابات ستؤدي إلى تكاليف. وقالت: «سنُحدد هذه التكاليف كمياً في تقريرنا الجديد عن آفاق الاقتصاد العالمي، والذي سيُصدر مطلع الأسبوع المقبل. وستتضمن توقعاتنا الجديدة للنمو تخفيضات ملحوظة في الأسعار، ولكن ليس ركوداً». وأضافت: «سنشهد أيضاً زيادات في توقعات التضخم لبعض الدول».
وفي تعليقها على التوقعات الاقتصادية العالمية، قالت غورغييفا إن مرونة الاقتصاد العالمي خضعت لاختبار جديد مع إعادة هيكلة نظام التجارة العالمي التي أشعلتها الرسوم الجمركية الأميركية، وردّ الصين، والاتحاد الأوروبي. وأشارت إلى انخفاض أسعار الأسهم العالمية مع تصاعد التوترات التجارية، وقالت: «إن هذا يُذكرنا بأننا نعيش في عالم يشهد تغيرات مفاجئة، وشاملة».
جدول الأعمال
ستهيمن الصدمة الجديدة التي لحقت بالاقتصاد العالمي على مناقشات اجتماعات الربيع. فمن المتوقع أن يحظى فرض الرسوم الجمركية الأميركية على مجموعة واسعة من الشركاء التجاريين، وخاصة الصين، والإجراءات الصينية الانتقامية، على مجمل النقاشات.
كما أن هناك العديد من القضايا الأخرى المدرجة على جدول أعمال الاجتماعات، بما في ذلك زيادة الحصص المرتقبة، وتمويل تسهيلات الإقراض الميسرة في صندوق النقد الدولي، وإعادة النظر في تخفيف الديون.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أسعار الرهن العقاري في الولايات المتحدة ترتفع إلى أعلى مستوى لها في 3 أشهر
أسعار الرهن العقاري في الولايات المتحدة ترتفع إلى أعلى مستوى لها في 3 أشهر

العربية

timeمنذ 27 دقائق

  • العربية

أسعار الرهن العقاري في الولايات المتحدة ترتفع إلى أعلى مستوى لها في 3 أشهر

ارتفعت أسعار الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى لها في 3 أشهر، ما أدى إلى انخفاض في طلبات شراء المنازل وإعادة التمويل. ووفقاً لبيانات جمعية مصرفيي الرهن العقاري الصادرة يوم الأربعاء، ارتفع معدل عقد الرهن العقاري لمدة 30 عاماً بمقدار 6 نقاط أساس ليصل إلى 6.92% في الأسبوع المنتهي في 16 مايو. كما ارتفع معدل الرهن العقاري القابل للتعديل لمدة 5 سنوات إلى أعلى مستوى له منذ أوائل فبراير، وفقاً لما ذكرته "بلومبرغ"، واطلعت عليه "العربية Business". وأظهرت بيانات جمعية مصرفيي الرهن العقاري انخفاض مؤشر طلبات شراء المنازل، بالإضافة إلى مؤشر إعادة التمويل، بنحو 5%. وتوضح أرقام الطلبات ضعف الزخم المستدام في سوق الإسكان. ففي حين استقرت عقود شراء المنازل الجديدة والمملوكة سابقاً في مارس، إلا أن ارتفاع تكاليف الاقتراض وأسعار المنازل يُشكلان عائقاً أكبر أمام العديد من المشترين المحتملين. ومن المقرر صدور بيانات مبيعات أبريل في وقت لاحق من هذا الأسبوع. تأتي أسعار الرهن العقاري في أعقاب تحركات عوائد سندات الخزانة، التي ارتفعت منذ أواخر أبريل. ارتفعت العائدات مؤخراً نتيجةً للمخاوف من سخاء الموازنة العامة مع تقدّم تشريعات الضرائب في الكونغرس، بالإضافة إلى تخفيض وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف الولايات المتحدة. يستخدم استطلاع رابطة إدارة الأعمال، الذي يُجرى أسبوعياً منذ عام 1990، ردوداً من بنوك الرهن العقاري والبنوك التجارية ومؤسسات الادخار. وتغطي البيانات أكثر من 75% من جميع طلبات الرهن العقاري السكني بالتجزئة في الولايات المتحدة.

مشنقة الضفة... "الكونتينر" أبعد من حاجز عسكري
مشنقة الضفة... "الكونتينر" أبعد من حاجز عسكري

Independent عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • Independent عربية

مشنقة الضفة... "الكونتينر" أبعد من حاجز عسكري

في السادسة صباحاً، خرج أحمد خضر (30 سنة) من مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية لإجراء مقابلة عمل مهمة في رام لله، وكان يفترض أن يستغرق وصوله إليها 45 دقيقة فقط، ولكنه وصل بعد أربع ساعات وقد فاته الموعد، وهو ما ترك في نفسه إحساساً بالقهر والخيبة من واقع مرير لا يقوى على تغيره. فحاجز "الكونتينر" الإسرائيلي المقام على قمة أحد جبال "وادي النار" في بلدة السواحرة الشرقية جنوب الضفة، والمعزز بالجنود والمعوقات والمسامير الأرضية والإشارات الضوئية، لم يعد مجرد حاجز عسكري تتحكم إسرائيل من خلاله في حركة وتنقل الفلسطينيين هنا وهناك، بل أصبح نقطة مركزية لإسرائيل تفصل بين شمال الضفة الغربية ووسطها عن جنوبها خلال دقائق معدودة، ومن دون حاجة سوى إلى الحد الأدنى من الجنود. ومع اشتداد أحداث الانتفاضة الأولى عام 2000، وشن الجيش الإسرائيلي عملية "السور الواقي" على مدن الضفة الغربية عام 2002، بدأت إسرائيل فرض سيطرتها على الطريق التي شقها الفلسطينيون بالأساس وسط الوادي كبديل عن الطريق الرئيس الذي كان يصل بين جنوب الضفة وشمالها عبر مدينة القدس، ولا يحتاج إلى أكثر من 20 دقيقة. تدريجاً تحول المكان من مجرد حاجز إسرائيلي طيار (مفاجئ) بجانب حاوية بضائع "كونتينر" استخدمها الفلسطينيون آنذاك كاستراحة، إلى نقطة ثابتة للجيش ومنع السيارات من العبور منها، ولم يسمح للفلسطينيين باجتياز الحاجز الجديد حينها إلا مشياً على الأقدام بعد التفتيش وتدقيق الهويات، لكن مع مرور الوقت تطور الحاجز شيئاً فشيئاً ليصبح اليوم من أهم وأبرز الحواجز العسكرية المجهزة تكنولوجياً بمعدات مراقبة عالية وبوابات إلكترونية وإشارات مرور وكاميرات بيومترية وأنظمة إغلاق أرضية وغيرها. وبمجرد إغلاقه يعزل نحو مليون و100 ألف فلسطيني يعيشون في محافظتي الخليل وبيت لحم، بحسب تقديرات جهاز الإحصاء الفلسطيني، عن وسط الضفة الغربية وشمالها بصورة كلية. إلى جانب حاجز "الكونتينر" شرق القدس، الذي يفصل جنوب الضفة عن وسطها، هناك حواجز أساسية تقسم شمال الضفة عن وسطها، كحاجز "زعترة" بين نابلس ورام لله، وحاجز "الحمرا" الذي يقيد دخول الفلسطينيين إلى منطقة الأغوار. ووفقاً لتقرير البنك الدولي، فإن القيود المفروضة على الفلسطينيين أمام الحواجز الإسرائيلية تتسبب في غياب القدرة على وضع جداول زمنية يمكن الالتزام بها لوصول البضائع والمواد الخام بين مدن الضفة الغربية، وهو أحد العوامل الأساسية التي تمنع الاستقرار الاقتصادي والتنمية الجدية في أراضي الضفة. طرق وعرة خلال الأعياد اليهودية تفرض إسرائيل إغلاقاً كاملاً على الفلسطينيين في الضفة الغربية، في ما بات يعرف بالعبرية باسم "سيغر"، وهو إجراء عسكري يستند إلى مسوغات "قانونية" و"إدارية" و"إجرائية" تفرضه البنية العسكرية الإسرائيلية خلال الأعياد، أو في ظل الكوارث الطبيعية، أو مع تصاعد العمليات الفلسطينية عند الحواجز ونقاط التفتيش، لكن فلسطينيين يمرون يومياً من حاجز "الكونتينر" يؤكدون أن تبديل الورديات بين الجنود كفيل بإغلاق الحاجز تماماً لساعات حتى تنتهي الإجراءات، مما يشكل زحاماً كبيراً يمتد بين المركبات على طول الطريق في الاتجاهين، إذ لا يزيد عرضها في بعض الأماكن على خمسة أمتار. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وبينت دراسة إحصائية أجرتها بلدية العبيدية شرق بيت لحم في وقت سابق أن نحو 22 ألف مركبة تقطع الطريق يومياً من جنوب الضفة إلى وسطها وبالعكس، وعلى رغم أن الطريق صعب وخطر يصل بين قمتي جبلين، حاول الفلسطينيون ابتكار طرق بديلة أكثر خطراً كمهرب من الحاجز الذي أصبح بحسب تعبيرهم "محطة للتنكيل والإذلال"، لكن خطر التزحلق وانقلاب المركبات أو إطلاق النار من الدوريات المتحركة أحياناً حالت دون ذلك، وهو ما ضاعف المعاناة بالنسبة إلى أولئك الذين يعانون أمراضاً مزمنة أو مشكلات صحية ويحتاجون إلى الوصول بأسرع ما يكون لمستشفيات في وسط الضفة الغربية وشمالها. وبحسب من يعايشون المرور من الحاجز منذ عقدين وأكثر بصورة شبه يومية، فإن إجراءات الجنود على حاجز "الكونتينر" والاختناق المروري الناتج منها أعاقا وصول حالات طارئة عدة في الوقت المناسب وفارقوا الحياة. وسبق أن حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من أن الوصول إلى الرعاية الصحية في الضفة الغربية يتدهور بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على حرية الحركة والتنقل، فضلاً عن إعاقة وصول الفلسطينيين إلى الخدمات الأساسية. في حين أكدت منظمة "أطباء بلا حدود" أن القيود المفروضة على الحركة في حالات الطوارئ الطبية قد تؤدي إلى تداعيات مهلكة، مشيرة إلى إعاقة حركة سيارات الإسعاف واستهدافها. وبحسب سلسلة تقاريرها المدرجة على موقعها الإلكتروني، ازدادت القيود التي تفرضها القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية بصورة كبيرة منذ بدء الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، موضحة أنها كثيراً ما تواجه انقطاعاً في خدمات عياداتها المتنقلة، إذ تمنع من دخول مناطق معينة أو تواجه قيوداً على الحركة في العطل الرسمية الإسرائيلية. خسائر مضاعفة إغلاق حاجز "الكونتينر" عشرات المرات بصورة كلية أمام المواطنين ولساعات طويلة لأسباب غير معلومة، والتسبب بطوابير طويلة من المركبات جراء التفتيش الدقيق في هويات الركاب والسائقين، خصوصاً بعد أحداث السابع من أكتوبر، انعكس سلباً على قطاع المواصلات، وإلى جانب انخفاض عدد الركاب الذين باتوا يتجنبون التنقل من جنوب الضفة للوسط أو الشمال، لما يمثله الحاجز من معاناة مريرة يومياً، زادت كلف النقل والوقود المستهلك في الوقوف الموقت الطويل. كما قيدت السلطات الإسرائيلية الدخول عبر بعض الحواجز بساعات محددة، ولم تعد تعمل كما كانت سابقاً على مدار 24 ساعة، وهو ما أجبر سائقي المركبات العمومية على سلوك طرق وعرة وضيقة وبعيدة داخل القرى الفلسطينية تحتاج إلى الالتفاف لمسافات طويلة. ويقدر رئيس نقابة أصاحب شركات الحافلات في الضفة الغربية عبدالله الحلو تراجع التنقل داخل الضفة الغربية بنسبة تتراوح بين 60 و70 في المئة، وبينت دراسة سابقة لمعهد الأبحاث التطبيقية (أريج) أن استهلاك الفلسطينيين لوقود إضافي بنحو 80 مليون لتر في السنة نتيجة تقييد الحركة تقدر كلفه بـ135 مليون دولار، يؤدي إلى زيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 196 ألف طن سنوياً. وبحسب مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسليم)، فإن فرض القيود على حركة الفلسطينيين سكان الأراضي المحتلة وتنقلهم هو "أحد الأدوات المركزية التي تستخدمها إسرائيل لغرض تطبيق نظام السيطرة على السكان الفلسطينيين، في مقابل تسهيلات لا محدودة للمستوطنين". ووفق المنظمة، فإن هذا الواقع "يفرض على الفلسطينيين العيش في انعدام يقين مستمر يصعب عليهم تنفيذ أبسط المهمات، فضلاً عن ساعات انتظار طويلة على الحواجز يرافقها إعاقات وإهانة على يد الجنود". وقالت حركة "محسوم ووتش" الإسرائيلية، التي تضم مئات النساء اليهوديات المتطوعات بالتناوب يومياً على مراقبة الحواجز العسكرية من شمال الضفة الغربية وحتى جنوبها، في تقرير "إن التعليمات الصادرة للجنود في شأن كيفية التعامل مع الفلسطينيين هي في حال تقلب وتغير دائم، ويغلب عليها مزاج وسياسة الجنود الموجودين على الحاجز". أرقام ودراسات وفقاً لتوثيق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن أكثر من 146 بوابة حديدية أقامتها إسرائيل في أنحاء الضفة الغربية منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023، منها 17 منذ بداية العام الحالي. وبحسب الأرقام الرسمية الفلسطينية، فإن مجموع كل الحواجز اليوم في الضفة الغربية يصل إلى 900، منها حواجز عسكرية مأهولة بالجنود، وأخرى طيارة (مفاجئة)، وحواجز ملموسة ثابتة قد تكون أسمنتية أو ترابية أو بوابات حديدية أو خنادق. وأكدت أن غالب مداخل القرى والبلدات والمدن والمخيمات باتت مغلقة ببوابات حديدية مقفلة أغلب الوقت، لذلك يضطر السكان إلى التنقل بين جانبي البوابات سيراً على الأقدام، بينما تفصل الحواجز العسكرية غالباً بين المحافظات. وأظهرت دراسة بحثية نشرها معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) في مارس (آذار) الماضي، أن عدد ساعات العمل الضائعة يومياً على الفلسطينيين بسبب سياسة الحواجز الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية ووسطها تقدر بنحو 191146 ساعة، وتكلف الاقتصاد الفلسطيني شهرياً ما يعادل 62.2 مليون شيكل (16.8 مليون دولار). كما أوضحت الدراسة أن المسافات الإضافية التي يقطعها السائقون لتجنب الحواجز تؤدي إلى استهلاك وقود إضافي يقدر سنوياً بنحو 22 مليون شيكل (6 ملايين دولار). وتظهر البيانات التي جمعت من مكاتب سيارات الأجرة، أن حركة النقل بين المدن الفلسطينية انخفضت بنسبة 51.7 في المئة بعد بدء الحرب على غزة. ووجدت الدراسة أن الحواجز الإسرائيلية وقيود الحركة في الضفة الغربية "هي جزء من استراتيجية إسرائيلية لتطبيق نظام الفصل العنصري على الفلسطينيين"، إذ تعمل على عزل المناطق الفلسطينية عن بعضها بعضاً، وتعرقل حركة الفلسطينيين. وأكدت النتائج أن القيود على الحركة تؤثر بصورة كبيرة في الاقتصاد الفلسطيني، وتسهم في ارتفاع نسبة البطالة وتدني الأجور بسبب صعوبة وصول العمال إلى أماكن عملهم، كما تؤدي الحواجز إلى تعطيل حركة البضائع، مما يزيد من كلف النقل ويتسبب في تلف بعض المنتجات نتيجة الانتظار الطويل على الحواجز. بالنسبة إلى وزارة الخارجية الفلسطينية، فإن السلطات الإسرائيلية تقسم الضفة الغربية مكانياً وزمانياً بمئات الحواجز العسكرية في "ضم معلن" للأراضي الفلسطينية و"تقويض لحل الدولتين"، لكن بالنسبة إلى خضر الذي خسر وظائف عدة بسبب الحواجز فإن مهمة "الكونتينر" ومئات الحواجز الأخرى المنتشرة في الضفة الغربية منذ عام 2000 وحتى اليوم، لم ولن تقتصر فقط على عزل الفلسطينيين أو إيقاف حركتهم، وإنما إخضاعهم وضبط سلوكهم ومستوى معيشتهم الاقتصادي، إلى جانب تأمين عبور آمن للمستوطنين الذين يحظون بشوارع خاصة.

عصر الذهب: 10 أسئلة
عصر الذهب: 10 أسئلة

Independent عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • Independent عربية

عصر الذهب: 10 أسئلة

مع الارتفاع الصاروخي في أسعار الذهب خلال الفترة الأخيرة نتيجة عمليات الشراء الكبيرة للمعدن الثمين من قبل الأفراد والمؤسسات والبنوك المركزية، تكثر التحليلات والتعليقات بأننا قد نعود لـ "عصر الذهب" كمخزن للقيمة ومستودع للثروة. لكن ما يحدث هو تغير في توجه المستثمرين يتكرر في أوقات الأزمات الاقتصادية واضطراب الأسواق بتحويل أموالهم إلى أصول تسمى "ملاذاً آمناً"، مثل الذهب والدولار الأميركي وغيرها، أما عصر الذهب كنقود أو سند إصدار النقود فقد انتهى منذ عقود، وفيما يلي 10 أسئلة في شأن الذهب كمقابل للنقود والمال وكأصل استثماري، ومحاولة الاجابة عنها من الوثائق التاريخية لـ "مجلس الذهب العالمي" وبعض الدراسات للمؤسسات المالية العالمية. 1- متى بدأ استخدام الذهب كعملة نقدية ومتى انتهى؟ منذ عرفت البشرية النقد كوسيلة مدفوعات عوضاً عن نظام المقايضة سُكت العملة من المعدن، وهناك عملات برونزية قديمة تكتشف في المواقع الأثرية التاريخية، أما أول من صدرت في عهده عملة ذهبية، أي سُكت من الذهب، فكان الملك كرويسس ملك ليديا، وهي منطقة في تركيا حالياً، عام 550 قبل الميلاد، وحتى حين أُطلقت العملات الورقية ظلت قيمتها تحسب في مقابل صرفها بالذهب، وبحسب ما يعرف تاريخياً كانت الصين أول من أصدر عملات ورقية نهاية القرن الـ 13 الميلادي وقت إمبراطورية مينغ. وحتى مطلع القرن الـ 20 عندما عدلت بريطانيا "قاعدة الذهب"، كانت كل العملات التي تصدرها الدول تستند إلى قيمتها في مقابل الذهب، ففي عام 1931 عدلت بريطانيا قاعدة الذهب لكن العملات ظلت مستندة إلى قيمة الذهب حتى مع اتفاق "بريتون وودز" عام 1944، فاتفق على اعتماد تعديل بريطانيا لقاعدة الذهب، أي إصدار العملات ليس استناداً لرصيد الذهب في البنك المركزي للدولة ولكن ربط الدولار الأميركي بالذهب كأساس للنظام المالي العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1971 أنهى الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون ارتباط الدولار بالذهب وأصبحت العملات تصدر استناداً إلى سياسات نقدية ومالية للحكومات تتداول في سوق عملات حر تحدد قيمتها. 2- هل لا يزال رصيد الذهب هو سند إصدار العملات النقدية من قبل الحكومات؟ لم يعد إصدار العملات النقدية مستنداً إلى حجم مخزون الذهب لدى البنك المركزي الذي يصدرها منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، وحتى منذ ثلاثينيات القرن الماضي تغيرت قاعدة الذهب ولم تعد العملة، أية عملة، تحسب قيمتها بما تقابله من الذهب، لكن رصيد الذهب يظل ضمن احتياطات البنوك المركزية وأحد العوامل الأساس لتحديد قيمة العملات، ومع أنه لم تعد هناك عملات مهمة مربوطة بالذهب، وعلى رغم فك ارتباط الدولار بالذهب قبل نحو نصف قرن، لكن ثروات الأمم تحسب ومن ضمنها رصيدها من الذهب المادي الذي تختزنه للطوارئ، أما العملات الذهبية الموجودة في السوق، مثل جنيه الذهب، فهي أحد صور الذهب المادي مثلها مثل السبائك والمصوغات وغيرها. 3- لماذا تلجأ البنوك المركزية لشراء الذهب وتخزينه مجدداً؟ تحتفظ البنوك المركزية بمخزون من الذهب ضمن تنويع الاحتياطات لديها إضافة إلى العملات المهمة مثل الدولار واليورو والين وأصول أخرى، ومنذ حرب أوكرانيا عام 2022 زادت البنوك المركزية حول العالم شراء الذهب باعتباره أكثر أماناً وكأصل احتياط أجنبي لديها خشية العقوبات، وذلك بعدما جمدت الولايات المتحدة والدول الغربية الأصول الأجنبية للبنك المركزي الروسي عقب اندلاع حرب أوكرانيا لأن معظمها أصول دولارية. وبما أن الدولار تتحكم به أميركا ويسهل تجميد ومصادرة الاحتياطات الأجنبية منه، فقد لجأت البنوك المركزية، من الصين إلى دول أميركا اللاتينية، إلى تقليل نصيب الدولار من احتياطاتها وتعويضه بالذهب، سواء تحوطاً لاحتمال العقوبات وتجميد الأصول الدولارية أو لتذبذب سعر العملات، وخصوصاً الدولار، مما يضر بقيمة الاحتياطات. وبحسب تقديرات بنك "غولدمان ساكس" الاستثماري الأميركي فقد اشترت البنوك المركزية حول العالم كميات غير مسبوقة من الذهب خلال عامي 2022 و 2023 وصلت إلى 1060 طناً من الذهب، ويذكر أن مشتريات تلك البنوك كانت في حدود 509 أطنان بين عامي 2016 و 2019. 4- ما هو حجم سوق الذهب العالمية وتوقعات مستقبلها؟ بحسب أحدث بيانات "مجلس الذهب العالمي" فإن إجمال الذهب المنتج في العالم بلغ العام الماضي نحو 216265 طناً، بزيادة تسعة في المئة خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، ومع زيادة الطلب على الذهب خلال العامين الأخيرين تتوسع شركات التعدين الكبرى في استثماراتها لتلبية تلك الزيادة، فزادت ربحية شركات المناجم والتعدين بقوة في الفترة الأخيرة، وخلال الربع الرابع من العام الماضي كان هامش الربح لشركات استخراج الذهب عند 950 دولار للأوقية، وهو أعلى هامش ربح لتلك الشركات منذ عام 2012. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) كما أن هناك دراسات لاستكشاف الذهب في مناطق جديدة حول العالم ودراسات أولية حول احتمالات وجود احتياطات من المعدن الثمين في قاع البحار، ومع استمرار نمو الطلب على الذهب وزيادة هامش ربح شركات الإنتاج فإنه يُتوقع استمرار نمو الإنتاج العالمي منه، وحتى في حالات اضطراب الأسواق وانهيار قيمة الأصول فإن الانخفاض في سعره يكون بمعدل أقل كثيراً من انخفاض سعر الأسهم والسندات والعملات والأصول الأخرى. وطبقاً لبيانات "مجلس الذهب العالمي" فقد وصل الطلب العالمي على الذهب العام الماضي إلى أعلى مستوى له خلال 10 أعوام نتيجة مشتريات البنوك المركزية من الذهب لزيادة احتياطاتها، وارتفع الطلب على الذهب 18 في المئة ليصل إلى 4471 طناً، وهي أكبر كمية مشتراة خلال عام منذ 2011، وذلك نتيجة ارتفاع مشتريات البنوك المركزية من المعدن الأصفر إلى أعلى مستوى لها منذ 55 عاماً. 5- ما الفارق بين الذهب كمعدن وأسهم صناديق الاستثمار في الذهب وشركات تعدينه؟ يشتري الأفراد الذهب في صور مصوغات وحلي أو حتى جنيهات وسبائك ذهبية، وكذلك البنوك المركزية والصناديق والمستثمرين المؤسساتيين في صوره المعدنية المادية، وذلك كمخزن للثروة وتحوط في مواجهة التقلبات مثل التضخم وغيره، وخلال الأعوام الأخيرة أصبحت هناك صناديق مسجلة في البورصات للاستثمار في الذهب، فإذا دخلت على موقع أية شركة تداول أو سمسرة تجد نوعين من الاستثمارات، أسهم الذهب المادي (المعدن) وأسهم صناديق الذهب، وتلك الصناديق تصدر أوراق استثمار، إما سندات وصكوكاً في شركات تعدين الذهب، أو على أساس احتياط الذهب غير المستخرج وقيمته المستقبلية. وخلال عامي 2020 و2021 تزامن ارتفاع سعر الذهب مع زيادة الاستثمار فيه عبر صناديق الذهب المتداولة في البورصة، وذلك مع الزيادة الكبيرة في المستثمرين الأفراد الذين يدخلون الأسواق مستخدمين تطبيقات السمسرة والتداول على هواتفهم الذكية، لكن مع نهاية عام 2022 انتهى تزامن الأسعار مع زيادة رأسمال تلك الصناديق، وعلى مدى عام شهدت صناديق الذهب المتداولة في البورصة خروج رؤوس الأموال منها أكثر من دخولها إليها، ومع أن أسعار الذهب ارتفعت خلال العام الأخير بنسبة هائلة لكن صناديق الذهب المتداولة في البورصة شهدت انخفاض رأس المال بـ 20 في المئة. 6- كيف يتحرك سعر الذهب داخل السوق؟ وهل هو كبقية الأصول ترتفع قيمته وتنخفض في دورات؟ يعد الذهب في صورته المعدنية المادية أو أسهم صناديق تداول الذهب في البورصة أصلاً من الأصول، تتحرك أسعاره بحسب قاعدة العرض والطلب ومستويات البيع والشراء للمعدن أو أوراق الاستثمار فيه، لكن يظل التغير في سعر الذهب أقل تذبذباً من الأصول الأخرى مثل الأسهم والعملات وغيرها، لذا يوصف بأنه ملاذ آمن للثروة وتحوط أمام تقلبات الأسواق وفي ظل الأزمات الاقتصادية، ومع ذلك، ونتيجة المضاربات على الذهب، فقد تشهد أسعاره أحياناً تحركات قوية ارتفاعاً أو انخفاضاً، كما حدث أخيراً حين ارتفعت أسعاره لتتجاوز 3500 دولار للأوقية، قبل أن تفقد أكثر من 200 دولار من سعر الأوقية، ولم يكن هذا التحرك نتيجة دورة سعرية وإنما مضاربات بسبب مخاوف السوق من السياسات التجارية الأميركية وتوقعات متضاربة في شأن السياسة النقدية للبنك المركزي الأميركي، ونتيجة الزيادة الهائلة في أسعار الذهب أخيراً فإن بعض المحللين يتوقع أن تنتهي هذه الدورة بانخفاض الأسعار إلى مستويات قريبة من 200 دولار للأوقية، لكن تلك التوقعات تبدو مبالغة في التشاؤم، بخاصة أن الذهب كأصل يختلف مثلاً عن العقار، وهو أكثر ثباتاً ضمن أصول الاستثمار الذي قد يشهد انهيارات قوية. 7- لماذا هناك مستثمرون يتحمسون للذهب وآخرون يعارضونه؟ على رغم شبه الإجماع على أن الذهب هو أهم الملاذات الآمنة التي ينصح بأن تضع فيها ثروتك أوقات الاضطراب والأزمات، لكن هناك من المستثمرين من لا يعتبرون المعدن الثمين مجالاً جيداً للاستثمار، إذ يرى هؤلاء أن الذهب لا يوفر عائداً مثل أسهم الشركات الراسخة التي توزع أرباحاً دورية على حملتها أو سندات الدين التي تدر عائداً محدداً بنسبة معروفة، وخلال مقابلة قديمة سئل الملياردير الأميركي وارين بافيت، وهو صاحب واحد من أكبر وأشهر صناديق الاستثمار في العالم، لماذا لا يشتري الذهب ولا يستثمر فيه منذ أعوام، فكان رده أنه مجرد معدن "ندفع لمن يستخرجونه من باطن الأرض ثم ندفع لمن يحرسونه لنا عند تخزينه"، ومع ذلك شهدت الآونة الأخيرة زيادة في فتح حسابات ادخار بالذهب، كما أشار تقرير لـ "مصلحة سك العملة" في بريطانيا، على رغم أن تلك الحسابات لا توفر فائدة جيدة. وحتى نهاية عام 2021 كان حساب الادخار بالذهب يعطي فائدة سنوية بـ 0.2 في المئة، وقد ارتفعت الآن إلى 1.85 في المئة، وتظل الفائدة على الادخار بالذهب أقل بكثير من معدلات الفائدة الأساس لبنك إنجلترا عند أربعة في المئة. لكن قيمة الودائع بالذهب تظل مضمونة بالكامل وليس بالحد الذي تضمنه "هيئة الخدمات المالية" وهو 85 ألف جنيه إسترليني (106 آلاف دولار) وحسب مما يوجد في حساب المودع حال إفلاس البنك، إذ يحتفظ بقيمة حسابك في صورة ذهب حقيقي موجود داخل خزانة "مصلحة سك العملة" أو غيرها من شركات حسابات الادخار بالذهب، وحين يحتاج العميل إلى السحب يحول الذهب إلى نقد بسعره في السوق وقتها. 8- هل تنافس العملات المشفرة الذهب؟ وهل هناك "ذهب رقمي"؟ مع انتشار العملات المشفرة مثل "بيتكوين" ودخولها الحثيث في النظام المالي العالمي بعد موافقة "هيئة أسواق المال الأميركية" العام الماضي على إدراج صناديق عدة لتداول المشفرات، ظهر الجدل حول احتمال أن تأخذ العملات المشفرة مكان الذهب كملاذ آمن للثروة أوقات الاضطراب، لكن التذبذب الهائل في أسعار المشفرات والمضاربات القوية عليها حالت دون تحقق ذلك، وهو ما كان يمكن اعتباره مجال التنافس الأهم بين المشفرات والذهب، ليظل الذهب محتفظاً بمكانته كملاذ آمن في أوقات الاضطراب. ومثلما أدى تطوير تكنولوجيا العملات المشفرة عبر شبكات مؤمنة مثل "بلوك تشين" إلى ظهور عملات رقمية، تستند في الغالب إلى عملات نقدية تقليدية مثل الدولار أو غيره، ظهرت أيضاً العملة الذهبية الرقمية، وهي في النهاية سند إلكتروني له مقابل من الذهب يشبه إلى حد كبير المشفرات المستندة لعملة "Stable coin" وتسمى الذهب الرقمي "Digital Gold". وتصدر "مصلحة سك العملة الملكية" في بريطانيا عملة ذهبية رقمية يمكن للمستثمر فيها أن يشتري بدءاً مما قيمته 25 جنيهاً (33 دولاراً)، وتحتفظ الجهة المصدرة للذهب الرقمي بما يقابله من المعدن الحقيقي، لذا تخصم رسوماً من المتعامل إضافة إلى رسوم التداول العادية في مقابل التخزين. 9- متى تشتري ذهباً ومتى تبيعه لتحقق مكاسب؟ هذه النصيحة تأتي من سماسرة السوق ومذكرات المحللين في البنوك الاستثمارية لعملائها بصورة دورية، وتستند إلى وضع السوق وتوقعاته في ضوء عوامل عدة، وبصورة عامة فإن الناس يشترون الذهب في صورته المعدنية من جنيهات أو سبائك أو مصوغات كصور من صور الادخار والاحتفاظ بالثروة لحين الحاجة إليها، ونادراً ما يحدث أن يبيع الناس ذهبهم بأقل مما اشتروه به، ففي الغالب يحققون ربحاً بحسب مدة احتفاظهم بالمعدن الثمين، أما بالنسبة إلى المستثمرين الذين يستهدفون تحقيق الأرباح من البيع والشراء في فترات قصيرة، فتتغير النصيحة لهم باستمرار، وهناك توجه الآن بين خبراء السوق للاستثمار في أسهم صناديق الذهب وأسهم شركات التعدين، مع توقعات باستمرار نمو الطلب على الذهب، لكن ذلك التوجه قد يتغير مع أي تغير في السياسات النقدية والمالية للدول الكبرى. أما الادخار في حسابات الذهب فهو مضمون إلى حد كبير، وحتى شراء الذهب الرقمي، وإن كان أكثر مخاطرة قليلاً، لكنه أيضاً يحقق عائداً جيداً، فهناك بعض مصدري الذهب الرقمي يعدون بنسبة ربح تتجاوز 10 في المئة سنوياً، أي أكثر من ضعف سعر الفائدة الأساس في معظم الاقتصادات الكبرى. 10- لماذا يبقى الذهب مهماً في النظام المالي العالمي؟ هناك عامل تاريخي يتعلق بمكانة الذهب بين المعادن الثمينة، فعلى رغم أن هناك استثمارات في الفضة والبلاتين وغيرها لكن الذهب يظل صاحب النصيب الأكبر من الاستثمار في المعادن الثمينة، ومع أن هناك إصدارات فضة رقمية أيضاً لكن الادخار والاستثمار في الذهب هو الطاغي، على رغم فك ارتباط العملات بالذهب وتداولها الحر بسعر السوق وليس بما يقابلها من مادة المعدن الثمين، فنصيب الذهب من الاحتياطات لدى البنوك المركزية حول العالم يجعله من الأصول المهمة التي تستند إليها الدول في تقييم ثرواتها وقوة عملاتها، وحتى في تفاصيل تعامل جمهور المستهلكين فإن الاحتفاظ بالذهب يمثل سنداً وعاملاً مهماً في حساب الثروة الصافية للفرد والأسرة، وبالتالي قدرتها الاستهلاكية والانفاق على الطلب في الاقتصاد، وبغض النظر عن تقلبات الأسواق فإن الذهب يظل أحد الأصول المادية المهمة للثروة في النظام المالي والاقتصاد العالمي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store