أحدث الأخبار مع #«ستارجيت»


البيان
٢٤-٠٢-٢٠٢٥
- صحة
- البيان
التلوث الناتج عن مراكز البيانات يكبد الصحة العامة بأمريكا خسائر بالمليارات
كشفت دراسة جديدة عن أن التوسع في استخدام مراكز البيانات من قبل عمالقة التكنولوجيا يفرض أعباءً صحية كبيرة على المجتمع، تجاوزت تكلفتها 5.4 مليارات دولار خلال السنوات الخمس الماضية. كما أنه يلقي الضوء على التكلفة البيئية والصحية المتزايدة لتطوير بنية تحتية داعمة لتقنيات الذكاء الاصطناعي. ووفقاً لدراسة علمية أجرتها جامعة كاليفورنيا ريفرسايد ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتك)، فإن التلوث البيئي الناجم عن استهلاك الطاقة الضخم في مراكز البيانات يرتبط بشكل مباشر بزيادة حالات السرطان والربو وأمراض أخرى. وقدر الباحثون التكلفة العلاجية لهذه الأمراض بـ 1.5 مليار دولار في 2023، بزيادة 20 % عن 2022، ما رفع إجمالي التكلفة منذ 2019 إلى 5.4 مليارات دولار. ويشير التقرير إلى احتمالية تفاقم المشكلة في ظل التنافس المحموم في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يحتاج إلى قدرات حوسبة هائلة لتدريب وتشغيل نماذج اللغة الكبيرة. وتعكس توقعات الإنفاق من شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل مايكروسوفت وألفابت وأمازون وميتا، حجم هذا التوسع، حيث يتوقع أن يصل إلى 320 مليار دولار هذا العام، مقارنة بـ 151 مليار دولار في 2023. ويأتي الإعلان عن مشروع «ستارجيت» المشترك بين أوبن إيه آي وسوفت بنك بقيمة 500 مليار دولار كمؤشر للحجم الهائل للاستثمارات المستقبلية في هذا المجال. واستخدمت الدراسة نموذج وكالة حماية البيئة الأمريكية، وهو أداة تحليلية معتمدة تحول آثار تلوث الهواء والتأثيرات الصحية المصاحبة إلى قيم مالية قابلة للقياس. وتصدرت «جوجل» قائمة المتسببين في الأضرار الصحية بتكلفة بلغت 2.6 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية، تلتها «مايكروسوفت» بـ 1.6 مليار دولار، ثم «ميتا» بـ 1.2 مليار دولار. والمقلق أن هذه التكاليف تتزايد بقوة سنة بعد أخرى. ولم تتضمن الدراسة شركات مثل أمازون، بسبب عدم تقديمها بيانات كافية لتقدير تأثيرها البيئي. ويُعزى التلوث الناتج عن مراكز البيانات إلى استهلاكها الكبير للكهرباء، التي تعتمد في الغالب على الوقود الأحفوري، إلى جانب استخدام مولدات الديزل الاحتياطية، التي تزيد من تلوث الهواء. كما أن المخلفات الإلكترونية، مثل أشباه الموصلات والرقائق، قد تطلق مواد كيميائية ضارة عند التخلص منها، ما يزيد من المخاطر البيئية. واستندت الدراسة إلى منهجية دقيقة لحساب الأضرار الصحية الناتجة عن مراكز البيانات العملاقة. فبالنسبة لشركتي جوجل وميكروسوفت، اعتمد الباحثون على بيانات استهلاك الكهرباء في المناطق الشمالية وتوزيعها على مواقع مراكز بياناتهما في الولايات المتحدة، مع الرجوع إلى تقارير الاستدامة المنشورة من قبلهما. أما شركة ميتا، فقد قدمت بيانات أكثر تفصيلاً عن استهلاك الكهرباء في كل موقع، وهي بيانات لا توفرها جوجل ومايكروسوفت بشكل علني. وما يميز هذه الدراسة أنها تجاهلت ما تقوم به هذه الشركات من شراء ما يسمى بـ «أدوات السوق»، وهي استثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة تهدف لتعويض التلوث الناتج عن استهلاك الكهرباء، وبدلاً من ذلك، ركز التحليل على التأثيرات الفعلية للتلوث في المناطق التي تتم فيها معالجة البيانات، وفقاً لمنهجية «المحاسبة القائمة على الموقع». وفي هذا السياق، صرح شاولاي رين، الأستاذ المساعد في جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد، قائلاً: «على عكس انبعاثات الكربون، فإن التلوث الناجم عن مركز بيانات في منطقة معينة يؤثر على الصحة العامة هناك، ولا يمكن تعويضه بتحسين جودة الهواء في منطقة أخرى». وأكدت جوجل وميتا ومايكروسوفت أن استخدامهم للمولدات الاحتياطية كان أقل من التقديرات التي اعتمدت عليها الدراسة، والتي استندت إلى متوسط استهلاك مأخوذ من بيانات معلنة على نطاق عام. كما لم تقدم أي من هذه الشركات أرقاماً دقيقة توضح استهلاكها للمولدات الاحتياطية على مستوى كل موقع. ووصفت جوجل تقديرات التكلفة الصحية بأنها مبالغ فيها، منتقدة تجاهل الدراسة لجهود الشركة في شراء الطاقة النظيفة من الأسواق المحلية. وأشارت الشركة إلى أن هذا التجاهل أدى إلى «رواية مضللة» عن الأضرار الصحية، مؤكدة أن استراتيجيتها في شراء الطاقة النظيفة تمكنها من تشغيل مراكز بياناتها بنسبة 64 % من الطاقة الخالية من الكربون. وأكدت مايكروسوفت أن جهودها تركز على تقديم «فوائد محلية ملموسة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المجتمعات التي تعمل فيها». وأفادت ميتا بأنها تلتزم بمعايير جودة الهواء، مشددة على استمرارها في تحقيق «صافي انبعاثات صفرية لغازات الدفيئة في عملياتها العالمية، وبناء بنية تحتية أكثر استدامة وابتكاراً، مع الإبلاغ بشفافية عن تقدمها في تحقيق أهدافها البيئية، ودعم المجتمعات التي تعمل فيها». وكشفت الدراسة أن الآثار الصحية لمراكز البيانات تؤثر بشكل غير متكافئ على المجتمعات الأقل دخلاً. ويرجع ذلك إلى تركز هذه المراكز في ولايات مثل فرجينيا الغربية وأوهايو، حيث تعيش نسبة كبيرة من الأسر ذات الدخل المنخفض. واقترح شاولاي رين إعادة النظر في التوزيع الجغرافي لمراكز البيانات، بحيث يتم نقلها إلى مناطق أقل كثافة سكانية، ما يقلل من تأثيرها المباشر على صحة السكان. وأفاد تقرير منفصل صادر عن مختبر بيركلي، بدعم من وزارة الطاقة الأمريكية، بأن مراكز البيانات الأمريكية استحوذت على نحو 4 % من إجمالي استهلاك الكهرباء في البلاد خلال عام 2023، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى ما بين 7 % و12 % بحلول عام 2028، مدفوعة بالطلب المتزايد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وحذّر أنتونيس ميريداكيس، المحاضر في العلوم البيئية بجامعة برونيل لندن، من خطورة تجاهل هذه المشكلة، مؤكداً أن الاستهلاك الكثيف للطاقة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مع تزايد استخدامها، يشكل تهديداً حقيقياً على جودة الهواء والصحة العامة.


الرياض
١٧-٠٢-٢٠٢٥
- أعمال
- الرياض
"الذكاء الاصطناعي".. ساحة جديدة للتنافس الأميركي
يشهد سباق الذكاء الاصطناعي تحولات غير مسبوقة مع دخول قوى جديدة على الساحة. فبينما أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب مشروع «ستارجيت» باستثمارات ضخمة لتعزيز الهيمنة الأميركية، فاجأت الصين الأسواق بنموذج الذكاء الاصطناعي «ديب سيك» المتطور ومنخفض التكلفة، مما أثار تساؤلات حول مستقبل المنافسة التكنولوجية. وتقول الباحثة إيزابيلا ويلكنسون، في تقرير نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس) إن عام 2025 يثبت بالفعل أنه عام مليء بالتقلبات في مجال القفزات والاستثمارات في الذكاء الاصطناعي. وفي 19 يناير(كانون الثاني)، أعلنت الصين عن صندوق استثماري للذكاء الاصطناعي، يُنظر إليه على أنه رد على تشديد الولايات المتحدة للرقابة على تصدير الرقائق. وفي 21 يناير(كانون الثاني)، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن مشروع «ستارجيت»، وهي شركة قال إنها ستستثمر مبلغا غير مسبوق قدره 500 مليار دولار في تطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، بدعم من شركات التكنولوجيا «أوبن إيه آي» و»أوراكل»، والبنك الياباني «سوفت بنك»، وشركة الاستثمار الإماراتية»إم جي إكس». وفي الأسبوع التالي، تسبب نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني منخفض التكلفة وقليل الاعتماد على الرقائق «ديب سيك» بقدرات استدلالية، في فوضى في الأسواق، بعدما اتضح أنه يمثل تحديا للمنافس الأميركي (أو 3) التابع لـ»أوبن إيه آي». وتكبدت شركة تصنيع الرقائق العملاقة «إنفيديا» خسائر بقيمة 600 مليار دولار من قيمتها السوقية عند افتتاح الأسواق في 27 يناير(كانون الثاني). وأحدث «ديب سيك» اضطرابا في الافتراضات حول من يمتلك القدرة على تطوير الذكاء الاصطناعي القوي، وأعاد إشعال الشكوك حول فعالية القيود الصارمة التي تفرضها الولايات المتحدة على تصدير الرقائق. لكن، إلى جانب تصعيد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، تشير هذه التطورات إلى تحول جذري في حوكمة التكنولوجيا داخل الولايات المتحدة، يتمثل في تركز السلطة في القطاع الخاص فيما يتعلق بتطوير التكنولوجيا وصياغة جدول أعمالها، وهو اتجاه يتسم بالانقسام وعدم القدرة على التنبؤ. وبحسب الباحثة ويلكنسون، تمثل هذه الحقبة الجديدة غير المتوقعة تحديا كبيرا لصناع القرار في أوروبا، لكنها قد توفر أيضا فرصا محدودة لإظهار القيادة. وألغى الرئيس دونالد ترمب مع توليه منصبه نهج إدارة سلفه جو بايدن في تنظيم الذكاء الاصطناعي، حيث ألغى أمرا تنفيذيا بشأن الذكاء الاصطناعي الآمن والموثوق، والذي كان يُنظر إليه على أنه حجر الأساس لنهج الولايات المتحدة في حوكمة الذكاء الاصطناعي محليا وعالميا على أساس إدارة المخاطر. كما استخدم سلطته التنفيذية لتعليق ما يُعرف بـ»حظر تيك توك»، وأصدر مجموعة من الأوامر التنفيذية الأخرى، التي سيتم الطعن في العديد منها أمام المحاكم. وفجأة، أصبحت القدرة على التنبؤ بسياسة التكنولوجيا الأميركية في أدنى مستوياتها على الإطلاق. وستشعر الشركات الأميركية بمزيد من الجرأة بفضل مكانتها المتميزة، وبدعم من هجمات إدارة ترمب على ما تعتبره تنظيما مفرطا من بروكسل. وفي الوقت نفسه، يكشف الحجم الهائل لمشروع «ستارجيت» عن التداخل المتزايد بين الأمن القومي والبنية التحتية ومصالح وادي السيليكون. ويبدو أن المخطط الاقتصادي لـ»أوبن إيه آي» بشأن إعادة التصنيع الأميركي، والذي يُعتقد أنه عنصر أساسي في تشكيل «ستارجيت»، يتمتع بنفوذ استثنائي. فهو يدعو إلى إنشاء منشآت سرية لتقييم أمان النماذج، إضافة إلى تطوير موارد طاقة جديدة لتبريد مراكز البيانات. ويتجاوز إعلان ترمب عن شركة خاصة أيضا العقبات التشريعية المرتبطة بتطوير مشروع ممول من القطاع العام بهذا الحجم، خاصة في ظل الحاجة الملحة إلى توسيع قدرة مراكز البيانات لمواكبة الطلب المتزايد. وعلى الصعيد الدولي، أحدث هذا النظام الناشئ صدى واسعا. فبينما تعمل بروكسل على توضيح القواعد الجديدة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وتطبيق حزمة الخدمات الرقمية، ستزداد جرأة الشركات الأميركية بفعل مكانتها الاستثنائية، وبدعم من هجمات إدارة ترمب على اللوائح الأوروبية المشددة، مثل تهديدات نائب الرئيس جيه دي فانس بشأن مشاركة الناتو، إذا لم تحترم أوروبا «حرية التعبير». وتقول ويلكنسون إنه على مدى العقد الماضي، تزايدت المطالبات بمساءلة عمالقة التكنولوجيا، مع موجة من الإجراءات التنظيمية والعديد من الشركات التي أعادت تفسير أدوارها في الحوكمة بما يتجاوز حدود التكنولوجيا. وقبل عام من الآن، تعهدت أكثر من 20 شركة تكنولوجية بالتصدي لمحتوى الذكاء الاصطناعي المضلل في الانتخابات، مثل تقنية «التزييف العميق». ووعدت تلك الشركات معا بالحفاظ على نزاهة انتخابات 2024 والعمل على تعزيز ثقة الجمهور. وكان هذا الإعلان ضعيفا فيما يتعلق بالإجراءات التعاونية القابلة للقياس علنا، لكنه رسم صورة متفائلة عن منافسين يتحدون لحماية الديمقراطية من تهديدات المعلومات التي يولدها الذكاء الاصطناعي. لكن هذا التفاؤل أصبح الآن مجرد ذكرى بعيدة، حيث يتنافس عمالقة التكنولوجيا على النفوذ في نظام سياسي يتعهد بإزالة الضوابط على المحتوى المضلل وغير الآمن، وهو المحتوى نفسه الذي التزموا سابقا بمكافحته. وتقول ويلكنسون إن البعض قد يرى هذا التحول لحظة «سقوط القناع»، بينما يراه آخرون مجرد تجل طبيعي لانتهازية مدفوعة بالربح، وخوف الولايات المتحدة من فقدان تفوقها أمام الصين. وفي كلتا الحالتين، يضيف هذا السياق بعدا جديدا للصورة اللافتة التي جمعت بين عمالقة التكنولوجيا، بعضهم من المتبرعين السابقين للحزب الديمقراطي، وهم يجلسون في حفل تنصيب ترمب. وبالنسبة لإدارة الرئيس السابق جو بايدن، كانت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عموما حليفين في حوكمة الذكاء الاصطناعي. ورغم التوترات، خاصة مع الجدل المستمر حول ما إذا كانت بروكسل تعرقل الشركات الأمريكية، فقد تبنّيا نهجا قائما على إدارة المخاطر وشاركا بنشاط في الهيكل الناشئ لحوكمة الذكاء الاصطناعي عالميا. والآن، يتعين على الحكومات الأوروبية التعامل مع نهج الإدارة الأميركية الجديدة، التي تفضل تحرير تطوير الذكاء الاصطناعي من القيود التنظيمية وتعطي الأولوية لمبدأ «أميركا أولا»، مع تجاهل التعاون الدولي. كما يجب عليها مواجهة ائتلاف متزايد الجرأة من عمالقة التكنولوجيا الأميركيين الرافضين للتنظيم، والذين يعملون في أسواقها، في الوقت الذي تسعى فيه إلى جذب استثماراتهم. ومع ذلك، تكشف حالة «ديب سيك» حقيقة مهمة غالبا ما يتم التغاضي عنها في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي، إذ من الممكن تحقيق المزيد بموارد أقل. فاستثمار «ستارجيت» الهائل، البالغ نصف تريليون دولار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، قد يبدو بالفعل منفصلا عن الواقع. علاوة على ذلك، فإنه مع تراجع الولايات المتحدة عن إعطاء الأولوية للتعاون التكنولوجي العالمي واحتمال تقليص دور «معهد أمان الذكاء الاصطناعي» الأميركي، ستنشأ فجوة في قيادة السلامة العالمية للذكاء الاصطناعي. وترى ويلكنسون أنه يمكن للمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي اغتنام الفرصة. فالمملكة المتحدة تتمتع بميزة نادرة في مجال أمان الذكاء الاصطناعي، بعد أن نسقت «إعلان بليتشلي» عام 2023، الذي ضم الصين والولايات المتحدة، وأطلقت أول معهد في العالم لأمان الذكاء الاصطناعي.


البورصة
١١-٠٢-٢٠٢٥
- أعمال
- البورصة
ليونيل لوران يكتب: أوروبا والذكاء الاصطناعى.. بين التشريعات الصارمة والتحديات التكنولوجية
المصدر: هل تبيض الأبقار؟ كان هذا السؤال ما يحير روبوت المحادثة الفرنسى «لوسى»، نهاية الأسبوع الماضى، فى ظل التبعات المفاجئة فى عالم الذكاء الاصطناعى، إثر الإعلان عن مشروع «ستارجيت» ذى التمويل الضخم، ونموذج «ديب سيك» الصينى الأقل تكلفة. أُوقف عمل النموذج الفرنسى بشكل محرج بعد ساعات من إطلاقه، بعد الفشل فى تقديم «ذكاء اصطناعى بقيم أوروبية»، وقبل أيام فقط من «قمة العمل بشأن الذكاء الاصطناعى» التى دعا الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لإقامتها. كل ذلك يؤكد أن أوروبا لم تواكب ثورة تكنولوجية أخرى. حسناً، هذا تعبير غير منصف بدرجة ما، فواضح أن فى أوروبا شركات ناشئة قوية، مثل «ميسترال»، لا تخلط بين البقر والدجاج. والمثال الذى قدمته «ديب سيك» للقدرة على تحقيق إنجاز كبير من موارد محدودة، يعد بمثابة إشارة إيجابية من السوق لأوروبا، التى يوجد بها عدد كبير من أصحاب الكفاءات، رغم جذبها جزءاً ضئيلاً من رأس المال الجرىء، مقارنة بالولايات المتحدة (16% مقابل 57% من التمويل العالمى خلال 2024). أدت آفاق وجود عالم ذكاء اصطناعى متعدد الأقطاب إلى ارتفاع أسهم شركات التكنولوجيا فى القارة، ومنها «إيه إس إم إل هولدينج»، و«ساب»، الأسبوع الماضى، ومن لندن إلى باريس وبرلين، شهدت المعنويات تفاؤلاً ضئيلاً حيال المنافسة. رغم ذلك يبقى السؤال الجوهرى الذى يحير روبوتات المحادثة هو: «لماذا لم تحقق أوروبا السبق؟» فبعد 10 سنوات من استحواذ «جوجل» على شركة «ديب مايند» البريطانية، و7 سنوات من خطة ماكرون للذكاء الاصطناعى بتكلفة 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار)، وبعد عامين من إثارة «أوبن إيه آى» المدعومة من «مايكروسوفت» طموح الشركات الناشئة فى مجال الذكاء الاصطناعى التوليدى الجديد فى جميع أنحاء أوروبا، فإنه يجب أن تكون القارة العجوز هى من تقدم البدائل المثيرة مفتوحة المصدر الأقل تكلفة للنماذج الأمريكية المعتادة. الذكاء الاصطناعى فى أوروبا فى أسوأ حالة تكمن إحدى الإجابات فى المقولة المعروفة: «الولايات المتحدة تبتكر، والصين تقلد، وأوروبا تنظم». فأوروبا، التى تستخدم فيها 13% فقط من الشركات، الذكاء الاصطناعى، بذلت وقتاً وجهداً أكثر من اللازم لتصبح أول من ينظم التكنولوجيا، فأقرت قانون الذكاء الاصطناعى الذى لم يترك تفصيلاً إلا وتناوله. يمنع القانون، التصنيف الاجتماعى، ويفرض على مجموعة من التطبيقات متطلبات للشفافية والإفصاح، ويعزز التدقيق فى أى نموذج عالى الأداء يعتبر أنه يشكل «خطراً نظامياً مرتفعاً»، ويعتمد فى فلسفته بشكل كبير على رؤية قائمة على «أوبن إيه آى» تفترض أن النماذج الأضخم ستكون أشد فعاليةً وخطراً. ربما يبدو هذا سليماً نظرياً، أما من الناحية العملية، فإن الوضع أسوأ ما يمكن على جميع الأصعدة، بحسب جابرييل ماتزينى، المُعد الرئيسى لقانون الذكاء الاصطناعي، والذى يشعر حالياً بأن القانون تمادى أكثر مما يجب، وبينما ترسخت هيمنة الولايات المتحدة على الذكاء الاصطناعى فى ظل حسن استعداد شركات التكنولوجيا الكبرى لتجاوز الحواجز الكبيرة لدخول السوق، تراجع الإقبال على المخاطرة فى الحلول المحلية. والآن، تهدد «ديب سيك» بأن تجعل تركيز القانون على المخاطر النظامية، التى تُقاس بالقدرة الحاسوبية، غير ذى فائدة، إذ لم يعد حاجز 1025 عملية نقطة عائمة فى الثانية ـ ما تُعرف باسم «الفلوبس» ـ منطقياً فى عالم تتزايد فيه كفاءة النماذج. قال ماتزيني: «نحن فى مأزق»، ففى الفترة الحالية، وحتى فى مدينة باريس موطن «ميسترال»، يقول لى عدد من متخصصى التكنولوجيا، إنَّ الانتقال من «أوبن إيه آي» يشبه التخلى عن متصفح «كروم»، التابع لـ«ألفابت» لاستخدام متصفح «سفارى» التابع لـ«أبل». تحديات أخرى أمام الذكاء الاصطناعى فى أوروبا ثمة مشكلات أخرى بخلاف التنظيم، فالانقسام يعيق أوروبا، وأسواق رأس المال والأطر القانونية حبيسة الحدود الوطنية، والأمر يسرى أيضاً على العقلية السائدة فى أوساط التكنولوجيا المحلية، إذ يندر وجود من يشبه ليانج ونفنج، مؤسس «ديب سيك»، فى الجرأة والخروج عن المألوف. يرى أليوشا بورتشاردت، المتخصص بالذكاء الاصطناعى المقيم فى برلين، أن على الأوروبيين إعادة النظر فى ميلهم لتجنب المخاطر، وأنه بات شائعاً التفكير فى تطبيقات الشركات الصغيرة، وبينما هذا منطقى تماماً، لكنه يجعل تحقيق أى إنجاز طموح مثل «ديب سيك» أمراً مستبعداً. كما الحال فى السيارات الكهربائية، ثمة غياب تام للتفكير الاستراتيجى من قبل الحكومات الأوروبية، واستهانة خطيرة بالمنافسة الصينية. فزيادة التنظيم والدعم والمصانع العملاقة لم تعوض أوروبا عن نقص منظومات التقنية المحلية، وتأمين إمدادات الرقائق، وتبنى الذكاء الاصطناعى فى الصناعة. وسباق الذكاء الاصطناعى اليوم بين نظراء فى التكنولوجيا، مثل «تسلا» و«بى واى دى»، وليس بين «فولكس واجن» و«ستيلانتيس». إذ تكرر رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ما ورد فى تقرير ماريو دراجى، عن إنقاذ أوروبا من تراجع مكانتها، فهى تستحق الثناء على الاعتراف بضرورة تغير الأوضاع، فناقشت مؤخراً الحاجة لسد فجوة الابتكار فى الاتحاد الأوروبى، ووعدت بمبادرات لدفع تطوير الذكاء الاصطناعى وتبنيه فى الصناعة فى القطاعات الأساسية، وتعهدت «بتخفيف» الإجراءات الروتينية المعقدة. كل هذه الإجراءات مشجعة، وإن كانت تنقصها القدرة المالية. تصحيح مسار الذكاء الاصطناعى يبدأ بالتبنى المحلى فى الفترة الحالية، الأفعال خير من الأقوال، وفيما تجهز الولايات المتحدة استجابة قوية لعالم ما بعد «ديب سيك»، ترفع الجهة التنظيمية للذكاء الاصطناعى فى الاتحاد الأوروبى عدد موظفيها 140 شخصاً وهو ما يتجاوز عدد من وظفتهم «ميسترال» أواخر العام الماضى. ما الرسالة التى يبعثها البرلمان الأوروبى (المؤسسة التى أقرت قانون الذكاء الاصطناعي) بشراكته مع مقدمة خدمة أمريكية، «أنثروبيك»، لاستخدام الذكاء الاصطناعى للبحث فى السجلات المحفوظة؟ لماذا لا يبدأ على الأقل بتبنى الذكاء الاصطناعى الأوروبى فى الكيانات الحكومية كطريقة للحفاظ على استمرار الطلب والبدء فى كل هذه الإصلاحات اللازمة فى الوقت نفسه؟ فى عالم تتزايد فيه الخلافات الجيوسياسية، إذ يُشاع أن البحرية الأمريكية منعت أفرادها من استخدام تطبيقات «ديب سيك»، سيكون إقناع قارة بتغيير نهج تفكيرها خلال تصحيح مسارها بادرة بسيطة، على أمل أن ننهى ذكرى الأبقار التى تبيض.


الاتحاد
٠٧-٠٢-٢٠٢٥
- أعمال
- الاتحاد
تعاونٌ يؤكد مكانة الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي
تعاونٌ يؤكد مكانة الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي تؤكد دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم أنها أصبحت من بين أهم المؤثرين في تشكيل عالم الذكاء الاصطناعي. وتمثَّلت إحدى صور التأثير هذه في توقيع فرنسا مع الإمارات إطار عملٍ مشترك للتعاون في هذه التكنولوجيا، حيث شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في قصر الإليزيه، مراسم توقيع «إطار العمل الإماراتي الفرنسي للتعاون في الذكاء الاصطناعي»، ليرسي الإطار بذلك أسس شراكة شاملة حول الذكاء الاصطناعي بين أبوظبي وباريس. ويتضمن الإطار إنشاء مجمعٍ ضخم للذكاء الاصطناعي سيكون الأكبر من نوعه في أوروبا، ليحتضن مركز بيانات عملاقًا بقدرة حوسبية تصل إلى جيجاواط واحد، ما سيجعله أحد أكبر مراكز البيانات في العالم. وسيشكل المجمع جزءاً من استثماراتٍ ضخمة تتراوح بين 30 و50 مليار يورو، على أن تتولى مجموعة «إم جي إكس» الإماراتية تطوير المركز ضمن موقع سيحدد لاحقاً على الأراضي الفرنسية. وقد وقَّع الإطار من جانب دولة الإمارات معالي خلدون خليفة المبارك رئيس جهاز الشؤون التنفيذية، عضو مجلس الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة في إمارة أبوظبي، ومن الجانب الفرنسي كلٌّ من جان نويل بارو وزير أوروبا والشؤون الخارجية وإريك لومبارد وزير الاقتصاد والمالية. ووفقاً لبيان رئاسي مشترك، فإن الدولتين تتعهدان بتطوير هذه الشراكة الاستراتيجية، لتشمل إقامة مشروعات نوعية في الذكاء الاصطناعي، وتطوير سلاسل القيمة المرتبطة به، والتعاون في تنمية المواهب المتخصصة فيه، إضافة إلى إنشاء خوادم بيانات افتراضية تدعم بناه التحتية ومراكز بياناته. ويُبرز إطار العمل الإماراتي الفرنسي طموحات الدولتين في التقدُّم بموضوعات الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، والبقاء تحديداً ضمن سباق التنافسية مع الولايات المتحدة والصين في هذه التكنولوجيا المغيِّرة. ويأتي الإطار في توقيت ذي دلالات مهمة للغاية، فإعلان الإليزيه عن التوقيع مع دولة الإمارات كشريكٍ استراتيجي يؤكد نظرة باريس لمكانة أبوظبي في عالم الذكاء الاصطناعي، حيث إن الإطار يسبق بأيام فقط القمة العالمية للذكاء الاصطناعي والتي ستستضيفها فرنسا خلال الفترة ما بين 10 و11 فبراير بمشاركة نحو 100 دولة. وستكون هذه القمة حدثاً نوعيّاً يُتوقع أن يتمخض عنه بعض الممارسات الدولية التي ستحدد مستقبل الذكاء الاصطناعي، ومن بينها آليات حوكمة دولية يمكن عن طريقها رفع مستويات الثقة في هذه التكنولوجيا لتعزيز استخداماتها في القضايا العالمية الملحَّة مثل تغير المناخ والصحة العامة، إضافة إلى صياغة آليات يمكن معها رفع فرص نجاح تحقيق الشمول في الوصول للذكاء الاصطناعي وحلوله المغيِّرة حول العالم، خاصةً في دول الجنوب. إن ظهور هذه الشراكة الاستراتيجية يقدِّم الدليل على أن دولة الإمارات أصبحت في نظر الدول الأخرى المتقدمة لاعباً رئيساً على الساحة العالمية في الذكاء الاصطناعي، ويؤكِّد مستويات التأثير الذي تمتلكه أبوظبي في صياغة التفاعلات الدولية ضمن هذه التكنولوجيا الناشئة، لا سيَّما وأن إطار العمل الإماراتي الفرنسي للتعاون في الذكاء الاصطناعي يأتي بعد أيام فقط من الإعلان عن انضمام مجموعة «إم جي إكس» الإماراتية لمشروع «ستارجيت» الأميركي، والهادف إلى تطوير بنيةٍ تحتية متقدمة لحلول الذكاء الاصطناعي، بقيمة ستناهز 500 مليار دولار، على مدى الأعوام الأربعة المقبلة. ومع الأنباء التي تؤكد استضافة أبوظبي لقمة العالم للذكاء الاصطناعي العام المقبل، في 2026، فإن المستقبل يحمل تعزيزاً أكبر لدور دولة الإمارات في أن تصبح مركز العالم في هذه التكنولوجيا، كإنجاز سيكون ترجمة لإيمان عميق تتشارك فيه جميع المستويات القيادية في الدولة بأهمية الذكاء الاصطناعي، والعزم على تصدُّر مشهده العالمي، خدمة للأجيال المقبلة وتحقيق المستهدفات الوطنية التي تطمح إليها الدولة في نصف القرن المقبل. *صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.