logo
#

أحدث الأخبار مع #الأمريكيون

حماس: نتوقع دخول المساعدات إلى غزة فورا وفق التفاهمات الأمريكية
حماس: نتوقع دخول المساعدات إلى غزة فورا وفق التفاهمات الأمريكية

اليوم السابع

timeمنذ 7 أيام

  • سياسة
  • اليوم السابع

حماس: نتوقع دخول المساعدات إلى غزة فورا وفق التفاهمات الأمريكية

توقعت حركة حماس، دخول المساعدات إلى قطاع غزة فورا وفق التفاهمات التى جرت مع الطرف الأمريكى وبعلم الوسطاء. قالت الحركة في بيان أوردته القاهرة الإخبارية: "نتوقع الدعوة إلى وقف إطلاق نار دائم وإجراء مفاوضات شاملة بشأن جميع القضايا لتحقيق الأمن والاستقرار".

طموحات ترامب تجاه جرينلاند وآفاق المنافسة مع بوتين
طموحات ترامب تجاه جرينلاند وآفاق المنافسة مع بوتين

بوابة الأهرام

time٠٢-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • بوابة الأهرام

طموحات ترامب تجاه جرينلاند وآفاق المنافسة مع بوتين

تراوحت التفسيرات إزاء ما أعرب عنه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من رغبة وعزم على ضم جرينلاند، ومعها كندا والمكسيك وبنما إلى أراضى بلاده ما بين الطموحات السياسية والرؤية الإستراتيجية. وفى كلمته التى ألقاها فى المنتدى الدولى للقطب الشمالى الذى عقد خلال الأيام القليلة الماضية بمناسبة الذكرى الـ 500 لاكتشاف الطريق البحرى الشمالى تحت شعار «القطب الشمالى – أرض الحوار»، كشف الرئيس فلاديمير بوتين عن أبعاد هذه الرؤية، إلى جانب ما قاله حول أن الفكرة قديمة ويرجع تاريخها إلى ستينيات القرن التاسع عشر. استعرض بوتين بعضا من تاريخ خطط الولايات المتحدة وسعيها القديم نحو ضم أراضى هذه الجزيرة «تعزيزا لمصالحها الجيواستراتيجية والعسكرية والسياسية والاقتصادية فى القطب الشمالي». وأوضح بوتين أن المطالبات الأمريكية بالجزيرة التى لا يتعدى عدد سكانها أكثر من 60 مليون نسمة، ظهرت لأول مرة فى ستينيات القرن التاسع عشر، لكنها لم تجد دعماً من جانب الكونجرس الامريكى. كما أشار بوتين إلى محاولات أخرى من جانب الولايات المتحدة ومنها ما جرى للاستيلاء على هذه الجزيرة فى إطار اتفاق تبادل الأراضى بين الولايات المتحدة وألمانيا والدنمارك فى مطلع القرن العشرين. وعادت الفكرة مجددا بعد أن أقام الأمريكيون قواعدهم العسكرية هناك إبان سنوات الحرب العالمية الثانية خشية أن تستولى ألمانيا الهتلرية على الجزيرة، فيما عرضوا على الدنمارك شراء الجزيرة، مثلما فعلوا قبل ذلك مع ألاسكا التى اشترتها الولايات المتحدة من روسيا القيصرية فى مارس 1867 بما يزيد قليلاً على سبعة ملايين دولار. كما ظهرت الفكرة أيضا فى عام 1910، عندما اشترى الأمريكيون ممتلكات الدنمارك فى البحر الكاريبى. وكانت الدنمارك رفضت عرضا آخر، سبق أن تقدم به ترامب فى 2019، إبان سنوات ولايته الأولى، وهو ما اضطره آنذاك إلى إلغاء زيارته إلى كوبنهاجن. أما عن أهمية هذه الجزيرة فإنها تكمن فى موقعها الإستراتيجى الذى يكفل للولايات المتحدة اعتراض أى صواريخ تستهدف أراضيها من جانب روسيا، فى الوقت الذى يمكن أن تكون فيه نقطة انطلاق على طريق توسيع وجودها الجوى والبحرى فى القطب الشمالى، وتعزيز مراقبة الأنشطة الصينية والروسية هناك. وذلك فضلا عما يكمن فى أراضيها من المعادن النادرة والوقود الأحفورى، التى ثمة من يقول إنها ليست ضمن مطامع الولايات المتحدة فقط، بل وأيضا الصين وروسيا منافسيها الإستراتيجيين. وثمة ما يشير إلى أن مثل هذه المحاولات والتطورات لم تكن لتغيب عن أذهان الكثيرين وفى مقدمتهم الرئيس بوتين، الذى استهل سنوات ولايته الأولى فى مطلع القرن الجارى بالكثير من الإصلاحات لاستعادة قدرات بلاده العسكرية بعد ما يقرب من 10-15 سنوات عجاف، نالت كثيرا من قدرات بلاده العسكرية. وكانت كارثة غرق الغواصة النووية «كورسك» فى أغسطس 2000 فى بحر بارينتس شمالى غرب روسيا على مقربة من القطب الشمالى، بمثابة نقطة البداية التى انطلق منها بوتين لتنفيذ ما جال بخاطره حول ما يريده لبلاده من هذه المناطق، التى يعتبرها حقا أصيلا لروسيا على مر العديد من القرون. وفى هذا الصدد قال بوتين إنه «من الواضح أن دور وأهمية القطب الشمالى يتصاعدان بشكل مطرد، سواء بالنسبة لروسيا أو للعالم أجمع. ولكن، للأسف، تشتد المنافسة الجيوسياسية، ويزداد الصراع على المواقع ومواطئ القدم فى هذه المنطقة». وجاءت العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا فى فبراير 2022، وما تلاها من تطورات على غرار انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو، لتضفى بعداً آخر على اهتمامات بوتين وتزيد من حرصه على تأكيد ملكية روسيا لمناطق واسعة فى القطب الشمالى احتفاظا لها بحقها فى ثروات المنطقة التى تتباين بين الغاز والنفط والمعادن النادرة. وتقول المصادر بوجود «زهاء 22 % من الاحتياطيات العالمية غير المكتشفة من النفط، وقرابة 78 % من الغاز الطبيعى، مع تركيز معظمها فى المناطق التابعة لروسيا، كما أن روسيا تمتلك 43 حقلًا للنفط والغاز فى هذه المنطقة، مقارنة بـ11 للولايات المتحدة، مما يعزز موقعها كقوة مهيمنة». وفى هذا الصدد نشير إلى أن روسيا تمتلك أكبر عدد من كاسحات الجليد فى العالم ومنها النووية بما يتيح لها «تجاوز الكثير من التحديات الأمنية والتكنولوجية، وتعزيز هيمنتها عبر الاستثمارات العسكرية والبنية التحتية». وكان الرئيس بوتين أعلن خلال زيارته الأخيرة لمورمانسك عاصمة القطب الشمالى الروسى، عن الكثير من خططه لتعزيز الوجود العسكرى الروسى فى المنطقة، بما فى ذلك بناء قواعد عسكرية جديدة وتحديث الموجود منها، مثل قاعدة «ناجورسكوي» الجوية، لحماية المصالح الوطنية. كما أكد أن روسيا مستعدة للرد على أى تهديدات من جانب الناتو، خاصة بعد انضمام فنلندا والسويد إلى هذا الحلف. كما أكد بوتين إمكانية التعاون الاقتصادى مع الغرب فى المنطقة، لكنه حذر من أن موسكو لن تسمح بتهديد مصالحها هناك. كما أشار إلى أن تصريحات ترامب حول ضم جرينلاند «خطيرة»، لكنه قال ايضاً انها شأن داخلى بين الدنمارك والولايات المتحدة. وكان بوتين أعلن أيضاٌ أن روسيا هى أكبر قوة فى القطب الشمالي. وأضاف: «لقد دافعنا اليوم عن التعاون المتساوى فى المنطقة، بما فى ذلك البحث العلمي، وحماية التنوع البيولوجي، وقضايا المناخ، والاستجابة لحالات الطوارئ، وبالطبع التنمية الاقتصادية والصناعية فى القطب الشمالي. علاوة على ذلك، نحن مستعدون للعمل معا ليس فقط مع دول القطب الشمالي، ولكن مع جميع أولئك الذين، مثلنا، يتقاسمون المسئولية عن المستقبل المستقر والمستدام للكوكب، وهم قادرون على اتخاذ قرارات متوازنة مصممة لعقود قادمة». ورغم ما اتخذته البلدان الغربية من عقوبات ضد روسيا، قال بوتين إنها الأكبر على مر التاريخ، وتضمنت وقف العديد من الاتصالات العلمية والتعليمية والثقافية، وإغلاق الحوار حول الحفاظ على النظم الإيكولوجية فى القطب الشمالي، كشف الرئيس الروسى عن نجاح بلاده فى تجاوز الكثير من هذه العقوبات، وإن أشار فى الوقت نفسه إلى احتدام المنافسة الجيوسياسية بين دول مجلس القطب الشمالي. وثمة من يقول «إن المنافسة فى القطب الشمالى تظل مزيجًا من الفرص الاقتصادية والتحديات الأمنية. وبينما تسعى روسيا لتعزيز هيمنتها عبر الاستثمارات العسكرية والبنية التحتية، تحاول الولايات المتحدة موازنة النفوذ عبر التحالفات والتكنولوجيا». وذلك فضلا عما يقال حول إن هذه المنطقة قد تتحول مع استمرار ذوبان الجليد، إلى ساحة صراع طويلة الأمد، حيث تتداخل المصالح الاقتصادية مع الإستراتيجيات الجيوسياسية. ولعل ذلك يعيد الى الأذهان ما سبق أن قاله بوتين فى الذكرى 350 لميلاد بطرس الأعظم مؤسس روسيا الحديثة وبانى إمبراطوريتها التى شغلت ما يقرب من سدس مساحة الكرة الأرضية، لتكون مناسبة يعلن فيها الرئيس بوتين عن أركان إستراتيجيته التى أوجزها فى كلمات معدودات. إذ كشف بوتين عن أنه يستلهم أفكاره مما سبق أن أعلنه بطرس الأعظم حول إنه يسترد ما فقدته روسيا من أراض، ولا يقتطع أراضى الغير، مؤكداً أنه «يعيد الأراضى الروسية ويوطد دعائمها»، وذلك دفعا للاتهامات التى تتناثر حول ما تسميه الدول الغربية «الطموحات التوسعية لروسيا البوتينية». وقد نشرت «الجريدة الروسية» - الجريدة الرسمية للدولة - مقالا تناول ما تبذله روسيا من جهود وما تنفقه من أموال لتطوير مناطق القطب الشمالي، قالت فيه إن روسيا تظل أكثر البلدان إنفاقا على تطوير منطقة القطب الشمالى حيث أنفقت نحو 187 مليار دولار - لتطوير وإنتاج النفط والغاز وبناء محطات الغاز الطبيعى المسال، متقدمة على النرويج المنافس الأقرب (97 مليار دولار). وقالت الصحيفة الروسية إن هناك نظرية مفادها أنه بحلول عام 2035 سينخفض الغطاء الجليدى فى القطب الشمالى بشكل كبير ولربما يختفى تماما. وحتى ذلك الحين فإنه لا يزال يتعين استخدام كاسحات الجليد، التى تظل روسيا تملك أكبر أسطول منها فى العالم. وأشارت الصحيفة إلى أن الصين بدأت بالفعل فى بناء أسطولها لكاسحات الجليد، بما ينذر بنتائج هائلة فى هذا المجال، فضلا عما تفعله الولايات المتحدة وكندا ودول شمال أوروبا فى سباق بناء كاسحات الجليد فى القطب الشمالي، ولم يكن أى من هذه الدول فى حاجة ماسة إليها على عكس روسيا. وذلك فى الوقت الذى يتابع فيه العالم ما تشهده السنوات الأخيرة من تكثيف بلدان حلف شمال الاطلنطى لتدريباتها العسكرية فى القطب الشمالي، بالتزامن مع تكثيف موسكو لوجودها العسكرى فى المنطقة وتجديدها البنى التحتية العسكرية هناك.

بعد أوكرانيا.. هل يجد داعش ثغرة جديدة لاختراق المشهد الدولي؟
بعد أوكرانيا.. هل يجد داعش ثغرة جديدة لاختراق المشهد الدولي؟

البوابة

time١٢-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • البوابة

بعد أوكرانيا.. هل يجد داعش ثغرة جديدة لاختراق المشهد الدولي؟

تعكس افتتاحية العدد 485 من صحيفة "النبأ"، الناطقة باسم تنظيم "داعش والصادرة يوم الجمعة 7 مارس 2025، بُنية خطابية واضحة ترتكز على ثنائية "نحن" و"هم"، حيث يُعاد إنتاج السردية الجهادية التقليدية حول صراع "الإسلام والصليبية"، لكن ضمن سياق عالمي متغير. يظهر ذلك من خلال تحليل السياقات والدلالات التي تؤطر المقال، مما يكشف عن منهجية التوظيف الأيديولوجي للأحداث وتكتيك الدعاية الجهادية. أولًا: السياقات العامة للافتتاحية السياق السياسي والعسكري: تُقدِّم افتتاحية "النبأ" الخلاف العلني بين الولايات المتحدة وأوكرانيا داخل المكتب البيضاوي باعتباره نقطة تحوُّل كبرى في العلاقات بين الحلفاء الغربيين، حيث تصوّره على أنه لحظة مفصلية تُؤشر على بداية تصدّع المعسكر الصليبي، وفق توصيفها. المقال يعيد صياغة هذا الخلاف ضمن رؤية أيديولوجية ترى أن القوى الغربية، التي لطالما اتّحدت في حروبها ضد "المجاهدين"، باتت الآن تنهار داخليًا بفعل التناقضات والصراعات البينية. كما يربط المقال بين هذا المشهد من التوتر السياسي وبين تاريخ طويل من الانقسامات داخل "الحملات الصليبية"، في محاولة لإقناع المتلقّي بأن التفكك والانهيار سُنّة تاريخية ملازمة للغرب، وأن خلافات اليوم ليست سوى امتداد طبيعي لذلك. وتحاول الافتتاحية تصوير الأزمة الأوكرانية باعتبارها عبئًا غير متوقع أدى إلى استنزاف القدرات العسكرية والاقتصادية للغرب، مُقدّمة الحرب في أوكرانيا على أنها فخ وقع فيه الأمريكيون والأوروبيون على حد سواء. وفق هذا الطرح، لم تحقّق الحرب أهدافها الرئيسية، بل على العكس، تسببت في إنهاك القارة الأوروبية، التي باتت مُجبرة على زيادة إنفاقها العسكري بشكل يُهدّد مستوى رفاهية مجتمعاتها. هذا التفسير يسعى إلى إبراز فشل الاستراتيجية الغربية في إدارة الصراع، وإلى التأكيد على أن هذا الاستنزاف يُهيّئ الظروف لمزيد من التفكك بين الحلفاء، وهو ما يصبّ في مصلحة أعدائهم، وعلى رأسهم تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يقدّم نفسه كخصم دائم لهذا المعسكر. كما يطرح المقال مستقبل حلف "الناتو" في ظل هذه التوترات، ويشير إلى أن التباين في أولويات الدول الأعضاء، خاصة بين أمريكا وأوروبا، قد يُسرِّع من تفكك هذا التحالف العسكري. الخطاب يوظف هذه الفكرة في سياق أوسع، حيث يُقدّم الناتو على أنه أداة "للحرب الصليبية الحديثة" ضد التنظيم، وبالتالي فإن أي ضعف أو انهيار يعتريه يُعتبر مكسبًا استراتيجيًا للتيارات الجهادية. هذا الربط بين الأزمة الأوكرانية ومستقبل الناتو يُراد منه تعزيز الشعور بأن التهديد الذي كان يمثّله التحالف الدولي ضد التنظيم بات في حالة تراجع، وأن القوى الغربية التي خاضت معارك ضده لم تعد قادرة على الحفاظ على وحدتها، فضلًا عن قدرتها على شنّ حروب جديدة بحجم حملاتها السابقة. السياق الفكري والدعائي تعتمد افتتاحية "النبأ" على توظيف مكثّف لمصطلح "المعسكر الصليبي"، في استعادة مباشرة للسردية الجهادية التي تضع الصراع مع الغرب في إطار ديني ممتد عبر التاريخ. من خلال هذا التأطير، لا يُنظر إلى النزاعات الجيوسياسية الحالية باعتبارها مجرد خلافات بين دول قومية ذات مصالح متباينة، بل باعتبارها استمرارًا "للحملات الصليبية" التي بدأت منذ قرون، والتي يُصوَّر الغرب فيها ككيان واحد يخوض حربًا طويلة الأمد ضد "المجاهدين". هذا الاستخدام المتكرر للمصطلح لا يخلو من بُعد تعبوي، حيث يهدف إلى تأكيد أن المواجهة مع الغرب ليست مجرد معركة سياسية أو عسكرية، بل معركة عقدية تتطلب استمرارية في الجهاد والمقاومة، بما يتجاوز حدود الخلافات التكتيكية أو الحسابات المرحلية. وإلى جانب تأطير الصراع كحرب دينية، تعتمد الافتتاحية على توظيف المفاهيم العقائدية لتفسير خلافات الغرب وانقساماته الداخلية، حيث تُقدَّم هذه الانقسامات على أنها "عقاب إلهي" ونتيجة حتمية لفساد العقائد الغربية وانحرافها عن الدين الحق. هذا الطرح يستند إلى الآية القرآنية: "فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، والتي تُوظَّف هنا كدليل على أن التفكك والانقسامات سمة دائمة للمجتمعات الغربية، وأنها تتكرر عبر العصور، مما يعزّز من فرضية الافتتاحية بأن الانقسام الحالي بين أمريكا وأوروبا ليس مجرد أزمة سياسية عابرة، بل تجلٍّ جديد لسُنن التدافع بين الحق والباطل. بهذا الشكل، يتحوّل الخلاف السياسي بين حلفاء الناتو إلى تأكيد لما يعتبره الخطاب الجهادي "وعدًا إلهيًا" بهزيمة الأعداء وتآكل قوتهم من الداخل. علاوة على ذلك، فإن هذه الرؤية لا تكتفي بتفسير الخلافات الغربية كعقاب إلهي، بل توجّه رسائل تعبئة لأنصار التنظيم بأن هذا الانقسام يُمثّل فرصة استراتيجية يجب استغلالها. من خلال تصوير القوى الغربية على أنها تفقد وحدتها وتغرق في مشاكلها الداخلية، يسعى المقال إلى زرع قناعة بأن ما عجزت عنه العمليات العسكرية المباشرة للتنظيم قد يتحقق بفعل انهيار أعدائه من الداخل. هذا الخطاب يستهدف رفع معنويات أتباع التنظيم وإقناعهم بأن "النصر" ليس بعيدًا، بل هو نتيجة حتمية لمسار تاريخي مقدّر، ما يعزز من فاعلية الدعاية الجهادية ويمنحها طابعًا حتميًا يصعّب التشكيك فيه داخل الأوساط المؤيدة لهذا الفكر. السياق الداخلي.. الرسائل إلى أنصار التنظيم وخصومه توجّه افتتاحية "النبأ" رسائل مزدوجة تستهدف جمهورين رئيسيين: أنصار التنظيم من جهة، وخصومه الجهاديين الذين انخرطوا في العمل السياسي أو تعاونوا مع قوى دولية من جهة أخرى. بالنسبة لأنصار التنظيم، تسعى الافتتاحية إلى بث الأمل في نفوسهم عبر التأكيد على أن القوى الدولية التي شكّلت تحالفًا عالميًا لمحاربة "الدولة الإسلامية" تعاني الآن من أزمات داخلية تُهدّد بانهيارها. يتم تقديم الانقسامات الغربية، خاصة بين الولايات المتحدة وأوروبا، على أنها دليل على حتمية ضعف الأعداء، وأن الجهود العسكرية والسياسية التي بُذلت لضرب التنظيم لم تؤدِّ سوى إلى إنهاك من خاضوها. هذه السردية تهدف إلى تحفيز الأتباع على مواصلة القتال، حيث يُصوَّر لهم المشهد العالمي على أنه يسير باتجاه يخدم مصلحتهم دون الحاجة إلى تحقيق انتصارات عسكرية مباشرة، وإنما بفعل انهيار أعدائهم من الداخل. أما الرسائل الموجهة إلى خصوم التنظيم من التيارات الجهادية الأخرى، فتتخذ شكل تحذير مبطن ونقد ضمني لمن يعتبرهم المقال "النكث"، أي الجماعات والفصائل التي اختارت العمل ضمن الأطر السياسية أو التحالف مع قوى إقليمية ودولية. تستخدم الافتتاحية مثال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي بات يواجه التوبيخ والإهانة من حلفائه في الغرب، لتقديم نموذج لما سيحدث لمن يثق في دعم القوى الدولية. الرسالة الضمنية هنا واضحة: أي جماعة جهادية تسلك المسار السياسي أو تتحالف مع دول مثل تركيا أو القوى الغربية ستلقى المصير نفسه، حيث سيتم التخلي عنها في اللحظة التي تتغير فيها المصالح الدولية. بهذا، تحاول الافتتاحية إعادة ترسيخ رؤية التنظيم الرافضة لأي شكل من أشكال التفاوض أو التسويات السياسية، مؤكدة أن "الاستقلال الجهادي" هو الخيار الوحيد الآمن. علاوة على ذلك، تحمل الافتتاحية نبرة ازدراء تجاه الفصائل التي سعت إلى كسب الدعم الخارجي، معتبرة أن هذه الجماعات قد أخطأت في حساباتها عندما ظنت أن بإمكانها المناورة والاستفادة من التناقضات الدولية. في المقابل، يدعو المقال أنصار التنظيم إلى النظر إلى الانقسامات الغربية كفرصة يجب استغلالها، وليس كإشارة إلى التكيف مع النظام الدولي أو البحث عن دعم خارجي. هذه الرسائل تأتي في سياق خطاب دعائي يسعى إلى إعادة توحيد الصفوف الجهادية تحت راية "الدولة الإسلامية"، عبر تصوير كل الخيارات الأخرى على أنها مؤقتة وزائلة، تمامًا كما يتلاشى دعم الغرب لأوكرانيا، وفقًا لما تطرحه الافتتاحية. ثانيًا: الدلالات اللغوية والبنيوية في النص تعتمد افتتاحية "النبأ" على ثنائية "نحن" و"هم" كأساس لبنيتها الخطابية، حيث يجري تقسيم العالم إلى معسكرين متمايزين تمامًا: "نحن"، وهم المجاهدون وأتباع "الدولة الإسلامية" الذين يُقدَّمون بوصفهم "الطائفة المنصورة"، و"هم"، أي المعسكر الصليبي الذي يشمل الدول الغربية، إضافة إلى "المرتدين" و"النكث" من الفصائل الجهادية الأخرى التي اختارت مسارات سياسية أو تحالفت مع قوى إقليمية ودولية. هذا التقسيم الحاد لا يُستخدم فقط لتعزيز الإحساس بالتمايز العقائدي، بل أيضًا لترسيخ فكرة أن المعركة المستمرة ليست مجرد صراع سياسي أو عسكري، وإنما هي امتداد لصراع عقدي أزلي بين الحق والباطل، حيث لا مجال للحلول الوسط أو المصالح المتبادلة. من خلال هذه الثنائية، يتحول كل خلاف بين القوى الغربية إلى دليل على ضعف العدو، وكل انتكاسة تصيب الفصائل الأخرى إلى برهان على صحة منهج التنظيم، ما يضمن للأتباع إحساسًا دائمًا بالتفوق المعنوي، حتى في ظل التراجع الميداني. إلى جانب ذلك، تُستخدم هذه الثنائية لتبرير استمرار القتال رغم تقلّص سيطرة التنظيم على الأرض، إذ يتم تقديم المواجهة على أنها ليست معركة جغرافية بقدر ما هي حرب وجودية يجب أن تستمر حتى وإن تراجعت المكاسب العسكرية. في هذا السياق، تصبح الأزمات والانقسامات التي تعصف بالقوى الغربية أو الفصائل الجهادية الأخرى دليلًا إضافيًا على صوابية خيار "الدولة الإسلامية" في رفض العمل ضمن أي منظومة سياسية أو تحالف دولي. هذا التوظيف الدعائي يسعى إلى حماية التنظيم من التفكك الداخلي، عبر منع التساؤلات حول استراتيجياته أو جدوى الاستمرار في القتال، حيث يُحاط الأتباع بخطاب يُقصي أي بدائل، ويُصوِّر كل تراجع على أنه مرحلة في طريق النصر المحتوم، وفقًا لمنطق الصراع المستمر بين "نحن" و"هم". كما تعتمد افتتاحية "النبأ" على لغة تقريرية ذات طابع يقيني، تُقدّم من خلالها استنتاجات نهائية للقارئ دون ترك مساحة للتساؤل أو النقاش. يستخدم الكاتب تعبيرات حاسمة مثل "إنه انقسام كبير في المعسكر الصليبي هو الأبرز في عصرنا"، و"كل ما سبق يمهد لتفكك النظام الدولي الأمريكي – الأوروبي"، وهي عبارات تحمل في طياتها يقينًا مطلقًا بأن الأحداث الجارية تقود إلى نتائج حتمية. هذه الصياغة الخطابية لا تكتفي بوصف الواقع، بل تسعى إلى فرض تفسير واحد له، مما يمنح القارئ انطباعًا بأن التحليل المعروض هو الحقيقة النهائية التي لا تحتمل التشكيك. في هذا الإطار، يتم تصوير الخلافات بين الدول الغربية ليس كأزمات مرحلية أو تحديات سياسية، بل كعلامات مؤكدة على انهيار وشيك، مما يرسّخ لدى المتلقي الشعور بأن التنظيم يسير في طريق النصر، حتى وإن لم يكن هناك دليل عملي مباشر على ذلك. إضافة إلى ذلك، تُستخدم هذه اللغة اليقينية كأداة تعبئة نفسية تهدف إلى شحذ حماسة أنصار التنظيم، حيث يتم تقديم الواقع الدولي وكأنه يخضع لمنطق حتمي يتوافق مع الرؤية العقائدية للتنظيم. فبدلًا من عرض الخلافات الغربية كصراعات ذات أسباب سياسية واقتصادية معقدة، يتم تبسيطها إلى كونها "تصدّعًا داخليًا" وانهيارًا "حتميًا" للعدو. هذه المبالغة الخطابية تعمل أيضًا على عزل القارئ عن أي سرديات بديلة، إذ لا تترك مجالًا لاحتمالات أخرى مثل إعادة ترتيب التحالفات الغربية أو نجاح القوى الدولية في تجاوز أزماتها. وبهذا، يتحول المقال إلى أداة لتوجيه القارئ نحو استنتاجات محددة سلفًا، بحيث يصبح التشكيك فيها بمثابة خروج عن "الرؤية الصحيحة" التي يطرحها الخطاب الدعائي للتنظيم. كما يستخدم المقال توظيفًا مكثفًا للمفاهيم الدينية، حيث تُضفى الشرعية العقائدية على التحليل السياسي من خلال الاقتباسات القرآنية. على سبيل المثال، الاستشهاد بآية {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} يوظَّف لإعطاء بُعد ديني لخلافات الغرب، بحيث لا تبدو مجرد صراعات سياسية طبيعية بين دول ذات مصالح متباينة، بل تتحول إلى دليل على تحقق "الوعد الإلهي" بانقسام أعداء الإسلام. هذا الأسلوب يُحوّل الأزمات السياسية الغربية من كونها نتائج لمتغيرات اقتصادية وعسكرية إلى ظواهر مقدّرة مسبقًا في سياق التدافع بين الحق والباطل. وهكذا، يصبح أي خلاف بين الولايات المتحدة وأوروبا، أو أي توتر داخل "المعسكر الصليبي"، ليس مجرد حدث سياسي، بل علامة على "نصر إلهي قادم"، مما يعزّز إحساس أتباع التنظيم بأنهم جزء من مشروع ديني ممتد عبر الزمن، وليس مجرد فصيل مسلح يخوض معركة عسكرية عادية. إضافة إلى ذلك، يلجأ المقال إلى استدعاء مفهوم "الحروب الصليبية"، حيث يتم تأطير الصراع الحالي بين التنظيم والغرب ضمن امتداد تاريخي طويل للحروب بين "المجاهدين" و"التحالف الصليبي". هذا الإطار العاطفي - الديني يخاطب المشاعر أكثر من المنطق السياسي، إذ يعيد إحياء صورة العدو التقليدي، ما يضمن استجابة نفسية قوية لدى المتلقي المستهدف. فبدلًا من التعامل مع الولايات المتحدة والغرب بوصفهم قوى سياسية ذات مصالح متغيرة، يتم تصويرهم كامتداد للصليبيين الأوائل الذين خاضوا حروبًا ضد المسلمين في العصور الوسطى. هذا الربط الزمني يُعزّز إحساس المظلومية والعداء الديني لدى القارئ، ويجعله أكثر تقبلًا لفكرة أن الصراع الحالي ليس مجرد مواجهة سياسية، بل "حرب مقدسة" يجب الاستمرار فيها بغض النظر عن التحديات. ثالثًا: الرسائل الضمنية والمستهدفة رسالة إلى الأنصار: الفرصة سانحة تحمل الافتتاحية رسالة واضحة لأنصار التنظيم، مفادها أن لحظة الاضطراب الدولي تمثل فرصة يجب اغتنامها. فحين يشير المقال إلى ضرورة "استغلال الانقسام والاستعداد له"، فإنه لا يكتفي بوصف المشهد السياسي، بل يوجه دعوة ضمنية إلى تكثيف العمليات الإرهابية، مستغلًا حالة التصدع داخل المعسكر الغربي. يتم تقديم هذا التوتر الدولي وكأنه "نافذة فرص" يجب ألا تضيع، حيث يروج المقال لفكرة أن القوى الغربية أصبحت منشغلة بمشكلاتها الداخلية، مما يفتح المجال أمام التنظيم لاستعادة زمام المبادرة. هذه الرسالة تخدم غرضين رئيسيين: الأول، تحفيز عناصر التنظيم على الاستمرار في القتال رغم التراجعات العسكرية التي شهدها، والثاني، تعزيز الشعور بأن التنظيم جزء من معادلة عالمية كبرى، وليس مجرد فصيل معزول يحارب في ظروف غير مواتية. رسالة إلى الجهاديين المنافسين يوجه المقال انتقادًا ضمنيًا إلى الجماعات الجهادية الأخرى التي اختارت نهجًا مختلفًا، مثل "هيئة تحرير الشام" أو الفصائل الموالية لتركيا، معتبرًا أن لجوءها إلى المجتمع الدولي لم يجلب لها سوى الوهم. فحين يُبرز المقال كيف أن "أمريكا تتخلى عن أقرب حلفائها"، فإنه يرسي مقارنة غير معلنة بين زيلينسكي، الذي تعرض للإهانة رغم كونه شريكًا للغرب، وبين الفصائل الجهادية التي حاولت كسب دعم القوى الدولية. الرسالة هنا تهدف إلى تحقير تلك الجماعات وإثبات أن "الرهان على الغرب هو خيانة خاسرة"، وبالتالي تشويه خياراتهم السياسية والعسكرية. بهذه الطريقة، يسعى المقال إلى استقطاب أعضاء هذه التنظيمات، أو على الأقل زعزعة ثقتهم بقياداتهم، عبر الإيحاء بأن التنظيم وحده هو الذي تمسك بـ"الطريق الصحيح" ولم يقع في فخ التنازلات السياسية. رسالة إلى خصوم التنظيم الغربيين على الرغم من أن المقال لا يخاطب الغرب بشكل مباشر، إلا أنه يعيد إنتاج صورة "الغرب المتفكك" بهدف تعزيز الدعاية الجهادية. يتم تقديم الصراعات داخل التحالفات الغربية ليس كمجرد أزمات عابرة، بل كعلامات مؤكدة على الانهيار القادم، مما يزرع لدى القارئ الشعور بأن "النصر مسألة وقت". هذا الخطاب يُستخدم لتعزيز صورة التنظيم كقوة صامدة تواجه خصومًا يتداعون من الداخل، في محاولة لإعادة الثقة لدى الجمهور الجهادي بعد الانتكاسات الميدانية التي تعرض لها التنظيم. علاوة على ذلك، فإن هذه السردية تسهم في إضعاف هيبة القوى الغربية في نظر المتعاطفين مع التنظيم، من خلال التشكيك في قدرتها على إدارة تحالفاتها أو الاستمرار في مواجهة طويلة الأمد، وهو ما يعزز بدوره الدعاية القائلة بأن المشروع الغربي في الشرق الأوسط بات هشًا وقابلًا للانهيار. رابعًا: تحليل البنية الدعائية للمقال التضخيم والتفسير الانتقائي للأحداث: يعتمد المقال على تضخيم الخلاف بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، مقدمًا "موقعة المكتب البيضاوي" كمؤشر على انهيار العلاقة بين الحليفين، في حين أن الدعم الأمريكي لكييف لا يزال مستمرًا، وإن كان يخضع لحسابات سياسية داخلية. هذا التفسير الانتقائي يتجاهل العوامل المركبة التي تحكم السياسة الأمريكية، مثل الأولويات الانتخابية والمصالح الاستراتيجية بعيدة المدى، ويركز بدلًا من ذلك على لحظة محددة من التوتر لتقديمها باعتبارها دليلًا قاطعًا على تصدع المعسكر الغربي. كذلك، فإن الإصرار على تصوير زيلينسكي كزعيم "مُهان ومُذلول" يخدم غرضًا دعائيًا واضحًا: التشكيك في جدوى التحالف مع الغرب، ليس فقط بالنسبة لأوكرانيا، بل أيضًا كرسالة موجهة إلى الجماعات الإسلامية التي تتعاون مع القوى الغربية، في تلميح بأن مصيرها لن يكون أفضل من مصير زيلينسكي. التلاعب العاطفي والديني يستخدم المقال مفردات مُحمّلة بدلالات عاطفية ودينية قوية، مثل "الانقسام الصليبي"، "النكث"، و"التحالف العالمي ضد الدولة الإسلامية"، وهي عبارات مصممة لإثارة مشاعر جمهور التنظيم وتعزيز إحساسه بالمظلومية والاستهداف. من خلال إعادة إنتاج سردية الصراع التاريخي بين الإسلام والغرب، يسعى المقال إلى تقديم المشهد السياسي المعاصر كامتداد للحروب الصليبية، مما يضفي عليه طابعًا دينيًا يتجاوز كونه صراعًا جيوسياسيًا تقليديًا. هذه الاستراتيجية تجعل الصراع يبدو وكأنه حتمي وأبدي، مما يساعد في تبرير استمرار العمليات الجهادية باعتبارها "رد فعل مشروعًا" على العدوان الغربي، كما تخلق إحساسًا بالتمايز بين "المجاهدين" و"العالم الجاهلي"، وهو ما يعزز الشعور بالولاء والانتماء لدى القاعدة الجهادية. تشتيت الانتباه بعيدًا عن خسائر التنظيم يتجاهل المقال تمامًا أي إشارات إلى الضربات التي تعرض لها التنظيم مؤخرًا، سواء من حيث فقدان الأراضي أو استهداف قياداته، وبدلًا من ذلك، يصوغ سردية تركز على تفكك الأعداء، مقدمًا ذلك كدليل على أن التنظيم لا يزال صامدًا رغم الضغوط التي يواجهها. هذه الاستراتيجية ليست جديدة في الخطاب الجهادي، حيث يتم تجنب الحديث عن النكسات العسكرية والتنظيمية، واستبدالها بروايات حول ضعف وتشرذم الخصوم، ما يهدف إلى الحفاظ على الروح المعنوية للأنصار والمتعاطفين. كما أن هذه المقاربة تخلق انطباعًا بأن انهيار "التحالفات الصليبية" هو مسألة وقت، مما يعزز لدى الجمهور الجهادي قناعة بأن التنظيم لا يزال يمتلك زمام المبادرة، حتى لو كانت الحقائق الميدانية تعكس واقعًا مختلفًا. الخطاب ضمن مساره العام هذه الافتتاحية نموذج واضح لاستراتيجية تنظيم الدولة الإسلامية في توظيف الأحداث العالمية لخدمة دعايته، إذ يتم انتقاء الأخبار التي تدعم سرديته، والتلاعب بدلالاتها لتبدو كإشارات على قرب انهيار التحالفات الغربية. ومن خلال إعادة إنتاج السرديات التقليدية حول "الصليبية"، يسعى المقال إلى تعميق عزلة أنصاره نفسيًا وفكريًا، وإبقائهم ضمن دائرة التفسير الجهادي للعالم. لكن في الوقت نفسه، يُظهر المقال نوعًا من القلق الضمني؛ فالإفراط في التركيز على "ضعف العدو" قد يعكس حاجة التنظيم لتعويض حالة الانحسار التي يعيشها. وهنا تكمن المفارقة: الخطاب يبدو واثقًا، لكنه في الواقع يكشف عن أزمة وجودية يحاول التنظيم إخفاءها عبر دعاية تعتمد على الإسقاط والانتقاء.

بعد أوكرانيا.. هل يجد داعش ثغرة جديدة لاختراق المشهد الدولي؟
بعد أوكرانيا.. هل يجد داعش ثغرة جديدة لاختراق المشهد الدولي؟

الحركات الإسلامية

time٠٨-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الحركات الإسلامية

بعد أوكرانيا.. هل يجد داعش ثغرة جديدة لاختراق المشهد الدولي؟

هل يشكّل الخلاف الأمريكي الأوكراني فرصة جديدة لداعش؟ عندما تصبح معارك الغرب فرصة لداعش.. قراءة في الخطاب الإرهابي تعكس افتتاحية العدد 485 من صحيفة "النبأ"، الناطقة باسم تنظيم "داعش والصادرة في الساعات الأولى من يوم الجمعة 7 مارس 2025، بُنية خطابية واضحة ترتكز على ثنائية "نحن" و"هم"، حيث يُعاد إنتاج السردية الجهادية التقليدية حول صراع "الإسلام والصليبية"، لكن ضمن سياق عالمي متغير. يظهر ذلك من خلال تحليل السياقات والدلالات التي تؤطر المقال، مما يكشف عن منهجية التوظيف الأيديولوجي للأحداث وتكتيك الدعاية الجهادية. أولًا: السياقات العامة للافتتاحية السياق السياسي والعسكري تُقدِّم افتتاحية "النبأ" الخلاف العلني بين الولايات المتحدة وأوكرانيا داخل المكتب البيضاوي باعتباره نقطة تحوُّل كبرى في العلاقات بين الحلفاء الغربيين، حيث تصوّره على أنه لحظة مفصلية تُؤشر على بداية تصدّع المعسكر الصليبي، وفق توصيفها. المقال يعيد صياغة هذا الخلاف ضمن رؤية أيديولوجية ترى أن القوى الغربية، التي لطالما اتّحدت في حروبها ضد "المجاهدين"، باتت الآن تنهار داخليًا بفعل التناقضات والصراعات البينية. كما يربط المقال بين هذا المشهد من التوتر السياسي وبين تاريخ طويل من الانقسامات داخل "الحملات الصليبية"، في محاولة لإقناع المتلقّي بأن التفكك والانهيار سُنّة تاريخية ملازمة للغرب، وأن خلافات اليوم ليست سوى امتداد طبيعي لذلك. وتحاول الافتتاحية تصوير الأزمة الأوكرانية باعتبارها عبئًا غير متوقع أدى إلى استنزاف القدرات العسكرية والاقتصادية للغرب، مُقدّمة الحرب في أوكرانيا على أنها فخ وقع فيه الأمريكيون والأوروبيون على حد سواء. وفق هذا الطرح، لم تحقّق الحرب أهدافها الرئيسية، بل على العكس، تسببت في إنهاك القارة الأوروبية، التي باتت مُجبرة على زيادة إنفاقها العسكري بشكل يُهدّد مستوى رفاهية مجتمعاتها. هذا التفسير يسعى إلى إبراز فشل الاستراتيجية الغربية في إدارة الصراع، وإلى التأكيد على أن هذا الاستنزاف يُهيّئ الظروف لمزيد من التفكك بين الحلفاء، وهو ما يصبّ في مصلحة أعدائهم، وعلى رأسهم تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يقدّم نفسه كخصم دائم لهذا المعسكر. كما يطرح المقال مستقبل حلف "الناتو" في ظل هذه التوترات، ويشير إلى أن التباين في أولويات الدول الأعضاء، خاصة بين أمريكا وأوروبا، قد يُسرِّع من تفكك هذا التحالف العسكري. الخطاب يوظف هذه الفكرة في سياق أوسع، حيث يُقدّم الناتو على أنه أداة "للحرب الصليبية الحديثة" ضد التنظيم، وبالتالي فإن أي ضعف أو انهيار يعتريه يُعتبر مكسبًا استراتيجيًا للتيارات الجهادية. هذا الربط بين الأزمة الأوكرانية ومستقبل الناتو يُراد منه تعزيز الشعور بأن التهديد الذي كان يمثّله التحالف الدولي ضد التنظيم بات في حالة تراجع، وأن القوى الغربية التي خاضت معارك ضده لم تعد قادرة على الحفاظ على وحدتها، فضلاً عن قدرتها على شنّ حروب جديدة بحجم حملاتها السابقة. السياق الفكري والدعائي تعتمد افتتاحية "النبأ" على توظيف مكثّف لمصطلح "المعسكر الصليبي"، في استعادة مباشرة للسردية الجهادية التي تضع الصراع مع الغرب في إطار ديني ممتد عبر التاريخ. من خلال هذا التأطير، لا يُنظر إلى النزاعات الجيوسياسية الحالية باعتبارها مجرد خلافات بين دول قومية ذات مصالح متباينة، بل باعتبارها استمرارًا "للحملات الصليبية" التي بدأت منذ قرون، والتي يُصوَّر الغرب فيها ككيان واحد يخوض حربًا طويلة الأمد ضد "المجاهدين". هذا الاستخدام المتكرر للمصطلح لا يخلو من بُعد تعبوي، حيث يهدف إلى تأكيد أن المواجهة مع الغرب ليست مجرد معركة سياسية أو عسكرية، بل معركة عقدية تتطلب استمرارية في الجهاد والمقاومة، بما يتجاوز حدود الخلافات التكتيكية أو الحسابات المرحلية. وإلى جانب تأطير الصراع كحرب دينية، تعتمد الافتتاحية على توظيف المفاهيم العقائدية لتفسير خلافات الغرب وانقساماته الداخلية، حيث تُقدَّم هذه الانقسامات على أنها "عقاب إلهي" ونتيجة حتمية لفساد العقائد الغربية وانحرافها عن الدين الحق. هذا الطرح يستند إلى الآية القرآنية: "فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، والتي تُوظَّف هنا كدليل على أن التفكك والانقسامات سمة دائمة للمجتمعات الغربية، وأنها تتكرر عبر العصور، مما يعزّز من فرضية الافتتاحية بأن الانقسام الحالي بين أمريكا وأوروبا ليس مجرد أزمة سياسية عابرة، بل تجلٍّ جديد لسُنن التدافع بين الحق والباطل. بهذا الشكل، يتحوّل الخلاف السياسي بين حلفاء الناتو إلى تأكيد لما يعتبره الخطاب الجهادي "وعدًا إلهيًا" بهزيمة الأعداء وتآكل قوتهم من الداخل. علاوة على ذلك، فإن هذه الرؤية لا تكتفي بتفسير الخلافات الغربية كعقاب إلهي، بل توجّه رسائل تعبئة لأنصار التنظيم بأن هذا الانقسام يُمثّل فرصة استراتيجية يجب استغلالها. من خلال تصوير القوى الغربية على أنها تفقد وحدتها وتغرق في مشاكلها الداخلية، يسعى المقال إلى زرع قناعة بأن ما عجزت عنه العمليات العسكرية المباشرة للتنظيم قد يتحقق بفعل انهيار أعدائه من الداخل. هذا الخطاب يستهدف رفع معنويات أتباع التنظيم وإقناعهم بأن "النصر" ليس بعيدًا، بل هو نتيجة حتمية لمسار تاريخي مقدّر، ما يعزز من فاعلية الدعاية الجهادية ويمنحها طابعًا حتمياً يصعّب التشكيك فيه داخل الأوساط المؤيدة لهذا الفكر. السياق الداخلي – الرسائل إلى أنصار التنظيم وخصومه توجّه افتتاحية "النبأ" رسائل مزدوجة تستهدف جمهورين رئيسيين: أنصار التنظيم من جهة، وخصومه الجهاديين الذين انخرطوا في العمل السياسي أو تعاونوا مع قوى دولية من جهة أخرى. بالنسبة لأنصار التنظيم، تسعى الافتتاحية إلى بث الأمل في نفوسهم عبر التأكيد على أن القوى الدولية التي شكّلت تحالفًا عالميًا لمحاربة "الدولة الإسلامية" تعاني الآن من أزمات داخلية تُهدّد بانهيارها. يتم تقديم الانقسامات الغربية، خاصة بين الولايات المتحدة وأوروبا، على أنها دليل على حتمية ضعف الأعداء، وأن الجهود العسكرية والسياسية التي بُذلت لضرب التنظيم لم تؤدِّ سوى إلى إنهاك من خاضوها. هذه السردية تهدف إلى تحفيز الأتباع على مواصلة القتال، حيث يُصوَّر لهم المشهد العالمي على أنه يسير باتجاه يخدم مصلحتهم دون الحاجة إلى تحقيق انتصارات عسكرية مباشرة، وإنما بفعل انهيار أعدائهم من الداخل. أما الرسائل الموجهة إلى خصوم التنظيم من التيارات الجهادية الأخرى، فتتخذ شكل تحذير مبطن ونقد ضمني لمن يعتبرهم المقال "النكث"، أي الجماعات والفصائل التي اختارت العمل ضمن الأطر السياسية أو التحالف مع قوى إقليمية ودولية. تستخدم الافتتاحية مثال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي بات يواجه التوبيخ والإهانة من حلفائه في الغرب، لتقديم نموذج لما سيحدث لمن يثق في دعم القوى الدولية. الرسالة الضمنية هنا واضحة: أي جماعة جهادية تسلك المسار السياسي أو تتحالف مع دول مثل تركيا أو القوى الغربية ستلقى المصير نفسه، حيث سيتم التخلي عنها في اللحظة التي تتغير فيها المصالح الدولية. بهذا، تحاول الافتتاحية إعادة ترسيخ رؤية التنظيم الرافضة لأي شكل من أشكال التفاوض أو التسويات السياسية، مؤكدة أن "الاستقلال الجهادي" هو الخيار الوحيد الآمن. علاوة على ذلك، تحمل الافتتاحية نبرة ازدراء تجاه الفصائل التي سعت إلى كسب الدعم الخارجي، معتبرة أن هذه الجماعات قد أخطأت في حساباتها عندما ظنت أن بإمكانها المناورة والاستفادة من التناقضات الدولية. في المقابل، يدعو المقال أنصار التنظيم إلى النظر إلى الانقسامات الغربية كفرصة يجب استغلالها، وليس كإشارة إلى التكيف مع النظام الدولي أو البحث عن دعم خارجي. هذه الرسائل تأتي في سياق خطاب دعائي يسعى إلى إعادة توحيد الصفوف الجهادية تحت راية "الدولة الإسلامية"، عبر تصوير كل الخيارات الأخرى على أنها مؤقتة وزائلة، تمامًا كما يتلاشى دعم الغرب لأوكرانيا، وفقاً لما تطرحه الافتتاحية. ثانيًا: الدلالات اللغوية والبنيوية في النص تعتمد افتتاحية "النبأ" على ثنائية "نحن" و"هم" كأساس لبنيتها الخطابية، حيث يجري تقسيم العالم إلى معسكرين متمايزين تمامًا: "نحن"، وهم المجاهدون وأتباع "الدولة الإسلامية" الذين يُقدَّمون بوصفهم "الطائفة المنصورة"، و"هم"، أي المعسكر الصليبي الذي يشمل الدول الغربية، إضافة إلى "المرتدين" و"النكث" من الفصائل الجهادية الأخرى التي اختارت مسارات سياسية أو تحالفت مع قوى إقليمية ودولية. هذا التقسيم الحاد لا يُستخدم فقط لتعزيز الإحساس بالتمايز العقائدي، بل أيضًا لترسيخ فكرة أن المعركة المستمرة ليست مجرد صراع سياسي أو عسكري، وإنما هي امتداد لصراع عقدي أزلي بين الحق والباطل، حيث لا مجال للحلول الوسط أو المصالح المتبادلة. من خلال هذه الثنائية، يتحول كل خلاف بين القوى الغربية إلى دليل على ضعف العدو، وكل انتكاسة تصيب الفصائل الأخرى إلى برهان على صحة منهج التنظيم، ما يضمن للأتباع إحساسًا دائمًا بالتفوق المعنوي، حتى في ظل التراجع الميداني. إلى جانب ذلك، تُستخدم هذه الثنائية لتبرير استمرار القتال رغم تقلّص سيطرة التنظيم على الأرض، إذ يتم تقديم المواجهة على أنها ليست معركة جغرافية بقدر ما هي حرب وجودية يجب أن تستمر حتى وإن تراجعت المكاسب العسكرية. في هذا السياق، تصبح الأزمات والانقسامات التي تعصف بالقوى الغربية أو الفصائل الجهادية الأخرى دليلًا إضافيًا على صوابية خيار "الدولة الإسلامية" في رفض العمل ضمن أي منظومة سياسية أو تحالف دولي. هذا التوظيف الدعائي يسعى إلى حماية التنظيم من التفكك الداخلي، عبر منع التساؤلات حول استراتيجياته أو جدوى الاستمرار في القتال، حيث يُحاط الأتباع بخطاب يُقصي أي بدائل، ويُصوِّر كل تراجع على أنه مرحلة في طريق النصر المحتوم، وفقًا لمنطق الصراع المستمر بين "نحن" و"هم". كما تعتمد افتتاحية "النبأ" على لغة تقريرية ذات طابع يقيني، تُقدّم من خلالها استنتاجات نهائية للقارئ دون ترك مساحة للتساؤل أو النقاش. يستخدم الكاتب تعبيرات حاسمة مثل "إنه انقسام كبير في المعسكر الصليبي هو الأبرز في عصرنا"، و"كل ما سبق يمهد لتفكك النظام الدولي الأمريكي – الأوروبي"، وهي عبارات تحمل في طياتها يقينًا مطلقًا بأن الأحداث الجارية تقود إلى نتائج حتمية. هذه الصياغة الخطابية لا تكتفي بوصف الواقع، بل تسعى إلى فرض تفسير واحد له، مما يمنح القارئ انطباعًا بأن التحليل المعروض هو الحقيقة النهائية التي لا تحتمل التشكيك. في هذا الإطار، يتم تصوير الخلافات بين الدول الغربية ليس كأزمات مرحلية أو تحديات سياسية، بل كعلامات مؤكدة على انهيار وشيك، مما يرسّخ لدى المتلقي الشعور بأن التنظيم يسير في طريق النصر، حتى وإن لم يكن هناك دليل عملي مباشر على ذلك. إضافة إلى ذلك، تُستخدم هذه اللغة اليقينية كأداة تعبئة نفسية تهدف إلى شحذ حماسة أنصار التنظيم، حيث يتم تقديم الواقع الدولي وكأنه يخضع لمنطق حتمي يتوافق مع الرؤية العقائدية للتنظيم. فبدلًا من عرض الخلافات الغربية كصراعات ذات أسباب سياسية واقتصادية معقدة، يتم تبسيطها إلى كونها "تصدّعًا داخليًا" وانهيارًا "حتميًا" للعدو. هذه المبالغة الخطابية تعمل أيضًا على عزل القارئ عن أي سرديات بديلة، إذ لا تترك مجالًا لاحتمالات أخرى مثل إعادة ترتيب التحالفات الغربية أو نجاح القوى الدولية في تجاوز أزماتها. وبهذا، يتحول المقال إلى أداة لتوجيه القارئ نحو استنتاجات محددة سلفًا، بحيث يصبح التشكيك فيها بمثابة خروج عن "الرؤية الصحيحة" التي يطرحها الخطاب الدعائي للتنظيم. كما يستخدم المقال توظيفًا مكثفًا للمفاهيم الدينية، حيث تُضفى الشرعية العقائدية على التحليل السياسي من خلال الاقتباسات القرآنية. على سبيل المثال، الاستشهاد بآية {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} يوظَّف لإعطاء بُعد ديني لخلافات الغرب، بحيث لا تبدو مجرد صراعات سياسية طبيعية بين دول ذات مصالح متباينة، بل تتحول إلى دليل على تحقق "الوعد الإلهي" بانقسام أعداء الإسلام. هذا الأسلوب يُحوّل الأزمات السياسية الغربية من كونها نتائج لمتغيرات اقتصادية وعسكرية إلى ظواهر مقدّرة مسبقًا في سياق التدافع بين الحق والباطل. وهكذا، يصبح أي خلاف بين الولايات المتحدة وأوروبا، أو أي توتر داخل "المعسكر الصليبي"، ليس مجرد حدث سياسي، بل علامة على "نصر إلهي قادم"، مما يعزّز إحساس أتباع التنظيم بأنهم جزء من مشروع ديني ممتد عبر الزمن، وليس مجرد فصيل مسلح يخوض معركة عسكرية عادية. إضافة إلى ذلك، يلجأ المقال إلى استدعاء مفهوم "الحروب الصليبية"، حيث يتم تأطير الصراع الحالي بين التنظيم والغرب ضمن امتداد تاريخي طويل للحروب بين "المجاهدين" و"التحالف الصليبي". هذا الإطار العاطفي - الديني يخاطب المشاعر أكثر من المنطق السياسي، إذ يعيد إحياء صورة العدو التقليدي، ما يضمن استجابة نفسية قوية لدى المتلقي المستهدف. فبدلًا من التعامل مع الولايات المتحدة والغرب بوصفهم قوى سياسية ذات مصالح متغيرة، يتم تصويرهم كامتداد للصليبيين الأوائل الذين خاضوا حروبًا ضد المسلمين في العصور الوسطى. هذا الربط الزمني يُعزّز إحساس المظلومية والعداء الديني لدى القارئ، ويجعله أكثر تقبلًا لفكرة أن الصراع الحالي ليس مجرد مواجهة سياسية، بل "حرب مقدسة" يجب الاستمرار فيها بغض النظر عن التحديات. ثالثًا: الرسائل الضمنية والمستهدفة رسالة إلى الأنصار: الفرصة سانحة تحمل الافتتاحية رسالة واضحة لأنصار التنظيم، مفادها أن لحظة الاضطراب الدولي تمثل فرصة يجب اغتنامها. فحين يشير المقال إلى ضرورة "استغلال الانقسام والاستعداد له"، فإنه لا يكتفي بوصف المشهد السياسي، بل يوجه دعوة ضمنية إلى تكثيف العمليات الإرهابية، مستغلًا حالة التصدع داخل المعسكر الغربي. يتم تقديم هذا التوتر الدولي وكأنه "نافذة فرص" يجب ألا تضيع، حيث يروج المقال لفكرة أن القوى الغربية أصبحت منشغلة بمشكلاتها الداخلية، مما يفتح المجال أمام التنظيم لاستعادة زمام المبادرة. هذه الرسالة تخدم غرضين رئيسيين: الأول، تحفيز عناصر التنظيم على الاستمرار في القتال رغم التراجعات العسكرية التي شهدها، والثاني، تعزيز الشعور بأن التنظيم جزء من معادلة عالمية كبرى، وليس مجرد فصيل معزول يحارب في ظروف غير مواتية. رسالة إلى الجهاديين المنافسين: خيانتكم لن تُجدي يوجه المقال انتقادًا ضمنيًا إلى الجماعات الجهادية الأخرى التي اختارت نهجًا مختلفًا، مثل "هيئة تحرير الشام" أو الفصائل الموالية لتركيا، معتبرًا أن لجوءها إلى المجتمع الدولي لم يجلب لها سوى الوهم. فحين يُبرز المقال كيف أن "أمريكا تتخلى عن أقرب حلفائها"، فإنه يرسي مقارنة غير معلنة بين زيلينسكي، الذي تعرض للإهانة رغم كونه شريكًا للغرب، وبين الفصائل الجهادية التي حاولت كسب دعم القوى الدولية. الرسالة هنا تهدف إلى تحقير تلك الجماعات وإثبات أن "الرهان على الغرب هو خيانة خاسرة"، وبالتالي تشويه خياراتهم السياسية والعسكرية. بهذه الطريقة، يسعى المقال إلى استقطاب أعضاء هذه التنظيمات، أو على الأقل زعزعة ثقتهم بقياداتهم، عبر الإيحاء بأن التنظيم وحده هو الذي تمسك بـ"الطريق الصحيح" ولم يقع في فخ التنازلات السياسية. رسالة إلى خصوم التنظيم الغربيين: أنتم تتهاوون على الرغم من أن المقال لا يخاطب الغرب بشكل مباشر، إلا أنه يعيد إنتاج صورة "الغرب المتفكك" بهدف تعزيز الدعاية الجهادية. يتم تقديم الصراعات داخل التحالفات الغربية ليس كمجرد أزمات عابرة، بل كعلامات مؤكدة على الانهيار القادم، مما يزرع لدى القارئ الشعور بأن "النصر مسألة وقت". هذا الخطاب يُستخدم لتعزيز صورة التنظيم كقوة صامدة تواجه خصومًا يتداعون من الداخل، في محاولة لإعادة الثقة لدى الجمهور الجهادي بعد الانتكاسات الميدانية التي تعرض لها التنظيم. علاوة على ذلك، فإن هذه السردية تسهم في إضعاف هيبة القوى الغربية في نظر المتعاطفين مع التنظيم، من خلال التشكيك في قدرتها على إدارة تحالفاتها أو الاستمرار في مواجهة طويلة الأمد، وهو ما يعزز بدوره الدعاية القائلة بأن المشروع الغربي في الشرق الأوسط بات هشًا وقابلًا للانهيار. رابعًا: تحليل البنية الدعائية للمقال التضخيم والتفسير الانتقائي للأحداث يعتمد المقال على تضخيم الخلاف بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، مقدمًا "موقعة المكتب البيضاوي" كمؤشر على انهيار العلاقة بين الحليفين، في حين أن الدعم الأمريكي لكييف لا يزال مستمرًا، وإن كان يخضع لحسابات سياسية داخلية. هذا التفسير الانتقائي يتجاهل العوامل المركبة التي تحكم السياسة الأمريكية، مثل الأولويات الانتخابية والمصالح الاستراتيجية بعيدة المدى، ويركز بدلًا من ذلك على لحظة محددة من التوتر لتقديمها باعتبارها دليلًا قاطعًا على تصدع المعسكر الغربي. كذلك، فإن الإصرار على تصوير زيلينسكي كزعيم "مُهان ومُذلول" يخدم غرضًا دعائيًا واضحًا: التشكيك في جدوى التحالف مع الغرب، ليس فقط بالنسبة لأوكرانيا، بل أيضًا كرسالة موجهة إلى الجماعات الإسلامية التي تتعاون مع القوى الغربية، في تلميح بأن مصيرها لن يكون أفضل من مصير زيلينسكي. التلاعب العاطفي والديني يستخدم المقال مفردات مُحمّلة بدلالات عاطفية ودينية قوية، مثل "الانقسام الصليبي"، "النكث"، و"التحالف العالمي ضد الدولة الإسلامية"، وهي عبارات مصممة لإثارة مشاعر جمهور التنظيم وتعزيز إحساسه بالمظلومية والاستهداف. من خلال إعادة إنتاج سردية الصراع التاريخي بين الإسلام والغرب، يسعى المقال إلى تقديم المشهد السياسي المعاصر كامتداد للحروب الصليبية، مما يضفي عليه طابعًا دينيًا يتجاوز كونه صراعًا جيوسياسيًا تقليديًا. هذه الاستراتيجية تجعل الصراع يبدو وكأنه حتمي وأبدي، مما يساعد في تبرير استمرار العمليات الجهادية باعتبارها "رد فعل مشروعًا" على العدوان الغربي، كما تخلق إحساسًا بالتمايز بين "المجاهدين" و"العالم الجاهلي"، وهو ما يعزز الشعور بالولاء والانتماء لدى القاعدة الجهادية. إعادة توجيه الانتباه بعيدًا عن خسائر التنظيم يتجاهل المقال تمامًا أي إشارات إلى الضربات التي تعرض لها التنظيم مؤخرًا، سواء من حيث فقدان الأراضي أو استهداف قياداته، وبدلًا من ذلك، يصوغ سردية تركز على تفكك الأعداء، مقدمًا ذلك كدليل على أن التنظيم لا يزال صامدًا رغم الضغوط التي يواجهها. هذه الاستراتيجية ليست جديدة في الخطاب الجهادي، حيث يتم تجنب الحديث عن النكسات العسكرية والتنظيمية، واستبدالها بروايات حول ضعف وتشرذم الخصوم، ما يهدف إلى الحفاظ على الروح المعنوية للأنصار والمتعاطفين. كما أن هذه المقاربة تخلق انطباعًا بأن انهيار "التحالفات الصليبية" هو مسألة وقت، مما يعزز لدى الجمهور الجهادي قناعة بأن التنظيم لا يزال يمتلك زمام المبادرة، حتى لو كانت الحقائق الميدانية تعكس واقعًا مختلفًا. كيف نقرأ الخطاب ضمن مساره العام؟ هذه الافتتاحية نموذج واضح لاستراتيجية تنظيم الدولة الإسلامية في توظيف الأحداث العالمية لخدمة دعايته، إذ يتم انتقاء الأخبار التي تدعم سرديته، والتلاعب بدلالاتها لتبدو كإشارات على قرب انهيار التحالفات الغربية. ومن خلال إعادة إنتاج السرديات التقليدية حول "الصليبية"، يسعى المقال إلى تعميق عزلة أنصاره نفسيًا وفكريًا، وإبقائهم ضمن دائرة التفسير الجهادي للعالم. لكن في الوقت نفسه، يُظهر المقال نوعًا من القلق الضمني؛ فالإفراط في التركيز على "ضعف العدو" قد يعكس حاجة التنظيم لتعويض حالة الانحسار التي يعيشها. وهنا تكمن المفارقة: الخطاب يبدو واثقًا، لكنه في الواقع يكشف عن أزمة وجودية يحاول التنظيم إخفاءها عبر دعاية تعتمد على الإسقاط والانتقاء.

الروسان.. مفاجأة غير متوقعة
الروسان.. مفاجأة غير متوقعة

سواليف احمد الزعبي

time٠٦-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • سواليف احمد الزعبي

الروسان.. مفاجأة غير متوقعة

في #مفاجأة #غير_متوقعة … #الأمريكيون يفاوضون #حماس القوة و الإرادة و الإيمان يصنع النصر #عدنان_الروسان في سابقة هي الأولى من نوعها يطلب الأمريكيون لقاء مع حماس و يجلسون مع قيادتها للتفاوض حول هدنة طويلة الأجل عشرة أو عشرين سنة ، و لم يرشح اي تفاصيل بعدكما سمعتم و رأيتم في الأخبار ، و كنت قبل اسبوعين او اقل و من يريد يمكنه الرجوع لذلك قد قلت في تحليلي للمشهد أن الأمريكيين يبحثون عن قنوات خلفية للتفاوض مع حماس ، و بالطبع لست منجما ، و لم يكن عندي معلومات أكيدة لكنني استنتجت من خلال بعض التسريبات ان الموضوع قيد البحث و أشكر الله ان في بعض ما أكتب تحليلات قد تصيب و غالبا ما تخطيء. هذا أمر على قدر كبير من الأهمية ، و سيسأل البعض لماذا .. الأمريكيون لا يفاوضون الا العدو القوي و لا يكترثون للتصريحات و بيانات الشجب و الإستنكار و هذا يؤكد أن الأمريكيين أدركوا بعد أن لم تستطع اسرائيل الإنتصار على حماس بعد خمسة عشر شهرا من القتال أن مفاوضة حماس أولى من البقاء اسرى لحكومة اسرائيلية مفككة و ضعيفة. صمود حماس و مقاومتها الشرسة و ثباتها امام أعتى الة عسكرية همجية و احتفاظها بهدوئها خلال مفاوضات تبادل الأسرى يبدو انه غير مجريات الأحداث و سأحاول ان أكتب فب هذا يوم غد ان شاء الله

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store