logo
بعد أوكرانيا.. هل يجد داعش ثغرة جديدة لاختراق المشهد الدولي؟

بعد أوكرانيا.. هل يجد داعش ثغرة جديدة لاختراق المشهد الدولي؟

هل يشكّل الخلاف الأمريكي الأوكراني فرصة جديدة لداعش؟
عندما تصبح معارك الغرب فرصة لداعش.. قراءة في الخطاب الإرهابي
تعكس افتتاحية العدد 485 من صحيفة "النبأ"، الناطقة باسم تنظيم "داعش والصادرة في الساعات الأولى من يوم الجمعة 7 مارس 2025، بُنية خطابية واضحة ترتكز على ثنائية "نحن" و"هم"، حيث يُعاد إنتاج السردية الجهادية التقليدية حول صراع "الإسلام والصليبية"، لكن ضمن سياق عالمي متغير. يظهر ذلك من خلال تحليل السياقات والدلالات التي تؤطر المقال، مما يكشف عن منهجية التوظيف الأيديولوجي للأحداث وتكتيك الدعاية الجهادية.
أولًا: السياقات العامة للافتتاحية
السياق السياسي والعسكري
تُقدِّم افتتاحية "النبأ" الخلاف العلني بين الولايات المتحدة وأوكرانيا داخل المكتب البيضاوي باعتباره نقطة تحوُّل كبرى في العلاقات بين الحلفاء الغربيين، حيث تصوّره على أنه لحظة مفصلية تُؤشر على بداية تصدّع المعسكر الصليبي، وفق توصيفها. المقال يعيد صياغة هذا الخلاف ضمن رؤية أيديولوجية ترى أن القوى الغربية، التي لطالما اتّحدت في حروبها ضد "المجاهدين"، باتت الآن تنهار داخليًا بفعل التناقضات والصراعات البينية. كما يربط المقال بين هذا المشهد من التوتر السياسي وبين تاريخ طويل من الانقسامات داخل "الحملات الصليبية"، في محاولة لإقناع المتلقّي بأن التفكك والانهيار سُنّة تاريخية ملازمة للغرب، وأن خلافات اليوم ليست سوى امتداد طبيعي لذلك.
وتحاول الافتتاحية تصوير الأزمة الأوكرانية باعتبارها عبئًا غير متوقع أدى إلى استنزاف القدرات العسكرية والاقتصادية للغرب، مُقدّمة الحرب في أوكرانيا على أنها فخ وقع فيه الأمريكيون والأوروبيون على حد سواء. وفق هذا الطرح، لم تحقّق الحرب أهدافها الرئيسية، بل على العكس، تسببت في إنهاك القارة الأوروبية، التي باتت مُجبرة على زيادة إنفاقها العسكري بشكل يُهدّد مستوى رفاهية مجتمعاتها. هذا التفسير يسعى إلى إبراز فشل الاستراتيجية الغربية في إدارة الصراع، وإلى التأكيد على أن هذا الاستنزاف يُهيّئ الظروف لمزيد من التفكك بين الحلفاء، وهو ما يصبّ في مصلحة أعدائهم، وعلى رأسهم تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يقدّم نفسه كخصم دائم لهذا المعسكر.
كما يطرح المقال مستقبل حلف "الناتو" في ظل هذه التوترات، ويشير إلى أن التباين في أولويات الدول الأعضاء، خاصة بين أمريكا وأوروبا، قد يُسرِّع من تفكك هذا التحالف العسكري. الخطاب يوظف هذه الفكرة في سياق أوسع، حيث يُقدّم الناتو على أنه أداة "للحرب الصليبية الحديثة" ضد التنظيم، وبالتالي فإن أي ضعف أو انهيار يعتريه يُعتبر مكسبًا استراتيجيًا للتيارات الجهادية. هذا الربط بين الأزمة الأوكرانية ومستقبل الناتو يُراد منه تعزيز الشعور بأن التهديد الذي كان يمثّله التحالف الدولي ضد التنظيم بات في حالة تراجع، وأن القوى الغربية التي خاضت معارك ضده لم تعد قادرة على الحفاظ على وحدتها، فضلاً عن قدرتها على شنّ حروب جديدة بحجم حملاتها السابقة.
السياق الفكري والدعائي
تعتمد افتتاحية "النبأ" على توظيف مكثّف لمصطلح "المعسكر الصليبي"، في استعادة مباشرة للسردية الجهادية التي تضع الصراع مع الغرب في إطار ديني ممتد عبر التاريخ. من خلال هذا التأطير، لا يُنظر إلى النزاعات الجيوسياسية الحالية باعتبارها مجرد خلافات بين دول قومية ذات مصالح متباينة، بل باعتبارها استمرارًا "للحملات الصليبية" التي بدأت منذ قرون، والتي يُصوَّر الغرب فيها ككيان واحد يخوض حربًا طويلة الأمد ضد "المجاهدين". هذا الاستخدام المتكرر للمصطلح لا يخلو من بُعد تعبوي، حيث يهدف إلى تأكيد أن المواجهة مع الغرب ليست مجرد معركة سياسية أو عسكرية، بل معركة عقدية تتطلب استمرارية في الجهاد والمقاومة، بما يتجاوز حدود الخلافات التكتيكية أو الحسابات المرحلية.
وإلى جانب تأطير الصراع كحرب دينية، تعتمد الافتتاحية على توظيف المفاهيم العقائدية لتفسير خلافات الغرب وانقساماته الداخلية، حيث تُقدَّم هذه الانقسامات على أنها "عقاب إلهي" ونتيجة حتمية لفساد العقائد الغربية وانحرافها عن الدين الحق. هذا الطرح يستند إلى الآية القرآنية: "فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، والتي تُوظَّف هنا كدليل على أن التفكك والانقسامات سمة دائمة للمجتمعات الغربية، وأنها تتكرر عبر العصور، مما يعزّز من فرضية الافتتاحية بأن الانقسام الحالي بين أمريكا وأوروبا ليس مجرد أزمة سياسية عابرة، بل تجلٍّ جديد لسُنن التدافع بين الحق والباطل. بهذا الشكل، يتحوّل الخلاف السياسي بين حلفاء الناتو إلى تأكيد لما يعتبره الخطاب الجهادي "وعدًا إلهيًا" بهزيمة الأعداء وتآكل قوتهم من الداخل.
علاوة على ذلك، فإن هذه الرؤية لا تكتفي بتفسير الخلافات الغربية كعقاب إلهي، بل توجّه رسائل تعبئة لأنصار التنظيم بأن هذا الانقسام يُمثّل فرصة استراتيجية يجب استغلالها. من خلال تصوير القوى الغربية على أنها تفقد وحدتها وتغرق في مشاكلها الداخلية، يسعى المقال إلى زرع قناعة بأن ما عجزت عنه العمليات العسكرية المباشرة للتنظيم قد يتحقق بفعل انهيار أعدائه من الداخل. هذا الخطاب يستهدف رفع معنويات أتباع التنظيم وإقناعهم بأن "النصر" ليس بعيدًا، بل هو نتيجة حتمية لمسار تاريخي مقدّر، ما يعزز من فاعلية الدعاية الجهادية ويمنحها طابعًا حتمياً يصعّب التشكيك فيه داخل الأوساط المؤيدة لهذا الفكر.
السياق الداخلي – الرسائل إلى أنصار التنظيم وخصومه
توجّه افتتاحية "النبأ" رسائل مزدوجة تستهدف جمهورين رئيسيين: أنصار التنظيم من جهة، وخصومه الجهاديين الذين انخرطوا في العمل السياسي أو تعاونوا مع قوى دولية من جهة أخرى. بالنسبة لأنصار التنظيم، تسعى الافتتاحية إلى بث الأمل في نفوسهم عبر التأكيد على أن القوى الدولية التي شكّلت تحالفًا عالميًا لمحاربة "الدولة الإسلامية" تعاني الآن من أزمات داخلية تُهدّد بانهيارها. يتم تقديم الانقسامات الغربية، خاصة بين الولايات المتحدة وأوروبا، على أنها دليل على حتمية ضعف الأعداء، وأن الجهود العسكرية والسياسية التي بُذلت لضرب التنظيم لم تؤدِّ سوى إلى إنهاك من خاضوها. هذه السردية تهدف إلى تحفيز الأتباع على مواصلة القتال، حيث يُصوَّر لهم المشهد العالمي على أنه يسير باتجاه يخدم مصلحتهم دون الحاجة إلى تحقيق انتصارات عسكرية مباشرة، وإنما بفعل انهيار أعدائهم من الداخل.
أما الرسائل الموجهة إلى خصوم التنظيم من التيارات الجهادية الأخرى، فتتخذ شكل تحذير مبطن ونقد ضمني لمن يعتبرهم المقال "النكث"، أي الجماعات والفصائل التي اختارت العمل ضمن الأطر السياسية أو التحالف مع قوى إقليمية ودولية. تستخدم الافتتاحية مثال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي بات يواجه التوبيخ والإهانة من حلفائه في الغرب، لتقديم نموذج لما سيحدث لمن يثق في دعم القوى الدولية. الرسالة الضمنية هنا واضحة: أي جماعة جهادية تسلك المسار السياسي أو تتحالف مع دول مثل تركيا أو القوى الغربية ستلقى المصير نفسه، حيث سيتم التخلي عنها في اللحظة التي تتغير فيها المصالح الدولية. بهذا، تحاول الافتتاحية إعادة ترسيخ رؤية التنظيم الرافضة لأي شكل من أشكال التفاوض أو التسويات السياسية، مؤكدة أن "الاستقلال الجهادي" هو الخيار الوحيد الآمن.
علاوة على ذلك، تحمل الافتتاحية نبرة ازدراء تجاه الفصائل التي سعت إلى كسب الدعم الخارجي، معتبرة أن هذه الجماعات قد أخطأت في حساباتها عندما ظنت أن بإمكانها المناورة والاستفادة من التناقضات الدولية. في المقابل، يدعو المقال أنصار التنظيم إلى النظر إلى الانقسامات الغربية كفرصة يجب استغلالها، وليس كإشارة إلى التكيف مع النظام الدولي أو البحث عن دعم خارجي. هذه الرسائل تأتي في سياق خطاب دعائي يسعى إلى إعادة توحيد الصفوف الجهادية تحت راية "الدولة الإسلامية"، عبر تصوير كل الخيارات الأخرى على أنها مؤقتة وزائلة، تمامًا كما يتلاشى دعم الغرب لأوكرانيا، وفقاً لما تطرحه الافتتاحية.
ثانيًا: الدلالات اللغوية والبنيوية في النص
تعتمد افتتاحية "النبأ" على ثنائية "نحن" و"هم" كأساس لبنيتها الخطابية، حيث يجري تقسيم العالم إلى معسكرين متمايزين تمامًا: "نحن"، وهم المجاهدون وأتباع "الدولة الإسلامية" الذين يُقدَّمون بوصفهم "الطائفة المنصورة"، و"هم"، أي المعسكر الصليبي الذي يشمل الدول الغربية، إضافة إلى "المرتدين" و"النكث" من الفصائل الجهادية الأخرى التي اختارت مسارات سياسية أو تحالفت مع قوى إقليمية ودولية. هذا التقسيم الحاد لا يُستخدم فقط لتعزيز الإحساس بالتمايز العقائدي، بل أيضًا لترسيخ فكرة أن المعركة المستمرة ليست مجرد صراع سياسي أو عسكري، وإنما هي امتداد لصراع عقدي أزلي بين الحق والباطل، حيث لا مجال للحلول الوسط أو المصالح المتبادلة. من خلال هذه الثنائية، يتحول كل خلاف بين القوى الغربية إلى دليل على ضعف العدو، وكل انتكاسة تصيب الفصائل الأخرى إلى برهان على صحة منهج التنظيم، ما يضمن للأتباع إحساسًا دائمًا بالتفوق المعنوي، حتى في ظل التراجع الميداني.
إلى جانب ذلك، تُستخدم هذه الثنائية لتبرير استمرار القتال رغم تقلّص سيطرة التنظيم على الأرض، إذ يتم تقديم المواجهة على أنها ليست معركة جغرافية بقدر ما هي حرب وجودية يجب أن تستمر حتى وإن تراجعت المكاسب العسكرية. في هذا السياق، تصبح الأزمات والانقسامات التي تعصف بالقوى الغربية أو الفصائل الجهادية الأخرى دليلًا إضافيًا على صوابية خيار "الدولة الإسلامية" في رفض العمل ضمن أي منظومة سياسية أو تحالف دولي. هذا التوظيف الدعائي يسعى إلى حماية التنظيم من التفكك الداخلي، عبر منع التساؤلات حول استراتيجياته أو جدوى الاستمرار في القتال، حيث يُحاط الأتباع بخطاب يُقصي أي بدائل، ويُصوِّر كل تراجع على أنه مرحلة في طريق النصر المحتوم، وفقًا لمنطق الصراع المستمر بين "نحن" و"هم".
كما تعتمد افتتاحية "النبأ" على لغة تقريرية ذات طابع يقيني، تُقدّم من خلالها استنتاجات نهائية للقارئ دون ترك مساحة للتساؤل أو النقاش. يستخدم الكاتب تعبيرات حاسمة مثل "إنه انقسام كبير في المعسكر الصليبي هو الأبرز في عصرنا"، و"كل ما سبق يمهد لتفكك النظام الدولي الأمريكي – الأوروبي"، وهي عبارات تحمل في طياتها يقينًا مطلقًا بأن الأحداث الجارية تقود إلى نتائج حتمية. هذه الصياغة الخطابية لا تكتفي بوصف الواقع، بل تسعى إلى فرض تفسير واحد له، مما يمنح القارئ انطباعًا بأن التحليل المعروض هو الحقيقة النهائية التي لا تحتمل التشكيك. في هذا الإطار، يتم تصوير الخلافات بين الدول الغربية ليس كأزمات مرحلية أو تحديات سياسية، بل كعلامات مؤكدة على انهيار وشيك، مما يرسّخ لدى المتلقي الشعور بأن التنظيم يسير في طريق النصر، حتى وإن لم يكن هناك دليل عملي مباشر على ذلك.
إضافة إلى ذلك، تُستخدم هذه اللغة اليقينية كأداة تعبئة نفسية تهدف إلى شحذ حماسة أنصار التنظيم، حيث يتم تقديم الواقع الدولي وكأنه يخضع لمنطق حتمي يتوافق مع الرؤية العقائدية للتنظيم. فبدلًا من عرض الخلافات الغربية كصراعات ذات أسباب سياسية واقتصادية معقدة، يتم تبسيطها إلى كونها "تصدّعًا داخليًا" وانهيارًا "حتميًا" للعدو. هذه المبالغة الخطابية تعمل أيضًا على عزل القارئ عن أي سرديات بديلة، إذ لا تترك مجالًا لاحتمالات أخرى مثل إعادة ترتيب التحالفات الغربية أو نجاح القوى الدولية في تجاوز أزماتها. وبهذا، يتحول المقال إلى أداة لتوجيه القارئ نحو استنتاجات محددة سلفًا، بحيث يصبح التشكيك فيها بمثابة خروج عن "الرؤية الصحيحة" التي يطرحها الخطاب الدعائي للتنظيم.
كما يستخدم المقال توظيفًا مكثفًا للمفاهيم الدينية، حيث تُضفى الشرعية العقائدية على التحليل السياسي من خلال الاقتباسات القرآنية. على سبيل المثال، الاستشهاد بآية {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} يوظَّف لإعطاء بُعد ديني لخلافات الغرب، بحيث لا تبدو مجرد صراعات سياسية طبيعية بين دول ذات مصالح متباينة، بل تتحول إلى دليل على تحقق "الوعد الإلهي" بانقسام أعداء الإسلام. هذا الأسلوب يُحوّل الأزمات السياسية الغربية من كونها نتائج لمتغيرات اقتصادية وعسكرية إلى ظواهر مقدّرة مسبقًا في سياق التدافع بين الحق والباطل. وهكذا، يصبح أي خلاف بين الولايات المتحدة وأوروبا، أو أي توتر داخل "المعسكر الصليبي"، ليس مجرد حدث سياسي، بل علامة على "نصر إلهي قادم"، مما يعزّز إحساس أتباع التنظيم بأنهم جزء من مشروع ديني ممتد عبر الزمن، وليس مجرد فصيل مسلح يخوض معركة عسكرية عادية.
إضافة إلى ذلك، يلجأ المقال إلى استدعاء مفهوم "الحروب الصليبية"، حيث يتم تأطير الصراع الحالي بين التنظيم والغرب ضمن امتداد تاريخي طويل للحروب بين "المجاهدين" و"التحالف الصليبي". هذا الإطار العاطفي - الديني يخاطب المشاعر أكثر من المنطق السياسي، إذ يعيد إحياء صورة العدو التقليدي، ما يضمن استجابة نفسية قوية لدى المتلقي المستهدف. فبدلًا من التعامل مع الولايات المتحدة والغرب بوصفهم قوى سياسية ذات مصالح متغيرة، يتم تصويرهم كامتداد للصليبيين الأوائل الذين خاضوا حروبًا ضد المسلمين في العصور الوسطى. هذا الربط الزمني يُعزّز إحساس المظلومية والعداء الديني لدى القارئ، ويجعله أكثر تقبلًا لفكرة أن الصراع الحالي ليس مجرد مواجهة سياسية، بل "حرب مقدسة" يجب الاستمرار فيها بغض النظر عن التحديات.
ثالثًا: الرسائل الضمنية والمستهدفة
رسالة إلى الأنصار: الفرصة سانحة
تحمل الافتتاحية رسالة واضحة لأنصار التنظيم، مفادها أن لحظة الاضطراب الدولي تمثل فرصة يجب اغتنامها. فحين يشير المقال إلى ضرورة "استغلال الانقسام والاستعداد له"، فإنه لا يكتفي بوصف المشهد السياسي، بل يوجه دعوة ضمنية إلى تكثيف العمليات الإرهابية، مستغلًا حالة التصدع داخل المعسكر الغربي. يتم تقديم هذا التوتر الدولي وكأنه "نافذة فرص" يجب ألا تضيع، حيث يروج المقال لفكرة أن القوى الغربية أصبحت منشغلة بمشكلاتها الداخلية، مما يفتح المجال أمام التنظيم لاستعادة زمام المبادرة. هذه الرسالة تخدم غرضين رئيسيين: الأول، تحفيز عناصر التنظيم على الاستمرار في القتال رغم التراجعات العسكرية التي شهدها، والثاني، تعزيز الشعور بأن التنظيم جزء من معادلة عالمية كبرى، وليس مجرد فصيل معزول يحارب في ظروف غير مواتية.
رسالة إلى الجهاديين المنافسين: خيانتكم لن تُجدي
يوجه المقال انتقادًا ضمنيًا إلى الجماعات الجهادية الأخرى التي اختارت نهجًا مختلفًا، مثل "هيئة تحرير الشام" أو الفصائل الموالية لتركيا، معتبرًا أن لجوءها إلى المجتمع الدولي لم يجلب لها سوى الوهم. فحين يُبرز المقال كيف أن "أمريكا تتخلى عن أقرب حلفائها"، فإنه يرسي مقارنة غير معلنة بين زيلينسكي، الذي تعرض للإهانة رغم كونه شريكًا للغرب، وبين الفصائل الجهادية التي حاولت كسب دعم القوى الدولية. الرسالة هنا تهدف إلى تحقير تلك الجماعات وإثبات أن "الرهان على الغرب هو خيانة خاسرة"، وبالتالي تشويه خياراتهم السياسية والعسكرية. بهذه الطريقة، يسعى المقال إلى استقطاب أعضاء هذه التنظيمات، أو على الأقل زعزعة ثقتهم بقياداتهم، عبر الإيحاء بأن التنظيم وحده هو الذي تمسك بـ"الطريق الصحيح" ولم يقع في فخ التنازلات السياسية.
رسالة إلى خصوم التنظيم الغربيين: أنتم تتهاوون
على الرغم من أن المقال لا يخاطب الغرب بشكل مباشر، إلا أنه يعيد إنتاج صورة "الغرب المتفكك" بهدف تعزيز الدعاية الجهادية. يتم تقديم الصراعات داخل التحالفات الغربية ليس كمجرد أزمات عابرة، بل كعلامات مؤكدة على الانهيار القادم، مما يزرع لدى القارئ الشعور بأن "النصر مسألة وقت". هذا الخطاب يُستخدم لتعزيز صورة التنظيم كقوة صامدة تواجه خصومًا يتداعون من الداخل، في محاولة لإعادة الثقة لدى الجمهور الجهادي بعد الانتكاسات الميدانية التي تعرض لها التنظيم. علاوة على ذلك، فإن هذه السردية تسهم في إضعاف هيبة القوى الغربية في نظر المتعاطفين مع التنظيم، من خلال التشكيك في قدرتها على إدارة تحالفاتها أو الاستمرار في مواجهة طويلة الأمد، وهو ما يعزز بدوره الدعاية القائلة بأن المشروع الغربي في الشرق الأوسط بات هشًا وقابلًا للانهيار.
رابعًا: تحليل البنية الدعائية للمقال
التضخيم والتفسير الانتقائي للأحداث
يعتمد المقال على تضخيم الخلاف بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، مقدمًا "موقعة المكتب البيضاوي" كمؤشر على انهيار العلاقة بين الحليفين، في حين أن الدعم الأمريكي لكييف لا يزال مستمرًا، وإن كان يخضع لحسابات سياسية داخلية. هذا التفسير الانتقائي يتجاهل العوامل المركبة التي تحكم السياسة الأمريكية، مثل الأولويات الانتخابية والمصالح الاستراتيجية بعيدة المدى، ويركز بدلًا من ذلك على لحظة محددة من التوتر لتقديمها باعتبارها دليلًا قاطعًا على تصدع المعسكر الغربي. كذلك، فإن الإصرار على تصوير زيلينسكي كزعيم "مُهان ومُذلول" يخدم غرضًا دعائيًا واضحًا: التشكيك في جدوى التحالف مع الغرب، ليس فقط بالنسبة لأوكرانيا، بل أيضًا كرسالة موجهة إلى الجماعات الإسلامية التي تتعاون مع القوى الغربية، في تلميح بأن مصيرها لن يكون أفضل من مصير زيلينسكي.
التلاعب العاطفي والديني
يستخدم المقال مفردات مُحمّلة بدلالات عاطفية ودينية قوية، مثل "الانقسام الصليبي"، "النكث"، و"التحالف العالمي ضد الدولة الإسلامية"، وهي عبارات مصممة لإثارة مشاعر جمهور التنظيم وتعزيز إحساسه بالمظلومية والاستهداف. من خلال إعادة إنتاج سردية الصراع التاريخي بين الإسلام والغرب، يسعى المقال إلى تقديم المشهد السياسي المعاصر كامتداد للحروب الصليبية، مما يضفي عليه طابعًا دينيًا يتجاوز كونه صراعًا جيوسياسيًا تقليديًا. هذه الاستراتيجية تجعل الصراع يبدو وكأنه حتمي وأبدي، مما يساعد في تبرير استمرار العمليات الجهادية باعتبارها "رد فعل مشروعًا" على العدوان الغربي، كما تخلق إحساسًا بالتمايز بين "المجاهدين" و"العالم الجاهلي"، وهو ما يعزز الشعور بالولاء والانتماء لدى القاعدة الجهادية.
إعادة توجيه الانتباه بعيدًا عن خسائر التنظيم
يتجاهل المقال تمامًا أي إشارات إلى الضربات التي تعرض لها التنظيم مؤخرًا، سواء من حيث فقدان الأراضي أو استهداف قياداته، وبدلًا من ذلك، يصوغ سردية تركز على تفكك الأعداء، مقدمًا ذلك كدليل على أن التنظيم لا يزال صامدًا رغم الضغوط التي يواجهها. هذه الاستراتيجية ليست جديدة في الخطاب الجهادي، حيث يتم تجنب الحديث عن النكسات العسكرية والتنظيمية، واستبدالها بروايات حول ضعف وتشرذم الخصوم، ما يهدف إلى الحفاظ على الروح المعنوية للأنصار والمتعاطفين. كما أن هذه المقاربة تخلق انطباعًا بأن انهيار "التحالفات الصليبية" هو مسألة وقت، مما يعزز لدى الجمهور الجهادي قناعة بأن التنظيم لا يزال يمتلك زمام المبادرة، حتى لو كانت الحقائق الميدانية تعكس واقعًا مختلفًا.
كيف نقرأ الخطاب ضمن مساره العام؟
هذه الافتتاحية نموذج واضح لاستراتيجية تنظيم الدولة الإسلامية في توظيف الأحداث العالمية لخدمة دعايته، إذ يتم انتقاء الأخبار التي تدعم سرديته، والتلاعب بدلالاتها لتبدو كإشارات على قرب انهيار التحالفات الغربية. ومن خلال إعادة إنتاج السرديات التقليدية حول "الصليبية"، يسعى المقال إلى تعميق عزلة أنصاره نفسيًا وفكريًا، وإبقائهم ضمن دائرة التفسير الجهادي للعالم.
لكن في الوقت نفسه، يُظهر المقال نوعًا من القلق الضمني؛ فالإفراط في التركيز على "ضعف العدو" قد يعكس حاجة التنظيم لتعويض حالة الانحسار التي يعيشها. وهنا تكمن المفارقة: الخطاب يبدو واثقًا، لكنه في الواقع يكشف عن أزمة وجودية يحاول التنظيم إخفاءها عبر دعاية تعتمد على الإسقاط والانتقاء.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سيناريوهات التحولات المفاجئة.. تقرير ألماني يتناول خطورة المقاتلين الأجانب في سوريا
سيناريوهات التحولات المفاجئة.. تقرير ألماني يتناول خطورة المقاتلين الأجانب في سوريا

شفق نيوز

timeمنذ 8 ساعات

  • شفق نيوز

سيناريوهات التحولات المفاجئة.. تقرير ألماني يتناول خطورة المقاتلين الأجانب في سوريا

شفق نيوز/ سلّط موقع "دويتشه فيليه عربية" الألماني، يوم الخميس، الضوء على التطورات المتسارعة في الساحة السورية ما بين الحكومة الجديدة المؤقتة برئاسة أحمد الشرع، والتنظيمات "الإرهابية" وفي مقدمتها "داعش" الذي أخذ في الآونة الأخيرة بتصعيد لهجته المعادية والداعية بشكل واضح إلى توجيه ضربات للنظام الجديد. وبحسب الموقع الألماني فإن تنظيم "داعش" بات يشجع المقاتلين الأجانب على الانقلاب على الحكومة السورية الجديدة، ويصف رئيسها بأنه "خائن للقضية" و"كافر" و"عبد" و"تذلل أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، وفق ما نشره في العدد الأخير من نشرته الأسبوعية. العداوة السابقة تتجدد ويلفت الموقع إلى أن هذا النوع من العداوة ليس بالجديد بين تنظيم "داعش" وجماعة "هيئة تحرير الشام" التي أسسها وقادها الشرع حين كان يًطلق عليه اسم "أبو محمد الجولاني". فبين عامي 2012 و2013، كانت "هيئة تحرير الشام" جزءاً مما يسمى بـ"تنظيم الدولة الإسلامية"، قبل أن تتحالف مع تنظيم "القاعدة". وبعد قطع العلاقات مع تنظيم "القاعدة" في العام 2016، أمضت "هيئة تحرير الشام" ما يقرب من عقد من الزمان في قتال "داعش" بأجزاء من البلاد التي كانت تسيطر عليها. لذا فإن انتقاد المسار السياسي الحالي الأكثر اعتدالاً للشرع يعتبر أمراً متوقعاً. المقاتلون الأجانب ولكن هناك جانب آخر مثير للاهتمام في النشرة الإخبارية، إذ دعا تنظيم "داعش" المقاتلين الأجانب في سوريا إلى الانشقاق عن الحكومة الحالية بقيادة الشرع. وحثت الجماعة المقاتلين الأجانب الغاضبين من دبلوماسية الشرع مع الولايات المتحدة على الانضمام إلى "داعش". وأعاد هذا الحديث، فضلاً عن اجتماع الشرع مع ترامب، الاهتمام لواحد من أصعب الملفات التي تواجهها الحكومة الانتقالية في سوريا، وهو ملف المقاتلين الأجانب الموجودين في البلاد. وكان الرئيس الأمريكي، خلال اللقاء الذي جمعه بالشرع، قد ضغط "لإجبار جميع الإرهابيين الأجانب على مغادرة سوريا" كواحد من شروط تخفيف العقوبات. وأدلى المبعوثون الفرنسيون والألمان بتصريحات مماثلة، إذ يخشى كثيرون من أن تصبح سوريا ملاذاً للجماعات ذات الإيديولوجيات المتطرفة التي يمكن أن تنشط دولياً لاحقاً. من الصعب تحديد عدد الأجانب الذين قاتلوا إلى جانب "هيئة تحرير الشام". ويمكن أن يتراوح العدد ما بين 1500 و6000 مقاتل، وفقاً لخبراء يرجحوا أن يكون الرقم الحقيقي ما بين العددين. وتتكون أكبر مجموعة من المقاتلين من الأويغور، الذين يشار إليهم أيضاً باسم "التركستان"، القادمين من وسط وشرق آسيا، بما في ذلك الصين. ويأتي المقاتلون الآخرون من روسيا ودول سوفيتية سابقة ومنطقة البلقان وتركيا ودول عربية ودول أوروبية. وجاء معظم المقاتلين إلى سوريا في وقت مبكر خلال الحرب الأهلية التي شهدتها سوريا استجابة لدعوات من تنظيم "داعش"، الذي كان يحاول حينها إقامة ما يسمى بـ"خلافة". ولكن بعد قطع "هيئة تحرير الشام" لعلاقتها مع "داعش" و"القاعدة"، غادر بعض الأجانب التنظيم بينما بقي آخرون. وفي أواخر عام 2024، خلال العملية التي قادها تنظيم "هيئة تحرير الشام" للإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد، لعبت عدة مجموعات من الأجانب، بمن فيهم الأويغور والشيشان، دوراً أساسياً في نجاح الحملة. المقاتلون الأجانب في قمة الهرم وقال الشرع في حينها إنه يجب مكافأتهم على مساعدتهم، وتم تعيين عدد منهم في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي بمناصب عليا في الجيش السوري الجديد، وهو ما أثار بعض الجدل. ويرى الباحث في معهد واشنطن، آرون زيلين، في حوار مع الموقع الألماني، أنه من الصعب تحديد مدى أهمية المقاتلين الأجانب لقوات الأمن السورية الآن "لأن عدد السوريين يفوق بكثير عدد الأجانب". لكنه أشار إلى أن بعضهم يتمتع بأهمية أكبر، فعلى سبيل المثال، يعمل مقاتلو الكتيبة الأويغورية الآن كقوة أمنية شخصية للشرع. ويقول زيلين "هم أساساً من يحمونه لأنه يثق بهم، ويُنظر إليهم كرفاق سلاح في القتال ضد الأسد". ويذكر لاجئ سوري مقيم في ألمانيا، طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أنه التقى بعدد من المقاتلين الأجانب أثناء قتاله قوات نظام الأسد في مدينة حلب السورية. وقال اللاجئ السوري للموقع الألماني "كان بعضهم جيداً، بينما لم يكن البعضهم الآخر جيداً. كانوا شديدي التركيز على القتال، وكان لدى الكثير منهم عقلية سلفية. أرادوا الذهاب إلى حيث تدور المعارك". ويضيف المصدر "الذين بقوا الآن لديهم عائلات في سوريا. لهذا، شخصياً، سأمنحهم فرصة، خاصة لأننا لو طردناهم، سنطرد أيضاً النساء والأطفال. على أي حال، لا تنسوا أن هناك أيضاً الكثير من السوريين الذين يشاركون ولو جزءاً من هذه العقلية (الدينية)". خطورة المقاتلين الأجانب اتُهم مقاتلون أجانب ذوو توجه ديني أكثر تشدداً بالمشاركة في أعمال عنف وقعت حديثاً ضد الأقليات السورية، كما أُلقي عليهم اللوم في محاولات فرض رقابة على ملابس النساء والسلوكيات الاجتماعية في المدن السورية. ويوضح الباحث والخبير في الشؤون السورية، عروة عجوب، في تقرير للمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، أنه حتى وقت قريب جداً، كانت "هيئة تحرير الشام" ما تزال تُصوّر نفسها على أنها "مدافعة عن الإسلام السني". ولكن بعد سقوط نظام الأسد، اتخذت الجماعة مساراً أكثر ليبرالية، بحسب التقرير. ويقول عجوب "يُمثل هذا التغيير المفاجئ في السردية تعديلاً كبيراً للصفوف. قد يكون هذا التحول تحدياً للمقاتلين الذين اعتادوا على وجهة نظر طائفية أضيق. يواجه العديد من مقاتلي هيئة تحرير الشام، الذين لم يغادروا أبدًا البيئة المحافظة في إدلب، مجتمعات أقل تحفظًا في دمشق". الانضمام إلى "داعش" ويرى الباحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية في فيلادلفيا، محمد صالح، أنه "إذا استمرت هيئة تحرير الشام في اتجاهها نحو الاعتدال النسبي، مثل التسامح مع النساء غير المحجبات والسماح ببيع الكحول والمشاركة في عملية سياسية على النمط الغربي، فقد تنشق العناصر المتشددة داخل هيئة تحرير الشام، وخاصة الجهاديين الأجانب، أو تنشق عنهم، أو تتعاون مع داعش أو القاعدة". ولكن يتشكك الباحث في معهد واشنطن، آرون زيلين، في أن يشكل المقاتلون الأجانب في سوريا "أي تهديد واسع النطاق"، على حد تعبيره. ويري زيلين أن "أولئك الذين شعروا أن هيئة تحرير الشام لم تعد متشددة بما يكفي بالنسبة لهم قد غادروا بالفعل على الأرجح، وأن العديد من المقاتلين الأجانب الأقل تطرفاً الذين بقوا، يتمتعون بانضباط شديد". كما حاول الشرع لفترة طويلة تهميش أو اعتقال أو طرد أي مقاتل أجنبي قاوم المسار الجديد للجماعة. وما يزال بإمكان المقاتلين الأجانب بالطبع ارتكاب جرائم أو التسبب في مشاكل. إلا أن التهديد الأكبر يأتي حقيقة من المقاتلين الأجانب الأعضاء في تنظيم "داعش"، والذين يواصلون تمردًا محدودًا في شرق سوريا، بالإضافة إلى مقاتلين معتقلين في شمال شرق سوريا. وماذا بعد؟ بعد اجتماع الشرع مع ترامب، ظهرت أنباء بشأن مداهمات من قوات الأمن السورية لقواعد خاصة بالمقاتلين الأجانب في محافظة إدلب. ويرى مراقبون ومحللون أنه ما يزال من غير الواضح ما إن كان الأمر صحيح أم مجرد شائعات أو "مسرحيات سياسية". ويبدو أن شن حملة كبيرة ضدهم هو أمر غير مرجح. ويجادل أعضاء في الحكومة السورية الجديدة بأن المقاتلين الأجانب لا يشكلون أي تهديد للدول الأخرى وأن عددهم أقل من أن يؤثر بشكل كبير على الجيش السوري الجديد، كما أنهم موالون لإدارة الشرع الجديدة على أي حال. بل ويرى البعض أن دمج المقاتلين الأجانب في القوات السورية الجديدة ربما يكون أفضل طريقة للتعامل معهم على أرض الواقع. ويقول زيلين: "من بين جميع الطلبات التي قدمتها الولايات المتحدة، ربما يكون هذا هو الأصعب بالنسبة لسوريا. لا أعتقد أنهم يريدون حقاً تسليم المقاتلين الأجانب إلا إذا كانوا، على سبيل المثال، يفعلون شيئاً مخالفاً للقانون".

الديانة الإبراهيمية… بين وهم التوحيد وحقيقة التفكيك العقائدي
الديانة الإبراهيمية… بين وهم التوحيد وحقيقة التفكيك العقائدي

موقع كتابات

timeمنذ 18 ساعات

  • موقع كتابات

الديانة الإبراهيمية… بين وهم التوحيد وحقيقة التفكيك العقائدي

الديانة الإبراهيمية…بين وهم التوحيد وحقيقة التفكيك العقائدي. إعداد: جلال عبد الحميد الحسناوي . 1 – الاتجاه الأول: الإسلام في القرآن… دين واحد لا يتعدد 2 – الاتجاه الثاني: مشروع الديانة الإبراهيمية… من التسامح إلى التفكيك 3 – التجاه الثالث: زيارة البابا للنجف الاشرف… بين التقدير الديني والتأويل السياسي 4 – الاتجاه الرابع: الإعلام والدين الإبراهيمي… من الترويج الناعم إلى التطبيع العقدي الاتجاه الأول: الإسلام في القرآن… دين واحد لا يتعدد. تمهيد: حينما نرجع إلى النص القرآني في أصل الدين، نجد خطابًا إلهيًا حاسمًا لا يحتمل التأويل: هذه الآيات لا تتحدث عن 'دين محمد' (صلى الله عليه وآله) فحسب، بل تُعرّف 'الإسلام' كدين إلهي واحد ممتد عبر التاريخ، بدأ مع آدمالنبي (ع) واكتمل مع النبي الخاتم محمد (ص) واله الطاهرين ، وتخلله أنبياء عظام كلهم خاطبوا أقوامهم بالإسلام، وإن اختلفت شرائعهم وتفاصيل مناهجهم. 1 – الإسلام لغة واصطلاحًا في القرآن. • الإسلام لغويًا: الاستسلام والطاعة والخضوع الكامل لله دون شرك. • الإسلام قرآنيًا: العقيدة التوحيدية التي حملها جميع الأنبياء، منذ النبي آدم إلى خاتمهم النبي الرسول محمد عليهم افضل الصلاة واتم التسليم. وقد نص القرآن على أن كل نبي دعا قومه إلى الإسلام بمعناه الأصيل، ومن ذلك: • إبراهيم (ع): • يعقوب وأبناؤه: • يوسف (ع): 'تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ' يوسف: 101 • سليمان (ع): 'وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ' النمل: 31 2 – موسى وعيسى عليهما السلام في ضوء القرآن أولًا: موسى (عليه السلام) • قال تعالى عن موسى وهو يخاطب قومه: • هذا التصريح ينسف المزاعم التي تفصل بين 'اليهودية' و'الإسلام'، فاليهودية شريعة نزلت ضمن دين الإسلام التوحيدي، لا خارجه. • قال تعالى على لسان موسى وإخوته: 'رَبَّنَا اجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ' البقرة: 128 ثانيًا: عيسى (عليه السلام) • قال تعالى: • وقال تعالى عن أتباع عيسى: • وبيّن صراحة أن عيسى لم يأتِ بدين منفصل، بل بشر بمن يختم الرسالة: الفيلسوف الشهيد السيد محمد باقر الصدر: 'الإسلام ليس لحظة تاريخية ظهرت في الجزيرة، بل هو استمرار رسالي متكامل، يرث كل الرسالات، ويُعبّر عن الحقيقة التي تجلت في كل الأنبياء.' المرجع الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر: 'كل الأنبياء كانوا مسلمين. والقرآن لا يقر بتعدد الأديان، بل بتعدد الشرائع ضمن دين واحد، هو الإسلام.' 4 – موقف علماء الفريقين. • ابن كثير (تفسير القرآن): فسر الإسلام في سياق الآيات بأنه دين جميع الأنبياء. • الفخر الرازي: أكد في تفسيره أن الإسلام يعني التوحيد والانقياد لله، وهو الأصل في كل الرسالات. • العلامة الطباطبائي (الميزان): قال إن الإسلام في القرآن اسم للدين الإلهي، لا لمرحلة منه. ظهر مصطلح 'الديانة الإبراهيمية' في العقد الأخير كدعوة ظاهرها السلام، وباطنها إعادة تشكيل البنية العقدية للشعوب تحت شعار 'الوحدة الروحية بين أتباع إبراهيم'. لكنّ القراءة الدقيقة لمسار المشروع ومؤسساته تكشف عن مسعى صهيوني ناعم لإعادة هندسة الوعي الديني وفق مصالح سياسية وثقافية عالمية، تتزعمها قوى دولية تسعى لتفكيك الخصوصيات العقدية للأديان، ودمجها في قالب واحد يخدم الهيمنة الغربية، والتطبيع مع الكيان الصهيوني. 1.1 وثيقة 'الأخوة الإنسانية' (أبو ظبي، 2019) شملت دعوات عامة للتسامح، لكنها افتقدت لأي تحديد عقدي واضح، وهو ما مهد لاحقًا لتوسيع المفهوم نحو فكرة 'الديانة الإبراهيمية' بوصفها مرجعية جامعة بين الإسلام واليهودية والمسيحية. 1.2 مشروع 'بيت العائلة الإبراهيمية' (افتتاح 2023) في جزيرة السعديات – أبو ظبي. مجمّع يضم مسجدًا، وكنيسة، وكنيسًا يهوديًا في موقع واحد، ويُروج له باعتباره 'رمزًا لوحدة الأديان'. اتفاقات تطبيع بين الإمارات والبحرين والمغرب والسودان مع الكيان الصهيوني، تحت غطاء 'السلام الإبراهيمي'، في إشارة مباشرة إلى البعد الديني في الترويج للتطبيع. 2 – ما وراء التسمية: لماذا 'إبراهيم'؟ • إبراهيم (عليه السلام) في القرآن رمز للتوحيد الخالص والبراءة من الشرك: • أما المشروع الحديث فيقدّمه كمجرد شخصية ثقافية جامعة، بلا محتوى عقدي، ولا موقف من الظلم أو الانحراف، بل كـ'رمز سلام وتسامح عالمي'. • وهنا يُفرّغ إبراهيم من رسالته، ويُعاد إنتاجه بما يناسب الأجندة الجديدة. 3.1 التمهيد النظري من الفكر الصهيوني • الحركة الصهيونية منذ نشأتها تبنت فكرة 'العدو الديني' لخلق حاجز نفسي وعقدي ضد العرب والمسلمين، لكنها عادت اليوم لتروّج لفكرة 'الوحدة الإبراهيمية' بعد أن تحقق لها النفوذ السياسي والعسكري. 'الصهيونية ليست مجرد دعوة للعودة إلى أرض، بل هي مشروع لتأسيس نمط عالمي جديد من الإنسان المنفصل عن عقيدته، المتصالح مع السيطرة الإمبريالية.' • إعادة تشكيل الدين عنصر أساسي في هذا النمط، بما يحقق: • دمج الصهاينة كجزء من الأسرة الروحية. • تمييع العداوة العقدية مع المحتل. • نزع سلاح المقاومة والثقافة الإسلامية. 3.2 الأدوات المستخدمة: • الإعلام الموجه: عبر الأفلام، والبرامج، والكتب المدرسية. • المؤسسات الدينية الرسمية: التي تُجرّ إلى خطاب 'السلام'. • الفعاليات الثقافية: مؤتمرات حوار الأديان، منصات التفاهم، إلخ. 4. الشهيدين الصدرين: وتحليل البنية الغربية للمشروع المفكر الفيلسوف السيد محمد باقر الصدر قال: 'الدين عند الغرب يُعاد تركيبه بحسب الحاجة السياسية، ولهذا فإن ما يقدمونه من دعوات للتوحيد ليست إلا وسائل للسيطرة، لا بحثًا عن الحق.' (من كتاب الإسلام يقود الحياة) 'ما يُطرح اليوم من دعوات لتوحيد الأديان، ليست في حقيقتها إلا تنصلًا من جوهر الإسلام، وتحريفًا لطبيعة الصراع بين الحق والباطل.' (في بحث فقه الدولة الإسلامية) 5 – نقد علمي للفكرة: هل الدين قابل للتوحيد؟ • لا يمكن توحيد الأديان لأن: • العقائد الأساسية تختلف (التوحيد، النبوة، المعاد…). • الشريعة ليست اجتهادًا بشريًا بل وحيًا. • الإسلام جاء مهيمنًا وخاتمًا لا مندمجًا أو مكمّلًا. • قال تعالى: خلاصة الاتجاه: مشروع 'الديانة الإبراهيمية' هو أداة هندسة دينية ناعمة، تهدف إلى سحب البعد الجهادي والمقاوم من الإسلام، وإعادة تعريف الدين بوصفه ثقافة مشتركة لا عقيدة ربانية. الاتجاه الثالث: زيارة البابا للنجف الاشرف… بين التقدير الديني والتأويل السياسي في السادس من آذار 2021، قام البابا فرنسيس، رأس الكنيسة الكاثوليكية، بزيارة إلى مدينة النجف الأشرف للقاء السيد السيستاني دام عزه ، المرجع الأعلى للطائفة الشيعية الإمامية. الحدث كان غير مسبوق، لا من حيث رمزيته، ولا من حيث توقيته، ولا من حيث ما تبعَه من تأويلات إعلامية وسياسية حاولت استثمار اللقاء ضمن سياق مشروع الديانة الإبراهيمية. ولئن كان اللقاء مغلقًا، ولم تُلتقط فيه صور، ولم يُصدر عنه بيان مشترك، إلا أن ذلك لم يمنع محاولات التوظيف المتكررة له كدليل ضمني على انخراط المرجعية في مسار 'التقارب الديني العالمي'. • جاءت الزيارة بعد عامين من توقيع ('وثيقة الأخوة الإنسانية' في أبو ظبي (2019. • بعد أشهر من إعلان ('اتفاقيات أبراهام' (2020. • وقبل افتتاح ('بيت العائلة الإبراهيمية' (2023. أي أن الزيارة وقعت ضمن تسلسل زمني يتم فيه دمج الدين داخل المسار السياسي للتطبيع، وإعادة صياغة علاقة الإسلام بالغرب واليهودية. 2 – موقف المرجعية: صمت محسوب لا مباركة ضمنية البيان الذي صدر عن مكتب السيد السيستاني بعد اللقاء لم يتطرق إلى المشروع الإبراهيمي، ولم يُلمّح إلى أي تبنٍّ لمسارات الوحدة الدينية، بل جاء بصيغة تؤكد على: • . • حق الشعوب في العيش بسلام. • رفض الظلم والاعتداء. • دعوة رجال الدين للوقوف بوجه قوى الطغيان. لم يُذكر 'التسامح بين الأديان' ولا 'الوحدة الروحية' ولا 'الأسرة الإبراهيمية' في البيان مطلقًا. وهذا يُعدّ موقفًا فاصلًا، حافظت فيه المرجعية على توازنها: • لم ترفض الزيارة، كي لا تُستغل ضدها دوليًا. • ولم تشارك بمخرجاتها الرمزية، حتى لا تُحسب على مسار لا تنتمي إليه عقديًا. ما يجعل الموقف أكثر حساسية هو أن البابا نفسه قد توفي ، مما قد يفتح الباب أمام: • إصدار وثائق لاحقة ينسب فيها تأييدٌ ضمني للمرجعية لهذا المشروع. • قيام منظمات أو جهات دينية أو إعلامية بتحريف نوايا الزيارة. • توظيف الزيارة في إنتاج سرديات دعائية تقول: 'حتى مرجعية النجف رحّبت بمشروع الأخوة الإبراهيمية'. غياب الصوت المؤسسي الإعلامي الفاعل في الحوزة يضاعف هذا الخطر، ويجعل المرجعية عرضة لاستخدام صورتها دون إذنها. 4 – ماذا أرادت المرجعية؟ وماذا أراد الآخرون؟ • المرجعية أرادت: اللقاء الإنساني والتعبير عن المظلومية الأخلاقية للشعوب. • البابا أراد: خطابًا رمزيًا يُسهم في مشروعه العالمي للتقارب الديني. وهنا يُفهم ويستنتج : 'الاستقبال كان خطأ، لكن عدم الاستقبال يكون خطأ أكبر'. إنها معادلة الصمت النشط: قول لا يُقال، لكن يُفهم. 5 – قراءة الشهيدين الصدرين للحدث وأمثاله. المفكر الشهيد السيد محمد باقر الصدر: 'حين تكون الرمزية الدينية أداةً في يد الإعلام، فذلك مدخل لتشويه العقيدة. المرجعية ليست مؤسسة مجاملة، بل حارسٌ للخط الإلهي.' (من أوراق غير منشورة في فكر الدولة ) المرجع السيد الشهيد محمد الصدر: 'يجب أن تكون المرجعية فوق الإعلام، لكنها لا يجب أن تُترك للإعلام. بين الصمت والانفعال، هناك شيء اسمه البيان الواعي.' (ما وراء الفقه) زيارة البابا للنجف لم تكن تأييدًا، ولا كانت عُزوفًا. كانت حدثًا دقيقًا توازن فيه المرجعية بين الحاجة الإنسانية والوعي العقدي. لكن الخطر الحقيقي يكمن في أن يُعاد تأويل الحدث خارج سياقه، فيُبنى عليه ما لم يقله أحد، ويُقوَّل المرجع ما لم ينطق به، ما لم تنهض منظومة إعلامية مرجعية واعية تسد هذه الفجوة. في عالم اليوم، لم يعد الدين يُتداول فقط في الحوزات، والكنائس، والمعاهد، بل صار أيضًا موضوعًا لصناعة الصورة، وميدانًا لتشكيل الرأي العام. وهنا يدخل مشروع 'الديانة الإبراهيمية' من أوسع أبوابه، لا كدعوة دينية، بل كـ'رواية إعلامية ضخمة' مدعومة من مؤسسات سياسية، ومنصات دولية، ومراكز تمويل ضخمة. ولأن الإعلام لا ينقل الحقيقة كما هي، بل يُعيد صناعتها، فإن أكبر خطر يواجه الأمة اليوم هو أن تُفرض عليها عقيدة جديدة بصيغة إعلامية مُجمّلة، تتسلل من باب 'التسامح'، لتصل إلى 'إعادة تعريف الإسلام'. • إبراهيم (ع) يُقدَّم في الإعلام الغربي والعربي المؤدلج لا كنبيٍ موحّد لله، بل كـ'رمز عالمي للتسامح'، منزوع الموقف من الشرك أو الطاغوت. • المرجعيات الدينية تُختزل في 'لقطات' وصور دعائية، لا في خطابها العقدي الفعلي. • تسويق المصطلحات: 'الأخوة الإبراهيمية'، 'بيت العائلة'، 'السلام الديني'، 'الأسرة الإبراهيمية'. • استخدام المؤثرين، وصنّاع المحتوى، وبرامج الأطفال، والدراما. 1.3 تمرير التطبيع عبر الفضاء الديني • من خلال إبراز رجال دين يقفون مع ممثلي الديانة اليهودية والصهيونية تحت شعار: 'كلنا أبناء إبراهيم'. • استثمار ذلك لإضعاف الممانعة العقائدية تجاه الاحتلال، وشرعنة الصمت عن الجرائم. 2 – الإعلام المرجعي الديني … الغائب الأكبر رغم عمق الحوزة، والازهر وقوة الموقف الفقهي، إلا أن المرجعيات الدينيةالكبرى في النجف الاشرف وايران ومصر وباقي المدن التي فيها الجامعات الدينية الكبرى لم تبنِ حتى الآن جهازًا إعلاميًا استراتيجيًا قادرًا على: • التحليل الاستباقي للأحداث. • تفنيد التأويلات الملفقة. • الرد على الحملات الممنهجة. • تصدير فكرها للعالم بلغاته وقوالبه العصرية. وهذا ما جعل زيارة البابا – رغم حكمتها – قابلة للاختطاف السردي من الإعلام العالمي، دون رواية موازية من داخل النجف الاشرف تفكك ذلك بلغة العصر. 'المعركة الفكرية ليست في المنابر فقط، بل في من يكتب القصة ومن يصوغ الخبر ومن يُنتج الصورة. إن الإعلام الرسالي هو من يسبق الطاغوت، لا من يرد عليه فقط.' 'من لا يملك إعلامه، سوف يُقال عنه ما لا يقول، ويُقوّل ما لم يُرد، ويُنسَب إليه ما ينفيه. على الحوزة أن تملك لسانًا عصريًا، لا لتمجيد نفسها، بل لحماية الإسلام.' 5 – الحل المقترح: بناء جهاز إعلامي مرجعي متكامل الخصائص المطلوبة: • يكون ناطقًا باسم المرجعية، لا تابعًا لها إداريًا. • يضم باحثين، فقهاء، إعلاميين، ومحللين استراتيجيين. • يتحدث بلغات متعددة. • يرصد ويرد ويؤسس رواية معرفية مستقلة. المهام: • حماية صورة المرجعية من الاختطاف. • إنتاج محتوى يُعبّر عن العقيدة بلغة العصر. • مواجهة السرديات الغربية حول الدين. المعركة اليوم لم تعد في المساجد فقط، بل في الشاشات، والمواقع، والعناوين. وإذا لم يصدر عن المرجعية خطاب إعلامي رسالي استباقي، فإن غيرها سيكتب عنها كما يشاء، ويُقوّلها ما لم تقل، ويستثمر صورتها فيما لا تمثّله. 'الحق لا يُوحِّده التلفيق، والباطل لا يُغسله التجميل' خلاصة البحث: على امتداد الاتجاهات ، تتبعنا خطى مشروع 'الديانة الإبراهيمية' من نشأته الحديثة إلى جذوره السياسية والفكرية، وانتهينا إلى ما يلي: 1 – الدين في القرآن واحد، لا يقبل التعدد ولا التلفيق، وقد نطقت به كل الرسالات السماوية منذ آدم حتى محمد (ص) واله الطاهرين ، تحت اسم الإسلام. 2 – الأنبياء جميعًا مسلمون، بما فيهم موسى وعيسى، وكلشرائعهم كانت مندرجة في إطار دين الله الواحد وهو الاسلام. 4 – المشروع يحمل بصمات الفكر الصهيوني العالمي، الذي يتقن استخدام الدين لإعادة تشكيل الواقع الثقافي والعقدي للأمم، ضمن هندسة فكرية جديدة. 5 – زيارة البابا للنجف كانت نقطة ارتكاز وظّفها الإعلام العالمي ضمن سردية الإبراهيمية، رغم أن المرجعية كانت على وعي بالمخاطر، وامتنعت عن إصدار أي بيان مشترك أو موقف يُفسر كتبرير عقائدي للمشروع. 6 – غياب جهاز إعلامي مرجعي متكامل. أولًا: على الصعيد العقدي • ضرورة التأكيد على وحدة الدين في الخطاب الإسلامي، ونقض أي دعوة تدّعي إمكان الجمع العقائدي بين الرسالات ككيانات متساوية. • نشر الأدلة القرآنية والروائية التي تبرهن أن الإسلام هو دين جميع الأنبياء، لا دينًا جديدًا بدأ بمحمد (ص) واله. • يتولى شرح المواقف. • يفند التأويلات المغرضة. • يصدر بيانات توضيحية بلغة عالمية. ثالثًا: على صعيد الأمة والمثقفين • نشر الوعي بمشروع الديانة الإبراهيمية وبيان ارتباطه بالتطبيع، وتفكيك الخطاب الإعلامي الذي يُروّج له. • دعم الأصوات الفكرية والعقدية الحرة التي تحافظ على هوية الأمة دون الانجرار إلى 'وحدة زائفة' تُبنى على التنازل عن الثوابت. نبي الله إبراهيم ع ، لم يكن جامعًا بين الحق والباطل، بل كان نقطة الفصل بين التوحيد والشرك، و'الديانة الإبراهيمية' الحديثة ليست إلا .

ماكرون يرأس اجتماعا بشأن تهديد جماعة الإخوان المسلمين
ماكرون يرأس اجتماعا بشأن تهديد جماعة الإخوان المسلمين

الزمان

timeمنذ 21 ساعات

  • الزمان

ماكرون يرأس اجتماعا بشأن تهديد جماعة الإخوان المسلمين

باريس (أ ف ب) – ترأّس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء اجتماعا أمنيا بعد نشر تقرير يحذّر من جماعة الإخوان المسلمين وانتشار 'الإسلام السياسي' في فرنسا. وناقش الاجتماع الذي شارك فيه رئيس الحكومة وأهم الوزراء، تقريرا يدعو إلى التحرّك للتعامل مع مسألة تزايد نفوذ الجماعة التي اعتبر أنها تشكّل تهديدا 'للتماسك الوطني' في فرنسا. وبعد الاجتماع، ستتخذ إجراءات 'سيتم الإعلان عن بعضها' فيما ستبقى الأخرى سريّة، بحسب قصر الإليزيه. وأعد التقرير بشأن الجماعة التي تأسست في مصر عام 1928 موظفان رسميان رفيعان بتكليف من الحكومة. وقال الإليزيه إن التقرير 'يحدد بوضوح الطبيعة المناهضة للجمهورية والتخريبية لـ+الإخوان المسلمين+' ويقترح 'طرقا للتعامل مع هذا التهديد'. وتضم كل من فرنسا وألمانيا أكبر نسبة من المسلمين مقارنة مع باقي بلدان الاتحاد الأوروبي. تسعى السلطات الفرنسية لمنع أي انتشار للفكر الإسلامي المتشدد في بلد هزّته سلسلة هجمات جهادية دموية. باتت مسألة التطرف الديني قضية جدلية في ظل تحوّل المشهد السياسي في فرنسا وازدياد شعبية اليمين المتشدد. وأثار التقرير ردود فعل حادة إذ اتّهمت زعيمة اليمين المتشدد مارين لوبن الحكومة بعدم التحرك، قائلة على منصة 'إكس' إنها لطالما اقترحت إجراءات 'للقضاء على الأصولية الإسلامية'. من جانبه، قال رئيس حزبها 'التجمع الوطني' جوردان بارديلا عبر إذاعة 'فرانس إنتر' 'إذا وصلنا إلى السلطة غدا، فسنحظر +الإخوان المسلمين+'. لكن البعض دانوا ما يقولون إنه تزايد رهاب الإسلام في فرنسا. وقال اليساري المتشدد جان لوك ميلانشون على منصة 'إكس' إن 'رهاب الإسلام تجاوز الحد'. واعتبر أن اجتماع 'مجلس الدفاع' الذي ترأسه ماكرون يدعم 'النظريات الوهمية' للوبن ووزير الداخلية الفرنسي المتشدد برونو روتايو. وأشار التقرير الذي حصلت فرانس برس على نسخة منه إلى تفشي الإسلام السياسي 'من الأسفل إلى الأعلى'، مضيفا أن الظاهرة تمثّل 'تهديدا على الأمدين القصير إلى المتوسط'. وأكدت الرئاسة الفرنسية في الوقت ذاته 'نحن متفقون تماما في قولنا إن علينا ألا نعمم في التعامل مع المسلمين'. وأضافت 'نقاتل ضد الإسلام السياسي وتجاوزاته المتطرفة'. وركّز التقرير على دور 'اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا' والذي وصفه بأنه 'الفرع الوطني لـ+الأخوان المسلمين+ في فرنسا'. – 'هدف خفي وتخريبي' – من جانبه، ندد 'اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا' بـ'الاتهامات التي لا أساس لها' وحذّر من الخلط 'الخطير' بين الإسلام والتطرف. وقال 'نرفض بشدة أي اتهامات تحاول ربطنا بمشروع سياسي خارجي'. وأضاف 'حتى الخلط غير المتعمد بين الإسلام والإسلام السياسي والراديكالية ليس خطيرا فحسب، بل يأتي بنتائج عكسية على الجمهورية نفسها'، محذّرا من 'وصم الإسلام والمسلمين'. وتابع أن 'الاتهام الدائم يشكّل العقول ويثير المخاوف وبكل أسف، يساهم في أعمال العنف'، مشيرا إلى حادثة مقتل المالي أبوبكر سيسيه (22 عاما) بطعنه عشرات المرات بينما كان يصلي داخل مسجد في جنوب فرنسا. وذكرت صحيفة 'لوفيغارو' المحافظة التي كانت أول وسيلة إعلامية تنشر مقتطفات من التقرير 'الصادم' الثلاثاء أن جماعة الإخوان المسلمين 'تسعى إلى إدخال الشريعة إلى فرنسا'. لكن التقرير أفاد بأن 'أي وثيقة لم تظهر مؤخرا رغبة المسلمين في فرنسا بتأسيس دولة إسلامية في فرنسا أو تطبيق قوانين الشريعة هناك'، لافتا مع ذلك إلى أن التهديد حقيقي. وقال التقرير 'لا نتعامل مع حالة انفصالية عدائية' بل مع 'هدف خفي.. ولكنه تخريبي للمؤسسات'. واقترح حزب ماكرون منع القاصرات دون الخامسة عشرة من ارتداء الحجاب الذي اعتبر أنه 'يقوّض بشكل خطير المساواة بين الجنسين وحماية الأطفال'. كما يسعى الحزب إلى 'تجريم أولياء الأمور الذين يجبرون بناتهم دون السن القانونية على وضع الحجاب، بتهمة الإكراه'. وعام 2023، منعت فرنسا طالبات المدارس الحكومية من ارتداء العباءة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store