logo
#

أحدث الأخبار مع #البروليتاريا

هل ما زال فن الغرافيك صوتاً للجماهير كما في الزمن الايديولوجي؟
هل ما زال فن الغرافيك صوتاً للجماهير كما في الزمن الايديولوجي؟

Independent عربية

time٢٦-٠٤-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • Independent عربية

هل ما زال فن الغرافيك صوتاً للجماهير كما في الزمن الايديولوجي؟

تأتي هذه الدورة بعد توقف دام نحو عشرين عاماً، إذ نُظّمت آخر دورة لهذا الحدث في عام 2006. وصف الفنان وليد قانوش، رئيس قطاع الفنون التشكيلية، الحدث بأنه انفتاح على تجارب الآخرين، وخطوة مهمة لإثراء خريطة الفعاليات الفنية الدولية في مصر. بينما رأى الفنان وائل عبد الصبور، القوميسير العام للترينالي، أن هذه التظاهرة الفنية تدعو الفنانيين إلى تجاوز الأطر الجامدة، في إشارة إلى قدرة فن الغرافيك - أو ما يُعرف بفن الحفر والطباعة - على اختراق الحدود الجغرافية والإيديولوجية على حد السواء. من الثورة إلى الفن لوحة حفر (خدمة المعرض) لطالما كان فن الغرافيك سلاحاً بصرياً للجماهير، ففي مطلع القرن العشرين، حوّله الفنانون الماركسيون في أوروبا وروسيا إلى وسيلة تعبوية سريعة الانتشار، تصور معاناة العمال وتُحرّض على التغيير. الفنانة الألمانية كاثي كولفيتز جسّدت آلام البروليتاريا بحفرها القاسي، بينما استخدم السوفيات الملصقات، أو ما كان يطلق عليه "الروشتات" لدعم الثورة. الروشتات أو "Rosta Posters" كانت ملصقات دعائية سياسية بسيطة لكنها قوية، صممها فنانون سوفيات في أعقاب الثورة البلشفية (1917) لنشر الأفكار الشيوعية بين الجماهير، خاصةً بين الأميين والطبقات العاملة. اليوم، يعيد الترينالي المصري التذكير بهذه اللغة الثورية، لكن بمفهوم جديد، هو "الحوار الإنساني" عوضاً عن الثورة. شارك في هذه الدورة 232 فناناً من 35 دولة، بينهم مصريون وبولنديون ويابانيون وصينيون وأميركيون، بأعمال تتنقل بين التقنيات الكلاسيكية، كالحفر على الخشب والمعادن إلى التقنيات الرقمية. وفي حفلة توزيع الجوائز، مُنحت 3 جوائز مالية لفنانين من مصر وبولندا وإيطاليا، بالإضافة إلى 10 جوائز تقديرية، وكرّم عدد من فناني الغرافيك المصريين، وهم مجدي قناوي وصلاح المليجي ومجدي عبد العزيز ومدحت نصر وعوض الشيمي وعبد الوهاب عبد المحسن وحمدي أبو المعاطي. مشهد آخر (خدمة المعرض) عرض الترينالي قرابة 350 عملاً، تنوعت بين الحفر البارز مثل أعمال عوض الشيمي التي تستلهم التراث المصري، والطباعة الحريرية كأعمال الفنانة الكورية لي مين جو التي تدمج الرمزية الشرقية بالتقنيات المعاصرة، واليثوغرافيا (طباعة حجرية) كما في مشروع المجري بيلا كوفاكس الذي يعيد تفسير الأساطير المحلية. اللافت أن العديد من الأعمال ركزت على مفاهيم الهجرة والهوية، كعمل الفنان الأوكراني إيفان زورينكو الذي حوّل آثار القنابل إلى طباعات فنية، في إشارة إلى الحرب. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) فن الغرافيك ليس مجرد تقنية قديمة، بل أرشيف بصري للإنسانية، فكما سجل فنانون مثل بوسادا في المكسيك ثورات القرن العشرين، يسجل فنانو الغرافيك المعاصرون تحولات القرن الحادي والعشرين وصراعاته الجديدة. وبينما يغلق هذا المعرض أبوابه بعد شهرين، يظل السؤال مطروحاً: هل يمكن لفن وُلد من رحم الثورات أن يبقى حياً في عصر الإنستغرام؟ . لا شك أن فن الغرافيك يشهد اليوم مرحلة غير مسبوقة من التطور التقني، بحيث أصبحت أدوات مثل الذكاء الاصطناعي والطباعة الرقمية تفتح آفاقاً جديدة للتعبير الفني. فهل يمكن للغرافيك أن يظل صوتاً للشارع وهو يعانق التقنيات الحديثة؟ أم أن ثمة تناقضاً جوهرياً بين تطوره التقني ورسالته الاجتماعية؟ قد تكمن الإجابة في تلك المساحة الرمادية حيث يلتقي الإبداع التقني بالالتزام الاجتماعي، فالفن الأقدر على الصمود هو ذلك الذي يحتفظ بقدرته على إثارة التساؤلات والاشتباك مع الواقع، بغض النظر عن الوسيط الذي يستخدمه.

لينين – حول الخلط بين السياسة والتربية
لينين – حول الخلط بين السياسة والتربية

قاسيون

time٠٧-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • قاسيون

لينين – حول الخلط بين السياسة والتربية

لدينا عددٌ لا بأس به من الاشتراكيين الديمقراطيين الذين يستسلمون للتشاؤم كلما مُنِيَ العمّال بهزيمة في معاركهم الفردية مع الرأسماليين أو مع الحكومة، ويتجاهلون بازدراء أيَّ ذِكرٍ للأهداف العظيمة والنبيلة لحركة الطبقة العاملة، مشيرين إلى ضعف تأثيرنا على الجماهير. يقولون: مَن نحن وأيَّ مساعٍ نبذل لتحقيق هذه الأهداف؟ لا جدوى من الحديث عن دور الاشتراكية الديمقراطية كطليعة الثورة، ونحن لا نعرف حتى حقيقة مزاج الجماهير، ولسنا قادرين على الاندماج معها وتحفيزها! لقد عزَّزت النكسات التي مُني بها الاشتراكيون الديمقراطيون في الأوّل من أيّار الماضي [1905] هذا المزاج بشكل كبير. وبطبيعة الحال، استغلَّ المناشفة، أو الإيسكريون الجدد، هذه الفرصة ليرفعوا من جديد شعار «إلى الجماهير!» - وكأنما بشكلِ نِكاية، وكأنما هو ردٌّ على من فكّروا وتحدّثوا عن الحكومة الثورية المؤقتة، وعن الديكتاتورية الديمقراطية الثورية، إلخ. يجب الاعتراف بأنّه في هذا التشاؤم، وفي الاستنتاجات التي يستخلصها دعاةُ الإيسكرا المتسرّعون منه، توجد سمة خطيرة للغاية قد تسبب ضرراً كبيراً للحركة الاشتراكية الديمقراطية. من المؤكد أن النقد الذاتي ضروري للغاية لكل حزب حيّ وقويّ. لا يوجد شيء أكثر إثارة للاشمئزاز من التفاؤل المتغطرِس. لا يوجد شيء أكثر مبرراً من الحثّ على الاهتمام بالضرورة المستمرة والحتمية لتعميق وتوسيع، وتوسيع وتعميق، تأثيرنا على الجماهير، ودعايتنا وتحريضنا الماركسي الصارم، وارتباطنا الوثيق بالنضال الاقتصادي للطبقة العاملة، إلخ. ومع ذلك، نظراً لأنّ مثل هذا الحثّ مبرَّرٌ في جميع الأوقات، وفي جميع الظروف وفي جميع المواقف، فلا يجب تحويلُه إلى شعارات خاصّة، ولا ينبغي أنْ يبرِّر محاولات بناء اتجاه خاصّ في الديمقراطية الاجتماعية عليه. يوجد خط فاصل هنا؛ إنّ تجاوز الحدود هو تحويلُ هذا الحثّ المشروع بلا منازع إلى تضييق نطاق أهداف الحركة، وإلى عمى عقائدي تجاه المهام السياسية الحيوية والجوهرية في تلك اللحظة. من واجبنا دائماً تكثيف وتوسيع عملنا وتأثيرنا بين الجماهير. الاشتراكي الديمقراطي الذي لا يفعل ذلك ليس اشتراكياً ديمقراطياً. لا يمكن اعتبار أيِّ فرع أو مجموعة أو حلقة منظَّمةً اشتراكية ديمقراطية إذا لم تعملْ لتحقيق هذه الغاية بثباتٍ وانتظام. إلى حدّ كبير، يتمثل هدف فصلنا الصارم كحزب للبروليتاريا متميِّز ومستقلٍ، في حقيقة أنّنا نؤدي دائماً وبلا انحراف هذا العمل الماركسي المتمثل في رفع الطبقة العاملة بأكملها، قدر الإمكان، إلى مستوى الوعي الاشتراكي الديمقراطي، دون السماح لأيّ عواصف سياسية، ناهيك عن التغيّرات السياسية، بأن تحرفنا عن هذه المهمة الملحّة. من دون هذا العمل، سينحط النشاط السياسي حتماً إلى لعبة، لأنه لا يكتسب أهمية حقيقية للبروليتاريا سوى عندما يثير، وبقدرِ ما يثير، جماهيرَ طبقةٍ محدَّدة، ويكسب اهتمامها، ويحرّكها للمشاركة الفعّالة والرئيسية في الأحداث. هذا العمل، كما ذكرنا، ضروريٌّ دائماً. بعد كل نكسة، يجب أن نعيدَ تذكيرَنا به ونُؤكِّدَ عليه، لأنَّ ضعفَ هذا العمل هو دائماً أحدُ أسبابِ هزيمةِ البروليتاريا. وبالمثل، يجبُ أن نُلفتَ الانتباهَ إليه دائماً ونُؤكِّدَ أهميَّته بعد كلِّ انتصار، وإلّا فسيكونُ انتصاراً ظاهرياً فقط، ولن تُؤمَّن ثمارُه، وستتقزَّمُ أهميتُه الحقيقيةُ في النضالِ الكبيرِ من أجلِ هدفِنا الأسمى، بل قد تكونُ ضارّةً (خاصةً إذا أضعفَ نصرٌ جزئيٌّ يقظتَنا، وخفَّفَ من ريبَتِنا تجاهَ حلفائِنا غيرَ الموثوقين، ودفعَنا إلى تفويتِ اللَّحظةِ المناسبةِ لهجومٍ مُجدَّدٍ وأكثرَ قوّةً على العدو). ولكن لأنَّ القيام بتكثيف وتوسيع نفوذنا بين الجماهير ضروريٌّ دائماً، بعد كل انتصار كما بعد كلّ هزيمة، في أوقات الهدوء السياسي كما في أشدّ فترات الثورة عَصْفاً، يجب ألّا نحوِّلَ التركيز على هذا العمل إلى شعارٍ خاصّ أو نبني عليه أيَّ اتجاهٍ خاصّ، إذا كنا لا نرغب في المخاطرة بالانحدار إلى الديماغوجية [الشعبويّة، أو التطرّف بطرح سقوف وشعارات غير واقعية على الجماهير وباسمها - المُعرِّب]، وإهانة أهداف الطبقة المتقدمة والثورية الحقيقية الوحيدة. هناك دائماً وسيظل هناك عنصر تربوي في النشاط السياسي للحزب الاشتراكي الديمقراطي. يجب أن نثقف طبقة العمال بأجر بأكملها لدور المناضلين من أجل تحرير البشرية من كلّ اضطهاد. يجب أن نُعلِّمَ باستمرار المزيد والمزيد من أقسام هذه الطبقة؛ يجب أن نتعلّم كيف نقترب من أكثر أفراد هذه الطبقة تخلُّفاً وأقلِّهم تطوُّراً، أولئك الأقلّ تأثراً بعِلمنا وعِلم الحياة، حتى نتمكَّنَ من التحدُّث إليهم، والتقرُّب منهم، ورفعِهم بثباتٍ وصبر إلى مستوى الوعي الاشتراكي الديمقراطي، دونَ أنْ نجعلَ من عقيدتنا عقيدةً جافّة - أنْ نعلّمهم ليس من الكُتب فقط، بل من خلال المشاركة في النضال اليومي، من أجل وجود هذه الطبقات المتأخِّرة وغير المتطوِّرة من البروليتاريا. هناك، نكرر، عنصرٌ معيَّن من التربية في هذا النشاط اليومي. الاشتراكي الديمقراطي الذي يَغفَلُ عَن هذا النشاط سيتوقّف عن كَونه اشتراكيّاً ديمقراطياً. هذا صحيح. لكن بعضنا غالباً ما ينسى، في هذه الأيام، أنّ الاشتراكي الديمقراطي الذي يختزل مهامَ السياسة إلى التربية سيتوقّفُ أيضاً، وإنْ كان لسببٍ مختلف، عن كونِه اشتراكياً ديمقراطياً. إن كل من يفكر في تحويل هذه «التربية» إلى شعارٍ خاص، ووضعها في مقابل «السياسة»، وبناء اتّجاه خاصّ عليها، ومناشَدة الجماهير تحت هذا الشعار ضدَّ «سياسيِّي» الاشتراكية الديمقراطية، فإنّهُ سوفَ ينحدر على الفور وبشكل لا مفرَّ منه إلى الديماغوجيّة. إنّ المقارنات بغيضةٌ ومُسلَّمٌ بها قديماً. ففي كل مقارنة، يُرسَمُ تشابهٌ فيما يتعلق بجانبٍ واحدٍ فقط أو جوانبَ متعددةٍ من الأشياء أو المفاهيم المُقارَنة، بينما تُجرَّد الجوانب الأخرى بتردّدٍ وتحفُّظ. لنُذكِّر القارئَ بهذه المُسلَّمة الشائعة، وإنْ كانت كثيراً ما يتمّ تجاهُلها، ولنبدأ بمقارنة الحزب الاشتراكي الديمقراطي بمدرسةٍ كبيرةٍ تجمع بين الابتدائية والثانوية والجامعية. إنّ تعليم مبادئ اللّغة الإنكليزية، وتعليم أساسيات المعرفة والتفكير المستقل، لن يُهمل أبداً، تحت أي ظرفٍ من الظروف، في هذه المدرسة الكبيرة. ولكن إذا سعى أحدٌ إلى التذرّع بضرورة تعليم مبادئ اللغة الإنكليزية كذريعةٍ لتجاهل مسائل التعليم العالي، وإذا حاول أحدٌ موازنة النتائج الزائلة والمشكوك فيها و»الضيقة» لهذا التعليم العالي (المتاحة لفئةٍ أصغر بكثير من الذين يتعلّمون مبادئ اللغة الإنكليزية) بالنتائج الدائمة والعميقة والواسعة والراسخة للمدرسة الابتدائية، فسيكون ذلك دليلاً على قصر نظرٍ مُذهل. بل قد يُساهم في تحريف هدف المدرسة الكبرى، إذ بتجاهله التعليم العالي، سيُسهّل على الدجَّالين والديماغوجيّين والرجعيّين تضليلَ الناس الذين لم يتعلّموا سوى الأبجدية. أو لنُشبّه الحزبَ بالجيش. لا نجرؤ على إهمال تدريب المجندين لا في زمن السّلم ولا في زمن الحرب، ولا على إهمال التدريب على الرماية، ولا على نشر أساسيات العلوم العسكرية بأكبر قدر ممكن من الكثافة والشمول بين الجماهير...

الكورد والثورة السورية تحذير من تكرار الخطيئة الإيرانية
الكورد والثورة السورية تحذير من تكرار الخطيئة الإيرانية

شفق نيوز

time٢٦-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • شفق نيوز

الكورد والثورة السورية تحذير من تكرار الخطيئة الإيرانية

في عام 1980، وفي ختام كرّاسي التحليلي (الكورد وثورة الخميني)، دوّنتُ بحروف الغضب والخذلان، عن كيف سُحقت اليد الكوردية الممدودة إلى الجمهورية الإسلامية الوليدة، لا بخطاب فكري، بل بسيفٍ مشرّع باسم الدين. واليوم، بعد أكثر من أربعة عقود، يعود ذات المشهد – لكن على مسرحٍ سوري – بوجوهٍ مختلفة، وشعارات متغيرة، وأدوات شبيهة. يا حكومة أحمد الشرع الانتقالية، ليس من الحكمة أن تقرأوا الثورة الإيرانية كما تُقرأ القصص السياسية العابرة، ولا نموذج حكومة أردوغان الإسلامية العنصرية، بل كما تُقرأ الكوارث التاريخية التي تحوّلت إلى دروس دامغة في كيفية تدمير وحدة الدول من الداخل، حين تستبدل العدالة السياسية بعقيدةٍ مغلقة، والدستور بالفتوى. لقد اعتمد الخميني في بناء دولته الجديدة على الإسلام السياسي الشيعي المؤدلج، فحوّل الثورة الشعبية إلى نظام شمولي ديني، وقام بتأطير الدولة ضمن مفاهيم 'الولي الفقيه' والحاكمية الإلهية، حيث يُلغى التعدد، ويُعاد تعريف المواطن وفق انتمائه المذهبي وولائه للمركز. فهل ما نشهده اليوم من خطاب ديني سلطوي سني، تسعى حكومة الشرع لتثبيته، هو إلا انعكاس معكوس لنفس التجربة الإيرانية؟ نفس الأدوات، نفس الأهداف، ونفس الكارثة المحتومة. فرانز فانون، في نقده العميق لما بعد الاستعمار، حذّر من لحظة يتحول فيها التحرر الوطني إلى أداة للهيمنة الداخلية قائلاً: "تتحوّل الثورة إلى قناع آخر للسلطة، حين يحتكرها طيف واحد، ويُقصى الآخرون باسم الانتماء الصحيح." وهذا بالضبط ما حدث في طهران، وما يخشى أن يتكرر في دمشق الجديدة: الاحتكام إلى شرعية دينية ضيقة، لتبرير الهيمنة، وإقصاء الكورد، والعلويين، والدروز، والمكونات السورية الأخرى، بزعم حماية وحدة البلاد. لكن، أية وحدة هذه التي تُبنى على أنقاض التنوع؟ وأي وطن يُبنى على مبدأ أن الشعب الكوردي مجرد قضية أمنية، لا قومية ذات حقوق تاريخية؟ الدكتور عبد الرحمن قاسملو قالها بوضوح في وجه الخميني: "لسنا أقلية دينية نبحث عن فتوى، بل شعب يبحث عن اعتراف." ولعلها نفس الرسالة التي يوجهها الكورد في سوريا اليوم. إن الشعب الكوردي في سوريا ليس طارئًا ولا مستوردًا، بل هو الورقة التي كُتبت بها جغرافية هذا الوطن قبل أن تُرسم خرائطه. وإنكاره، كما أنكره الخميني، لن يؤدي إلى استقرار، بل إلى ذاكرة جريحة، ومقاومة دائمة. فيا حكومة أحمد الشرع، إن أردتم إنقاذ سوريا من مآل إيران، فلا تكرروا خطيئتها الكبرى. لا تجعلوا من الإسلام السياسي أداة للهيمنة القومية، ولا تحكموا بأدوات الفقه ما يتطلب أدوات العدالة الدستورية. فالدولة لا تُبنى على التفسير الواحد للدين، بل على التوافق الإنساني العادل بين الشعوب والمكونات. المصالحة الوطنية لن تتحقق إلا بإقرار الحق الكوردي الكامل، لا على الورق، بل في نص الدستور، على الأرض، في توزيع السلطات، في اللغة، في التعليم، في الثقافة، وفي الرموز. قال لينين ذات يوم، وهو يحاول إنقاذ الثورة البلشفية من السقوط في شِباك القومية الروسية: "ما من شيء يعيق تضامن البروليتاريا كظلم القوميات الصغيرة، حتى لو كان باسم الثورة." وكما قال عمر بن الخطاب، في واحدة من أعدل مواقف التاريخ: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟" فإن الكورد، وسائر شعوب سوريا، لم تلدهم أمهاتهم رعايا في دولة مركزية طائفية، بل أحرارًا، على أرضهم، بلغاتهم، بتاريخهم وثقافتهم. وقال نلسون مانديلا، من على ركام السجون ونضال الكرامة: "الحرية لا تُجزأ، وحين يُسلب أحد حقه، يُهدَّد حق الجميع." فيا حكومة دمشق الجديدة، إذا كنتم تتحدثون عن ثورة، فاعلموا أن الثورة الحقيقية تبدأ بالاعتراف بمن لم يكن يُعترف به. وإن كنتم تزعمون تمثيل سوريا الجديدة، فأبدأوا بإعادة الحقوق إلى أصحابها، وأوقفوا المجازر… لا بناء وطن على أنقاض وجعهم. من موقع المثقف الكوردي، الذي لم يحمل السلاح، لكنه حمل الكلمة كجمر في كفه، أقول لكم بصوت الذاكرة والمستقبل: أوقفوا المجازر التي تجري باسمكم أو بصمتكم في الساحل السوري، وفي المناطق التي تطأها أحذية التنظيمات المتطرفة الإرهابية الغارقة في الإجرام، لا يمكن لمن يريد إسقاط نظام الاستبداد أن يصمت عن مجازر طائفية، أو يبارك سحق الأقليات، مثلما يجري اليوم بحق الأقلية العلوية وبأبشع صورها، أو يهادن القتلة لأنهم يقفون في خندق سياسي واحد. بيّنوا موقفكم – بوضوح لا لبس فيه – من أدوات الاحتلال التركي، من الجماعات التي تهاجم قوات سوريا الديمقراطية عند سد تشرين، وتستهدف المدنيين في كوباني، وتسرق عفرين من خريطة الانتماء السوري. أوقفوا العبث بمصير الكورد في سري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض). أعيدوا المهجّرين إلى بيوتهم، قبل أن تتحدثوا عن عودة اللاجئين، أعيدوا المدن إلى أهلها، قبل أن تُطالبوا بكرامة الوطن. وتحرروا من الإملاءات التركية، التي جعلت من معركتكم الوطنية ذراعًا في مشروع أمني إقليمي. من يحكم بوصلة قراره من أنقرة، لن يكتب مستقبلًا حرًا لدمشق. ولا تكرّروا ما فعله الخميني باسم الدين، أو ما فعله الشاه باسم القومية. فمن يظن أن بإمكانه بناء سوريا القادمة دون الكورد، لا يفهم معنى سوريا، ولا يعرف شيئًا عن تاريخها، ولا يمتلك الشرعية الأخلاقية لبنائها. وإياكم أن تراهنوا على الزمن لنسيان المأساة، الدم لا ينسى، والأرض تعرف أبناءها، والشعوب التي تُقمع اليوم، تكتب في سرّها خريطة المستقبل. فإما أن تبنوا سوريا بالتعدد والعدالة، بنظام فيدرالي لا مركزي، وإما أن تكتشفوا بعد فوات الأوان… أنكم لم تبنوا إلا نسخة أخرى من الاستبداد، بقبعة معارضة.

قيام الدولة: بالإرغام أو بالغلبة؟
قيام الدولة: بالإرغام أو بالغلبة؟

العرب اليوم

time١٩-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • العرب اليوم

قيام الدولة: بالإرغام أو بالغلبة؟

استقرّ الرأي في الأنظمة الحديثة والمعاصرة على أنّ الدولة هي التي يكون من حقّها ممارسة العنف بمفردها. والسلطة في ممارساتها الشاملة تكون محايدة. أمّا في الواقع فقد سادت أنظمة غلبة، تارةً باسم الأقلّية وطوراً باسم الأكثريّة. وتتصاعد اليوم صرخات 'المكوِّنات' الطائفية والإثنيّة والجهويّة، وهي تشكو من الغلبة والتمييز. وهي مشكلة سورية والعراق واليمن والسودان. فكيف الخروج من الاضطراب بعد فشل الأنظمة الشمولية وأنظمة الأقلّيات والميليشيات؟ هذه هي محنة دول المشرق العربي واليمن والسودان. مقولة الإرغام أو احتكار العنف وأنّ ذلك من حقّ الدولة أو السلطة الشرعيّة، هي مقولة السوسيولوجيّ الألماني الكبير ماكس فيبر (1864-1920). يقول مفكّرو نقد الخطاب الاستعماري اليوم إنّ احتكار العنف هو شأن الدولة الحديثة، سواء اتّبعت الآليّات الديمقراطية أو لم تتبعها. وأصل الفكرة يعود لتوماس هوبز (1588-1697) صاحب كتاب 'الليفياثان' الذي قال بسوء الطبيعة البشرية وإنّ الإنسان لا يكتفي بحاجاته الأساسية، ويميل على الدوام إلى تكبير حصّته بالقوّة فيتصدّع المجتمع وينهار بسبب حرب الجميع على الجميع. لذلك صيغة 'العقد الاجتماعي' عنده تكون بتسليم الجميع لسلطةٍ واحدةٍ هي الملك أو الدولة التي تحتكر العنف وتملك حقّ الإرغام، وتستطيع ممارسة القوّة ضدّ الجميع عندما يخرجون جميعاً أو تخرج فئات منهم على مقتضى العقد (= الخضوع للسلطة شبه المطلقة). ولذلك في الصيغة الأصلية لا تعني العدالة الإنصاف ومراعاة الحقوق بل أن تكون السلطة شموليّةً ليس فيها تمييز في استخدام القوّة عندما يكون ذلك ضروريّاً. وقد تعرّضت هذه الرؤية لنقدٍ كثيرٍ، لكنْ ما تشكّك أحدٌ في أصلها، وهو أنّ العنف يقع في أصل الدولة وينبغي أن يكون من حقّ جهةٍ واحدةٍ وإلّا صارت الحروب الأهليّة هي الحالة السائدة. في المرحلة الجديدة هناك دائماً اندفاعٌ نحو نظامٍ للغلبة من أقلّية أو أكثريّة. وفي الحالتين ما عاد الاستقرار ممكناً أو مضموناً لنذكر هنا النقد الماركسيّ فقط. فالماركسيون لا ينكرون الطبيعة العنيفة للدولة، لكنّهم ينكرون أن تتحقّق القاعدة القائلة: ظلمٌ بالسويّة عدلٌ في الرعيّة. فالذي يحدث دائماً أن تغلب فئةٌ على فئة وتحكم باسم مصالحها، ولذلك حتّى عند الوصول إلى مرحلة سيطرة البروليتاريا يسمّونها: ديكتاتورية البروليتاريا على الفئات الأخرى. للخروج من العنف كيف يمكن الخروج من هذا العنف اللاإنساني، سواء أكان ماديّاً أو معنويّاً؟ جون لوك (1632-1704) بل كلّ الآخرين قالوا بسلطة الإرادة العامّة التي تظهر من خلال الاقتراع العامّ أو الانتخابات. فالأكثريّة التي تأتي بها الانتخابات هي التي تحكم أو تملك ولو مؤقّتاً سلطة استخدام العنف، واستجدّت على ذلك آليّات حفظ الحقوق الأساسية للأقلّيات استناداً إلى فكرة المواطنة. يفترض أن تكون الأكثرية سياسية، لكنّ الواقع أنّها كانت في غالب الأحيان دينية أو إثنية أو جهويّة وإن لم يبدُ ذلك بوضوحٍ قصداً. وهكذا قد يصبح حقّ الدولة في استخدام العنف نوعاً من الغلبة لفئةٍ على سائر الفئات. وبالكفاءة المتطوّرة في الهندسات الاجتماعية والتدخّلات الخارجية تصبح الفئة المسيطرة بالانتخابات أو بدونها، هي 'الأقليّة المنظّمة' بالمعاني الدينية أو الاقتصادية أو السياسية. لماذا هذه الفذلكة الطويلة في أصل الدولة ووظائفها الاجتماعية والسياسية؟ الدولة لأنّ المسألة الآن صارت عالمية. كنّا نظنّها قاصرةً على الدول الجديدة في آسيا وإفريقيا، التي تسود فيها غالباً الجيوش باعتبارها 'أقلّيات منظّمة'. لكن مع عودة الدين وتفاقم الوعي بالخصوصيات عادت الأقلّيات المنظّمة سائدةً في كلّ مكان. لقد سقطت الإمبراطوريّات، ثمّ سقطت الدول القومية، والدول (الديمقراطية) المتقدّمة والأخرى الوطنية معرّضة للتهديد الشديد في بناها الداخلية المتنافرة. أنظمة 'الأقلّيّات المنظّمة' بعد الحرب العالمية الثانية أُدخلت ضمانات كثيرة على نظام الدولة تعود لحقوق الإنسان ولمنع تعدّي القوى الكبرى على الصغرى. لكنّ الضمانات للجهتين داخَلها الاختلال الشديد في الحرب الباردة والزمن الحالي. ويتّجه العالم اليوم، باستثناءات قليلة، نحو أنظمة 'الأقلّيات المنظّمة' مع مراعاة الشكليّات الديمقراطية أو بدون مراعاتها. استقرّ الرأي في الأنظمة الحديثة والمعاصرة على أنّ الدولة هي التي يكون من حقّها ممارسة العنف بمفردها فلنعُد مرّةً أخرى لتعليل أسباب الحديث عن نظام الدولة الآن. علّة ذلك الشكاوى المتصاعدة في بلداننا من سيطرة الأقلّيات تارةً، وتارةً أُخرى من سيطرة الأكثريّات (!). ويحدث هذا في سورية والعراق ولبنان والسودان واليمن… والشكاوى ليست جديدة، بل تعود للخمسينيات والستّينيات من القرن الماضي، لكنّها تفاقمت في العقود الأخيرة. أخيراً، أثارها بقوّةٍ سقوط نظام آل الأسد بعد سيطرة أربعةٍ وخمسين عاماً (في جمهورية يرث فيها الابن الأب!)، وكانت سيطرةً للأقلّية العلويّة بغطاءٍ أيديولوجيّ شفّاف بعثي – قومي. ومنذ الوهلة الأولى جرى اعتبار الحركة التي استولت على دمشق سنّية، وهي طائفة الأكثريّة، وقد حضرت بعد طول غياب. وعلى الفور تصاعد تذمّر العلويين الذين فقدوا السلطة أو بعضهم، والأكراد، والدروز، والحجّة الاستئثار بالسلطة، وهم يريدون أمرين متناقضين: حقوق المساواة بالمواطنة، والتمايز في ما يشبه الحكم الذاتي. لبننة النّظام العراقيّ لا تكفي المواطنة، فلا بدّ من الأمرين والتمايز أهمّ! وحدث الأمر نفسه من قبل في العراق حيث حلّت الأكثرية الشيعية محلّ البعثيّة السنّية. وزاد الأمر تفاقماً التدخّل الإيراني الذي أحلَّ فوضى تعدّدية في كيانٍ تسرح فيه الحركات المسلّحة الشيعية والسنّية وتمرح على الرغم من وجود الجيش والأمن والسيادة المدّعاة في كيانٍ مستقلٍّ علناً! صنع الأميركيون الغزاة النظامَ العراقي على شاكلة النظام اللبناني الذي أرساه الفرنسيون. لكنّ النظام اللبناني، نظام التقسيم الطائفي، ما كان يستحقّ التقليد. فهو نظامٌ مضطربٌ دائماً، وتتحكّم فيه في كلّ حقبة إحدى أقلّياته. في حقبة العقدين ونصف العقد الأخيرة تحكّمت الطائفة الشيعية بواسطة ميليشيا مسلّحة تعمل حسب الاستراتيجية الإيرانية. وقد انكسرت أخيراً أمام إسرائيل، فعاد شيء من التوازُن وجرى الاصطلاح دولياً ولبنانياً على أن يكون رئيس الجمهورية هو الأبرز في ترتيبات النظام. بعد الحرب العالمية الثانية أُدخلت ضمانات كثيرة على نظام الدولة تعود لحقوق الإنسان ولمنع تعدّي القوى الكبرى على الصغرى لكنّ دستور الطائف يضع السلطة بيد مجلس الوزراء، وهو منصبٌ للسنّة. ولذلك يشعر الشيعة بالصدمة بسبب الهزيمة ويميلون للمناطحة بالداخل، وعاد السنّة يشعرون بالقهر، وما استقرّ نظام الغلبة بعد، لأنّ المشكلات المتراكمة ما سمحت للنظام بالاستقرار. الاندفاع نحو نظام الغلبة في المرحلة الجديدة هناك دائماً اندفاعٌ نحو نظامٍ للغلبة من أقلّية أو أكثريّة. وفي الحالتين ما عاد الاستقرار ممكناً أو مضموناً، لأنّ الوضع العالمي الصراعيّ لا يسمح بذلك. الأكثريّة السورية تجرّب بعد طول غياب. والأكثريّة العراقية الغالبة لا تُقنع حتى المشاركين فيها. والتوازن اللبناني هشٌّ لمخالفات الممارسة للدستور، وللإحساسات المتناقضة لدى الفئات المختلفة التي تعبت من الحروب ومن سوء العيش، لكنّها ما تعبت من المناكفة. في السودان يتصارع الجيش مع ميليشيا سبق له هو أن أوجدها. ودول الجوار تتربّص بوحدة السودان بعد فصل جنوبه عن شماله في دولةٍ غير مستقرّةٍ أيضاً! وفي اليمن انقسمت الدولة إلى دولتين، إحداهما تحاول أن تكون مذهبية وراثية(!)، وهي تعتمد في ممارستها للعنف على الدعم الإيراني. إنّ دول الاضطراب العربي يزيد عدد سكّانها على مئة مليون، وهم يعانون من القتل والتهجير والوقوع على حافة المجاعة. وتريد أميركا أن تقرّر كلّ شيء لديهم للضعف المسيطر نتيجة صراعات 'المكوِّنات'. إقرأ أيضاً: سوريا: تحدّيات الاستقرار والوحدة فهل تكون العلّة في تعدّد الجهات التي تمارس العنف، أو لأنّ الأقلّيات اكتسبت وعياً جديداً بسبب ضعف السلطة المركزية؟ وكيف يكون المخرج من الاضطراب في المرحلة الجديدة، مرحلة ما بعد الدولة القومية؟ هل تكون الفدراليّات بعدما فشلت الصرامة الاندماجيّة والميليشيات الطائفية؟

الحتمية التاريخية للماركسية وللمذهب الشيعي …الى اين وصلت!
الحتمية التاريخية للماركسية وللمذهب الشيعي …الى اين وصلت!

موقع كتابات

time٠٤-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • موقع كتابات

الحتمية التاريخية للماركسية وللمذهب الشيعي …الى اين وصلت!

'من لا يتعلم من التاريخ محكوم عليه بتكرار أخطائه.' جورج سانتايانا 'التاريخ يعيد نفسه مرتين: مرة كمأساة، ومرة كمهزلة.' ماركس 'الشيعة هم أهل الحق، وأن هذا الحق سيظهر في آخر الزمان.' 'اللحظات العظيمة من التاريخ لا تظهر إلا قليلاً، ومن لا يعرف كيف يقتنصها سيكون مجرد ذكرى في تاريخ العالم.' لينين 1—الحتمية التاريخية للماركسية 2—الحتمية التاريخية للفكر الشيعي 3– التأثيرات الإيجابية والسلبية للحتميات التاريخية على البشر (1) تُعدُّ الحتمية التاريخية من المفاهيم الأساسية في الفكر الماركسي، حيث يرتكز عليها تحليل ماركس لتطور المجتمعات البشرية. وفقًا لهذا المفهوم، يعتبر ماركس أن التاريخ يتحرك وفق قوانين موضوعية تعكس تطور القوى الاقتصادية وعلاقات الإنتاج، وأنه لا بد من حدوث تحولات جذرية في شكل المجتمعات من خلال مراحل متعاقبة. يعتقد ماركس أن المجتمع يمر بشكل حتمي من العبودية، إلى الإقطاعية، ثم إلى الرأسمالية، وصولاً إلى الاشتراكية، وأخيرًا الشيوعية. ووفقًا لهذا الرأي، فان النضال الثوري هو وسيلة ضرورية للتسريع من حدوث هذه التحولات، ولكنه أيضًا مكتوب أو محدد ضمن قوانين تاريخية لا يمكن تغييرها. الماركسية تنظر إلى الصراع الطبقي بين البروليتاريا (العمال) والبرجوازية (رؤوس الأموال) كقوة دافعة رئيسية نحو التغيير التاريخي. حيث ستسقط الرأسمالية في النهاية، ويحل محلها النظام الاشتراكي، الذي بدوره سيتطور إلى الشيوعية. وما حدث هو نهاية الأنظمة الشيوعية وبقاء الراسمالية مسيطرة الى الحد الذي اعتقد فيه فوكوياما بان ذلك نهاية التاريخ! مع تحول كبير في فكر النظام الشيوعي الصيني باتجاه أفكار السوق الحرة والاستثمارات جنبا الى جنب مع النموذج الاشتراكي في سيطرة الدولة على وسائل الإنتاج! ومازالت ملكية الدولة تتوسع في الراسمالية العالمية! راجع موضوعي في سلسة: مكسيم العراقي – بزوغ عصر الراسمالية الحكومية في العالم… اين نظام الفساد والتخريب العراقي منها؟-1 لكن هذه الحتمية التاريخية في الفكر الماركسي قد أسهمت في تجميد أو حتى تقليص النضال الثوري في بعض الأوقات. حيث اعتقد العديد من الماركسيين أن التغيير الثوري سيحدث بالضرورة، وأنه ليس بالضرورة أن يكون العمل الثوري اليومي أو الفوري هو الوسيلة الوحيدة لتحقيقه. وبذلك، غابت الاستراتيجيات الثورية النشطة في العديد من اللحظات التاريخية، حيث كانت الحركات الثورية تعتقد أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية ستحدث بشكل طبيعي مع مرور الزمن. على سبيل المثال، في بعض الأحيان كان الثوار يعتقدون أن الطبقات العاملة ستكتسب الوعي الثوري في وقت ما من خلال التجربة والاضطهاد الطبقي، وبالتالي لن يكون هناك حاجة إلى التنظيم الثوري الفعال أو التحركات الثورية السريعة. تم تقليص أهمية العمل الثوري الفوري لصالح الانتظار لمراحل تاريخية محددة، مثل أن الرأسمالية ستسقط تدريجيًا بفعل تطورات اقتصادية ونضوج طبقات معينة. أحد أبرز الأمثلة على تأثير هذه الفكرة كان في العديد من الحركات الاشتراكية في القرن العشرين، حيث حاول العديد من الأحزاب الماركسية تطبيق المبادئ الماركسية بشكل مقيد وصارم وغير انساني, بسبب التوقعات التي كانت تشير إلى الانتقال الحتمي من الرأسمالية إلى الاشتراكية. هذا النهج التاريخي المحدد أحيانًا أدى إلى تأجيل الثورة أو التراخي في مواجهة الأنظمة الرأسمالية والاستبدادية التي كانت في بعض الأحيان بحاجة إلى نضال ثوري حقيقي او الى تطبيقات اشتراكية قاسية لاداعي لها! أيضًا، كان هناك ميل لبعض الماركسيين، مثل لينين في مراحل معينة، إلى التقليل من أهمية العمل الثوري المستمر والتركيز على فكرة أن التحولات الاجتماعية ستكون نتيجة حتمية للنضال الطبقي. هذا التوجه قد جعلهم في بعض الأحيان يقيمون التغيير الثوري على أنه أمر سيحدث في لحظة معينة وليس كعملية مستمرة تحتاج إلى تنظيم دائم وإرادة سياسية فاعلة. وادت الحتمية التاريخية ربما بستالين الى رفض فكرة الثورة الدائمة لتروتسكي والتصادم معه وفي النهاية وقتله! إضافة إلى ذلك، كان لبعض التفسيرات الماركسية المتشددة تأثير في تجميد النضال الثوري، إذ اعتبرت أن أي محاولة لتغيير الواقع الاجتماعي قبل تحقق الظروف الموضوعية (مثل نضج الطبقات العاملة أو تدهور الرأسمالية) هو مخالفة للواقع المادي وانتهازية. هذا النوع من التفكير قد يُحدِث شعورًا بالعجز أو الجمود بين الثوار، إذ يعتقدون أن الثورة لا بد أن تحدث في وقت معين لا يمكن التسرع فيه. وبناءً على ذلك، يُظهر التيار الماركسي كيف أن التفسير الحتمي للتاريخ قد يؤثر في توقيت الثورة وطبيعة النضال الثوري. النضال الذي كان من المفترض أن يكون مستمرًا ويوميًا قد تحول إلى انتظار للحظة الحتمية التي يأتي فيها التغيير، مما أدى إلى تجميد النضال الثوري في فترات معينة من التاريخ. (2) يعتبر ظهور الامام المهدي هو حتمية تاريخية في المفاهيم الأساسية للفكر الشيعي، حيث تقوم على الاعتقاد الراسخ بوجود الإمام المهدي المنتظر الذي سيظهر في المستقبل ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت ظلمًا وجورًا. وفقًا لهذا المفهوم، يعتقد رجال دين الشيعة أن الإمام المهدي هو الإمام الثاني عشر من نسل الإمام علي بن أبي طالب، وهو غائب عن الأنظار منذ القرن التاسع، وسوف يظهر في الوقت المقدر ليقود الأمة الإسلامية نحو العدل والمساواة. هذه الفكرة تحمل في طياتها تصورًا حتميًا للمستقبل، وان ظهور المهدي هو حدث تاريخي حتمي لن يتأخر أبدًا، وأنه سينقلب من خلاله الوضع العالمي ليعم السلام. وعلى الرغم من طول الخراب والتدهور وسفك الدماء والاحتلالات فان المهدي لم يظهر وتم استخدامه من قبل البعض من اجل السلطة وتدمير المسلمين وخدمة اعدائهم! لكن الحتمية الشيعية بظهور المهدي قد أثرت بشكل كبير على النضال الاجتماعي والسياسي في العالم الشيعي. فهذه العقيدة تزرع في النفوس فكرة أن العدالة الإلهية ستتحقق في النهاية دون الحاجة إلى مبادرة سياسية من البشر. من هنا، نشأت فكرة الانتظار، التي تعتبر أن العمل الثوري أو السياسي ليس ضروريًا طالما أن الإمام المهدي سيظهر في وقت محدد ليقلب الأمور ويقضي على الظلم. في بعض الأحيان، كانت هذه الحتمية الشيعية بمثابة تجميد للجهود الثورية أو التقليل من أهمية النضال المستمر. إذ أن جزءًا من الفكر الشيعي يرى أن الظلم والفقر والمعاناة التي يعيشها المسلمون هي جزء من الاختبار الإلهي الذي سيستمر حتى يخرج المهدي، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يغير الوضع الحالي بشكل جذري قبل ظهوره. هذا التفكير دفع بعض الأفراد والجماعات الشيعية إلى الانتظار السلبي بدلًا من التحرك الفوري لتغيير الواقع. من جانب آخر، تساهم فكرة الانتظار للمهدي في تعميق العجز السياسي لدى بعض الفئات، حيث يُنظر إلى الظروف السياسية السيئة على أنها جزء من الواقع الإلهي الذي ينبغي على المؤمنين تحمله إلى حين ظهور المهدي. وبالتالي، يعتبر البعض أن الاحتجاج أو النضال السياسي يتعارض مع إرادة الله، بما أن ظهور المهدي هو الحتمية التي ستغير الأوضاع. وقد وصل المهدويون الاطاريون للسلطة في الأرض وافسدوا وارهبوا ايما فساد وإرهاب من اجل التعجيل بظهور الامام المهدي! في إيران، كان لهذه الفكرة تأثير بارز على الثورة الإسلامية، حيث تزامنت الدعوات لتحقيق الدولة الإسلامية مع التركيز على إعادة ظهور المهدي. رغم أن الخميني قد أرسى مفهوم ولاية الفقيه ليحل محل قيادة الإمام الغائب، إلا أن بعض الفئات الشيعية كانت ترى في ولاية الفقيه محاولة للتدخل في مجال مخصص للإمام المهدي، وهو ما أدى إلى جدل فكري هناك. هذه الحتمية الشيعية التي تركز على ظهور المهدي المنتظر قد أسهمت في تقليل الإحساس بالحاجة إلى الإصلاحات الفورية في بعض المجتمعات الشيعية، حيث إن الفكرة السائدة هي أن التغيير الحقيقي لن يأتي إلا من القيادة الإلهية المتمثلة في الإمام المهدي. وفي هذا السياق، يكون هذا التأجيل الفكري والاعتماد على فكرة الحتمية سببًا في إعاقة النضال الثوري في الفترات التي كان فيها العالم الشيعي او في البلدان المختلطة في أمس الحاجة إلى تحرك اجتماعي أو سياسي. وتتحمل تلك الفكرة مسوولية كل الخراب والدمار والبوس والقتل والنهب والاثراء في ايران لنائب الامام المنتظر الولي الفقيه, ودول المحور تحت ذلك الشعار! التأثيرات الإيجابية: 1. تفسير التاريخ: تساعد الحتميات التاريخية في تفسير تطور المجتمعات والتاريخ بشكل منظم، مما يعطي للأفراد والمجتمعات شعورًا بأن هناك هدفًا أو غاية معينة للتطور البشري. على سبيل المثال، نظرية الماركسية تقدم تفسيرًا مفصلًا للصراع الطبقي والتطور الاجتماعي. 2. الأمل والتحفيز: في بعض الأحيان، تعتبر الحتمية التاريخية مصدرًا للأمل والتحفيز، حيث توفر للمجتمعات فكرة أن العدالة أو التحرر قادمان في المستقبل، مثل الحتمية الشيعية بظهور المهدي أو الإيمان بالوصول الى الاشتراكية. 3. الاستمرارية والتطور: من خلال الحتميات التاريخية، يشعر البشر بأن هناك تطورًا مستمرًا للإنسانية نحو الأفضل وان كان الواقع يشير الى انهم يسيرون نحو الفناء! 4. توجيه الثورات والشعوب نحو أهداف مشتركة: الحتميات التاريخية مثل الحتمية الماركسية كانت تعمل على توجيه الحركات الثورية نحو التغيير الجذري، مع تأكيد أنها تسير في اتجاه معين في نهاية المطاف، مما يساهم في جمع الشعوب حول فكرة النضال المشترك. التأثيرات السلبية: 1. التراخي والانتظار: ادت الحتمية التاريخية أحيانا إلى الانتظار السلبي وعدم التحرك الفوري لتغيير الواقع. في الفكر الشيعي مثلًا، الاعتقاد بأن الإمام المهدي سيظهر في وقت ما أدى إلى تأجيل العمل الاجتماعي والسياسي الفوري. او الى ظهور نظام قمعي دموي فاسد مثل نظام ولاية الفقيه! 2. فقدان المبادرة الشخصية: عند الإيمان بحتمية تطور التاريخ، قد يفقد الأفراد أو الجماعات قدرتهم على اتخاذ قرارات نشطة وفعلية، مما يؤدي إلى الركود الاجتماعي والسياسي. يمكن أن يُنظر إلى التغيرات الجذرية كأمر لا مفر منه في المستقبل، وبالتالي لا يستحق بذل جهد اكبر لتحقيقها في الحاضر. 3. توجيه المجتمعات نحو اللاعقلانية أو التطرف: في بعض الأحيان، ساهمت الحتمية في التفكير بأن الوصول إلى النهاية المأمولة يتطلب تضحية أو تدمير الواقع الحالي بالقوة، كما حدث في الأنظمة السياسية المتطرفة مثل الفاشية أو الشيوعية. 4. التبرير للظلم والاستبداد: بعض الحتميات التاريخية اُستخدمت كأداة لتبرير الظلم أو الاستبداد كما حصل مع الأنظمة الشيوعية السابقة او نظام الملالي! 5. الركود الفكري والجمود: عندما تُعتبر التغيرات المستقبلية حتمية، قد يؤدي ذلك إلى جمود فكري، حيث يتم رفض التفكير النقدي أو التغيير الفوري لأن الجميع يعتقد أن المستقبل سينتج بشكل طبيعي باتجاه واحد وشكل واحد لافكاك منه! بعض الحتميات التاريخية قد تكون مضللة، خاصة عندما تُستخدم لتبرير الظلم أو الاستبداد. مثل الحتمية الفاشية أو القومية التي كانت تُستخدم لتبرير القمع والسيطرة على شعوب أخرى. أيضًا، فكرة الحتمية التاريخية في الماركسية قد تكون مبالغ فيها، مثل تصور أن الرأسمالية ستسقط حتمًا دون النظر إلى تعقيدات الواقع الاجتماعي والسياسي ناهيك عن التصور بعدم قدرتها على تجديد وتطوير نفسها! ان بعض الحتميات قد تكون حقيقية جزئيًا، خاصة عندما تتعلق بمسائل طبيعية أو بيولوجية، مثل نظرية داروين التي تفسر التطور البيولوجي عبر الانتقاء الطبيعي. هذه الحتمية تتعلق بقوانين الطبيعة التي لا يمكن تجاهلها. الحتمية الاقتصادية في الماركسية قد تكون صحيحة في بعض جوانبها، مثل الصراع الطبقي وتأثيره على النظام الاجتماعي، لكنها قد تفتقر إلى القدرة على التنبؤ بتوقيت أو كيفية حدوث الثورات او اتجاهات تطور الراسمالية وقدرتها على البقاء والتطور.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store