أحدث الأخبار مع #البيروقراطية


البيان
منذ 12 ساعات
- أعمال
- البيان
40 % من شركات الدوائيات الألمانية تعاني نقص الطلبيات
وأوضح الاتحاد أن هذا يعني أن القطاع قد أوقف الانحدار الحاد الذي سجله خلال السنوات الماضية، وذكر أن الشركات لا تتوقع حدوث انتعاش قبل حلول العام المقبل. وقال رئيس الاتحاد، ماركوس شتايليمان: "لا يلوح تحول في الاتجاه بالنسبة لقطاعنا في عام 2025"، وأضاف أن نحو 40% من الشركات الأعضاء تعاني حاليًا من نقص في الطلبيات. ورغم ذلك، تحدث شتايليمان عن دعم الحكومة للقطاع مشيرًا إلى أن هناك تحولًا في التفكير في برلين وبروكسل، وقال: "القدرة التنافسية، والمرونة، وتخفيف البيروقراطية عادت إلى قمة الأجندة السياسية". وأضاف أن الحكومة الألمانية الجديدة اتخذت بالفعل خطوات أولى مهمة، وأردف:" يبدو أن ألمانيا وأوروبا قد بدأتا أخيرًا فى ذلك وطالب، على سبيل المثال، بوضع سعر خاص للكهرباء الصناعية، وتقليص البيروقراطية التي تكلف الاقتصاد الألماني، بحسب نحو 146 مليار يورو سنويًا وفق تقديرات معهد إيفو للأبحاث الاقتصادية. وفي النصف الأول من العام، استفاد ثالث أكبر قطاع صناعي في ألمانيا بعد قطاع صناعة السيارات وقطاع الهندسة الميكانيكية، مجددًا من الأعمال القوية في قطاع الأدوية، حيث زاد الإنتاج هناك بنسبة 2%، بينما تراجع الإنتاج في قطاع الكيماويات بنسبة 3% بسبب ضعف التشغيل. وظل إجمالي أعداد العاملين في القطاع مستقرا عند نحو 480 ألف عامل في ألمانيا، رغم قيام شركات كبرى مثل باسف بإيقاف بعض منشآتها. وكان القطاع سجل في الربع الأول من العام الحالي زيادات ملحوظة في الإيرادات والإنتاج، ويرجع ذلك جزئيا إلى سعي الزبائن إلى تقديم طلباتهم تحسبًا لفرض رسوم جمركية أمريكية على الأدوية. وأكد اتحاد (في سي آي) توقعاته لهذا العام، مشيرًا إلى أن الإنتاج سيبقى دون تغيير، بينما من المتوقع أن تنخفض الإيرادات بنسبة طفيفة تبلغ 1%. وأشار شتايليمان إلى أن النزاع الجمركي مع الولايات المتحدة لا يزال يشكل عبئًا، وقال: " سياسةالرئيس الأمريكي دونالد ترامب تُربك الاقتصاد العالمي بشكل متزايد وهو ما يؤثر علينا أيضًا". وتعاني صناعة الكيماويات، وهي صناعة كثيفة الاستهلاك للطاقة، منذ فترة من ارتفاع أسعار الطاقة والركود الاقتصادي. ففي النصف الأول من العام، كان إنتاج الكيماويات أقل بنسبة 20% تقريبًا مقارنة بعام 2018، الذي سبق الأزمة. وأعلنت شركات كبرى مثل باسف وإيفونيك بالفعل عن برامج تقشف ضخمة تشمل تقليص الوظائف،. ومؤخرًا، خفضت كل من باسف وشركة كوفيسترو للبلاستيك توقعاتهما للأداء التجاري.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- سياسة
- الجزيرة
فشل انقلاب تركيا الأخير ونهاية عهد الدولة المسروقة
مرّت تسع سنوات على آخر انقلاب شهده تاريخ تركيا الحديث؛ ذلك الانقلاب الذي مهّد السبيل لثورة تجلّت في 16 يوليو/ تموز 2016، حين أكد الشعب التركي حضوره كأمّة تملك دولة، بعد أن كان حتى اليوم حتى اليوم السابق لتلك المحاولة الانقلابية مجرد شعب ومجتمع تمسك الدولة بزمامه، ولمّا يكتسب بعد صفة "الأمة". في 15 يوليو/ تموز 2016، ولأول مرة في تاريخ الانقلابات، وقفت الأمة تدافع عن إرادتها في مواجهة الانقلابيين. وعبر دفاعها الحازم عن الحكومة التي اختارتها بنفسها، لم تنقذ الأمة دولة كانت في حوزتها أصلًا، بل أثبتت استحقاقها امتلاكَ دولة فعلية. حتى ذلك الحين، كانت مراكز القوى الحاكمة في تركيا قد ثبّتت سيطرتها عبر طبقات من العسكر والبيروقراطية والأوليغارشية، وكانت الانقلابات أداة لضبط التوازن وإعادة "تنظيم" الشعب متى انفلت من السيطرة في ساحة الديمقراطية. وهذا التقليد لم يبدأ مع انقلاب 27 مايو/ أيار 1960، كما يقال عادة، بل تعود جذوره إلى سنة 1909، ومنذ ذلك الوقت أصبح وسيلة لاستدامة نظام السلطة في تركيا. دولة مسروقة من شعبها لم تكن الانقلابات في تركيا مجرد نتاج لصراع داخلي تقليدي على السلطة، بل كانت أيضًا أداة للتدخل الإمبريالي ووسيلة لإعادة ضبط التوازن السياسي بما يخدم مصالح خارجية فرضت على تركيا بعد الحرب العالمية الأولى. لقد وجدت تركيا نفسها أسيرة دولة مسروقة من شعبها، تطبّق سياسات بعيدة عن روح الأمة، وعن عقيدتها وهويتها، ولا تولي ولاءها للأمة، بل لعبت دور الحارس على أبواب المصالح الإمبريالية، تحاول تطويع الشعب وفق قوالب تخدم تلك المصالح. وسعت تلك الدولة لعزل تركيا عن هُويتها وثقافتها وتاريخها وعمقها، وفرضت عليها بالقوّة ملامح أعدائها التاريخيين الذين حاربتهم لقرون. وإن فهم هذه السياسة الجبرية التي صنعت غربة تركيا عن ذاتها لا يمكن إلا عبر تحليل السياق الإمبريالي. على امتداد ثلاثين عامًا من حكم الحزب الواحد، فُرضت السياسات كلها "رغمًا عن الشعب" دون إجراء انتخابات. وكانت حجة مصلحة الشعب غطاء بسيطًا ومخادعًا لتمرير السلطة إلى منفذي السياسات. ولم تُراعَ في تلك السياسات الرحمة أو مصلحة الشعب أو حتى مجرد فهمه، بل تعرّض المواطن للإهانة والاضطهاد والإيذاء والعقاب القاسي، لأن السياسات لم تكن تنبع من وجدان الناس ولا من أعماق المجتمع، ولم تكن تهدف حقيقة لخدمة الشعب. ولا يمكن فهم منطق إذلال الشعب أمام أمم حاربها طويلًا أو السعي لتقليده أعداءَه إلا في إطار الاحتلال والإمبريالية. طبيعة الانقلابات الاستعمارية منذ انقلاب 27 مايو/ أيار 1960، ارتبطت تقريبًا كل الانقلابات التركية بالمصالح الإمبريالية ذاتها. فقد كان لضباط ذلك الانقلاب وما بعده صلات وثيقة بالولايات المتحدة، وتولوا إدارة البلاد بدعم مباشر من واشنطن، وتعهدوا بحكمها كأنها مستعمرة أميركية، وهو نمط سياسي لم يكن جديدًا عليهم. وكشف رئيس الوزراء السابق بولنت أجاويد لاحقًا أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) كانت تدفع رواتب جهاز الاستخبارات التركي طويلًا. وكانت تحية الانقلابيين فورًا لحلف شمال الأطلسي (الناتو) والولايات المتحدة بعد نجاح الانقلاب ليست مجرد مجاملة عابرة، بل إعلانًا عن الولاء، ولم يكن يعنيهم مساءلة الشعب أو تبرير ما جرى بحقه. وبعد انقلاب 12 مارس/ آذار 1971 وانقلاب 12 سبتمبر/ أيلول 1980، كان عنوان انقلاب 28 فبراير/ شباط 1997 "ما بعد الحداثة" أيضًا: "الغرب". إذ كان مركز القيادة هو "مجموعة العمل الغربية". هؤلاء فرضوا هُوية الغرب الإمبريالي ونمط حياته بالقوة على أبناء وطنهم، دون مراعاة أو احترام لهذا الشعب، لأنهم لم يكونوا يومًا جزءًا من هذه الأمة ولا من تراب هذا الوطن. وتحول عداؤهم العلني لقيم الأمة إلى عملاء لأعداء الأمة ضد شعبها. أما منفذو انقلاب 15 يوليو/ تموز 2016، فقد انتموا في الظاهر إلى جماعة دينية، في تجلٍ لقدرة الانقلابيين غير الوطنيين على التلون والمراوغة. ولم يكن ولاء هؤلاء للشعب التركي في نهاية المطاف. حتى شعار بيان الانقلاب: "السلام في الوطن، السلام في العالم" لم يكن إلا شفْرة ولاء للإمبريالية. أليست تركيا فُرض عليها التمسك بهذا الشعار عقودًا، وفقًا للحدود التي رسمها الاستعمار بعد إسقاط الدولة العثمانية؟ انقلاب تركيا وإجهاض الربيع العربي كشفت الأحداث العالمية في السنوات التسع الأخيرة عن حجم التحول الذي شهدته تركيا كأمة تملك دولة. فتركيا بلد لا يُحاصر داخل حدود رسمت له، وكلما حاولت استعادة مجالها الطبيعي، اصطدمت بقوى داخلية وخارجية تسعى لكبحها وتخويفها وإرهاقها. كانت محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/ تموز 2016 محاولة لتضييق الحيز الجغرافي والروحي الذي تحركت فيه تركيا بعد الربيع العربي. وقُمعت الثورات التي انطلقت في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا بين 2011 و2013 بانقلابات مضادة. كانت تركيا الدولة الوحيدة التي منحت تلك الثورات الأمل وشجعتها بوجودها وانفتاحها، الأمر الذي هدد النظام الإمبريالي القائم منذ ما بعد الحرب العالمية الأولى. وقد أعيدت تلك الدول بسرعة إلى مسارها القديم بواسطة الانقلابات، بينما شهدت تركيا محاولات عدة لتجفيف منابع الإلهام فيها: بدأت بأحداث "جيزي" 2013، وتبعتها محاولة انقلاب قضائي في 17-25 ديسمبر/ كانون الأول 2013، وعندما لم تفلح تلك المحاولات، وقع الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو/ تموز 2016، غير أن الشعب التركي صحا وانتفض تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، رئيس الجمهورية التركية. منذ ذلك اليوم، وعلى مدار تسع سنوات، استمرت تركيا في الصعود باعتبارها الدولة التي تملك استقلالًا فعليًا. ولم يكن التقدم في الصناعات الدفاعية والأمن والسياسة الخارجية مجرد إنجاز عابر، بل هو قصة انتزاع السيادة وبناء دولة تُعبّر عن إرادة الأمة. وبفضل هذه الرؤية، أصبح مشروع "تركيا خالية من الإرهاب" واقعًا ممكنًا اليوم. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2023، اكتملت الثورة في سوريا وانضمت إلى ثورة 16 يوليو/ تموز. وينبغي أن يُعد نضال الأبطال في غزة، الذين يُمثّلون "القوات الوطنية"، امتدادًا لثورة 16 يوليو/ تموز، فغزة ستلتحم في النهاية بنفس الروح، بروح الصحوة والمقاومة. لقد حدث عكس ما خُطط له في 15 يوليو/تموز 2016، كما يحدث عكس ما يُخطط له اليوم في سوريا وأفغانستان وغزة. {ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين}.


البيان
منذ 4 أيام
- صحة
- البيان
فيروس إداري بلا لقاح.. البيروقراطية تدمّر الرعاية الصحية
في زمنٍ تُنقذ فيه الأرواح بقرارات دقيقة وسريعة، ما زال هناك فيروس إداري خفي يفتك من الداخل، لا بالجسد... بل بالأداء. إنه فيروس البيروقراطية، لا يُرى تحت المجهر، ولا يظهر في التحاليل، لكنه ينهش قلب المؤسسات الصحية بهدوء وثبات. والأخطر أنه ما زال منتشراً داخل بعض المستشفيات... في بلد قطعت فيه الحكومة أشواطاً غير مسبوقة في اجتثاث البيروقراطية من الجذور. حين تسبق الحكومة القطاع... شيء ما خطأ. دولة الإمارات، بقيادة حكومتها الرشيدة، قدّمت نموذجاً عالمياً في القضاء على التعقيد الإداري. منصة واحدة لكل الخدمات. توقيع رقمي معتمد. لا حاجة لورق، لا انتظار، لا موافقات متسلسلة. دبي اليوم تُدار بلغة السرعة، بالكفاءة، بالرقمنة، بفرق تعرف أن القرار البطيء هو قرار مرفوض. فكيف نقبل أن تتشبث بعض المؤسسات الصحية بأساليب متكلّسة، تقاوم التفويض، وتُعطّل الابتكار بحجج «الإجراءات»؟ مستشفى يتأخر فيه القرار... هو مستشفى يعاني. حين يُصاب مستشفى بفيروس البيروقراطية، يتحوّل من مؤسسة علاج إلى مؤسسة انتظار. ملف بسيط يحتاج 5 تواقيع. جهاز عاجل لا يُشترى إلا بعد 3 اجتماعات. قرار تطوير يُجمد بانتظار الموافقة من «المجموعة». والمريض في كل ذلك... ينتظر. الضرر لا يُقاس بالوقت فقط... بل بالثقة. الفريق الطبي يفقد حماسه حين يرى الإدارة تتردّد. الموظفون يشعرون بالعجز حين تعوقهم اللوائح بدل أن تمكّنهم. والمريض، وهو الأهم، يشعر أن الرعاية متأخرة، وأن النظام يعامله كرقم، لا كإنسان. الحكومة فتحت الباب... فهل نتقدم؟ حين تُقدّم الإمارات حلولاً حكومية رقمية في دقائق، لا يمكن لمؤسسة صحية أن تطلب من المريض «ختماً» أو انتظار لجنة! حين تُعلن دبي أنها ستكون المدينة الأذكى والأسرع عالمياً، لا يجوز أن يُدار مستشفى فيها وكأنه جهاز حكومي في التسعينات. البيروقراطية في المستشفى ليست ضعفاً إدارياً... بل خطراً صحياً. والمطلوب ليس إلغاء الإجراءات، بل تبسيطها، وتسريعها، وتحويلها إلى قرارات مسؤولة تُتخذ في وقتها. القيادة الذكية لا تنتظر... بل تُفوّض. والنظام الذكي لا يعطّل... بل يُسرّع.


البيان
٠٩-٠٧-٢٠٢٥
- أعمال
- البيان
وزارة العدل: استكمال «تصفير البيروقراطية» في الخدمات بحلول 2026
في ظل بيئة تشريعية وقضائية متطورة، تساهم بشكل فعال في تعزيز الدور الريادي لتحقيق العدالة الناجزة، بما يتماشى مع توجهات الحكومة ويدعم تنافسيتها عالمياً. مشيرة في الوقت نفسه، إلى نجاحها بفضل فريق عمليها في تقليص زمن إنجاز المعاملات بما يعادل أكثر من 5 آلاف ساعة عمل، وذلك من خلال تقليص عدد الإجراءات بواقع أكثر من 480 إجراء، والاستغناء عن أكثر من 200 مستند وأكثر من 60 اشتراطاً. كما حصدت الوزارة، عبر هذا المشروع على المركز الأول في فئة أفضل فريق على مستوى حكومة الإمارات في تصفير البيروقراطية التي تمنح لأفضل جهة حققت الأثر الأكبر من عمليات تصفير البيروقراطية في إجراءاتها على مستوى حكومة دولة الإمارات.


البيان
٢٥-٠٦-٢٠٢٥
- أعمال
- البيان
خطة أوروبية لتفعيل آليات السوق الموحدة بعد سنوات من الجمود
باربرا موينز - أليس هانكوك تعاني «أوميكور»، الشركة متعددة الجنسيات التي تتخذ من بلجيكا مقراً لها، كثيراً من تناقض الإجراءات البيروقراطية عند شحن النفايات داخل الاتحاد الأوروبي، إذ تجد نفسها مجبرة في إحدى الدول الأعضاء على إرسال مستندات التصاريح الرسمية عبر جهاز الفاكس، بينما تُلزمها دولة أخرى باستخدام الحبر الأزرق حصراً في التوقيعات، بدلاً من الأسود. وهذه ليست سوى أمثلة محدودة على الكثير من العراقيل التي تواجهها «أوميكور» في مسعاها لجمع شحنات النفايات من مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي إلى منشأتها الصناعية الضخمة للتدوير في مدينة أنتويرب البلجيكية. وتتزايد باستمرار قائمة المتطلبات المتباينة حتى غدت أشبه بطريق تجاري متشعب عبر «الرابطة الهانزية» التي ازدهرت في القرون الوسطى، وكانت تضم العديد من المدن التجارية في منطقة شمال ألمانيا والبلطيق، وليس مساراً داخل أكبر سوق موحدة في العالم والتي تأسست عام 1993. وتضطلع شركة «أوميكور» بإعادة تدوير المواد الخام الحيوية المطلوبة بشدة، لا سيما من النفايات الإلكترونية المستهلكة، داخل أراضي الاتحاد الأوروبي، غير أن الموردين يفضلون أحياناً تصدير مخلفاتهم خارج الاتحاد بدلاً من شحنها داخل التكتل، نظراً للتعقيدات البيروقراطية الهائلة، كالتعامل مع مستندات بلغات متعددة وإدارة منظومة تراخيص متشعبة لا حصر لها. ويقول بارت ساب، الرئيس التنفيذي لشركة «أوميكور»: «حين نقرر الانحراف عن المسار المخطط له مسبقاً بسبب تحديات لوجستية، نجد أنفسنا مضطرين لإعادة تقديم طلبات تصريح في جميع الدول الأعضاء المعنية من جديد». وتُجسد سلسلة العقبات الإدارية التي تصطدم بها «أوميكور» مع كل شحنة حقيقة الوعود غير المكتملة للسوق الأوروبية الموحدة، حيث كان من المفترض أن يتيح هذا المشروع الطموح، الذي يضم 450 مليون مستهلك، انتقال الأفراد والبضائع والخدمات ورؤوس الأموال بسلاسة عبر القارة العجوز، إلا أنه وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود، لا تزال مئات الحواجز قائمة، فيما أسهم عجز الحكومات الأوروبية عن تجاوز مصالحها الوطنية الضيقة في إبطاء مساعي التكتل نحو تعزيز قدرته التنافسية. وفي خضم هذا الواقع المتعثر، تذكي سلسلة الأزمات العالمية المتلاحقة عزيمة القادة الأوروبيين وإصرارهم على المضي قدماً، حيث يرون أن بقاء أوروبا اقتصادياً على المحك في عصر تتصاعد فيه الحروب التجارية والصراع على الهيمنة في شتى المجالات، من الذكاء الاصطناعي إلى التحول الأخضر. كما أضافت الحرب في أوكرانيا، وتفاقم الاضطرابات في الشرق الأوسط، وتباطؤ عجلة الاقتصاد الأوروبي زخماً جديداً لهذا التوجه الإصلاحي. ويصف دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى الوضع الراهن، قائلاً: «يشهد النظام التجاري الدولي حالة من الفوضى غير المسبوقة، فيما تغلق السوق الأمريكية أبوابها تدريجياً. لذلك، فنحن بحاجة ماسة إلى تعزيز كفاءة السوق الموحدة لتعويض تداعيات هذه المتغيرات الخارجية». ويعقد قادة الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرون، اليوم الخميس، اجتماعاً حاسماً في بروكسل لبحث «التحديات الدولية الراهنة والأولويات الاقتصادية الداخلية، خاصة تعميق السوق الموحدة»، وفق ما جاء في الرسالة التي وجهها رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا إليهم، وذلك عقب إعلان مفوض الصناعة الأوروبي ستيفان سيجورني في مايو الماضي عن استراتيجية جديدة للسوق الموحدة. ويؤكد كوستا أن السوق الموحدة تُمثل «حجر الزاوية في القدرة التنافسية الأوروبية وأصلاً جيوسياسياً بالغ الأهمية»، مشدداً في تصريحات لصحيفة «فاينانشال تايمز» على أن «هذا ما يدفعنا لضرورة التحلي بالجرأة في مواصلة مسيرة التكامل وإزالة الحواجز الداخلية المتبقية». وكانت المحاولات السابقة لتوحيد التكتل تصطدم غالباً بصخرة الحساسيات الوطنية وعجز المفوضية عن تمرير الإجراءات الضرورية في العواصم الأوروبية السبع والعشرين. لذلك، تُشكل ترجمة الزخم السياسي المتجدد إلى إصلاحات عملية ملموسة التحدي الأكبر أمام صناع القرار الأوروبيين. وفي مفارقة لافتة، أشارت كبرى الشركات الأوروبية إلى أن إرسال موظف للعمل في الولايات المتحدة أو تايوان يتطلب إجراءات ورقية أقل مما تستلزمه عملية نقله داخل حدود الاتحاد الأوروبي نفسه. وقال وزير الصناعة الدنماركي مورتن بودسكوف: «لقد انتهى زمن الخطب الرنانة. ونحن نعرف وجهتنا. وإذا لم نبادر بالتحرك الآن، فإن التحولات الهيكلية المتسارعة على الساحة العالمية لن تصب في مصلحة أوروبا بأي حال». وأكد أن كوبنهاغن ستتمتع بتأثير أكبر في صياغة السياسات الأوروبية عندما تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي في يوليو. وتعود أهداف السوق الموحدة إلى البدايات الأولى للاتحاد الأوروبي حين كان يُعرف بالمجموعة الاقتصادية الأوروبية، إذ كان من بين أهدافها المحورية عند تأسيسها عام 1957 إنشاء منطقة موحدة تقوم على التدفق الحر للسلع والخدمات ورؤوس الأموال والأشخاص - فيما بات يُعرف بـ«الركائز الأربع». غير أن السوق الموحدة، التي انطلقت رسمياً عام 1993، ظلت رهينة المصالح الوطنية المتضاربة ومخاوف الدول الأعضاء من منح بروكسل صلاحيات واسعة، وها هي المفوضية الأوروبية تعاود المحاولة من جديد. وتستند استراتيجية ستيفان سيجورني الجديدة للسوق الموحدة إلى تقارير رئيسي الوزراء الإيطاليين السابقين ماريو دراجي وإنريكو ليتا، حيث يتندر المسؤولون في بروكسل بأن هذه التقارير باتت بمثابة «كتب مقدسة» لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في فترتها الثانية، فلا يكاد يمر خطاب حول الصناعة أو الاقتصاد دون الاستشهاد بأحدهما أو كليهما. وكان دراجي قد أطلق تحذيراً صارخاً في تقريره الصادر سبتمبر الماضي - قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض - مفاده أن الاتحاد الأوروبي سيواجه خطر «الموت البطيء» ما لم يعزز قدرته التنافسية الاقتصادية. ومنذ ذلك الحين، ازدادت الصورة قتامة، حيث تخوض بروكسل مفاوضات شاقة مع واشنطن لتجنب حرب تجارية شاملة، فيما تسعى جاهدة لفتح أسواق جديدة عبر اتفاقيات تجارية تهدف إلى الترويج لمزايا السوق الموحدة الأوروبية حول العالم. ويقول سيجورني: «هذا أمر نتحكم فيه بالكامل، فعلى خلاف التجارة عبر الأطلسي، يمكننا اتخاذ قراراتنا بشأن السوق الموحدة بأنفسنا».