أحدث الأخبار مع #التفكير_النقدي


الأنباء
منذ يوم واحد
- أعمال
- الأنباء
ديوان الخدمة المدنية ينظّم ورشة عمل للفئة الوظيفية التنفيذية: هدفنا تنمية تطوير الذات ومهارات التواصل الفعال وبناء الثقة بالنفس والمرونة والتعامل مع جميع ردود الفعل
نظم ديوان الخدمة المدنية ورشة عمل خلال 12 و13 و14 من الشهر الجاري للفئة الوظيفية التنفيذية بهدف تطوير السمات الوظيفية وتخللت فعاليات الورشة تطبيقات عملية. وقالت مصادر لـ «الأنباء» إنه حسب خطة الديوان تهدف ورشة العمل إلى إكساب المشاركين مهارات العمل، مثل حل المشكلات والتفكير النقدي. كما يركز البرنامج التدريبي خلال فعاليات الورشة على المهارات الشخصية الأخرى مثل التواصل والعمل الجماعي للمرشحين، والتي تعد مهمة لمساره الوظيفي، على أنه في نهاية البرنامج التدريبي سيتمكن المشارك من: • تعريف المشاركين بمفهوم وأثر المهارات الشخصية في بيئة العمل. • تمكين المشاركين من وسائل تطوير الذات وتنمية مهارات التواصل الفعال وبناء الثقة بالنفس. • معرفة أساسيات تنظيم الوقت والتخطيط للذات وتحديد الأهداف. • تمكين المشاركين من التعامل مع جميع ردود الفعل والمرونة لزيادة القدرة على التكييف مع التغيير. • تعزيز مهارات العمل الجماعي للنجاح في إنجاز مهام فرق العمل.


اليوم السابع
منذ 4 أيام
- علوم
- اليوم السابع
الإرباك المعرفي
تبرز قيمة الإرباك المعرفي في زمن يموج بالتحديات ويفيض بالمعلومات والمعارف وتزداد الحاجة إلى مساحات حقيقية للتفكير النقدي، ومداخل جريئة لفتح فضاءات للبحث والتساؤل، ويُعد الإرباك المعرفي من أكثر المفاهيم عمقًا وثراءً وإثارة في الحقلين التربوي والثقافي؛ حيث يمس جوهر عملية التعليم والتعلم؛ لما يحمله من قدرة على تحفيز العقل نحو التحرر من الجمود والانتقال من المألوف والاتساق الذهني إلى التوتر المنتج والمجهول المربك، فعندما يواجه المتعلم فكرة تتناقض مع قناعاته المسبقة وما اعتاد عليه من مفاهيم تربك نظامه المعرفي يحدث نوع من الاضطراب الداخلي، وهذا الاضطراب رغم ما يصاحبه من شعور بالقلق والشك يعد دعوة واستدعاء لليقظة الذهنية، فينشأ عن ذلك احتكاك داخلي يوقظ الوعي ويفتح أبواب المعرفة والتفكير النقدي. ويمثل الإرباك المعرفي Cognitive Dissonance حالة من التوتر الذهني للفرد حين يواجه معلومة أو تجربة تتناقض مع قناعاته الراسخة أو معتقداته المسبقة ويبدو هذا التوتر مزعجًا في ظاهره، إلا أنه يحمل إمكانية عظيمة لإعادة التشكيل الذهني؛ حيث يجبر العقل على مراجعة مسلماته، وفحص أنماط تفكيره، وتعديلها أو إعادة بنائها على أسس أعمق خاصة في السياق التربوي؛ لكسر الرتابة الذهنية واستفزاز التفكير الناقد، ويصبح بوابة لانبثاق الأفكار العميقة وصياغة معرفة يتسع فيها الأفق، ويصبح العقل في حالة تأهب مستمر للتأمل. ويتجلى الإرباك المعرفي في البيئة التعليمية حين يدفع المتعلم والمتلقي للتفكير بطريقة تتحدى البديهيات الراسخة والأطر النمطية، بهدف تفكيك النماذج الذهنية السطحية والانقياد الأعمى، فالمتعلم الذي اعتاد على الحفظ والاستجابة الآلية، يجد نفسه فجأة أمام سؤال مفتوح، أو موقف حياتي يحمل أبعادًا متضاربة، أو نصًّا مفتوح متعدد التأويلات، ومن ثم تبدأ منطقة التوتر المعرفي الإيجابي بالتشكل المحفزة للتفكير وتتحول إلى فرصة لإعادة النظر والتأمل ثم البناء وبناء قناعات راسخة على أسس عقلية ونقدية صحيحة. ويأتي دور المعلم ليهيئ الظروف التي تجعل السؤال ضرورة داخل عقل المتعلم وتستفز فكره ويهيئ لحظات من الارتباك البناء وتكوين الذات المفكرة، وهذا يشكل نقلة نوعية من المشاركة الواعية والفاعلة بالعملية التعليمية فالإرباك المعرفي إذا ما استخدم بوعي تربوي ورعاية إنسانية، يعد محفزًا لتحول إدراكي عميق واستثارة للوعي ومنطلقًا لتعلم أكثر صدقًا واتساعًا، كما أن الطالب الذي يعتاد هذا النوع من الإرباك، يتعلم كيف يصوغ فكره بحرية، وكيف يعيد النظر في المسلمات دون خوف أو ارتباك، فينتقل من التلقي السلبي إلى التفاعل الإيجابي والانفعال المثمر والبحث البناء والمشاركة النقدية العميقة. وغالبًا ما ينظر إلى الإرباك المعرفي في السياق الثقافي بعين الريبة بوصفه تهديدًا للهوية والقيم ومهدد للثوابت الراسخة، غير أن التجربة التاريخية للموروثات الثقافية الإنسانية تؤكد أن أعظم التحولات الحضارية والثقافية انطلقت من لحظة اضطراب فكري صادقة، فحين يواجه الإنسان رأيًا يناقض قناعاته الجوهرية ويحتك بفكر مختلف، ينتابه شعور بالارتباك وربما الرفض أو الغضب؛ لكن هذا اللقاء المربك معرفيًا مع الأخر إن أتيح له المجال وتم في أفق من الإنصات والتفكر والتأمل، يمكن أن يتحول إلى فرصة نادرة لمراجعة الذات من موقع أعمق وينشأ انفتاح تأملي يُعيد صياغة الفهم، ويكشف عن طبقات جديدة في بنية الهوية. ومن ثم يصبح الإرباك المعرفي مناسبة لإعادة تعريف الهوية بعمق واتزان وينقيها ويجعلها أكثر وعيًا بذاتها في ظل التعددية والاختلاف، كما يسهم في ترسيخ الانتماء مشمولًا بوعي يتجاوز الانفعال نحو فهم يستوعب التنوع منطلقًا من الأصالة والحفاظ على الذات؛ لذا يجب أن تتم هذه العملية في بيئة آمنة ومسؤولة؛ لتنتج ذاتًا أكثر توازنًا وهوية أكثر رسوخًا وثقافة أكثر قدرة على التعايش والتجدد ضمن أفق إنساني أرحب وأكثر شمولًا ونضجًا. وتكمن الخطورة الحقيقية في الإرباك المعرفي حين يوظف بسطحية وبطريقة غير مسؤولة، أو يستخدم كأداة لإحداث زعزعة للقيم الأساسية بلا مقصد معرفي واضح ودون تقديم بدائل فكرية أخلاقية سليمة، فيترك المتعلم أو المتلقي في دوامة من الشك دون مرجعية أو رعاية، فلا يمنح أدوات التفكير اللازمة أو المسارات الآمنة للخروج من حالة الشك، ففي مثل هذه الحالات يتحول الإرباك من كونه لحظة استثنائية للنمو والوعي إلى حالة من التيه الذهني والضياع، وقد ينتج نوعًا من الإحباط أو الانسحاب العقلي، وهنا تصبح البيئة التربوية والثقافية الرشيدة ضرورة لا غنى عنها، فهي التي تؤمن سياقًا آمنًا للحوار، وتوفر الإطار الذي يسمح بعبور لحظة الشك نحو وعي أوسع وفهم أعمق. ويعد الإرباك المعرفي فرصة نادرة لإعادة بناء العقل على أساس من الوعي والنقد والتسامح؛ وإذا أدركنا قيمته التربوية والثقافية، وتعلمنا كيف نوجهه ونرعاه، فسنكون أقرب إلى بناء إنسان مفكر وحر، وناضج يبحث عن الحقيقة؛ ليخدم بها نفسه ومجتمعه والعالم ورغم الفوائد العظيمة للإرباك المعرفي إلا انه سلاح ذو حدين إذا فرض بشكل قسري أو طرح دون سياق تربوي أو ثقافي مسؤول، قد يتحول إلى عامل هدم كما أن ترك المتعلم أو المتلقي في حالة من الشك المفتوح دون توجيه أو دعم، يحدث شرخًا قد لا يرمم بسهولة، وينتج عقلًا قلقًا بدلًا من عقل متأمل. ونؤكد أنه لا بد من تضمين الإرباك المعرفي ضمن بيئة حاضنة تحترم القيم وتدعم الحوار وتوفر الأمان النفسي والمعرفي؛ ليقود الإنسان نحو وعي أعمق بذاته والعالم فهو يحفز على التعلم الذاتي، وينمي مهارات التأمل، ويؤسس للتواضع المعرفي، ويدرب على فن الإصغاء والحوار والقبول عن قناعات سليمة بإساس معرفي صحيح، خاصة في عالم يتسارع فيه الاستهلاك المعرفي وتزداد فيه الحاجة إلى الأصالة الفكرية، فيغدو الإرباك المعرفي ممارسة تربوية وأخلاقية مسؤولة تسعى إلى إعادة الاعتبار للعقل الإنساني بوصفه أداة للفهم والتفكر والإبداع الأكثر عمقًا واتساعًا.


رؤيا نيوز
منذ 7 أيام
- علوم
- رؤيا نيوز
التعليم.. من التلقين إلى التمكين
لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرّد رهان مستقبلي، بل تحوّل إلى واقع حتمي يتداخل مع أدق تفاصيل الحياة اليومية، وعلى رأسها المنظومة التعليمية ،فأدوات معرفية متقدمة مثل ChatGPT لم تأت فقط لتجيب عن الأسئلة، بل لتعيد تشكيل بنية التفكير نفسها، وتحرّر المعرفة من قوالبها التقليدية، وتفتح أمام المتعلّم آفاقًا لا تُحدّ بجدران الصفوف ولا تُقيّد بضيق المناهج. في الأردن، حيث ما زالت منظومة التعليم تواجه تحديات جسيمة – تتراوح بين محدودية الموارد، وتباطؤ تحديث المناهج، وضعف البنية الرقمية – يبرز الذكاء الاصطناعي ليس كتقنية مكمّلة، بل كنافذة وفرصة تاريخية لإعادة هندسة العملية التعليمية برمّتها. إنه ليس ترفًا رقميًا، بل ضرورة استراتيجية تمسّ جوهر التنمية البشرية. إن دخول أدوات الذكاء الاصطناعي إلى وعي الطلبة والمعلمين على حدٍ سواء، يمثّل لحظة تحول نوعي: من التعلم القائم على التلقين والتكرار، إلى نماذج تعليمية تعتمد على التحليل، والتفكير النقدي والتجريب، والابتكار. إنها انطلاقة جوهرية نحو الانتقال من الأساليب التقليدية العقيمة إلى بيئة معرفية متعددة المسارات، تُراعي الفروقات الفردية، وتُعزز استقلالية المتعلّم. هذه الأدوات تمنح الطالب قدرة غير مسبوقة للوصول إلى محتوى تفاعلي، فوري، متجدد، مرن يراعي الاختلاف بين الطلبة كل حسب مستوى فهمه واهتماماته. غير أن هذه الثورة المعرفية تطرح سؤالًا ملحًا: كيف يحافظ المعلم التقليدي على دوره التربوي وسط هذا التدفق الهائل من المعرفة؟ الجواب لا يكمن في مقاومة التغيير، بل في التكيّف الواعي معه، وتطوير الذات، والتحوّل من ناقل للمعرفة إلى موجّه ومسؤول عن تنمية التفكير النقدي والوعي الرقمي. في هذا السياق، يُصبح من غير الممكن إحداث تحول حقيقي دون دور مركزي وفعّال من قبل الحكومة، ووزارات التربية والتعليم، والتعليم العالي، ومجالس البحث العلمي. إذ يقع على عاتق هذه المؤسسات مسؤولية الانتقال من سياسة الاستجابة إلى سياسة المبادرة. ومن أبرز أدوارها المطلوبة: إعادة صياغة المناهج لتكون أكثر تفاعلية، وتدمج مفاهيم الذكاء الاصطناعي والبرمجة والمهارات الرقمية منذ المراحل المبكرة. والعمل على تأهيل المعلمين وتدريبهم لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، ليس كأدوات شرح، بل كمساحات تفاعلية للتعلم. ويجب تحفيز البحث العلمي وتوجيه رسائل الماجستير والدكتوراه نحو تطوير أدوات تعليمية ذكية تراعي اللغة العربية والخصوصية الثقافية للمجتمع. ان تعزيز التعاون مع شركات التكنولوجيا لتطوير منصات تعليمية ذكية، وتمويل مبادرات رقمية تعليمية تخدم القطاع، ورغم ما يقدّمه الذكاء الاصطناعي من وعود بزيادة العدالة التعليمية وتوسيع فرص التعلم، إلا أن التحدي الأكبر يظلّ في الإنسان نفسه: هل نُخرّج جيلًا من المستخدمين السلبيين لهذه الأدوات، أم نُنشئ مفكرين ناقدين، قادرين على تحليل ما يُقدّم لهم، وتمييز النافع من الضار، والمعلومة من الدعاية. هنا يبرز دور منظومة التربية لا كناقل معرفي، بل كمُشكّل للوعي والضمير العلمي، القادر على تمكين الجيل الرقمي من التعامل مع الذكاء الاصطناعي كامتداد لعقله، لا كبديل عنه. ان دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم ليس خيارًا مؤجلًا، بل ضرورة مُلحة فالأردن ، بما يملكه من ثروة بشرية شابة، ومؤسسات أكاديمية راسخة، وقطاع تكنولوجي ناشئ، قادر ليس فقط على استيعاب هذه الثورة، بل على المساهمة في تطويعها وتعريبها وتصدير نماذج تعليمية متقدمة تتلاءم مع خصائصه المجتمعية. إن مستقبل التعليم لن يُبنى بالأدوات وحدها، بل بالإرادة السياسية، والرؤية المؤسسية، والإيمان بأن الاستثمار في عقل الإنسان، هو الاستثمار الأصدق في مستقبل الوطن.


صحيفة الخليج
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- صحيفة الخليج
تفكيك المركزية الغربية في فهم العالم
في زمن تتسارع فيه التحولات السياسية وتتشابك فيه الأزمات العابرة للحدود، بات من الضروري مراجعة الأساليب التي ننظر بها إلى العلاقات بين الدول والشعوب، إذ لم يعد كافياً اعتماد منظور أحادي يختزل تعقيد العالم في صيغ جامدة أو نظريات جامعية مغلقة، بل تبرز الحاجة إلى قراءة أكثر انفتاحاً، تنصت للهامش وتعيد بناء الفهم من نقاط الانكسار والاختلاف. يقدّم مجموعة من الأكاديميين المرموقين وهم ريس كريلي، نيفي مانشاندا، لورا ج. شيبرد، كاي ويلكينسون، كايتلين بيدولف، وستيفاني فيشيل كتاب «التفكير في السياسة العالمية بطريقة مغايرة: مقدمة متنوعة للعلاقات الدولية»، في مسعى منهم إلى إعادة رسم خريطة فهمنا للعلاقات الدولية من خلال تجاوز المداخل التقليدية والانفتاح على رؤى نقدية ومتنوعة تم تهميشها طويلاً في الحقل الأكاديمي. ينطلق الكتاب، الصادر حديثاً عن جامعة أكسفورد ضمن 408 صفحات، من فرضية جوهرية مفادها أن حقل العلاقات الدولية، كما تُدرّّس وتُمارَس في معظم الجامعات الغربية، قد تشكل في إطار نظريات ومدارس فكرية غربية المنشأ، أغفلت، بقصد أو بغير قصد، التعدد الهائل في التجارب الإنسانية وأقصت رؤى وأصوات الشعوب المستعمَرة والمهمشة والنساء والبيئة بوصفها فاعلاً في السياسة العالمية وعليه، فإن هذا الكتاب لا يهدف فقط إلى توسيع نطاق المفاهيم والقضايا التي يناقشها طلاب العلاقات الدولية، بل يسعى كذلك إلى تفكيك البنية المعرفية التي قامت عليها هذه الدراسة منذ قرن تقريباً. يتطرق الكتاب ضمنياً إلى سؤال جوهري: من يملك سلطة إنتاج المعرفة في العلاقات الدولية؟ في هذا السياق، يسلّط الضوء على مركزية المعرفة الغربية والتي طالما احتكرت أدوات التحليل والتفسير، مهمّشة التجارب الأخرى بوصفها «خارج النسق» يطالب المؤلفون بإعادة توزيع هذه السلطة المعرفية من خلال الاعتراف بشرعية أصوات من الجنوب العالمي ومن الأقليات والنساء وغيرهم من المهمشين الذين يمتلكون فهماً أكثر قرباً لواقع الظلم والاستعمار والعنف البنيوي. مقاربات متعددة لفهم العالم يقع الكتاب في خمسة أقسام رئيسة، يتناول كل منها مدخلاً منهجياً أو فلسفياً مختلفاً لدراسة السياسة العالمية، يبدأ القسم الأول، الذي يحمل عنوان «معرفة السياسة العالمية»، بمدخل تأسيسي كتبه ريس كريلي، يتبعه نقاشات حول مفاهيم مثل الحياة اليومية، الخطاب، السرد، الممارسة، الرؤية البصرية والمشاعر، بوصفها مدخلات أساسية لفهم السياسات الدولية المعاصرة. تُعدّ الفقرة الخاصة ب«المشاعر» من أكثر الأجزاء إبداعاً، حيث يعيد المؤلفون النظر في الدور المغيّب للعاطفة في فهم العلاقات الدولية، مؤكّدين على أن السياسة ليست دائماً نتاج حسابات عقلانية، بل تتأثر بالخوف والغضب والأمل والحزن. وفي فصل «الرؤية البصرية»، يُناقش كيف أن الصور لا تُنقل فقط الواقع، بل تشكّله أيضاً، مشيراً إلى أن الصور الفوتوغرافية من مناطق النزاع، الإعلانات السياسية، رموز الدول والمنظمات، جميعها تؤثر في تشكيل وعي الجماهير تجاه الأحداث العالمية. ويوضح الكتاب كيف يمكن استخدام هذه الصور لترسيخ علاقات الهيمنة أو على العكس، لتفكيكها وبناء سرديات مقاومة تعيد للضحايا صوتهم وصورتهم. أما القسم الثاني، الذي يقدمه نيفي مانشاندا، فيركّز على المقاربات ما بعد الكولونيالية واللامركزية ويضم دراسات حول الاستعمار الاستيطاني، الاقتصاد العرقي والعلاقات بين الشعوب المهمشة، ضمن طرح يعيد الاعتبار للتجربة الاستعمارية كعنصر حاسم في تشكيل النظام الدولي الحديث. يناقش هذا القسم كيف تظل آثار الكولونيالية حاضرة في المنظومة السياسية العالمية، سواء من خلال أنظمة الحدود، أو توزيع الموارد، أو حتى في طريقة فهم الآخر. ويأتي القسم الثالث للباحثة لورا ج. شيبرد مخصصاً للمقاربات النسوية ويناقش قضايا الامتياز والأمن والاقتصاد السياسي والدولة والنوع الاجتماعي، من خلال تفكيك أنماط التحيز والسلطة القائمة على النوع. يتبع ذلك قسم رابع حول المقاربات الكويرية، يسلط الضوء على الجسد، الدين، العدالة الدولية وحقوق الإنسان من خلال منظور غير معياري، يعيد النظر في بنية «الشرعية» و«المواطنة» في سياقات متعددة. أما القسم الخامس والأخير، «المقاربات الكوكبية»، الذي تقدمه ستيفاني فيشيل، فيأخذنا نحو رؤى بيئية شاملة تدمج بين الإيكولوجيا، العنف البيئي، العدالة الكوكبية والقانون البيئي، يشير هذا القسم إلى أن التحديات الكبرى في عالم اليوم –من التغيّر المناخي إلى الهجرة الجماعية– لم تعد تُفهم بشكل فعَّال من خلال الحدود الوطنية أو المفاهيم الأمنية الضيقة، بل تتطلب تفكيراً عابراً للحدود يربط بين العدالة البيئية والاجتماعية والاقتصادية. إعادة تعريف مفاهيم السياسة العالمية إن أبرز ما يميز هذا الكتاب هو الروح الجماعية التي تحكمه، حيث نقرأ أصواتاً متعددة، من تخصصات وخلفيات جغرافية وثقافية مختلفة، تتضافر لتقديم سردية بديلة للعلاقات الدولية ولا يدَّعي الكتاب امتلاك نظرية بديلة موحدة، بل يدعو القارئ إلى الاعتراف بالتعددية المعرفية والانخراط النقدي مع الواقع العالمي بعيداً عن الانحيازات الإمبريالية والذكورية والعرقية التي لطالما اتسم بها هذا الحقل. يمكن اعتبار هذا الكتاب دعوة مباشرة لإعادة النظر في كيفية تدريس العلاقات الدولية في الجامعات، خاصة في الجنوب العالمي، فهو يرفض نمط التلقين الأحادي للنظريات الغربية ويدعو إلى منهج تحرّري يفسح المجال أمام الطلاب لمساءلة المسلمات والتفكير نقدياً في ما يُقدّم لهم بوصفه «حقائق علمية»، من هذا المنظور، يشكّل الكتاب أداة تعليمية ذات طابع تحويلي، لا مجرد مادة أكاديمية تقليدية. يدفع هذا الكتاب القارئ إلى إعادة النظر في الأسئلة الأساسية التي تؤطر فهمنا للعالم: من يُعرّف السياسة؟ من يُحَدِّد القضايا التي تستحق الدراسة؟ ومن يُقصى من المشهد التحليلي؟ من خلال لغته التحليلية الواضحة ومجموعة مقارباته المتنوعة، يضع الكتاب نصب عينيه ضرورة كسر احتكار المعرفة وفتح المجال أمام مقاربات تعترف بالتجربة الإنسانية في تعقيدها وتعددها. يركّز الكتاب أيضاً على ضرورة إعادة تعريف مفاهيم السياسة العالمية بما يتجاوز التصنيفات الضيقة للدول والأنظمة والمصالح الاستراتيجية، فبدلاً من اختزال السياسة في تحالفات القوى الكبرى أو التنافس الجيوسياسي، يدعو المؤلفون إلى فهم السياسة بوصفها ممارسة يومية تتقاطع فيها الأجساد والحدود والموارد والرموز ويؤكد أن السياسة هنا لا تنحصر في مراكز القرار، بل تمتد إلى مواقع المعاناة، كمعسكرات اللاجئين وحقول النفط والمناطق المنكوبة بالكوارث البيئية، بهذا التوسيع لمفهوم السياسة، يعيد الكتاب الاعتبار للفاعلين غير التقليديين ويعزز فكرة أن كل موقع في العالم –مهما كان هامشياً– يمكن أن يكون مركزاً للتحليل والتفكير السياسي.


BBC عربية
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- علوم
- BBC عربية
هل يجعلنا الذكاء الاصطناعي "أكثر غباء"؟
تطبيقات الذكاء الاصطناعي ستحسن من حياة البشر من خلال تأدية مهام مملة أو شاقة تتطلب الكثير من الوقت والجهد، ومن ثم تمنحنا فرصة أكبر للاستمتاع بالحياة أو التفرغ لأشياء أخرى أكثر أهمية. هذه هي وجهة نظر المتحمسين لما يعرف بتقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) التي انتشرت بشكل مهول في الأعوام القليلة الماضية، ولا سيما وسط الشعبية الهائلة التي حظي بها روبوت الدردشة "تشات جي. بي. تي" الذي بلغ العدد الأسبوعي لمستخدميه النشطين في فبراير/شباط الماضي مليون مستخدم، وفق شركة "أوبن. إيه. آي" التي أطلقته في عام 2022. على سبيل المثال، مهام مثل تلخيص الوثائق الطويلة أو صياغة رسائل إلكترونية روتينية أو ترجمة نصوص بسيطة أو كتابة سيرتك الذاتية بطريقة مهنية – كلها أشياء يستطيع الذكاء الاصطناعي التوليدي القيام بها في ثوان معدودات. لكن هناك من يحذر من أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدلا من أن يطلق العنان لأدمغتنا للانخراط في أشياء أهم وأعمق، قد يجعلنا "أكثر غباء". فكيف يمكن أن يحدث ذلك؟ وهل نستطيع الاستفادة من إمكانياته الهائلة من دون أن يؤدي ذلك إلى أن نصبح أقل ذكاء وإبداعا؟ إضعاف مهارات التفكير النقدي من بين أحدث الدراسات التي ربطت بين الاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي وانخفاض القدرات المعرفية والإدراكية للبشر دراسة أجرتها شركة مايكروسوفت بالتعاون مع باحثين من جامعة كارنيغي ميلون في وقت سابق من العام الحالي. الدراسة، التي شملت 319 شخصا يعملون في مهن تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي على الأقل مرة واحدة في الأسبوع، وجدت أن هذه التقنية تغير طريقة التفكير النقدي لدى هؤلاء الأشخاص. فهي تقلل المجهود الذهني المطلوب لتنفيذ المهام، فيفرط المستخدمون في اعتمادهم على مخرجات الذكاء الاصطناعي، خصوصا عندما يثقون بها أكثر من اللازم. ويتحول المستخدمون من جامعين للمعلومات إلى متحققين من صحتها، من منفذين نشطين للمهام إلى مشرفين على مخرجات الذكاء الاصطناعي. وحددت الدراسة عدة أشياء قالت إنها تعرقل التفكير النقدي في المهام التي يساعد الذكاء الاصطناعي في تنفيذها، من بينها انخفاض الدافع للتفاعل بعمق مع المحتوى، وعدم امتلاك القدرة أو المعرفة الكافية لتقييم مخرجات الذكاء الاصطناعي بشكل فعال. وهناك دراسة أخرى أجراها الدكتور مايكل غرليتش مدير معهد الاستشراف الاستراتيجي والاستدامة المؤسساتية بكلية التجارة السويسرية (إس.بي.إس) على 666 شخصا، وجدت أن ثمة صلة بين الاستخدام المستمر للذكاء الاصطناعي التوليدي وانخفاض القدرة على التفكير النقدي. يقول البروفيسور غرليتش لـ"بي. بي. سي. عربي" إن البحث الذي أجراه أظهر أن أدوات الذكاء الاصطناعي "تشجع على التفريغ الإدراكي، أو بعبارة أخرى الاستعانة بمصدر خارجي هو الآلات للتفكير نيابة عنا. هذا ليس سلبيا في حد ذاته، ولكن إذا اعتدنا عليه، فإنه قد يقوض من قدرتنا على القيام بالتفكير المنطقي المعقد أو حل المشكلات أو التفكير النقدي". التفكير النقدي لا يعني مجرد اكتشاف الأخطاء، بل هو عملية ذهنية معقدة تمكن الشخص من الحكم على معلومة ما بشكل منطقي وموضوعي من خلال فهم وتفسير الأدلة التي يجمعها عن طريق الملاحظة والقراءة والتجربة والنظر بعين الشك إلى الافتراضات القائمة وأخذ وجهات النظر المختلفة بعين الاعتبار. وللتفكير النقدي أهمية كبيرة في تعزيز اتخاذ القرارات وتحسين مهارات حل المشكلات وتقييم المعلومات وبناء الحجج القوية وزيادة الوعي بالذات والإبداع وتحسين مهارات اللغة والتعبير عن الأفكار. يضيف غرليتش أن "عضلاتنا الذهنية، كتلك التي تستخدم في التفكير التحليلي، من الممكن أن يصيبها الوهن إذا لم تُدَرب بانتظام. ومع مرور الوقت، قد يؤدي اعتمادنا على الذكاء الاصطناعي إلى تقويض قدرتنا على التفكير النقدي، ولا سيما في المواقف المصيرية أو الغامضة التي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي التعامل معها. لقد أظهرت دراستي أن الشباب والأشخاص محدودي التعليم بوجه خاص يميلون إلى الاستعانة بتلك التقنية للقيام بعملية التفكير، وهو ما أدى إلى انخفاض مهارات التفكير النقدي لديهم". هل تحارب أدمغتنا على عدة جبهات؟ التحذير من الإفراط في استخدام روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لما قد يكون له من تأثير سلبي محتمل على وظائفنا المعرفية والإدراكية يضاف إلى تحذيرات مماثلة من الإفراط في استخدام التقنيات الرقمية الحديثة خلال العقد الأخير. على سبيل المثال، هناك دراسات تربط بين قضاء فترات طويلة أمام شاشات الهواتف الذكية وانخفاض الانتباه وضعف نمو الدماغ. وفي نهاية عام 2024، اختار قاموس أوكسفورد للغة الإنجليزية مصطلح "brain rot" أو "تعفن الدماغ" ليكون مصطلح العام. يشير المصطلح إلى "التدهور المفترض لحالة الشخص العقلية والفكرية، ولا سيما عندما يُنظر إليه على أنه نتيجة للاستهلاك المفرط للمواد (خاصة محتويات الإنترنت) التي تعد تافهة أو لا تشكل تحدياً للعقل"، وفق تعريف القاموس. ربما يتساءل البعض عما إذا كان اعتمادنا على الذكاء الاصطناعي التوليدي أسوأ من اعتمادنا على محركات البحث على الإنترنت، أو الإفراط في مشاهدة المحتوى "التافه" على وسائل التواصل الاجتماعي. يرى البروفيسور غرليتش أن "ما تفعله وسائل التواصل ومحركات البحث بالأساس هو تشتيت انتباهنا أو توجيهه، وعادة ما يؤدي ذلك إلى تفتيت تفكيرنا وإغراقنا بالمعلومات الضحلة. أما الذكاء الاصطناعي التوليدي فينتج لنا محتوى، ومن ثم يخطو خطوة إضافية، إذ يفكر بالنيابة عنا. إنه اختلاف صغير ولكن مهم للغاية. عندما نتوقف عن صياغة حججنا أو التحقق من صحة المعلومات بشكل مستقل، فإننا نخاطر ليس فقط بفقدان تركيزنا، ولكن أيضا باستقلالنا المعرفي". ويضيف: "لذا، فإنه رغم أن الاتجاهين مثيران للقلق، فإن قدرة الذكاء الاصطناعي على محاكاة الفكر البشري قد تشكل تحدياً أعمق وأطول أمدا لكيفية بنائنا للمعرفة واتخاذنا للقرارات". الوجه الآخر قد يبدو الأمر بسيطا: اعتمادنا الزائد على الذكاء الاصطناعي وجعله يفكر بدلا من أن نفكر نحن ونستخدم وظائفنا الإدراكية والمعرفية سيؤدي إلى تقويض قدرتنا على التفكير المنطقي أو النقدي، ومن ثم يجعلنا أقل ذكاء أو "أكثر غباء" كما يحلو لبعضهم أن يقول. لكنّ للصورة أبعادا أخرى. فالذكاء البشري مفهوم معقد يتأثر سلبيا أو إيجابيا بعوامل عديدة، منها الجينات الوراثية والتغذية والصحة البدنية والتعليم والتربية والتلوث، وهو ما يجعل من الصعب برأي بعض الخبراء النظر إلى تأثير عامل واحد بمعزل عن باقي العوامل. كما أن هناك من يرى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يغير الطريقة التي نفكر بها، ولكن ليس بالضرورة إلى الأسوأ. يقول دكتور كارلوس زدنيك مدير مركز فلسفة الذكاء الاصطناعي بجامعة إيندهوفين في هولندا لـ بي. بي. سي. عربي إن من بين الآثار التي قد تترتب على ذلك هو "أن تفكيرنا، أو الطريقة التي نعبر بها عن تفكيرنا، على الأرجح سوف تتغير. ففي حين كنا في السابق نعبر عما نفكر فيه بالكلام أو الكتابة أو الرسم أو عزف الموسيقى مثلا، في المستقبل قد نعبر عنه بطرق تعتمد على التفاعل مع أدوات الذكاء الاصطناعي أو استخدامها لمساعدتنا على القيام بكافة تلك الأنشطة وغيرها. وبالطبع هذه ليست ظاهرة جديدة، ففان غوخ أظهر عبقريته بالطريقة التي كان يستخدم بها فرشاة الرسم، وروجر فيدرر بطريقة استخدامه لمضرب التنس...الجيل القادم من المفكرين ربما سيظهر مواهبه بالطريقة التي يستخدم بها الذكاء الاصطناعي". كيف نستفيد من دون أن نصبح "أكثر غباء"؟ الدراسة التي أجرتها مايكروسوفت أظهرت أن الأشخاص الذين لديهم ثقة بالنفس كانوا أكثر نزوعا لاستخدام التفكير النقدي للتحقق من مخرجات الذكاء الاصطناعي. وخلصت إلى أن ثمة حاجة إلى أن تكون أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مصممة بحيث تعزز التفكير النقدي لدى العاملين في مجالات تتطلب استخدام المعلومات. وإلى أن يتحقق ذلك، يتعين على المستخدم التعاطي مع الذكاء الاصطناعي بطريقة تجعله يتفادى خطر أن يؤدي ذلك إلى إضعاف قدراته على اتخاذ القرارات وعلى مهاراته الإدراكية والمعرفية. يقول البروفيسور غرليتش: "كلما تعاملنا مع الذكاء الاصطناعي التوليدي على أنه مساعد قائد الطائرة وليس طيارا آليا، كلما حافظنا على قدراتنا الإدراكية والمعرفية بل وعززناها". ويضيف أنه ينبغي أن "نتعامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس بوصفه بديلا للتفكير، ولكن كشريك نتناقش معه، كشيء يتحدانا وينقح أفكارنا ويساعدنا على استكشاف وجهات نظر مختلفة. ولتفادي البلادة الفكرية، يجب أن نتفاعل بشكل واعٍ مع مخرجات الذكاء الاصطناعي، ونطرح أسئلة وننتقد الافتراضات ونتحقق من صحة المزاعم". أما الدكتور زدنيك فيشدد على أهمية "محو الأمية" في مجال الذكاء الاصطناعي، ويشمل ذلك التعريف بما تعنيه تلك التقنية، وكيف تعمل، وما تستطيع وما لا تستطيع تحقيقه، ومتى ينبغي استخدامها، ومتى لا ينبغي استخدامها. ويضيف: "أتوقع أن تنتشر تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد، ولذا من المهم أن يتم هذا النوع من محو الأمية مبكرا وعلى نطاق موسع. الأطفال ينبغي أن يتعلموه، والمعلمون ينبغي أن يدرسّوه. لا يجب أن نحظر على الأطفال استخدام الذكاء الاصطناعي، ولكن يجب أن نعلمهم كيف يستخدمونه بحكمة". ويشير زدنيك كذلك إلى أهمية تحمل الحكومات مسؤولية إدارة تقنية الذكاء الاصطناعي "بما يحقق توازنا بين سلامة المجتمع من جهة، والنمو الاقتصادي والابتكار من جهة أخرى". خلاصة القول: الذكاء الاصطناعي التوليدي مثله مثل أي تقنية أخرى يمكن أن تكون له منافع هائلة للأفراد والمجتمعات، ويمكن أن يعود علينا بالضرر، والأمر يتوقف إلى حد كبير على طريقة استخدامنا له. ومن خلال التوعية بإمكانياته وطريقة عمله ومواطن ضعفه، والتشجيع على التفاعل معه بشكل لا يلغي تفكيرنا، يمكننا استثمار إمكاناته الهائلة من دون أن نصبح أقل ذكاء.